من هدى القرآن - ج ١٧

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١٧

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-20-3
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٤٨٤

سورة المطفّفين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)

٤٠١

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ

بينات من الآيات :

[١] هل أنا مؤمن؟ بلى. أولست أصلي وأصوم وأنفق من أموالي في سبيل الله؟ كلّا .. هذه وحدها لا تكفي ، فلنحذر من خداع الذات ، أوليس كلّ الناس حتى أعتى الطغاة والمجرمين يبرّءون ساحة أنفسهم؟! فما الميزان إذا؟ إنّه القرآن ، هكذا قال الإمام أبو جعفر (الباقر) عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي : «واعلم بأنّك لا تكون لنا وليّا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا : إنّك رجل سوء لم يحزنك ذلك ، ولو قالوا : إنّك رجل صالح لم يسرك ذلك ، ولكن أعرض نفسك على كتاب الله ، فإن كنت سالكا سبيله ، زاهدا في تزهيده ، راغبا في ترغيبه ، خائفا من تخويفه ، فاثبت وأبشر فإنّه لا يضرك ما قيل فيك ، وإن كنت مبائنا للقرآن فما ذا الذي يغرّك من نفسك» (١). وها هو القرآن يصف لنا واحدا من الموازين الحق التي نستطيع أن نعرف بها أنفسنا : إنّه الإنصاف.

__________________

(١) تحف العقول ص ٢٠٦.

٤٠٢

كيف ذلك؟ هناك من يرى في نفسه أنه الحق فيعامل الناس على هذا الأساس ، فلذلك يغش ويسرق ويستولي على حقوق الآخرين ، وعلامة هذا الفريق من الناس أنّهم إذا أرادوا استيفاء حق من حقوقهم من الناس أخذوه وافيا ، وإذا طلب منهم أداء حق للناس انتقصوا منه ، ويجري هذا في كافة شؤون حياتهم. إن لهؤلاء الويل لأنهم ليسوا منصفين.

(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)

قالوا : الويل بمعنى : الشر والحزن والعذاب أو الهلاك ، وهو بمعنى اللعنة ، اما المطفف فانه من الطّف أي جانب الشيء ، والتطفيف تنقيص الشيء من جوانبه.

وقال بعضهم : الويل واد في جهنم يجري فيه صديد أهل النار.

[٢] من هم هؤلاء المطففون؟ هناك مثل بارز لهم في أولئك الذين ينقصون المكيال لغيرهم ، أمّا إذا اكتالوا لأنفسهم أخذوا حقّهم وافيا.

(الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ)

قالوا : «على» هنا بمعنى اللام ، ويبدو لي أن على تعطي هنا أيضا ظلالها العام الذي يوحي بالضرر ، إذ أنّ الإستيفاء يتم على الناس أي في ضررهم.

وقال بعضهم : انه بمعنى إذا كالوا ما على الناس.

[٣] ولكنهم إذا اكتالوا لغيرهم تراهم يعطونهم أقل من حقهم.

(وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)

قالوا : معناه كالوا لهم أو وزنوا لهم ، ثم حذف اللام ، واستشهدوا بقول

٤٠٣

الشاعر :

ولقد جنيتك أكمأ وعساقلا

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

حيث كان في الأصل جنيت لك ، ويبدو لي أن حذف اللام هنا من بديع بلاغة القرآن ، حيث أن اللام توحي بالفائدة والنفع ، بينما لا منفعة لمن يكال لهم لأنهم يخسرونهم.

والتطفيف في المكيال والميزان كان شائعا ـ حسب التواريخ ـ في يثرب قبل هجرة النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ وكانت هذه السورة أول سورة نزلت على قلب النبي (ص) في المدينة ، وأثّرت فيهم أثرا بالغا فاقتلعوا عن هذه العادة وأصبحوا من أحسن الناس مكيالا ، هكذا روي عن ابن عباس ، حيث أضاف : فلما نزلت هذه السورة انتهوا فهم أوفى الناس كيلا الى يومهم هذا.

وقد حاربت رسالات الله الفساد الاقتصادي في المجتمع بكلّ ألوانه ، والتطفيف واحد من أسوء أنواع هذا الفساد.

وقد حكى ربنا عن شعيب ـ عليه السلام ـ قوله : «أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» (١).

