تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

الزَّنةُ يَوْرَى.

قال : وسمعت أبا الهيثم يقول : أَوريت الزَّند ، فَوَرَتْ تَرِي وَرْياً ورِيةً.

وقد يُقال : وَرِيت تَوْرَى وَرْياً ورِيةً.

وزَنْدٌ وارٍ ؛ وأنشد :

* أُمِّ الهُنَيْنَيْن من زَنْدٍ لها وارِي *

وأما قول لَبِيد :

تَسْلُب الكانِسَ لم يُورَ بها

شُعْبةُ الساقِ إذا الظِّلُّ عَقَلْ

رُوي : لم يُورَ بها ، ولم يُورأ بها ، ولم يُوأَر بها.

فمن رواه لم يُورَ بها ، فمعناه : لم يَشعر بها ، وكذلك : لم يُورأ بها ، يُقال : وَرَيتُه ، وأَوْرأتُه ، إذا أعْلَمته. وأصله من وَرَى الزّند ، إذا ظهرت نارُها ؛ كأن ناقته لم تُضىء للظَّبْي الكانِس ولم تَبِنْ له فَيَشعر بها لسُرعتها ، حتى انتهت إلى كناسه فندَّ منها جافلاً ؛ وأنشدني بعضهم :

دَعاني فلم أُورَأ به فأَجَبْتُه

فمدَّ بئَدْي بَيننا غَير أقْطَعا

ومن رواه : لم يُوأر بها ، فهي من : أُوار الشمس ، وهو شدّة حرّها ، فقلبه ، وهو من التَّنْفِير.

أور : يقال : أوأرته فاستوأر ، إذا نَفَّرته.

وقال الفَرّاء في كتابه في «المصادر» : التَّوراة من الفِعل : التَّفْعِلة ؛ كأنها أُخذت من : أوريت الزِّناد ، وورّيتها ؛ فتكون تَفْعلة في لُغة طيىء ، لأَنهم يقولون في التوصية : تَوْصاة ، وللجارية : جاراة ، وللناصية : ناصاة.

وقال أبو إسحاق في التوراة : قال البصريون : توراة أصلها فَوْعَلة ، وفَوعلة كثيرة في الكلام ، مثل : الحوصَلة ، والدوخلة. وكُل ما قلت فيه فوعلت فمصدره : فوعلة. فالأَصل عندهم : وَوْراة. ولكن الواو الأولى قُلبت تاء ، كما قُلبت في تَوْلج وإنما هو فَوْل من : وَلجت ؛ ومثله كثير.

وقال غيره : واستوريت فلاناً رأياً ، أي طلبت إليه أن ينظر في أمري فيستخرج رأياً أمْضى عليه.

والوَرِيّ : الضَّيف ؛ وقال الأَعشى :

وتَشُدّ عَقْد وَرِيِّنا

عَقْدَ الحِبَجْر على الغِفَارَه

قال : وسُمِّي وريّاً ، لأنّ بَيْته يُواريه.

يقال : واريته ، وورّيته ، بمعنى واحد.

قال الله عزوجل : (ما وُورِيَ عَنْهُما) [الأعراف : ٢٠] أي سُتِر ، على فُوعِل.

وقرىء : ورُوي عنهما ، بمعناه.

والواري : السَّمِين من كُل شيء.

وأَنْشد شمرٌ لبعض الشُّعراء يَصف قِدْراً :

٢٢١

ودَهْمَاء في عُرْض الرُّواق مناخةٍ

كَثِيرة وَذْرِ اللَّحْم وارية القَلْبِ

يُقال : قَلْبٌ وارٍ ، إذا تَغَشَّى بالشَّحم والسِّمَن.

الكسائي : أرض وَئِرة ، وهي الشَّديدة الأوار ، وهو الحَرّ.

قال : وهي مَقلوبة.

وقال الليث : يُقال : من الإرَة ، وأَرْت إرَةً ، وهي إرَةً مَوْءُورَة.

قال : وهي مُستوقد النار تحت الحمّام وتحت أتُون الْجِرَار والجَصَّاصة.

إذا حَفَرْت حُفْرةً لإِيقاد النار ، يقال : وَأرتها أئِرها وَأراً وإرَةً.

والجميع : الإرَات ، والإرُون.

وقال في قول لَبِيد :

* تَسلُب الكانِسَ لم يُؤأَرْ بها*

من ذلك.

قال : ويُرْوَى بيت لَبيد لم يُؤْرَ بها بوزن لم يُعْرَ من الأَرْي ، أي لم يَلْصق بصَدره الفَزع.

وقد قيل : إنّ في صدرك عليّ لأَرياً ، أي لَطْخاً من حِقْد.

وقد أَرَى عليّ صَدْرُه.

قال : وأَرْي القِدر : ما التصق بجوانبها من الحَرق.

وأرْي العَسل : ما التصق بجوانب العَسّالة ؛ وأنشد قول الطّرماح في صفة دَبْر العَسل :

إذا ما تَأَرّت بالْخَلِيّ نَبَتْ به

شرِيجَيْن مما تَأْتَري وتُتِيعُ

أي تَقيء العَسل.

قال : والتزاق الأري بالعسَّالة : ائتراؤُه.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : أَرت القِدْر تَأْري أَرْياً ، إذا احترقت ولَصِق بها الشيء.

وقال أبو زيد والكِسائي مِثْلَه.

وقال ابن بُزُرْج : يقال للبن إذا لَصِق وَضَرُه بالإِناء : قد أرِي.

وهو الأَرْي ، مثل الرَّمْي.

وقال : أرِي الصَّدْرُ أَرْياً ، وهو ما يَثْبت في الصَّدر من الضِّغن.

وأَرِيت القِدر تأْرِي أَرْياً ، وهو ما يَلْصَق بها من الطَّعام ، وقد أَرَت تأرِي أيضاً.

وقالوا في الأرْي وهو العسَل : أَرت النحل تَأري أَرْياً.

وقالوا من الإرَة ، وهو الحُفرة التي تُوقد فيها النار : إِرَة بَيِّنة الإِرْوة.

وقد أَرَوْتُها آرُوها.

ومن آريّ الدابّة : أَرّيت تأْرِيةً.

والآريّ : ما حُفر له وأُدخل في الأرض ، وهي الأُرْبة ، بالباء ، والرَّكَاسة.

أخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن

٢٢٢

الأعرابي : قال : قُرارة القِدْرِ ، وكُدَادتُها ، وأَرْيُها.

قال : وأَرْي السّماء : ما أَرَتْه الرِّيحُ تأْرية أَرْياً ، أي تَصُبَّه شيئاً شَيئاً.

وأَرْي النَّحل : العَسَلُ تأرِي به من أفواهها.

وقال اللّيث : قال زُهير :

يَشِمْنَ بُروقَها وَيُرشّ أَرْي الْ

جَنُوب عَلَى حواجِبها العَمَاءُ

أي ما وَقع من النّدى على الشَّجر والعُشْب فلم يزل يَلْزق بعضُه ببعض ويكثُر.

قلت : وَأَرْي الجَنوب : ما اسْتَدَرَّته الجَنوب من الغَمام إذا مَطرت.

وقال ابن السّكيت : في قولهم : ل «المعْلف» : آريّ ؛ قال : هذا مما يَضعه الناس في غير مَوْضعه ، وإنّما الآري مَحْبس الدابَّة.

وهي الأواريّ ، والآواخِيّ.

واحدتها : آخية.

وآرِيّ إنما هو من الفعل : فاعُول.

تأرّى بالمكان إذا تَحَبّس.

