تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٩

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ما بك حمى وما بك علة أعرفها ، فأخبرني ما الذي تجد ، قال : يا أبا واثلة فقدمت إليك امرأة فنظرت إليها في ... (١) حين قامت فوقعت في قلبي ، إني بهذه العلة منها.

٢٣١٥ ـ زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع

ابن غيظ بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيص

ابن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر

أبو أمامة المعروف بالنّابغة الذّبياني (٢)

أحد شعراء الجاهلية المشهورين ، ومن أعيان فحولهم المذكورين ، وفد على عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني ، وكان عنده [حين](٣) وفد عليه حسان بن ثابت ، وقد تقدم ذكر ذلك ، وامتدح عمرا بقصيدته التي أولها (٤) :

كليني لهمّ يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

يقول فيها :

حلفت يمينا غير ذي مثنوية

ولا علم إلّا حسن ظن بغائب

علي لعمرو نعمة بعد نعمة

لوالده ليست بذات عقارب

لئن كان للقبرين (٥) : قبر بجلّق

وقبر بصيداء التي عند حارب

وللحارث الجفني سيّد قومه

ليلتمسن بالجمع أرض المحارب

وهذه القصيدة من مختار شعره وهي التي يقول فيها :

رقاق النّعال طيّب حجزاتهم

يحيون بالرّيحان يوم السّباسب (٦)

__________________

(١) لفظة غير مقروءة بالأصل ورسمها في م : «ماها؟؟؟» ولعلها : ثيابها.

(٢) ترجمته وأخباره في الأغاني ١١ / ٣ والشعر والشعراء ص ٧٠ أشعار الستة الجاهليين للشنتمري ص ١٧٦ العقد الثمين في دواوين الشعراء الجاهليين ص ٢ وما بعدها ، شعراء النصرانية ٢ / ٦٤١ ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ـ ديوانه ط صادر بيروت.

(٣) زيادة منا للإيضاح.

(٤) ديوانه صنعة ابن السكيت ص ٥٤ وديوانه ص ٩.

(٥) يعني قبر أبيه وجده ، الحارث الأعرج والحارث الأكبر.

(٦) البيت الخامس والعشرون ، قال الأصمعي : يريد أنهم ليسوا بأصحاب مشي ولا تعب لأنهم ملوك.

والسباسب : عبد كان لهم في الجاهلية.

٢٢١

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنبأ أبو طاهر المخلّص ، نا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن ، نا زكريا بن يحيى ، قال : قال الأصمعي : النابغة الجعدي عبد الله بن قيس يكنى أبا ليلى عاش مائة وستين سنة ، وأما النابغة الذبياني فيكنى أبا أمامة ، وهو زياد بن حاتم بن معاوية بن جابر بن يربوع بن غيظ بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيص بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري ـ إجازة ـ أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري ـ قراءة عليه ـ أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم بن راشد الختّلي ، أنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، نا أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن زياد الجمحي ، في كتاب طبقات شعراء الجاهلية في الطبقة الأولى منهم : نابغة بني ذبيان واسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر (١) بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان ، ويكنى أبا أمامة ذكره ثانيا ، وذكر امرأ القيس قبله أولا.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنا ، عن أبي تمام علي بن محمد الواسطي ، أنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري ، أنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : قال أبو عمرو الشيباني : النابغة الذبياني زياد بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن غيظ بن مرّة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال في باب ضباب بالكسر : النابغة الذبياني ، هو زياد بن معاوية بن رجاء بن ضباب بن يربوع بن غيظ بن مرّة سمي النابغة بقوله :

وحلّت في بني القين بن جسر

فقد نبغت لنا ، منهم ، شئون (٢)

__________________

(١) في الأغاني : جناب بن يربوع.

(٢) البيت في ديوانه ص ١٢٦ من قصيدة مطلعها :

نأت بسعاد عنك نوى شطون

فبانت والفؤاد بها رهين

٢٢٢

هو الشاعر يكنى أبا أمامة.

قرأت على أبي محمد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (١) : أما ضباب (٢) آخره باء معجمة بواحدة : النابغة الذبياني ، هو زياد بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن غيظ بن مرّة ، يكنى أبا أمامة ، وقال ابن ماكولا في التهذيب : قال الدارقطني : النابغة الذبياني هو زياد بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع غيظ بن مرّة ، قال : وهذا وهم ، وقد انقلب عليه اسم بقوله جابر بن ضباب ، وإنما هو ضباب بن جابر ، قال ابن الكلبي في جمهرة نسب قيس بن عيلان : وولد يربوع بن غيظ بن مرّة : جابر أو خزيمة رباحا فدل أن جابرا هو ابن يربوع ، ثم ذكر النابغة الشاعر فقال : ومن بني يربوع بن غيظ بن مرّة النابغة الشاعر ، وهو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع ، وعقيل بن علقمة بن الحارث بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع ، قال ابن ماكولا : وهذا انقلاب سبق إليه اللفظ ، أو جرى به القلم ، والله أعلم ، وهذا الانقلاب بعينه قد جرى على ابن ماكولا في الإكمال بعد ذكره فيه ، كما حكاه عن الدارقطني وقلبه أيضا فينبغي له أن يستدركه على نفسه.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأ جدي أبو بكر ، أنا أبو محمد بن زبر ، نا الحسن بن علي بن العنزي ، نا مسعود بن بشر ، قال : سمعت الأصمعي يقول : النابغة الذبياني يكنى أبا ثمامة ، كذا قال ، والمحفوظ أبو أمامة (٣).

أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي ، ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا عبد الوهاب بن محمد ـ زاد أحمد : ومحمد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل ، قال : قال محمد بن القاسم الأسدي عن الشعبي ، قال عمر أشعر العرب : النابغة ، روى عنه قرّة بن خالد ، وكنية النابغة أبو أمامة.

أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكلي ، أنا أبو بكر

__________________

(١) الاكمال لابن ماكولا ٥ / ٢١٧.

(٢) في الاكمال : بكسر الضاد المعجمة ، والباقي كالأصل.

(٣) انظر الشعر والشعراء ص ٨٠.

٢٢٣

الخطيب ، أنا عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي ، نا محمد بن حميد الخرّاز ، أنا الصولي ، حدثني أبو الفضل مخلد بن أبان ، نا إسحاق الموصلي ، نا الأصمعي ، قال : أول ما تكلم به النابغة من الشعر أنه حضر مع عمه عند رجل وكان عمه يشاهد به الناس ويخاف أن يكون عيبا فوضع الرجل كأسا في يده وقال :

تطيب كئوسنا لو لا قذاها

وتحتمل الجليس على أذاها

فقال النابغة وحمى لذلك :

فداها أنّ صاحبها بخيل

يحاسب نفسه بكم اشتراها (١)

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنبأ الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا علي بن عبد الله ، نا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ح.

قال : ونا إسماعيل بن إسحاق ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد بن زيد ، عن مجالد ، عن الشعبي ح.

قال : ونا أبو إسماعيل ، نا علي ، ثنا حمّاد بن أسامة ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ربعي بن حراش ، قال : وفدنا إلى عمر بن الخطاب ، فقال : من الذي يقول (٢) :

حلفت فلم تترك لنفسك ريبة

وليس وراء الله للمرء مذهب

فلست بمستبق أخا لا تلمّه

على شعث أيّ الرجال المهذب

قالوا : النابغة ، قال : فمن القائل :

إلّا سليمان إذ قال المليك له :

قم في البرية ، فازجرها عن الفند (٣)

قالوا : النابغة ، قال : فمن القائل (٤) :

__________________

(١) البيت في شعراء النصرانية ٢ / ٧١٩ وفيه : قذاها.

(٢) البيتان في ديوان النابغة ص ١٧ ـ ١٨ والأغاني ١١ / ٤ ـ ٥ والأول في الشعر والشعراء ص ٧١.

(٣) البيت في ديوان النابغة ص ٣٣ والأغاني ١١ / ٤ وفيهما : قال الإله له ... فاحددها عن الفند.

واحددها : امنعها ، والفند : الخطأ في الرأي والقول.

(٤) البيتان في ديوان النابغة الذبياني ص ١٢٦ والشعر والشعراء ص ٧١ والأول في الأغاني ١١ / ٤.

٢٢٤

أتيتك عاريا خلقا ثيابي

على وجل (١) تظنّ بي الظنون

فألفيت (٢) الأمانة لم تخنها

كذلك كان نوح لا يخون

قالوا : النابغة ، قال : فمن الذي يقول :

لست بذاخر لغد طعاما

حذار غد ، لكلّ غد طعام (٣)

قلنا : النابغة.

قال النابغة : أشعر شعرائكم وأعلم الناس بالشعر (٤).

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزّبير بن بكار ، حدثني مفضل بن غسان ، عن أبيه ، عن رجل من بني تميم ، عن عبيد الله بن الحسن ، عن المؤمّلي ، عن عمه ، قال : كان ابن عباس أمير البصرة ، فقام إليه أعرابي فقال : من أشعر الناس؟ قال : قل يا أبا الأسود ، قال : فقال أبو الأسود الدؤلي : أشعر الناس الذي يقول :

فإنك كالليل الذي هو مدركي

وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (٥)

قال : هذا لنابغة بني ذبيان.

أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان ، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله بن حي ، عن أبي علي بن شاذان ، أنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، نا الزّبير بن بكار ، حدثني محمد بن الحسن المخزومي ، قال : قيل لحسان بن ثابت : من أشعر الناس؟ قال : أبو أمامة ـ يعني النابغة الذبياني ـ.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي (٦) ، نا أبو الحسين بن

__________________

(١) في المصادر : على خوف.

(٢) بالأصل : فألقيت ، والمثبت عن الديوان والشعر والشعراء.

(٣) ديوان النابغة ص ١١٦.

(٤) بعدها زيد بالأصل : «يزيد حديث بعضهم على بعض» العبارة مقحمة فحذفناها.

(٥) البيت في ديوان النابغة الذبياني ط صادر ص ٨١ من قصيدة مطلعها :

عفا ذو حسبي من فرتني فالفوارع

فجنبا أريك فالتلاع الدوافع

وهو في الشعر والشعراء ص ٧١ ، كجزء من الخبر السابق ، والخبر والبيت في الأغاني ١١ / ٥.

(٦) بالأصل وم بالحاء المهملة ، والصواب ما أثبت وضبط.

٢٢٥

المهتدي ، أنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسن بن محمد بن الفضل بن المأمون ، نا أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري ، نا أحمد بن يحيى ، نا عمر بن شبّة ، نا الأصمعي ، قال : قال أبو عمرو بن العلاء ، كان أوس بن حجر فحل العرب فلما نشأ النابغة طأطأ منه ، تابعه أبو العيناء عن الأصمعي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأ جدي أبو بكر ، أنا أبو محمد بن زبر ، حدثني أحمد بن عبد الله بن سليمان ، نا محمد بن صالح القرشي ، عن الأصمعي ، قال : ذكر يحيى بن مالك عند أبي عمرو بن العلاء النابغة وزهيرا ، فقال أبو عمرو : ما كان زهير يصلح أن يكون أخيذا (١) للنابغة.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر بن الطبر ، أنبأ أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر ، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان ، نا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي ، قال : سمعت محمد بن يزيد الأزدي يحدث قال : كان يقال أشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب ، وزهير إذا رغب ، والنابغة إذا رهب.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأ أحمد بن محمد بن النّقّور ، وعبد الباقي بن محمد بن غالب ، قالا : أنا عبيد الله بن عبد الرحمن ، نا زكريا بن يحيى ، نا الأصمعي ، قال : سألت بشار الأعمى من أشعر الناس؟ فقال : اختلف الناس في ذلك ، فأجمع أهل البصرة على امرئ القيس ، وطرفة بن العبد ، وأجمع أهل الكوفة على بشر بن أبي خازم ، والأعشى الهمداني ، وأجمع أهل الحجاز على النابغة وزهير ، قلت : فأهل الشام على ما أجمعوا؟ قال : جرير والفرزدق والأخطل ، وكان الأخطل دونهما ، قلت : فجرير أشعر أو الفرزدق؟ فقال : كان جرير يقول المراثي ، ولقد ناحوا على النوّار امرأة الفرزدق بشعر جرير.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنا أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر ، أنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري ، أنبأ ابن الأنباري ، حدثني أحمد بن حبان ، نا أبو عبد الله بن النطاح ، نا أبو عبيدة ، قال ابن الأنباري : وحدثني أبي