ولكن هل الفساد الاقتصادي خاص بالتطفيف في الوزن والمكيال أم أنهما مجرد مثلين لما هو أعم واشمل؟ فالغش والاحتكار واستغلال طاقات الضعفاء ، واستثمار ثروات البلاد المتخلفة ، والابتزاز وسائر أساليب الكسب اللّامشروع كل

__________________

(١) الشعراء / ١٨٢.

٤٠٤

تلك من ألوان الفساد الاقتصادي.

ثم انّ التطفيف في الميزان لا يخص الجانب الاقتصادي ، بل يتسع للجوانب السياسية والاجتماعية أيضا ، فلا يجوز ان تطالب الناس بكامل حقّك ، ثم إذا طالبوك بحقوقهم بخستهم جاء في الحديث عن الصادق ـ عليه السلام ـ : «ليس من الإنصاف مطالبة الاخوان بالانصاف» (١) لا بد أن نتعامل مع الناس بمثل ما نحبّ ان يتعاملوا معنا. إنّ أفضل ميزان للعدل هو أن تضع نفسك دائما في موضع الآخرين وتساءل : ما ذا كنت أنتظر منهم لو كنت في موقعهم ، هكذا هم ينتظرون وعليّ أن أفي بحقهم.

هكذا توالت نصوص الدين ألا فلنستمع الى بعضها :

١ / عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ : «أحبّوا للناس ما تحبّون لأنفسكم»

٢ / عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال : «قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه ، وكره لهم ما يكره لنفسه»

٣ / عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فيما كتبه لمحمد بن أبي بكر : «أحبّ لعامة رعيّتك ما تحبّ لنفسك وأهل بيتك ، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك ، فإن ذلك أوجب للحجّة ، وأصلح للرعية»

٤ / عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : «ما ناصح الله عبد في نفسه فأعطى الحق منها ، وأخذ الحق لها إلّا أعطي خصلتين : رزق من الله يسعه ،

__________________

(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧٥ ص ٢٧.

٤٠٥

ورضى عن الله ينجيه»

٥ / وجاء في نهج البلاغة في وصية أمير المؤمنين لابنه الحسن ـ عليهما السلام ـ : «يا بني! اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك ، فاحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم ، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك ، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقل ما لا تعلم ، وقل ما تعلم ، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك» (١)

ونختم حديثنا برواية مأثورة عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ انه قال : «خمس يخمس : ما نقض قوم العهد إلّا سلط الله عليهم عدوهم ، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت الفاحشة فيهم إلّا ظهر الطاعون ، وما طففوا الكيل الا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلّا حبس الله عنهم المطر» (٢)

[٤] من الذي يطفف؟ انه الذي لا يعترف بالقيامة ، حيث يقف أمام رب العالمين للحساب ، فلو كان الواحد يظن مجرد ظن بذلك لما تجاوز حقه ، واعتدى على حقوق الناس.

(أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ)

قال بعضهم : ان الظن هنا بمعناه المعروف وهو ضد اليقين ، ذلك أن مجرد الظن بالبعث يكفي العاقل تحرزا واتقاء منه ، ألا ترى أنك لا تسلك طريقا تظن الهلاك به ، ولا تشرب ما تخشى ان يكون سمّا ، وتحتاط من عمل تخاف منه الهلاك؟

__________________

(١) المصدر / من ص ٢٤ ـ ٥٩.

(٢) القرطبي / ج ١٩ ص ٢٥٣ ، وسائر التفاسير المعروفة.

٤٠٦

وقال آخرون : بل الظن هنا بمعنى اليقين ، لأن أصل معنى الظن ما يحدث في ذهن الإنسان من الشواهد الخارجية ، فإن كانت تامّة أحدثت يقينا وإلّا أثارت الظن ، من هنا يعبّر عن اليقين أيضا بالظن.

وقد استشهدوا بالحديث المأثور عن الامام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ الذي قال في تفسير هذه الآية : «أي أليس يوقنون أنّهم مبعوثون» (١).

وكذلك بالنص المروي عنه أيضا حيث يقول ـ عليه السلام ـ : «الظنّ ظنّان : ظنّ شكّ ، وظنّ يقين ، فما كان من أمر المعاد من الظنّ فهو ظنّ يقين ، وما كان من أمر الدنيا فهو على الشكّ» (٢).

ولعل الإمام يشير الى حقيقة بينها الامام الرضا ـ عليه السلام ـ بصيغة اخرى ، حين قال : «ما خلق الله يقينا لا شك فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت» (٣).

