تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

وسبأ ، والملائكة ، وإبراهيم ، وص ، ومحمد ، ولقمان ، والغُرف (١) ، والمؤمن ، والزخرف ، والسجدة ، والأحقاف ، والجاثية ، والدخان.

فهذه هي المثاني عند أصحاب عبد الله.

قلت : وهكذا وجدتها في النُّسخ التي نَقَلْت منها خمسة وعشرين ، والظاهر أن السادسة والعشرين ، هي سورة الفاتحة ؛ فإما أن يكون أسقطها النُّساخ ؛ وإما أن يكون غَنِي عن ذكرها بما قدمه من ذلك ؛ وإما أن يكون غير ذلك.

وقال أبو الهَيثم : المثاني من سُور القرآن ، كل سُورة دُون الطُّوَل ودون المئين ، وفوق المفصَّل.

رُوي ذلك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم عن ابن مسعود ، وعثمان ، وابن عباس ، قال : والمفصَّل يلي المَثاني ، والمثاني ما دُون المئين.

وأما قول عبد الله بن عمرو : من أشراط الساعة أن يُقرأ فيها بالمَثْناة على رؤوس الناس ليس أحدٌ يُغيِّرها.

قيل : وما المَثناة؟ قال : ما استُكتب من غَير كتاب الله.

وقال أبو عُبيد : وسألت رجلاً من أهل العِلْم بالكتُب الأولى ، قد عَرفها وقرأها ، عن «المَثْناة» فقال : إن الأحبار والرُّهبان مِن بني إسرائيل بعد موسى وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله ، فهو المَثْناة.

قال أبو عُبيد : وإنما كره عبدُ الله الأخذ عن أهل الكتاب ، وقد كانت عنده كُتب وقعت إليه يوم اليَرْموك منهم ، فأظنه قال هذا لمعرفته بما فيها ، ولم يُرد النّهي عن حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسُنته ، وكيف ينهى عن ذلك وهو من أكبر الصحابة حديثاً عنه.

وقيل لِمَا وَلِي المِئين من السُّور : مثان ، لأن المئين كأنها مبادئ وهذه مثانٍ.

ومَثَاني الوادِي ومَحَانِيه : معاطِفُه.

ومَثَاني الدابّة : رُكبتاه ومِرْفَقاه ؛ قال امرؤ القَيس :

ويَخْدِي على صُمِّ صِلَابٍ مَلَاطِسٍ

شَدِيداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثَاني

أي ليست بجاسِيَةٍ.

وثنَايا الإنسان في فَمِه : الأَرْبَعُ التي في مُقدّمٍ فيه : ثِنْتان من فَوْق ، وثِنْتان من أَسْفل.

البعير إذا استكمل الخامسة وطَعن في السادسة فهو ثَنِيُ ، والأُنثى : ثَنِيّة ، وهو أَدنى ما يَجوز من سِنّ الإبل في

__________________

(١) هي سورة الزمر ، انظر «تفسير القرطبي» (١٥ / ٢٣٢).

١٠١

الأضاحي ، وكذلك من البقر والمِعْزَى ؛ فأما الضأن فيجوز منها الجَذَع في الأَضَاحِي.

وإنما سُمي البعير ثَنِيّاً ، لأنّه أَلْقى ثَنِيَّته.

وقال ابن الأَعرابيّ في الفرس إذا اسْتَتَم الثالثةَ ودَخل في الرابعة : ثَنِيّ ، فإذا أَثْنى أَلْقى رَوَاضِعه ، فيقال : أَثْنى وأَدْرم للإثْناء.

قال : وإذا أَثنى سَقَطت رواضعُه وثَبتت مكانها سِنٌّ : فنبَاتُ تلك السِّن هو الإثناء ، ثم تسقط التي تَليها عند إرباعه.

والثّنِيّ من الغنم : الذي استكمل الثانيةَ ودخل في الثالثة.

والأُثنى : ثَنِيّة.

ووَلد البقرة أول سنَة : تَبيع ، ثم هو جَذع في السنة الثانية ، مثل «الشاة» سَواء.

أبو عبيدة ، عن أبي عمرو : الثّنايا ، هي العِقاب.

قلت : والعِقاب : جِبال طِوال بِعَرْض الطريق ، فالطريق تَأْخذ فيها.

وكل عَقَبة مَسْلُوكة : ثَنِيَّة ؛ وجمعُها : ثَنَايا ، وهي المَدارج أيضاً.

ومنه قول عبد الله ذُو البجادَيْن المُزَني :

تَعرّضي مَدَارِجاً وسُومِي

تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجُوم

يُخاطِب ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان دليلَه برُكوبه ، والتعرُّض فيها أن يَتَيامَن السّاندُ فيها مرّةً ويَتياسر أُخرى ليكون أَيْسَرَ عليه.

ويقال : حَلَفَ فلانٌ يميناً ليس فيها ثُنْيا ، ولا ثَنْوَى ، ولا ثَنِيَّة ، ولا مَثنَوِيّة ، ولا اسْتِثْنَاء ، كله واحد. وأصل هذا كلِّه من «الثَّنْى» وهو الكَفّ والردّ ؛ لأن الحالف إذا قال : والله لا أفعل كذا وكذا إلا أن يشاء الله غَيْرَه ، فقد رَدّ ما قاله ، بمَشيئة الله غيره.

ورُوي عن كعب أنه قال : الشُّهداء ثَنِيَّة الله في الأرض.

تأوّل قول الله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [الزمر : ٦٨]. فالذين استثناهم عند كَعب من الصَّعق الشُّهداء ، لأنهم عند ربّهم أحياء (يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، فإذا صُعق الخلق عند النّفخة الأولى لم يُصْعقوا. وهذا معنى كلام كَعب.

والثُّنْيا ، المَنهيّ عنها في البيع : أن يُسْتَثنى منه شيء مَجهول فيَفْسد البيع ؛ وكذلك إذا باعَ جزوراً بثمن معلوم واسْتثنى رأسه وأطرافه ، فإنّ البيع فاسد.

والثُّنْيا من الجَزور : الرأس والقوائم ، وسُمِّيت ثُنْيا ، لأن البائع في الجاهلّية كان يَسْتثنيها إذا باع الجزور ، فسُمِّيت للاستثناء : الثُّنْيا ؛ وقال الشاعر :

١٠٢

جماليّة الثُّنْيا مسانَدة القَرَى

غُذافرة تَخْتَبّ ثم تُنِيبُ

ورواه بعضهم «مُذكَّرة الثّنْيا ...». يَصف الناقة أنها غليظة القوائم كأنها قوائم الجمل لِغِلَظها.

ورَوى شَمر في كتابه حديثاً بإسناد له يبلغ به عوفَ بن مالك أنه سأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن «الإمارة» فقال : «أوّلها مَلامة ، وثِناؤها نَدَامَة ، وثِلَاثُها عذابٌ يومَ القيامة ، إلّا مَن عَدل».

قال شمر : قوله : ثناؤها ، أي ثانيها ؛ وثِلاثها : ثالثُها.

قال : وأمّا : ثُناء وثُلاث ، فمصروفان عن : ثلاثة ثلاثة ، واثنين واثنين ؛ وكذلك رُباع ومَثْنى ؛ وأنشد :

ولقد قتلتُكم ثُناءً ومَوْحَداً

وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسٍ الدَّابرِ

وقال آخَر :

* أُحاد ومَثْنى أَضْعفتْها صَواهِلُه*

وقال الليث : إذا أراد الرجل وَجهاً فصرفْته عن وجهه ، قلت : ثَنيته ثَنْياً.

ويقال. فلان لا يُثْنَى عن قِرنه ، ولا عن وَجْهه.

قال : وإذا فَعل الرَّجلُ أمراً ثم ضمّ إليه أمراً آخر ؛ قيل : ثَنّى بالأمر الثاني يُثَنّي تَثْنِيةً.

