باب المعتل من حرف النون
ن ف (وايء)
نفى ، ناف ، فنا ، فان ، إنف ، ينف ، أفن ، وفن ، فون ، فنو ، نفو ، إفن.
ينف : يَنُوف : اسمُ جَبلٍ في البادية.
نفى : اللّيث : نَفَيْت الرَّجُلَ وغيرَه نَفْياً ، إذا طَرَدْته ، فهو مَنْفِيّ : قال الله تعالى : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) [المائدة : ٣٣].
قال بعضهم : معناه : مَن قَتله فَدَمُه هَدَرٌ ، أي لا يُطالب قاتلُه بدَمِه.
وقيل : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) : يُقاتلون حينما تَوجَّهوا منها لا يُتْركون فارِّين.
وقيل : نَفْيهم ، إذا لم يقْتلوا ولم يأخُذوا مالاً ، أو يُخلَّدوا في السِّجن ، إلا أن يَتُوبوا قبل أن يُقْدَر عليهم.
ونَفْي الزَّاني الذي لم يُحْصِن : أن يُنْفَى من بلده الذي هو به إلى بلد آخَر سنةً.
وهو التَّغْرِيب الذي جاء في الحَديث.
ونَفْي المُخنَّث : أن يُطرد من مُدن المُسلمين ، كما أَمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم بِنَفْي هِيتٍ وماتع ، وهما مُخَنّثان كانا بالمَدينة.
ويُقال : نفيت الشيء أَنْفِيه نَفْياً ونُفَاية ، إذا رَدَدْته.
والنُّفاية : المَنْفِيّ القَلِيل ، مثل : البُراية والنُّحاتة.
ونَفِيُ الماء ، ما انْتَضح منه إذا نُزع من البئر بالدَّلو والقِرَب ؛ ومنه قولُ الراجز :
كأنّ مَتْنَيْه من النَّفِيّ |
من طُول إشْرافِي على الطَّوِيّ |
|
مواقعُ الطّيْر على الصفيّ |
وهذا ساقٍ كان أسود الجِلدة يَسْتَقِي من بئر مِلْح ، فكان يَبْيَضّ نَفِيّ الماء على ظَهِره إذا تَرَشَّش ، لملُوحته.
أبو زيد : النِّفْية ، والنِّفْوة ، هما اسم ما نُفي من شيء لِردَاءته.
ابن شُميل : يقال للدائرة التي في قُصاص الشَّعر : النَّافِية ؛ وقُصاص الشَّعر : مُقَدَّمه.
ابن الأعرابي : النَّفِيّة ، والنُّفْيَة : سُفرة مُدوَّرة تُتخذ من خُوص النَّخْل.
وعوام الناس بالحجازِ يسمّونها : النَّبِيّة ، وهي النَّفيّة.
اللحياني : النَّفِيّ والنَّثِيّ ، هو ما نَفاه الرِّشاءُ مِن الماء.
قال : والفَنَا والثَّنا : فِناء الدار.
الليث : نَفِيّ الرِّيح : ما نَفى من التراب في أُصول الحِيطان ونحوه.
وكذلك : نفيّ المَطر ؛ ونَفِيّ القِدْر.
أبو عُبيد : نَفَى الرجلُ عَن الأَرض.
ونَفَيْته أنا ؛ وقال القُطاميّ :
فأصْبح جاراكُم قَتِيلاً ونافِياً |
أَصَمّ فَزَادوا في مَسامعه وَقْرَا |
وقال الليث نَحْوَه.
يُقال : نَفَى الشيءُ يَنْفى نَفْياً ، أي تَنَحّى.
ومن هذا يُقال : نَفَى شَعَرُ فلان يَنْفِي ، إذا ثار واشْعانّ ؛ ومنه قول محمد بن كعب القُرظيّ لعمر بن عبد العزيز حين استُخْلف فرآه شَعِثاً ، فأدام النظر إليه ؛ فقال له عمر : ما لك تديم النظر إليّ؟ فقال : أنظر إلى ما نَفَى من شَعرك ، أي ثار وشَعِث.
ويقال : انتفى فلانٌ من ولده ، إذا نَفاه عن أن يكون له ولداً.
وانْتفى فلانٌ من فلانٍ ، وانْتَفل منه ، إذا رَغِب عنه أَنَفاً.
وانْتفى شَعرُ الإِنسان ، ونفَى ، إذا تساقط.
وانتفى ورقُ الشجر ، إذا تساقط.
ونَفَيان السَّحاب : ما نَفَى من مائه فأَسَاله ؛ وقال ساعدة الهُذليّ :
يَقْرُو به نَفيانُ كُلِّ عشيّة |
فالماءُ فَوق مُتونه يَتصبَّبُ |
وأما نَفيان السَّيْل ، فهو ما فاض من مُجتمعه كأنه يجتمع في الأنهار والإخاذات ، ثم يَفيض إذا مَلأها ، فذلك نَفَيانهُ.
الأصمعي : النَّفأ من النَّبت : القِطَع المتفرِّقة. واحدتها : نُفْأة.
ناف : ناف ، وأناف ، إذا أَشْرَف.
ومن «ناف» يقال : هذه مِئة ونَيِّف ، بتَشديد الياء ، أي زيادة.
وعوامّ الناس يخفّفون ويقولون : ونَيْف ، وهو لَحن عند الفُصحاء.
وقال أبو العبّاس : الذي حَصَّلناه من أقاويل حُذّاق البَصرِّيين والكوفيين أن «النَّيِّف» من واحدة إلى ثلاث.
قال : والبِضْع ، من أَربع إلى تِسْع.
ويقال : نَيَّف فلانٌ على السِّتِّين ونحوها ، إذا زاد عليها.
الليث : يقال : أنافت هذه الدراهم على مئة ، وأناف الجبل ؛ وأناف البِناء.
فهو جَبَلٌ مُنِيف.
وبناء مُنِيف ، أي طويل.
وناقة نِياف ، وجَمل نِيَافٌ ، أي طويل في ارتفاع.
قال : وبعضهم يقول : جمل نَيَّاف ، على «فَيْعال» إذا ارتفع في سَيْره ؛ وأَنْشد :
* يَتْبعن نيّاف الضّحى عَزاهِلَا*
ويُروي : زيّاف الضُّحى ، وهو عندي أصَحّ.
ابن الأعرابي : النَّوْف : السَّنام العالي. وبه
سُمِّي نَوْفٌ البِكَالِيّ.
قال : والنَّوْف : بُظارة المرأة.
ويُقال لكل شيء مشرف على غيره : إنه لمُنِيف ؛ قال طرفة يصف الخيل :
وأنافتْ بهَوَادٍ تُلُعٍ |
كَجذوعٍ شُذِّبت عنها القُشُرْ |
ومنه يُقال : عشرون ونَيِّف ، لأنه زائد على العَقْد.
وكذلك : ألْف ونَيِّف.
ولا يُقال : نَيِّف ، إلا بَعد كُل عَقْد.
قال : وقال الأصمعي : النَّيِّف ، الفَضْل.
يُقال : ضَع النَّيِّفَ في مَوْضعه.
وقد نَيَّف العددُ على ما تَقُول.
المؤرّج : النَّوْف : المَصّ من الثَّدْي.
والنَّوْف : الصَّوْت.
يقال : نافت الضَّبُعة تَنُوف نَوْفاً.
قلت : وهذان الحرفان لا أَحفظهما ، ولا أدري من رواهما عنه.
أبو عُبيد ، عن الفراء : نَئِف يَنْأَف ، إذا أَكل. ويَصْلُح في الشُّرب.
قال : وقال أبو عمرو : نَئِف في الشَّراب إذا ارْتوى.
فين : الكسائي وغيره : الفَيْنة ، الوقت من الزَّمان.