__________________

(١) الأغاني : أجيرا.

٢٢٦

قال : حدثنا أحمد عن أبي عبيدة ، عن فليح بن سليمان ، عن عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، قال ابن النطاح عن أبي عمر الأنصاري ، وقال أحمد بن عبيد ، عن أبي عمرة الأنصاري ، وقال أبو عبيدة عن عتّاب بن أبي يحيى ، عن يزيد بن بكر بن داب عمن حدثه عن حسان بن ثابت ، قال (١) : خرجت وافدا إلى النعمان بن المنذر ، فلما قدمت بلاده لقيني رجل ، فسألني عن وجهتي (٢) وما أقدمني ، فأخبرته ، فأنزلني عليه ، وإذا هو صانع من أهل تلك البلاد ، فقال لي : ممن الرجل؟ قلت : من أهل الحجاز ، قال : من أي الحجاز؟ قلت : من أهل يثرب ، قال : كن خزرجيا ، قلت : إني من بني الخزرج ، قال : كن نجّاريا ، قلت : إني من بني النّجّار ، قال : كن حسان ، قلت : أنا هو ، قال : قد كنت أحب لقاءك وأنا أصف لك أمر هذا الرجل ، فليس أحد أخبر به مني ، وما ينبغي أن تعرفه من أمره ، ويكون عملك به فيه ، إنك إذا لقيت حاجبه فانتسبت له ، وذكرت مقدمك تركك شهرا لا يردّ عليك شيئا ، ثم يقول لك فيما تلقاه؟ من أنت زعمت؟ فتنسب له فيعرفك وما أقدمك ، ثم يتركك ستا ثم يستأذن لك ، فإذا دخلت على النعمان فستجد عنده قوما يستنشدونك ، فلا تنشد حتى يستنشدك هو ، فإذا أنشدت ثم قطعت فسيزيدك ، وفي نسخة فيستنشدك من عنده ، ويقولون : أنشدنا. فلا تنشدن شيئا حتى يأمرك هو ، فإذا فعلت ذلك فانظر ما ثوابه ، وما يكون منه ، فهذا ما ينبغي أن تعرفه من خبره ، ويكون عملك عليه.

فلقيت الحاجب فوجدت الذي وصف لي صحيحا ، ثم أدخلني على النعمان ، فاستنشدني من عنده ، فلم أنشد حتى استنشدني هو ، فلما أنشدت أعجب بشعري هو والحضور ، وقالوا : زدنا ، وأنشدنا ؛ فلم أجبهم حتى استزادني هو ، فزدت فأكرمني وأجازني. وانصرفت إلى صاحبي فأخبرته ، فقال لي : لا يزال لك هكذا حتى يقدم أبو أمامة ـ يعني النابغة ـ فإذا قدم أبو امامة فلا حظّ لأحد فيه من الشعراء. قال أبو عبد الله بن النطاح : أبو ثمامة ، وقال أحمد بن عبيد : أبو أمامة ، قال حسان : فأقمت على بابه أياما ، ثم دخلت عليه ليلة العشاء ، فأتي ببطيخ ، فأكل منه جلساؤه ، فامتلأ وجه

__________________

(١) عن مختصر ابن منظور وبالأصل : وجهي.

(٢) الخبر بروايتين مختلفتين في الأغاني ١١ / ٢٧ و ١١ / ٣٧ ـ ٣٨ وباختصار في الشعر والشعراء ص ٧١ ـ ٧٢.

٢٢٧

واحد منهم ببعض البطيخ ، فضحك منه بطّال على باب النعمان ، فنظر إليه النعمان فقال : أبجليسي؟ احرقا صيلقيه بالشمعة ، فأحرق صيلقاه. قال أبو بكر : الصيلقان ناحيتا العنق ، وأقمت على ذلك أياما في لطف منه وكرامة ، فأتيته يوما كانت ترد عليه فيه النّعم السود ، ولم يكن بأرض العرب بعير أسود إلّا للنعمان ، فإني لجالس إذ سمعت صوتا من خلف قبته يقول (١) :

أنام (٢) أم يسمع ربّ القبّة

يا أوهب الناس لعيس (٣) صلبه

ضرّابة بالمشفر الأذبّة (٤)

ذات نجاء في يديها جذبه (٥)

قال أبو بكر : الجذب الطول. قال النعمان : أبو أمامة. أدخلوه. فلما دخل أنشده قصيدته التي على الباء :

ولست بمستبق أخا لا تلمّه

على شعث ، أي الرجال المهذّب (٦)

وقصيدته التي على العين :

خطا طيف حجن في جبال متينة

تمدّ بها أيد إليك نوازع (٧)

قال : فأمر له بألف (٨) بعير من الإبل السود فيها رعاؤها ومظالّها وكلابها ، قال : فانصرفت ، وما أدري أكنت له أحسد على جودة شعره أم على ما أصاب من جزيل

__________________

(١) الرجز في الشعر والشعراء ص ٧١ والأغاني ١١ / ٣٨.