ومنه : أَرَت القِدْرُ ، إذا لَصِق بأَسفلها شيءٌ من الاحتراق ؛ وأنْشد :

لا يتأرَّون في المَضِيق وإن

نادَى منادٍ كي يَنْزِلُوا نَزَلُوا

وقال العجَّاج :

* واعْتَاد أرْبَاضاً لها آرِيُ *

قال : اعتادها : أتاها ورجَع إليها ، والأَرباض : جمع رَبَض ، وهو المَأْوى ، وقوله لها آريّ أي لها آخِية مِن مكانس البَقر لا تزول ولها أَصل ثابت.

وأنشد ابن السِّكِّيت أيضاً :

داويتُه بالمَحْض حتى شَتَا

يَجْتذب الآرِيّ بالمِرْوَدِ

أي : مع المِرْود. يصف فرساً ؛ وأراد بآريّه : الرَّكاسة المَدْفونة تحت الأرض المُثَبَّتة ، فيها تُشَدّ الدابّة من عُروقها البارزة ، فلا تَقْلَعْها لثَباتها في الأرض.

فأمّا الليث فإنه زَعم أن الآري المَعْلف.

والصواب ما قال ابن السّكيت ، وهو قول الأصمعي.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الإرةَ : النار.

والإرة : الْحُفرة للنار ، والإرةَ : اسْتِعار النار وشدّتها ، والإرَة : الْخَلْعءَ (١) ، وهو أن يُغْلى اللَّحْم والخلّ إغلاءً ، ثم يُحْمل في الأَسْفار.

والإرة : القَدِيدُ ، ومنه خَبر بِلَال : قال لنا رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَمعكم شيءٌ من الإرَة؟»

__________________

(١) كذا في المطبوع.

٢٢٣

أي : القَديد.

وقال أبو عمرو : هو الإرة ، والقَدِيد والمُشَنَّق ، والمُشَرَّق ، والمُتَمَّر ، والموهر ، والمقرند ، والوَشيق.

شَمِر : الإرة ، النار. يقال : ائتنا بإرَة ، أي بنار. والإرة : الحُفرة ، وهي البُؤْرة ، والإرة : العداوة أيضاً ؛ وأَنشد :

* لِمُعالج الشَّحْناء ذي إرَةٍ*

وقال أبو عبيد : الإرة : الموضع الذي تكون فيه الْخُبْزة ، قال : وهي المَلّة ، قال : والخُبزة : هي المَليل.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : استوأرت الإبل ، إذا تتابعت على نِفَارٍ واحِد.

وقال أبو زَيد : ذاك إذا نفرت فصَعَّدت الجبل ، فإذا كان نفارها في السَّهل قيل : استَأْورت.

قال : وهذا كلام بني عقيل.

وقال أبو عمرو الشيباني : المُستأور : الفَارّ.

واستأور البعير ، إذا تهيّأ للوُثوب ، وهو بارك.

وقال غيره : يقال للحُفرة التي يَجتمع فيها الماء : أُورة ، وأُوقة ؛ قال الفَرزدق :

* تَرَبّع بين الأُورتين أَميرُها*

وقال الليث : المُسْتأْور : الفَزِع ؛ وأنشد :

كأنّه بزوانٍ نامَ عن غَنَمٍ

مُستأوِرٌ في سَواد اللَّيل مَدْءُوب

وقال ابن الأعرابي : الوائِر : الفَزع.

والأُوار : شدّة حَرّ الشمس ، ولَفح النّار ووَهجها.

ويومٌ ذو أُوار ، أي ذو سَمُوم وحَرّ شَديد.

الوِئار المُمَدَّدة ، وهي مخاض الطِّين الذي يُلاط به الحِياض ؛ قال :

بذي وَدَعٍ يَحُلّ بكُلّ وَهْدٍ

رَوايا الماء يَظَّلِم الوِئارَا

وأخبرني المُنذري ، عن أبي العيال ، عن ابن الأعرابي أنه أَنشده :

هلُمّ إلى أُمَية إنّ فيها

شِفاء الواريات مِن الغَلِيل

قالوا : الواريات : الأَدْواء.

قال : ويُقال : الوَرَى : شَرق يقع في قَصبة الرّئَتَيْن فَيَقْتُل البَعِيرَ. وبَعِيرٌ مَوْرِيّ. وبه ريِّة ، بغير همز. قالها الباهليّ.

وقال أبو سَعيد في قوله تعالى : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢)) [العاديات : ٢] يعني الخيل في المَكَرّ ، أي تَقدح النار بحوافرها إذا رَكضت على الحِجارة.

وفي حديث عُمَر أنه جاءتْه امرأةٌ جَلِيلةٌ فَحَسرت عن ذراعَيْها فإذا كُدُوحٌ ، وقالت : هذا من احتراش الضّبَاب. فقال لها : لو أَخذت الضَّبّ فَورَّيته ثم دعوت بمِكْتَفَةٍ

٢٢٤

فَثَمَلْتَه كان أَشْبَع.

أي رَدغته في الدَّسم.

وقولهم : لَحْمٌ وارٍ ، أي سَمين.

وجَزُور وارٍ ، أي سَمين.

وقوله : فثملته ، أي أَصْلحته.

وفي الحديث : إن رجلاً شَكَا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم امرأتَه ، فقال : «اللهم أَرِّ بَيْنَهما».

قال أبو عُبيد : أَي أَثْبت الوُدّ بينهما ؛ وأَنْشد :

* لا يَتأرّى لِما في القِدْر يَرْقُبه*

أي لا يتلبّث ولا يَتَحبَّس.

قال : ورَوى بعضُهم هذا الحديثَ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة ، عليهما‌السلام.

والتّأرِّي : جَمْع الرَّجُل الطَّعَام لِبَيْته (١).

روى : أبو العبّاس ، عن ابن الأَعْرابيّ : الرّوِيّ : السّاقِي.

والرَّوِيّ : الضَّعِيف ، والسَّوِيّ ، الصَّحيح البَدَن والعَقْل.

وقال غيره : رَوى فلانٌ حديثاً وشِعراً ، يَرْوِيه رِوايةً ، فهو : راوٍ.

فإذا كَثرت رِوَايته ، قيل : هو راوِية ، الهاء للمُبالغة في صفة الرِّوَاية.

ويقال : رَوَّى فلانٌ فلاناً شِعْراً ، إذا رَوَاه له حتى حَفِظه للرِّواية عنه.

ويقال : رَوِي فلانٌ من الماء ، يَرْوَى رِيّاً.

فهو : رَيّان ، والأُنثى : رَيّاً ، والجميع : رِوَاء ، وماءٌ رَوَاءٌ ، ممدود مَفْتوح الرّاء.

وماءٌ رِوًى ، مَقصور بالكسر ، إذا كان يَصْدُر مَن يَرِدُه عن رِيّ.

ولا يكون هذا إلّا صِفة لأعْداد المياه التي لا تَنْزح ولا يَنقطع ماؤها ؛ قال الراجز :

ماءٌ رَوَاءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ

هذا مقامٌ لكِ حتّى تِيبَيْهْ

ويوم التَّرْوية : الثامن من ذي الحِجَّة ، سمِّي به لأن الحُجّاج يَتَرَوَّوْن به من الماء ويَنهضون إلى مِنًى ولا ماء بها ، فيتزوّدون رِيَّهم من الماء.

أبو عُبيد : الرَّاوية ، هو البَعير الذي يُسْتَقى عليه الماء.

والرجُل المُسْتقِي أيضاً : رَاوِية.