قال : وإن أخذت قولهم ، شَعَر فَيْنان ، من «الفَنَن» ، وهو الغُصن ، صَرَفته في حالي المَعرفة والنكرة ، وإن أخذته من «الفَيْنة» ، وهو الوقت من الزمان ، ألحقته بباب : فَعْلان وفَعْلانة ، فصرفْته في النكرة ، ولم تَصْرفه في المعرفة.
أبو زَيد : يَقال : إني لآتي فلاناً الفينةَ بعد الفَيْنة ، أي آتِيه : الحِين بعد الحين ، والوقت بعد الوقت ، ولا أَريم الاختلاف إليه.
فنا : الليث : الفَنَاء : نقيض البَقَاء ، والفِعْل : فَنَى يَفْنَى فَنَاءً ، فهو فانٍ.
غيره : فَنِي الرَّجُلُ يَفْنَى ، إذا هَرم وأَشْرف على المَوْت ؛ وقال لَبيد يَصف الإنسانَ وفَنَاءه :
حبائِلُه مَبْثوثةٌ بِسَبِيله |
ويَفْنَى إذا ما أَخْطأته الحَبائِلُ |
أي : يَهْرم فيموت ، لا بُد منه ، إذا أخطأته أسبابُ المَنايا في شبِيبته وقبل هَرَمه.
الفِناء : سَعةٌ أمَام الدَّار. وجمعه : الأَفْنِية.
ابن الأعرابي : بها أفْناء من الناس وأَعْناء ، أي أَخْلاط. الواحد : عِنْوٌ ، وفِنْوٌ.
وقال أبو حاتم وأبو الهَيْثم : يُقال : هؤلاء من أفْناء الناس. ولا يُقال في الواحد : رجُلٌ من أَفناء الناس.
وتفسيره : قوم من ها هنا وها هنا نُزَّاعٌ.
ولم نَعْرف لها واحداً.
أبو عمرو : شجرة فَنْواء : ذات أَفَنانٍ.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الفَنَاء ، مَقْصور : عِنَبُ الثَّعْلَب. ويُقال : نَبْت آخر ؛ وقال زُهَيْر :
كأنّ فُتات العِهْنِ في كُلِّ مَنْزِلٍ |
نَزَلْن به حَبُ الفَنا لم يُحَطَّم |
ابن الأعرابي : أَنْشد قول الراجز في صِفة راعي غَنَم :
صُلْب العَصَا بالضَّرْبِ قد دَمَّاها |
يَقُول لَيْت الله قد أَفْنَاهَا |
فيه مَعْنيان : أحدهما : أنّه جَعل عَصاه صُلْبة ، لأنه يحتاج إلى تَقْويمها ، ودَعا عليها فقال : ليت ربِّي قد أَهْلكها ودمّاها ، أي سَيّل دَمَها بالضَّرب لخِلافها عليه.
والوجه الثاني في قوله «صُلب العصا» أي لا تُحوجه إلى ضربها ، فعصاه باقية. قوله «بالضرب قد دَمّاها» ، أي : كساها السِّمَن ، كأنه دَمَّمَها بالشَّحْم ، لأنه يُرَعِّيها كُلّ ضَرب من النَّبات.
وأما قوله «ليت الله قد أفناها» ، أي : أَنْبت لها الفَنَا ، وهو عِنَب الثَّعلب حتى تَغْزُر وتَسْمَن.
قال : والأفاني : نَبْت أصْفر وأحمر.
واحدته : أَفَانِية.
أبو عبيد ، عن أبي عمرو : وإذا يَبس الأفاني ، فهو الحَمَاط.
قلت : هذا غَلط ، لأن «الأفاني» : نَبْت من ذُكور البَقْل ، وإذا يَبِس تناثر وَرَقُه.
وأما الحَماط ، فهو الحَلَمة ولا هَيْج لها ، لأنها من الْجَنْبة.
أبو عُبيد ، عن أبي عمرو : الفَنَاة : البَقَرة.
وجمعها : فَنَوات.
قال : وقال الأمويّ : فانَيْتُه ، أي سَكَّنْتُه.
غيره : المُفاناة : المُداراة ؛ وأَنْشد :
* كما يُفَانِي الشُّمُوسَ رائِدُها*
أبو تراب ، عن أبي السَّمَيْدع : بنو فلان ما يُعانُونُ مالَهم ولا يُفَانُونه ، أي ما يقومون عليه ولا يُصْلِحونه.
أفن : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : المَأفون ، والمأفوك ، جميعاً ، من الرِّجال : الذي لا زَوْرَ له ولا صَيُّور ، أي : لا رأيَ له يُرْجَع إليه.
وأخبرني أبو الحسن المَزنيّ ، عن أحمد ابن يحيى أنه قال : وُجْدان الرَّقِين تُعَفِّي عن أَفْن الأَفِين. معناه : أن الرَّقين يَسْتر حُمْق الأحْمق.
أبو عبيد ، عن الأصمعي : أَفَنْتُ الإبلَ أفْناً ، إذا حَلَبْت كُلّ ما في ضَرْعها ؛ وأَنْشَد للمُخبَّل :
إذا أُفِنَت أَرْوى عِيالَك أَفْنُها |
وإن حُيِّنتْ أَرْبى على الوَطْب حِينُها |
والتَّحْيين : أن تُحْلب في كل يوم وليلة مرةً واحدة.
قلت : ومن هذا قيل للأحمق : مأفون ، كأنه نُزع عنه عَقْلُه كُلّه.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الأفْن : نَقْص اللَّبَن (١).
ويُقال : ما في فلانٍ آفِنةٌ ، أي خَصْلة تَأْفِن عَقْله ؛ وقال الكُمَيْت يمدح زياد بن مَعْقِل الأسَدِيّ :
ما حَوَّلَتْك عن اسم الصِّدْق آفِنَةٌ |
من العُيُوب وما نَبّرْت بالسَّبَبِ |
يقول : ما حوَّلتك عن الزيادة خصلة تنْقُصك ، وكان اسمه زياداً.
أبو زيد : أُفِن الرجلُ يُؤْفَن أفْناً ، فهو مَأفون ، وهو الذي لا خَيْر فيه.
أنف : الليث : الأَنْف ، معروف. وجمعه : أُنوف.
ورَجلَ حَمِيّ الأنْف ، إذا كان أنِفاً يَأَنَف أن يُضَام.
وقد أَنِف يَأْنَف أَنَفاً وأَنَفَةً.
وفي الحديث : كالجَمل الأنِف.
قال أبو عُبيد : هو الذي عَقر أنْفَه الخِطَامُ.
وإن كان من خِشَاش أو بُرَة أو خِزَامة في أنفه ، فهو لا يَمْتنع على قائده في شيء ، للوَجع الذي به.
قال : وكان الأصل في هذا أن يُقال له : مأنُوف ، لأنه مَفْعول به.
كما يقال : مَصْدور ومَبْطون ، للذي يَشتكي صَدْره أوْ بَطْنه.
قال : وقال بعضهم : الأنِفُ : الذَّلُول.
ولا أرى أصْله إلا من هذا.
الفَرّاء : أنَفْت الرَّجُلَ : ضربتُ أنْفَه.
وأَنَفه الماءُ ، إذا بَلَغ أنْفَه.
وقال بعض الكِلابيّين : أنِفَت الإبلُ ، إذا وقع الذُّبَابُ على أُنوفها وطَلَبت أماكِنَ لم تكن تَطْلُبها قبل ذلك.
وهو الأنَفُ ، والأنفُ يُؤْذيها بالنَّهار ؛ وقال مَعْقِل بن رَيْحان :
وقَرِّبُوا كُلّ مَهْري ودَوسَرَةٍ |
كالفَحْلِ يَقْدَعُها التَّفْقِيرُ والأنَفُ |
وقد أنِف البَعِيرُ الكَلأ ، إذا أجَمَه.