(٢) الأغاني : أصم.

(٣) في المصدرين : لعنس.

والعيس : واحدها أعيس والأنثى عيساء ، وهي من الإبل التي تضرب إلى الصفرة أو هي من الإبل البيض مع شقرة يسيرة.

والعنس : الناقة القوية.

(٤) الأذبة جمع قلة لذباب.

(٥) في الأغاني :

ذات هباب في يديها جلبة.

وزيد شطر خامس :

في لا حب كأنه الأطبة

(٦) من قصيدته التي مطلعها ـ ديوانه ص ١٧ ـ :

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

وتلك التي أهتم منها وأنصب

(٧) ديوانه ص ٨٢ وفيه «حبال» والبيت من قصيدة مطلعها :

عفا ذو حسى من فرتني فالفوارع

فجنبا أريك فالتلاع الدوافع

(٨) في روايتي الأغاني : «بمائة بعير» وفي الشعر والشعراء أيضا «مائة بعير».

٢٢٨

عطيته. قال : ثم عدت إلى صاحبي فأخبرته ، فقال : ارحل ، فلا شيء لك عنده بعد مقدمه ، فرجعت إلى بلادي.

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، أنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد العبدي ، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد المديني ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العبدي ، نا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي ، قال : حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، نا عمر بن علي ، نا زكريا مولى الشعبي : أن النابغة الذبياني قال للنعمان بن المنذر :

تزال الأرض إمّا متّ حقا

وتحيي ما حييت بها ثقيلا (١)

فقال النعمان : هذا بيت إن أنت لم تتبعه ما يوضح معناه ، فهو إلى الهجاء أقرب منه إلى المدح. فأراد ذلك النابغة. فعسر عليه ، فقال : أجّلني ، فقال : قد أجّلتك ثلاثا. فإن أنت أتبعته ما يوضح معناه فلك مائة من العصافير (٢) نجائب وإلّا فضربة بالسيف أخذت منك ما أخذت ، فأتى النابغة زهير بن أبي سلمى فأخبره فقال زهير : اخرج بنا إلى البرية فإن الشعر برّي ، فخرجا وتبعهما ابن زهير يقال له كعب ، فقال : يا عمّ اردفني ، فصاح أبوه ، فقال دع ابن أخي يكون معنا ، فأردفته فتحاولا البيت مليا ، فلم يأتهما ما يريدان ، فقال كعب : يا عمّ ما يمنعك أن تقول :

وذلك بأن حللت العزّ منها

فتعمد جانبيها أن تميلا (٣)

قال النابغة :

جاء بها ورب البيت ، لسنا والله في شيء ، قد جعلت لك ابن أخي ما جعل لي. قال : وما جعل لك يا عمّ؟ قال : مائة من العصافير نجائب ، قال : ما كنت لآخذ على شعري صفدا. فأتى بها النابغة النعمان فأخذ منه مائة ناقة سوداء الحدقة.

__________________

(١) روايته في ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ص ٢٤٢ :

تخف الأرض إما بنت عنها

ويبقى ما حييت بها ثقيلا

وروايته في ديوانه ط صادر بيروت ص ٩٨ :

تخف الأرض إن تفقدك يوما

وتبقى ما بقيت بها ثقيلا

(٢) العصافير : إبل نجائب كانت للملوك.

(٣) انظر روايتين للبيت في ديواني النابغة الذبياني ، صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ، وط دار صادر بيروت.

٢٢٩

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا أبو المعالي ثابت بن بندار ، أنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد البابسيري ، أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان الغلّابي ، نا أبي ، نا مصعب بن عبد الله ، نا أبي ، عن قائد مولى عبادل قال : وقال النابغة الذبياني ليزيد بن الصّعق الكلابي (١) :

فإن يقدر عليّ (٢) أبو قبيس

تمطّ بك المعيشة في هوان

وتخضب لحية غدرت وخانت

بأحمر من نجيع الجوف قاني (٣)

وكنت أمينه لو لم تخنه

ولكن لا أمانة لليماني

وكانت العرب تسمي أرض تهامة كلها يمانية ، وديار بني كلاب يمانية ، فقال يزيد بن الصّعق لأصحابه : طأطئوا رءوسكم يخرجكم هذا الشعر إلى غيركم ، يريد بذلك أن يظن الناس أنه عنى رجلا من أهل اليمن.

أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ، ابنا (٤) الحسن ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، حدثني محمد بن الضحاك الحزامي عن أبيه ، قال : قال النابغة بن ذبيان لعامر بن الطفيل في وقعة حسي وكان النابغة بها غائبا ، فلما قدم سأل بني ذبيان عن ما قالوا لعامر بن الطفيل ، وقال لهم فأنشدوه فقال : فحشتم عليه وهو رجل شريف لا يقال له مثل هذا ، وقال له النابغة (٥) :

إن يك عامر قد قال جهلا

فإن مظنّة الجهل الشّباب

فكن كأبيك أو كأبي براء

تصادقك (٦) الحكومة والصواب

ولا تذهب بقلبك (٧) طاميات

من الخيلاء ليس لهن باب

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ص ١٢٠ وديوانه صنعة ابن السكيت ص ١٤٩.

(٢) في الديوانين : «عليك» وأبو قبيس هو النعمان.

(٣) في الديوانين : «آني» وهو الحار الخاثر.

(٤) بالأصل : انبانا ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ هذا السند.

(٥) الأبيات في ديوانه ط صادر بيروت ص ١٩ ـ ٢٠ وفي ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ص ١٥٥ ـ ١٥٦ باختلاف روايتيهما.

(٦) فيهما : توافقك.

(٧) في ط دار الفكر : «بحلمك طافيات» وفي ط صادر : بحلمك طاميات.