ويُقال للرَّجُل إذا نزل مِن دابّته : ثَنَى وَرِكه فنزَل.

ويُقال للرَّجُل الذي يُبدأ بذكره في مَسعاة أو مَحْمدة أو عِلم : فلان به تُثْنَى الخناصر ، أي تُحْنى في أول من يُعدّ ويذكر.

وقال الليث : الاثنان : اسمان قَرينان لا يُفْرَدان ، لا يُقال لأحدهما : اثنٌ ، كما أنّ «الثلاثة» أسماء مقترنة لا تُفرق.

ويقال في التأنيث : اثنتان ، ولا تُفْردان.

والألف في «اثنين» و «اثنتين» ألف وصل ، لا تظهر في اللفظ.

والأصل فيهما : ثَنَيٌ.

وربما قالوا للاثنين : الثّنتان ، كما قالوا : هي ابنة فلان ، وهي بنته ، والألف في «الابنة» ألف وصل أيضاً.

فإن جاءت هذه الألف مقطوعة في الشّعر فهو شاذ ؛ كما قال قَيس بن الخَطيم :

إذا جاوز الإِثْنين سِرٌّ فإنّه

بِنَثِّ وتَكْثِير الوُشاة قمينُ

وقال الليث : الثَّنْي : ضَمُّ واحدٍ إلى واحد. والثِّنْي ، الاسم.

ويقال ، ثِنْي الثوب : لما كُفّ من أَطْرافه.

وأَصل «الثَّني» : الكَفّ.

وقال ابن السِّكِّيت في قول زهير يَصف السانية :

تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْري في ثِنَايَتها

مِن المَحَالة قَبّاً زائِداً قَلقَا

١٠٣

قال : في ثنايتها ، أي في صلبها ؛ معناه : وعليها ثِنَايتها.

وقال أبو سعيد : الثّناية : عُود يُجمع به طرفا المِيلَيْن من فَوق المَحالة ، ومِن تَحتها أُخرى مثلها.

قال : والمحالة والبكرة تَدُور بين الثّنايَتيْن.

نثا : ابن السّكيت ، عن أبي عُبيدة : نَثَوت الحديث : ونَثَيْته.

وقال الليث : النَّثا ، مقصور : ما أَخبرت عن الرجل من صالح فِعْله أو سُوء فِعله.

يُقال : فلان حَسن النّثا ، وقَبيح النّثا.

قال : ولا يُشتق من «النّثا» فِعل.

قلت : الذي قال إنه لا يُشتق من «النثا» فِعل ، فإنه لم يَعْرفه.

وفي حديث أبي هالة في صفة مجلس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ولا تُنثَى فَلَتاتُه.

قال أبو عُبيد : معناه : لا يُتَحدَّث بتلك الفَلَتات.

يُقال منه : نَثَوْت أَنْثُو نَثْواً.

والاسم منه : النَّثَا.

وقال أحمد بن جَبَلة ، فيما أخبر عنه ابن هَاجَك : معناه : أنّه لم يكن لمجلسه فَلَتات فتُنْثَى.

قال : والفَلَتات : السَّقطات والزَّلّات.

(وقال ابن المُظفّر : الثَّناء ، ممدود : تَعمُّدك لِتُثْني على إنسان بحَسَن أو قَبيح.

وقد طار ثَناء فلانٍ ، أي ذَهب في الناس.

والفِعل : أَثْنى فلان على الله تعالى ، ثم على المخلوق ، يُثْنى إثْناءً ، أو ثَناء ، يُستعمل في القَبِيح من الذِّكر في المَخلوقين وضدّه.

ورَوى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ أنه قال : أَثْنى ، إذا قال خيراً أو شَرّاً.

قال : وأَنْثى (١) ؛ إذا اغْتاب) (٢).

قال : وأَنْثى الرجل ، إذا أَنِف من الشيء ، إنْثَاءً.

قال ابن الأَنباريّ : سمعتُ أبا العبّاس يقول : النَّثَا : يكون للخَير والشّر.

يُقال : هو يَنْثو عليه ذُنُوبَه. ويُكتب بالألف ؛ وأَنشد :

فاضِلٌ كامِلٌ جمِيلٌ نَثاه

أَرْيَحِيٌّ مُهَذَّبٌ مَنصُورُ

قال شمِر : يُقال : ما أَقبح نثاه في النَّاس! وما أَحْسَن نثاه!

وقال ذلك ابن الأعرابيّ.

ويُقال : هم يَتناثَوْن الأخبار ، أي يُشيعونها

__________________

(١) في المطبوع : «أنثى» ، والمثبت من «اللسان» «ثنا».

(٢) ما بين القوسين أورده في «اللسان» بمادة «ثنا».

١٠٤

ويَذْكرونها.

والنُّثوّة : الوقيعة في الناس.

ويُقال : القوم يَتَناثون أيّامهم الماضية ، أي يذكرونها.

وتناثى القومُ قَبائحهم : تَذاكرُوها ؛ وقال الفرزدق :

بما قد أرى لَيْلَى ولَيْلَى مُقِيمةٌ

به في جَمِيعٍ لا تُنَاثَى جَرائِرُهْ

وقال ابن الأعرابيّ : الناثي : المُغْتَاب.

وقد : نثَا ، يَنْثو.

اثن ـ وثن : قال الله جلّ وعزّ : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) [النساء : ١١٧].

قال الفَراء : يَقول العربُ : اللات والعزى وأشباهها من الآلهة ، مؤنّثة.

قال : وقرأ ابن عبّاس : (إن يدعون من دونه إلا أُثُناً) [النساء : ١١٧].

قال الفراء : هو جمع «الوَثن» ، فضم الواو وهمزها ، كما قال : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)) [المرسلات : ١١].

وقُرئت : (إن يدعون من دونه إلا أُنُثاً) [النساء : ١١٧].

قال الفراء : وهو جمع : إناث ، مثل : ثِمار.

وقال شَمر فيما قرأت بخطّه : أصل الأوثان عند العرب : كُلّ تمثال من خشب أو حجارة أو ذهب أو فضة أو نحاس ونحوها ، وكانت العرب تَنْصبها وتَعْبدها.

وكانت النصارى تَنصب الصَّلِيب ، وهو كالتمثال ، تعظمه وتعبده ، ولذلك سمّاه الأعشى وَثَناً ، فقال :

تَطُوف العُفاة بأَبْوابه

كطَوْفِ النَّصَارى ببَيْت الوَثَن

أراد ب «الوثن» : الصَّليب.

قال : وقال عَدِيّ بن حاتم : قدمتُ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفي عُنقي صَلِيب من ذَهب ، فقال لي : أَلْقِ هذا الوَثن عنك. أراد به الصَّليب ، كما سَمّاه الأعشى وَثَناً.

وأخبرني الإياديّ ، عن شَمِر ، عن ابن الأعرابيّ أنه قال : يُقال : عِيصٌ من سِدْر ، وأُثْنةٌ من طَلْح ، وسَلِيل من سَمُر.

ويقال للشيء الأصيل : أَثِين.

وقال اللّيث : الوَاثِن والواتن ، لغتانِ ، وهو الشيءُ المُقيم الرَّاكد في مكانه ؛ قال رُؤبة :

* على أخِلّاء الصَّفاء الوُتَّنِ*

قال اللَّيْثُ : يُروى بالثاء والتاء ، ومعناهما : الدَّوم على العَهْد.

وقد وَثن ووتن ، بمعنى واحد.

قلت : المعروف : وَتَن يَتِن وُتوناً ، بالتاء.

قال ابن الأعرابي واللِّحياني : والوَتين ، منه مأخوذ.

١٠٥

والمُواتنة : المُلازمة.

ولم أسمع «وثن» بهذا المعنى لغير اللَّيث ، ولا أدري أَحفِظه عن العرب أم لا؟

ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي أنه قال : الوَتنة ، بالتاء : المُخالفة. والوَتْنة : ملازمة الغَرِيم ، هاتان بالتاء.

