تهذيب اللغة - ج ٤

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ٤

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

باب الحاء والفاء

[ح ف]

حفَّ ، فَحَّ : مُستعملان.

حف : قال الليث : الحُفوفُ : يُبوسَةٌ مِنْ غير دسم قال رؤبة :

قالتْ سُليمى أَنْ رأَتْ حفُوفِي

مع اضطرابِ اللَّحمِ وَالشُّفوفِ

وقَالَ الأصمعيُّ : حَفَ يحِفُ حفوفاً وأَحْفَفْتُه.

وقالَ : سويقٌ حافٌ : لمْ يُلَتَّ بِسَمْنٍ. عَمْرو عنْ أَبيه : الحَفَّةُ : الكَرامةُ التامّةُ ، ومنهُ قولُهم : مَنْ حفَّنَا أو رفَّنَا فليقتصد.

وقَالَ أَبو عُبَيْد : مِنْ أمْثَالِهم في القَصْدِ في المدحِ «مَنْ حفَّنَا أوْ رَفَّنَا فليقتصد».

يقُولُ : مَنْ مدحنا فلا يغْلُوَنَّ في ذلك وَلكن ليتكلم بالحقِّ.

وقَالَ الأصمعي : هوَ يَحِفُ وَيرِفُّ أَيْ يقومُ ويقعدُ ، وينصح ويشْفقُ ، قَالَ : وَمعنى يحفّ : تسمع له حفيفاً ، ويقَال : شجر يَرِفُّ إذا كَانَ له اهتزازٌ منَ النّضَارةِ.

وأخبرني المنذريُّ عنْ ثعْلَب عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الفَرَّاء قَالَ : يُقَالُ : ما يَحُفُّهم إلي ذلك إلَّا الحاجةُ يريدُ ما يدْعُوهُم ومَا يُحوِجهم.

وقَالَ اللَّيثُ : احتفَّت المرأةُ إذا أَمرت مَنْ يحُفُ شعر وَجهِها نتْفاً بخيطين. وَحفَّت المرأة وَجههَا تحُفُّهُ حَفّاً وَحِفَافاً.

وَحَفَ القومُ بسيِّدِهِم يَحُفُّونَ حَفّاً إذا أَطَافُوا به وَعكَفوا ، وَمنْهُ قولُ الله جَلَّ وَعز : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) [الزُّمَر : ٧٥] ، قَالَ الزَّجّاجُ : جَاءَ في التفْسير معنى حَافِّينَ مُحْدِقينَ.

وقال الأصمَعيُّ : يُقَالُ : بقِيَ مِنْ شَعرِهِ حِفافٌ وَذلكَ إذا صلِعَ فبقِيتْ طُرّةٌ من شعرِه حولَ رأْسهِ قَالَ : وَجمعُ الحِفَافِ أَحِفَّةٌ.

وقَال ذو الرُّمَّةِ يصفُ الجِفَانَ التي يُطعُمُ فيهَا الضِّيفَانُ :

لهُنَّ إذَا أَصبَحْنَ منهم أَحِفةٌ

وحينَ يروْنَ الليلَ أقبلَ جائيَا

قالَ : أَراد بقوله : لهُنَّ أَي للجفَانِ أَحِفّةٌ أَي قومٌ استداروا بهَا يأكلون من الثَّرِيدِ الذي لُبِّقَ فيهَا واللُّحْمَانِ التي كُلِّلتْ بها.

قال الأصمعيُّ : وحفَ عليهم الغَيْثُ إذا اشتدَّت غَبْيَتُه حتى تسمعَ له حَفِيفاً ، ويقال : أجرى الفرسَ حتى أحَفَّه إذا حمله على الحُضْرِ الشّديدِ حتى يكون له حَفيفٌ.

قال : ويقال : يبِسَ حَفَّافُه وهو اللّحمُ اللّيِّنُ أسفل اللهَاة.

٥

قال : والمِحَفَّةُ : مَركبٌ من مراكِبِ النِّساء ، وقال اللَّيثُ : المِحَفَّةُ : رحلٌ يُحَفُ بثوب تركبه المرأةُ.

قال : وحِفَافَا كُلِّ شيء : جانباه ، وقال طرَفة :

كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَبِيٍّ تَكَنَّفَا

حِفَافَيْهِ شُكَّا في العسيب بمسرد

يصف ناحِيَتي عَسِيب ذنب النَّاقة.

قال : والحفيف : صوتُ الشيء ، كالرَّمْية ، وطيران الطائر ، والتهاب النار ، ونحو ذلك.

وقال اللَّيثُ : حَفُ الحائِك : خَشَبَتُه العريضة يُنَسِّقُ بها اللُّحمَةَ بين السَّدَى. أبو عبيد عن الأصمعيّ قال : الحَفّ بغير هاءٍ هو المَنْسَجُ وأما الحَفَّةُ فهي الخشبة التي يَلُفُّ عليها الحائكُ الثَّوْبَ. وقال أبو زيد : يقال : ما أنت بِنِيرَةٍ ولا حَفَّة. معناه : لا تَصْلُح لشيءٍ ، قال : فالنِّيرَةُ هي الخشبةُ المُعْترِضة ، والحفَّةُ : القصباتُ الثَّلاثُ.

وروى أبو حاتم عن الأصمعيّ قال : الذي يضرِبُ بهِ الحائِكُ كالسيفِ الحِفَّةُ بالكسر ، وأما الحَفُ فالقصبة التي تجيءُ وتذهب ، كذا هو عند الأعراب.

وقال الليثُ : الحَفَّانُ : الخَدَم. والحَفَّانُ : الصِّغارُ منَ الإبل والنَّعام ، الواحدةُ حَفَّانَةٌ.

وأنشد :

وَزَفّت الشَّوْلُ من بَرْدِ الْعَشِيّ كَمَا

زَفَّ النَّعامُ إلى حَفَّانِه الرُّوحُ

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : الحَفّانُ : وَلَدُ النَّعامِ ، الواحدةُ حَفَّانَةٌ ، الذكرُ والأنثى جميعاً.

وقال ابن دُرَيْد : حفَفْتُ الشيءَ حَفّاً إذا قشَرْتَه ، ومنهُ حَفَّتِ المرأةُ وجهها ، قال : ومنهُ الحَفَفُ وهو الضِّيقُ والفقرُ. أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : أصَابهُم مِنَ العيشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقشفٌ كلُّ هذا من شِدَّةِ العيشِ. قال : وجاءَنا على حَففِ أمرٍ ، أي على ناحيةٍ منه ، ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ قال : الضَّفَفُ : القِلَّةُ ، والحَفَفُ : الحاجةُ. قال : وقال العُقَيْلِيّ : وُلِدَ الإنسانُ على حفف ، أي على حاجة إليه ، وقال : الضَّفَفُ والحفَفُ واحدٌ ، وأنشد :

هَدِيَّةً كَانَتْ كَفَافاً حَفَفَا

لَا تَبْلُغُ الْجارَ وَمَنْ تَلَطُّفَا

وقال أبو العبَّاس : الضَّفَفُ : أن تكون الأَكَلَة أكثر من مقدار المالِ ، والحَفَفُ : أن تكون الأكلةُ بمقدارِ المال ، قال : وكان النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أَكلَ كان من يأْكُلُ معه أكثر عدداً من قدر مبلغ المأْكُولِ وكَفَافِه ، قال ومعنى قوله : ومن تلطَّفا أي من بَرَّنا لم يكن عندنا ما نَبَرُّه.

وقال ابن السكيت : يقال : ما رُئيَ عليهم حفَفٌ ولا ضَفَف أي أثَرُ عَوَزٍ ، وأُولئك قوم محفوفون ، وقد حَفّتهم الحاجةُ إذا كانوا محاويج.

وقال اللِّحياني : إنه لَحَافٌ بَيِّنُ الحفُوفِ أي شديدُ العين. ومعناهُ أنه يُصِيبُ النَّاس بِعَيْنه.

أبو زيد : ما عند فلانٍ إلا حَفَفٌ مِنَ المتَاعِ ، وهو القوتُ القليلُ.