٢٣٠

فإن تكن الفوارس يوم حسّي

أصابوا من لقائك ما أصابوا (١)

فما إن كان عن نسب بعيد

ولكن أدركوك وهم غضاب

فوارس من منولة غير ميل

ومرّة فوق جمعهم العقاب (٢)

فسمعت أبي يقول لما أورد شعر النابغة هذا على عامر بن الطفيل قال : ما هجاني أحد حتى هجاني النابغة ، جعلني القوم رئيسا وجعلني النابغة سفيها جاهلا ، وتهكّم بي.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف المقرئ ، أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل المصري ، نا أحمد بن مروان ، أنشدنا أبو العباس المبرّد للنابغة :

حسب الخليلين نأى الأرض بينهما

هذا عليها وهذا تحتها بالي (٣)

أخبرنا أبو علي بن نبهان في كتابه ثم حدثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وأبو علي بن نبهان ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ، قال : وأنشدني الأثرم والسدري (٤) ، وأبو العالية للنابغة (٥) :

لا يهنئ الناس ما يرعون من كلأ

وما يسوقون من أهل ومن مال

بعد ابن عاتكة (٦) الثاوي على أبوا

أضحى ببلدة لا عمّ ولا خال

سهل الخليقة مشّاء بأقدحه

إلى ذوات الذرى حمّال أثقال

حسب الخليلين نأي الأرض بينهما

هذا عليها وهذا تحتها بالي

قال أبو العباس : أخذ الناس كلهم هذا المعنى من النابعة ، يعني حسب الخليلين ، وأنشد في معناه لابن عياش المنتوف في أخي أبي عمرو بن العلاء :

__________________

(١) روايته في ط دار الفكر :

وإن يك أهل أذواد حسمى

أصابوا من لقيك ما أصابوا

(٢) عجزه في ط دار الفكر :

ومن ذبيان فوقهم العقاب

(٣) ديوانه ص ١٠٠.

(٤) كذا بالأصل وفي م : والسعدي.

(٥) الأبيات في ديوانه ط دار الفكر ص ٢١١ من أبيات يرثي أخاه الذي ذهب يطلب إبلا له فمات.

(٦) عاتكة أمهما ، وهي عاتكة بنت أنيس الأشجعي.

٢٣١

صحبت أبي سفيان ستين حجة

خليلي صفا ودنا غير كاذب

فأمسيت لما حالت الأرض بيننا

على قربه مني كأن لم أصاحب

قال : وأنشدني أبو العباس مرة أخرى : كمن لم أصاحب ، وهو عندي أحسن.

أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبري ، أنبأ أبو الطيب محمد بن أحمد بن خاقان ح.

قال : ونا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب الشافعي ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجرّاح ، قالا : أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، أنشدنا أبو عثمان ـ يعني ـ الأشناداني عن الثوري للنابغة الذبياني ولم يعرفها الأصمعي (١) :

ودّع أمامة إن أردت رواحا

وطويت كشحا دونهم وجناحا

بوداع لا ملق ولا متكاره

لا بل يعلّ تحية وصفاحا

واهجرهم هجر الصّديق صديقه

حتى تلاقيهم عليك شحاحا

لا خير في عزم بغير رويّة

والشك وهن إن أردت سراحا

فاستبق ودّك للصديق ولا تكن

قتبا يعضّ بغارب ملحاحا

ضغثا (٢) يدخّل تحته أحلاسه

شدّ البطان فما يريد براحا

والرّفق يمن والأناة سعادة

فاستأن في رفق تلاق نجاحا

واليأس عما فات يعقب راحة

ولربّ مطمعة (٣) تعود ذباحا

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، ثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب (٤) ، أخبرني الحسن بن علي الجوهري ، نا محمد بن العباس ، نا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثني أبي ، نا الحسن بن عبد الرحمن الرّبعي ، نا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سليمان الحنفي ، حدثني أبي قال : دخل يزيد بن مزيد على الرشيد

__________________

(١) الأبيات في ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر ـ بيروت ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٢) الديوان : ضغنا.

(٣) الديوان : مطعمة.

(٤) الخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٣٤ في ترجمة يزيد بن مزيد الشيباني والأبيات أيضا. والخبر في الأغاني ١٩ / ٣٥ في أخبار مسلم بن الوليد.

٢٣٢

فقال له : يا يزيد من الذي يقول فيك :

لا يعبق الطيب كفّيه ومفرقه

ولا يمسّح عينيه من الكحل

قد عوّد الطير عادات وثقن بها

فهنّ يتبعنه في كل مرتحل

قال : لا أدري يا أمير المؤمنين ، قال : أفيقال فيك مثل هذا الشعر ولا تعرف قائله؟ فانصرف خجلا ، فقال لحاجبه : من بالباب من الشعراء؟ فقال : مسلم بن الوليد [قال :] ومنذ كم هو مقيم بالباب؟ قال : مذ زمان طويل ، منعته من الوصول إليك لما عرفته من إضاقتك (١) ، قال : ادخله فدخل ، فأنشده :

أجررت حبل خليع في الصبى غزل

وقصّرت (٢) همم العذّال عن عذلي

رد البكاء على العين الطموح هوى

مفرّق بين توديع ومنتقل

أما كفى البين أن أرمى بأسهمه

حتى رماني بلحظ الأعين النجل

مما جنت لي وإن كانت منى صدقت

صبابة بين أثواء ومرتحل (٣)

حتى ختمها ، فقال للوكيل : بع ضيعتي الفلانية وأعطه نصف ثمنها ، واحتبس نصفا لنفقتنا ، فباعها بمائة ألف درهم ، فأعطي مسلما خمسين ألفا ، ورفع الخبر إلى الرشيد فاستحضر يزيد فسأله عن الحديث فأعلمه الخبر ، فقال : قد أمرت لك بمائتي ألف ، استرجع الضيعة بمائة ألف وتزيد الشاعر خمسين ألفا ، وتحبس خمسين ألفا لنفسك.