ذلك ان كل الحقائق تشهد بأن الإنسان ميّت ولكنه لا يتصوره ، لما ذا؟ لأن مثل هذا التصور يفرض عليه الحذر والاتقاء ، وهو لا يريد ذلك فيبقى حائرا بين شواهد علمية تكشف له حقيقة الموت ، وأهواء نفسية تحجب عنه هذه الحقيقة ، تماما كمن مني بهزيمة في المعركة يظل لفترة متردّدا بين قبولها وفقا للمعلومات الصادقة أو رفضها استرسالا مع هواه وغروره.

ويبدو أن الإيمان بالآخرة هو الآخر يصطدم بأهواء النفس وشهواتها ، فتتحول إلى ظنّ لا لقلة الشواهد عليها بل لصعوبة التصديق بها .. والله العالم.

__________________

(١) تفسير نمونه عن تفسير البرهان / ج ٤ ص ٤٣٨.

(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٢٨.

(٣) الفرقان / نقلا عن الخصال للصدوق (ره).

٤٠٧

وقد سبق أن قلنا وبتكرار ان معنى الظن ـ فيما يبدو ـ هو : التصور ، وفسرنا الآية التالية بذلك حيث قال ربنا : «قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» (١) وقوله : «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ» (٢).

حيث ان تصور البعث وما يعقبه من القيام للحساب أمام رب العالمين يكفي الإنسان رادعا عن كلّ سيئة ، وربما يوحي الى ذلك قول الامام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في تفسير الإيمان حيث سئل عنه فقال : «الإيمان على أربع دعائم : ... فمن اشتاق الى الجنّة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات» (٣).

[٥] ثلاث حقائق متصلة ببعضها لو تمثلت أمام عين العاصي ارتدع واتّقى : البعث والساعة ، والقيامة. إنّ حياة الإنسان سجلّ ، يطوى اليوم ويكتب فيه بقلم الطبيعة ما يفعله ، فإذا نشر نشر معه سجله بالكامل ، فيا للفضيحة الكبرى يومئذ!

ثم الساعة وأشراطها يوم تبدّل الأرض غير الأرض ، وتطوى السموات كطي السجل للكتب ، فاذا لم يعمل اليوم لبلوغ الأمان من أهوالها فيا للخسارة العظمى!

اما قيام الناس أمام رب العالمين فإنه رهيب عظيم ، لا يسع الفكر تصور تلك اللحظة التي يتمثل هذا المخلوق المتناهي في الضعف والمسكنة أمام جبار السموات والأرض ، أولم تقرأ أنّ إسرافيل أعظم ملائكة الله يتضاءل امام هيبة الرب حتى يصبح كالوصع ـ كما ذكر في سورة التكوير آية ٢٣ ـ ، فمن أنا غير هذا العبد المسكين المستكين الضعيف الحقير امام رب العزة والعظمة؟!

__________________

(١) البقرة / ٢٤٩.

(٢) البقرة / ٤٦.

(٣) نهج البلاغة / خ ٣١.

٤٠٨

هكذا يذكرنا القرآن بهذه الحقائق ، فبعد أن يقول : «أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ» يذكرنا بالساعة فيقول :

(لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)

عظمت آثاره في السموات والأرض حتى أشفقت منه ، فلو لا اتقاء أهواله بالعمل الصالح أنّى نحصل فيه على أمان ، والسموات تنفطر والجبال تكون سرابا ، والأرض تزلزل زلزالها؟!

[٦] وأعظم من كل تلك الأهوال قيام الناس أمام ربّ العالمين ..

(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)

يكاد القلب البشري يتصدع حينما يحمّله الله شيئا من نور عطفه وحنانه ، فكيف يصمد هذا القلب أمام عقاب الله وزجره؟!

جاء في الحديث المأثور عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ : «(فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، فمنهم من يبلغ العرق كعبيه ، ومنهم من يبلغ ركبتيه ، ومنهم من يبلغ حقويه ، ومنهم من يبلغ صدره ، ومنهم من يبلغ أذنيه حتى أن أحدهم يغيب في رشحه كما يغيب الضفدع» (١).

بيد ان المؤمنين في أمان من أهوال القيامة ، هكذا ورد في حديث مأثور عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ «انّه ليخفّف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة ، يصلّيها في الدنيا» (٢).