ويقال : حَفَّتِ الثَّرِيدةُ إذا يَبِسَ أعلاها فَتَشَقَّقَتْ ، وحَفَّتِ الأرضُ وقفَّت إذا يَبِسَ

٦

بَقلها.

وفرسٌ قَفِرٌ حافٌ : لا يسمن على الصَّنعة.

وحِفَافُ الرمل : مُنَقَطَعُهُ وجمعه أَحِفَّةٌ.

فح : الليث : الفَحِيحُ : من أصوات الأفعى شبيهٌ بالنَّفْخ في نَضْنَضَةٍ.

قال : والفحفَاحُ : الأَبَحُّ منَ الرِّجال.

الأصمعيُّ : فَحَّتِ الأفعى فهي تَفِحُ فَحيحاً إذا سَمِعتَ صوتها من فمها ، يقال : سَمِعتُ فحيحَ الأفعى. قال : وأمَّا الكَشيشُ فصوتُهَا من جِلْدِها.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : فَحْفَح إذا صَحَّح المودَّة وأخلصها ، وحَفْحَف إذا ضاقت معيشتُه.

وقال أبو خَيرة : الأفعى تَفِحّ وتَحِفُ والحفيفُ من جِلدِها ، والفَحِيحُ من فيها ، وقال ابن الأعرابي : الفُحُحُ : الأفاعي.

أبو زيد : كَشَّتِ الأفعى وفَحَّت وهو صوتُ جِلْدِها مِنْ بين الحيَّاتِ ، وفَحِيحُ الحيَّاتِ بعد الأفعى من أصواتِ أفواهها.

باب الحاء والباء

[ح ب]

حَبَّ بَحَّ : مستعملان ما كرر منه.

حب : قال الليثُ : الحَبُ معروف مستعملٌ في أشياءَ جَمَّة من بُرٍّ وشَعِيرٍ حتى يقولوا حبَّةُ عِنَبٍ ويجمعُ على الحُبُوبِ والحبَّات والحَبّ.

وجاء في الحديث : «كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّة في حَمِيلِ السَّيْلِ». قالوا : الحِبَّةُ إذا كانت حبوبٌ مختلفةٌ من كلِّ شيء.

ويقال لِحَبِ الرَّياحين حِبَّة وللواحدةِ منها حَبَّة. وقال أبو عُبَيْد : قال الأصمعيُّ : كلُّ نَبتٍ له حبٌ فاسمُ الحبِ منه الحِبَّة ، وقال الفرّاء : الحِبَّة : بزُورُ البَقْل.

وقال أبو عمرو : الْحِبَّة : نبْتٌ ينبت في الحشيش صِغار.

وقال الكسائي : الْحِبّة : حَبُ الرياحين ، وواحدة الْحِبَّة حبّة ، قال : وأما الْحِنطة ونحوها فهو الْحَب لا غير.

شمِر عن ابن الأعرابي : الحِبّة : حَبُ البَقْل الذي يَنتثِر ، قال : والحَبَّة : حَبَّة الطعام : حَبَّةٌ من بُرٍّ وشعير وعَدَس ورُزّ وكل ما يأكله الناس ، قُلت أنا : وسمعت العرب تقول : رَعَينا الحِبّة وذلك في آخر الصيف إذا هاجت الأرض ويَبِس البقل والعُشب وتناثرت بزورها وورقُها وإذا رَعَتها النّعم سَمِنت عليها : ورأيتهم يُسَمون الحِبّة بعد انتثارها القَميم والقَفّ ، وتمام سِمَن النَّعَم بعد التَّبَقُّل ورَعْي العُشب يكون بِسَفّ الحِبَّة والقَميم ولا يقع اسم الحِبَّة إلا على بُزُور العُشب والبُقول البريّة وما تناثر من ورقها فاختلط بها من القُلْقُلَان والبَسباس والذُّرَق والنَّفَل والمُلّاح وأصناف أحرار البُقول كلها وذُكورها. وقال الليث : حَبَّة القلب : ثَمَرَتُه وأنشد :

* فأصَبْتُ حَبَّةَ قلبها وطِحالَها*

قلت : وحَبَّة القلب هي العَلَقَة السوداء التي تَكونُ داخل القلب ، وهي حَمَاطة القلب أيضاً. يُقال : أصابت فُلَانة حَبَّة قَلْب فُلان إذ شَغَفَ قَلبَه حُبُّها. وقال أبو عَمْرو : الْحَبّة وَسَط القلب.

٧

الليثُ : الحُبُ : نقيضُ البُغض ، قالَ وتقول : أحبَبْتُ الشيء فَأنا مُحِبٌ وَهو مُحَبٌ. أبو عُبَيد عن أبي زَيد : أحَبَّه الله فهو مَحْبوبٌ ، قال ومِثله محزونٌ ومجنونٌ ومَزكومٌ ومَكزوز ومقرور : وذلك أنهم يَقولون : قد فُعِل بغِر ألفٍ في هذ كلِّه ثم بني مفعولٌ على فُعِل وإلا فلا وجه له ، فإذا قالوا : أَفْعَلَهُ الله فهو كله بالألِفِ.

قُلْتُ : وقد جاء المُحَبُ شاذّاً في الشِّعْر ، ومنه قول عَنترة :

ولقد نَزَلْتِ ـ فلا تظُنِّي غيره

مِنّي بمَنزلة المُحَبّ المُكْرَمِ

وقال شَمِر : قال الفرّاء : وحَببته لُغةٌ وأنشد البيت :

فوالله لَوْلَا تَمْرُه ما حَبَبته

ولا كان أَدْنى من عُبَيْد ومُشْرِقِ

قال : ويُقال : حُبّ الشيءُ فهو مَحْبوب ثم لا تقول حَبَبْتُه كما قالوا : جُنَّ فهو مجنون ، ثم يقولون : أَجَنّه الله. الليث : حَبّ إلينا هذا الشيء وهو يَحَبُ إلينا حُبّاً وأنشد :

دَعانا فَسَمَّانا الشِّعار مُقدِّماً

وحَبَ إلينا أن نكون المُقَدَّما

ثَعلب عن ابن الأعرابي : حُبَ إذا أُتعِب ، وحَبَ إذا وقف ، وحَبّ إذا تودد. أبو عُبَيْد عن الأصمعي : حَبَ بفُلَان معناه ما أحَبَّه إلَيّ ، وقال الفرّاء : معناه حَبُبَ بفلان ثم أُدْغِم ، وأنشد الفرّاء :

وزاده كلفاً في الحُبّ أَن مَنَعَت

وَحَبّ شيئاً إلى الإنسان ما مُنِعا

قال : وموضع ما رَفْعٌ ، أراد حَبُبَ فأدغَم وأنشد شَمِر :

* ولحَبَ بالطَّيْف المُلِمّ خَيالا*

أي ما أَحبَّه إلَيّ أي أحبْبِ به.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الْحُبابُ : الْحَيّة ، قال : وإنما قيل الحُباب اسم شَيْطان [لأن الحية يقال لها شَيطان].

ويُقال للحَبيب : حُبابٌ مخفَّف ، قاله ابن السكيت ، وروى أبو عبيد عن الفراء مثله.

وقال اللَّيثُ : الْحِبَّةُ والحِبُ بمنزلة الْحَبيبة والحَبيبِ قال : والمَحَبَّة : الحُبُ. وقال الليث : حَبَابك أَن يكون ذلك ، معناه : غايةُ مَحَبَّتِك. أبو عبيد عن الأصمعيِّ : حَبَابكَ أن تَفْعلَ ذاك معناه غايةُ محبَّتك ومثله : حُمَاداكَ أي جُهْدُك وغايتك.

اللَّيث : حَبَّان وَحِبَّانُ لُغَةٌ : اسمٌ موضوعٌ من الحُبِ.

قال : والحُبُ : الْجَرَّةُ الضخمة والجميع الْحِبَبةُ والحِبَابُ. قال : وقال بعضُ الناس في تفسير الْحُبِ والكَرامةِ ، قال : الْحُبُ : الْخَشباتُ الأربعُ التي توضع عليها الْجَرَّةُ ذاتُ الْعُرْوَتَيْن ، قال والكرامة الغطاء الذي يوضع فوق تلك الجِرَّةِ من خشب كان أو من خَزَفٍ ، قال الليثُ : وسمعت هاتين الكلمتين بِخُرَاسَانَ.

