تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

ومنه : لِفافة الرَّجُل.

وقيل في قوله جلّ وعزّ : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)) [القيامة : ٢٩] : إنّه لَفُ ساقَي الميت في كَفنه.

وقيل : إنه اتصال شدّة الدُّنيا بشدّة الآخرة.

والميت يُلَفّ في كفنه لفّاً ، إذا أُدْرج فيه إدراجاً.

واللَّفيفة : لحم المَتْن الذي تحته العَقب من البعير.

فل : الليث : الفَلّ : المُنْهزمُون.

والجميع : الفُلَّال.

قال : والتَّفليل : تفلُّل في حدّ السّيف ، أو في غُروب الأَسنان ونحو ذلك.

وفي سَيفه فُلول ؛ وقال النابغة يصف السُّيوف :

* بهن فُلولٌ من قِرَاع الكتائِبِ*

وقوم فُلُول : مُنْهزمون.

قال : والاسْتفلال : أن يُصيب من الموضع العَسِر شيئاً قليلاً من موضع طَلب حَقّ أو صِلَة ، فلا يَسْتَفِلّ إلا شيئاً يسيراً.

ابن السِّكيت : الفَلّ : الثّلْم في السّيف.

وجمعه : فُلُول.

والفَلّ : القوم المُنْهزمون ، وأَصله من الكَسر ، وانفلّ سِنُّه ؛ وأَنشد :

* عُجَيِّز عارضُها مُنْفَلُ *

قال : والفِلُ : الأرْضُ التي لم يُصِبْها مَطَرٌ.

وجمعه : أَفْلال.

وقد أَفْلَلنا ، إذا وَطئنا أرضاً فِلًّا ؛ وقال ابن رَواحة :

شَهِدْتُ ولَم أكذْب بأنّ محمداً

رسولُ الذي فوق السَّموات من عَلُ

وأنّ التي بالجِزْع من بَطن نَخْلة

ومَن دانهَا فِلٌ من الخَيرَ مَعْزِلُ

وقال الراجز :

حَرَّقها حَمْضُ بِلادٍ فِلِ

وغَتْم نَجْمٍ غيرُ مُسْتَقِلّ

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أرضٌ فِلٌ : لا شيءَ بها.

والفَلاة ، منه.

شَمر ، عن ابن شُميل : الفَلَاليّ ، واحدتها : فَلِيّةٌ : الأرض التي لم يُصبها مطرٌ عامَها حتى يُصيبها المطرُ من العام المُقبل.

ويُقال : أرض أَفْلال ؛ وقال الراجز :

* مَرْت الصَّحارِي ذو سُهُوبٍ أَفْلَالْ *

الفراء : أَفَلّ الرَّجلُ : صار في أرض فِلّ لم يُصِبْه مطرٌ ؛ وقال الشاعر :

أَفَلّ وأَقْوى فهو طاوٍ كأنما

يجاوب أعلى صَوْته صوتُ مِعْوَلِ

عمرو ، عن أبيه : الفُلّى ، والفُرّى : الكتيبة

٢٤١

المُنْهزمة.

وسيفٌ أفلّ : ذو فُلُول.

وقَفر مُفَلّل ، أي مُؤَشَّر.

أبو عُبيد ، عن عمرو : الفَلِيلة : الشَّعَر المُجتمع ؛ قال الكُميت :

ومُطَّردِ الدِّماء وحيث يُلْقَى

من الشَّعَر المُضَفّر كالفَلِيل

قال : وأفَلّ الرجل : ذَهب ماله ، مأخوذ من «أرض فِلّ».

النضر : جاء فلان يَتَفَلْفَل ، أي يقارب بين خَطوه.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، جاء مُتَفلفلاً ، أي جاء يَشُوص فاه بالسِّواك.

وثوبٌ مُفَلْفَل ، إذا كانت داراتُ وَشْيه تحكي استدارة الفُلْفل وصِغَره.

وفَلْفل ، إذا اسْتاك.

وفَلفل ، إذا تبختر.

وخَمْر مُفَلْفل : أُلقي فيه الفُلْفل ، فهو يَحْذي اللِّسان.

والفُلْفل : الخادم الكَيِّس.

وشَعر مُفَلْفل ، إذا اشتدت جُعودتُه.

[باب اللام والباء]

ل ب

لب ، بل.

لب : سمعتُ المُنذريّ يقول : عُرض على أبي العبّاس ما سمعتُ من أبي طالب في قولهم : لَبَّيْك.

قال : قال الفَرء : معناه : إجابةً لك بعد إجابة ، ونَصْبه على المَصْدر.

وقال الأحمر : هو مأخوذ من : لبَ بالمكان ، وألَبَ به ، إذا أقام ، وأنشد :

* لَبّ بأَرْض ما تَخَطَّاها الغَتَمْ*

قال : ومنه قول طُفيل :

رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيِّ ورَهْطِه

وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروج وتَحْلُبُ

قال : كان أصل لَبّ بك : لَبَّب بك ، فاستثقلوا ثلاث باآت ، فقلبوا إحداهن ياء ، كما قالوا : تَظنَّيْت ، من الظنّ.

أبو عُبيد ، عن الخليل : أصله من أَلْبَبْت بالمكان ، فإذا دعا الرجُل صاحِبَه ، أجابه : لَبَّيك ، أي أنا مُقيم عندك ، ثم وَكّد ذلك بلبَّيك ، أي إقامةً بعد إقامة.

وحُكي عن الخليل أنه مأخوذ من قولهم : أمُ لَبَّةٌ ، أي مُقيمة عاطفة.

فإن كان كذلك فمعناه : إقبالاً إليك ، ومحبة لك ؛ وأَنْشَد :

وكنتم كأُمٍ لَبَّةٍ ظَعن ابنُها

إليها فما دَرَّت عليه بسَاعِدِ

قال : ويُقال : إنه مأخوذ من قولهم : دَارِي تَلُبّ دارَك ، فيكون معناه : اتّجاهي إليك وإقبالي على أمرك.

٢٤٢

المُنذري ، عن أبي العبّاس : لَبَّيك ، من : لَبّ بالمكان ، وأَلبّ به ، أي أقام.

قال : وقال ابن الأَعرابي : اللَّبّ : الطاعة ، وأصله من الإقامة.

وقولهم : لَبَّيك ، اللَّب : واحد ، فإذا ثَنَّيت قلت في الرَّفع : لَبّان ، وفي النّصْب والخَفض : لَبَّيْن. وكان في الأصل لَبَّينِك ، أي أطعتك مَرَّتين ، ثم حُذفت النُّون للإضافة ، أي أطيعك طاعتين مُقيماً عندك إقامة بعد إقامة.

الليث : لُبّ كل شيء من الثّمار : داخله الذي يُطرح خارجه ، نحو : لُبّ الجَوز واللّوز.

ولُب الرجل : ما جُعل في قلبه من العَقل.

قال : ولُباب القمح ، ولُباب الفُسْتق.

ولُباب الإبل : خيارُها.

ولُباب الحَسَب : مَحْضُه.

واللُّباب : الخالص من كُل شيء ؛ وقال ذو الرُّمّةَ يصف فَحْلاً مِئْنَاثاً :

سِبَحْلاً أبَا شِرْخَيْن أَحْيَا بَناتِه

مَقاليتُها فهي اللُّبابُ الحَبائسُ

وقال أبو الحسن في الفالوذج : لُبابُ القَمْح بلُباب النَّحْل.

الليث : اللَّبَابة ، مَصدر اللَّبِيب ، وقد لَبُبْتُ.