وكذلك المرأة ، والناقة والفرس ، تَأَنَف فَحْلَها ، إذا تبيّن حَمْلُها فكرهَتْه ؛ وقال رُؤْبة :
__________________
(١) بعده في المطبوع : «قال : والأنف السيد» ، وهو كلام مقحم وستأتي العبارة في موضعها في المادة الآتية من قول ابن الأعرابي (ص ٣١٤).
حتى إذا ما أنِفَ التّنُّومَا |
وخَبَطَ العِهْنَةَ والقَيْصُومَا |
ابن الأعرابي : أنِفَ : أجَم ؛ ونَئِف : كَرِه ؛ قال ذو الرُّمّة :
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً |
وصَمْعَاء حتى آنَفَتْها نِصَالُها |
أي : صيّرت النِّصالُ هذه الإبلَ إلى هذه الحالةَ تَأْنف رَعي ما رَعَتْه ، أي تَأْجِمه.
وسمعتُ أعرابيًّا يقول : أنِفَتْ فرسي هذه البلدة ، أي اجْتَوت كَلأها فهُزِلَت.
ابن السِّكيت : رَجُلٌ أُنَافِيٌ : عَظِيم الأنْف.
وقال : أنَفَت الإبلُ ، إذا وَطِئت كلأً أُنُفاً ، وهو الذي لم يُرْعَ. يقال : رَوْضَةٌ أُنُف.
وكأس أُنُف : لم يُشْرب بها قبل ذلك ؛ كأنّه استُؤْنِف الشُّرْبُ بها.
وأَنَفْتُه ، إذا ضربتَ أنْفَه.
ويقال : هاج البُهْمَى حتى آنَفَتِ الرَّاعيةَ نِصَالُها ، وذلك أن يَيْبَس سَفَاها فلا تَرْعاها الإبلُ ولا غيرُها ، وذلك في آخر الحَرّ ، فكأنها جعَلتْها تأنف رَعْيها ، أي تَكْرهه.
ويقال : ائْتَنفتُ الأمْرَ ، واستأنفته ، إذا اسْتَقْبَلته.
وهو من : أنْف الشيء.
وأَنْف كُلّ شيء : أوَّلُه.
يُقال : هذا أَنْف الشدّ ، أي أوّله.
وأنف البرد : أوّلُه.
وأنف المطرِ : أول ما أَنْبت ؛ وقال امرؤ القَيس :
قد غَدا يَحْملني في أَنْفِه |
لاحِقُ الأيْطل مَحْبُوكٌ مُمَرّ |
وأَنّف خُفّ البَعير : طَرف مَنْسمه.
ابن السّكيت : أَنْف الجَبل : نادِرٌ يَشْخَص منه.
وأنْف الناب : طرفُه حين يَطْلُع.
وأنْف البرد : أشدّه.
وأنْف الشّد : أَشَدّه.
والعرب تُسمِّي «الأنف» : أنفان ؛ وقال ابنُ أحمر :
يَسُوف بأَنْفَيْه النِّقاع كأنَّه |
عن الرَّوْض من فَرْط النَّشَاط كَعِيمُ |
أبو زيد : أَنِفْت من قولك أشَدَّ الأنَف ، أي كَرِهتُ ما قُلْت لي.
ابن الأعرابي : الأَنْف : السيّد.
وقال في قول الله جَلّ وعزّ : (ما ذا قالَ آنِفاً) [محمد : ١٦] ، أي : مُذْ سَاعة.
وقال الزجّاج : أي : ماذا قال الساعة.
قال : ومعنى «آنِفاً» ، من قولك : استأنفتُ الشيء ، إذا ابْتدأتَه.
فالمعنى : ماذا قال في أوّل وَقْتٍ يَقْرُب منَّا.
الليث : أتيت فلاناً آنفاً ، كما تقول : من
ذي قُبُل.
وقال غيرُه : أَنَّف فلانٌ مالَه تأنيفاً ، وآنَفها إينافاً ، إذا رَعاها أُنُف الكَلأ ؛ وأَنشد :
لستُ بذي ثَلَّة مُؤَنَّفةٍ |
آقِط ألبانَها وأَسْلَؤُها |
وقال حُميد الأرْقط :
ضَرائِرٌ ليس لهنّ مَهْرُ |
تَأَنِيفهنّ نَفَلٌ وأَفْرُ |
أي : رَعْيُهنّ الكَلأ الأنف ، هذان الضربان من العدو والسَّير.
ويُقال : أرض أَنِيفة ، إذا بَكَّر نباتُها.
وهذه آنَفُ بلاد الله ، أي : أَسْرعها نَبَاتاً.
الأصمعي : رَجُلٌ مِئْنَافٌ : يُرَعِّي مالَه أُنُفَ الكَلأَ.
ويُقال للمرأة إذا حمَلت فاشتد وَحَمُها وتَشَهّت على أهلها الشيءَ بعد الشيء : إنها لتتأنَّف الشّهواتِ تأنُّفاً.
ويقال للحديد الليِّن : أَنِيفُ وأَنِيث.
ويقال : فلانٌ يَتَّبع أَنْفَه ، إذا كان يَتشمَّم الرائحة فَيَتْبعها.
وإذا نَسبوا إلى بني أنف الناقة ، وهم بَطْن من بني سَعْد بن زَيد مناة ، قالوا : فلانٌ الأنْفيّ ، سُمُّوا : أَنْفِيّين ، لقول الحُطيئة لهم :
قومٌ همُ الأنفُ والأذنابُ غَيْرُهُم |
ومن يُسوِّي بأنْف الناقة الذَّنَبَا |
وفن : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الوَفْنَة : القِلّة في كُل شيء.
والتّوفُّن : النَّقْص في كُل شيء.
فون : وقال : التّفَوُّن : البَركة وحُسْن النَّمَاء.
فنو : والفَنْوة : المرأة العربيّة.
وأَفْنى الرَّجُلُ ، إذا صَحِب أَفْناء النَّاس.
نفو : النّفْوة : الخَرْجَة من بَلد إلى بَلد.
افن : وقال أبو عمرو : أتَيْتُه على إفّان ذلك ، وقِفّان ذلك ، وغِفّان ذلك ، أي على حين ذلك.
قال : والغَين ، في بَني كِلاب.
[باب النون والباء]
ن ب (وا يء)
نبأ ، ناب ، أنب ، وبن ، بني ، بان ، أبن.
وبن : اللِّحياني : ما في الدَّار وابِنٌ ، أي ما فيها أحد.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الوَبْنة : الأذَى.
والوَبْنة : الجَوْعَة.
أنب : وقال : الأناب : ضَرْبٌ مِن العِطْر يُضاهي المِسْك ؛ وأَنْشد :
فَعُلّ بالعَنْبر والأَنَابِ |
كَرْماً تَدَلَّى مِن ذَرَى الأعْنَابِ |
يعنى : جاريةً تَعُلّ شَعَرها بالأناب.
قال : والأنَب : الباذِنْجان.
ابن السِّكيت : أنَّب فلانٌ فلاناً ، إذا عَنَّفه ، تَأْنِيباً.
غيره : التّأنيب ، والتَّوبيخ ، والتَّثْريب : أشد العَذْل.
الليث (١) : الأُنْبُوب : ما بين العُقْدتَين في القَصب والقَنَاة.
