زُبْدَتُه.
والمُرَوَّب : الذي لم يُمْخَض بعدُ وهو في السقاء ، لم تُؤْخَذ زُبْدَتُه.
قال : وتقول العربُ : أَهْون مَظْلوم سِقاءٌ مُرَوَّب.
والمَظْلوم : الذي يُظْلم فَيُسْقى أو يُشرب قبل أن تُخرج زُبْدَته.
ورَوى أبو عُبيد ، عن أبي زيد في باب الرَّجل الذَّليل المُسْتَضعف : أَهْونُ مَظْلوم سِقَاءٌ مُرَوَّبٌ.
وظَلَمْت السِّقاء ، إذا سَقَيْته قبل إدْراكه.
قال أبو زيد : المَظْلوم : السِّقاء يُلَفّ حتى يَبْلغ أَوَان المَخْض.
وقال الأصمعيّ : راب الرَّجُل ، إذا اخْتلط أَمْرُه.
يقال : رأيت فلاناً رائباً ، أي مُخْتلطاً خَاثِراً.
وقومٌ رَوْبَى : خُثَراء الأَنْفس مُختلطون ؛ قال بِشْر :
فأمّا تَمِيمٌ تَمِيم بنُ مُرِّ |
فألفَاهُم القومُ رَوْبَى نِيَامَا |
ورجلٌ رَوْبانُ ، إذا كان كذلك.
ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : راب ، إذا أَصْلَح. وراب : سَكن. وراب : اتَّهَم.
قلت : إذا كان راب بمعنى : أَصلح ، فأَصْله مهموز ، من : رَأَب الصَّدْع.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : من أمثالهم في الذي يُخطىء ويُصِيب : هو يَشُوب ويَرُوب.
قال أبو سعيد : مَعْنى يشوب : يَنْضح ويَذُب.
يقال للرَّجل إذا نَضح عن صاحِبِه : قد شَوَّب عنه.
قال : ويرُوب ، أي يَكْسل.
والتَّشويب : أن يَنْضح نَضحاً غير مُبَالَغٍ فيه ، فهو بمعنى قوله : يَشُوب ، أي يُدافع مدافعةً لا يُبالغ فيها ، ومرةً يَكْسل فلا يُدافع بَتَّةً.
ورَوى أبو العبَّاس ، عن ابن الأعرابي : وفي الحديث : لا شوب ولا رَوْب في البَيع والشِّراء.
تقول ذلك في السِّلْعة تَبيعها ، أي إنك بَريء من عُيوبها.
ويقال : ما عنده شَوْب ولا رَوْب.
والشَّوْب : العسل المَشُوب ؛ والرَّوْب : اللَّبن الرَّائب.
قلت : وقيل في قولهم : هو يَشُوب ، أي يخلط الماء باللبن فيُفسده ؛ ويَرُوب : يُصْلح ، من قول الأَعرابي : راب ، إذا أَصْلَح.
قال : والرَّوْبة : إصلاح الشَّأن والأَمر.
ذكرهما غير مَهموزين ، على قول من يُحوِّل الهمزة واواً.
ابن الأَعرابي : شاب ، إذا كَذب.
وشاب ، إذا خَدع في بَيع أو شِراء.
أبو زَيد : دَعِ الرَّجُل فقد رابَ دَمُه ، يَرُوب رَوْباً ، أي قد حان هَلَاكُه.
ورُوي عن عمر ، أنه قال : مَكْسبةٌ فيها بعضُ الرِّيبة خَيْرٌ مِن مَسْألة النّاس.
قال القُتَيْبي : الرِّيبة ، والرَّيْب : الشّكّ ، يقول : كَسْبٌ يُشَكّ فيه ، أَحَلَالٌ هو أم حَرام ، خيرٌ من سُؤَال الناس لِمن يَقْدر على الكَسْب.
قال : ونحو ذلك المُشْتبهات.
وقول الله عزوجل : (لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢] معناه : لا شَكّ فيه.
يقال : رَابني فلانٌ ، إذا عَلِمْتَ منه الرِّيبةَ.
وأَرابني : أَوْهمني الرِّيبة ؛ وأَنشد أبو زَيد :
أخوك الذي إن رِبْتَه قال إنّما |
أَرَبْتُ وإنْ لايَنْتَه لان جانِبُه |
وهذا قول أبي زَيد.
وفي الأخبار عن الأصمعيّ : رابني فلانٌ يَرِيبُني ، إذا رَأَيْتَ منه ما يَرِيبك وتَكْرَهُه.
قال : وهُذيل تقول : أرابني فلانٌ.
قال : وأَرَابَ الرّجُل يُريب ، إذا جاء بتُهمة.
قلت : قول أبي زَيد أَحسن.
ويقال : راب دمُ فلان يَرُوب ، إذا تَعَرَّض لما يَسْفِك دَمَه.
وهذا كقولهم : فلان يَحْبس نَجِيعَه ويَفُورُ دَمُه.
ويقال : رَوَّبَتْ مَطِيَّةُ فلانٍ تَرْوِيباً ، إذا أَعْيت.
وقال الليث : رَيْب الدَّهر : صُروفه وحوادثُه.
قال : وأراب الأمْرُ ، إذا صار ذا رَيْب.
وأَراب الرَّجُل : صار مُريباً ذا رِيبة.
وأَرَبْتُ فلاناً ، أي اتَّهَمْته.
ورَابني الأمرُ رَيْباً ، أي نَابَنِي وأَصَابنِي.
ورابني أمرُه يَريبني ، أي أدْخل عليّ شكّاً وخَوْفاً.
قال : ولُغة رديئة : أرابني هذا الأمْرُ.
الحرّاني ، عن ابن السِّكيت ، قال : الرُّوبة ، على وجوه :
فالمَهموز منها : الرُّؤبة ، وهو ما تُسد به الثَّلمة في الإناء.
قال : ورُوبة اللَّبن : خميرته التي يُرَوَّب بها ، غير مَهموز.
ورُوبة الفَحل : جمام مائه ، غير مَهموز.
ويقال : أَعِرْني رُوبة فَحلك ، إذا اسْتَطْرقته إيّاه.
ومَضت رُوبةٌ من اللّيل ، أَي ساعة.
ويقال : ما يقوم فلانٌ برُوبة أهله ، أي بشأنهم وصَلاحهم.
كُلّه غير مهموز.
قال : رُؤبة بن العجّاج ، مهموز.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : سَمِعْت المُفَضل وأَبا الكَلام الأعرابي يقولان : الرُّوبةُ : الساعةُ من الليل ، والرُّوبةُ : ماء الفحل ، والرُّوبة : إصلاح الشأن والأمْر ، والرُّوبة : شجرة النِّلْك ، والرُّوبة : التحيُّر والكسل مِن كثرة شُرب اللَّبن ، والرُّوبة : خميرة اللَّبن الذي فيه زُبْده ، وإذا أُخرج زُبْده ، فهو رَوْب ، ويسَمَّى أيضاً : رائباً ، بالمَعنيين.
قالا : والرُّؤْبة : الخَشْبة التي يُرْأَب بها المُشَقّر ، وهو القَدَح الكَبير من الخَشب.
وقال ابن الأَعرابي : رُوي عن أبي بكر في وصِيّته لِعُمر : عليك بالرّائب من الأُمور وإيّاك والرَّائب منها.
قال ثعلب : هذا مَثَلٌ ، أَراد عليك بالأمر الصَّافي الذي ليس فيه شُبهة وكَدر. وإياك والرائبَ ، أي الأمر الذي فيه شبهة وكَدر.
واللبن إذا أدرك وتخثَّر ، فهو رائبٌ ، وإن كان فيه زُبده ، وإذا أخرج منه زُبده ، فهو رائبٌ أيضاً.
وقال بعضهم : معنى قوله : عليك بالرائب من الأُمور ، حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «دَع ما يُريبك إلى ما لا يُريبك».