ورجُلٌ مَلْبوبٌ ، إذا وُصف باللَّبابة ؛ وقال حَسّان :

وجاريةٍ مَلْبُوبة ومُنَجَّسٍ

وطارقةٍ في طَرْقِها لم تُشَدِّدِ

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ الله مَنع مِنّي بَني مُدْلج لصلتهم الرَّحِم وطَعْنهم في أَلباب الإبل.

ورُوي : في لَبّات الإبل.

قال أبو عُبيد : من رواه في أَلْباب الإبل فله مَعْنيان : أحدهما : أن يكون أراد : جَمْع اللُّب ، ولُبّ كل شيء : خالصه ، كأنه أراد : خالص إبلهم وكرائمها.

والمعنى الثاني : أنه أراد جمع اللّبَب وهو مواضع المَنْحر من كُلّ شيء.

ونَرى أن لَبَب الفرس سُمِّي به ، ولهذا قيل : لَبَّبْت فلاناً ، إذا جمعت ثيابَه عند صَدره ونَحره ثم جَرَرْته.

وإن كان المحفوظ اللّبّات فهي جمع اللّبّة ، وهي موضع النَّحر.

قال : واللّبَب من الرَّمل : ما كان قريباً من حَبْل الرّمْل.

وفي الحديث أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى في ثوب واحد مُتَلَبِّباً به ، أي تحزّم بثوبه عند صَدْره.

وكُل من جَمع ثوبه متحزّماً ، فقد تلبَّب به ؛ وقال أبو ذؤيب :

٢٤٣

وتَمِيمةٍ من قانص مُتلبِّب

في كَفّه جَشْءٌ أَجَشٌّ وأَقْطَعُ

ومن هذا قيل للذي لَبِس السِّلاح وتَشَمَّر للقتال : مُتَلَبِّب ؛ ومنه قول المُنَتَخِّل :

واسْتلأمُوا وتلبَّبُوا

إنّ التلبُّب للمُغِيرْ

ويُقال : أخذ فلانٌ بِتَلْبيب فلانٍ ، إِذا جَمع عليه ثوبَه الذي هو لابسُه عند صَدْره وقَبض عليه يَجُرّه.

الليث : الصَّريخُ إِذا أَنذر القومَ واستصرخَ : لبَّب ، وذلك أن يَجعل كنانَته وقوسَه في عُنقه ثم يَقْبض على تَلْبِيب نَفْسه ؛ وأَنْشد :

* إنّا إِذا الدَّاعي اعْتَزى ولَبَّبَا*

ويقال : تَلْبيبه : تردُّده.

أبو عُبيد : اللّبْلَبة : الشَّفقة على الإنسان ؛ وقال الكُميت :

ومنَّا إذا حَزَبَتْك الأُمور

عليك المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ

اللّيث : اللّبْلبة : فعل الشاة بولدها إذا لَحَسَتْه بشَفَتَيْها.

واللَّبْلاب : بَقْلة معروفة يُتداوى بها.

قال : ويُقال : فلانُ في بالٍ رَخِيّ ولَبَبٍ ، أي في سَعة وخِصْب وأَمْن.

وحكى يُونس : تقول العرب للرَّجُل تَعطف عليه : لَبَابِ لَبَاب ، مثل حَذَامِ ، وقَطام.

ويُقال للماء الكثير يَحمل منه المِفْتَح ما يَسَعه فَيضيق صُنْبوره عنه من كثرته فَيَستدير الماء عند فمه ويصير كأنه بُلْبُل آنِيةٍ : لَوْلَب.

قلت : لا أدري أعربي أم معرَّب ، غير أن أهل العِراق أُولعوا باستعماله.

عمرو ، عن أبيه : اللَّبْلَبة : التَّفرُّق.

بل : أبو عُبيد ، عن الكسائي : بَللْتُ من مرضي ، وأَبللت : بَرَأْت.

وبَلِلْت بفلانٍ بَلَلاً ، إذا مُنيت به وعلِقْته ؛ عنهما.

وبلْلتُ به ، أي ظَفرت به. قاله شَمِر وابن الأعرابيّ.

الأصمعيّ : بَلِلْت أَبَلّ : ظَفِرت به.

ويقال : بَلّك الله بابْنٍ ، أي رَزقَك الله ابْناً.

عمرو ، عن أبيه : بَلّ يَبِلّ ، ويَبَلّ ، إذا لزم إنساناً ودام على صُحْبته ؛ ومنه قولُ ابن أحمر :

فَبَلِّي إن بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍ

من الفِتْيَان لا يَمْشي بَطِيئاً

شَمر : من أمثالهم : ما بلِلْتُ من فلانٍ بأَفْوقَ ناصِل ، أي ما ظفَرتُ بسَهم انكسر فوقه وسقط نَصْلُه.

يُضرب مثَلاً للرَّجل المُجزىء الكافي ، أي ظَفِرتُ برَجُلٍ كامِل غير مُضيع ولا ناقِص.

٢٤٤

الأصمعي : يُقال لا تَبُلّك عندي بالّة وبَلَالِ ، أي لا يُصيبك منّي خَيرٌ ولا أنْفعك ولا أَصْدُقك.

ويقال : لا تُبَلّ عِنْدي لفلانٍ بالّة وبَلَالٍ ، مصروف عن بالّة ، أي نَدًى وخَيْر ؛ ومنه قول الشاعر :

فلا وأَبيك يابن أبي عَقِيل

تَبُلَّك بعدها فينا بَلَالِ

وفي حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بُلُّوا أرْحَامكم ولو بالسَّلام».

أبو عُبيد ، عن أبي عمرو وغيره : بَلَلتُ رَحمي أبُلّها بَلًّا وبِلَالاً ، إذا وصَلْتها ونَدَّيتها ؛ وقال الأعشى :

إمّا لطالب نِعْمةٍ تَمَّمْتها

ووصالِ رَحْمٍ قد بَرَدْت بِلَالَها

قال : والبَلِيل : الرّيح الباردة مع نَدًى.

أبو عمرو : البَلِيلة : الرِّيح المُمْغِرة ، وهي التي تَمْزُجها المَغْرة ، وهي المَطْرةُ الضَّعِيفة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : البُلْبُلة : المَشْجرة ، وهي الهَوْدج للحرائِر.

قال : والبُلْبُل : العَنْدليب.

أبو عُبيد ، عن الكسائي : انصرف القومُ بِبَلَلتهم ، أي بحالٍ صالحةٍ وخَيْر.

ومنه : بِلَال الرَّحم.

وبَلَلْتُه : أَعطيته.

أبو عُبَيد : المُبِلُ : الذي يُعييك (١) أن يُتابعك على ما تُريده ؛ وأنشد :

أَبَلّ فما يَزداد إلّا حَماقةً

ونوْكاً وإنت كانت كثيراً مَخارِجه

قال : وقال الأصمعيُّ : الأبلّ : الرجل الشَّديد الْخُصومة.

شَمر ، عن ابن الأعرابي : الأبَلُ : الرَّجُل المَطُول الذي يَمنع بالحَلِف ما عنده من حُقوق الناس ؛ وأَقرأَنا للمَرّار بن سعيد الأسدي :

ذَكَرْنا الدُّيونَ فجَادَلْتنا

جِدالَك في الدَّين بَلًّا حَلُوفَا

الأصمعي : أَبَلّ ، إذا امْتَنَع وغَلب.

قال : وإذا كان الرَّجُل حَلَّافاً قيل : أبَلّ ؛ وقال الشاعر :

أَلا تَتَّقُون الله يا آل عامِرٍ

وهل يَتَّقِي الله الأَبَلُ المُصَمِّمُ

ويقال : ما في سقائه بِلَال ، أي ماء.

وما في الرّكيَّة بِلَال.

ويقال : اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته ، أي اطْوه وهو نَديّ قبل أن يتكَسَّر.