قال : والوَثْنة ، بالثاء : الكَفْرة.

قال : والمَوثونة ، بالثاء : المرأة الذَّليلة.

قال : وامرأة موثونة ، بالثاء ، إذا كانت أديبة ، وإن لم تكن حَسْناء.

وأَخبرني المُنذريّ ، عن أبي العباس ، عن ابن الأعرابي ، قال : أرض مَضْبُوطة : مَمْطورة ؛ وقد ضُبِطت ووُثِنت ، بالثاء ، ونُصرت ، أي مُطِرت.

أنث : قال اللّيث : الأُنْثى : خلاف الذَّكر من كُلّ شيء.

والأُنْثيان : الخُصْيتَان.

والمُؤَنّث : ذَكَرٌ في خَلْق الأنْثى.

والإناث : جماعة الأُنْثى ؛ ويجيء في الشِّعْر : أَنَاثَى.

وإذا قلت للشيء تُؤنّثه فالنَّعت بالهاء ، مثل المرأة.

فإذا قلت يُؤنث ، فالنعت مثل الرجل بغير هاء ، كقولك : مؤنّثة ومؤنّث.

وقال غيره : يقال للرجل : أَنَّثت في أَمرك تَأنيثاً ، أي لِنْت له ولم تتشدّد.

وبعضهم يقول : تأنّث في أَمْره وتَخَنَّث.

وسيف أنِيث : وهو الذي ليس بقطّاع.

وقال صَخر الغيّ :

فيُخبره بأن العَقْل عندي

جُرازٌ لا أفلُّ ولا أَنِيثُ

أي لا أُعطيه إلّا السّيف القاطع ولا أُعطيه الدِّية.

أبو عُبيد ، عن الأَصْمعي : المذكَّر من السُّيوف شَفرته حديد ذَكر ومَتْنه (١) أَنيث : يقول الناس : إنّها من عَمل الجِنّ.

وقال اللّحياني : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) [النساء : ١١٧].

قيل في التَّفْسير : أراد مَواتاً مثل الحَجر والخَشب والشَّجر.

وقال الفراء : وإنما سمّوا «الأوثان» «إِناثاً» ، لقولهم : اللاتي والعُزّى ومَناة.

وأَشباهها.

وقال الحسن : كانوا يقولون للصّنم : أُنثى بني فلان.

ويقال : هذه امرأة أُنثى ، إذا مُدحت بأنها كاملة من النِّساء ؛ كما يقال : رجل ذَكَر ، إذا وُصف بالكَمال.

ومكان أنيث ، إذا أسرع نباتُه وكثُر ؛ قال

__________________

(١) في «اللسان» (أنث): «متناه».

١٠٦

امرؤ القيس :

بمَيْثٍ أَنيثٍ في رِيَاضٍ دَمِيثَةٍ

يُحيل سَوافِيها بماء فَضيض

وقال الأصمعي : الأُنثيان : الأذُنان ؛ وقال ذو الرمّة :

وكنّا إذا القَيْسيّ نَبّ عَتُودُه

ضَرَبْناه فوق الأُنثيين على الكَرْدِ

والأُنْثيَان ، من أحياء العرب : بَجِيلة وقُضاعة.

وقال الكُميت :

فيا عجباً للأُنْثيين تَهادَتا

أَذاتِيَ إبْراقَ البغايَا إلى الشَّرْب

ورُوي عن إبراهيم ، أنه قال : كانوا يكرهون المؤَنّث مِن الطيب ولا يَرَوْن بذُكورته بَأْساً.

قال شَمر : أراد بالمؤنّث : طِيبَ النِّساء.

مثل الخَلوق والزَّعفران وما يُلَوِّن الثِّيَابَ ؛ وأمّا ذُكورة الطِّيب فما لا لونَ له ، مثل : الغالية والكافور والمِسك والعود والعَنبر ، ونحوها من الأدهان التي لا تؤثِّر.

وقال ابن شُميل : أرض مِئْناث : سهلة خليقة بالنبات ليست بغَلِيظة.

شمر ، عن ابن الأعرابي : أرض أَنيثة ، أي سهلة.

وقال أبو عمرو : الأَنيث : الذي يُنْبت النَّبت.

قال : الأنيث من الرّجال : المخنَّث ، شبه المرأة.

وقال الكميت في الرجل الأَنيث :

وشَذَّيْت عنهم شَوك كُلِّ قَتَادَةٍ

بفارسَ يَخشاه الأنيثُ المُغَمَّزُ

قال ابن السِّكيت : يقال : هذا طائر وأنثاه ؛ ولا يقال : وأُنثاتُه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الأَنيث ، اللّين السَّهل.

وسُميت المرأة : أنثى ، لأنها أَلْين من الرّجُل.

قال : وسيف أنيث ، إذا لم يكن حديده جيداً ولم يقطع.

قال : والأنثى ، سميت أُنثى ، لِلينِها.

وأنشد أبو الهَيْثم :

كأن حَصَاناً فَصُّها التِّين حُرّةً

على حيث تَدْمَى بالفِناء حَصيرُها

يقول الشّماخ. قال : والحصان ، هاهنا : الدُّرة التي لم تُثقب ، شُبّهت بالحصان من النساء التي لم تُمَسّ. والشيء الذي يُستخرج من الدُّرة من البحر من صَدفتها يُدعى : التّين. والحَصير : موضع الحَصِير الذي يجلس عليه. شَبّه الجارية بالدُّرة.

ثأن : التَّثاؤن : الاحتيال والخَدِيعة.

يُقال : تثاءَن للصَّيْد تَثاؤُناً ، إذا خادعه وجاءه عن يَمينه مَرّة وعن شِماله مَرّة.

١٠٧

ويُقال : تثاءَنْتُ لأَصرفه عن رَأْيه ، أي خادعتُه واحتلت له ؛ وأَنشد :

تَثاءن لِي في الأَمْر من كُلّ جانِبٍ

لِيَصْرفَني عمّا أُريد كَنُودُ

[باب الثاء والفاء]

ث ف (وايء)

ثفا ، فثأ ، أثف ، يفث.

ثفا أثف : أبو عُبيد : المُثَفّاة : المَرأةُ التي يَمُوت لها الأزواج كثيراً.

وكذلك الرَّجُل المُثفَّى.

أبو العبّاس : عن ابن الأعرابيّ ، قال : المُثفَّاة من النّساء : التي دَفْنت ثلاثةَ أَزْواج.

وقال غيره : المُثفَّاة من النِّساء : التي لِزَوْجِها امرأتان سواها ، وهي ثالثتهما ؛ شُبِّهت بأَثافيّ القِدْر.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : من أمثالهم في رَمي الرَّجُل صاحِبَه بالمُعْضلات : رَماه بثالثة الأثَافِي.

قال أبو عُبيدة : وثالثة الأثافي : القِطْعة من الجَبل يُجعل إلى جنبها اثنتان فتكون القطعة مُتَّصلة بالجبل ؛ وقال خُفاف بن نُدْبة :

وإنّ قصِيدةً شَنْعاء منِّي

إذا حَضَرت كثالثة الأثافِي

وقال أبو سَعيد : في قولهم : «رَماه بثالثة الأثافي» معناه : أنه رَماه بالشّر كُلّه ، فجعله أثْفِية بعد أُثْفِية ، حتى إذا رماه بالثالثة لم يَتْرك منها غاية ؛ والدليل على ذلك قولُ عَلْقمة :

بل كُلّ قَوْمٍ وإن عَزُّوا وإن كَرُموا

عَرِيفُهم بأثافِي الشَّرّ مَرْجُومُ

ألا تراه قد جَمعها له.

قلت : والأثْفية ، عند العرب : حَجَر مثل رأس الإنسان.

وجمعها : أثافيّ ، بالتشديد ، ويجوز التخفيف.

وتُنصب القُدور عليها.