وقوله : عليك بالرائب من الأمور. يقول : تَفَقّدها وانْفُضْها عن الرِّيبة وغَيِّرها إلى الصَّلاح.
شَمر ، عن ابن شُميل ، عن أبي خَيرة : الرُّوبة : مَكْرَمةٌ من الأرض كَثِيرَةُ النّبات والشّجر ، هي أَبقى الأرض كلأ.
قال : وبه سُمِّي : رُوبة بن العجّاج.
وكذلك : رُوبة القدح ، ما يُوصل به.
والجمع : رُوَب.
وقال (١) ابن الأعرابي : الرُّبة : العُقْدة ، وقاله في قوله :
هَل لك يا خَوْلة في صَعْب الرُّبه |
مُعْتَرِم هامتُه كالحَبْحَبه |
أبو عُبيد ، عن الكسائي : رَأبْت الصَّدع.
ورَأَبت بينهم رَأْباً ، إذا أَصلحت ما بَيْنهم.
وكل صَدْع لأمته ، فقد رَأَبْته.
وقال غيره : رَجُلٌ مِرْأَبٌ ورَأَّبٌ ، إذا كان يَشعب صُدُوع الأقْداح ، ويُصْلح بين الناس ؛ وقومٌ مَرَائيب.
والرُّؤبة : القطعة من الحجر تُرأب بها البُرْمة ؛ وقال الطِّرمّاح يَمْدح قوماً :
نُصُرٌ للذَّليل في نَدْوة الحَ |
يّ مَراثِيبُ للثَّأَى المُنْهاضِ |
وأَنشد ابن السِّكيت لطُفَيل الغَنوي :
لعمري لقد خَلّى ابن خيدع ثَلْمة
__________________
(١) مكان هذا في (ربا) و (أرب) كما ذكره ابن منظور وغيره ، (إبياري).
ومن أين إنْ لم يَرْأبِ اللهُ تُرْأَبُ
قال يَعقوب : هو مثل : لَقد خلَّى ابن خَيْدع ثَلْمةً.
قال : وخَيدع : امرأة ، وهي أُم بني يَرْبوع.
يقول : مِن أين تُسَد تلك الثَّلْمة إن لم يَسُدّها الله.
والرُّؤبة : قطعة من خَشب تُسَد بها ثَلْمة الجَفْنة والقَدَح.
وهي قطعة من حَجر تُصْلح بها البُرْمة.
أرب : أبو عُبيد ، عن الأصمعي : تَأَرَّبت في حاجتي : تشدَّدت. وأَرّبت العُقْدة : شَدَدْتُها. أبو زَيد ، مِثْله. قال : وهي التي لا تَنْحَلّ حتى تُحلّ.
قال الفراء : المُستأرب الذي قد أَحاط الدَّينُ ، أو غيرُه من النوائب ، بآرابه من كُل ناحية ؛ وأَنْشد :
وناهَزوا البَيْعَ من تِرْعيَّة رَهقٍ |
مُسْتأْرِبٍ عَضَّه السُّلْطان مَدْيُونُ |
أي أَخذه الدَّيْن من كُل ناحية. والمناهزة في البيع : انتهاز الفُرصة. وناهزوا البيع ، أي بادَرُوه. والرَّهِق : الذي به خِفّة وحِدّة. وعَضّه السُّلطان ، أي أَرْهقه وأَعجله وضَيَّق عليه الأمر. وفلانٌ تِرعية مال ، أي إزاءَ مالٍ حسَن القيام به.
وقال ابن شُميل : أَرِب في ذلك الأمر ، أي بلغ فيه جُهده وطاقته وفَطِن له.
وقد تَأَرّب في أمره ، سواء.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : أَرِبت بالشيء : صِرْت فيه ماهراً بَصِيراً.
ومنه : الرَّجُلُ الأَريب ، أي ذو دَهْي وبَصَر ؛ وقال ابن الخَطِيم :
أَربت بدَفْعِ الحَرْب لمّا رأيتُها |
على الدَّفْع لا تزْدَاد غَيرَ تَقَارُبِ |
والاسم منه : الأَرْب.
ويقال لكُل عُضو : إرْب.
والإرْب : الحاجةُ.
قال : وقال أبو عُبيد : عُضْو مُؤَرَّب ، أي مُوَفّر ، وفي حديث : إنه أُتِي بِكَتف مُؤَرَّبة فأكلها وصَلَّى ولم يَتَوَضَّأ.
قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : المُؤَرَّبة : الموفَّرة التي لم يُنْقَص منها شيء.
وقد أَرّبته تأريباً ، إذا وفَّرته.
مَأخوذ من «الإِرب» وهو العُضو.
يقال : قَطّعْته إرْباً إرْباً ، أي عُضْواً عُضْواً.
وقال أَبو زُبَيد الطائي :
وأُعْطِي فوق الضِّعف ذا الحَقِّ منْهُم |
وأَظْلِم بعضاً أو جميعاً مُؤرَّبَا |
وقال أبو زُبَيْد :
على قَتِيلٍ من الأعداء قد أَرُبُوا |
أنِّي لهم واحدٌ نائِي الأنَاصِيرِ |
قال : أرُبُوا : وَثِقُوا أنّي لَهم واحد وأنَاصيري ناؤُون عنِّي ، جمع : الأنصار.
ويُروى : وقد عَلِموا. وكأنّ «أرُبوا» من الأريب ، أي من تَأْريب العُقْدة ، أي من الأرْب.
قال أبو الهَيْثَم : أي أَعجبهم ذاك فصار كأَنه حاجةٌ لهم في أن أبقى مُغْترباً نائياً من أنصاري.
قال أبو عُبيد : آرَبْتُ على القوم ، مثال أفعلت ، إذا فُزْت عليهم وفَلَجت ؛ وقال لَبِيد :
قَضيتُ لُبَانَاتٍ وسَلّيْتَ حاجةً |
ونفسُ الفتى رَهْنٌ بقَمْرة مُؤْرِبِ |
ويُقال : ما كان الرجل أرِيباً.
ولقد أَرُبَ أَرَابةً.
أبو زيد : رَجُلٌ أَرِيب ، من قَوْمٍ أُرَباء.
وقد أَرُب يَأْرُب أَحْسَنَ الإِرْب ، في العَقْل.
وأَرِبَ يَأْرَب أَرَباً ، في الحاجة.
والاسم : الإِرْبة.
أبو نَصر ، عن الأَصمعيّ : أَرُب الرّجل يَأْرُب إرْباً ، إذا صار ذا دَهْي.
وفي حديث عائشة : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أملككم لإِرْبه.
أرادت : لحاجته ، أي أنه كان يملك نَفْسه وهَواه. وكان غالباً لهما.
وقال أبو عُبيد : الإِرْبة ، والإِرْب : الحاجةُ ، وهي المَأْرُبة ، وجمعها : مآرب ؛ قال تعالى : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) [طه : ١٨].
وقال تعالى : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) [النور : ٣١].
وفي حديث عُمر رضياللهعنه أنه نَقم على رَجُلٍ قولاً قاله ، فقال له : أَرِبْت عن ذي يَدَيْك.
قال شَمر : سمعتُ ابن الأَعرابيّ يقول في قوله : أَرِبْت عن ذي يَدَيك معناه : ذهب ما في يَدَيْك حتى تَحْتاج.
وقد أَرِب الرَّجُل ، إذا احتاج إلى الشيء وطَلبه ، يَأْرَب أَرَباً ؛ وقال ابن مُقْبل :
وإنّ فينا صَبُوحاً إن أَرِبْتَ به |
جَمْعاً بَهِيّاً وآلافاً ثمانِينَا |
أرِبت به ، أي أَرَدته واحتجت إليه.
قال : ومثله قولُه :
أرِبَ الدَّهْرُ فأَعْدَدْتُ له |
مُشْرِفَ الحارِك مَحْبُوك الكَتَدْ |
أي ، أراد ذلك منّا وطَلَبه.
قال : ويقال : أَرِب الدَّهْرُ : اشْتَدّ.