ويقال : ألم أَطوك على بُلُلَتك ، وبَلّتك ، أي على ما فيك من عَيب كما يُطْوى السِّقاء على عَيْبه ؛ وأَنْشَدَ :

__________________

(١) كذا في المطبوع و «القاموس» و «شرحه» (بلل) وفي «اللسان» (بلل): «يعينك أن» وهو تصحيف.

٢٤٥

وأَلْبس المرءَ أَسْتَبْقي بلُولَته

طَيَّ الرِّداء على أَثنائه الخَرِقِ

قال : وتميم تقول : البلُولة ، من بِلّة الثَّرى.

وأسد تقول : البَلَلَة.

اللَّيْثُ : البَلَل ، والبِلّة ، الدُّون.

وبِلّةُ اللّسان : وقوعه على مواضع الحُروف واستمرارُه على المنْطق ؛ تقول : ما أَحْسن بِلّة لسانه! وما يَقَع لسانه إلّا على بِلَّته.

الأصمعي : ذَهبت بُلّة الأَوابل ، إذا ما ذهب ابتلالُ الرُّطْب ؛ وأَنشد :

حتى إذا أهْرَأْنَ بالأَصائل

وفارقَتْها بُلّةُ الأَوَابِلِ

سلمة ، عن الفراء : البُلّة : بقيّة الكَلأ.

والبَلّة : الغِنَى بعد الفَقر.

والبِلّة : العافِية.

الليث وغيره : بَلّ فلانٌ من مَرضه ، وأَبَلّ ، واسْتَبَلّ ، إذا برأ.

ويقال للإِنسان إذا حَسُنت حالُه بعد الهُزال : قد ابْتَلّ ، وتَبَلّل.

والبُلبلة : ضَرب من الكِيزان في جَنبه بُلْبل يَنصبّ منه الماء.

قال : والبَلْبلة : وسواس الهُموم في الصَّدر.

وهو : البَلْبال ، وجمعه : البَلابل.

ابن الأعرابي : بَلْبل متاعَه ، إذا فَرّقه وبَدَّده.

قال : والمُبَلِّل : الطاوُوس الصَّرّاخ.

قال : والبُلبُل : الكُعَيْت.

سلمة ، عن الفراء : البَلْبلة : تَفريق الآراء.

أبو الهيثم : قال لي أبو ليلى الأعرابيّ : أنت قُلْقل بُلْبُل ، أي أنت ظريف خَفِيف.

ويُقال : بلَّت مَطِيّتُه على وَجْهها ، إذا هَمَتْ ضالّة ؛ وقال كُثيِّر :

فَليْت قَلُوصي عند عَزّةَ قُيِّدَت

بحَبْلٍ ضَعِيفٍ غُرَّ منها فضَلَّت

فأَصبح في القوم المُقيمين رَحْلُها

وكان لها باغٍ سوايَ فَبَلَّت

عن النَّضر : البَذْر والبُلَل ، واحد.

يقال : بَلّوا الأرض ، إذا بذروها بالبُلَل.

ابنُ السِّكيت : له أَليل وبَليل ، وهو الأنِين مع الصَّوت ؛ وقال المَرّار :

إذا مِلْنا على الأكوار أَلْقَت

بأَلْحَتها لأجْرُنها بَلِيلُ

أراد : إذا مِلْنا عنها نازلين إلى الأرض مدّت جُرُنَها على الأرض من التَّعب.

ابن السِّكيت : البَلّ ، مصدر : بَلَلت الشيء أَبُلّه.

والبِلّ : المُبَاح.

وقال عبّاس بن عبد المطلب في زَمْزم : لَسْت أُحلها لمُغتسل وهي لشراب حِلٌّ وبِلّ.

٢٤٦

أبو عُبيد ، عن الأصمعي ، عن مَعمر : بِلٌ ، هو مُباح ، بلغة حِمْير.

قال : ويقال : بِلّ : شِفاء ، من قولهم : بَلّ فلان من مرضه ، وأبلّ ، إذا برأ.

ابن السِّكيت ، وأبو عُبيد : لا يكون بِل إِتباع ل «حِلّ» لمكان الواو.

أبو عبيد ، عن الكسائي : رَجُلٌ أَبلّ ، وامرأة بَلّاء : وهو الذي لا يُدْرك ما عنده من اللُّؤْم.

ورَجُلٌ بُلَابِلٌ : خَفِيفُ اليَدين لا يَخفى عليه شيء.

أبو تراب ، عن زائدة : ما فيه بُلالة ولا عُلالة ، أي ما فيه بَقِيَّة.

الليث : البَلْبَلة : بَلْبلة الألسُن.

وقيل : سُمّيت أرض بابِل : بابِل ، لأن الله تعالى حين أراد أن يُخالف بين أَلسنة بني آدم بَعث رِيحاً فحشرتهم من كل أفق إلى بابل ، فبلبل الله بها ألسنتهم ، ثم فرَّقتْهم تلك الريحُ في البلاد.

أبو زيد : البَلّة والفَتْلة : نَوْرةُ بَرَمة السَّمُر.

قال : وأول ما يخرج البَرَمة ، ثم أول ما يخرج من بَدْو الحُبْلة كُعْبورٌ نحو بَدْو البُسْرة ، فتيكَ البَرَمة ، ثم يَنْبت فيها زَغَب بِيضٌ ، هو نَوْرتها ، فإذا أَخرجت تِيكَ سُمِّيت البَلّة والفَتْلة ، فإذا سقطن عن طَرف العُود الذي يَنْبُتن فيه نَبَتت فيه الخُلْبة في طَرف عُودهن وسَقطن.

والخُلْبة : وعاءُ الْحَب ، كأنها وعاء الباقلَّاء. ولا تكون الخُلْبة إلا للسّلَم والسَّمُر ، وفيها الحبّ ، وهنّ عِراض كأنهن نِصال ثمر الطلح ، فإن وعاء ثمرته للغُلْف ، وهي سنفة عِرَاض.

[باب اللام والميم]

ل م

لم ، مل.

لم : اللّيث : اللَّمّ : الْجَمع الكثيرُ الشَّدِيد.

تقول : كتيبة مَلْمُومة ، وحَجر مَلْمُوم ، وطِين مَلْمُوم ؛ وقال أبو النَّجْم :

* مَلْمُومة لمًّا كَظَهْر الجُنْبُلِ*

وصَف هامة جَمل.

قال : والآكل يَلُمّ الثّريد فيجعله لُقَماً.

وقال الله جلّ وعزّ : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩)) [الفجر : ١٩] أي أكلاً شَدِيداً.

وقال الزّجّاج : أي تأكلون تراث اليتَامَى لمّاً ، أَي تُلمّون بجميعه.

قال الفراء : لَمًّا ، أَي شديداً.

ورُوي عن الزّهري أنه قرأ : وإنّ كلّا لّمّا ليوفّينّهم [هود : ١١١] ، أي : جَمْعاً ؛ لأن معنى اللّم : الجَمع.

تقول : لَممت الشيءَ أَلُمّه لَمّاً ، إذا جَمعتَه.

فأما قولهم : لمّ الله شَعثك ، فتأويله : جمع

٢٤٧

الله لك ما يُذْهِب شَعَثك.

وأما «لمّا» مُرسلة الألف مشدّدة الميم غير مُنَوَّنة ، فلها معانٍ في كلام العرب :

أحدها : أنَّها تكون بمعنى الحين إِذا ابتدىء بها ، أو كانت مَعطوفة بواو أو فاء ، وأُجيبت بفعل يكون جوابها ، كقولك : لما جاء القوم قاتلناهم ، أي حين جاءوا.

ومنه قول الله عزوجل : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً) [القصص : ٢٣].

وقوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَ) [الصافات : ١٠٢].

معناه كله : حين.