وما كان من حديد ذي قوائم ثلاث فإنه يُسمَّى : المِنْصَب ، ولا يُسمَّى : أُثفية.

ويقال : أَثْفيت القِدر وثَفَّيتها ، إذا وَضَعْتها على الأَثافيّ.

والأُثفية ، أفعولة ، من «ثَفيت» ، كما يقال : أدحية ، لمَبِيض النَّعام ، من «دحيْت».

وقال اللَّيْثُ : يقال : الأثفية ، فُعلوية ، من «أثَّفت».

قال : ومَن جعلها كذلك ، قال : أَثَّفت القِدْر ، فهي مُؤَثَّفة ؛ وقال النابغة :

لا تَقْذِفَنِّي برُكنٍ لا كِفَاء له

ولو تأَثَّفك الأَعْداء بالرِّفَدِ

وقوله : ولو تأثفك الأَعداءُ ، أي ترافدوا حولك مُتضافرين عليّ وأنت النار بينهم.

١٠٨

وقال النَّحويون : قِدْرُ مُثْفاة ، من : «أثفيت».

وقال حُطام المُجاشعيّ :

لم يَبْقَ من آيٍ بها يُحَلَّينْ

غيرَ خِطام ورَمَادٍ كِنْفَيْن

* وصَالِياتٍ ككما يُؤَثْفَيْن *

فلما اضطره بناء الشعر ردّه إلى الأَصل ، فقال : يؤثفين ، لأنك إذا قلت : أَفعل يُفْعل ، علمت أنه كان في الأَصل «يُؤفعل» ، فحذفت الهمزة لثقلها ، كما حذفوا ألف «رأيت» من «أرى» ، وكان في الأَصل «أرأى». وكذلك من : يرى ، وترى ، ونرأى ، إذ الأَصل فيها : يرأى ، وترأى ، ونرأى ، فإذا جاز طرح همزتها ، وهي أصلية ، كانت همزة «يؤفعل» أولى بجواز الطرح ؛ لأنها ليست من بناء الكلمة في الأَصل ؛ ومثله قوله :

* كُرَات غُلامٍ من كساءٍ مُؤَرْنَبِ*

ووجه الكلام : مُرنب ، فردّه إلى الأَصل ، وقالوا : رجل مُؤَنمل ، إذا كان غَلِيظ الأَنامل.

وإنما أجمعوا على حذف همزة «يؤفعل» استثقالا للهمزة ، لأنها كالتقيؤ ؛ لأن في ضمة الياء بيانا وفَضلاً بين غابر فِعْل «فَعَل» ، و «أفعل» فالياء من غابر «فَعَل» مفتوحة. وهي من غابر «أفعل» مضمومة ، فأَمِنوا اللَّبس. واستحسنوا ترك الهمز إلا في ضرورة شِعر أو كلام نادر.

قلت : وأما قول النابغة :

* ولو تأَثَّفك الأَعداء بالرِّفد*

فإنه عندي ليس من «الأثفية» في شيء ، وإنما هو من قولك : أثَفْت الرَّجُلَ آثِفُه أَثَفاً ، إذا تَبِعْتَه.

والآثِف : التابع.

حكى ذلك أبو عُبيد ، عن الكسائي ، في «باب النوادر».

وقال أبو زيد : تأَثَّفنا المكان تأَثَّفاً ، ألِفْناه فلم نَبْرحه.

ومعنى قوله : ولو تأَثفك الأَعداء ، أي اتبعوك وألحوا عليك ولم يزَالوا بك يُغْرونك.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : خامر الرّجُل بالمكان ، إذا لم يَبْرحه ، وكذلك : تأثّفه تأثُّفاً.

ورُوي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ماذا في الأمَرَّين من الشِّفا والثُّفاء».

قال أبو عُبيد : يقال : إن الثُّفَّاء ، هو الحُرْف.

وقال اللَّيْثُ : الثُّفاء : الخردل ، بلغة أهل الغَور.

الواحد : ثُفَّاءة.

قال : ويقال : هو الخَرْدل المُعالج بالصِّباغ.

١٠٩

والمدة فيه هَمزة أصليّة.

أبو عُبَيد ، عن الفَرّاء : ثَفَوتُه ، أي كنت معه على أَثره.

فثأ : أبو حاتم : من اللبن الفاثئ ، وهو الذي يُغْلَى حتى يَرْتفع له زُبْد ويَتَقطَّع من التغيُّر.

وقد فَثأَ يَفْثَأ فَثْئاً.

أبو زيد : فَثَأْت الماء فَثْئاً ، إذا ما سَخَّنته ، وكذلك كلّ ما سَخَّنته.

ويقال : فثأت عنِّي فلاناً فَثْئاً ، إذا كَسَرْته عنك بقَوْل وغَيره.

قلت : ويقال : فثأت القِدْر فَثْئاً ، وذلك إذا كَسرت غَلَيانها بماء بارد أَوْ قَدْحٍ بالمِقْدحة ؛ وقال الكُمَيت :

تَفُور علينا قِدْرهم فنُدِيمها

ونَفْثَؤها عَنَّا إذا حَمْيُها غَلَا

يفث : يافِث : هو اسم أحد بني نُوح ، عليه‌السلام.

وقيل : مِن نَسله التُّرك ، ويأجوج ، ومأجوج ، وهم إخْوة بني سام وحام ، فيما زَعم النسَّابون.

[باب الثاء والباء]

ث ب (وايء)

ثاب ، (ثبى) ، باث ، بثا ، وثب ، أبث.

ثوب ـ ثيب : قال الله عزوجل : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) [البقرة : ١٢٥].

قال أبو إسحاق : مثابة : يَثُوبون إليه.

قال : والمَثابة والمَثَاب ، واحد.

ونحو ذلك قال الفرّاء. وأنشد الشافعي بيت أبي طالب :

مَثاباً لأَفثاء القَبائل كلّها

تَخُبُّ إليه اليَعْمُلاتُ الذَّوامِلُ

قال أبو إسحاق : والأَصل في «مثابة» : مَثْوبة ، ولكن حركة الواو نُقلت إلى الثاء وتَبعت الواوُ الحركةَ فانقلبت ألفاً.

قال : وهذا إعلال بإتباع ، تبع «مثابة» باب «ثاب». وأصل «ثاب» ثَوَب. ولكن الواو قُلبت ألفاً لتحرِّكها وانفتاح ما قبلها ، لا اختلاف بين النحويين في ذلك.

قال ثعلب : «البيتُ مَثابةٌ».

وقال بعضهم : «مَثُوبة» ، ولم يُقرأ بها.

وبئر ذات ثَيِّب وغَيِّب ، إذا استُقي منها عاد مكانَه ماءٌ آخر.

و «ثَيِّب» كان في الأَصل «ثَيوب».

قال : ولا يكون الثَّؤُب أَول شيء حتى يعود مرةً بعد أُخرى.

وقال أبو عُبيد : المثاب : مقام الساقي فوق عُروش البئر.

وقال القُطاميّ يَصف البِئر :

وما لِمثابات العُروش بقيّة

إذا اسْتُلَّ من تحت العُروش الدَّعَائم

١١٠

وسمعت العَرب تقول : الكَلأ بموضع كذا وكذا مثل ثائب البَحر.

يَعْنون أنه غَضّ رَطْب كأنه ماء البحر إذا فاض بعد ما جَذَر.

وثاب ؛ أي عاد ورجع إلى موضعه الذي كان أَفضى إليه.

ويُقال : ثاب ماءُ البئر ، إذا عادت جُمَّتها.

وما أَسْرَع ثابتَها!

ورُوي عن عُمر أنه قال : لا أَعْرِفَنّ أحَداً انْتَقص من سُبُل النَّاس إلى مَثَابَاتِهم شَيْئاً.

قال شَمِرٌ : قال ابنُ شَميل : إلى مَثاباتهم ، أي إلى مَنازلهم ؛ الواحدة : مَثَابَة.