وأَنُبوب القَرْن : ما فوق العُقد إلى الطَّرف ؛ وأَنْشد :
* بسَلِبٍ أُنْبوبه مِدْرَى*
قال : ويقال لأَشراف الأَرض إذا كانت رَقَاقاً مُرْتفعة : أنَابيب ؛ وقال العجّاج يَصف وُرود العَيْر الماءَ :
* بكُلّ أُنْبوب له امْتِثالُ*
وقال ذو الرُّمّة :
إذا احْتَقّت الأَعْلامُ بالآل والْتَقَتْ |
أَنابيبُ تَنْبُو بالعُيون العَوارِفِ |
أي : تُنكرها عَين كانت تَعْرفها.
الأصمعي : يُقال : الْزم الأُنْبُوب. وهو الطَّريق.
والزم المَنْحَر ، وهو القَصْد.
نبا : أبو زيد : نَبا : ارْتفع.
وربَا الْخُرَاج ونَبا ، إذا وَرِم.
الليث : نَبا بَصره عن الشيء نُبُوًّا ، ونَبْوةً ، مرّةً واحدةً.
ونَبا السَّيْفُ عن الضَّريبة ، إذا لم يَحِكْ فيها.
ونَبا فلانٌ عن فلانٍ ، إذا لم يَنْقَد له.
ونَبا بفلان منزلُه ، إذا لم يُوافقه ، وأَنْشد :
* وإِذا نَبا بك مَنْزِلٌ فَتَحوَّل*
وإذا لم يَسْتمكن السَّرْجُ أو الرَّحْل على الظَّهر ، قيل : نَبَا ؛ وأَنشد :
* عُذَافِرُ يَنْبو بأَحْناء القَتَبْ*
ابنُ بُزرْج : أَكَل الرَّجُلُ أَكْلَةً إن أَصْبح منها لَنَابِياً. ولقد نَبَوْت من أَكْلَةٍ أَكلتُها ، أَي سَمِنْت منها.
وأَكل أَكلةً ظَهر منها ظَهْرهُ ، أي سَمِن منها.
ابن شُميل : نَبا بي فلانٌ ، إذا جَفانِي.
والنَّبْوة : الجَفْوة.
ويُقال : فلانٌ لا يَنْبُو في يدَيك إنْ سأَلْته ، أي لا يَمْنَعك.
ونَبت بي تلك الأَرْضُ ، أي لم أَجد بها قَراراً.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : النَّبْوة : الارْتفاع. والنَّبْوة : الجَفْوة. والنَّبْوة : الإقامة.
ابن السِّكيت : النَّبِيّ ، هو : مَن أنْبأ عن الله ، فترك هَمزه.
__________________
(١) مكان الكلام من هنا إلى آخر المادة في «اللسان» (نب) ، (إبياري).
قال : وإن أخذته من «النَّبْوة» و «النَّباوة» ، وهي الارتفاع من الأرض لارتفاع قدره ولأنه شَرف على سائر الخلق ، فأصله غير الهَمز.
وقال في قول أوس بن حَجَر :
لأَصْبح رَتْماً دُقاقَ الحَصى |
مكانَ النَّبِيّ من الكاثِبِ |
قال : النَّبي : المكان المُرتفع. والكاثب : الرمل المُجْتمع.
وقيل : النَّبِيّ : ما نَبا من الحِجارة إذا نَجَلتها الحَوافر.
وقال الكسائي : النَّبِيّ : الطَّريق.
والأَنبياء : طُرق الهُدى.
وقال الزجّاج : القراءة المُجْتمع عليها في «النَّبيين» و «الأنبياء» طَرْح الهمزة ، وقد همز جماعةٌ من أَهل المدينة جَميع ما في القُرآن من هذا ، واشتقاقه من «نبأ» و «أنبأ» ، أي أخبر.
قال : والأجود ترك الهمز ، لأن الاستعمال يُوجب أن ما كان مهموزاً من «فعيل» فجمعه : فعلاء ، مثل : ظَريف وظُرفاء.
فإذا كان من ذوات الياء فَجمعه «أفعلاء» ، نحو : غَنِيّ وأغنياء ، ونبيّ وأنبياء ، بغير همز.
فإِذا همزت ، قلت : نبيء ونُبَآء ، كما تقول في الصحيح ، وهو قليل.
قالوا : خميس وأَخمساء ، ونَصيب وأَنصباء.
فيجوز أن يكون «نبي» من «أنبأت» مما تُرك همزة لكثرة الاستعمال.
ويجوز أن يكون من : نبا ينبو ، إذا ارتفع ، فيكون «فعيلا» من «الرِّفعة».
قال أبو معاذ النَّحويّ : سمعت أَعرابيًّا يقول : من يدُلني على النَّبِيّ؟ أي الطّريق.
حدثنا ابن منيع : قال : حدثنا عليّ بن سهل ، عن أبي سَلمة التَّبوذكيّ. قال : سَمِعْت أبا هلال يقول : ما كان بالبصرة رجُلٌ أعلم من حُميد بن هلال ، غَير أنّ النَّباوة أضَرَّت به.
قلت : كأنه أراد : أنّ طَلب الشَّرف أضَرّ به.
والنَّباوة : موضعٌ بالطائف أيضاً ، معروف : وفي الحديث : خَطَب النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوماً بالنّبَاوة من الطائف.
ومن مهموزه
نبأ : قال أبو زيد : يقال : نَبَأتُ على القَوم أَنْبَأُ نَبْئاً ، إذا طَلعت عليهم.
ويُقال : نَبَأْتُ من أرضٍ إلى أرض أُخرى ، إذا خرجت منها إليها ؛ قال عَديّ بن زيد يَصِف فرساً :
وله النَّعْجةُ المَرِيّ تُجاه الرَّ |
كْبِ عِدْلاً بالنَّابِىء المِخْرَاقِ |
أراد ب «النابىء» : الثور ، خرج مِن بَلدٍ إلى بَلد.
الليث : النَّبأ : الخَبر. وإنّ لفلان نَبأ ، أي خبراً.
والفِعل : نبّأته ، وأَنْبأته ، واسْتَنْبَأْته.
والجَميع : الأَنْبَاء.
قال اللّيث : والنَّبْأة : الصَّوتُ ليس الشّديد ؛ وأنشد :
آنَسَتْ نَبْأةً وأَفْزعها القَنَّ |
اصُ قَصْراً وقد دَنا الإمْسَاءُ |
أردت : آنست صاحبَ نَبْأة.
ويُقال : نَابأْت الرَّجُلَ ونَابأنِي ، إذا أَخبرتُه وأَخبرك ؛ قال ذو الرُّمة يَهْجو قوماً :
زُرْقُ العُيون إذا جاوَرْتَهم سَرَقُوا |
ما يَسْرِقُ العَبْدُ أَو نَابأْتَهم كَذَبُوا |
وقيل : نابأتهم : تركتُ جِوارهم وتباعَدْتُ عنهم.
ويقال : تنبّأ الكذّاب ، إذا ادّعَى النُّبوة.
وليس بنبيّ ، كما تَنَبّأ مُسَيْلِمة الكذّاب وغيره من الدجَّالين الكذَّابين المُتنبِّئين.
وقول الله تعالى : (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦)) [القصص : ٦٦].
قال الفَرَّاء : يقول القائل : قال الله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧)) [الصافات : ٢٧] كيف قال ها هنا : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ)؟ قال أهل التَّفسير : إنه يقول : عَمِيت عليهم الْحُجَج يومئذ فسكتوا ، فذلك قوله : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ).
قلت : الحُجَج أنباء ، وهي جمع «النبأ» ، لأن الحجج أنباء عن الله تعالى.
نيب ـ نوب : الليث : النَّاب : مُذكَّر ، من الأسنان ؛ والجمع : أنْياب. والناب : الناقةُ المُسِنّة.
ويُجمع : نِيَباً وأنْياب.
والناب : سَيِّد القوم وكبيرُهم.
والنائبة : النازِلة.