وقد يُقدّم الجواب عليها ، فيُقال : استعدّ القوم لقتال العدوّ لما أحسّوا بهم ، أي حين أحسّوا بهم.

وتكون «لما» بمعنى «لم» الجازمة ؛ قال الله تعالى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨]. أي : لم يذوقوه.

وتكون بمعنى إلّا ، تقول : سألتك لَمّا فَعلت ، بمعنى : إلّا فَعلْت.

وهي في لُغة هُذيل بمعنى «إلا» إذا أُجيب بها «إن» التي هي للجحد ؛ كقول الله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)) [الطارق : ٤] معناه : ما كل نفس إلّا عليها حافظ.

ومثله قولُه تعالى : (وَإِنْ كُلٌ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢)) [يس : ٣٢].

شدّدها عاصم ، والمعنى : ما كُلُّ إلّا جميعٌ لَدينا.

وقال الفَرّاء : «لما» إذا وضعت في معنى إلا فكأنها «لَمْ» ضُمّت إليها «ما» فصارا جميعاً بمعنى «إن» التي تكون جحداً ، فضمّوا إليها «لا» فصارا جميعاً حرفاً واحداً وخرجا من حَدّ الجحد.

وكذلك «لمّا».

قال : ومثل ذلك قولهُم : لو لا ، إنما هي «لو» و «لا» جُمعتا فخرجت «لو» من حدّها و «لا» من الجحد ، إذا جُمعتا فصيِّرتا حَرْفاً.

قال : وكان الكسائي يقول : لا أَعرف وجه «لمّا» بالتّشديد.

قلت : وممّا يدُلك على أن «لما» يكون بمعنى «إلا» مع «أن» التي تكون جَحداً ، قولُ الله عزوجل : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) [ص : ١٤] ، وهي قراءة قُرّاء الأمْصار.

وقال الفراء : وهي في قراءة عبد الله : إن كلّ إلّا كذّب الرّسل [ص : ١٤].

والمعنى واحد ، والأولَى قراءة الفَرّاء.

وقال الخليلُ : «لمّا» تكون انتظاراً لشيء مُتَوقَّع.

وقد تكون انقطاعاً لشيء ، قد مَضى.

٢٤٨

قلت : وهو كقولك : لمّا غَاب قُمْت.

الكسائي : «لما» تكون جحداً في مكان ، وتكون انتظاراً لشيء متوقَّع في مكان ، وتكون بمعنى «إلا» في مكان.

تقول : بالله لمّا قمت عنَّا ، بمعنى : إلّا قمت عنَّا.

وأما قول الله عزوجل : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١]. فإنه قُرئت مخفّفة ومُشدَّدة.

فمن خَففها جَعل «ما» صلةً ، المعنى : وإن كُلًّا ليوفينّهم ربّك أعمالَهم.

واللام في «لما» لام «أن» و «ما» زائدة مؤكدة ، لم تُغَيِّر المعنى ولا العَمل.

وقال الفراء في «لما» ها هنا بالتخفيف قولاً آخر ، جعل «ما» اسماً للناس ، كما جاز في قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) [النساء : ٣]. والمعنى : من طاب لكم. والمعنى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا) ، أي لمن (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ).

وأمّا اللام التي في قوله : (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) فإنها لامٌ دَخَلت على نِيَّة يَمينٍ فيما بين «ما» وبين صلتها ، كما تقول :

هذا مَن لَيَذْهَبنّ ، وعندي مَن لَغَيْرُه خَيْرٌ منه.

ومثله قوله عزوجل : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) [النساء : ٧٢].

وأما من شدّد «لمّا» في قوله : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١].

فإن الزجاج جعل «لمّا» بمعنى «إلّا».

وأما الفراء فإنه زعم أن معناه : لمَنْ ما ، ثم قُلبت النون ميماً ، فاجْتمعت ثلاث ميمات ، فَحُذفت إحداهن ، وهي الوسطى ، فبقيت «لما».

قال : وهذا القول ليس بشيء ، لأن «من» لا يجوز حذفها ، لأنها اسمٌ على حَرْفين.

قال : وزعم المازني أن «لمّا» أصلها «لما» خفيفة ثم شدِّدت الميم.

قال الزجاج : وهذا القول ليس بشيء أيضاً ، لأن الحروف نحو «ربّ» وما أَشْبهها يُخفّف ، ولا يُثقَّل ما كان خفيفاً ، فهذا منتقض.

قال : وهذا جميع ما قيل في «لمّا» مشدّدة.

وأما «لم» فإنه لا يليها إلا الفعل الغابر ، وهي تجزمه ، كقولك : لم يَسْمَع.

الليث : «لم» عزيمة فِعْل قد مَضى ، فلما جُعل الفِعل معها على جهة الفِعل الغابر جُزم ، وذلك قولك : لم يَخْرج زيدٌ ، وإنما معناه : لا خَرج زيدٌ ، فاستقبحوا هذا اللّفظ في الكلام ، فحملوا الفعل على بناء الغابر ، فإذا أُعيدت «لا» و «لا» مَرَّتين أو أكثر حَسُن حينئذ ، لقول الله عزوجل : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١)) [القيامة : ٣١] أي : لم يُصدق ولم يُصَلِّ.

٢٤٩

قال : وإذا لم يُعِد «لا» فهو في المَنطق قبيح ، وقد جاء ؛ قال أُمَيّة :

إن تَغْفِر اللهم تَغْفر جَمّا

وأيّ عَبْدٍ لك لا أَلَمّا

أي : ألم يُلم.

وأما «ألم» فالأصل فيها «لم» أُدخل فيها ألف اسْتفهام.

وأما «لِمَ» فإنها «ما» التي تكون استفهاماً وُصلت بلام.

ابن السِّكيت : اللّمّ ، مصدر : لمَمت الشيء ، وهو جمعك الشيء وإصلاحكه.

ومنه يقال : لَمَ الله شَعَثك ، يَلُمّه.

قال : واللّمَم : الجُنون.

واللَّمم : دون الكَبِيرة من الذّنوب ؛ قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) [النجم : ٣٢].

وقال أبو إسحاق : قيل : اللَّمم : نحو القُبلة ، والنَّظرة ، وما أَشْبه ذلك.

وقيل ، «إِلَّا اللَّمَمَ» : إلا أن يكون العَبد أَلَمّ بفاحشة ثم تاب.

قال : ويدل قولُه : (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) [النجم : ٣٢] على أن اللَّمم أن يكون الإنسان قد أَلَمّ بالمَعْصية ولم يُصرّ عليها.

وإنما الإلمام في اللغة يُوجب أنك تأتي في الوقت ولا تُقيم على الشيء ، فهذا معنى اللَّمَم.

قلت : ويدل على صحة قوله قولُ العرب : ألممت بفلان إلماماً ، وما تَزُورنا إلّا لِمَاماً.

قال أبو عُبيد ، معناه : الأحيانَ على غير مُواظبة ولا وقتٍ مَعْلوم.

وقال الفراء : في قوله : (إِلَّا اللَّمَمَ) يقول : إلا المُتقارب من الذُّنوب الصَّغيرة.

قال : وسمعتُ العرب تقول : ضربته ما لَمَمُ القَتل. يُريدون : ضربَا مُتقارباً للقتل.

قال : وسمعت آخر يقول : ألمَ يفعل كذا ، في معنى : كادَ يَفعل.

قال : وذكر الكلبي : إنها النَّظرة على غير تَعمُّد ، فهي لَمَمٌ ، وهي مَغْفورة ، فإن أعاد النظر فليس بلَمَم ، وهو ذَنب.

أخبرني المُنذري ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّمَم من الذُّنوب : ما دون الفاحشة.