قال وأما حَبَّذَا فإنه حَبَ ذَا فإذا وصلْتَ رَفَعْتَ به ، فقلتُ حبذا زَيدٌ.

قال : والْحِبُ : القُرْطُ من حَبَّة واحدة وأنشد :

تبيتُ الحَيَّةُ النِّضْنَاضُ منه

مَكان الْحِبِ يستمِعُ السِّرَارَا

٨

قلتُ : وفسَّر غيْرُه الْحِبَ في هذا الْبيتِ الْحَبِيبَ وأَرَاهُ قولَ ابنِ الأعْرَابيِّ.

وحَبابُ الماءِ : فَقاقِيعُه التي تَطْفُو كأَنَّهَا الْقوارِيرُ ، ويقال : بل حَبابُ الماءِ : مُعْظَمُه ، ومنه قول طَرَفَةَ :

يَشُقُ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بها

كَمَا قسمَ التُّرْبَ المُفَايِلُ بالْيَدِ

وقال شمر : حَبَابُ الْماء : مَوْجُه الذي يتْبَعُ بعضُه بعضاً قاله ابن الأعرابي. وأنشد شمر :

* سُمُوَّ حَبَابِ الماءِ حَالاً عَلَى حَال*

وقال : قال الأصمعيُّ : حَبابُ الماء :

الطَّرَائِقُ التي في الماء كأَنَّها الْوَشْيُ ، وقال جَريرٌ :

* كَنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الْحَبَابا*

وقال : الْحَبَابُ : الطَّرَائِقُ ، وقال ابن دُريد : الحبَبُ : حَبَبُ الماء ، وهو تَكَسُّرُه وهو الحَبَابُ. وأَنْشَد اللّيثُ :

كَأَنَّ صَلَا جَهِيزَةَ حين تَمْشِي

حَبَابُ الماء يَتَّبِعُ الْحَبَابَا

شَبَّه مآكَمَها بالحَبَابِ الذي كأنه دَرَجٌ ولم يُشَبِّهْهَا بالْفَقاقِيع.

قال : وحَبَبُ الأسْنانِ : تَنَضُّدُها وأنشد :

وإذا تضحك تُبْدِي حَبَباً

كأَقَا حي الرَّمل عَذباً ذَا أُشُرْ

وقال غيره : حَبَبُ الْفَمِ : ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ عَلَى الأَسْنَانَ.

وقال الليث : نَارُ الحُبَاحِب هو ذُبابٌ يطير بالليل لَهُ شُعاعٌ كالسِّراج ، ويقال : بل نار الحُباحب : ما اقْتَدَحْتَ من الشَّرارِ من النَّارِ في الهواء من تَصادُمِ الحجارة ، وَحَبْحَبَتُها : اتِّقَادُها ، وقال الفرَّاء : يقال للخيل إذا أَوْرَتِ النار بِحوافِرِها هي نار الحُباحِب ، قال : وقال الْكَلْبِيّ : كَان الْحُبَاحِبُ رَجلاً من أحياءِ العرب ، وكَان من أبخل الناس فبَخِل حتى بلغ به البخل أنه كان لا يُوقِدُ ناراً بِلَيل إلا ضعيفة فإذا انتبه منتبه ليقتبس منها أَطْفَأَها : فكذلك ما أَوْرَتِ الخيل لا يُنتفع به كما لا يُنتفع بنار الْحبَاحِبِ. وقال أبو طالب : يحكى عن الأعراب : أنَ الْحُباحِبَ طائرٌ أطول من الذباب في دِقَّة ما يَطِيرُ فيما بين المغرب والعِشاء كأَنَّه شَرارَةٌ قلت : وهذا معروف.

أبو العبَّاس عن ابنِ الأعْرَابي : إبِلٌ حَبْحَبَةٌ : مَهَازيلُ.

قال : ومن حَبْحَبَه نارُ أبي حُبَاحب.

وأنشد :

يَرَى الرَّاؤُون بِالشَّفَرَاتِ مِنْها

وقُودَ أَبي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا

وقال الليث : الحَبْحَابُ : الصغير الجسم.

سلمة عن الفراء قال : الحَبْحَبِيُ : الصغير الجسم.

ابن هانىء : من أمثالِهم : «أهلكتَ من عشرٍ ثَمَانِياً وجِئتَ بسائرِها حَبْحَبَةً» يقال عند المَزْرِيَةِ عَلَى المِتْلَافِ لِمَالِهِ ، قال : والحَبْحَبَةُ تقع موقع الجماعة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : حُبَ إذا أُتْعِبَ ، وحَبَ إذا وقف.

أبو عبيد عن أبي زيد : بَعِيرٌ مُحِبٌ وقد أَحَبَ إحْبَاباً وهو أن يصيبَه مرضٌ أو كسر

٩

فلا يَبْرَحُ مكانه حتى يبرأ أو يموت. قال : والإحْبَابُ : هو البُرُوكُ. وقال أبو الهَيْثَمِ : الإحْبَاب : أن يُشرفَ البَعِيرُ عَلَى الموتِ من شِدَّة المرضِ فَيَبْرُكَ ولا يقدرَ أن يَنْبَعِثَ وقال الرَاجزُ :

ما كَان ذنبي في مُحِبٍ بَارِكْ

أَتَاهُ أَمْرُ الله وهو هَالِكْ

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أَوّلُ الرِّيِ التَّحَبُّبُ. وقال الأصمعيُّ : تَحَبَّبَ إذا امْتَلأ ، وكذلك قال أبو عمرو. قال : وحَبَّبْتُه فَتَحَبَّبَ إذا ملأتَهُ لِلسِّقاء وغيره.

اللَّحياني : حَبْحَبْتُ بالْجَمَل حِبْحَاباً ، وحَوَّبْتُ بِه تَحْوِيباً إذا قلت لَهُ : حَوْبُ حَوْب وهو زَجْر.

أبو عَمْرو : الحَبَابُ : الطَّلُّ عَلَى الشَّجَرِ يُصْبِحُ عليه.

بح : قال الليث : البَحَحُ : مصدر الأبَحِ ، تقول : بَحَ يَبَحُ بَحَحاً وبُحُوحاً ، وإذا كان من داء فهو البُحَاحُ.

وعُودٌ أَبَحُ إذا كان في صوته غِلَظٌ. أبو عُبَيدة : بَحِحْتُ أبَحُ هي اللغة العالية قال : وبَحَحْتُ أَبَحُ لُغَةٌ رواهُ ابن السكيت عنه.

روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مَنْ سَرَّه أن يَسْكُنَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبْعَدُ» قال أبو عبيد : أراد ببُحْبُوحَةِ الْجَنَّةِ وَسَطَها ، قال : وبُحْبُوحَةُ كُلِّ شَيْءٍ : وَسَطُه وخِيَارُه ، وأنشد قولَ جرير :

قَوْمِي تَمِيمٌ هُمُ الْقَوْمُ الّذِين هُمُ

يَنْفُونَ تَغْلِبَ عن بُحْبُوحَةِ الدّارِ

ويقال : قد تَبَحْبَحْتُ في الدار إذا تَوَسَّطْتَها وتمكنت منها. وقال الليث : التَّبَحْبُحُ : التمكن في الحلول والمُقام ، وأنشد :

وَأَهْدَى لها أَكْبُشاً

تَبَحْبَحُ في المِرْبَدِ

قال : وقال أعرابيُّ في امرأةٍ ضَرَبَها الطَّلْقُ : تركْتُهَا تَبَحْبَحُ عَلَى أيدِي القَوَابِل.

أبو العبّاسِ عنْ سَلَمة عن الفَرَّاءِ قالَ : البَحْبَحِيُ : الواسع في النفقة ، الواسعُ في المنْزِلِ.

قالَ : ويقَالُ : نَحْنُ في بَاحَةِ الدَّارِ وَهِيَ وَسَطُها وَلذَلِكَ قِيلَ : تَبَحْبَحَ في المجْدِ.