وأَرِبْتُ به : بَصُرْت به ؛ وقال قَيْس بن الخَطيم :
أَرِبْت بدَفع الحَرْب حتى رأيتُها |
على الدَّفْع لا تَزْداد غَيْرَ تَقَارُبِ |
أي كانت لي إرْبة ، أي حاجة في دَفْع الحَرْب.
قال : وقال ابن الأعرابيّ : أَرِبْتُ بالشيء ،
أي كَلِفْت به ؛ وأنشد لابْن الرِّقاع :
وما لامرىءٍ أَرِبٍ بالحَيا |
ة عَنها مَحِيصٌ ولا مَصْرَفُ |
أي كَلِف.
وقال في قوله :
ولقد أَرِبْتُ على الهُموم بجَسْرةٍ |
عَيْرانةٍ بالرِّدْف غيرِ لَجُونِ |
أي عَلِقْتُها ولَزِمْتُها واسْتَعَنْت بها على الهُموم.
حدّثنا السعديّ : قال حدّثنا حماد بن الحسن : قال حدّثنا أبو داوود : قال حدّثنا أبو عوانة ، عن يَعْلى بن عطاء ، عن الوليد بن عبد الرحمن الزّجاج ، عن الحارث بن أوس الثقفي ، قال : سألت عُمر عن امرأة حاضت ، أَتَنفر قبل أن تَطُوف؟ قال : تَجعل آخر عَهْدها الطّواف.
قال : فقلت : هكذا حدّثني رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم حين سألتُه ؛ فقال عُمر : أرِبْتَ عن ذي يَدَيْك! سألتني عن شيء سألت عنه رسولَ الله صلىاللهعليهوسلم كيما أخالِفه!.
قال أبو عُبيد : قوله : أرِبْت عن ذي يَدَيك ، هو عندي مأخوذ من الآراب وهي أعضاء الجسد ، فكأنّه أراد بقوله : أربت عن ذي يَدَيْك ، أي سقطت آرابُك ، من اليدين خاصّة.
قال : وهوفي حديث آخر : سَقطت عن ذي يَديك ، ألا كُنت حدّثتنا به.
وقال ابن الأنباري في قول عُمر : أرِبْت عن ذي يديك ، أي ذهب ما في يَدَيْك حتى تحتاج.
وأَرِب الرجل ، إذا اجتاج ، قال ابن مُقبل :
* وإنّ فينا صَبُوحاً إن أَرِبْت به*
أي إن احتجت إليه وأَرَدْته.
وقول ابن مُقبل في الأُرْبة :
لا يَفْرحون إذا ما فاز فائزُهم |
ولا تُرَدّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ |
قال أبو عمرو : أراد إحكام الخَطر ، مِن تَأْريب العُقْدة.
والتأريب : تمامُ النَّصيب ؛ وأَنْشد :
* ضَرْب القِدَاح وتَأْرِيبٌ على الخَطَرِ*
قال أبو عمرو : اليَسر ، هاهنا : المُخاطرة.
أبو عُبَيد : الأُرَبيّ ، من أسماء الدّاهية ؛ وقال ابن أحْمر :
فلما غَسَى لَيْلى وأيْقنْتُ أنّها |
هي الأُرَبى جاءت بأُمّ حَبَوْكَرِ |
والأُرْبة : حَلْقة الآخِيّة تُورَى في الأرْض.
وجمعها : أَرَب ؛ قال الطِّرمّاح :
ولا أَثَر الدُّوار ولا المآلِي |
ولكنْ قد تُرَى أُرَب الحُصُونِ |
قلتُ : وقول ابن الأعْرابيّ : الرُّبَة : العُقْدَة ؛ أظن الأصل كان الأُرْبة فحُذفت الهَمزة ، وقيل : رُبَة.
وفي الحديث إن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذكر الحيّات فقال : «مَن خَشِي خُبْثَهنّ وشَرَّهنْ وإرْبَهُنّ فليس منّا».
أصل الإرْب : الدّهاء والنُّكر ، والمعنى : من توقَّى قَتْلهن خَشْية شَرِّهن فليس مِن سُنَّتنا.
وقال الليث : التَّأريب : التّحْريش.
قلت : هذا تَصْحيف ، والصواب : التّأريث ، بالثاء.
وجاء رَجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : دُلّني على عَمل يُدْخِلُني الجنّة ؛ فقال : أرِبٌ مالَه؟
معناه : أنه ذو أرَب وخُبرة وعِلْم ؛ وقال الهُذلي يَمدح رَجُلاً :
يَلُفّ طوائِفَ الفُرْسا |
نِ وهو بِلَفِّهم أَرِبُ |
وفي خبر ابن مَسعود أنّ رجلاً اعْترض النبيَّ صلىاللهعليهوسلم ليسألَه ، فصاح به الناسُ ؛ فقال عليهالسلام : «دعوا الرَّجُلَ أرِب مالَه».
قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : أي احتاج فسأل ماله.
وأَرِب عَضُدُه ، إذا سَقَط.
وأَرِب ، إذا سَجد على آرابه مُتمكِّناً.
قال القُتيبي : في قوله أرب مالَه ، أي سَقطت أعضاؤُه وأُصِيبت.
قال : وهي كلمةٌ يقولها العرب لا يُراد بها إذا قِيلت وُقوع الأمر ، كما يقال : عَقْرَى حَلْقَى ؛ وكقولهم : تَرِبت يَدَاه.
وفي حديث رَواه مَعْمر ، عن أبي إسحاق ، عن المغيرة ، عن ابن عبد الله ، عن أبيه : أنّه أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بِمِنَى فدنا منه ، فنُحِّي ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «دعوه فأَربٌ مالُه». قال : فدنوتُ منه.
قلت : و «ما» ، صِلة.
ويجوز أن يكون أراد : فأربٌ من الآرَاب جاء به فدَعُوه.
ورب : قال اللَّيث : الوِرْبُ : العُضو ؛ يُقال : عُضْوٌ مُوَرَّب ، أي مُوَفَّر.
قلت : المَعروف في كلامهم : الإرْب العُضو ، ولا أنكر أن يكون الوِرْب لغة ، كما يقولون في الميراث : وَرِث ، وأَرث.
قال اللّيث : والمُواربة : المُداهاة والمُخَاتلة.
وقال بعضُ الحكماء : مُواربة الأرِيب جَهل وعَناء ؛ لأن الأريب لا يُخْدع عن عَقْله.
قلت : المُواربة ، مأخوذة من الإرْب ، وهو الدَّهاء ، فحوِّلَت الهمزة واواً.
والوَرْبُ : الفَساد.
وقال أبو عُبيد : يقال : إنه لذُو عِرْق وَرِب ، أي فَاسد ؛ وقال أبو ذَرّة الهُذليّ :
إن يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إلى عِرْقٍ وَرِبْ |
أَهلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجِ صَخِبْ |
ويقال : سَحابٌ وَرِب : واهٍ مُسْترخٍ ؛ وقال أبو وَجْزة :
* صابَتْ به دَفَعاتُ اللّامع الوَرِب *
صابت تَصْوب : وَقَعَتْ.
قال : والتّوريب ، أن تُوَرِّيَ عن الشيء بالمُعارضات المُباحات.
أبر : في الحديث : «خَيْر المال مُهْرَةٌ مَأمورة وسِكّة مَأْبُورة».
قال أبو عُبيد : المَأْبورة : التي لُقِّحت.
يقال : أَبَرت النخلة ، فأنا آبُرها أَبْراً.
وهي نَخل مَأْبُورة ؛ ومنه الحديث : «مَن باع نخلاً قد أُبرت فثمرتُها للبائع إلا أن يَشْترطها المُبْتَاع».
قلت : وذاك لأنها لا تُؤبر إلا بعد ظُهور ثمرتها وانشقاق طَلعها وكَوافِيرها عن غَضِيضها.
وشبّه الشافعيّ ذلك بالولادة في الإماء إذا بيعت حاملاً وتبعها ولدُها ، وإن ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إلا أن يشترطه المُبتاع مع الأُم.