يقال : ناب هذا الأمرُ نوبةً : نَزَل.
ونابَتْهم نوائبُ الدَّهْر.
ونَابَ عنّي فلان في هذا الأمر نِيَابةً ، إذا قام مقامَك.
وأناب فلانٌ إلى الله إنابة ، فهو مُنيب ، إذا تاب ورجع إلى الطاعة.
وتَناوَبْنا الخَطْبَ والأَمْرَ نَتناوبه ، إذا قُمْتُما به نَوْبةً بعد نَوبة.
وانتاب الرَّجُل القَوْم ، إذا أتاهم مرةً بعد مَرّة.
ويقال : المَنايا تَتناوبنا ، أي تأتي كُلًّا منّا لنَوْبته.
وجمع النَّوْبة : نُوَب.
وقال غيره في قول أبي ذُؤَيب :
إذا لَسَعْته النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها |
وحالَفها في بَيْت نُوبٍ عواسِلِ |
لم يَرْج : لم يُبالِ. قال أبو عُبَيد.
قال : والنُّوب : جمع نائب ، من النَّحل ، لأنها تعود إلى خَلِيّتها.
وقيل : الدَّبْر يُسمَّى : نُوباً ، لسَوادها ، شُبِّهت بالنُّوبة ، وهم جِنْس من السُّودان.
وأَنْشد أبو بكر قولَ جَميل :
رَمَى الله في عَيْنَي بُثَيْنة بالقَذَى |
وفي الغُرّ من أَنْيابها بالقَوادح |
قال : أنيابها : ساداتُها ، أي : رمى الله بالهَلاك والفساد في أنْياب قومها وساداتها ، إذ حالوا بينها وبين زيارتي.
وقوله :
* رَمى الله في عَيني بُثَينة بالقَذَى*
كقولك : سُبحان الله ما أحسن عينيها!
ونحوٌ منه : قاتله الله ما أشجعه! وهوت أُمّه ما أرْجَله!
وقالت الكِندية تَرْثي إخوتها :
هَوت أُمهم ما ذامُهم يومَ صُرِّعُوا |
بِنَيْسان من أَنْياب مَجْدٍ تَصَرَّمَا |
أبو عُبيد ، عن أبي عمرو : النَّوْبُ : ما كان منك مَسِيرةَ يوم وليلة.
وقال ابن الأعرابيّ ، فيما رَوى شَمر عنه : النَّوْب : القَرَبُ يَنُوبها يَعهد إليها يَنالها.
قال : والقَرَب ، والنّوب ، واحد.
أبو عمر : والقَرَب ، أن يأتيها في ثلاثة أيام مَرّةً.
وقال ابن الأعرابي : النَّوْب ، أن يَطْرد الإبل باكراً إلى الماء فيُمسي على الماء يَنْتابه ؛ ومنه قولُ لَبيد :
إحدى بَني جَعْفر كَلِفْتُ بها |
لم تُمْسِ نَوْباً منِّي ولا قَرَبَا |
وقال ابن السِّكيت : النَّوْب ، القُرْب ؛ وأنشد لأبي ذؤيب :
أرِقْتُ لذِكره من غير نَوْبٍ |
كما يَهْتاج مَوْشِيٌّ نَقِيبُ |
أراد ب «الموشيّ» : الزمّارة من القَصب المُثقَّب.
قال : والنُّوب : النَّحْل : جمع : نائب.
ويُقال : أصبحت لا نَوْبة لكَ ، أي لا قُوة لك.
وكذلك : تركتُه لا نَوْبَ له ، أي لا قوّة له.
النَّضْر : يُقال للمطر الجَوْد : مُنِيب.
وأصَابنا رَبِيعٌ صِدْقٌ مُنيبٌ حَسَنٌ ، وهو دُون الجَوْد.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : نابَ فلانٌ ، إذا لَزم الطاعةَ.
وأناب ، إذا تاب فرجع ؛ قال الله تعالى : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٤].
ابن شُميل : يقال للقوم في السَّفر : يتناوبون ويَتنازلون ، ويَتطاعمون ، أي يأكلون عند هذا نُزْلَة وعند هذا نزلةً.
والنُّزْلة : الطَّعام يَصنعه لهم حتى يَشْبعوا.
يقال : كان اليوم على فلانٍ نُزْلتنا ، وأكلنا عنده نُزْلتنا ، وكذلك النَّوْبة.
والتَّناوُب على كل واحد منهم نَوْبة يَنُوبها ، أي طَعام يَوْم.
وجمع ، النَّوْبة ، نُوَب.
بنى : الليث : بَنَى البَنّاء البِنَا بَنْياً ، وبِنَاءً ، وبِنًى ، مَقْصور.
والبِنْية : الكعبة ؛ يقال : لا وربّ هذه البِنْية.
قال : والبُنوّة ، مصدر «الابن».
ويقال : تَبَنّيته ، إذا ادَّعَيْت بُنُوّته.
والنّسبة إلى «الأبناء» : بنوي وأَبناوي ، نحو الأَعْرابي ، ينسب إلى «الأعراب».
وقال أبو العباس ثعلب : العربُ تقول : هذه بِنْت فلان ، وهذه ابنة فلان ، لغتان ، وهما لُغتان جيدتان.
ومن قال : ابْنة فلان ، فهو خطأ ولحن.
وقال الزجّاج : «ابن» كان في الأصل : بنْوٌ ، أو بَنَوٌ ، والألف ألف وصل في «الابن».
يقال : ابن بَيِّن البُنُوّة.
ويُحتمل أن يكون أصله : بَنَياً.
قال : والذين قالوا : بَنون ، كأنهم جمعوا «بَنياً» : بَنُون ؛ وأبناء ، جَمع «فِعْل» أو «فَعَل».
قال : و «بنت» تدُل على أنه يستقيم «فِعْلاً».
ويجوز أن يكون «فَعَلاً» نُقلت إلى «فِعْل» كما نُقلت أُخت من «فَعَلَ» إلى «فعل».
فأما «بنات» فليس بجمع «بنْت» على لَفظها ، إنما رُدّت إلى أصلها ، فجمعت : بَنَات.
على أن أصل «بنت» : فَعَلَة ، مما حذفت لامُه.
قال : والأخفش يختار أن يكون المحذوف من «ابن» الواو.
قال : لأنه أكثر ما يُحذف الواو لِثقَلها ، والياء تحذف أيضاً لأنها تثقل.
والدليل على ذلك أن «يَداً» قد أجمعوا على أن المحذوف منه الياء ، ولهم دليل قاطع على الإجماع ؛ يقال : يَديت إليه يَداً. و «دَمٌ» محذوف منه الياء.
و «البُنُوّة» ليس بشاهد قاطع للواو ، لأنهم يقولون : الفُتُوَّة ، والتَّثْنِيَة : فَتَيان.
ف «ابن» يجوز أن يكون المحذوف منه الواو أو الياء ، وهما عندنا مُتساويان.
قال شَمر : أنشدني ابن الأعرابي لرجُلٍ من بني يَرْبُوع :
مَنْ يَك لا ساءَ فقد ساءني |
تَركُ أُبَيْنِيك إلى غير راعِ |
|
إلى أبي طَلْحة أو واقِدٍ |
ذاك عَمْري فاعْلَمَنْ للضَّياع |
قال أُبْيني ، تصغير «بنين».
وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أُبَيْنى لا تَرمُوا جَمْرة العَقَبة حتى تَطْلُع الشَّمْس».
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : البِنَى : الأبْنيَة من المَدَر والصُّوف.