قال : والمَثابة : المَرْجِع.

والمَثابة : المجْتَمع.

وقال شَمِرٌ : قال ابن الأَعْرابيّ : المَثَابُ : طَيّ الحِجَارة يَثُوب بعضُها على بَعض مِن أَعْلاه إلى أَسْفَله.

وقال أبو نصر : المَثاب : الموضعُ الذي يَثُوب منه الماءُ.

ومنه : بئرٌ ما لها ثائِبٌ.

وقال اللَّيْثُ : الثَّيِّبُ مِن النِّساء : التي قد تَزَوَّجت وفارقت زَوْجَها بأي وجه كان بعد أن مَسَّها.

ولا يُوصف به الرَّجُلُ ، إلا أن يقال : وَلد الثَّيِّبَيْن ، وولد البِكرَين.

وجاء في الخَبْر : «الثّيِّبان يُرْجَمان ، والبِكْران يُجلَدان ويُغَرَّبان».

ويقال : ثُبِّبَت المرأة تَثْبِيباً ، إذا صارت ثَيِّباً.

وجمع «الثَّيِّب» من النِّساء : الثَّيِّبات ؛ قال الله تعالى : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) [التحريم : ٥].

ويقال : ثَوّب الدَّاعِي تَثْويباً ، إذا دَعا مَرَّة بعد أُخرى.

ومنه : تَثْويب المُؤذِّنُ ، إذا نادى بالأَذان الناس إلى الصلاة ثم نادى بعد التّأْذين ، فقال : الصلاة رَحمكم الله ، الصلاة ؛ يدعو إليها عَوْداً بعد بَدْء.

والتّثْويب في أَذان الفجر : أن يقول المؤذِّن بعد قوله : «حي على الصلاة حَيّ على الفَلاح» : الصَّلاة خيرٌ من النّوم.

يقولها مَرَّتين كما يُثَوِّب بين الأَذان : الصلاة رحمكم الله ، الصلاةَ.

وأصل هذا كُله من : تَثْويب الدّعاء مرة بعد أُخرى.

ونحوَ ذلك رَوى شَمِرٌ عن ابن الأَعْرابيّ.

وحُكي عن يُونس وغيره : قالوا : التَّثْويب : الصلاةُ بعد الفَريضة.

يقال : تَثَوَّبْت ، أي تَطَوَّعت بعد المَكْتُوبة.

ولا يكون التّثْويب إلا بعد المَكْتُوبة ، وهو العَوْد للصّلاة بعد الصّلاة.

وفي حَديث أُمّ سَلَمة أنّها قالت لعائشة حين أَرادت الخُروج إلى البَصْرة : إنّ عَمود الدِّين لا يُثَابُ بالنِّساء إن مالَ.

١١١

أي لا يُعاد إلى استوائه.

ويُقال ذهب مالُ فلان فاسْتَثاب مالاً ، أي استرجع مالاً ؛ قال الكمَيت :

إنّ العشيرة تَسْتَثيب بماله

فتُغِير وهو مُوَفِّر أموالَها

ويقال : ثاب فلان إلى الله ، وتاب ، بالثاء والتاء ، أي عاد ورَجع إلى طاعته.

وكذلك : أثاب ، بمعناه.

وَرَجُلٌ تَوَّابٌ أَوَّابُ ثَوَّابٌ مُنِيب ، بمعنًى واحد.

وقال أبو زيد : رَجُلٌ ثَوَّابٌ : للذي يَبِيع الثِّيَابِ.

ويقال : ثاب إلى العَلِيل جِسْمُه ، إذا حَسُنت حالُه بعد تَحَوُّله ورَجَعت إليه صِحَّتُه.

وقول الله جَلَّ وعَزَّ : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)) [المدثر : ٤].

قال ابْنُ عبَّاس : يقول : لا تَلْبس ثِيَابَك على مَعْصِيةٍ ولا على فُجورِ كُفْر ؛ واحتجَّ بقول الشاعر :

إني بِحمد الله لا ثَوْبَ غادِر

لَبِسْتُ ولا من خَزْيَةٍ أَتقَنَّعُ

وقال أبو العباس : الثِّياب : اللِّباس.

ويُقال : القَلْب.

وقال الفراء : في قوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)) أي لا تكن غادراً فتُدَنِّس ثِيابَك ، فإنّ الغادِر دَنِسُ الثِّيَاب.

قال : ويُقال في قوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)) يقول : عَملَك فأَصْلح.

وقال بعضهم : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)) أي قَصِّر ، فإن تَقْصِيرها طُهْرٌ.

وقيل : نَفْسَك فَطَهِّر : والعرب تَكني بالثِّياب عن النّفس ؛ وقال :

* فسُلِّي ثِيابي من ثِيابك تَنْسَل*

وفلانٌ دَنِس الثِّياب ، إذا كان خَبيث الفِعْل والمَذْهب خبيث العِرْض.

وقال امْرؤ القَيْس :

ثِيَابُ بني عَوْف طَهَارَى نَقِيَّة

وأَوْجُههم بِيضُ المَسافر غُرَّانُ

وقال الشَّمَّاخ :

رَمَوْهَا بأثْوَابٍ خفافٍ ولا تَرَى

لها شَبَهاً إلَّا النَّعامَ المُنَفَّرا

رَمَوها ، يعني : الرّكَاب بأَبْدانهم.

ومثله قولُ الرّاعي :

فقامَ إليها حَبْتَرٌ بسِلاحه

ولله ثَوْباً حَبْترٍ أيّما فَتَى

يُريد : ما اشتمل عليه ثوباً حَبْتر من بَدنه.

والثَّواب : الجَزاء.

قد أثابه الله ثَواباً ، وثَوَّبه تَثْويباً ، مِثله.

وقال الله تعالى : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)) [المطففين : ٣٦].

والاسم : الثّواب ، والمَثوبة ؛ وقال

١١٢

الله تعالى : (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٠٣].

وقال أبو زيد : قال التّميميّ : هي المَثْوَبة ، بفتح الواو.

وقد أثْوبه الله مَثْوبة حَسنة ، فأَظهر الواو على الأَصل.

وقال الكلابيّون : لا نَعْرف «المَثوَبة» ولكن «المَثابة» : وقيل : المَثوبة ، والثواب : ما جُوزي به الإنسان على فِعله من خَيْر أو شَرّ.

يقال : ثاب يثوب ، إذا رَجع.

والثواب : هو ما يرجع على المحْسن من إحسانه ، وعلى المُسيء من إساءته.

ومنه : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ) [البقرة : ١٢٥] أي معاذاً يَصْدُرون عنه ويثُوبون إليه.

وإن فلاناً لمَثَابة ، أي يأتيه الناس للرّغبة ويَرجعون إليه مرة بعد أخرى.

والثّيِّبِ ، سُمِّيت «ثَيِّباً» ؛ لأنها تُوطأ وَطْئاً بعد وَطْء.

وأما الثُّبَة ، فهي الجماعة من الناس ، وتُجمع : ثُبات ، وَثُبىً وثُبين.

وقد اختلف أهل اللّغة ، فقال بعضهم : هي مأخوذة من «ثاب» ، أي عاد ورَجع ، وكان أصلها «ثُوَبة» فلما ضُمّت الثاء حذفت الواو ؛ وتَصغيرها : ثُوَيْبة.

ومن هذا أُخذ : ثُبة الحَوض ، وهو وَسطه الذي يَثُوب إليه بَقِيَّة الماء.

وقال الله تعالى : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء : ٧١]. قال الفراء : معناه : فانفروا عُصَباً ، إذا دُعيتم إلى السَّرايا أو دعيتم لتنفروا جميعاً.