وكذلك النّخل إذا أُبر ؛ وقال طرفة :
وليَ الأصْلُ الذي في مِثْله |
يُصْلِح الآبِرُ زَرْعَ المُؤْتَبِرْ |
فالآبر : العامل.
والمُؤتبر : ربُّ الزَّرْع.
والمَأبور : الزّرع والنّخل المُصْلح.
شَمر ، عن ابن الأعرابي : أَبَرْتُ النخلَ ، إذا أصْلَحْتَه.
قال : وقال أبو مَعمر ، عن عبد الوارث ، عن أبي عمرو بن العلاء ، قال : يقال : نَخل قد أُبِّرت ، ووُبِرت ، وأُبِرَت ، ثلاث لغات :
فمن قال : أبِّرت ، فهي مُؤَبَّرة.
ومن قال : وُبِرت ، فهي مَوْبُورة.
ومن قال : أبِرت ، فهي مَأْبُورة.
أي مُلَقَّحة.
وقال أبو عبد الرحمن : يقال لكُل مُصْلِح صَنعة : هو آبِرُها.
وإنما قيل للمُلقّح : آبِر ، لأنه مُصْلِح ؛ وأنشد :
فإن أنتِ لم تَرْضَيْ بِسَعْيِي فاتركي |
لِيَ البَيْت آبُرْه وكُونِي مَكانِيا |
أي : أُصلحه.
أبو عُبيد ، عن الكسائي : أَبَرَتْه العَقْربُ تَأْبِرُه ، إذا لَدَغَتْه.
وهي آبرة.
وإبرة العَقرب ، للتي تَلْدغ بها.
وقال أبو الهَيْثم : إبرة الذّراع : طَرفُ العَظْم الذي من عنده يَذْرَع الذَّارع.
قال : وطَرف عَظْم العَضُد الذي يَلي المِرْفق يُقال له : القَبِيح.
وزُجّ المِرْفق بين القَبِيح وبين إبرة الذراع ؛
وأنشد :
* حيثُ تلاقي الإبرةُ القَبِيحا*
ويقال لِلْمِخْيَط : إبْرة.
وجمعها : إبَر.
والذي يَسوّي الإبر يقال له : الأبّار.
أنشد شمر لابن الأحمر في صفة الرِّياح :
أَرَبّتْ عليها كُلُّ هوجاء سَهْوة |
زَفُوف التَّوالي رَحْبة المُتَنَسَّم |
|
إباريّة هَوْجاء مَوْعدها الضُّحَى |
إذا أَرْزَمَت جاءت بوِرْدٍ عَشَمْشَم |
|
رَفُوفٍ نِيَافٍ هَيْرَعٍ عَجْرفيّة |
تَرى البِيدَ من إعْصافها الجَرْي تَرْتَمِي |
|
تحنّ ولم تَرأم فَصِيلاً وإن تجِدْ |
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّج وتَرْأمِ |
|
إذا عَصَبَتْ رَسْماً فليس بدَائِمٍ |
به وَتِدٌ إلا تَحِلّةَ مُقْسِمِ |
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أبَر ، إذا آذى ؛ وأبَر ، إذا اغتاب ، وأَبر ، إذا لَقّح النخل ، وأبر : أصلح.
أبو عبيد : المآبر : النّمائم.
واحدتها : مِئبرة ؛ وأنشد شَمر :
* ومن دَسّ أَعْدائِي إليكَ المآبِرَا*
قال شَمر : ويقال لِلْلِّسان : مِئبر ، ومِذْرب ، ومِفْصل ، ومِقْول.
وقال ابن الأعرابي : المَأْبر ، والمِئْبَر : المِحَشّ الذي تُلقَّح به النَّخلة.
بار : وفي الحديث : إنّ رجلاً أتاه الله مالاً فلم يَبْتَئر خَيْراً.
قال أبو عبيد : قال الكسائي : معناه ، لم يُقَدِّم خيراً.
وقال الأموي : هو من الشيء يُخْبأ ، كأنّه لم يُقَدّم لِنَفْسه خيراً خَبَأه لها.
قلت : ويُقال للذَّخَيرة يَدَّخرها : بَئِيرَة.
ويُقال : بأرت الشيءَ ، وابْتأَرته ، إذا ادَّخرتَه وخَبَأْتَه.
وقال الأموي : ومنه قيل للحُفْرة : البُؤْرَة.
وقال أبو عُبيد في الابتئار : لُغتان :
يقال : ابْتَأَرت ، وائْتَبْرت ، ابْتئاراً ، وائتباراً ؛ وقال القُطاميّ :
فإن لم تَأتَبِرْ رَشَداً قُرَيْشٌ |
فليس لسائِر النَّاس ابْتِئَارُ |
يعني : اصطناع الخير والمَعروف وتَقْدِيمه.
ويقال ل «إرَة» النَّار : بُؤْرَة ، وجمعها : بُؤَر ، والبِئر : معروفة ، وجمعها : بِئار ، وآبار ، وحافرُها : بأَّر ؛ ويقال : أبَّار.
وبأرتُ بِئْراً ، إذا حَفَرْتَها.
وبر : قال اللَّيث : الوَبَرُ : صُوف الإِبل والأَرْنب وما أَشْبَهها ، وجمعه : الأؤْبار.
قلت : وكذلك وَبَرُ السّمُّور والثّعالب والفَنَك.
وفي حديث الشُّورى : إنّ السِّتَّة لمّا اجتمعوا تكلّموا فقال قائلٌ منهم في
خُطبته : لا تُوَبِّروا آثاركم فتُولِتُوا دِينَكم.
هكذا رَواه الرِّياشي بإسناد له في حديث طويل أَخبرني به المُنذري ، عن الصَّيداوي ، عن الرِّياشي.
قال : وقال الرِّياشي : التَّوْبِير : التَّعْفِية ومَحْو الأَثر.
قال : وإنما يُوَبِّر من الدّواب التُّفَهُ ، وهو عَناق الأرض ، والأرنب.
يقال : وَبَّرت الأرْنبُ في عَدْوها ، إذا جَمعت بَرَاثنها لتُعَفِّي أثَرها.
قلت : وكان شَمر رَوَى هذا الحرف في حديث الشُّورى : لا تُوَبِّروا آثاركم فتُولتوا أَنْفُسَكم ، ذَهب به إلى الوَتْر والثأر ، والصواب ما رَواه الرِّياشيّ.
ألا ترى أنه يقال : وَتَرْت فلاناً أَتِره ، من الوَتْر ، ولا يقال : أَوْتَرْت.
ورَوى ابن هانىء ، عن أبي زيد ، يقال : وَبَّر فلانٌ على فلانٍ الأمْرَ ، أي عمّاه عليه ؛ وأَنْشد أبو مالك لجَرِير :
فما عَرَفَتْك كِنْدَة عن يَقينٍ |
وما وَبَّرْتُ في شُعَبِي ارْتِعَابَا |
يقول : ما أَخْفيت أمرك ارتعاباً ولكن اضْطراراً.
وروى أبو عُبيد ، عن أبي زيد : إنما يُوبِّر من الدوابّ الأرْنب وشيءٌ آخر.
قلت : هو التُّفَهُ.
قال : والتَّوْبير : أن تَتْبع المكانَ الذي لا يَسْتَبين فيه أثرُها ، وذلك أنها إذا طُلبت نظرت إلى صَلابة من الأرض فوثبت عليها لئلّا يَستبين فيه أثرُها لصَلابته.
وقال الليث : الوَبْر ؛ والأُنثى : وَبْرة : دويْبة غَبراء على قَدر السِّنَّور حَسنة العَيْنين شديدة الحَياء تكون بالغَوْر.
وأخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، أنّه قال : فلان أَسْمج من مُخَّة الوَبْر ، لسهولة مخرج مُخّه.
وروى سلَمة ، عن الفراء ، قال : يقال : فلانٌ آدم من الوِبارة ؛ جمع : الوَبْر.