يقال : رَوَيْت على أَهله : أَرْوى رَيَّةً.

قال : والوعاء الذي يكون فيه الماء إنما هي المَزادة ، سُمِّيت : راويةً ، لمكان البَعير الذي يَحْملها.

وقال ابن السِّكِّيت : يُقال : رَوَيْت القوم أَرْويهم ، إذا اسْتَقيت لهم.

__________________

(١) هذا الكلام الذي سبق هنا تحت مادة (ورى) جاء في «اللسان» وغيره من كتب اللغة موزعاً بين (أرى) و (ورى) و (أور) و (وأر) و (ورأ) ، (إبياري).

٢٢٥

ويُقال : من أين رَيَّتُكم؟ أي من أين تَرْتَوون الماءَ؟

وقال غيرُه : الرِّواء : الحبل الذي يُرْوَى به على الرَّاوية إذا عُكِمت المَزَادتان.

يقال : رَوَيْت على الرَّاوية ، أَرْوى رَيّاً ، فأنا رَاوٍ ، إذا شَدَدْت عليهما الرِّواء ؛ وأَنْشَدَني أعرابيّ ، وهو يُعَاكِمني :

* رَيّاً تَمِيميّاً على المَزَايِد*

ويُجمع : الرِّواء : أَرْوِية.

ويُقال له : المِرْوَى ، وجمعه : مَرَاوَى.

ورجلٌ رَوَّاءٌ ، إذا كان الاسْتِقاء بالرَّاوِية له صِنَاعة.

يقال : جاء رَوَّاء القوم.

وقال اللّيث : يُقال : ارْتَوت مفاصِلُ الدّابّة ، إذا اعْتَدلَت وغَلُظت.

وارْتوت النَّخْلةُ ، إذا غُرست في قَفْر ثم سُقِيت في أَصْلها.

وارتوى الحَبْلُ ، إذا كَثر قُواه وغَلَظ في شِدّة فَتْل ؛ وقال ابنُ أحْمر يذكرُ قَطاةً وفَرْخَها :

تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ في صَفْصَف

تَصْهره الشَّمْسُ فما ينْصهِرْ

تَرْوِي ، معناه : تَسْتَقي.

يقال : قد رَوَى ، معناه : قد اسْتَقى على الرَّاوية.

وفرسٌ ريّان الظّهْر ، إذا سَمِن مَتْناه.

وفرسُ ظمآن الشَّوى ، إذا كان مُعَرَّق القَوائم.

وإنّ مفاصِله لظِماءٌ ، إذا كان كذلك ؛ وأَنْشد :

* رِوَاءٌ أَعَاليه ظِماءٌ مَفاصِلُه*

ويُقال للمرأة : إنها لَطيّبة الرَّيَّا ، إذا كانت عَطِرة الجِرْم.

وريّا كلِّ شيء : طيبُ رائحته ؛ ومنه قوله :

* نَسِيم الصّبا جاءت بريَّا القَرَنْفُل*

وقال المتَلَمِّس يَصف جاريةً :

فلو أنّ مَحْمُوماً بِخَيْبَرَ مُدْنَفاً

تَنَشَّقَ رَيّاها لأقْلع صالِبُهْ

ورُوي عن عُمر أنّه كان يأخذ مع كُل فَريضة عِقالاً ورِواءً ـ الرِّواء ، مَمْدود ، وهو حَبْل ـ فإذا جاءت إلى المدينة باعها ثم تصدّق بتلك العُقُل والأرْوية.

قال أبو عُبيد : الرِّواء : الحَبل الذي يُقْرن به البَعيران.

قلت : الرِّواء : الحَبل الذي يُرْوى به على البَعير ، وأما الحبلُ الذي يُقْرن به البَعيران ، فهو القَرَن ، والقِرَان.

أبو عُبيد ، عن الأحمر : الأُرْوِيّة : الأُنثى من الوُعُول.

وثلاث أَرَاوِيّ ، إلى العَشر.

فإذا كثرت ، فهي الأَرْوَى.

وقال أبو زيد : يُقال للأُنْثى : أُرْوِيّة ؛

٢٢٦

وللذَّكر : أُرْوية.

ويُقال للأُنثى : عَنْز ؛ وللذَّكر : وَعِل.

وهي من الشّاء لا من البَقر.

أبو عُبيد : يُقال : لنا عند فلانٍ رَوِيّة وأشْكَلَة ، وهما الحاجة.

ولنا قِبله صارّة ، مثله.

قال : وقال أبو زيد : بَقيت منه رَوِيّة ، أي بقيّة ، مثل التَّلِيَّة : وهي البَقيّة من الشيء.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : يُقال لسادة القوم : الرَّوَايَا.

قلت : وهي جمع راوية. شَبّه السيّد الذي تَحمَّل الدِّيات عن الحيّ بالبَعِير الرَّاوِية ؛ ومنه قول الراعي :

إذا نُدِبت رَوَايا الثِّقْل يَوْماً

كَفَيْنا المُضْلِعات لمن يَلِينا

أراد : ب «روايا الثِّقل» : حوامل ثِقْل الدِّيات. والمُضْلِعات : التي تُثْقل مَن حَمَلها. يقول : إذا نُدِب للدِّيات المُضْلعة حَمّالوها كنّا نحن المُجيبين لحَمْلها عمّن يَلِينا من دُوننا.

وقال رجلٌ من بني تَميم ، وذكر قوماً أغاروا عليهم : لقيناهم فقتلنا الرَّوايا ، وأبحْنا الزَّوايا. أي قتلنا السّادة وأبحنا البُيوت ، وهي الزَّوايا.

ابن السِّكيت : روَّيت رأسي بالدُّهْن ، ورَوّيْت الثّرِيد بالدَّسَم.

ورَوَّأت في الأمر ، مَهْموز.

وفلانٌ ليس له رَويّة في الأُمور ، بغير هَمر.

وقال الأصمعي : رَوَّأت في الأَمر ، وريَّأت : فكَّرت ، بمعنًى واحد.

في بَعض الحديث عن عَون أنه ذكر رجلاً فقال : تكلَّم فَجَمع بين الأرْوَى والنَّعام.

يريد أنه جَمع بين كَلمتين مُختلفتين ، لأن الأرْوَى يكون بِشَعف الجِبال ، وهي شاء الوَحْش ، والنَّعام يكون في الفَيافي والْحَضِيض.

يقال في المَثل : لا تَجمع بين الأرْوى والنَّعام.

رأى : قال اللّيث : الرَّأيُ : رَأْي القَلْب.

والجمع : الآرَاء.

ويقال : ما أضَلّ آرَاءهم! وما أَضلَ رَأْيَهم!

ويقال : رأيتُه بعينيّ رُؤْيةً.

ورأيتُه رَأي العَيْن ، أي حَيث يَقَع البَصَرُ عليه.

ويُقال من «رَأْي» القَلب : ارتأَيت ؛ وأَنشد :

ألا أيّها المُرْتَئِي في الأُمُورِ

سَيَجْلو العَمَى عَنْك تِبْيانُها

وقال الفَرّاء في قوله عزوجل : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣] : إذا تَركت

٢٢٧

العربُ الهمزة من الرُّؤْيا قالوا : الرُّويَا ، طَلَباً للخفّة ، فإذا كان من شأنهم تحويلُ الواو إلى الياء قالوا : «لا تَقْصُص رُيّاك» في الكَلام ، وأما في القُرآن فلا يَجُوز ؛ وأنشد أبو الجرّاح :

لَعِرْضٌ من الأعراضِ يُمْسي حَمامُه

ويُضْحِي على أفْنانِه الغين يَهْتِفُ

أحبّ إلى قَلبي من الدِّيك رُيَّةً

وبابٍ إذا ما مال للغَلْقِ يَصْرِفُ

أراد «رُؤْية» فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تَحوّلت ياءً مشدَّدة ، كما قالوا : لَوَيته لَيّاً ، وكَوَيْته كَيّاً ، والأصل : لَوْياً ، وكَوْياً.