وأخبرني المنذري ، عن الحسين ، عن محمد بن سلام ، أنه سأل يونس عن قوله : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) [النساء : ٧١] فقال : ثُبَة وثُبات ، أي فرقة وفِرَق ؛ قال زُهير :

وقد أَغدوا عَلَى ثُبَةٍ كِرامٍ

نَشَاوَى وَاجِدِينَ لما نَشَاءُ

قلت : والثباتُ : جماعاتٌ في تَفْرِقة : وكلَّ فِرقة : ثُبَة.

فهذا من «ثاب».

وقيل : (فَانْفِرُوا ثُباتٍ) [النساء : ٧١] أي انْفروا في السّرايا فِرَقاً ؛ الواحد : ثُبَة.

وقد ثَبَّيْتُ الجيش ، إذا جَعَلته ثُبةً ثبةً.

وقال آخرون : الثُّبَة : من الأَسماء الناقصة ، وفي الأَصل : «ثُبَيَةٌ» فالساقط هو لام الفعل في هذا القول ، وأما في القول الأَول فالسَّاقط عَيْن الفِعْل.

ومَن جَعل الأَصل ثُبَيَة ، فهو من ثَبَّيْتَ على الرّجُل ، إذا أَثْنَيْتَ عليه في حياته ؛ وتأويلُه : جَمع محاسنه.

١١٣

وإنما «الثُّبة» : الجماعة.

وقال لَبيد :

يُثَبِّي ثناءً من كَرِيمٍ وقولُه

أَلا انْعمْ عَلَى حُسْنِ التَّحِيَّةِ وَاشْرَبِ

وقال شَمِرٌ : التَّثْبِيَة : إصلاح الشيء والزِّيادة عليه.

وقال الجَعديّ :

يُثَبُّونَ أَرْحاماً وما يَجْفلونها

وأَخْلَاقَ وُدِّ ذَهَّبَتْها المذاهِبُ

قال : يُثبُّونَ : يُعظِّمون ، يجعلونها ثُبَّةً.

يقال : ثبِّ مَعْروفك ، أي أَتِمَّه وزِدْ عليه.

وقال ابن الأَعْرابيّ : في التَّثْبية : لُزومك طريق أبيكَ ؛ وأنشد قول لَبِيد :

أُثَبِّي في البلادِ بذِكْر قيْسٍ

ووَدُّوا لو تَسُوخ بنا البِلادُ

وقال الأَصمعيُّ : التّثْبيَةُ : الدِّرايةُ على الشيء.

وقال غيرُه : أنا أَعْرِفه تَثْبِية ، أي أَعْرفه معرفة أُعجمها ولا أَسْتَيْقنها.

وقال أبو خَيْرَة : الثُّبة : ما اجْتَمع إليه الماءُ في الوادِي أو في الغائط ؛ وإنَّما سُمِّيَتْ «ثُبة» لأنَّ الماءَ يثُوبُ إليها.

وقال أبو خيْرَة : ثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُباً ، إذا امتلأَ ، أو كاد يمتلىء.

ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : يُقالُ لأَساسِ البيت : مَثابات.

قال : ويقال لتراب الأَساس : النَّثيل.

قال : وثابَ ، إذا انْتبه ؛ وآبَ ، إذا رجَع ؛ وتابَ ، إذا أَقْلَعَ.

وفي «النَّوَادِر» : أَثَبْتُ الثَّوْبَ إثابةً ، إذا كَفَفْتَ مَخَايِطَه ؛ ومَلَلتُه : خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفّ.

أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : «الثُّؤباء» ) من : التَّثاؤُب ؛ مثل : المُطَواء ، من «التَّمطِّي».

وقال اللَّيْثُ : الثُّؤَباء ، بالهمزة : اسمٌ اشْتُقَّ منه : التَّثَاؤُبُ ، بالهمز ، عندَ التَّمَطِّي والفَتْرَة ؛ وأنشد في صِفَةِ مُهْر :

* فافْتَرَّ عَنْ قَارِحِه تَثَاؤُبُه *

والتّثاؤُب : أَنْ يَأكلَ الإنسانُ شيئاً أو يَشْرَبَ شَيْئاً تَغْشاه له فتْرَةٌ كَثقْلة النُّعَاس من غير غَشْيٍ عليه.

يقال : ثُئِبَ فلانٌ.

وقال أبو زَيدٍ : تَثَأَّبَ يَتَثَأَّبُ تَثَؤُّباً ، من : «الثُّؤَباء» في كتاب الهمز.

أبو عُبيد : الأَثأَب ، واحدَتُها : أَثأَبَة : شَجَرة.

وقال اللَّيْثُ : هي شجرةٌ تَنْبتُ في أَوْدِية البادية ، شَبيهةٌ بشَجَرة تُسَمِّيها العجَمُ :

__________________

(١) أورد هذا في «اللسان» بمادة (ثأب).

١١٤

النَّشْك ؛ وأنشد :

* في سَلَم أو أَثْأَبٍ وغَرْقَد*

وقال اللَّيْثُ : وجمع الثَّوْب : أَثْوَاب ، وثِيَاب ، وثلاثة أَثْوُب ، بغير همز.

وأمّا : الأَسْؤُق والأدْؤُر ، فمهموزان ؛ لأن «أدْؤُر» على «دار» ؛ وكذلك «أَسْؤُقٍ» على «ساق». و «الأَثْوُب» حُمل الصَّرف فيها على الواو التي في «الثَّوب» نفسها ، والواو تحتمل الصَّرف من غير انْهِماز.

قال : ولو طُرح الهَمز من «أدؤر» و «أسؤق» لجاز على أن تُرَد تلك الأَلف إلى أصلها ، وكان أصلها الواو ، كما قالوا في جماعة «النّاب» من الإنسان : أَنْيُب ؛ همزوا لأن ؛ أصل الأَلف في «الناب» ياء.

وتَصْغير : ناب : نُيَيْب ؛ ويُجمع : أَنْيَاباً.

ابن السِّكِّيت : يقال : تَثَاءَبْت ، ولا يقال : تَثَاوَبْت.

وثب : قال اللَّيْثُ : يُقال : وَثَب وَثْباً ، ووَثَبَاناً ، ووُثُوباً ، ووِثَاباً ، ووَثِيباً.

ووَثَب وَثْبَة واحدة.

وفي لُغة حمير : ثِبْ ، معناه : اقْعُد.

والوِثَاب : الفِرَاش ، بلُغتهم.

ويُقالُ : وَثّبْتُه وِثَاباً ، أي فَرَشْت له فِرَاشاً.

والمُوثَبَانُ ، بلغتهم : المَلِك الذي لَا يَغْزُو.

وقَدم عامُر بن الطُّفيل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَوثَّب له وِسَادَةً ، أي أَقْعَده عليها وأَلْقاها له.

والمِيثب : الأَرْض السَّهْلة ؛ ومنه قولُ الشاعر يَصف نَعامة :

قَرِيرةُ عَيْن حين فَضَّت بخَطْمها

خَرَاشيَّ قَيْضٍ بين قَوْزٍ ومِيثَبِ

ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : ويُقال : المِيثَب : الجالِسُ ؛ والمِيَثب : الجَدْوَل.

وفي «نوادر الأَعْراب» : المِيثَب : ما ارتفع من الأَرْض.

بوث : يقال : باثَ التُّرابَ يَبُوثُه بَوْثاً ، إذا فَرَّقه.

ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : يقال : تركتُهم حاثِ باثِ ، إذا تَفَرَّقُوا.

أبو عُبيد ، عن أبي الجرّاح : الاسْتِبَاثة : اسْتخراج النَّبِيثة من البِئْر ؛ وأَنْشد للهُذليّ :

لَحَقُّ بَنِي شِعَارَةَ أنْ يَقُولُوا

لِصَخْر الغَيِّ ماذا تَسْتَبِيثُ

وقال غيرُه : باث ، وأَباث ، واسْتَباث ، ونَبَث ، بمعنًى واحد.

وقال ابن الأَعْرابيّ : بَاث مَتَاعَه يَبُوثُه بَوْثاً ، إذا بَدَّدَ متَاعَه ومالَه.