أيْ أَنَّهُ في مَجْدٍ وَاسعٍ. قُلْتُ : جَعَلَ الْفَرَّاءُ التَّبَحْبُحَ مِنَ البَاحَة ، ولَمْ يَجعلْه مِنَ المُضَاعَفِ.

أَبو عُبَيْد عن الأصمَعِي : بَاحَةُ الدّارِ : قاعَتُهَا وَساحَتُها. وحكى ابنُ الأعرابي عن البَهْدَليّ قال : البَاحَةُ : النَّخْلُ الكثيرُ ، والبَاحَةُ : باحةُ الدّارِ. وأنشد :

قَرَوا أضيافَهُم رَبَحاً بِبُحٍ

يجيءُ بفضلهنّ المَشُّ سُمْر

قال البُحُ : قِدَاحُ الميسرِ.

قالَ : ويقالُ : القومُ في ابتِحَاحٍ أي في سَعَةٍ وخِصْب. وقال الْجَعْديُّ يَصفُ الدّينارَ :

وأبَحَ جُنديٍّ وثاقِبَةٍ

سُبِكَتْ كثاقبةٍ مِنَ الجَمْرِ

أرادَ بالأبَحِ ديناراً أبَحَ في صوتِه. جُنديّ : ضُرِب بأجنادِ الشامِ. والثَّاقِبةُ : سَبيكةٌ مِنْ ذهب تَثْقُبُ أي تَتَّقِد.

١٠

والبَحَّاءُ في الباديةِ : رابيةٌ تعْرَفُ برابيةِ البحَّاءِ. وقال كعب :

وظلَّ سراةَ اليومِ يُبرِمُ أمرُه

برابيةِ البحَّاءِ ذاتِ الأيايلِ

باب الحاء والميم

[ح م]

حم ، مح : مُستعملان في الثنائي والمكرر.

حم : قال اللّيثُ : حُمّ هذا الأمرُ إذا قُضِي قضاؤهُ قال : والحِمامُ : قضاءُ الموت.

وتقُولُ : أحمّني هذا الأمرُ واحْتَممْتُ له كأنه اهتمام بحَميمٍ قريبٍ ، وأنشد الليثُ :

تعزَّ عن الصّبابة لا تُلامُ

كأنّك لا يُلِم بك احْتمامُ

وقال في قَوْل زُهير :

* مضت وأحمَّت حاجةُ اليوم ما تخلو*

قال معناه : حانتْ ولزِمتْ ، وقال الأصمعي : أَجمّت الحاجةُ بالجيم تُجِمُّ إجماماً إذا دنت وَحانت ، وأنشد بيت زُهير بالجيم قال : وأَحمَ الأمرُ فهو يُحِمُ إحماماً ، وأمرٌ مُحمٌ وذلك إذا أَخذَكَ منه زَمَعٌ واهتمامٌ.

قال : وحُمَ الأمرُ إذا قُدِّرَ ويقال : عَجِلت بنا وبكم حُمةُ الفِراقِ أي قُدِّر الفراق ونزلَ به حِمامُه أي قَدره وموته. قلت : وقد قال بعضهم في قولِ الله : (حم) [غافر : ١] معناهُ قُضِيَ ما هو كائنٌ ، وقال آخرون : هي مِنَ الْحروفِ المُعجمَةِ وعليه العملُ.

وقال ابنُ السِّكِّيت : أَحَمّت الحاجةُ وَأَجَمّت إذا دَنتْ وأنشد :

حيِّيا ذلك الغزالَ الأحمّا

إن يَكُنْ ذلك الفراقُ أَجَمَّا

الكسائيُّ : أَجَمَّ الأمرُ وأَحمَ إذا حانَ وقتُه. وقال الفرَّاء : أَحَمَ قدومُهم : دنَا ، ويقالُ : أجَمَّ. شَمِر عن أبي عمرو : وأحَمَ وأجَمَّ : دنَا ، وقالت الكِلَّابية : أحَمَ رحيلُنا فنحنُ سائرونَ غداً ، وأَجَمَّ رحيلُنا فنحنُ سائرون اليومَ إذا عزمنا أن نسير من يومنا. عمرو عن أبيه : ماء محمومٌ وممكولٌ ومَسْمولٌ ومنقوصٌ ومَثمودٌ بمعنى واحد. وقال الليث : الحَميم : القريبُ الذي تَوَدُّهُ وَيودُّك.

والحامَّةُ : خاصّةُ الرجلِ مِنْ أهلِهِ وَوَلدِهِ وذي قرابته.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الحَميمُ : القرابةُ ، يُقالُ : مُحِمٌ مُقرِبٌ. وَقال الفراءُ في قوله تعالى : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) [المعَارج : ١٠] لا يسألُ ذو قَرابةٍ عن قرابتهِ ولكنّهُمْ يَعرفونهم ساعةً ثمّ لا تعارُفَ بَعدَ تلك الساعة.

الليث : الحَمِيم : الماء الحاءِّ والحمّام : مشتق من الحَمِيمِ تُذَكِّره العرب.

وقال أبو العباس : سألتُ ابن الأعرابي عن الحميم في قول الشاعر :

وساغ لي الشرابُ وكنتُ قبلاً

أكاد أَغَصُّ بالماء الحَميم

فقال : الحميم : الماء البارد ، قلت : فالحميم عند ابن الأعرابي من الأضداد ، يكون الماءَ الحارّ ويكون البارد. وأنشد

١١

شَمِر بيت المُرَقَّش :

كلَّ عِشاء لها مِقطرة

ذات كِباء مُعَدٍّ وحَميم

قال شمر : قال ابن الأعرابي : الْحميم إن شئت كان ماءً حارّاً ، وإن شئت كان جمراً تتبخَّر به.

أبو عبيد عن الأصمعي : الحميم : العَرَق. واستَحَمّ الفَرَس إذا عَرِق ، وأنشد للأعشى :

يَصيدُ النَّحوصَ ومِسجَلَها

وجَحْشَيْهما قبل أن يَستَحِمّ

وقال أيضاً : استَحَمّ إذا اغتسل بالماء الحَمِيم. وقال الأصمعي : أَحَمّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحارّ قال : وشربْتُ البارحة حَمِيمة أي ماء سخناً. قال : ويقال : جاء بمَحَمّ أي بقُمقُم يُسخَّن فيه الماء. ويقال : اشرب على ما تجد من الوَجَع حُساً من ماءٍ حَمَيم تُريد جمع حُسْوة من ماءٍ حار.

شمِر : الْحميم : المطر الذي يكون في الصيف حين تَسخُن الأرض. وقال الهُذَلي :

هنالك لو دَعَوْتَ أَتاك منهم

رجالٌ مِثلُ أَرْمِيَة الحميم

وقال ابن السِّكِّيت : الْحميمة : الماء يُسَخَّن ، يُقال : أَحِمُّوا لنا بالماء.

قال : والْحَمِيمة وجمعها حمائم : كرائم الإبل يقال : أخذ المُصَدِّق حمائم الإبل أي كرائمها.

ويقالُ : طابَ حَمِيمُك وحِمَّتُك : للذي يخرُجُ من الحمَّام أي طاب عَرَقُكَ.

الليثُ : الحمَامةُ : طائرٌ. تقول العرب : حمامةٌ ذكرٌ وحمامةٌ أُنثى والجميعُ الحَمام. وأنشد :

* أَو الِفاً مَكَّة من وُرْقِ الحِمَى*

أراد الحمام.

أبو عبيد عن الكسائي : الحَمامُ هو البَرِّيُّ الذي لا يألفُ البيوتَ قال : وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمامُ. وقال : قال الأصمعيُّ : اليَمامُ : ضرْبٌ منَ الحمام بَرِّيّ ، قال : وأما الحمام فكلُّ ما كان ذا طَوْقٍ مثلَ القُمْرِيّ والفاخِتَةِ وأشباهها.

وأخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعيِّ أنه قال : كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمامٌ يدخلُ فيه القَمَارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَوَاخِتُ سواءً كان مُطَوَّقَةً أو غيرَ مُطَوَّقَةٍ آلفةً أو وحْشِيّةً.

قلت : جعل الشافعيُّ اسم الحمام واقعاً على ما عبَّ وهَدَرَ لا على ما كان ذا طَوْقٍ فيدخُلُ فيها الوُرْقُ الأهْلِيَّة والمُطَوّقَةُ الوَحْشِيَّة. ومعنى عَبَّ أي شَرِبَ نَفَساً نَفَساً حتى يَرَوَى ولم يَنْقُر الماء نقراً كما يفعله سائر الطير. والهدير صوت الحمام كلِّه.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : الحمامة : المرآة والحمامةُ : خِيارُ المال ، والحمامةُ : سَعْدانَةُ البعيرِ ، والحمامةُ : ساحةُ القَصْر النَّقيَّة ، والحمامةُ : بَكَرَةُ الدَّلوِ.

وأنشد المُؤَرِّج :

* كأن عَيْنَيْهِ حَمَامتان *

أي مرآتان. والحمامة : المرأة الجميلة.

الليث : الحُمَامُ : حُمَّى الإبل والدَّوابِّ.

١٢

يقال : حُمَ البعيرُ حُمَاماً ، وحُمَ الرجلُ حُمَّى شديدةً.

قال : والمَحَمَّةُ : أرضٌ ذات حُمَّى ويقال : طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا كان يُحَمُ عليه الذي يأكله. قال : والقياس أحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات حُمّى كثيرة. قال : وحُمَ الرجلُ وأَحَمَّه الله فهو مَحمومٌ. وهكذا قال أبو عُبَيد رواية عن أصحابه.

وقال ابن شُمَيل : الإبلُ إذا أكلت النَّدى أخذها الحُمامُ والقُماح. فأما الحُمَامُ فيأخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطلى جسدُها بالطين فتدعُ الرَّتْعة ويذهبُ طِرْقُها ، يكُون بها الشهر ثم يذهبُ وأما القُماحُ فإنه يأخُذُها السُّلَاحُ ويذهبُ طِرْقُها ورِسْلُها ونسْلُها. يقال : قامحَ البعيرُ فهو مُقامِحٌ ، ويقال : أخذ الناسَ حُمامُ قُر وهو المُومُ يأخذُ الناس.

وقال الليث : الحَمّةُ : عينُ ماءٍ فيها ماءٌ حارٌّ يُستشفى بالاغتسال فيها.

وفي الحديث : «مَثَلُ العالِم مثلُ الحَمَّة يأتيها البُعَداء ويتركها القُرَباء ، فبينا هي كذلك إذْ غار ماؤها وقد انتفع بها قومٌ وبقي أقوامٌ يتَفكّنُون» أي يتندمون.

وقال الليث : الحَمُ : ما اصطهرْتَ إهالَته من الألْيَة والشَّحم. والواحدةُ حَمَّةٌ. قال أبو عُبَيد عن الأصمعي : ما أُذِيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ ، واحدته حَمَّة ، قال : وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارةُ والجَمِيلُ ، قلت : والصحيح ما قاله الأصمعي. وسمعت العرب تقول :

ما أُذيب من سَنامِ البعير حَمٌ ، وكانوا يُسَمُّون السَّنامَ الشحم.

وقال شمر عن ابن عُيَيْنة : كان مَسْلَمةُ بن عبد الملك عربياً وكان يقول في خطبته : إنَّ أقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أقلُّهم حَمّاً ، قال سُفْيان : أراد بقوله : أقلهم حَمّاً أي مُتعة ، ومنه تحميم المُطَلَّقة.

أبو عُبَيد عن الفراء : ما له حَمٌ ولا سَمٌّ ، وما له حُمٌ ولا سُمٌّ غيرُك أي ما له هَمٌّ غيرك.

أبو عبيد يقال : حَمَمْتُ حَمَّه أي قصدتُ قصدَه. وقال طَرَفةُ :

جَعَلَتْه حَمّ كلْكَلها

من رَبِيع دِيمةٌ تَثِمُه

الأُمَويُّ : حاممتُه مُحامّةً : طالبْتُه.

ابنُ شُمَيل : الحَمَّة : حجارةٌ سود تراها لازقةً بالأرض ، تَقود في الأرض الليلة والليلتين والثلاثَ ، والأرضُ تحتَ الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة ، والحجارة تكون مُتدانية ومتفرقةً ، تكون مُلْساً مثل الْجُمع ورُؤوس الرجال ، وجمْعُها الحِمام ، وحجارتُها متقلِّع ولازقٌ بالأرض ، وتُنبِت نبتاً كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير.

وقال أبو زيد : أنا مُحامٌ على هذا الأمر أي ثابت عليه.

وقال الليث : الحُمَمُ : الفحم البارد ، الواحدة حُمَمةٌ.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنَّ رجلاً أَوْصى بَنيهِ عند موته فقال : إذا أنَا مُتُّ فاحرقوني بالنار ، حتى إذا صرتُ حُمَماً

١٣

فاسحَقوني ثم ذَرُّوني في الرِّيح ، لعلِّي أَضِلُّ الله». قال أبو عُبَيد : الحُمَمُ : الفحم. الواحدة حُمَمةٌ وبها سُمِّى الرِّجُل حُمَمة.

وقال طَرَفَة :

أشَجَاكَ الرَّبْعُ أَمْ قِدَمُهْ

أَمْ رَمادٌ دَارس حُمَمُهْ

وقال الليث : الحُمَمُ : المنايا ، واحدُها حُمّةٌ.

ويقال : عَجِلت بنا حُمّة الفراق وحُمَّةُ الموت ، وفلانٌ حُمَّةُ نفسي وحُبَّة نفْسي.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ : يقال : لِسَمِّ العقرب الحُمَّةُ والحُمَةُ ، وغيره لا يُجيز التشديد ، يجعل أَصلَه حُمْوَةً.

وقال الليث : الحَممُ : مصدر الأحَمِ والحميم الْحُمُ وهو الأسود من كل شيء ، والاسم الحُمَّةُ. يقال : به حُمَّةٌ شديدةٌ ، وأنشد :

* وقاتمٍ أحمرَ فيه حُمّةٌ*

وقال الأعشى :

 فأما إذا ركبوا لِلصَّبَاح

فأَوْجُهُهُمْ مِن صدَى البَيْضِ حُمُ

وقال النابغة :

* أَحْوَى أَحَمِ المُقْلَتَيْنِ مُقَلَّدِ*

وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) [الواقِعَة : ٤٣]. قال : اليَحْمُومُ : الشديد السواد. وقيل : إنه الدُّخَانُ الشديد السواد. وقيل : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) أي من نار يعذَّبون بها ، ودليل هذا القول قول الله جلّ وعزّ : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزُّمَر : ١٦] إلا أنه موصوفٌ في هذا الموضع بشدة السواد.

وقيل : اليَحْمُومُ : سُرادق أهل النار.

وقال الليث : اليَحْمُومُ : الفرس.

قلت : اليحمومُ : اسم فرس كان للنعمان بن المُنذر سُمِّي يَحموماً لشدة سواده.

وقد ذكره الأعْشَى فقال :

ويأمر لليحموم كلَّ عَشيَّةٍ

بِقَتٍّ وتعليقٍ فقد كاد يَسْنق

وهو يفعولٌ من الأحَمِ الأسود.

وقال أبو عُبَيد : اليحمومُ : الأسودُ من كلِّ شيء.

وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه طلَّقَ امرأته ومتَّعها بخادمٍ سوداءَ حَمَّمها إياها.

قال أبو عُبَيد : معنى حَمَّمها إياها أي مَتَّعها بها بعد الطلاق. وكانت العرب تُسَميها التحميم. وأنشد :

أنت الذي وهبْتَ زيداً بعد ما

هَمَمتُ بالعجوز أن تُحَمُّمَا

هذا رجل وُلد له ابن سُمّاه زيداً بعد ما كان هَمَّ بتطليق أُمِّه.

وقال أبو عُبَيدٍ : قال الأصمعيّ : التّحميم في ثلاثة أشياء هذا أحدها.