قال : وإن أشرت فيها إلى الضمة فقلت : رُيّاً ، فرفَعت الراء ، فجائز ، وتكون هذه الضَّمة مثل قوله : صُيِل ، وسُيِق ، بالإشارة.

وزعم الكسائي : أنه سمع أعرابيّاً يقرأ : «إن (١) كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون».

وقال اللّيث : رأيت رُيّاً حَسنة.

قال : ولا تجْمع الرُّؤيا.

وقال غيره : تجمع الرُّؤيا : رُؤًى ، كما يُقال : عُلْياً ، وعُلًى.

قوله عزوجل : (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً) [مريم : ٧٤]. قُرِئت رِءْياً بوزن رِعْياً وقُرئت رِيّاً.

وقال الفرّاء : الرّئْيُ : المَنْظر.

وقال الأخفش : الرِّيّ ما ظهر عليه ممّا رأيت.

وقال الفَراء : أهل المدينة يَقْرءونها رِيّاً بغير هَمز ، وهو وجه جيّد ، من رأيت ، لأنه مع آيات لَسْنَ مَهْموزات الأواخر.

وذكر بعضهم أنه ذهب بالرِّيّ إلى رَوِيت إذا لم يَهْمز.

ونحو ذلك قال الزّجّاج.

قال : ومن قرأ رِيّاً بغير هَمْز فله تَفْسيران : أحدهما : أنّ مَنْظره مُرْتَوٍ من النِّعمة ، كأن النَّعيم بَيِّنٌ فيهم.

ويكون على تَرك الهَمزة من رأيت.

وقال الليث : الرَّئِيّ : جِنِّي يَعْرض للرّجل يُريه كهانةً وطِبّاً.

يُقال : مع فُلان رَئِيّ.

قال : والرُّوَاء : حُسن المَنْظر في البَهاء والجمال.

يقال : امرأة لها رُواء ، إذا كانت حسنة المَرْآة ، والمَرْأَى ، كقولك : المَنْظرة ، والمَنْظر.

والمِرآة : التي يُنْظر فيها.

وجمعها : المَرَائي.

__________________

(١) في المطبوع : «وإن».

٢٢٨

ومن حَوّل الهمزة قال : المَرَايَا.

قال أبو زيد : إذا أمرت من رأيت قلت : ارْ زَيداً. كأنك قلت : ادْع زيداً.

فإذا أردت التخفيف قلت : رَ زيداً.

فَتُسْقط ألف الوَصل فتحرّك ما بعدها.

قال : ومن تَحقيق الهمز قولك : رأيت الرجل. فإذا أردت التخفيف قلت : رايت الرجل. فحركت الألف بغير إشباع همز ، ولم تسقط الهمزة لأنّ ما قبلها مُتحرك ، فتقول : الرّجُل يَرَى ذاك ، على التَّخفيف.

قال : وعامّة كلام العرب في : يرى ، وترى ، ونرى ، وأرى ، على التخفيف.

وقال بعضهم يخففه ، وهو قليل. فيقول : زيد يرأى رأياً حَسناً. كقولك : يَرْعَى رَعْياً حَسناً ؛ وأَنشد :

أُرى عَيْنَيّ ما لم تَرْأَياه

كِلانا عالمٌ بالتُّرّهّاتِ

وقال اللِّحياني : اجتمعت العربُ على همز ما كان من رأيت واسْترأيت وارتأيت وراءيت وما كان من رؤية العين.

وقال بعضهم بترك الهمزة ، وهو قليل.

قال : وكُل ما جاء في كتاب الله مَهْموز ، وأَنْشد فيمن خَفّف :

صاح هل رَيْت أو سَمِعت برَاعٍ

رَدْ في الضَّرْع ما تَرَى في الحِلَابِ

والكلام العالي الهمز ، فإذا جئت إلى الأفعال المُستقبلة التي في أولها الياء والتاء والنون والألف ، اجتمعت العربُ الذين يَهْمزون والذين لا يهمزون على ترك الهمزة ، كقولك : يَرى ، وتَرى ، وأرى ، ونرى ، وبه نزل القُرآن ، إلا تَيم الرِّباب فإنّها تَهمز فتقول : هو يرأى ، وترأى ، ونرأى ، وأرأى.

فإذا قالوا : متى نراك؟ قالوا : متى نرآك؟

مثل نَرْعاك.

وبعضٌ يقلب الهمزة ، فيقول : متى نَراؤُك؟

مثل : نَرَاعُك ؛ وأَنْشد :

ألا تلك جارَتُنا بالغَضَا

تَقُول أتَرْأَيْنَه لن يضِيفَا

وأنشد فيمن قَلَب :

ماذا نَراؤُك تُغْنِي في أخِي ثِقَةٍ

من أُسْد خَفّان جَأْب الوَجه ذي لُبد

قال : فإن جئت إلى الأمر ، فإِن أهل الحجاز يتركون الهمز فيقولون : رَ ذاك ؛ وللاثنين : رَيَا ذاك ؛ وللجميع : رَوا ذاك ؛ وللمرأة : رَيْ ذاك ، وللنِّسوة : رَيْن.

وتَميم تهمز في الأمر على الأصل ، فيقولون : ارْأ ذاك ، وارْأيا ، ولجماعة النِّسوة : ارْأَيْن.

قال : فإِذا قالوا : أَرَيْت فلاناً ما كان من أمره ، أَرَيْتكم فلاناً ، أفَريتكم فلاناً ؛ فإِن أَهل الحجاز يهمزونها ، وإن لم يكن مِن كلامهم الهَمْز.

٢٢٩

فإذا عَدوت أهل الحجاز فإِنَّ عامّة العرب على ترك الهمزة ، نحو : أريت الذي يُكَذِّب ، أَرَيْتُكم. وبه قرأ الكسائي ، تَرَك الهمز فيه في جميع القرآن ؛ وأَنشد لأبي الأسود :

أرَيْتَ امْرَأ كنْتُ لم أَبْلُه

أتانِي فقال اتَّخذني خَلِيلاً

فترك الهمزَة.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي طالب ، عن أبيه ، عن الفراء في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) [الأنعام : ٤٠].

قال : العرب لها في أرأيت لغتان ومَعنيان : أحدهما أن يسأل الرجُل الرجلَ : أرأيت زَيداً بعينك؟ فهذه مَهموزة.

فإِذا أوقعتها على الرّجل منه قلت : أرأيتَك على غير هذه الحال؟ يُريد هل رأيت نَفْسك على غير هذه الحال. ثم تُثنّي وتَجمع ، فتقول للرَّجُلين : أَرَأيْتُماكما ، وللقوم : أرأيتُموكم ، وللنِّسْوة : أرأتنّ كنّ ، وللمرأة : أرأيتِك ، بخفض التاء ، لا يجوز إلا ذلك.

والمعنى الآخر ، أن تقول : أرأيْتَك.