أبو زيد : كان ذلك مُنذ شهر أو لَمَمِه ، ومنذ شَهرين أو لَمَمِهما.

أبو عبيد ، عن الكسائي : رَجُلٌ مَلْمُوم ومَمْسوس ، أي به لَمَمٌ ومَسٌّ من الجُنون.

وفي الحديث : «وإنّ مما يُنْبت الرَّبيع ما يَقتل حَبَطاً أو يُلِمّ».

قال : معناه : يَقْرُب.

ومنه الحديث الآخر : «فلو لا أنه شيءٌ قضاه الله لأَلمَ أَنْ يَذْهب بَصَرُه».

٢٥٠

يعني ، لِما يرى فيها ، أي لَقَرُب أن يَذْهب بَصره.

أبو زيد : في أرض فلان من الشجر المُلِمّ كذا وكذا ، وهو الذي قارب أن يَحْمل.

وجَيْشٌ لَمْلَمٌ : كثيرٌ مُجْتمع.

وحَيٌ لَمْلَمٌ ، كذلك ؛ وقال ابن أَحمر :

مِن دونهم إن جِئْتهم سَمَراً

حيٌّ حِلَالٌ لَمْلَمٌ عَسْكَرُ

ويَلَمْلَم ، وأَلَمْلَم : مِيقات أهل اليمن للإِحرام بالحج ، موضعٌ بعينه.

ورجلٌ مِلَمٌ مِعَمٌّ ، إذا كان يُصلح الناس ويَعُمّهم معروفُه.

الليث : الإلْمام : الزّيارة غِبّاً.

والفِعل : أَلْممت به ، وعليه.

قال : والمُلِمّة : النازلة الشديدة ، من شدائد الدَّهر.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه عَوّذ ابْنَيه من كُلّ عين لَامَّة.

قال أبو عبيد : قال : لامّة ولم يقل مُلِمة ، وأصلها من : ألممت بالشيء ، تأَتيه وتُلم به ، لأنه لم يُرَد طريق الفعل ، ولكن يُراد أنها ذات لَمَم ، فقيل على هذا : لامّة ؛ كما قال النابغة :

* كِليني لهمِّ يا أُمَيْمة ناصِب*

أراد : لهمٍّ ذي نَصب ، ولو أراد الفعل لقال : مُنْصب.

قال الليث : هي العين التي تُصيب الإنسان.

ولا يقولون : لَمَّته العين ، ولكن حُمل على النَّسب بذي وذات.

قال : وحَجَرٌ مُلَمْلَمٌ : مُسْتَدير.

قال : واللِّمّة : شَعر الرأس إذا كان فوق الوَفْرة.

قال : ولِمَّة الوَتِد : ما تشعَّث من رَأسه المَوْتُود بالفِهْر.

شمر ، عن ابن شميل : ناقة مُلَمْلَمة ، وهي المُدارة الغليظة الكثيرة اللحم المُعتدلة الخَلق.

الأصمعي : رجُل مُلَمْلَمٌ : مَجموعٌ بعضُه إلى بعض.

شمر ، عن ابن الأعرابي : المِلَمُ من الرجال : الذي جَمع بين أَهل بيته يَلُمّهم.

ولَمّ الله شَعَثك ، أي قارب بين شَتيت أمرك ؛ قال رؤبة :

* فابْسُط علينا كَنَفَي مِلَمِ *

أي مُجمِّع لشَملنا ، أي يَلُمّ أَمْرنا.

قال : وقال أبو عدنان : اللَّمَمُ : طَرَفٌ من الجُنون يُلِمّ بالإنسان ، وهكذا كُل ما أَلَمّ بالإنسان طرفٌ منه ؛ وقال عُجير السَّلُولِيّ :

وخالَط مِثل اللَّحْم واحْتَلّ قَيْده

بحيث تَلاقَى عامِرٌ وسَلُولُ

وإِذا قيل : بفلانٍ لَمّة ، فمعناه : أن الجن

٢٥١

تلمّ به الأحيانَ.

وفي الحديث : إِن امرأة شكت إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لَمَماً بابنتها.

قال : وقوله : للشيطان لَمّة ، أي دُنُوٌّ ، وكذا للمَلِك لَمّة.

ابن شُميل : لُمّة الرَّجُل : أصحابُه ، إذا أراد سَفَراً فأصاب من يصحبه فقد أصاب لُمّةً. والواحد : لُمّة. والجماعة : لمّة.

وكل من لقي في سفره ممن يُؤنسه أو يُرْفده : لُمّة.

وأمّا لُمَةُ الرَّجُل : مِثْلُه ، فهو مُخَفّف.

وقال الزّجاج : «لما» جوابٌ لقول القائل : قد فعل فلانٌ ، فجوابُه : لمّا يَفْعل.

وإذا قال : لقد فعل ، فجوابُه : لم يَفْعل.

وإذا قال : لقد فعل ، فجوابه : ما فعل ، كأنه قال : والله لقد فَعل ، فقال المُجيب : والله ما فَعل.

وإِذا قال : هو يَفعل ، يريد ما يَسْتقبل ، فجوابه : لن يَفعل ، ولا يَفْعل.

وهذا من كلام سيبويه.

مل : قال اللّيث : المَلَّة : الرمَاد ، والجَمْر.

يقال : مَلَلْتُ الخُبْزَةَ في المَلَّة.

فهي مَمْلُولة.

وكذلك : كُلّ مَشْويّ في المَلَّة من قَرِيس وغَيْره.

وطريقٌ مُمَلّ : قد سُلِك حتى صار مُعْلَماً ؛ وقال أبو دُوَاد :

رَفَعْناها ذَمِيلاً في

مُمَلٍ مُعْمَلٍ لَحْبِ

قال : والمَلَل : المَلال ، وهو أن تَمَلّ شيئاً وتُعرِض عنه.

ورَجُلٌ مَلُولة ؛ وأَنْشد :

* وأُقْسم ما بِي من حَفاءٍ ولا مَلَل *

وقد يُقال : مَلِلْتُه مَلَالةً.

ورَجُلٌ مَلَّة ، إذا كان يَملّ إخوانَه سريعاً.

ومَلَل : اسمُ موضع في طريق مكة ، بين الحَرَمَيْن.

والمُلْمُول : المِكْحال.

أبو حاتم : هو المُلْمُول الذي يُكحل به وتُسْبَر به الجِراح.

ولا يقال : المِيل ، إنما الميل : القِطعة من الأرض.

وقول الله تعالى : (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة : ١٢٠].

قال أبو إسحاق : المِلّةَ ، في اللُّغَة : سُنّتهم وطريقتهم.

ومن هذا أخذ «المَلَّة» ، أي الموضع الذي يُخْتبز فيه ، لأنه يؤثّر في مكانها كما يؤثَّر في الطَّريق.

قال : وكلام العرب إذا اتفق لفظه فأكثره مشتقٌّ بعضُه من بعض.

قلت : ومما يؤيد قولَه قولُهم : طريق

٢٥٢

مُمَلٌ ، مَسْلوك مَعلوم.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهيثم : المِلّة : الدِّية.

والمِلَل : الدِّيات ؛ وأَنْشد :

غنائِم الفِتْيان في يوم الوَهَل

ومِن عَطايا الرُّؤَساء في المِلَل

وفي حديث عُمر : ليس على عربيّ مِلَل ، ولَسْنا بنازِعين من يَد رَجُلٍ شيئاً أَسْلَم عليه ، ولكنّا نُقوِّمهم المِلَّة على آبائهم خمساً من الإبل.

قلت : أراد نقوّمهم كما تُقوم أَرْش الدّيات ونَذَر الجراح ، وجعل لكل رأس منهم خمساً من الإبل تضمنها عشائرهم ، أو يضمنونها للذين مَلَكوهم.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : مَلَ يَمِلّ ، إذا أخذ المِلّة ، وهي الدِّية.