والعربُ تقول : قالت الأرنبُ للوَبْر : وَبَرْ وَبْر ، عَجُزٌ وصَدْر ، وسائرك حَفْرٌ نَفْر.
فقال لها الوَبْر : أرَان أران ، عَجُزٌ وكَتِفان ، وسائرك أُكْلَتان.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يُقال للمُزْغبة من الكمأَة : بنات أَوْبر ، واحدتها : ابن أَوْبَر ، وهي الصّغار ؛ وأَنشد الأَحْمر :
ولقد بَنَيْتُك أكْمُؤا وعَساقِلاً |
ولقد نَهَيْتُك عن بَنات الأَوْبَر |
وقال الليث : وَبَارِ : أرض كانت من محالّ عادٍ بين اليَمن ورِمال يَبْرِين ، فلما هَلكت عاد وأَوْرث الله ديارهم الجِنَّ ، فلا يَتقاربها أَحَدٌ من الناس ؛ وأَنشد :
* مِثْل ما كان بَدْءُ أهْل وَبَارِ*
وقال محمّد بنُ إسْحاق بن يَسَار : وَبَارِ : بلدة يَسْكنها النَّسْناس. والله أَعْلم.
بور : قال الأصمعي : بار يَبُور بَوراً ، إذا جَرَّب.
وبار الفَحْل الناقةَ يَبُورُها بَوْراً ، إذا جَعل يَتَشَمَّمها لينظُر ألاقحٌ هي أم لا.
قال : وقال ابن زُغْبَة :
* وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخَاض تَبُورُها*
قال أبو عبيد : قولُه : كإيزاغ المخاض ، يعني : قَذفها بأَبوالها ، وذلك إذا كانت حوامل. شَبّه خُروج الدم برمي المخَاض أَبوالها. وقوله : تَبورها ، أي تختبرها أنت حين تعرضها على الفحل لتنظر ألاقح هي أم لا؟
وقال الليث : فحلٌ مِبْوَرٌ ، إذا عرف ذلك منها.
وقال أبو عُبيد : يقال للرجل إذا قذف امرأة بنفسه : إنه فجَر بها ، فإن كان كاذباً فقد ابْتَهرها ، وإن كان صادقاً فهو الابْتيار ؛ افتعال من : بُرْت الشيء أَبُوره ، إذا خبرته ؛ قال الكُميت :
قبيحٌ بمِثلِيَ نَعْتُ الفَتا |
ةِ إمّا ابْتهاراً وإمّا ابْتِيارَا |
ويقال : بارت السُّوق تَبُور.
وبارت البِيَاعَاتُ ، إذا كَسَدَت.
ومن هذا قيل : نَعوذ بالله من بَوَارِ الأيِّم ، وهو أن تَبْقَى المرأةُ في بَيتها لا يَخْطُبها خاطبٌ.
والبَوار : الفَسَاد.
وفي حديث : كنّا نَبُور أولادنا بحُبّ عليٍّ عليهالسلام ، أي نختبر ونمتحن.
وقال الفراء في قوله جَلّ وعز : (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) [الفتح : ١٢].
قال : البُور ، مصدر ، يكون واحداً وجَمْعاً.
يقال : أصبحت منازلهم بُوراً ، أي لا شيء فيها.
وكذلك أعمال الكفّار تَبْطُل.
وأخبرني المُنذريّ ، عن الحرانيّ ، عن ابن السِّكيت ، عن أبي عُبيدة : رَجُلٌ بُورٌ ، ورَجُلان بُور ، وقومٌ بُور ، وكذلك الأُنثى ، ومعناه : هالك.
وقد يُقال : رجلٌ بائر ، وقومٌ بُور.
وأَنْشد :
يا رسولَ المَليك إنّ لسانِي |
راتقٌ ما فَتَقت إذ أنا بُورُ |
وقال أبو الهيثم : البائر : الهالك ، والبائر : المجرِّب ، والبائر : الفاسِد ، وسُوق بائرة ، أي فاسدة.
وقال الليث : البَوار : الهَلَاك.
ورجلٌ حائرٌ بائر ، لا يتَّجه لشيء ، ضالٌّ تائه.
وفي كتاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأُكَيدر دُومة : «ولكم البُور والمَعَامي وأَغْفال الأرض».
قال أبو عُبيد : البُور : الأرض التي لم تُزْرع. والمَعَامي : المجهولة. والأغْفال ، نحوها.
قال : وقال الأحمر : يقال : نَزلتْ بَوَارِ على الناس ، بكسر الراء ؛ وقال أبو مُكْعِبٍ (١) الأسدِيّ :
قُتِلت فكان تَبَاغِياً وتَظالُماً |
إنّ التظالُم في الصَّديق بَوَار |
وكذلك : نزلت بَلَاءِ على الناس.
برى : قال اللَّيث : يُقال : بَرى العُود يَبْريه بَرْياً.
وبَرى القَلم يَبْريه بَرْياً.
قال : وناسٌ يَقُولون : هو يَبْرُو القَلم ، وهم الذين يقولون : البُرَّ.
قال : وبُرَةٌ مَبْرُوّة ، أي مَعْمولة.
وناقة مُبْرَاةٌ : في أَنْفها بُرَةُ ، وهي حَلقة من فِضّة أو صُفْر تُجْعل في أَنفها إذا كانت دقيقةً مَعطوفة الطَّرَفَيْن.
ونحو ذلك قال الأصمعيّ في البُرَة والناقة المُبَراة.
وتُجْمع البُرة : بُرًى ، وبُرِين.
والبَريّ : السّهم المَبْرِيّ الذي قد أُتمّ بَرْيُه ولم يُرَشْ ولم يُنْصَل.
والقِدْح أوّل ما يُقْطع يُسمَّى : قِطْعاً.
ثم يُبْرَى فيُسَمَّى : بَرِيّاً.
فإذا سُوِّم وأَنَى له أن يُرَاش ويُنْصَل ، فهو القِدْح.
فإذا رِيش ورُكِّب نَصْلُه كان سَهْماً.
ابن السِّكّيت : بَرَيْت القلم أَبْريه برْياً.
وبارَيْت فلاناً مُباراة ، إذا كنت تفعل مِثل فِعْله.
وفلانٌ يُباري الرّيح سَخَاءً.
ويُقال : تَبَرّيت لفلانٍ : إذا تَعَرَّضتَ له.
وتَبَرَّيتهم ، مثله ؛ وأَنشد :
وأَهْلة وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهَم |
وأَبْلَيْتُهم في الحَمْد جُهْدي ونائِلِي |
ويقال : بَرى فلانٌ لفلانٍ يَبْرِي له ، إذا عَرَض.
وقال الأَصْمعيّ : بَرَيت الناقة ، إذا حَسَرتها ، فأنا أبريها بَرْياً ؛ مثل بَرْي القَلم.
وبَرى يَبْري بَرْياً ، إذا نحَت.
وما وقع من نَحْت ، فهو بُرَاية.
ويُقال للبعير إذا كان ذا بقاء على السَّيْر : إنه لذو بُراية ؛ وأنشد :
__________________
(١) في «اللسان» (بور): «أبو مُكعِتٍ الأسدي ، واسمه منقذ بن خُنيس».
على حَتِ البُرَاية زَمْخريّ السَّ |
واعِدِ ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ |
يصف ظَلِيماً.
قال : وبَرى له يَبْرِي بَرْياً؟ إذا عارَضه وصَنع مثل ما صَنع.
ومثله : انْبرى له.
وهما يَتباريان ، إذا صَنع كُلّ واحدٍ مِنهما صَنِيع صاحِبه.
وأبريت الناقة ، جعَلت لها بُرَة.
ومن مهموزه
برأ : المُزني ، عن ابن السِّكيت : برأتُ من المرض أَبْرأ بَرْءًا ، وبَرِئْت أَبْرأ بُرْءًا.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : بَرىء ، إذا تخلّص ، وبَرىء ، إذا تنزَّه وتَباعد ، وبَرىء ، إذا أَعْذر وأنْذَر ؛ ومنه قولُ الله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة : ١] أي إعْذار وإنذار.