وأنت تقول : أَخْبرني ، فتهمزها وتنصب التاء منها ، وتترك الهمز إن شئت ، وهو أكثر كلام العرب ، وتترك التاء موحّدة مَفتوحة للواحد والواحدة والجميع ، في مؤنثه ومذكره ، فتقول للمرأة : أرأيتَك زيداً ، هل خَرج؟ وللنِّسوة : أرأَيتكنّ زيداً ما فعل؟

وإنما تركت العربُ التاء واحدةً لأنّهم لم يُريدوا أن يكون الفِعل منها واقعاً على نفسها ، فاكتفوا بذكرها في الكاف ، ووجّهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفِعل واقعاً.

ونحو ذلك قال الزّجاج في جميع ما قال.

ثم قال : واخْتلف النّحويّون في هذه الكاف التي في (أَرَأَيْتَكُمْ).

فقال الفرّاء والكسائيّ : لفظها لَفْظ نَصب ، وتأويلها تَأويل رَفْع.

قال : ومثلها الكاف التي في دونك زيداً ، لأن المعنى : خُذْ زَيداً.

قال أبو إسحاق : وهذا القول لم يَقُله النّحويّون القُدماء ، وهو خطأ ، لأن قولك : أرأيتَك زَيْداً ما شأنُه؟ يُصَيِّر أرأيت قد تعدّت إلى الكاف ، وإلى زيد ، فتَصير أرأَيْت اسْمَيْن ، فيَصير المَعْنى : أرَأيتَ نَفْسَك زَيداً ما حاله؟

قال : وهذا مُحَالٌ. والذي يَذْهب إليه النَّحويون الموثوق بعلمهم أن الكاف لا موضع لها ، وإنما المعنى : أرأيت زيد ما حاله؟ وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب ، وهي المعتمد عليها في الخطاب. فتقول للواحد المذكر : أرأَيْتَك

٢٣٠

زيداً ما حاله؟ بفتح التاء والكاف ، وتقول في المؤنث : أرأيتك زيداً ما حاله يا مَرأة؟ فتفتح التاء على أصل خطاب المذكر وتكسر الكاف ، لأنّها قد صارت آخر ما في الكلمة والمنبئة عن الخطاب ، فإن عَدَّيت الفاعل إلى المَفْعُول في الباب صارت الكاف مفعولة ، تقول : رأَيْتني عالماً بفُلان.

فإذا سألت عن هذا الشَّرط قلت للرَّجل ، أَرَأَيْتَك عالماً بفلان؟

وللاثنين : أرأَيْتماكما عالِمَيْن بفلان؟

وللجميع : أرأيْتُموكم؟ لأن هذا في تأويل : أَرأيتم أنْفُسكم؟

وتقول للمرأة : أرأيتِك عالمةً بفُلان؟

بكسر التاء.

وعلى هذا قياس هذين البابين.

أَخبرني المُنذريّ ، عن أبي العباس ثعلب ، قال : أَرأَيْتَك زَيْداً قائماً؟ إذا اسْتخبر عن زيد تَرَك الهَمْز ، ويجوز الهَمْز.

وإذا استخبر عن حال المخَاطب كان الهَمز الاختيار ، وجاز تَرْكه ، كقولك : أرَأَيْتَك نَفْسَك؟ أي ما حالُك ، ما أَمْرُك؟

ويجوز : أَرَيْتَك نَفْسك؟

وذكر شَمر حديثاً بإسناد له أن أبا البَخْتريّ قال : تراءَيْنَا الهلال بذات عِرْق فسألنا ابن عبّاس ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مَدَّه إلى رُؤيته ، فإنْ أُغمِي عليكم فَأكْمِلوا العِدَّة.

قال شَمِر : قوله : تراءينا الهلال ، أي تكلَّفنا النَّظر إليه ، هل نَراه أم لا؟

قال : وقال ابن شُميل : انْطلقْ بنا حتى يُهلّ الهِلال ، أي نَنْظر أنَراه؟

وقد تراءينا الهِلال : أي نَظرناه.

وقال الفراء : العرب تقول : راءَيت ، ورَأَيْت.

وقرأ ابن عبّاس : (يُراؤُنَ النَّاسَ) [النساء : ١٤٢].

وقد رَأَّيْتُ تَرْئِية ، مثل : رَعَّيت تَرْعِية.

قال : وقال ابن الأعرابي : أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً ، وإراية ، وإرْءَاءةً.

قال : وقال أبو زيد : تراءَيت في المِرآة تَرائِياً.

ورَأَّيْتُ الرَّجُل تَرْئِيَةً ، إذا أَمْسكتَ له المِرآة لِيَنْظُر فيها.

واسْتَرْأيت الرجل في الرأي ، أي اسْتَشَرتُه.

وراءيته ، وهو يُرائيه ، أي يُشاوره ؛ وقال عِمران بن حَطّان :

فإنْ تكُن حين شَاوَرْناك قلْتَ لنا

بالنُّصح منك لنا فيما نُرائِيكَا

أي : نَسْتَشيرك.

قُلت : وأمّا قول الله عزوجل : (يُراؤُنَ النَّاسَ) [النساء : ١٤٢] وقوله : (يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧)) [الماعون : ٦ و٧]

٢٣١

فليس من المُشاورة ، ولكن مَعناه ، إذا أَبْصرهم النّاس صَلّوا ، وإذا لم يَرَوهم تَركوا الصَّلاة.

ومن هذا قول الله عزوجل : (بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ) [الأنفال : ٤٧].

وهو المُرائي ، كأنّه يُرِي الذي يَراه أنه يَفْعل ولا يفعل بالنيّة.

وأما قول الفَرزدق يهجو قوماً ويَرمي امرأَةً مِنهم بغير الجَمِيل :

وبَات يُراآها حصاناً وقد جَرَتْ

لنا بُرَتاها بالّذي أنا شَاكره

قوله : يُراآها : يظن أنها كذا. وقوله : لنا بُرتاها ، معناه : أنها أَمكنته من رِجْلَيها.

قال شَمر : العرب تقول : أرى الله بفلانٍ ، أي أرى الله الناسَ بفُلَانِ العذابَ والهلاك ، ولا يقال ذلك : إلا في الشر ؛ وقال الأعشى :

وعَلِمت أنّ الله عَمْ

داً خَسَّها وأَرَى بها

قال ابن الأعرابي : أرى الله بها أعداءها ما يَسُرهم ؛ وأنشد :

* أرانا الله بالنَّعَم المُنَدَّى*

وقال أبو حاتم نحوَه.

ورُوي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا تَراءى نارَاهُما».

قال أبو عُبيد : معناه : أنّ المُسلم لا يَحلّ له أن يَسْكن بلاد المُشركين فيكون معهم بقَدْر ما يَرى كُلُّ واحدٍ منهم نار صاحبه.

ويقال : تراءينا ، أي تلاقينا فرأيتُه ورآني.

وقال : أبو الهيثم في قوله : لا تراءى ناراهما ، أي لا يَتَّسم المُسلم بِسمة المُشْرك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيه وشَكله ، ولا يتخلّق بأخلاقه ، من قولك : ما نارُ بَعِيرك؟ أي ما سِمَته؟

ويقال : داري تَرى دار فلان ، أي تقابلها ؛ وقال ابن مُقْبِل :

سَلِ الدّارَ مِن جَنْبَي حَبِيرٍ فواحِفٍ

إلى ما رَأى هَضْبَ القَلِيب المصَبَّح

أراد : إلى ما قابَله.

قال الأصمعي : رأسٌ مُرْأى ، بوزن مُرْعًى ، إذا كان طويل الخَطم فيه شَبيه بالتَّصْويب ، كهيئة الإبْريق.

وقال ذو الرُّمّة :

وجَذْب البُرَى أَمْرَاس نجران رُكِّبت

أواخِيُّها بالمُرْأَيات الزَّواحِف

يعني أواخيّ الأمراس ، وهذا مَثل.