ويُقال. حَمَّمَ الفرْخُ إذا نبت ريشُه.

قال : وحَمَّمت وجه الرجل إذا سَوَّدته بالحُمم ، وحَمَّمَ رأسُه بعد الحلْق إذا اسود.

وفي حديث أَنَس : أنه كان إذا حَمَّم رأسُه

١٤

بمكةَ خرج فاعتَمَر.

وقال الليث : الحَمْحَمة : صوْتٌ لِلْبِرْذَوْنِ دُون الصوت العالي ، وللفرس دون الصهيل. يُقال : تحمْحَم تَحَمْحُماً ، وحَمحم حمحمةً ، قلت : كأنه حكايةُ صوتِه إذا طلب العلَفَ أو رأى صاحبَه الذي كان أَلِفه فاستأنس إليه. أَبو عُبَيدٍ عن الأصمعيّ : الحِمْحِمُ : الأسْودُ ، والحِمْحِمُ : نباتٌ في البادية. قلت : وهو الشُّقَّارَى وله حب أسود ، وقد يقال له : الخمْخِمُ بالخاءِ وقال عنترة :

* وَسْطَ الديار تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم*

وَحَمُومةُ : اسم جبل في البادية.

أبو عمرو : وحمحم الثَّور إذا نَبَّ وأَرادَ السِّفاد. وثيابُ التَّحِمَّة : ما يُلبِس المُطلِّقُ امرأتَه إذا مَتَّعهَا ومنه قوله :

فإنْ تَلبَسِي عَنَّا ثياب تَحِمَّةٍ

فلن يُفلح الواشِي بك المُتَنَصِّحُ

ونبتٌ يَحْمُومٌ : أخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.

والحُمَامُ : السّيدُ الشّريفُ ، قلتُ : أُراهُ في الأصلِ الهُمام فقُلبت الهَاءُ حاءً وقال :

أَنَا ابن الأكْرمِينَ أَخُو المعالي

حُمَامُ عشيرتَي وقِوامُ قَيْسِ

واليحاميمُ : الجبالُ السُّودُ.

والحَمامةُ : حلْقةُ البابِ ، والحمامةُ مِنَ الفرسِ : القَصُّ قاله أبو عُبيدة.

وقال اللِّحْيانِيّ : قال العامريُّ : قلتُ لبعضهم : أَبَقِي عِندكم شيءٌ؟ فقال هَمْهَامِ ، وَحَمْحَامِ ، ومَحْمَاحِ ، وبَحْبَاح ، أي لم يبقَ شيءٌ.

وقال المُنْذِريُ : سُئِلَ أبو العباس عن قوله : (حم) ... (لا يُنْصَرُونَ). فقال معناهُ : والله (لا يُنْصَرُونَ) الكلامُ خبرٌ ليس بدُعاء.

مح : قال الليثُ : المَحُ : الثّوبُ البالي ، والفعلُ أَمَحَ الثَّوبُ يُمحّ وكذلك الدارُ إذا عفتْ والحبّ وأنشد :

أَلا يَا قَتْلَ قد خَلُق الجديدُ

وحُبُّكِ ما يُمِحّ وما يَبيدُ

وثوبٌ ماحٌ. وقال أبو عُبيد : مَحَ الثوبُ : يَمُحُ وأمحَ يُمِحُ إذا أَخلقَ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابيِّ : قال : المحَّاحُ : الكذابُ وقال : مَحَ الكذابُ يَمُحُ مَحاحةً.

وقال الليثُ : المحّاحُ : الذي يُرْضي الناسَ بكلامِه ولا فِعلَ له.

قال هو وأبو عُبيد عن الأصمعيّ : مُحُ البيضِ : صُفرتُه. وأنشد غيرهُم :

كانت قُريشٌ بَيضةً فَتفلَّقَتْ

فالمُحُ خالصةٌ لعبدِ مَناف

وقال ابن شُمَيل : مُحُ البيضِ : ما في جَوْفه مِنْ أَصفر وأبيض كُلَّه مُحٌ ، قال : ومنهم مَنْ قال : المُحَّةُ الصفراءُ ، والغرقيُّ : البياض الذي يُؤكلُ.

أبو العباس عَنْ عمرو عَنْ أبيه قال : يقال : لِبياضِ البيضِ الذي يُؤكلُ الآحُ ولِصُفرتِها المَاحُ.

قال : وَقالَ ابنُ الأعرابيِّ : مَحمَحَ الرَّجلُ إذا أَخْلَصَ مودته.

١٥

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الحاء

قال الخليل بن أحمد : أهملت الحاء مع الهاء والخاء والغين.

(أبواب) الحاء والقاف

ح ق ك ، ح ق ج أهملت وجوهها.

ح ق ش

استعمل من وجوهها : [شقح].

شقح : قال الليث : العرب تقول : قُبْحاً لَهُ وشُقْحاً ، وإِنَّهُ لقَبِيحٌ شَقِيحٌ ، ولا تكاد العرب تَعْزِلُ الشُّقْحَ من القُبْح. أبو عُبَيد عن الكسائي : هو قَبِيحٌ شَقِيحٌ ، وجاء بالقَباحَةِ والشَّقاحَةِ. وقال أبو زيد : شَقَحَ الله فُلاناً وَقَبَحَهُ فهو مَشْقُوحٌ مثل قَبَحَهُ فهو مقبوحٌ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الشَّقْحُ : الكَسْرُ ، والشَّقْحُ : البُعْدُ ، والشَّقْحُ : الشَّجُّ. قال : وسمع عمَّار رجلاً يسُبُّ عائشة فقال له بعدَ مَا لَكَزَه لَكَزَات : أأنت تسُبُّ حبيبةَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم! اقْعُدْ مَنْبُوحاً مَقْبوحاً مَشْقُوحاً.

وقال اللَّحياني : لأشْقَحَنَّك شَقْحَ الجَوْز بالْجَنْدَل أي لأكْسِرَنّك قال : والشَّقْحُ : الكَسر. وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن بيع تمر النخل حتى يُشَقِّح. أبو عُبَيد عن الأصمعي قال : إذا تغيرت البُسْرَةُ إلى الحُمَرةِ قيل هذه شَقْحَةٌ ، وقد أَشْقَحَ النَّخْلُ ، قال : وهي في لغة أهل الحجاز الزَّهُوُ.

وقال أبو حاتم : يقال للأَحْمَر الأشْقَر : إنَّه لأشْقَح.

قال : والشَّقِيحُ : النَّاقِهُ من المرض ، ولذلك قيل : فلانٌ قبيح شَقِيحٌ.

أبو عبيد عن الفراء : يقال لِحَياء الكلبة ظَبْيَةٌ وَشَقْحَةٌ ، ولذوات الحافر : وَطْبَةٌ.

ويقال : شاقَحْتُ فلاناً وَشَاقَيْتُه وَباذَيْتُهُ إذا لا سَنْتَهُ بالأذيَّة.

ح ق ض

أهْمِلت وجُوهُها.

ح ق ص

قحص ، حقص : [مستعملان].

قحص : قال أبو العَمَيْثَل : يقال : قَحَص

١٦

وَمَحَص إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً. وأَقْحَصْتُه وقَحَصْتُه إذا أبعدتَه عن الشيء. وقال أبو سعيد : فَحَصَ بِرِجْله وقَحَصَ إذا رَكَضَ بِرِجْله.

حقص : قال ابن الفرج : سَمِعْتُ مُدْرِكاً الجعفري يقول : سبقني فلانٌ قَبْصاً وحَقْصاً وشَدّاً بمعنى واحد.

ح ق س

المستعمل من وجوهه : قسح ، سحق.

قسح : قال الليث : القَسْحُ : بقاء الإنعاظ.

يقال : إنه لقُساحٌ مَقْسُوحٌ. وقَاسَحَه : يابَسَه ، والقُسُوحُ : اليُبْسُ. وإِنَّهُ لقَاسِحٌ : يابسٌ.