__________________

(١) القرطبي / ج ١٩ ص ٢٥٥.

(٢) المصدر.

٤٠٩

وكلمة اخيرة : إن المؤمن ليقوم في الدنيا لله قياما يساعده في قيامه في الآخرة ، أولم يأمره ربنا سبحانه بذلك حين قال : «وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ..» وقال : «أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ».

[٧] ولكن هؤلاء المجرمين لا يظنون ذلك حتى يأتيهم بغتة ، ولذلك فإن كتابهم محفوظ في سجين ، حيث لا يمكن تغييره ، وهو كتاب واضح لا لبس فيه ولا تزوير.

(كَلَّا)

يبدو أن معنى «كلا» في الأصل النفي المؤكد ، كأن تقول : أبدا له ، ولكن تعطي في مثل هذا السياق معنى الردع والزجر ، كما توحي بتأكيد الحقائق التي ذكرت آنفا ، وكأنه نفي للتكذيب بها ، ومن هنا قال بعضهم : ان معنى كلا هنا حقا ، ونقل عن ابن عباس : ان معناه ألا تصدقون.

(إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)

ما هو سجين؟ يبدو أنه مبالغة في السجن ، أي المحل الذي لا تناله أيدي السرقة أو التزوير. فما هو الكتاب؟ بالرغم من أن هناك كتبا كثيرة تسجل فيها أعمال العباد ، الأرض تكتب ، والسموات تصور ، وأشياء الطبيعة تحفظ آثار العمل ، وحتى أعضاء الجسد تشهد ، إلّا أن الظاهر من الكتاب هو ما يسجل على الفرد من أقواله وأفعاله ، وحتى نياته مما ذكره الله بقوله : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (١).

ثم يطوى هذا الكتاب ، ويحفظ في خزانة محكمة هي سجين ، فأين تقع هذه

__________________

(١) ق / ١٨.

٤١٠

الحرّانة؟ لقد حدد هذا النص التالي محلّها :

روي عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه قال : «ان الملك يرفع العمل للعبد يرى أن في يديه منه سرورا ، حتى ينتهي إلى الميقات الذي وصفه الله له ، فيضع العمل فيه فيناديه الجبار من فوقه : إرم بما معك في سجين ، وسجين الأرض السابعة ، فيقول الملك ما رفعت إليك إلّا حقّا ، فيقول : صدقت ، إرم بما معك في سجين» (١) وروي عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ انه قال : «السجين الأرض السابعة ، وعلّيون السماء الرابعة» (٢)

وقال بعضهم : سجين : صخرة في الأرض السابعة ، وروى أبو هريرة عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ «سجين جب في جهنم ، وهو مفتوح» وقال عكرمة : سجين خسار وضلال ، كقولهم لمن سقط قدره قد زلق بالحضيض.

ويبدو لي أن أصلها السجن كما ذكرنا ، وانما سائر التفاسير تحديد لموقع السجن أو ملابساته ، لذلك قال أبو عبيدة وغيره في تفسير الآية : لفي حبس وضيق شديد ، فعيل من السجن كما يقول فسّيق وشرّيب.

[٨] وهناك افتراض أخر : ان يكون سجين اسما لتلك السجلات التي تحفظ الكتب ، وأن يكون معنى الكتاب هنا ما يكتب من أعمال ، فيكون المعنى هكذا : ان اعمال الفجار مكتوبة في سجين وهو كتاب مرقوم ، ويؤيد هذا المعنى السياق التالي :

(وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ)

__________________

(١) الفرقان عن الدر المنثور / ج ٦ ص ٣٢٥.

(٢) نمونه عن نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٣٠.

٤١١

وهذه الكلمة تأتي للإيحاء بعظمة ذلك الكتاب ـ حسب هذا المعنى ـ بلى. الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، الكتاب الذي يسجل حتى أنفاس الخلق ووساوس أفئدتهم ، ونيات أفعالهم ، الكتاب الذي يحيط بكل أفعال الفجار أنّى كانوا ، وأنّى عملوا. إنه كتاب عظيم.