وكذلك : البِنَى من الكَرَم ؛ وقال الحُطيئة يَمدح قوماً :
أولئك قَوْمي إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البِنَى |
وإن عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا |
وقال غيره : يقال بِنْية وبِنَى ، مثل رِشوة ورِشا ، كأنّ البِنْية : الهيئة التي بُني عليها ، مثل المِشْية والرِّكْبَة.
أبو عُبيد ، عن الفراء : من القِسي : البانِيَة ، وهي التي بَنَت على وترها ، وذلك أن يكاد يَنْقطع وترها في بَطْنها من لُصوقه بها.
وطّيىء تقول : قوسٌ باناة ، يُريدون : بانِيَة ؛ وأَنشد :
عارضٍ زَوْرَاءَ مِن نَشمٍ |
غَيْرَ بانَاةٍ على وَتَرِهْ |
قال الفراء : وأما «البائنة» ، فهي التي بانت من وترها ، وكلاهما عَيْب.
والباني : العَرُوس الذي بَنى على أهله ؛ وقال :
* يَلوح كأنّه مِصْباح بانِي *
أبو عبيد ، عن أبي عمرو : والبَوانِي : أضلاع الزَّوْر.
قال أبو عُبيد : ويُقال : ألقى فلان أرْواقه.
وألقى بَوانِيه ، وألقى عصاه ، إذا أقام بالمكان واطمأنّ.
قلت : والأَرْواق : جمع «رَوْق» البيت ، وهو رِوَاقه.
وأما «البواني» في قوله «أَلقى الشام بَوانيه».
فإِن ابن جبلة : هكذا رواه عن أبي عبيد ، النون قبل الياء ، ولو قيل «بوائنه» الياء قبل النون ، كان حسناً.
والبوائن : جمع «البُوَان» ، وهو اسم كُل عمود في البَيت ما خلا وَسَط البيت ، الذي له ثلاث طرائق.
ابن السِّكيت : يقال : بَنى فلان على أهله ، وقد زَفّها ، وازْدَفّها.
والعامة تقول : بنى بأهله ، وليس من كلام العَرب.
ويقال : أَبْنَيتُ فلاناً بَيْتاً ، إذا أعطيته بيتاً يَبْنيه ؛ ومنه قولُ الشاعر :
لو وَصَل الغيثُ أَبْنَيْن امْرءاً |
كانت له قُبّة سَحْقَ بِجَاد |
قال ابن السّكيت : قوله «وَصل الغيث» ، أي : لو اتصل الغيث لأَبْنَين امْرءاً سَحْق بِجاد ، بعد أن كانت له قُبّة.
يقول : يُغِرن عليه فيُخَرِّبنه فيتّخذ بناءً من سَحق بِجاد ، بعد أن كانت له قُبّة.
وقيل : يَصف الخيل فيقول : لو سَمّنها الغيثُ بما يُنبت لها الكلأ لأَغَرْت بها على ذوي القباب فأخذت قبابَهم حتى تكون البُجُد لهم أبنيةً بعدها.
والعرب تقول : إنّ المِعْزَى تُبْهي ولا تُبْنِي.
المعنى : أنها لا ثَلّة لها حتى تُتّخذ منها الأبْنية.
وقيل : المعنى أنها تَخْرق البُيوت بوثْبها عليها ، ولا تُعين على الأبنية.
ومِعْزى الأعراب جُرْدٌ لا يَطول شعرها فيُغْزَل ، وأما مِعْزى بلاد الصَّرْد وأهل الرِّيف فإنها تكون وافية الشُّعور ، والأكراد يُسَوُّون بُيوتَهم من شعرها.
والبانَةُ (١) : شجرةٌ لها ثمرة تُرَبَّب بأفاويه الطِّيب ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً.
وجمعها : البانُ.
أبو عُبيد : المِبْناة النِّطْع. ويقال : مَبْناة.
قال : وقيل المِبْنَاة : العَيْبة.
وقال شُريح بن هانىء : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت : لم يكن من الصلاة شيء أحْرى أن يُؤَخِّرها من صلاة العشاء. قالت : وما رأيتُه مُتَّقِياً الأرض بشيء قطّ إلا أني أذكر يوَم مَطَرٍ فإنا بَسَطْنا له بِنَاءً.
قال شَمِر : قولها «بناء» ، أي : نِطْعاً ، وهو مُتّصل بالحديث.
قال : وقال أبو عَدنان : يُقال للبيتِ : هذا بِناء.
أخبرني عن الهَوازني ، قال : المَبْناة : من أدم كهيئة القُبّة تجعلها المرأة في كِسْر بَيْتها تسكُن فيها ، وعسى أن يكون لها غنم فَتقْتصر بها دون الغنم لنفسها وثيابها.
ولها إزار في وسط البيت من داخل يُكنّها من الحرّ ومن واكِف المطر ، فلا تُبلَّل هي وثيابها.
قال شَمِر : وأقرأنا ابنُ الأعرابي للنابغة :
على ظَهر مَبْناةٍ جَدِيد سُيورُها |
يَطُوف بها وَسْط اللَّطيمة بائِعُ |
قال : المَبْناة : قُبّة من أَدم.
وقال الأصمعي : المَبناة : حصير ، أو نطْع يَبْسطه التاجر على بَيْعه. فكانوا يجعلون الحُصُرَ على الأَنطاع يَطُوفون بها ، وإنما سُمّيت : مَبْناة : لأنها تُتَّخذ من أدم يُوصل بعضُها إلى بعض ؛ وقال جرير :
__________________
(١) ذكرها «اللسان» في (بين) ، (إبياري).
رَجعتْ وفودهمُ بتَيْمٍ بعد ما |
خَرَزُوا المَبانِي في بَنِي زَدْهَامِ |
قال أبو الهيثم : في قولهم : المِعزى تُبْهي ولا تُبني ، أي لا تعطي من الثلّة ما يُبْنى منها بَيْتٌ.
قال : وأبنيت فلاناً بيتاً ، أي أعطيته ما يَبْني بيتاً.
وروى شَمِر أن مُخنّثاً قال لعبد الله بن أبي أُمية : إن فتح الله عليكم الطائف فلا تُفْلتنّ منك باديةَ بنت غَيْلان ، فإنها إذا جَلست تَبَنَّت ، وإذا تكلّمت تَغَنَّتْ ، وإذا اضطجعت تَمنَّت ، وبين رجليها مِثل الإناء المُكْفأ.
قال شَمر : سمعتُ ابن الأعرابيّ يقول في قوله : «إذا قعدت تَبَنَّت» ، أي : فرَّجت بين رِجْلَيها.
قلت : كأنه يَجعل ذلك من «المَبْناة» ، وهي القُبة من الأَدم ، إذا ضُربت ومُدَّت الأَطناب فانفرجت.
وكذلك هذه إذا قَعَدت تَربَّعت وفرّجت رِجْلَيها.
وقوله «بين رِجْليها مثل الإناء المُكْفأ» ، يعني : ضِخَم رَكَبها ونُهوده كأنه إناء مَكْبُوب.
وقال أبو زيد : يقال بنى لَحْمَ فلانٍ طعامُه ، يَبْنيه بِناءً ، إذا عَظُم من الأكل ؛ وأَنْشد :
بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُ |
كما بَنَى بُخْتَ العِراق القَتُ |
قلت : وجائز أن يكون معنى قول المخنّث «إنها إذا قَعدت تَبَنّت» من قولهم. بَنى لحمَ فلانٍ طعامُه ، إذا سَمّنه وعَظَّمه.
وكان الرجل إذا جَمع إليه أهله ضَرب عليها بَيْتاً ، ولذلك قيل : بَنى فلانٌ على أَهْله.
بين ـ بون : يُقال : بان الحقّ يَبين بَيَاناً ؛ فهو بائِن.
وأبان يُبين إبانة ؛ فهو مُبين ، بمعناه ؛ ومنه قولُه تعالى : (حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢)) [الزخرف : ١ ، ٢].