قال أبو بكر بن الأنباري : وقال أبي سرق مسلم بن الوليد هذا المعنى من النابغة في قوله (٤) :

إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم

عصائب طير تتّقى بعصائب (٥)

حوائج قد أيقن أن قبيله

إذا ما التقى الصفان أول غالب (٦)

__________________

(١) يريد أنه ضاق عليه عيشه ، وهو ما يتضح من تمام عبارة الأغاني : وأنه ليس في يديك شيء تعطيه إيّاه.

(٢) الأغاني : وشمرت.

(٣) عجزه في الأغاني :

صبابة خلس التسليم بالمقل

(٤) الأبيات في ديوان النابغة الذبياني ط دار الفكر ص ٥٧ وط صادر ص ١٠.

(٥) في الديوان بروايتيه : «تهتدي بعصائب» وفي ط دار الفكر :

إذا ما غزا بالجيش أبصرت فوقهم

(٦) في روايتي الديوان : جوانح ... التقى الجمعان.

٢٣٣

لهن عليهم عادة قد عرفنها (١)

إذا عرّض الخطّي فوق الكواثب

الكواثب : ما يقرب من منسج الفرس.

٢٣١٦ ـ زياد بن معاوية بن يزيد بن عمر

ابن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

أبو خالد الأموي

روى عن روح بن الهيثم الغسّاني ، وعبد الرّحمن بن الحسام.

روى عنه : إبراهيم بن مروان ، ويوسف بن موسى المرورّوذي.

قرأت على أبي محمد السّلمي ، عن عبد الدائم بن الحسن ، عن عبد الوهاب الكلابي ، نا إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عبد الملك بن مروان ، نا زياد بن معاوية بن يزيد بن عمر بن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، حدثني روح بن الهيثم الغسّاني ، عن محمد بن عمر القرشي ، عن رجل : أن الوليد بن عبد الملك حين هدم الكنيسة التي كانت في مغارب المسجد وجدوا في حائطها الغربي حجرا فيه كتاب بالسرياني ، فطلبوا من يقرأه فلم يجدوا أحدا يقرءوه ثم أتاه رجل من اليهود فقال له : يا أمير المؤمنين وهب بن منبّه يقرأ كل كتاب ، فبعث الوليد إلى وهب فقدم إليه فقرأه فبكى بكاء شديدا ، فأتوا الوليد ، فقالوا : يا أمير المؤمنين هو يبكي منذ قرأه ، ثم جاءه ، فقال له : يا وهب إيش رأيت في الحجر؟ قال : رأيت فيه : ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طويل ما ترجو من أملك ، فإنما تلقى ندمك إن زلّت بك قدمك ، وأسلمت أهلك وحشمك وفارقك الحبيب وودعك القريب ، فلا أنت إلى أهلك بعائد ، ولا في عملك بزائد ، فاحتل ليوم القيامة قبل يوم الحسرة والندامة.

رواه أبو نصر بن الحباب ، عن الكلابي ، وقال : محمد بن عمرو القرشي ، ورواه يوسف بن موسى ، عن زياد.

__________________

(١) الأصل : عرفتها ، والمثبت عن الديوان.

قال الأصمعي : الخطي : الرماح منسوبة إلى الخط ، وهي جزيرة بين سابور إلى أوال. والكواثب واحدتها كاثبة ، وهي من الفرس : ما تقدم من قربوس السرج ، وهو المنسج أيضا ، ومن البعير : الغارب ، ومن الإنسان : الكاهل.

٢٣٤

٢٣١٧ ـ زياد بن ميسرة

وهو زياد بن أبي زياد المديني ، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي (١).

روى عن مولاه ابن عياش ، وأنس بن مالك ، وعمر بن عبد العزيز ، وأبي بحرية ، وعراك بن مالك.

روى عنه : مالك بن أنس ، وعمرو بن يحيى ، وعبد الرّحمن بن محمد بن عبد القادر ، ومحمد بن إسحاق ، وعمر بن محمد العمري المازني (٢) ، وبكر بن أبي الفرات ، ويقال داود بن بكر بن أبي الفرات ، ومعاوية بن أبي مزرد ، وأسامة بن زيد ، ويزيد بن أسامة بن الهاد ، وأبو النّضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، وإسماعيل بن أبي خالد.

وقدم على عمر بن عبد العزيز ، وكانت له منه منزلة ، وكانت له بدمشق دار بناحية القلانسيين.

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب (٣) ، أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (٤) ، حدثني أبي ، نا يعقوب ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش (٥) ، قال : انصرفت من الظهر أنا وعمر ـ حين صلاها هشام بن إسماعيل بالناس إذ كان على المدينة ـ إلى عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة نعوده في شكوى له ، قال : فما قعدنا ، ما سألنا عنه إلّا قياما ، قال : ثم انصرفنا فدخلنا على أنس بن مالك في داره ، وهي إلى جنب دار أبي طلحة ، قال : فلما قعدنا أتته الجارية ، فقالت : الصلاة يا أبا حمزة ، قال : قلنا أي صلاة رحمك الله؟ قال : العصر ، قال : فقلنا : إنما صلينا الظهر الآن ، قال : فقال : إنكم تركتم الصلاة حتى نسيتموها ـ أو

__________________

(١) ترجمته في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٢٥ بغية الطلب ٩ / ٣٩٣٤ الوافي بالوفيات ١٥ / ١٥.

(٢) في بغية الطلب : المدني.

(٣) بالأصل بعدها : «نا المذهب» مقحمة حذفناها.

(٤) مسند الإمام أحمد ٣ / ٢٣٧.

(٥) في مسند أحمد : ابن عباس ، خطأ.

٢٣٥

قال نسيتموها حتى تركتموها ـ إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «بعثت [أنا](١) والساعة كهاتين ـ ومد إصبعيه السبابة والوسطى» [٤٤٢٦].