ومَلّ يَمُلّ الملَّة ، إذا خَبز ؛ وأَنْشد :

جاءت به مُرَمَّداً ما مُلّا

ما فِيّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى

قال : ما مُلَّا ، «ما» جَحْد. وما في ، ، «ما» صلة. والآل : شخصه. وخَم : تغيرت ريحُه. وأَلّى : أَبطأ. ومُلّ ، أي أنضج.

الأصمعي : مرّ فلان يَمْتَلّ امتِلالاً ، إذا مَرّ مَرّاً سَريعاً.

ومَلّ ثوبَه يَمُلّه ، إذا خاطه الخياطة الأولى قبل الكفّ.

ويقال : هذا خُبز مَلّة.

ولا يُقال للخُبز : مَلّة ، إنما المَلّة : الرَّماد الحارّ.

والخُبْز يُسَمَّى : المَلِيل ، والمَمْلُول ؛ وأَنْشد أبو عُبيد لجرير :

تُرَى التَّيْمِيّ يَزْحف كالْقَرَنْبَى

إلى تَيْمِيّةٍ كَعَصَا المَلِيل

ويُقال : به مَلِيلة ومُلَال ، وذلك حرارة يجدها ، وأصله من المَلّة.

ومنه قيل : فلانٌ يَتَمَلْمَل على فِراشه.

أبو زيد : أمَلّ فلانٌ على فلانٍ ، إذا شَقّ عليه وأَكثر في الطَّلب.

يقال : أَمْلَلت عليّ ؛ وقال ابن مُقبل الإياديّ :

أَلا يا دِيَارَ الحيّ بالسَّبُعان

أملّ عليها بالبِلَا المَلَوَانِ

قال شَمر : أَلْقى عليها.

وقال غيره : أَلَحّ عليها حتى أثّر فيها.

وبَعِيرٌ مُمَلٌ : أكثر رُكُوبه حتى أَدبر ظهره ؛ وقال العجّاج :

تَشْكو الوَجَى من أَظْلَل وأَظلَل

من طُول إمْلَال وظَهْر مُمْلَل

أراد : تَشكو ناقته وَجَى أَظَلَّيْها ، وهما باطِنا مَنْسِمَيها ، وتشكو ظهرَها الذي أَمَلّه الركوب ، أي أَدبره وحَسر وَبره.

٢٥٣

وقال الفَرّاء : أمللت عليه ، لغة أهل الحجاز وبني أَسَد.

وأَمْلَيْت ، لغة تميم وقَيْس.

ويُقال : أمَلّ عليه شيئاً يكتبه ، وأَمَلى عليه ، ونزل القُرآن باللُّغتين ، قال الله جلّ وعزّ : (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) [البقرة : ٢٨٢].

وقال : (تُمْلى عَلَيْهِ) [الفرقان : ٥].

وقال الليث : بعيرٌ مُلامِلٌ ، أي سَريع.

وقال في قوله :

* كأنه في مِلّة مَملول *

المَملول : من المِلة أراد كأنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل المُشْركين.

غيره : ناقة مَلْمَلى ، على فَعْلَلى ، إذا كانت سريعة ؛ وأَنْشد :

يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلَينا

ألم تكوني مَلْمَلَى دَفُونَا

ابن بُزُرْجَ : إنه لمالُولة ، ومَلُولة.

أبو عُبيد : رجل مَلُولة من المَلَالة.

وقول الشاعر :

على صَرْماء فيها أَصْرَماها

وخِرِّيتُ الفَلاة بها مَلِيلُ

أي نضجته الشَّمس ولَوّحته فكأنه مَمْلول في المَلّة.

الأصمعي : مَلّ يَمُلّ مَلًّا ، مَرْ مَرّاً سريعاً.

أبو تُراب ، عن مصعب : امْتَلّ واسْتلّ ، وانْمَلّ وانْسَلّ ، بمعنًى واحد.

شَمر : إذا نبا بالرَّجُل مَضجعه من غَمٍّ أو وَصب ، فقد تَمَلْمَل ، وهو تقلبه على فراشه.

قال : وتململُه وهو جالس ، أن يتوكأ مَرَّة على ذا الشِّقّ ، ومرة على ذا ، ويجثو على رُكْبَتيه.

وأتاه خَبَرٌ فمَلْمَلَه.

والحِرباء تَتَمَلْمَل من الحرّ ، تصعد رأس الشَّجرة مرةً ، وتبطن فيها مرة. وتظهر فيها أُخرى.

٢٥٤

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف اللام

[أبواب اللام والنون]

ل ن ف

نفل ، فنل ، فلن.

فلن : قال اللَّيثُ : قال الخَليل : «فلان» ، تقديره فُعَال.

وتَصغيره : فُلَيْن.

قال : وبعضٌ يقول : هو في الأصل فُعلان ، حُذفت منه واو.

قال : وتصغيره على هذا القول فُلَيَّان وكالإنسان حُذفت منه الياء ، أصله : إنسيان ، وتصغيره : أُنَيْسان.

قال : وحجتهم في قولهم : فُل بن فُل ، كقولهم : هَيُّ بن بيّ ، وهيَّان بن بَيّان.

وفلان وفلانة ، كناية عن أسماء الآدميين.

قال : وإذا سُمّي به الإنسان لم تَحْسن فيه الألف واللام.

يقال : هذا فلان آخر ، لأنه لا نكرة له.

ولكنّ العرب إذا سَمُّوا به الإبلَ قالوا : هذا الفُلان ، وهذه الفُلانة.

فإذا نَسبت قلت : فلانٌ الفُلانيّ ، لأن كل اسم يُنسب إليه فإن الياء تلحقه تُصيِّره نكرة ، وبالألف واللام يصير معرفة في كل شيء.

ابن السّكيت : تقول : لقيت فلاناً ، إذا كنَّيت عن الآدميّين قُلته بغير ألف ولام ، وإذا كَنَّيت عن البهائم قُلْته بالألف واللام ، تقول : حلبتُ الفُلانة ، وركبت الفُلانة ؛ وأنشد في تَرْخيم فلان :

وهو إذا قيل له وَيْهاً فُلُ

فإنّه أحْج به أن يَنْكَلُ

وهو إذا قيل له وَيْها كُلُ

فإِنه مُواشَكٌ مُسْتَعْجِلُ

أبو تُراب ، عن الأصمعي ، يُقال : قُم يا فل ، ويا فُلاه.

فمن قال : يا فُل فمضى فرفع بغير تنوين ، فقال : قم يا فُل ؛ وقال الكُمَيت :

* يُقال لمثلي وَيْهاً فُلُ *

ومَن قال : يا فلاه فسكت أَثبت الهاء ، فقال : قُل ذلك يا فُلاه ، وإذا مَضى قال : يا فُلا قُلْ ذلك ، فَطَرح ونَصَب.

وقال المبرّد : قولهم : يا فُل ليس بتَرخيم ، ولكنّها على حِدة.

نفل : قال اللَّيث : النَّفَل : الغُنْم.

وجمعه : الأَنفال.

٢٥٥

ونَفَّلْتُ فلاناً : أَعْطَيْته نَفْلاً وغُنْماً.

والإمام يُنَفِّل الجُنْدَ ، إذا جَعل لهم ما غَنِموا.

وقال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] الآية.

قال : الأنفال : الغَنائِم.

واحدها : نَفَل.

وإنما سأَلوا عنها لأنها كانت حراماً على من كان قَبْلهم ، فأَحَلّها الله لَهم.

وقيل أَيْضاً : إِنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَفِّل في السَّرايا ، فكرهوا ذلك.