بثا : قال ابن الأَعْرابيّ : والبَثِيّ : الكَثِير الحَشَم.

١١٥

والبَثِيّ : الكَثِير المَدْح للنَّاسِ.

وروى أبو العبّاس ، عن سَلَمة ، عن الفراء ، قال : بَثَا : إذا عَرِق ، الباء قبل الثاء.

قلت : ورأيت في دِيار بني سَعْد بالسِّتَارَيْن عَيْن ماءٍ تَسْقِي نخلاً رَيْناً يُقال له : بَثَاء ، فتوهّمت أنه سُمِّي بهذا الاسم ، لأنه قَلِيل رَشْح ، فكأنه عَرَق يَسِيل.

قال أبو بكر : البَثَاء : أرْضٌ سَهلة ؛ واحدتها : بَثَاءة ؛ وأَنْشد :

لِمَيْثٍ بَثَاءٍ تَبَطَّنْثُه

دَمِيثٍ به الرِّمْثُ والْحَيْهَلُ

قال : والحَيهل ، جَمْع : حَيْهلة ، وهو نَبْت.

قلت : أُرى بَثَاء الماء الذي في دِيار بني سَعْد أُخذ من هذا ، وهو عينٌ تَسْقي نخلاً رَيْناً في بلد سَهل طيِّبٍ غَذَاةٍ.

قال شَمِرٌ : البِثَى ، بكسر الباء : الرّماد ؛ واحدتها : بِثَة ، مثل : عِزَة وعِزًى.

وقال الطِّرمّاح :

خَلَا أنّ كُلْفاً بتَخْريجها

سَفاسِقَ حَوْلَ بِثًى جانِحَهْ

أراد بالكُلْف : الأَثافي المسوّدة ، وتَخْريجها ، اختلافُ ألوانها. وقوله : «حَول بثًى» أراد : حول رَمَاد.

ورَوى سَلمة ، عن الفراء ، أنه قال : هو الرَّمْدد.

و «البِثَى» يكتب بالياء. والصِّنَى ، والصِّنَاء ، والضِّبح ، والأُسّ : بقيّته وأثَرُه.

أبث : أبو العبّاس : عن ابن الأَعْرابيّ : الأبْث : الفَقْر.

وقد أبَثَ يأبِثَ أَبْثاً.

[باب الثاء والميم]

ث م (وايء)

أثم ، ثمأ ، ميث ، وثم ، ثوم ، ثمة.

أثم : قال اللَّيْثُ : يقال : أَثِم فلانٌ يأثَم إثْماً ، أي وَقَع في الإِثم.

وتأثَّم ، أي تَحرَّج من الإِثم وكَفّ عنه.

وأَخبرني المُنْذِريّ ، عن ابن فَهم ، عن محمد بن سلام ، أنه سأل يُونس عن قوله جَلّ وعَزّ : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) [الفرقان : ٦٨] فقال : عقوبة ؛ وأَنشد قول بِشْر :

وكان مُقامنا نَدْعُو عليهم

بأَبْطَح ذي المَجاز له أثامُ

قال أبو إسحاق : تأويل «الأَثامُ» : المُجازَاة.

قال : وقال أبو عمرو الشَّيباني : يُقالُ : لَقِي فلانٌ أَثام ذلك ، أي جَزاء ذلك.

قال : فالخليل وسيبويه يَذهبان إلى أن معناه : يلْق جَزاء الأَثام.

١١٦

وقال الفَراء : أَثمَه الله يَأْثِمه إثماً وأثاماً ، أي جازاه جَزَاء الإثم.

والعبد مَأثوم ، أي مَجْزِيّ جَزاء إِثمه.

وأنشد الفراء :

وهل يَأْثِمني الله في أن ذَكَرْتُها

وعَلَّلْتُ أَصْحابِي بها لَيْلَةَ النَّفْرِ

معناه : هل يَجْزيني الله جزاء الإثم بأن ذكرتُ هذه المرأة في غِنائي.

وقول الشاعر :

جَزى الله ابْنَ عُرْوة حَيث أَمْسَى

عُقُوقاً والعُقُوق له أَثَامُ

أي عُقوبةَ مُجازاةِ العُقُوق ، وهي قَطيعَة الرَّحِم.

وقال اللَّيْثُ : الأَثام في جُملة التَّفْسير : عُقوبة الإثْم.

وقال الفَراء في قول الله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤)) [الدخان : ٤٣ و٤٤] : الأَثِيم : الفاجِر.

قلتُ : الأَثيم في هذه الآية بمعنى : الآثم.

قال أبو بكر : الإثم : من أسماء الخمر ، واحْتَجّ بقول الشاعر :

شَرِبْتُ الإثْم حتّى ضَلّ عَقْلِي

كذاك الإثْمُ تَذْهب بالعُقُولِ

قال : وأَنشدنا رَجُلٌ في مَجلس أبي العبّاس :

نَشْرب الإثْمَ بالصُّوَاعِ جِهاراً

وتَرى المُتْك بَيْننا مُسْتَعَارَا

المُتْك : الأُتْرُجّ ، أي نتعاوره بأَيدينا نَشمّه.

قال : والصُّواع : الطِّرْجِهَالة.

ويقال : هو المَكُّوك الفارسيّ الذي يَلْتقي طَرَفاه.

ويقال : هو إناءٌ كان يشرب فيه الملك.

قال أبو بكر : وليس «الإثم» في أسماء الخمر بمعروف ، ولم يَصحّ فيه بيتٌ صَحيح.

ثمة : قال أبو الهَيثم : تقول العربُ في التَّشْبيه. هو أَبُوه على طَرف الثُّمَّة ، إذا كان يُشْبِهه.

وبعضُهم يقول «الثَّمَّة» مفتوحةً.

قال : والثُّمة ، والثَّمَّة : الثُّمَامُ إذ نُزع فجُعل تحت الأَساقِي.

يقال : ثممْت السِّقاء أَثمّه ، إذا جَعَلْت تحته الثّمّة.

وثم : أبو عُبَيد ، عن الفراء : الوَثْم : الضَّرْب ، وأنشد قولَ طَرفة :

فَسَقى بِلادَكَ غَيْر مُفْسِدها

صَوْبُ الرَّبِيع ودِيمَةٌ تَثِمُ

أي تُؤَثِّر في الأَرض.

وقال ابن السِّكِّيت : قال المُزَنيّ : وَجَدْت كَلأً كَثِيفاً وَثِيمةً.

١١٧

قال : الوَثيمة : جماعة من الحَشِيش أو الطَّعَام.

يقال : ثِمْ لها ، أي اجمع لها.

وقال اللَّيْثُ : الوَثِيم : المُكْتَنِزِ لَحْماً ؛ والفِعْل : وَثُم يَوْثُم وَثامَةً.

ويُقال : وَثَمَ الفَرَسُ الحِجارَة بحافره يَثِمُها وَثْماً ، إذا كَسَرها.

قال. والمُوَاثمة في العَدْو : المُضابرة ، كأنه يَرْمي بِنَفْسه ؛ وأَنشد :

* وفي الدَّهَاس مِضْبَرٌ مُوَاثِمُ *

ثوم : سَلمة ، عن الفراء : الفُوم والثُّوم : الحِنْطَة.

ثمأ : قال اللَّيْثُ : الثَّمء : طَرْحُك الكَمْأة في السَّمْن ونحو ذلك.

يقال : ثَمَأت الكَمْأة أَثْمَؤُها ثَمْئاً.

وقال أبو زيد : ثَمَأت رَأس الرَّجل بالحجر والعَصا ، فأنا أَثْمؤه ثَمْئاً ، إذا ما شَدَخْته.

ويقال : ثَمأْت الخبز ثَمْئاً ، إذا ما ثَرَدْته.

أبو عُبَيد ، عن الكسائي : ثمأت القوم ، إذا ما أَطعَمْتهم الدَّسَم.