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن هبة الله ، أنا محمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٢) ، حدثني أبو صالح ، حدثني الليث ، حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي النّضر (٣) ، عن زياد مولى ابن عياش ، عن ابن عياش أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قعد على قبر سعد بن معاذ ، ثم استرجع فقال : «لو نجا أحد من فتنة القبر أو ألمه أو ضمّه ، لنجا سعد بن معاذ ، لقد ضمّ ضمّة ثم روخي (٤) عنه» [٤٤٢٧].

أنبأنا أبو الغنائم الحافظ ، حدثنا أبو الفضل الحافظ ، أنبأ أبو الفضل ، وأبو الحسين ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أبو الفضل : وأبو الحسين الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أبو أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل (٥) ، [قال :] قال الأويسي عن مالك ، كان (٦) عمر بن عبد العزيز : يكرم زيادا وكان عبدا فدخل عليه يوما وذلك حين يقول الشاعر :

يا أيها القارئ المرخي عمامته

هذا زمانك إنّي قد خلا زمني

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (٧) ، حدثني عبد العزيز ، وهو ابن عمران ، نا ابن وهب ، حدثني يعقوب ، قال : أراه عن أبيه ، قال : أذن عمر بن عبد العزيز لزياد بن أبي زياد والأمويون هناك ينتظرون الدخول عليه ، قال هشام : أما رضي ابن عبد العزيز أن يصنع ما يصنع حتى أذن لعبد ابن عياش يتخطى رقابنا؟ فقال الفرزدق (٨) : من هذا؟

__________________

(١) الزيادة عن المسند.

(٢) الخبر في كتاب المعرفة والتاريخ ١ / ٢٤٧.

(٣) هو سالم بن أبي أمية التميمي (تهذيب التهذيب ٣ / ٤٣١).

(٤) في المعرفة والتاريخ : روّح عنه.

(٥) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٣٥٤.

(٦) بالأصل : قال ، والصواب عن البخاري.

(٧) الخبر والشعر في كتاب المعرفة والتاريخ ١ / ٥٩٦ وسيرة عمر لابن الجوزي ص ١٦٦.

(٨) في المعرفة والتاريخ : فقال للفرزدق : من هذا؟ قال : رجل ...

٢٣٦

قالوا : رجل من أهل المدينة من القراء عبد مملوك فقال الفرزدق :

أيه القارئ المقضي حاجته

هذا زمانك إني قد خلا زمني (١)

قرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم ، نا حارث بن أبي أسامة ، نا محمد بن سعد (٢) ، قال : في الطبقة الثانية من أهل المدينة : زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي ، ولزياد عقب وبقية بدمشق ، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد وغيره.

أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي ، ثم حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر ، أنبأ أبو الفضل الباقلاني ، وأبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا عبد الوهاب بن محمد ـ زاد الباقلاني : وأبو الحسين الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل (٣) ، قال : زياد بن أبي زياد ، واسم أبي زياد ميسرة مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي المدني ، وقال محمد بن عبيد الله ، نا ابن وهب سمع مالكا ، قال لي زياد : وكان عابدا وأنا يومئذ حديث السن : إني أراك تجلس مع ربيعة؟ عليك بالحذر ، فقال ابن أبي أويس : حدثني مالك ، قال : كان زياد بن أبي زياد مولى ابن عيّاش (٤) يلبس الصوف ، ويكون وحده ولا يكاد يجالس أحدا ، وفيه لكنة.

أنبأنا أبو عبد الله الفراوي وغيره ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا محمد بن عبد الله الحافظ.

أخبرني أحمد بن سهل ، نا إبراهيم بن معقل ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، نا مالك ، قال : كان زياد مولى ابن عياش (٥) قد أعانه الناس في فكاك رقبته ، وأسرع الناس في ذلك ففصل بعد الذي قوطع عليه مال كثير فرده زياد إلى من كان أعانه بالحصص ، وكتبهم عنده فلم يزل يدعو لهم حتى مات ، قال : وكان زياد معتزلا لا يكاد يجلس مع كل أحد ،

__________________

(١) لم أعثر عليه في ديوانه المطبوع.

(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٠٥.

(٣) التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ٣٥٤.

(٤) بالأصل : ابن عباس ، خطأ ، والصواب عن البخاري.

(٥) بالأصل : ابن عباس ، خطأ ، والصواب عن البخاري.

٢٣٧

إنما هو أبدا يخلو وحده بعد العصر وبعد الصبح.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنبأ أبي أبو العباس ، أنبأ أبو نصر بن الجبّان (١) ، أنا محمد بن سليمان الرّبعي ، نا القاضي أبو عبد الله البركاني ، واسمه محمد بن أحمد بن سهل ، نا أبو زرعة ، نا عبد العزيز بن عبد الله ، نا مالك ، عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش أنه دخل على عمر بن عبد العزيز ، وهو يومئذ خليفة ، قال : فلما دخل عليه وعلى زياد ثياب صوف ، قال : مالك : وكان زياد لا عهد له بالدخول على الأمراء ، قال مالك : فحسبت أنه حضر فسلّم ، وجلس ، ثم ذكر أنه لم يسلم على أمير المؤمنين فاستعظم ذلك ، ثم قال زياد : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : أما أنا لم أنكر الأولى ، قال مالك : ولزياد قال الشاعر :