سحق : الليث : السَّحْقُ : دونَ الدَّقِّ. وقال غيره : سَحَقَتِ الرِّيحُ الأرضَ وسَهَكَتْهُ إذا قَشَرَت وَجْهَ الأرضِ بشدَّةِ هُبُوبها.

ومُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ لفظ مُوَلَّدٌ.

وقال الليث : السَّحْقُ في العَدْو : دون الحُضْر وفوْق السَّحْج. وقال رُؤبةُ :

فَهِيَ تَعَاطَى شَدَّةَ المُكايَلا

سَحْقاً من الْجِدِّ وسَحْجاً باطِلا

وقال آخر :

كانت لنَا جَارَةٌ فَأَزْعَجَها

فَاذُورَة تَسْحَق النَّوَى قُدُمَا

قال : والسَّحْقُ : الثَّوْبُ البَالي ، والفِعْلُ الانسحاقُ وقد سَحَقَهُ البِلَى ودَعْكُ اللُّبْسِ ، وقال أبو زيد : ثَوْبٌ سَحْقٌ وهو الْخَلَقُ.

وقال غيره : هو الذي قد انْسَحَق ولان ، وفي حديث عمر أنه قال : مَنْ زَافَتْ عليهِ دراهمُهُ فلْيأتِ بها السُّوقَ وليَشْترِ بها ثَوْبَ سَحَقٍ ولا يُخَالِفُ النَّاسَ أَنَّها جِيادٌ.

وقال الليث : السّحْقُ كالبُعْد. تقول : سُحْقاً لهُ : بُعْداً ، ولغةُ أهل الحجاز : بُعْدٌ لهُ وسُحْقٌ ، يجعلونه اسماً ، والنَّصْبُ عَلَى الدُّعَاء عليه ، يريدون به : أبعده الله وَأَسْحَقهُ سُحْقاً وبُعْداً ، وإِنَّهُ لبَعيدٌ سحيقٌ.

وقال الفراء في قوله : (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) [الملك : ١١] اجتمعوا على التخفيف ، ولو قُرئت فسُحْقاً كانت لغةً حسنة.

وقال الزجاج : فسُحْقاً منصوبٌ على المصدر. أسْحَقَهم الله سُحْقاً أي باعدهم من رَحمتِه مُباعدةً.

وقال غيره : سَحَقه الله وأسْحَقه أي أبعده ، ومنه قولُه :

* تَسْحَق النوى قُدماً*

أبو عُبيد وغيره : السَّحوق مِن النخل : الطويلةُ ، وأتانٌ سَحوقٌ ، وحمارٌ سحوق والجميع السُّحُقُ وهي الطِّوال المَسانّ ، وأنشد أبو عُبيد في صفة النخل :

سُحُقٌ يمتِّعها الصَّفا وسَرِيُّه

عُمٌّ نَواعِمُ بينهن كُرومُ

أبو عُبيد عن الأصمعي : إذا طالت النخلة مع انْجِرادٍ فهي سَحوقٌ.

وقال شَمِر : هي الجرداء الطويلةُ التي لا كربَ فيها وأنشد :

وسالفةٌ كسَحوق اللِّيانِ

أَضْرَم فيها الغَوِيُّ السُّعُرْ

شبَّه عُنُق الفرس بالنخلة الجرداء.

وقال الليث : العيْنُ تسحق الدمعَ سَحْقاً.

١٧

ودُموعٌ مساحيقُ ، وأنشد :

* طَلَى طرفَ عينيه مساحيقُ ذُرَّفُ*

كما تقول : منكسِرٌ ، ومكاسر.

قلت : جعل المساحِيقَ جمعَ المُنْسَحِق وهو المُنْدَفق.

قال زُهَيْرٌ :

 «قِتْبٌ وغَرْبٌ إذا ما أُفرغ انسحقا»

وقال الليث : الإسحاق : ارتفاع الضرع ولُزُوقُه بالبطن.

وقال لبيد :

حتى إذا يَبِسَت وأسحق حالِقٌ

لم يُبْلِه إرضاعُها وفِطامُها

وقال شمر : أسحقَ الضَّرْع : ذهبَ ما فيه ، وانسحقت الدَّلْوُ : ذهب ما فيها ، وأسحقت ضَرَّتُها : ضَمَرَت وذهب لبنها.

وقال الأصمعيُّ : أسحَقَ : يَبِسَ.

وقال أبو عُبيد : أسحَقَ الضّرْع : ذهب لبنُه وبَلِي.

قال : والسَّوحَقُ : الطويلُ من الرجال.

وقال الأصمعيُّ : من الأمطار السَّحَائقُ الواحدةُ سحيقَةٌ وهو المطر العظيم القطر ، الشديد الوَقْع ، القليل العَرِمُ.

قال : ومنها السَّحيفةُ بالفاء وهي المطرة التي تجْرُف ما مرت به.

وساحُوق : بَلد ، وقال :

* وهُنَ بساحُوقٍ تداركنَ ذالِقا*

ح ق ز

حزق ، قحز ، قزح : مستعملة.

حزق : قال الليث : الحَزْق : شدةُ جذب الرِّباطِ والوَتر ، والرجل المُتَحَزِّقُ :

المتشدِّد على ما في يده ضَنّاً به وكذلك الحُزُقُ والحُزُقّة والحَزِق مثله وأنشد :

* فهْي تَفَادى من حَزارٍ ذي حَزِق *

وروى ابنُ الأعرابيِّ عن الشَّعبي بإسناد له أنَّ عليّاً خطب أصحابه في أمر المارقين ، وحضَّهم عَلَى قتالهم ، فلما قتلوهم جاءوا فقالوا : أبشرْ يا أمير المؤمنين ، فقد استأصلناهم. فقال عليُّ رضي‌الله‌عنه : «حَزْقُ عَيْر حَزْقُ عَيُرٍ قد بقيت منهم بقيَّةٌ».

قال ابن الأعرابيّ : سمعتُ المُفَضَّل يقول في قوله : حَزْقُ عَيْر : هذا مَثَلٌ تقوله العرب للرجلِ المُخْبِرِ بِخَبر غَيْر تامّ ولا مُحَصَّلٍ : حَزْقُ عَيْر حَزْقُ عَيْر أي حُصَاصُ حِمار أي ليس الأمرُ كما زعمتم. وقال أبو العَبَّاس : وفيه قَوْل آخر : أراد عليٌّ أَنَّ أمرَهُم مُحْكَم بعد كحَزْقِ حِمْلِ الحمارِ : وذلك أَنَّ الحمار يَضْطَرب بِحِمله ، فَرُبما أَلْقاه فيُحْزَقُ حَزْقاً شديداً ، يقول عليّ : فأَمْرُهُم بَعْدُ مُحْكَم.

أبو عُبيد عَنِ الفراء : رجلٌ حُزُقّةٌ وهو الذي يُقارِبُ مِشْيَتَه. قال : ويقال : حَزُقّةُ.

وقال شمر : الحُزُقَّةُ : الضيِّقُ القُدْرَة والرَّأْيِ ، الشَّحيحُ. قال : فإِنْ كان قصيراً دميماً فهو حُزُقَّةٌ أيضاً. ابن السِّكِّيت عَنِ الأصمعيّ : رَجُلٌ حُزُقّةً وهو الضَّيِّقُ الرَّأْيِ من الرجال والنِّسَاءِ ، وأنشد :

وأعْجَبْنِي مَشْيُ الحُزُقَّة خالدٍ

كمشي الأتانِ حُلِّئَتْ بالمناهِلِ

أبو عُبيدٍ عَنِ الأصمعي : الحَزِيقُ : الجماعةُ من الناس وقال لَبيدٌ.

١٨

* كحزِيقِ الحَبَشِيِّيْنَ الزُّجَلْ*

ورُوِي : يقالُ للجماعةِ : حِزْقَةٌ وحِزَقٌ.

وجمع الحَزيق حَزَائقُ وفي الحديث «لا رأي لحَازقٍ» وقيل : هو الذي ضاقَ عليه موضعُ قدمه مِنْ خفِّه فحزَقَها كأنه فاعلٌ بِمعنَى مَفْعُول.