ماث : قال اللَّيْثُ : ماثَ يَميث مَيثاً ، إذا أذاب الملح في الماء حتى امّاث امِّيَاثاً.

قال : والمَيثاء : الرّملة اللّيّنة ؛ وجمعها : مِيثٌ.

وقال أبو عُبيد : المَيثاء ؛ الأَرض اللّيّنة مِن غير رَمل ؛ وكذلك الدّمِثة.

وقال غيرُه : كل شيء مَرَسْته في الماء فذَاب فيه من زَعفران وتمر وزَبيب وأَقِط ، فقد مِثْنه ، ومَيَّثنه.

وأَماث الرجُل لنَفسه أَقِطاً ، إذا مَرَسه في الماء وشربه ؛ وقال رُؤبة :

فقُلْت إذا أَعْيا امْتياثاً مائِثُ

وطاحت الأَلْبان والعبَائثُ

يقول : لو أَعياه المَريس من التَّمر والأَقط فلم يَجِد شَيْئاً يَمْتاثه ويشرب ماءه فَيَتبلّغ به لقلّة الشيء وعَوَز المأكول.

وقال ابن السِّكيت : ماث الشيءَ يَمُوثه ، ويَمِيثه ، لغة ، إذا دافَه.

عَمرو ، عن أبيه : يقال لِقرْقىء البَيض : المُسْتميث.

١١٨

باب اللفيف من حرف الثاء

ثأى ، وثأ ، أثأ ، أثث ، ثأثأ ، ثوى.

ثأى : أبو عُبيد : أَثأَيْت الخَرزَ ، إذا خَرَمْتَه.

وقال أبو زيد : أَثأَيتُ الخَرز إثْئَاءً : خَرَمْتُه.

وقد ثِئَىَ الخَرز يثأًى ثأَى شَديداً.

قال : وأَثأَيْت في القوم إثْئَاءً ، إذا جَرَحْت فيهم.

وهو الثأَى.

وقال اللَّيْثُ : إذا وَقْع بين القومِ جِرَاحات قِيل : قد عَظُم الثأَى بَيْنهم.

قال : ويَجوز للشاعر أن يَقْلب مَدّ «الثأَى» حتى تَصير الهمزة بعد الأَلف ، كقوله :

* إذا ما كانَ ثاءَ في مَعَدٍّ*

قال : ومثلُه : رأه وَراءه ، بوزن : رعاه وراعه ؛ ونأى وناء ؛ ومثلُه :

* نِعم أخُو الهَيْجاء في اليَوْمِ اليَمِي*

أراد أن يقول : اليَومِ ، فَقَلَب.

قال : والثأوَة : بقيةُ قليلٍ من كثير.

قال : والثَّأْوة : المَهْزولة من الغَنم.

ابن الأَنباري : الثأَى : الأَمرُ العَظيم يَقَع بين القوم.

قال : وأصله من : أَثأَيْت الخَرز ؛ وأَنشد :

* ورَأْب الثأَى والصَّبْر عند المَوَاطِن*

ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الثّأية : أن يَجمع بين رُؤوس ثلاث شَجرات ، أو شجرتين ، ثم يُلْقي عليها ثوب فيُسْتَظلّ به.

وقال أبو زيد : الثاية ، غير مهموز : مَأْوى الغنم.

حكاه أبو عُبيد عنه ؛ قال : والثَّوِيَّة ، مثلها.

قالَ : والثَّاية أيضاً : حجارة ترفع فتكون عَلماً للراعي إذا رَجَع إلى الغَنم.

وقال اللّحياني : رأيتُ بها أُثْئِيّة من الناس ، بوزن «أفعولة» ، أي جَماعة.

وأنشد غيره في الثّأوة ، وهي الشاة المَهزولة.

تُغَذْرِمُها في ثَأْوَةٍ من شِيَاهِه

فلا بُوركَتْ تلك الشِّياه القَلَائِلُ

الهاء في قوله «تُغذرمها» لليمين التي كان أقسم بها ، ومعنى «تُغذرمها» أي حَلف بها مجازفاً غير مُسْتَثْبت فيها. والغُذَارِم : ما أَخَذْت من المال جِزَافاً.

وثأ : قال أبو زيد : وَثَأْتُ يَدَا الرّجُل وَثْئاً.

وهي يَدٌ مَوْثُوءَةٌ.

قلت : الوَثْء : شِبْه الفَسْخ في المَفْصِل ،

١١٩

ويكون في اللّحم كالكَسْر في العَظْم.

وأخبرني المُنذرِيّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : من دُعائهم : اللهم ثَأْ يَدَه.

قال : والوَثْء : كَسْر اللَّحم لا كَسْر العَظْم.

وقال اللَّيْثُ : إذا أَصاب العَظْم وَصْمٌ لا يَبلُغ الكَسْر ، قيل : أَصابه وَثْءٌ ووَثأَةٌ.

أثا : الحرّانيُّ ، عن ابن السِّكيت : أَثوْت بفُلانٍ ، وأَثَيتُ ، إثَاوةً وإثايةً ، إذا وَشَيْت به إلى السُّلطان.

شَمِرٌ ، عن أبي عَدْنان ، عن أبي زيد ، يقال : أثَيته بسَهْمٍ ، أي رَمَيْتُه ، وهو حرف غَرِيب.

أثث : قال الله عزوجل : (أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً) [مريم : ٧٤].

قال الفَرّاء : الأَثاث : المتَاع. وكذلك قال أبو زَيد. قال : واحدتها : أَثاثة.

قال : والأَثاث : المال أَجْمع ، الإبل والغَنَم والعَبِيد والمتَاع.

وقال الفَراء : الأَثاث ، لا واحد لها ، كما أن «المتاع» لا واحدَ له.

قال : ولو جَمعت «الأَثاث» لقُلت : ثلاثة أثةٍ ، وأثُث كثيرة.

وقال اللَّيْثُ : يُقال : أثّ الثبات يَئِثّ أَثاثة ، فهو أَثِيث.

ويُوصف به الشّعَر الكَثِير ، والنَّبَات المُلْتَفّ ؛ وقال :

* أثيث كقِنْو النَّخلة المُتَعَثْكِل*

وقال : الأَثاث : أنواع المَتاع ، من مَتاع البَيت ونحوه.

ثأثأ : قال اللَّيْثُ : ثَأْثأَتُ الإبلَ ، أي سَقَيْتُها حتى يَذْهب عَطَشُها ولم أُرْوِها.

أبو عُبيد ، عن الأُمويّ : ثَأْثَأت الإبلَ : رَوَيْتها ، وأَنْشد المُفَضّل :

إنّك لن تُثَأْثِىء النِّهَالا

بمثْلِ أن تُدارِكَ السِّجَالا

ويُقال : ثَأْثِىء عنِّي الرَّجُلَ ، أي احْبِسه.

والثَّأْثأة : الحَبْس.

وقال أبو زيد : تَثَأْثَأْتُ تَثَأثُؤاً ، إذا أرَدْتَ سَفَراً ثم بَدا لك المُقَامُ.

ثوى : قال اللَّيْثُ : الثَّوَاء : طُول المُقام.

والفِعل : ثَوَى يَثْوِي ثَوَاءً.

ويقال لِلمَقْتُول : قد ثَوَى.

والغَريبُ إذا أقام ببلدة ، فهو ثاوٍ.

والمَثْوَى : الموضع الذي يقامُ به ؛ وجَمعه : المَثَاوِي.

ويُقال : أَنْزلني فلانٌ ، وأَثْواني ثَوَاءً حَسَناً.

ورَبُّ البَيْت : أبُو مَثْواه.

وربة البَيت : أبُو مَثْواه.

قال : والثَّوِيّ : بَيْتٌ في جَوْف بَيْت.

وقال آخر : الثَّوِيّ : البيتُ المُهَيّأ للضَّيْف.

١٢٠