وقال الأصمعي : برأت من المرض بُروءاً ، لغة تميم ، وأَهْل الحجاز يقولون : برأت من المرض بَرْءًا.
وأَبرأه الله من مَرضه إبْرَاءً.
وقال أبو زيد ، برأتُ من المرض ، لُغة أهل الحجاز ، وسائر العرب يقولون : بَرِئْت من المرض.
قال : وأما قولهم : برئتُ من الدَّين أَبْرأَ بَرَاءةً ؛ وكذلك : بَرِئْتُ إليك من فلان أَبْرَأَ بَراءةً ، فليس فيها غير هذه اللُّغة.
وقال الفَرّاء في قول الله عزوجل : (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) [الزخرف : ٢٦]. العرب تقول : نحن منك الَبَراء والخَلاء ، والواحد والاثنان والجميع من المذكّر والمؤَنث ، يقال فيه : بَراء ، لأنه مَصْدر ، ولو قال : برىء ، لقِيل في الاثنين : بريئان ، وفي الجميع : بريئون ، وبِراء.
وقال أبو إسحاق : المعنى في البَراء أي ذو البَراء منكم ، ونحن ذو البَراء منكم.
وقال الأصمعي نحواً مما قال الفَراء ، وزاد فيه : نحن بُرآء ، على فُعلاء ، وبِراء ، على فِعَال ، وأبْرياء.
وفي المؤنّث : إنني بريئة ؛ وفي المثنى : بريئتان ؛ وفي الجميع : بريئات ، وبَرايا.
وبرأ الله الخلق يَبْرؤهم بَرْءًا.
والله البارىء الذّارىء.
والبريّة : الخَلْق ، بلا هَمز.
قال الفَراء : هي من : بَرأ الله الخَلق ، أي خَلقهم.
قال : وإن أُخذت من البَرَى وهو التراب ، فأصلُها غير الهمز ؛ وأَنشد :
* بفِيك مِن سَارٍ إلى القَوْمِ البَرَى *
أي : التُّراب.
وقال أبو عبيد : قال يُونس ، أهل مكة يُخالفون غيرهم من العَرب فيهمزون
النبىء ، والبريئة ، والذَّريئة ، من ذرأ الله الخلق ، وذلك قليل.
وقال الفَراء : النبىء ، هو من أنبأ عن الله ، فتُرك هَمزُه.
وإن أخذته من النَّبْوة ، والنّباوة ، وهي الارتفاع عن الأرض ، أي إنه أشرف على سائر الخَلْق ، فأصله غير الهمز.
قال القُتَيبي : آخر ليلة من الشهر تُسَمَّى : بَراء ، يَبْرَأ فيها القَمَرُ من الشَّمس.
قال الزّجاج : يقال : بَرَأت من الرّجل والدّين بَرَاءةً.
وبَرئْت من المرض ، وبَرَأت.
وبَرأت أَبْرأ بَرْءًا.
قال : وقال : وبَرَأت أَبْرُؤ بَرْءًا.
قال : ولم نجد فيما لامه هَمزة : فَعَلت أفْعُل ؛ وقد اسْتَقصى العُلماء باللّغة هذا فلم يَجدوه إلا في هذه الحروف.
ثم ذكر : قرأت أقرؤ ، وهَنَأْت البَعيرَ أهْنُؤُه.
قال : وقول الله تعالى : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة : ١] : في رفع بَراءَةٌ قولان : أحدهما : على خبر الابتداء ، المعنى : هذه الآيات براءة من الله ورسوله. والثاني : بَراءَةٌ ، ابتداء ، والخبر : (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) [التوبة : ١].
وكلا القولين حَسَن.
أبو عُبيد (١) ، عن الأموي : البَرَى : التُّراب.
وكذلك قال الفَرّاء وابن الأعرابيّ.
وقال الأصمعيّ : مَطر ذو بُراية : يَبْري الأرض ويَقْشرها.
قال : والبُراية : القُوّة.
ودابّة ذات بُراية ، أي ذات قُوّة على السَّيْر.
وقيل : هي قويّة عند بَرْي السّيْر إيّاها.
ويُقال : بارأْتُ المرأةَ والكَرِيَ أُبارئهما مُبارأةً ، إذا صالَحْتَهما على الفِراق.
أبو الهَيْثم : الوَرى والبَرى ، معناهما واحد ، يقال : هو خَير الوَرَى والبَرى ، أي خَير الخَلق.
والبَرِيّة : الخَلْق.
قال : والواو تُبدل من الباء ، فيقال : بالله لا أفعل ، ثم قالوا : والله لا أَفعل.
قاله الفَرّاء ، وقال : الجالب لهذه الباء في اليمين «بالله ما فَعَلت» إضمار «أحلف» ، يريد : أَحلف بالله.
قال : وإذا قلت : والله لا أفعل ذاك ، ثم كنّيت عن اسم الله ، قلت : به لا أفعل ذلك ، فتركت الواو ورجعت إلى الباء.
والبُرْأة : فُتْرة الصّائد التي يَكْمُن فيها.
__________________
(١) مكان هذا (برى) كما ذكره ابن منظور ، (إبياري).
والجمع : بُرأ ؛ وقال الأعْشى :
* بها بُرَأ مِثْلُ الفَسِيل المُكَمَّمِ*
والاسْتِبراء : أن يَشْتري الرَّجل جاريةً فلا يطؤها حتى تَحِيض عنده حَيضةً ثم تَطْهُر.
وكذلك إذا سباها لم يَطَأها حتى يَسْتَبرئها بحَيْضة.
ومعناه : طَلب براءتها من الحَمل.
واسْتبرأ الذَّكَرَ : طَلب بَراءته من بقيّة بَوْل فيه بتَحْريكه ونَتْره وما أَشبه ذلك حتى يَعْلَم أنّه لم يَبق فيه شيء.
عمرو ، عن أبيه : البَراء : أوّل يوم من الشَّهْر.
وقد أبرأ ، إذا دَخل في البَراء.
وقال الأصمعي : البَراء : آخر لَيلة من الشَّهر.
وقال ابن الأعرابي : ويقال لآخر يَوْمٍ مِن الشَّهر : البَراء ؛ لأنه قد بَرىء من هذا الشَّهر.
وابن البَراء : أول يوم من الشَّهر.
وقال المازني : البَراء : أول ليلة من الشَّهر ؛ وأَنشد :
* يوماً إذا كان البَراء نَحْسَا*
أي إذا لم يكن فيه مطر ، وهم يَستحبّون المَطر في آخر الشهر.
وقال ابن الأعرابي : البَراء من الأيّام : يوم سَعد يُتبرَّك بكُل ما يَحدث فيه ؛ وأنشد :
كان البَراء لهم نَحساً ففَرَّقهم |
ولم يكُن ذاك نحساً مُذ سَرَى القَمَرُ |
وقال الآخر :
إنّ عَبِيداً لا يكون عُسّا |
كما البَراء لا يكون نَحْسا |
وقال أبو عمرو الشيباني : أبرأ ، إذا دَخل في البَراء ، وهو أوّل الشَّهر.
وأبرأ ، إذا صادف بَريَّا ، وهو قَصب السُّكَّر.
قلت : قولُه : أبرأ ، إذا صادف بريّاً ، وهو قصب السكر : أَحْسَبه غير صحيح. والذي أعرفه : أَبَرْتُ ، إذا صادفت بريّاً ، وهو سُكر الطَّبْرَزَذ.
قال ابن الأعرابي : البَريء : المُتَفَصِّي القبائح ، المُتَنحِّي عن الباطل والكذب ، البعيد عن التُّهم ، النَّقِيّ القلب من الشِّرك.
والبَرِيء : الصَّحِيح الْجِسْم والعَقْل.
ربا : يُقال : رَبا الشيءُ يَرْبُو ، إذا زادَ.