والرّاية : العَلم ، لا تهمزها العربُ ، وتجمع : رايات ، وأصلها الهَمز.

ويقال : رأيت رايتَه ، أي رَكَزتُها.

وبعضهم يقول : أَرْأَيتها ، وهما لُغتان.

وقال اللَّيث : الراية ، من رايات الأعلام.

وكذلك الراية التي تجعل في العُنق.

٢٣٢

وهما من تأليف ياءين وراء.

وتصغير الرَّاية : رُيَيَّهْ.

والفعل : رَيَّيْت رَيّاً ، ورَيَّيْت تَرِيَّةً.

والأمر بالتخفيف ارْيهْ ، والتشديد ريِّهْ.

وعلمٌ مَرِيّ ، بالتخفيف.

وإن شئتَ بَيَّنت الياءات فقُلت. مَرْئِيٌ ، بِبَيان الياءات.

والعرب تقول : أَرى اللهُ بفلانٍ ، أي أَرْأَى به ما يَشمِت به عدوّه ؛ ومنه قول الأعشى :

وعلمت أنّ الله عَمْ

داً خَسَّها وأَرَى بها

يَعني قبيلةً ذكرها ، أي أَرَى الله عدوَّها ما شَمِت به (١).

وقال النّضر : الإرآء : انتكاب خطم البعير على حَلْقه.

يقال : جمل مُرْأى ، وجِمالٌ مُرْآة.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : إذا استبان حمل الشاة من المعز والضأن وعَظُم ضَرْعها قيل : أَرْأَت ، تقديره أَرْعَت.

ورمّدت تَرْمِيداً ، مثله.

وروى ابن هانىء عنه : أرأت العَنْزُ خاصّة ، ولا يُقال للنّعجة : أَرأت ، ولكن يُقال : أَثْقلت ، لأنّ حياءها لا يَظهر.

وقال الليث : يقال من الظن : رِيتُ فُلاناً أخاك.

ومن همز قال : رُؤِيت.

فإذا قُلت : أرى وأخواتها ، لم تهمز.

قال : ومَن قلب الهمزة من رأى قال : راء ، كقولك : نأى ، وناء.

وروي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه بدأ بالصّلاة قبل الخُطْبة يوم العيد ثم خَطب فرُئِي أنه لم يُسمع النِّساء فأتاهن ووعَظهن.

وقال الفراء : قرأ بعض القُرّاء : وَتَرَى النَّاسَ سُكَرَى [الحج : ٢] فنصب الراء من تُرى.

قال : وهو وَجه جيّد ، يُريد مثل قولك : رُئيتُ أنك قائم ، ورُئِيتك قائماً ، فيجعل سكارى في موضع نَصب ، لأن ترى تحتاج إلى شيئين ، تَنْصبهما ، كما تحتاج ظَنّ.

قلت : رُئيت ، مقلوب ، الأصل فيه : أُريت ، فأخّرت الهمزة ، وقيل : رُئيت ، وهو بمَعنى الظّنّ.

وقال الليث : يقال : فلانٌ يتراءى برأي فلان ، إذا كان يَرى رأيه ويَميل إليه ويَقْتدي به.

ويقالُ : منازلهم رئاءٌ ، على تقدير رِعَاء ، إذا كانت متحاذية ؛ وأَنْشد :

__________________

(١) معنى نحو من هذا ، (إبياري).

٢٣٣

ليالي يَلْقَى سِرْبُ دَهْما سِرْبَنا

ولَسْنا بجيرانٍ ونحن رِئَاءُ

ابن بُزُرْج : التَّرْئية ، بوزن التَّرْعِية : الرجُلُ المُخْتال.

وكذلك : التّرائية ، بوزن التّراعِية.

الليث : التَّرِيّة ، مشدّدة الياء ، والتَّرِيَة ، خفيفة الياء بكسر الراء ، والتَّرْية ، بجزم الراء ، كلها لُغات ، وهي ما تراه المرأة من بقيّة حَيضها من صُفرة أو بَياض.

قلت : كأنّ الأصل فيه تَرئية ، وهي تفعلة من رأيت فخفّفت الهمزة ، فقيل : تَرْيِية ، ثم أُدغمت الياء في الياء فقيل : تَرِيّة.

وقال : ويقال للمرأة : ذاتُ التَّرِيّة ، وهي الدمُ القليل.

وقد رأت تَرِيَّة ، أي دماً قلِيلاً.

وفي حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ أَهل الجنَّة ليتراءَوْن أهْلَ عِلِّيّين كما تَرَوْن الكوكب الدُّرِّي في كَبِدِ السَّماء».

قال شمر : يَتراءَوْن : يتفاعلون ، من رأيت كقولك : تراءَيْنا الهِلَال.

وقال : معناه : يَنْظُرون.

وقال غيره : معنى يتراءون أي : يرون ، يدُل على ذلك قوله : كما تَرَوْن.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : يُقال لكل ساكن لا يَتَحَرَّك : ساجٍ وَرَاهٍ (١) وَرَاءٍ.

قال شمر : لا أعرف راءٍ بهذا المعنى إلا أن يكون أراد راه فجعل بدل الهاء ياء.

وقال ابن الأنباري : رِئِيٌ من الجِنّ ، بوزن رِعِيّ وهو الذي يَعْتاد الإنسان من الجِنّ.

قال : الرِّئْيُ ، بوزن الرِّعْي بهمزة مُسكَّنة : الثوبُ الفاخر الذي يُنْشر ليُرَى حُسْنه ؛ وأَنْشد :

* بذي الرِّئْي الجَمِيل من الأَثاث*

أبو العباس ، عن ابن الأعرابي : أَرْأَى الرَّجل ، إذا كَثرت رُؤَاه ، بوزن رُعَاه وهي أحلامه ، جمع الرُّؤْيا.

اللَّحياني : على وَجْهه رَأْوة الحُمق ، إذا عَرفت الحُمق فيه قبل أن تَخْبُره.

ويُقال : إنّ في وَجهه لرَأْوَةً ، أي نَظْرةً ودَمامَة.

قال : وأرْأَى ، إذا تَبَيَّنت الرَّأْوَةُ في وَجْهه ، وهي الحَماقة.

وأَرْأَى ، إذا تراءى في المِرآة.

وأرأى ، إذا صار له رَئيّ مِن الجِنّ.

ويقال : أَرْأَى الرَّجُل ، إذا أظهر عَملاً صالحاً رِيَاءً وسُمْعة.

وأَرْأَى ، إذا اشْتكى رِئَته ، وأرأى ؛ إذا اسْودّ ضَرْعُ شاتِه.

وأَرْأى : إذا حَرّك بعَينيه عند النظر تَحْريكاً كثيراً ، وهو يُرأْرِي بعَينَيه.

__________________

(١) في المطبوع : «راءٍ» والتصويب من «اللسان» (رأى).

٢٣٤

أبو الحسن اللَّحياني : يقال : إنه لخَبيثٌ ولو ترى ما فلان؟ ولو تَرَ ما فلان؟ رَفْعٌ وجَزْم.

وكذلك : لا تر ما فلان؟ ولا ترى ما فلان؟

فيها جميعاً وجهان : الجزم والرفع.

فإِذا قالوا : إنه لخبيث ، ولم تر ما فلان ، قالُوا بالجزم.

وفلان في كُله رفْع.

وتأويلها : ولا سيما فلانٌ.

حُكي ذلك كُله عن الكسائي.