وتأويله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)) [الأنفال : ٥] ، كذلك تُنَفّل مَن رأيتَ وإن كَرِهُوا.

وكان النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جَعل لكل مَن أتى بأسير شيئاً ؛ فقال بعضُ أَصحابه : يَبْقى آخِرُ الناس بغير شيء.

قلت : وجماع مَعنى النَّفل والنافلة : ما كان زيادةً على الأَصل ، سُمِّيت الغَنائم أَنفالاً ، لأنّ المسلمين فُضِّلُوا على سائر الأُمم الذين لم تَحِلّ لهم الغَنائم.

وسُمّيت صلاة التطوُّع : نافلةً ، لأنها زيادة أَجْر لهم على ما كُتب من ثَواب ما فُرض عليهم.

ونَفَّل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم السَّرايا في الْبَدأة الرُّبع ، وفي القَفَلة الثُّلث ، تَفضيلاً لهم على غَيرهم من أهل العسكر بما عانَوْا من أَمر العدوّ ، وقاسَوْه من الدُّؤوب والتّعب ، وباشروه من القِتال والخَوْف.

قال الله عزوجل لِنَبِيّه : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) الآية [الإسراء : ٧٩].

قال الفَرّاء : معنى قوله : (نافِلَةً لَكَ) : ليست لأحدِنا نافلة إلّا للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد غُفر له ما تَقدّم من دَنبه وما تأخر ، فعملُه نافلة.

وقال أبو إسحاق : هذه نافلةٌ زيادة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصةً ليست لأحد ؛ لأن الله أمره أن يزداد في عبادته على ما أمَرَ به الخلْق أجمعين ، لأنّه فضَّله عليهم ، ثم وعده أن يَبعثه مقاماً محموداً ؛ وصَحَّ أنه الشفاعة.

والعرب تقول في ليالي الشَّهر : ثَلاث غُرَر. وذلك أوّل ما يَهل الهلال سُمِّين : غُرَراً ، لأن بَياضها قَليل كغُرة الفَرس ، وهي أقل ما فيه من بياض وَجْهه.

ويُقال لثلاثٍ بعد الغُرور : نُفَل ؛ لأن الغُرر كانت الأصل ، وصارت زيادة النُّفل زيادةً على الأصل.

وكل عطيّة تَبرّعَ بها مُعطيها من صَدقة ، فهي نافِلة.

والنافلة : ولدُ الولد ، لأن الأصل كان الولد ، فصار ولَدَ الولد زيادةً على الأصل.

٢٥٦

وقال الله جلّ وعزّ في قصة إبراهيم عليه‌السلام : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء : ٧٢]. كأنه قال : وهبنا لإبراهيم إسحاق ، فكان كالفَرْض له ، لأنه دعا الله به ؛ ثم قال : (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) ، فالنافلة ليعقوب خاصّة ، لأنه وَلد الولد ، أي وهبناه له زيادةً على الفَرْض له ، وذلك أن إسحاق وُهب له بدعائه ، وزِيد يَعْقُوب تَفضُّلاً ، والله أعلم.

ويُقال للرَّجُل الكثير النَّوافل ، وهي العَطايا : نَوْفَل.

قال : وقال شَمر مثلَه.

قال : وقومٌ نَوْفلون ؛ وقال الكُمَيت يمدح رجلاً :

غِياثُ المَضُوع رِئابُ الصُّدو

عِ لأَمَتُك الزُّفَرُ النَّوْفَلُ

الليث : النَّوْفل : السَّيد من الرِّجال.

ويُقال لبعض أولاد السِّباع : نَوْفَل.

أبو عُبيد النَّوفل : العَطِيّة ، تُشَبّه بالبَحْر ؛ وأنشد الأعْشى باهلة :

* يأبَى الظُّلَامة مِنه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ*

عمرو ، عن أبيه ، هو : اليَمّ ، والقَلْمس ، والنَّوْفل ، والمُهْرُقان ، والدَّأْماء ، وخُضَارة ، والأَخْضر ، والعُلَيم ، والخَسِيف.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : النَّفل : الغَنائم ، والنَّفل : الهِبَة ، والنَّفل : التَّطوّع ، والنَّفل : نَبْتٌ مَعْروف ، وانْتَفل الرَّجُل ، إذا اعْتَذَر.

أبو عُبيد ، وابن شميل : انْتَفَلْت منه وأنْتَفيت منه ، بمعنًى واحد.

الليث : قال لي فلانٌ قولاً فانْتفلت منه ، أي أنكرت أَن أَكون فَعَلْته ؛ وأَنشد :

أمُنْتَفِلاً مِن نَصْر بُهَثَة دائباً

وتَنْفلُني مِن آلِ زَيْدٍ فبِئسَما

ابن السِّكيت : تَنَفَّل فلانٌ على أصحابه ، إذا أخذ أكثر ممّا أخذوا عند الغَنيمة.

أبو سَعيد : نفّلتُ فلاناً على فلان ، أي فَضَّلته.

ونَفَّلت عن فلانٍ ما قيل فيه تَنْفِيلاً ، إذا نَضَحْت عنه ودَفَعْته.

والنَّوفليّة : شيء تَتَّخذه نساء الأعراب من صُوف يكون في غِلَظٍ أقلّ من الساعد ، ثم يُحْشَى ، ويُعطف فتضعه المرأة على رأسها ، ثم تَختمر عليه ؛ ومنه قولُ جِيران العَود :

ألّا لا تُغرّن امرءاً نَوْفليّة

على الرأس بَعْدِي والتّرائِبُ وُضَّحُ

ولا فاحِمٌ يُسْقَى الدِّهان كأنَّه

أساوِدُ يَزْهاها مع اللَّيل أَبْطَحُ

الليث : النَّوفلة : المَمْلحة.

ولا أَعرفه.

فنل : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : يُقال لِرقبة

٢٥٧

الفِيل : الفِنْئِل.

سَلمة ، عن الفرّاء ، الفِنْئل ، بالهمز : المَرأة القَصِيرة.

ل ن ب

لبن ، نبل.

نبل : اللّيثُ : النُّبْل ، في الفضل ، والفَضِيلة.

وأمّا النَّبَالة ، فهي أعَمّ ، تَجْري مَجْرى النُّبل ، وتكون مصدراً للشيء النَّبِيل الجَسيم ؛ وأَنْشد :

* كَعْثَبُهَا نَبِيلُ *

قال : وهو يَعيبها بهذا.

والنَّبَلُ ، في معنى جماعة النَّبِيل ، كما أن الأَدَم جماعة الأدِيم.

وفي بَعض القول : رَجُلٌ نَبْلٌ ، وامرأة نَبْلة ، وقوم نِبَال.

وفي المَعنى الأوّل : قوم نُبلاء.

قال : والنَّبْل : اسم للسهام العربيّة.

وصاحبُها : نابل. وحرفته : النِّبَالة. وهو أيضاً : نَبّال.

وإذا رَجعوا إلى واحده قالوا : سَهْم.

قال : ونبلت فلاناً بكُسوة أَو طعام ، أَنْبُله نَبْلاً ، إذا ناولتَه شيئاً بعد شيء ؛ وأَنشد :

* لا تَجْفُوانِي وانْبُلاني بِكِسْرة*

وفي الحديث : «اتَّقُوا الملاعن وأَعِدُّوا النُّبَل».

أبو عبيد ، عن الأصمعي ، قال : أراها هكذا : يقال : نَبِّلْني أحجاراً للاستنجاء ، أي أَعْطِنيها. ونَبِّلْني عُرْفاً. لم يُعرف منه إلا هذا.

قال : وسمعت محمد بن الحسن يقول : النُّبَل : هي حجارة الاسْتِنجاء.

قال أبو عُبيد ، والمحدِّثون يقولون : النَّبَل.