ومنه أُخذ الرِّبَا الحرام ؛ وقال الله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) [الروم : ٣٩] الآية.
قال أبو إسحاق : يَعني به دَفْع الإنسان الشيءَ ليعوَّض ما هو أكثر منه ، فذلك في أكثر التّفسير ليس بحرام ، ولكن لا ثواب لمن زاد على ما أَخذ.
قال : والرِّبا ؛ رَبَوان :
فالحرامُ كُلّ قَرْض يُؤْخذ به أكثر منه ، أو تجرُّ به مَنْفعة ، فحرام.
والذي ليس بحرام أن يَهبه الإنسان يَسْتَدعي به ما هو أكثر ، أو يُهدي الهَدِيَّة لِيُهدَى له ما هو أكثرُ منها.
وقال الفراء : قرىء هذا الحرف (لِيَرْبُوَا) بالياء ، ونَصْب الواو.
قرأها عاصم والأعمش.
وقرأ أهلُ الحجاز (لِتُرْبُوا) بالتاء مَرْفوعة.
وكُلٌّ صواب.
فمن قرأ (لِتُربوا) ، فالفِعل للقوم الذين خُوطبوا ، دلّ على نَصبها سُقوط النُّون.
ومن قرأ (لِيَرْبُوَا) مَعناه : لِيَربُو ما أعطَيْتم من شيء لتأخذوا أكثر منه ، فذلك رُبُوّه ، وليس ذلك زاكياً عند الله ، (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) فتلك تَربُو بالتَّضعيف.
وفي حديث عائشة : إن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لها : «ما لي أراك حَشْيَا رابية».
أراد ب «الرَّابية» : التي أخذها الرَّبو ، وهو البُهْرُ ، وكذلك الحَشْيَا.
وقال الله تعالى : (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ) [البقرة : ٢٦٥].
قال أبو العبَّاس : فيها ثلاث لُغات : رَبْوة ، ورِبْوة ، ورُبْوة ؛ الاختيار رُبْوة ، لأنها أكثر اللُّغات ، والفتح لُغة تَميم.
قلتُ : وهي الرّباوة ، والرّابية ، والرّباة ، كل ذلك ما ارْتفع من الأرض.
وقال الله تعالى : (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحج : ٥].
وقُرىء : ورَبأت.
فمن قرأ (وَرَبَتْ) فهو من : ربا يَرْبو ، إذا زاد على أي الجهات زاد.
ومن قرأ (وربأت) بالهمز ، فمعناه : ارْتفعت.
وقال شَمِر : الرَّابِية : ما رَبا وارْتفع من الأرض.
وجمع : الرَّبْوة : رُبًى ، ورُبِيّ ؛ وأنشد :
* ولاحَ إذ زَوْزَى به الرُّبِيّ *
وزَوْزى به ، أي انتصَب به.
وهي الرّباوة.
وقال ابن شُميل : الرَّوابي : ما أَشرف من الرَّمل ، مثل الدَّكْدَاكة ، غير أنها أشدّ منها إشرافاً ، وهي أسهل من الدَّكْداكة ، والدَّكداكة أشدّ اكتنازاً منها وأَغْلظ.
والرّابية فيها خُؤورة وإشراف ، تُنْبِت أَجود البَقل الذي في الرِّمال وأكثره ، يَنْزلُها النّاسُ.
ويقال : جَملٌ صَعْب الرُّبَة ، أي لَطيف الجُفْرة. قاله ابْن شُميل.
قلتُ : وأصله رُبْوة ؛ وأَنشد ابن الأعْرابي :
هل لكِ يا خَدْلَة في صَعْب الرُّبَه |
مُعْترمٍ هامَتُه كالْحَبْحَبَهْ |
وفي حديث رُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في صُلْح أهل نَجْران : أن ليس عليهم رُبِّيّةٌ ولا دَمٌ.
قال أبو عُبيد : هكذا رُوي بتَشديد الباء والياء.
وقال الفَراء : إنما هو رُبْيَة ، مخفّف ، أراد بها الرِّبا الذي كان عليهم في الجاهليّة ، والدِّماء التي كانوا يُطْلبون بها.
وقال الفَراء : ومِثل الرُّبْية من الرِّبا : حُبْية من الاحْتباء ، سماع من العرب ، يعني أنهم تكلّموا بها بالياء : رُبْيَة ، وحُبْية ، ولم يقولوا : رُبْوة ، وحُبْوة ، وأصلهما الواو.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد ، يقال : جاء فلان في أُرْبِيّته ، وفي أُرْبية من قومه ، أي في أهل بَيْته وبني عَمه ، ولا تكون الأُرْبِيّة من غيرهم.
وقال الكسائي : الأربيّة ، مشدّدة : أصل الفَخِذ.
وقال ابن شُميل : هي ما بين الفَخِذ وأسفل البَطْن.
قال شمر : قال الفزاريّ : الأُرْبيّة : قريبةٌ من العَانة.
وللإنسان أُرْبِيّتَان ، وهما يكتنفان العانة ، والرُّفغُ تحتهما.
المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي : يُقال رَبيتُ في حجره ، ورَبَوْتُ ، ورَبِيت ، أَرْبَى رباً وربُوّاً ؛ وأَنشد :
ومَن يَكُ سائلاً عنِّي فإنِّي |
بمكّة مَنْزلي وبها رَبِيتُ |
قال أبو سعيد : الرُّبْوة ، بضم الراء : عشرة آلاف من الرِّجال.
والجميع : الرُّبَا ؛ قال العجّاج :
بينا همُ يَنْتظرون المُنْقَضَى |
منّا إذا هُنّ أَراعِيلٌ رُبَى |
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الرُّبْية : الفأر.
وجمعها : رُبًى ؛ وأَنشد :
أَكَلْنا الرُّبى يا أُمّ عَمْرٍو ومَن يكن |
غريباً بأَرْضٍ يَأكُل الحَشراتِ |
قال : والأرباء : الجماعات مِن النَّاس.
واحدهم : رَبْو ، غير مَهموز.
ومن مهموزه
ربأ : الرَّبيئة ، وهو عَيْن القَوم الذين يَرْبَأ لهم فوق مَرْبَأَةٍ من الأرْض.
ويَرْتبىء ، أي يَقُوم هنالك.
ومَرْبأة البازِي : منارةٌ يَرْبأ عليها ، وخَفّف الراجز هَمْزها فقال :
* باتَ على مَرْبَاتِه مُقَيَّدَا*
ويقال : أرض لا رِباء فيها ولا وِطاء ، مَمدودان.
ورابأتُ فلاناً ، إذا حارَستَه وحارَسَك.
أبو زيد : ربأتُ القوم أَرْبَؤهم رَبْئاً ، إذا
كنتَ طليعةً لهم فوق شَرف.
واسم الرجل : الرَّبيئة.
ويقال : ما رَبَأْتُ رَبْئَهُ ، وما مَأَنْت مَأْنه ، أي لم أُبالِ به ولم أَحْتَفل له.
ورابأتُ فلاناً مُرابأة ، إذا اتَّقَيْته ؛ وقال البَعِيثُ :
فرابأتُ واسْتَتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته |
إلى عَظَماتٍ مَنْعها الجارَ مُحْكَمُ |
الأصمعيّ (١) : رَبَوْت في بني فلان أَرْبُو ، إذا نَبَتّ فيهم ونَشأت.
قال : ورَبَّيْت فلاناً أُرَبِّيه تَرْبِيةً ، وتَرَبَّيْته ، ورَبَيْته ، ورَبَّيته ، بمعنًى واحد.
وأَرْبى الرجلُ في الرِّبا ، يُرْبِي.
وسابّ فلانٌ فلاناً فأَرْبى عليه في السِّباب ، إذا زاد عليه.
ويقال : إني لأَرْبأ بك عن ذلك الأمر ، أي أَرْفَعك عنه.
ويقال : ما عرفت فلاناً حتى أَرْبأ لي ، أي أَشْرف لي.