وقيل : (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢)) هو مُبين كُلّ ما يُحتاج إليه.
وقال الزجّاج في قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ).
يُقال : بان الشيءُ وأبان ، بمعنى واحد.
قال : ويقال : بان الشيءُ ، وأَبَنْتُه.
فمعنى «مبين» مبيِّن ، أي إنه مُبين خيره وبركته ، ومُبين الحق من الباطل ، والحلال من الحرام ، ومُبين أن نُبوة النبيّ صلىاللهعليهوسلم حقّ ، ومُبين قصص الأنبياء.
قلت : ويكون «المُستبين» أيضاً ، بمعنى «المُبين».
يُقال : بان الشيء ، وبَيّن ، وأبان ،
واسْتبان ، بمعنى واحد ؛ ومنه قوله تعالى : (آياتٍ مُبَيِّناتٍ) [النور : ٣٤] بكسر الياء وتشديدها ، بمعنى : مُتَبَيِّنات.
ومن قرأ «مُبَيَّنات» بفتح الياء ، فالمعنى : إن الله بَيَّنها.
ومن أمثال العرب : قد بَيَّن الصُّبح لذي عَينين ، أي تَبيَّن.
وقال الزجّاج في قوله الله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)) [الرحمن : ٣ ، ٤].
قيل : إنه عَنى ب «الإنسان» هاهنا : النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ، أي : علّمه القُرآن الذي فيه بيانُ كلّ شيء.
وقيل : الإنسان ، هاهنا : آدم عليهالسلام.
ويجوز في اللغة أن يكون «الإنسان» اسماً لجنس الناس جميعاً ، ويكون على هذا المعنى : (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ، جعله مميزاً حتى انفصل الإنسان ببَيانه وتَمييزه من جميع الحيوان.
قلت : و «الاستبانة» يَكون واقعاً.
يقال : استبنتُ الشيء ، إذا تأمّلته حتى تبَيَّن لك : قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥)) [الأنعام : ٥٥] ، المعنى : (وَلِتَسْتَبِينَ) أنت يا محمد (سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) ، أي لتزداد استبانة ؛ وإذا بان سَبيل المجرمين فقد بان سَبِيل المؤمنين منهم.
وأكثر القُرّاء قرءوا (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ).
والاستبانة ، حينئذ ، تَكون غير واقع.
ويقال : تبيّنت الأمر ، أي : تأملته وتوسّمته ؛ وقد تبيّن الأمر ، يكون لازماً وواقعاً.
وكذلك : بَيَّنته فَبَيَّن ، أي تَبيَّن ، لازم ومُتعدّ.
وقوله جلّ وعزّ : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل : ٨٩] ، أي : بُيِّن لك فيه كُلّ ما تحتاج إليه أنت وأمّتك من أمر الدِّين.
وهذا من اللّفظ العامّ الذي أُرِيد به الخاص.
والعرب تقول : بَيَّنت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً ، بكسر التاء.
و «تِفعال» بكسر التاء يكون اسماً في أكثر كلام العَرب.
فأما المصدر فإنه يجيء على «تَفعال» ، بفتح التاء ، مثل : التَّكذاب ، والتَّصْداق ، وما أشبهه.
وجاء في المصادر حرفان نادران ، وهما تِلْقاء الشيء ، والتِّبيان ، ولا يُقاس عليهما.
والبَيْن ، في كلام العرب ، جاء على وَجْهين مُتضادَّين :
يكون «البَين» بمعنى : الفِراق ؛ ويكون بمعنى : الوَصْل.
قال الله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام : ٩٤].
قرأ نافع وحَفص ، عن عاصم والكسائي : «بَيْنَكُمْ» ، نَصْباً.
وقرأ ابنُ كثير وأبو عمرو ، وابن عامر وحمزة «بَيْنُكم» رفعاً.
وقال أبو عمرو : لَقد تَقَطَّع بَيْنُكم ، أي وَصْلُكم.
ومن قرأ «بَيْنَكُمْ» فإن أبا العباس رَوى عن ابن الأعرابي أنه قال : معناه : تَقَطَّع الذي كان بينكم.
وقال الزجّاج : من فتح فالمَعنى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ) ما كنتم فيه من الشَّركة بَيْنَكُمْ.
ورُوي عن ابن مسعود أنه قرأ : «لقد تقطّع ما بَيْنكم».
واعتمد الفَرّاء وغيرُه من النحويين قِراءة ابن مسعود ، لمن قرأ «بَيْنَكُمْ».
وكان أبو حاتم يُنكر هذه القراءة ويقول : من قرأ «بَيْنَكُمْ» لم يَجُز إلا بموصول ، كقولك : ما بَينكم.
قال : ولا يجوز حَذف الموصول وبقَاء الصلة ، ولا يُجِيز العربُ : إنّ قام زيدٌ ، بمعنى : إنّ الذي قام زيد.
قلت : أجاز الفَراء ، وأبو إسحاق النحويّ النَّصْب ، وهما أعلم بالنَّحو من أبي حاتم.
والوجه في ذلك أن الله خاطب بما أَنزل في كتابه قوماً مشركين ، فقال : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤].
أراد : لقد تقطع الشِّرك بينكم ، فأضمر «الشرك» لِمَا جَرى من ذكْر الشُّركاء ، فافْهمه.
ويقال : بين الرَّجُلين بَيْن بَعيد ، وبَوْنٌ بَعيد.
وأما قوله تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) [الكهف : ٥٢].
فإنّ الزجاج قال : معناه : جعلنا بينهم من العذاب ما يُوبقهم ، أي يُهلكهم.
وقال الفراء : معناه : (جَعَلْنا بَيْنَهُمْ) ، أي : تواصُلَهم في الدُّنيا (مَوْبِقاً) لهم يوم القيامة ، أي : هلكاً. وتكون «بين» صفة بمعنى : وسط ، وخِلال.
ويقال : بانت يد الناقة عن جنبها تبِين بُيوناً.
وبان الخليطُ يَبين بَيْناً وبَينُونة ؛ قال الطّرْماح :
* أآذَن الثاوي بِبَيْنُونة*
أخبرني المُنذري ، عن أبي الهيثم ، أنه
قال : الكواكب البابانيات ، هي التي لا تَنزل بها شَمس ولا قَمر ، إنما يُهْتَدى بها في البَر والبحر ، وهي شآميّة ، ومهبُّ الشمال منها ، أوّلها القُطب ، هو كوكب لا يَزُول ، والجَدي والفَرْقدان ، وهو بَيْن القُطب ، وفيه بَنات نَعش الصُّغرى.
وقال أبو عمرو : سمعت المبرد يقول : إذا كان الاسم الذي يجيء بعد «بينا» اسماً حقيقيّاً رفعتَه بالابتداء. وإن كان اسماً مَصْدريًّا خَفضته ، وتكون «بينا» في هذه الحال بمعنى «بين».
قال : فسألت أحمد بن يحيى عنه أُعْلمه ، فقال : هذا الدّر ، إلّا أن من الفُصحاء مَن يرفع الاسم الذي بعد «بينا» وإن كان مصدريًّا ، فيُلحقه بالاسم الحقيقي ؛ وأنشد بيت الخليل بن أحمد :
بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجتِه |
ذَهَب الغِنى وتَقَوَّض البَيْتُ |
وجائز : وبَهْجتُه.
قال : وأما «بينما» فالاسم الذي بعده مرفوع ، وكذلك المَصْدَر.
وقال الليث : البَيِّن من الرجال : الفَصيح.
والبَيان : الفَصاحة.
كلام بَيِّن : فَصيح.
وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ألا إن التَّبْيين من الله والعَجلة من الشَّيطان فتَبَيَّنوا».