رأرأ : عمرو بن أبي عمرو ، عن أبيه : الرَّأرأة : تَقْليب الهَجُول عَيْنَيها لطالبها.

يقال : رأرأت ، وجَحظت ، ومَرْمَشت ، بعَيْنَيها.

ورأيته جاحظاً مِرْماشاً.

وقال اللّحياني : يقال : رَأْرأٌ ، ورَأْرَاءٌ ، إذا كان يُكْثر تَقْليب حدقَتَيه.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : رَأْرأت بالغنم رَأْرأة ، تقديره رَعْرَعت رعرعة ، وطَرْطَبْت بها طَرْطَبة ، إذا دَعَوْتها.

وهذا في الضأن والمَعز.

قال : والرّأْرأة ، مثْلها : إشْلَاؤُكها إلى الماء.

قال : والطّرطبة ، بالشَّفَتين.

ويقال : رَجُل رَأرَاء ؛ وامرأة رَأراء ، بغير هاء ، ممدود ؛ وقال :

* شِنْظيرةُ الأخلاق رَأْراء (١) العَيْن*

ويُقال : رأرأتِ الظِّباءُ بأَذْنابها ، ولألأت ، إذا بَصْبَصت.

راء : أبو عُبيد ، عن الأَصْمعي : من نبات السَّهل : الرَّاء ، والواحدة : راءَة.

وقال أبو الهَيثم : الرّاء : زَبَدُ البَحْر.

والمَظّ : دم الأخوين ، وهو دمُ الغزال وعُصارة عُروق الأرْطى ، وهي حُمر ؛ وأَنشد :

كأنّ بنَحْرها وبِمِشْفَريْها

ومَخْلِج أَنفها راءً ومَظَّا

والمَظّ : رُمّان البَرّ.

أرر ـ * أير ـ أدر : الحرّاني ، عن ابن السِّكيت : آر الرَّجُل حَلِيلته يَؤُورها.

وقال غيره : آرها يَئِيرها أيْراً ؛ إذا جامَعها.

وقال الفَراء ، فيما رَوى عنه أبو عُبيد : أَرَرْتُ المرأة أَؤُرُّها أرّاً ، إذا نكحتَها.

وفيما أقرأني الإيادي ، عن شَمر لأبي عُبيد : رَجُلٌ مِئَرٌّ ، إذا كان كثير النِّكاح.

مأخوذ من الأير. هكذا قرأت عليه.

__________________

(١) في «اللسان» (شنظر): «جهراء العين» ، أورده ابن منظور في (رأرأ).

٢٣٥

وهو عندي تصحيف ، والصواب : رَجُلٌ مِيئر ، بوزن مِيعر فيكون حينئذ مِفْعلاً من : آرها يئيرها أيْراً.

وإن جعلته من الأرّ قلت : رجلٌ مئَرٌّ ؛ وأَنْشد أبو بكر محمد بن دُريد قولَ الرّاجز :

بَلّت به عُلابِطاً مِئَرَّا

ضَخْم الكراديس وأى زِبِرَّا

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : آر الرَّجُل ، إذا شَفْتَن ؛ وأنشد :

* وما النّاس إلا آئِرٌ ومَئِير*

قلت : جعل أرّ وآرَ بمعنى واحد.

أبو عبيد ، عن الأصمعي : من أسماء الصَّبا : إير ، وهِير ؛ وأَيْر ، وهَيْر ؛ وأَيِّر ، وهَيِّر ، على مثال فَيْعل.

ابن السكيت ، عن الفرّاء في باب فِعْل وفَعْل ، يقال للشمأل : إير وأَير ، وهِير وهَيْر.

قال : وقال غيره : هي الصَّبا.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الإيرُ : رِيحُ الجَنْوب.

وجمعه : إِيَرَة.

قال : والآرُ : العارُ.

والإيَار : اللُّوح ، وهو الهواء.

أخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن سَلمة ، عن الفَرّاء أنه قال : يُقال لرِيح الشَّمال : الجِرْبِيَاء ، بوزن رَجُلٌ نِفْرِجَاء وهو الجَبان.

ويقال للشَّمال : إيرٌ ، وأَيْر ، وأَيِّر ، وأَوُور.

قال : وأَنشَدَ في بعض بني عُقَيل :

* شآميّة جُنْحَ الظَّلام أَوُور*

وقال : الأوُور ، على فعول.

وقال الأصمعيّ : من أسماء الصَّبا : إير ، وأَيْر ، وهِير وهَيْر ، وأَيِّر وهَيِّر ، على مثال فَيْعِل.

اللحياني عن أبي عمرو : ويقال للصّبا : إير وهِير ، وأَير وهَير ، وأيِّر وهَيِّر.

وقال اللَّيث : إيرٌ وهِيرٌ : موضعٌ بالبادية ؛ وقال الشماخ :

على أَصلاب أَحْقب أَخْدَرِيٍ

مِن اللَّائِي تَضَمَّنَهُن إِيرُ

ويقال : رجل أُيارِيٌ ، إذا كان عظيم الأَيْر.

ورَجُلٌ أُنافيّ : عظيم الأنف.

ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنه تَمَثَّل يوماً فقال : من يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِق به. معناه : أنه من كَثُرت ذُكور وَلد أبِيه شدَّ بعضُهم بَعضاً.

ومن هذا المعنى قولُ الشاعر :

فلو شاء ربِّي كان أَير أبيكمُ

طويلاً كأَير الحارث بن سَدُوس

وقال اللَّيث : الإرَار : شِبه ظُؤْرة يَؤُرّ بها

٢٣٦

الرّاعي رَحِم الناقة إذا ما رَنَت فلم تَلْقَح.

وتفسير قوله : يَؤُرّ بها الراعي هو أن يُدخل يدَه في رَحمها فيَقْطع ما هُناك ويُعَالجه.

قال : والأيْر : أن يأخذ الرَّجُل إراراً ، وهو غُصن من شَوك القتاد وغيره ، فيضربه بالأرْض حتى تلينَ أطرافُ شَوكه ، ثم يبُلّه ثم يَذُرّ عليه مِلْحاً مَدقوقا فيؤَرّ به ثَفْر الناقة حتى يُدْمِيها ، وذلك إذا ما رَنَت فلم تَحمل.

قال : والأرير : حكايةُ صوت الماجِن عند القِمار والغَلَبة ، يقال : أرّ يأرّ أرِيراً.

أبو زيد : ائْتَرّ الرجل ائْتراراً ، إذا استَعْجل.

قلت : لا أدري أبالزاي هو أم بالراء؟

يرر : وقال اللّيث : اليَرَرْ ، مصدر «الأيَرّ».

يقال : صَخرة يَرّاء ، وحَجرٌ أَيَرّ.

قال : وقال أبو الدُقَيْش : إنّه لحارٌّ يارٌّ.

عَنى رَغيفاً أُخْرج من التَّنُّور.

وكذلك إذا حَمِيت الشمسُ على حَجر أو شيء غيرِه صُلْب فلزمَتْه حرارةٌ شديدةٌ ، يُقال : إنّه حارٌّ يارٌّ.

ولا يُقال لماءٍ ولا طِين إلّا لشيءٍ صُلْب.

والفِعْل منه : يَرّ يَيَرّ يَرَراً.

ولا يُوصف به على نَعْت أفعل وفَعْلان إلا الصَّخر والصّفا ، يقال : صَفاةٌ يَرّاء ، وصَفاً أَيَرُّ.

ولا يُقال : إلّا مَلَّةٌ حارّة يارّة.