ويقالُ : أحْزقتُه إحزاقاً إذا منعتُه. وقال : أبو وَجْزَةَ :

فمَا المالُ إلا سُؤْرُ حَقِّكَ كلِّه

ولكنَّه عمَّا سِوَى الحَقِ مُحْزَق

وقال أبو تُرابٍ : سمعتُ شمراً وأبَا سَعيدٍ يَقولانِ : رجلٌ حُزُقَّةٌ وحُزُمَّةٌ إذا كان قصيراً.

قحز : قال الليث : القَحْزُ : الوَثبَان والقَلقَ.

وقال رؤبة.

* إذا تَنزَّى قاحزَاتُ القَحْز*

يعني به شدائد الأمور. وفي حديث أبي وائلٍ أنَّ الحجاجَ دعاه فقال له : أحْسِبُنَا قد رَوْعْنَاكَ فقال له أبو وائِلٍ : أما إني قد بتُ أقْحَزُ البَارحة.

وقال أبو عُبيد : قوله أقحز يعني أُنزَّى : يقال : قد قحز الرجلُ يقحز إذا قلق. وهو رجلٌ قاحزٌ. وأنشد قول أبي كبير يصف طَعنة :

مُسْتَنَّةٍ سَننَ الفُلُوِّ مُرِشَّة

تَنفي الترابَ بِقَاحزِ مُعرَورِف

يعني خروج الدَّم باسْتنَانٍ.

ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : قحز الرجلُ فهو قاحزٌ إذا سَقطَ شبهَ الميِّت.

وقال النَّضرُ : القَاحزُ : السهم الطامح عَنْ كبد القوس ذاهباً في السماء. يقال : لشَدّ ما قحز سهمك أيْ شَخَصَ.

قزح : في الحديث «أنَّ الله ضَرَبَ مَطْعَمَ ابن آدم له مثلاً وإِنْ قَزَّحه وَمَلَّحَهُ»

. أبو عُبيد عن أبي زيد قال : إذا جَعَلْتَ التَّوَابِلَ في القِدْرِ قلت : فَحَّيْتُها وَتَوبَلْتُهَا وقَزَحْتُها بالتَّخفيف قال : وهي الأقزاحُ واحِدها قِزْح ، وقال ابن الأعرابي : هو القِزْحُ والقَزْحُ والفِحَا والفَحَا ، قال : والأَقْزَاحُ أيضاً : خُرْءُ الْحَيَّاتِ ، واحدِهَا قِزْح.

قال : قَزَحَ الكلبُ بِبَوْلِه قَزْحاً إذا رفع رِجْلَه وبَال.

وقال الليث : قَزَّحْتُ القِدْرَ تَقْزِيحاً إذا بَزَرْتَها.

قال : وقَوْسُ قُزَحَ : طريقةٌ مُتَقَوِّسَةٌ في السماء غِبَّ المطر أيام الربيع. وروي عن ابن عباس أنه قال : «لا تقولوا قَوْس قُزَح فإن قُزَحَ مِن أسماء الشياطين ، ولكن قولوا : قَوْسُ الله». قال. وقال أبو الدُّقَيْش : القُزَحُ : الطرائق التي فيها ، والواحدة قُزْحَه. عمرو عن أبيه قال : القُسْطَانُ : قَوْسُ قُزَحَ. وسُئِل أبو العباس عن صَرْفِ قُزَح فقال : مَن جعله اسم شيطان ألحقه بزُحَل ، وقال المبرِّدُ : لا ينصرف زُحل لأن فيه العِلّتين المعرِفة والعدولَ. قال أبو العبَّاس ثَعْلَبٌ : ويقال : إن قُزَحاً جمع قُزْحَة وهي خطوطٌ مِن صُفْرَةٍ وحُمْرة وخُضْرَةٍ ، فإذا كان هكذا أَلْحَقتَه بِزيد ، قال : ويقال : قُزَحُ : اسم ملك مُوكَّل به ، قال : فإذا كان هكذا أَلْحَقتَه بِعُمر. قلت : وعمر لا ينصرف في

١٩

المعرفة وينصرف في النكِرة.

وَقَوازحُ الماء : نُفَّاخاته التي تنتفخ فتذهب. قال أبو وجْزَةَ :

لهم حاضر لا يُجْهَلُونَ وَصَارخٌ

كسَيْلِ الغَوَادِي تَرْتَمِي بِالْقَوَازِحِ

وقال أبو زيد : قَزَحَتِ القِدْرُ تَقْزَحُ قَزَحاً وقَزَحَاناً إذا أقطَرَتْ مَا خَرَجَ منها.

الليث : التَّقْزِيحُ في رأسِ شجرةٍ أو نَبْتٍ إذا شَعَّب شُعَباً مثل بُرْثُنِ الكلب. وفي الحديث النَّهيُ عن الصلاة خلف الشجرة المُقَزَّحة.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : ومِنْ غرِيب شجر الْبَرِّ : المُقَزَّحُ : وهو شجر على صورة التِّين له غِصْنَةٌ قِصَارٌ في رُؤوسِها مثل بُرْثُن الكلب ، ومنه خبرُ الشَّعْبِيِّ عن ابن عباس أنه كَرِهَ أن يُصَلِّي الرجل إلى الشجرة المُقَزَّحَةِ.

وقال الليث في قول الأعشى :

* في مُحِيلِ القِدِّ مِن صَحْبِ قُزَحْ *

أراد بِقُزَحَ هاهنا لقباً له وليس باسم

ح ق ط

أُهمِلَت وجوهها إلَّا : قحط.

قحط : الْحَرّانِي عن ابن السكيت : قُحِطَ الناس ، وقد قَحَطَ الْمَطَرُ ، وقال الليث : القَحْطُ : احْتِبَاسُ المَطَر. يقال : قُحِطَ القَوْمُ وأَقحطوا ، وقُحِطت الأرضُ فهي مقحوطةٌ ، وقَحِطَ المطر أي احتبس.

ورجُلٌ قَحْطِيٌ وهو الأَكُولُ الذي لا يُبْقِي شيئاً من الطعام. وهذا من كلام الحاضرة ونسبوه إلى القَحْط لكثرة الأكل على معنى أنه نجا من القحط فلذلك كثر أكله.

وقال الليث : قحطان : أبو اليمن : وهو في قول نسَّابيهم قحْطَان بن هودٍ ، وبعضٌ يقول : قحطان بن أَرْفَخْشَذْ بن سام بن نوح.

ثعلب عن ابن الأعرابي : قُحِطَ الناس وأُقْحِطوا وقَحَطَ ، المطر. وقال شَمِرُ : قُحوط المطر : أن يَحْتَبِس وهو محتاج إليه. ويقال : زمانٌ قاحط ، وعام قاحط ، وسنةٌ قَحِيطٌ ، وأَزْمُنٌ قَواحِطُ.

وفي الحديث : «أَن مَنْ جامَع فأَقْحَطَ فلا غُسْلَ عليه» ومعناه أن ينتشر فَيُولج ، ثم يَفْترُ ذَكَرُه قبل أن يُنزلَ. والإقْحَاطُ مثل الإكسالِ ، وهذا مثل الحديث الآخر : «الماءُ من الماء» وكان هذا في أول الإسلام ثم نُسِخَ وأُمِرُوا بالاغتسال بعد الإيلاج.

وقال ابن الفرج : كان ذلك في إقْحاط الزمان وإكْحَاط الزمان أي في شِدَّته.

ح ق د

حقد ، حدق ، قدح ، قحد ، دحق : مستعملات.

قحد : قال الليث : القَحَدَةُ : ما بين المأُنَتَيْن من شَحْم السنام.

وناقَةٌ مِقْحَاد : ضخمة القَحَدَة وأنشد :

* مِن كلِّ كَوْمَاءَ شَطُوطٍ مِقْحَادْ*

أبو عُبَيد عن الأصمعيِّ : المِقْحَاد : النَّاقةُ العظيمة السَّنام : ويقال للسَّنام : القَحَدَة ، قال : والشَّطُوطُ : العظيمة جَنْبَتَي السَّنَام.

ثعلب عن ابن الأعرابيِّ قال : المَحْقِدُ

٢٠