يا أيها القارئ المرخي عمامته

هذا زمانك إنّي قد خلا زمني

أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنبأ محمد بن العباس بن محمد ، نا ابن أبي داود ، قال : قرئ على الحارث بن مسكين ، وأنا أسمع عن بعض أصحابه عن مالك قال : قال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز : اشتريت لعمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة للوليد كساء خزّ بستمائة دينار أو سبعمائة دينار ، فجعل يجسّه ويقول : إنه خشن ، فلما ولي الخلافة قال : إني لأجد البرد بالليل ، فاشتريت له كساء بعشرة دراهم ، فلما أتيته به جعل يجسّه ويقول : إنه للين ، فضحكت ، فقال : مم تضحك؟ فقلت : ما تذكر حين اشتريت لك كساء بستمائة دينار أو بسبعمائة فجعلت تقول إنه لخشن وتقول لهذا : إنه للين ، فقال : يا مزاحم والله لئن كان عيش سليمان بن عبد الملك وعيش زياد مولى ابن عياش واحدا ، لأن أعيش في الدنيا بعيش سليمان أحب إليّ ، ولئن كان زياد مولى ابن عياش صبر في الدنيا على العيش الذي يعيشه لكي يطيب له العيش في الآخرة ، فو الله لأن أصبر على مثل عيش زياد هذه الأيام القلائل ليطيب لي العيش في الآخرة في تلك الأيام الكثيرة أحب إليّ أو كما قال الحارث (٢).

قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن ، عن الحسن بن علي ، عن أبي عمر محمد بن العباس ، أنا سليمان بن إسحاق الجلّاب ، نا حارث بن أبي أسامة ، نا

__________________

(١) مهملة بالأصل وم بدون نقط ، والصواب ما أثبت.

(٢) الخبر في بغية الطلب ٩ / ٣٩٤٢.

٢٣٨

محمد بن سعد (١) ، أنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس ، قال : قال مالك بن أنس : كان زياد مولى ابن عياش رجلا عابدا معتزلا لا يزال يكون وحده يدعو (٢) الله وكانت فيه لكنة ، وكان يلبس الصوف ، ولا يأكل اللحم ، وكانت له دريهمات يعالج له فيها.

وقال غير إسماعيل : وكان صديقا لعمر بن عبد العزيز ، وقدم عليه وهو خليفة فوعظه وقرّبه عمر وخلا به وكان بينهما كلام كثير.

أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصري ، أنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن أبي الفتح الهمذاني (٣) ، أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنا أبو علي الحسن بن محمد بن القاسم بن درستويه ، نا أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو الدحداح ، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، نا يحيى بن صالح ، نا النضر بن عربي ، قال : بينا عمر بن عبد العزيز يتغدى إذ بصر بزياد مولى ابن عياش فأمر حرسيا أن يكون معه ، فلما خرج الناس وبقي زياد قام إليه عمر حتى جلس إليه ثم قال : يا فاطمة (٤) ، هذا زياد مولى ابن عياش ، فاخرجي إليه فسلمي عليه ، ثم قال : يا فاطمة هذا زياد مولى ابن عياش عليه جبة صوف ، وعمر قد ولي أمر الأمة ، فحاسب نفسه حتى قام إلى البيت فقضى عبرته ثم خرج ففعل ذلك ثلاث مرات ، فقالت فاطمة : يا زياد هذا أمرنا وأمره ما فرحنا به ولا قرّت أعيننا مذ ولي.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن هبة الله ، أنا محمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان (٥) ، حدثني عبد العزيز ، نا ابن وهب ، حدثني يعقوب بن عبد الرّحمن ، عن أبيه ، عن زياد مولى ابن عياش ، قال : لو رأيتني ودخلت على عمر بن عبد العزيز في ليلة شاتية وفي بيته كانون ، وعمر على كتابه ، فجلست (٦) أصطلي على الكانون فلما فرغ من كتابه مشى إليّ عمر حتى جلس معي على الكانون ، وهو خليفة ، فقال : زياد بن أبي زياد؟ فقلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : قص

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٣٠٥.

(٢) ابن سعد : يذكر الله.

(٣) بالأصل الهمداني ، والمثبت عن بغية الطلب.

(٤) هي فاطمة بنت عبد الملك ، زوجة عمر بن عبد العزيز.

(٥) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٩ / ٣٩٤١ ـ ٣٩٤٢.

(٦) بغية الطلب : فجعلت.

٢٣٩

عليّ ، قلت : يا أمير المؤمنين ما أنا بقاصّ ، قال : فتكلم ، قلت : زياد قال : وما له؟ قال : لا ينفعه من دخل الجنة غدا إذا دخل النار ، ولا يضرّه من دخل النار ، غدا إذا دخل الجنة ، قال : صدقت والله ما ينفعك من دخل الجنة إذا دخلت النار ، ولا يضرك من دخل النار إذا أنت دخلت الجنة ، قال : فلقد رأيت عمر يبكي حتى طفى بعض ذلك الجمر الذي على الكانون.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ ح.

وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد المقرئ ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأحمر ، قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، نا علي بن محمد ، ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، حدثني يعقوب بن عبد الرّحمن القارئ ، قال : قال محمد بن المنكدر ، إنّي خلّفت زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش وهو يخاصم نفسه في المسجد ، يقول اجلسي ، أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد ، انظري ما فيه تريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان؟

وكان يقول لنفسه : ما لك من الطعام يا نفس إلّا هذا الخبز والزيت ، وما لك من الثياب إلّا هذين الثوبين ، وما لك من النساء إلّا هذه العجوز ، أفتحبين أن تموتي ، فقالت : أنا أصبر على هذا العيش (١).

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ح.

وأخبرنا [أبو محمد بن محمد](٢) ، قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : قال زياد مولى ابن عياش لمحمد بن المنكدر ، وصفوان بن سليم : الجدّ الجدّ والحذر الحذر ، فإن يكن الأمر على ما نرجوه كان ما عملتما فضلا ، وإلّا لم تلوما أنفسكما.

__________________

(١) بغية الطلب ٩ / ٣٩٤٠.

(٢) العبارة بين المعقوفتين كذا وردت بالأصل ويبدو أن نقصا وقع في السند ، وتمام العبارة في بغية الطلب وم : م؟؟؟ : وأخبرنا أبو محمد بن طاوس قال : أخبرنا علي بن محمد بن محمد.

٢٤٠