وكل شيء من نحو ذلك إذا ذكروا اليارّ لم يذكروه إلا وقَبْله حارّ.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ذكر الشُّبْرمَ فقال : «إنه حارٌّ يارٌّ».

قال أبو عُبيد : قال الكسائيّ : حارٌّ يارٌّ.

قال : وقال بعضهم حارّ جارّ ، وحَرّان يَرّان ، إتباع ، ولم يَخُصّ شيئاً دون شيء.

وقال العجَّاج يصف الغَيْث :

وإن أصاب كَدَراً مَدَّ الكَدَرْ

سنابِكُ الخَيْل يُصَدِّعْن الأَيَرّ

[أير] : قال أبو عمرو : الأيَرّ : الصَّفا الشَّديد الصَّلابة.

وقال بعده :

مِن الصَّفا القاسِي ويَدْهَسْن الغَدَرْ

عَزَازةً ويَهْتَمِرْن ما انْهَمَرْ

يَدْهَسْن الغَدَرَ ، أي يَدَعْن الجِرْفَةَ وما تعادَى من الأَرض دَهاساً.

وقال بعده :

* من سَهْلةٍ ويَتَأَكَّرْن الأُكَرْ*

يعْنِي ، الخيلَ وضَرْبها الأرض العَزَاز بحوافرها.

أبو عُبيد ، عن الأمويّ : الحجر الأيَرّ ، على مثال الأَصَمّ : الصُّلْب.

٢٣٧

رير : أبو عُبيد ، عن اليزيدي : مُخّ رارٌ ، ورَيْرٌ ، ورِيرٌ ، للذَّائِب.

وقال الفراءُ مِثلَه.

اللَّحياني ، عن أبي عمرو : مُخٌ رِيرٌ ، ورَيْرٌ ، للرَّقِيق.

ورر : سلمة ، عن الفرّاء : الوَرْوَرِي : الضَّعيف البَصَر.

وكذلك قال ابْن الأعْرابيّ.

قال : والوَرّ : الوَرِك.

وقال في موضع آخر : الوَرّة ، بالهاء : الوَرِك.

ومن رباعيه

[فرنب] : الفِرْنِب : وهو الفأر. قاله ابن الأعرابيّ.

آخر كتاب الراء

٢٣٨

كتاب اللام من «تهذيب اللغة»

أبواب المضاعف منه

[باب اللام والنون]

ل ن

لن ، نل.

نل : أَهمله الليث.

ابن الأعرابي : النُّلْنُل : الشَّيخ الضَّعِيف.

لن : قال النّحويون : «لن» تَنْصب المُسْتقبل ، واختلفوا في علّة نَصْبها إيّاه.

فقال أبو إسحاق : رُوي عن الخليل فيه قولان :

أحدهما : أنها (١) نَصبت كما نصبت «أن» ، وليس «ما» بعدها بصلة ، لأنّ «لَن تفعل» نَفْيُ «سيفعل» ، فيقدّم ما بعدها عليها ، نحو قولك : زيداً لن أضرب ، كما تقول : زيداً لم أَضْرب.

ورَوى سيبويه عن الخليل : الأَصل في «لن» : «لا أن» ، ولكنّ الحَذف وَقع اسْتخفافاً.

قال : وزَعم سيبويه أنّ هذا ليس بجيّد ، ولو كان كذلك لم يَجز : زيداً لن أَضرب ، وهو جائز على مذهب سيبويه عن الخليل وجميع النحويين البَصْريين.

وحكى هِشام عن الكسائي مِثْلَ هذا القول الشاذّ عن الخليل ، ولم يأخذ به سيبويه ولا أصحابُه.

الليث ، عن الخليل في «لن» أنه «لا أن» فوُصلت لكثرتها في الكلام ، ألا تَرى أنها تُشبه في المَعْنى «لا» ولكنها أَوْكد ، تقول : لن يُكرمَك زيدٌ. معناه : كأنه كان يَطمع في إكرامه ، فَنَفَيْت ذاك ووكَّدت النَّفْي ب «لن» فكانت أوجب من «لا».

[باب اللام والفاء]

ل ف

لف ، فل.

لف : اللَّيث : اللَّفَف : كثرةُ لحم الخَدَّين والفَخِذَين.

وهو في النّساء نَعت ، وفي الرِّجال عَيْب.

تقول : رَجُلٌ ألفّ : ثَقيل.

واللَّفيف : ما اجتمع من الناس من قبائل

__________________

(١) في المطبوع : «أنها».

٢٣٩

شتَّى ليس أَصْلُهم واحداً.

يقال : جاءوا بلَفّهم ولَفِيفهم.

عمرو ، عن أبيه : اللَّفيف : الجمع العظيم من أَخْلاط شَتّى ، فمنهم الشَّريف والدَّنيء ، والمُطِيع ، والعاصي ، والقويّ والضَّعيف.

الليث : اللَّفيف من الكلام : كُل كلمة فيها مُعتلّان ، أو مُعتلّ ومُضاعف.

قال : واللَّفَف ما لفّفوا من هاهنا وها هنا ، كما يُلفّف الرجلُ شهادةَ الزُّور.

أبو العباس ، عن الأخفش ، في قوله جلّ وعزَّ : (وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦)) [النبأ : ١٦] واحدها : لفّة.

وقال أبو العبَّاس : لم نَسمع شجرة لَفَّة ، ولكن واحدها : لَفَّاء ، وجمعها : لُفٌ ، وجمع لُفّ : أَلْفاف.

وقال أبو إسحاق «أَلْفافاً» أي : وبساتين مُلْتَفّة.

ابن الأعرابي : عن المفضَّل : اللفّ : الصِّنْف من الناس ، من خَير أو شَر.

واللَّفّ : الأَكْل.

واللَّفّ : الشَّوابل من الجواري ، وهن السِّمَان الطِّوال.

وفي حديث أُمّ زرع : إن أكل لَفَ.

قال أبو عُبيد : اللَّف في المَطعم : الإكثار منه مع التخليط من صُنوفه ، لا يُبقي منها شيئاً.

ابن الأعرابي : اللَّفَف : أَن يَلْتوي عِرْقٌ في ساعد العامل فيُعَطِّله عن العَمل.

غيره : الألفّ : عِرقٌ يكون بين وَظيف اليَد وبين العُجاية في باطن الوَظيف ؛ وأَنشد :

يا رَيَّها إنْ لم تَخُنِّي كَفِّي

أو يَنْقطع عِرْقٌ من الألَفّ

ابن الأعرابي : لَفْلَف الرَّجُلُ ، إذا اضطرب ساعدُه من الْتواء عِرْق فيه.

وهو اللَّفَف ؛ وأَنشد :

الدَّلْو دَلْوِي إنْ نجت من اللَّجَفْ

وإن نجا صاحبُها من اللَّفَفْ

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الألَفّ : العَيِيّ.

قال الأصمعيّ : هو الثقيل اللِّسان.

المبرّد : اللَّفيف : إدخال حَرف في حَرف.

الليث : ألَفّ الرجلُ رَأسَه ، إذا جَعله تحت ثَوبه.

وألَفّ الطائر رأسَه ، إذا جعله تحت جناحه.

وقال أُميّة بن أبي الصَّلْت :

ومنهم مُلِفٌ رأسَه في جَناحه

يكاد لذِكْرَى ربِّه يَتَفَصَّدُ

ابن الأعرابي : لَفْلَف الرَّجُل ، إذا اسْتَقْصى الأكل والعَلْف.

قال : ولَفْلَف : موضعٌ.

ويقال : تلفّف الرَّجُل بثَوْبه ، والتَفَ به.

٢٤٠