[٩] (كِتابٌ مَرْقُومٌ)

وهكذا تكون هذه الآية تفسيرا للآية السابقة : أي سجين كتاب مرقوم ، كما قال ربنا سبحانه : «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» والمرقوم بمعنى متجلّ بوضوح ، لأن أصل معنى الرقم الكتابة الغليظة ، وقيل : معناه مختوم ، وقيل : مكتوب كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى ، كل هذا التفسير قائم على أساس الافتراض بان السجين اسم للكتاب المسجل ، ويؤيده أن بعضهم قال : ان أصل سجّين سجّيل.

أما في غير هذا الافتراض فيكون تفسير هذه الآية : أن الكتاب الذي هو في سجين كتاب مرقوم ، لا تتشابه خطوطه ؛ لأنه كتاب واضح ، والله العالم.

وينبغي أن نختم حديثنا عن السجين بحديث يفيض عبرة ونصحا ، مأثور عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ في معنى السجين والأعمال ، والأشخاص الذي يهوون اليه ، قال ـ عليه السلام ـ : «مرّ عيسى بن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها ، فقال : أما إنّهم لم يموتوا إلّا بسخط ، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا ، فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته! ادع الله ان يحييهم لنا ، فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها ، فدعا عيسى ربه ، فنودي من الجو أن : نادهم ، فقام عيسى بالليل على شرف من الأرض فقال : يا أهل هذه القرية! فأجابه منهم مجيب : لبيك يا روح الله وكلمته ، فقال : ويحكم : ما كانت أعمالكم؟

٤١٢

قال : عبادة الطاغوت ، وحب الدنيا ، مع خوف قليل ، وأمل بعيد ، وغفلة في لهو ولعب ، قال : كيف كان حبكم للدنيا؟ قال : كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا ، وإذا أدبرت بكينا وحزنّا ، قال : كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال : الطاعة لأهل المعاصي ، قال : كيف كانت عاقبة أمركم؟ قال : بتنا ليلة في عافية ، وأصبحنا في الهاوية ، فقال : وما الهاوية؟ فقال : سجين ، قال : وما سجين؟ قال : جبال من جمر توقد علينا الى يوم القيامة» (١).

[١٠] يتلقى الجاهل الموقف الصعب بتكذيبه ، ويزعم أنه لو دفن رأسه في التراب فإن الآخرين لا يرونه ، كلا .. ان الشمس لا تتلاشى إذا أغلقت نافذة غرفتك عنها ، كذلك حقيقة المسؤولية لا تنماث إذا أنكرتها ، بل كلما جحد الجاهل المسؤولية بنبرة أقوى وصلافة أشدّ كلما ازداد بعدا عن تحملها وقربا من العذاب ، ذلك أن التكذيب جريمة ، كما أنه علة لسائر الجرائم ، وتبلو عاقبة التكذيب عند قيام الساعة.

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)

[١١] هكذا القرآن يغلق أمام النفس أبواب التبرير لعلها تعي المسؤولية وتتحملها ، وأعظم التبرير التكذيب ، ولا سيما التكذيب بيوم الدين الذي يهدم أساس الفكر.

(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)

لهؤلاء الويل واللعنة والثبور لمجرد تكذيبهم ، فكيف بسائر الجرائم التي ارتكبوها؟!

__________________

(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٣١.

٤١٣

[١٢] ولكن لما ذا يكذبون بيوم الدين؟ هل لنقص في شواهده؟ كلا .. بل لقرار اتخذوه حاليّا ، وجرائم ارتكبوها سابقا ، أما قرارهم فهو الاستمرار في الاعتداء على حقوق الآخرين ، والتواصل في ارتكاب الإثم.

(وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)

انهم الفجار الذين لم يلتزموا لا بحقوق الآخرين فاعتدوا عليها وأكلوا أموال الناس بالباطل ، ولا بحق الله عليهم فأثموا وارتكبوا الفواحش.

[١٣] ويقارن التكذيب في ألسنة هؤلاء ـ البذيئة ـ بالاستهزاء ، ومحاولة حرف الآخرين عن آيات الله ، فتراهم إذا تتلى عليهم آيات الله رموها بالرجعية ، وزعموا بأنها : ليست سوى الخرافات السابقة.

(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا)

يبدو أن الذين يتلون عليهم هذه الآيات هم الدعاة إلى الله ، والآيات تهديهم الى الله ورسالاته وشرائعه ، ولكنهم ينكرونها رأسا دون أن يتفكروا قليلا ، خشية أن يتأثروا بها ، فيفقدوا نعيمهم الزائل ، وموقعهم الزائف القائم على الإثم والعدوان.

(قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)

ولعل مرادهم من هذا الحديث بيان أنهم لن يتأثروا بها مستقبلا ، كما انهم لم ينتفعوا بها سابقا ، ذلك لأنها مجرد تكرار لدعوات سابقة ، وهذه الآية نظير قولهم كما في آية اخرى : «وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً» (١).

__________________

(١) الفرقان / ٥.

٤١٤

[١٤] لما ذا يقف بعض الناس موقف الجاحد المعاند وبهذه الدرجة من آيات الله البينات ، أولا يحبون أنفسهم ، أولا يحكم العقل بضرورة الاستماع الى النذير فلعله يكون صادقا فيقعون في خطر عظيم؟! يجيب السياق عن هذا التساؤل : بأن للذنب أثرا سيّئا على القلب البشري ، وكلما تراكمت الذنوب تراكمت آثارها.

(كَلَّا)

ليست أساطير الأولين ، بل إنها حقائق من عند الله.

(بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ)

قالوا : ران بمعنى غلب ، واستشهدوا على ذلك باستخدام مفرداته ، مثل : رانت به الخمرة ، وران عليهم النعاس ، ويقال : قد رين بالرجل رينا إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ، ولكن ـ يبدو لي ـ أن الأصل في الرين الصدأ ، وهو الغلالة الخفيفة التي تحيط بالحديدة وما أشبه وتدل على فسادها. ولعل الفارق بينه وبين الصدأ أن الصدأ قد يكون في جزء ، بينما الرين يستخدم إذا أحاط الصدأ بالقلب تماما ، لذلك قال بعضهم : الرين ان يسوّد القلب من الذنوب ، ونقل عن ابن عباس : ران على قلوبهم أي غطى عليها.

ولكن كيف يرين الذنب على القلب؟ إن في قلب الإنسان قوى تتنازعه ، وإرادة الإنسان فوقها ، فإذا استسلم الإنسان لقوة الشهوات ضعفت إرادته ، وكسف نور عقله ، فلا يزال كذلك حتى يخبو عقله ، وتنماث إرادته فيسترسل كليا مع الشهوات ، ومن جهة اخرى : عند ما يرتكب البشر جريمة أو ذنبا يتهرب من وخز ضميره بتبريرهما ، ولا يزال يبرر لنفسه ما يرتكبه حتى يقتنع بذلك التبرير ، بل يتحول عنده إلى ثقافة متكاملة ، فلا يكاد يعرف الحقيقة ، ومن جهة ثالثة : الخير

٤١٥

عادة والشر عادة ، ومن عوّد نفسه على الشر كيّف سلوكه وسائر تصرفاته مع تلك العادة ، وكان كدودة القز تنسج حول نفسها ما يقتلها .. أرأيت الذي يكتسب الحرام ، إما بالسرقة أو الغش أو التطفيف أو التعاون مع الظالمين أو العمل كجاسوس محترف للطغاة أو الأجانب ، أرأيته يتخلص من هذه المهنة وقد كيّف نفسه معها ، واعتمد عليها في رزقه اليومي؟!

لذلك ينبغي للرشيد ان لا يتبع الشيطان منذ الخطوة الأولى ، ولا يرتكب حتى الذنب الأول ، وإذا مر به طائف من الشيطان فخدعه عن دينه ، وارتكب ذنبا فعليه أن يتوب عن قريب ، ولا يتابع مسيرة الذنب ؛ فان الذنب بعد الذنب يفسد القلب ، ويبعد عن الإنسان توفيق التوبة.

هكذا روي عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ أنه قال : «ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة. إن القلب ليواقع الخطيئة ، فما يزال به حتى تغلب عليه ، فيصير أسفله» أعلاه ، وأعلاه أسفله قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منه ، وإن ازداد زادت ، فذلك الرين الذي ذكره الله تعالى في كتابه :«كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ» (١).

من هنا ينبغي التوبة الى الله في كل يوم بل وفي كل ساعة حتى يمحى اثر الذنوب التي لا زلنا نمارسها قبل ان تترسخ في القلب فتفسده ، كما ينبغي التلاقي والتواصي بالحق والصبر ، والتناصح حتى تجلى الأفئدة من رينها ، هكذا أوصانا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيما روي عنه انه قال : «تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا ، فإن الحديث جلاء للقلوب. إن القلوب لترين كما يرين السيف

__________________

(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٣١.