ونراها إنما سُميت نَبَلاً لصغرها.

وهذا من الأضداد في كلام العرب ، يُقال للعِظام : نَبَل ، وللصّغار : نَبَل.

قال : وحدّثني محمد بن إسحاق بن عِيسى ، عن القاسم بن مَعْن : أنّ رجلاً من العرب تُوفِّي فَورثه أخوه ، فعيّره رجلٌ بأنه فَرِح بموت أخيه لمّا وَرثه ؛ فقال :

إن كنت أَزنَنْتني بها كَذِباً

جَزْءُ فلاقَيْت مِثْلَها عَجِلَا

أَفْرَح أن أُرْزَأ الكِرَامَ وأنْ

أُورَثَ ذَوْداً شَصائِصا نَبَلَا

قال : والنَّبَل ، في هذا الموضع : الصِّغار الأجْسام.

فنرى أن حجارة الاسْتنجاء سُمِّيت نَبَلاً لِصِغَرها.

قال أبو سعيد : كل ما ناولت شيئاً ورَميته ، فهو نَبَل.

قال : وفي هذا طريقٌ آخر : أن تقول : ما كانت نُبْلتك منه فيما صَنَعْتَ؟ أي جزاؤُك وثوابُك منه؟

٢٥٨

قال : وأمّا ما رَوى أبو عبيد نَبَلاً بفتح النون فخطأ ، إنما هو عندنا : نُبَلا ، بضم النّون.

والنُّبَل ، ها هنا : عوضٌ ممّا أُصِبْت به ، وهو مَرْدُود إلى قوله : ما كانت نُبْلتك من فلان؟

أبو حاتم ، عن أبي عُبيدة ، يقال : ضَبٌ نَبَلٌ ، وهو الضَّخْم.

وقالوا : النَّبَل : الخَسِيس ؛ وأَنْشد :

* شَصائِصاً نَبَلاً*

بفتح النّون.

قلت : أمّا الذي في الحديث : «وأعدوا النُّبَل» ، فهو بضم النون ، جمع : النُّبْلَة ، وهو ما تناولته من مَدَر أو حَجر.

وأمّا النَّبَل فقد جاء بمعنى : النَّبِيل الجَسيم ، وجاء بمعنى : الخَسيس.

ومنه قيل للرجل القصير : تِنْبل ، وتِنْبال ؛ وأنشد أَبو الهيثم قول طَرَفة :

* وهو بَسْملِ المُعْضلات نَبِيلُ *

فقال : وقال بعضُهم : نَبِيل ، أي عاقل.

وقيل : حاذق.

وهو نَبِيل الرّأي. أي جَيِّده.

وقيل : نَبِيل : رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور.

أبو زيد : تقابل فلان وفلان فَنَبله فلان ، إذا تنافَرا أيّهما أَنْبَل ، من النُّبْل ، وأيهما أَصْدق عَملاً.

ومنه قوله :

تَرَّصَ أَفواقها وقَوَّمها

أَنْبَلُ عَدْوان كُلِّها صَنَعا

ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، وسَلَمة ، عن الفَرّاء : انْتَبل ، إذا مات ، أو قُتِل.

والنّبِيلة : الجِيفة.

وتَنَبّل البَعِير : مات.

ابن الأعرابي : النُّبْلة : اللُّقْمة الصّغيرة ، وهي المَدَرَة الصغيرة ، ومنه قوله : «وأَعِدُّوا النُّبَل».

ابن السِّكيت : نَبَلْت الإبلَ ، أَنْبُلها نَبْلاً ، إذا سُقْتها سوقاً شَدِيداً.

أبو عُبيد ، عن أبي الوليد الأعرابي والفراء : النَّبْل : السَّير السّريع الشديد ؛ وأَنشد :

لا تَأْوِيا للْعِيس وانْبُلاها

لَبِئْسما بُطْءٌ ولا تَرْعَاهَا

شمر ، عن ابن الأعرابي : النَّبْل : حُسن السَّوْق.

ابن السِّكيت : أنْبلْتُه سهماً : أعْطيته ، ونَبَلْته بالنَّبل أَنْبُله ، إذا رَمَيته بالنَّبْل.

وفلان نابِلٌ ، أي حاذق بما يُمارسه من عمل ؛ ومنه قولُ أبي ذُؤيب :

تَدلَّى عليها بالحِبال مُوَثَّقاً

شديدَ الوَصاة نابِلٌ وابن نابِلِ

شَمِر : تَنَبَّلت ما عندي : ذهبتُ بما عِندي.

٢٥٩

قال : ونَبَلْت : حَمَلْت.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : أصابتني خُطوب تَنَبَّلت ما عندي ؛ وقال أوس بن حَجر :

لمّا رأيت العُدْمَ قَيَّد نائِلي

وأَمْلَق ما عِندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ

وقال : نابلني فلانٌ فَنَبلْته ، أي كنت أَجْودَ منه نَبْلاً.

وفلانٌ أنْبل الناس ، أي أَعْلمهم بالنَّبْل.

أبو زيد : انْبُل بقومك ، أي ارْفُق ؛ وقال الهُذليّ :

فانْبُل بقومك إمّا كنت حاشِرَهم

وكُلُّ جامعِ مَحْشُورٍ له نَبَلُ

قال : والنَّبْل ، في الحِذْق.

والنَّبالة والنُّبْل ، في الرِّجال.

ويقال : ثمرة نَبِيلة.

وقِدحٌ نَبِيل.

ويُقال : نَبِّلْني ، أي هَبْ لي نِبَالاً.

ابن السِّكيت : يُقال : أتاني فلانٌ فما انْتَبَلْت نَبْله ونُبْلَه ونَبَالَه إلّا بأخِرة.

يقال ذلك للرّجُل يَغْفُل عن الأمْر في وقته ثم يَنْتبه له بعد إدْباره.

غيره : النابِل : الذي يَرْمي بالنَّبْل ؛ وأَنْشد :

تَطْعَنهم سُلْكَى ومَخْلوجةً

لَفْتَك لأَميْنِ على نَابِلِ

وقيل : النابِل : ها هنا : الذي يُسوِّي النَّبْل.

ابن السِّكيت : رجلٌ نابِل ، إذا كان مَعه نَبْلٌ.

ونَبَّال ، مثله.

فإِذا كان يَعملها قُلْتَ : نابل.

واسْتَنْبَلني فلانٌ فأَنْبَلته ، أي أَعْطَيته نَبْلاً.

لبن : ابن السِّكيت : يُقال : هو أخُوه بِلبان أُمه ، بكسر اللام ؛ ولا تَقل : بلَبن أُمه ، إنما اللّبن الذي يُشرب من البهائم ؛ وأنشد لأبي الأسود :

فإِنْ لا يَكُنْها أو تَكُنْه فإنَّه

أخوها غَذَتْه أُمَّه بِلِبانِها

قال : ويُقال : هؤلاء قومٌ مُلْبِنون ، إذا كَثُر لَبَنُهم.

ويقال : نحن نَلْبُن جيرانَنا ، أي نَسْقيهم اللَّبَن.

وقومٌ مَلْبونُون ، إذا ظهر منهم سَفهٌ وجَهل وخيلاء ، يُصيبهم من أَلبان الإبل ما يُصيب أَصحابَ النَّبيذ.

ويقال : جاء فلان يَسْتَلبن ، أي يَطلب لَبَناً لعِياله ولضِيفانه.

أبو عُبيد ، عن اليزيدي : يُقال للشاة إذا صارت ذات لَبن : شاة لَبِنة ، ولَبُون ، ومُلْبِن.

قال : وقال الكسائي : يقال كم لُبْنُ شاتك؟ أي كم منها ذاتُ لَبن؟

٢٦٠