[باب الراء والميم]
ر م (وايء)
أمر ، رمى ، رام ، ريم ، مري ، مار ، (مور) ، مرأ ، أرم ، مرو ، ورم.
رمى : اللَّيث : رَمَى يَرْمِي رَمْياً ، فهو رامٍ ؛ وقال الله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧].
قال أبو إسحاق : ليس هذا نَفْي رَمْي النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّ العرب خُوطبت بما تَعْقل.
ويُروى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لأبي بكر : ناوِلْني كَفّاً مِن تُرابِ بَطْحاء مكّة ، فناوله كفّاً فَرمَى به ، فلم يَبق منهم أحدٌ من العَدُوّ إلّا شُغل بعَيْنيه. فأَعلم الله عزوجل أن كفّاً من تراب أو حصًى لا يَملأ به عُيُون ذلك الجيش الكثير بَشَرٌ ، وأَنه سُبحانه وتعالَى تولَّى إيصال ذلك إلى أبصارهم ، فقال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) [الأنفال : ١٧] أي لم يُصب رَمْيك ذلك ويَبْلغ ذلك المَبلغ ، بل إنما الله عزوجل تولّى ذلك. فهذا مجاز قوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧].
ورَوى أبو عمرو ، عن أبي العبّاس أنه قال : معناه : (وَما رَمَيْتَ) الرُّعْب والفَزَع في قُلوبهم (إِذْ رَمَيْتَ) بالحَصَى.
وقال المُبرِّد : معناه : (ما رَمَيْتَ) بقُوّتك (إِذْ رَمَيْتَ) ولكن بقُوّة الله رَمَيْت.
ابن الأعرابي : رَمَى الرَّجُلُ ، إذا سافَر.
قلت : وسمعت أعرابيّاً يقول لآخر : أين تَرْمي؟ فقال : أريد بلدَ كذا وكذا. أراد :
__________________
(١) مكان هذا في (ربا) غير مهموز ، (إبياري).
أيّ جِهة تَنْوي؟
ابن الأعرابي : رمى فلان فلاناً ، أي قَذفه. ومنه قولُ الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) [النور : ٤] معناه : القَذف.
ابن الأعرابي : رَمَى فلانٌ يَرْمي ، إذا ظن ظنّاً غيرَ مُصِيب.
قلت : هو مثل قوله تعالى : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) [الكهف : ٢٢].
وقال طُفَيل يَصف الخَيل :
إذا قِيل نَهْنِهْهَا وقد جَدَّ جِدُّها |
ترامَتْ كخذْرُوف الوَليد المُثَقَّفِ |
رَامت : تَتابعت وازدادت.
يقال : ما زال الشَّرُّ يترامَى بينهم ، أي يَتتابَع.
وترامى الجُرْح والْحَبُ إلى فَسادٍ ، أي تَراخَى فصار عَفِناً فاسِداً.
ويقال : ترامى فلان إلى الظَّفَر ، أو إلى الخِذْلان ، أي صار إليه.
وفي حديث زيد بن حارثة أنه سُبي في الجاهليّة ، فتَرامَى به الأمْرُ إلى أن صار إلى خَديجة ، فَوَهَبَتْه للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأَعْتقه.
ويقال : أَرْمَى الفرسُ براكبه ، إذا ألقاه.
ويقال : أرميتُ الحِمْلَ عن ظهر البَعير ، فارْتمى عنه ، أي طاحَ وسَقط إلى الأرض ؛ ومنه قوله :
* وسَوْقاً بالأَماعِز يَرْتَمِينا*
أراد : يَطْحِن ويَخْرِرْن.
ويقال : ترامى القَوم بالسّهام ، وارْتَموا ، إذا رَمى بعضُهم بعضاً.
ابن السِّكيت : يُقَال : خرجت أَتَرَمَّى ، إذا جعلت تَرْمي في الأَغراض وفي أُصُول الشَّجر.
وخرجت أَرتمي ، إذا رميت القَنَصَ ؛ وقال الشَّمّاخ :
خَلَتْ غيرَ آثار الأَراجِيل تَرْتَمي |
تَقَعْقَع في الآبَاطِ منها وِفاضُها |
قال : ترتمي ، أي تَرْمي الصَّيد والأَراجيل : رجالةٌ لُصُوص.
ويقال : فلان مُرْتَمًى للقوم ، ومُرْتَبًى ، أي طَلِيعة.
الأصمعيّ : المِرْماة : سَهم الأهداف.
ورُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو أنّ أحدهم دُعي إلى مِرْمَاتَيْن لأجاب وهو لا يُجيب إلى الصلاة.
قال أبو عُبيد : ويقال : إن المِرْمَاتين : ما بَين ظِلْفَي الشاة.
وفي الحديث : لو أنّ رجلاً دعَا الناسَ إلى مِرْماتين أو عَرْق أجابُوه.
قال : وفيها لُغة أخرى : مَرْماة.
قال : وهذا حرف لا أدري ما وَجْهُه؟ إلا أنه هكذا يُفَسَّر. والله أعلم.
وأخبرني ابن هاجك ، عن [ابن](١) جبلة ، عن ابن الأعرابي : المِرْماة : السهم الذي يُرمى به ، في هذا الحديث.
قال ابن شميل : المَرامي : مثل المَسَالّ دَقيقة ، فيها شيء من طول ، لا حُرُوف لها.
قال : والقِدْح بالحديدة : مِرْمَاةٌ.
والحديدة وَحْدَها : مِرْمَاة.
قال : وهي للصَّيد ، لأنها أخفّ وأَدَقّ.
قال : والمِرماة : قِدْح عليه ريشٌ وفي أَسْفله نَصْل مثل الإصْبَع.
وقال أبو سعيد : المِرْمَاتان ، في الحديث : سَهمان يَرْمِي بهما الرَّجُلُ فيُحْرِز سَبقَه فيقول : سابقَ إلى إحْراز الدُّنيا وسَبَقِها ، ويَدَع سَبَق الآخرة.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : الرَّمِيّ ، والسَّقِيّ ، على مثال فعيل : هما سَحابتان عَظيمتا القَطْر شَديدتا الوَقْع.
قلت : وجمع غيرُه الرَّمِي من السحاب : أَرْمِية.
وجمعه اللَّيث : أَرْماء.
وقال : هي قطع من السَّحاب صِغار قَدْر الكفّ وأعظم شيئاً.
والقول ما قاله الأصمعيّ.
وفي حديث عمر : لا تَبِيعوا الذَّهب بالفِضة إلا يَداً بيدٍ هاء وهاء ، إنّي أخاف عليكم الرماء.
قال أبو عُبيد : أراد بالرَّماء : الزِّيادة ، يعني : الرِّبا ، يقال ، هي زيادة على ما يَحلّ.
ومنه قيل : أرْمَيتُ على الخمسين ، أي زِدت عليها ، إرْمَاءً.
ورواه بعضُهم : إني أخاف عليكم الإرماء ، فجاء بالمَصْدر ؛ وأنشد لحاتم الطائيّ :
وأسمر خَطِّيّاً كأنّ كُعُوبه |
نَوَى القَسْب قد أَرْمَى ذِراعاً على العَشْر |
أي : زاد.
أبو زيد : قد أرْمَيْت على الخمسين ، ورَمَيْت ، أي زِدْت.
وقال ابن الأعرابيّ مثلَه.
ويقال : كان بين القوم رِمِّيّا ثم حَجزتُ بينهم حِجِّيزَى ، أي كان بين القوم تَرامٍ بالحجارة ثم تَوسَّطهم من حجز بينهم وكفّ بعضهم عن بعض.
وفي الحديث الذي جاء في الخوارج : يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرقُ السَّهمُ من الرّمِيّة.
قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ وغيره : قوله الرميّة : هي الطَّريدة التي يَرميها الصائد ،
__________________
(١) سقط من المطبوع ، وهو أحمد بن عبد الله بن جبلة ، انظر مقدمة المصنف «للتهذيب» (١ / ١٣).