قال أبو عبيدة : قال الكسائي وغيره : التَّبْيين : التثّبت في الأمر والتأنّي فيه.
وقُرىء قول الله تعالى : (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) [النساء : ٩٤].
وقرىء : «فتثبَّتوا» ، والمعنيان مُتقاربان.
وكذلك قوله تعالى في سَجدة (١) الحُجُرات (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات : ٦] ، و «تَثَبَّتوا» ، قُرىء بالوجهين أيضاً.
شَمِر ، قال ابن شُميل : البَيِّن من الرِّجال : السَّمْح اللِّسان ، الفصيح الظَّريف ، العالي القليل الرَّتَج.
وقوم أَبيناء ؛ وأنشد شَمر :
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبِيُّ ويَلْتَئِي |
على البَيِّن السَّفّاك وهو خَطِيبُ |
قوله : يلتئي ، أي : يُبطىء ، من «اللأي» ، وهو الإبطاء.
ورُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن من البَيان لَسِحْراً».
قال أبو عُبيد : البيان ، هو : الفهم وذكاء القَلب مع اللَّسَن.
قال : ومعناه : أنه يَبلغ من بيان ذي الفَصاحة أنه يَمدح الإنسان فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِف القُلوب إلى قوله وحُبّه ، ثم يَذُمّه فيصدَّق فيه حتى يصرف القلوب إلى
__________________
(١) كذا في المطبوع ، وسيكرر ذلك في (ص ٣٣٥): «سجدة براءة».
قوله وبُغضه ، فكأنه سَحر السامعين بذلك ، وهو وجه قوله : «إن من البيان لسِحْراً».
وعَدن أَبْين : اسم قرية على سِيف البحر ناحِية اليمن.
ابن السّكيتُ : البَيْن : الفِراق.
والبِين : القِطْعة من الأرض قدر مَدّ البَصر ؛ وأنشد لابن مُقْبل :
مِن سَرْوِ حِمْير أبوالُ البِغال به |
أنّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلك البِينا |
وقال أبو مالك : البِين : الفَصل بين الأَرضين ، يكون المكان حَزناً وبقُربه رمل وبينهما شيء ليس بَحزن ولا سهل.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : البِينُ : الناحية.
والبِين : قَدر مدّ البَصر مِن الطَّريق.
وقال الباهليّ : وفَصْل بَيْن كل أَرْضَين يُقال له : بِين.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الحَياء والعِيّ شُعْبتان من الإيمان ، والبَذاء والبَيان شُعْبتان من النِّفاق».
وقال غيره في قوله :
يا رِيحَ بَيْنُونة لا تَذْمِينا |
جئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا |
بَيْنونة : موضعٌ بين عُمان والبَحرين ، وَبِيء.
وقال أبو مالك : بِئْرٌ بَيُونٌ ، وهي التي لا يُصيبها رشاؤها ، وذلك لأن جِراب البِئر مُسْتقيم.
وقال غيره : البَيُون : البِئر الواسعة الرأس الضَّيقة الأسفل ؛ وأنشد :
إنّك لو دَعَوْتني ودُوني |
زَوْرَاءُ ذاتُ مَنْزع بَيُونِ |
|
* لقلتُ لَبَّيهْ لِمن يَدْعُوني* |
فجعلها : زَوْراء ، وهي التي في جرابها عَوَج. والمَنْزع : الموضع الذي يَصْعد فيه الدَّلْو إذا نُزع من البئر ، فذلك الهواء هو المَنزع.
وقال بعضهم : بِئْرٌ بَيُون ، وهي التي يُبين المُسْتقى الحَبْلَ في جِرابها لعَوَجٍ في جُولها ؛ قال جرير يصف خَيْلاً وصَهيلها :
يَشْنِفْن للنَّظر البَعيد كأنّما |
إرنانُها ببَوائِن الأشْطَانِ |
أراد : كأنها تَصهل في بئر دَحُول ، وذاك أغلظ لِصَهيلها.
أبو زيد ، يقال : طلب فلان البائِنَة إلى أبَوَيْه ، وذلك إذا طلب إليهما أن يُبِيناه بمالٍ ، فيكون له على حِدَةٍ.
قال : ولا تكون البائنة إلّا من الوالدين ، أو أحدهما.
وقد أَبانه أبواه إبانةً.
حتى بان هو بذلك ، يَبينُ بيوناً.
حدّثنا عبد الله بن عُروة ، عن يوسف ، عن جَرير ، عن مُغيرة ، عن الشَّعبي : قال : سمعتُ النُّعمان بن بَشِير يقول : سمعتُ رسولَ الله صلىاللهعليهوسلم ، وطَلَبَتْ عَمْرةُ إلى بَشِير بن سَعد أن يُنْحِلَنِي نَخْلاً من ماله ، وأن يَنْطَلِق بي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيُشْهده ، فقال : «هل لك معه وَلَدٌ غيره؟ قال : نعم. قال : فهل أَبَنْت كُلَّ واحدٍ منهم بمثل الذي أَبَنْت هذا؟ فقال : لا. قال : فإنّي لا أَشْهد على هذا ، هذا جَوْرٌ ، أَشْهِد على هذا غيري ، اعْدلوا بين أولادكم في النَّخْل كما تحبّون أن يَعْدِلوا بَيْنكم في البِرّ واللّطف».
قوله : هل أَبَنْت كُلّ واحد؟ أي : هل أعطيت كُلَّ واحد مالاً تُبينه به ، أي : تُفْرده.
والاسم : البائنة.
ابن شُميل : يُقال للجارية إذا تزوَّجت : قد بانَتْ.
وهُنّ قد بِنَ ، إذا تزوَّجْنَ.
وبَيَّن فلانٌ بِنْته ، وأبانها ، إذا زوَّجها وصارت إلى زَوْجها.
أبو العبَّاس ، عن ابن الأعرابيّ : البَوْنة : البِنْت الصَّغِيرة.
والبَوْنَة : الفَصِيلة.
والبَوْنَة : الفِرَاق.
ومن أمثال العرب : اسْتُ البائن أعرف ؛ وقيل : أَعْلم.
أي : من وَلِي أمراً ومارَسَه فهو أعلم به ممّن لم يُمَارِسْه.
والبائن : الذي يَقوم على يَمين الناقة إذا حَلَبها. والجميع : البُيَّن.
والبائن والمُسْتَعلي ، هما الحالبان اللّذان يَحْلُبان الناقة ، أحَدُهما حالِبٌ والآخر مُحْلِب. والمُعِين هو المُحْلِب.
والبائن ، عن يمين الناقة يمسك العُلْبة.
والمُسْتَعلي : الذي عن شمالها ، وهو الحالب.
يرفع البائنُ العُلْبة إليه ؛ قال الكُميت :
يُبَشِّر مُسْتَعْلِياً بائنٌ |
من الحالبَيْن بأنْ لا غِرَارَا |
أبن : الليث : يُقال : فلانٌ يُؤْبَن بخَيْرِ وبِشَرٍّ ، أي : يُزَنّ به. فهو مَأبُون.
قال : والأُبنة : عُقدة في العَصَا. وجمعها : أُبَن.
ويُقال : ليس في حَسَب فلانٍ أُبْنَة ؛ كقولك : ليس فيه وَصْمة.
عمرو ، عن أبيه : يقال : فلانٌ يُؤْبَن بخَيْر ، ويُؤْبن بشَرّ.
فإذا قلت : يُؤْبن ، مجرَّداً ، فهو في الشرّ لا غَيْر.
وفي حديث ابن أبي هالة في صفة مجلس النبيّ صلىاللهعليهوسلم : مجلسُه مجلس عِلْم وحياء لا