٤١٦

وجلاؤه الحديث» (١).

[١٥] هذه القلوب التي ترين بالذنب لا تتشرف بلقاء ربها يوم القيامة ، ذلك أن هذه الذنوب تصبح حجبا كثيفة تمنع عنه أنوار الله البهية.

(كَلَّا)

فليرتدعوا عن الاسترسال مع الذنوب وما يسبب لهم رين القلب ؛ لان لذلك عاقبة سوأى ، وهي :

(إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)

لقد حجبهم الذنب عن رحمة الله وعطفه ورعايته ، كما حجبهم الذنب عن نور لقائه ومشاهدته بحقيقة الإيمان ، أليس أعظم نعم الله على المؤمن رضاه عنه ومناجاته له ، ولقاء قلبه بنوره؟ إن هذا لهو النعيم المقيم الذي يسعى اليه المؤمن ، إنه أعظم جائزة يتوقعها من ربه ، فقد جاء في الحديث : «ان أهل الجنة يزورون العرش كل ليلة جمعة ، فينظرون إلى نور ربهم فيقعون له ساجدين»

وقد عبّر الإمام زين العابدين ـ عليه السلام ـ عن هذا اللقاء العاصف بالشوق والوله بين العبد والرب بقوله في مناجاته : «فقد انقطعت إليك همتي ، وانصرفت نحوك رغبتي ، فأنت لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسهادي ، ولقاؤك قرة عيني ، ووصلك منى نفسي ، وإليك شوقي ، وفي محبتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ، ورضاك بغيتي ، ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي ، وقربك غاية سؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي ، وعندك دواء علّتي ، وشفاء غلتي ، وبرد لوعتي ، وكشف كربتي ... الى ان يقول : ولا تبعدني منك يا نعيمي وجنتي ، ويا

__________________

(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٢١.

٤١٧

دنياي وآخرتي. يا ارحم الراحمين» (١).

وإذا كان لقاء الله أعظم نعم المؤمنين فإن حرمان الفجار منه يعدّ أعظم عذاب لهم ، ولا يعرفون عمق هذه المأساة إلّا في يوم القيامة ، لذلك ترى الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يجأر الى ربه خشية فراقه ويقول : «فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك ، وهبني صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر عن النظر الى كرامتك» (٢).

[١٦] والعذاب الاخر تصلية النار ، فلا حجاب بينهم وبينها ، ولا ستر ، أو ليسوا لم يستروا أنفسهم منها في دار الدنيا ، ولم يتقوا حرها ولهيبها؟! فها هم اليوم يصلونها ويذوقون مسها مباشرة.

(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ)

ما المؤمنون فقد تزودوا من الدنيا بزاد التقوى فسترهم عن النار في الآخرة كما استتروا بها عن الذنوب في الدنيا ؛ لأنهم عرفوا أن الذنوب تصحبهم من هناك إلى هناك ، حيث تتحول نيرانا لا هبة ، وحيات وعقارب وظلمات وآلاما ، فتحصنوا عنها بحصن التقوى.

[١٧] اما العذاب الثالث فهو الاذلال والتحقير والإهانة والتبكيت أوليسوا قد استهزءوا بالرسالات ، وقالوا : إن هي إلّا أساطير الأولين ، فاليوم يشمت بهم حتى يذوقوا العذاب الروحي الذي كانوا يذيقونه الدعاة الى الله بتكذيبهم والاستهزاء منهم.

(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)

__________________

(١) الصحيفة السجادية / مناجاة المريدين.

(٢) دعاء كميل / مفاتيح الجنان.

٤١٨

كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٢٦) وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (٣٣) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦))

٤١٩

هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ

بينات من الآيات :

[١٨] من هم الأبرار؟ إنهم الذين كان البر صبغة حياتهم ، ويبدو من مقابلة كلمة الأبرار لكلمة الفجار أن المراد من البرّ الذي يتبع سبيل المعروف ولا يتجاوزه ، وان كتاب هؤلاء ومجمل أعمالهم محفوظ عند الله في مقام عليّ ، حيث يجتمع المقربون.

(كَلَّا)

لا تكذب بيوم الدين ، بل اجتهد حتى تصبح من الأبرار.

(إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ)

وهو ديوان أعمالهم ، أو ذات أعمالهم محفوظة عند الله.

٤٢٠