ومنه : لِفافة الرَّجُل.
وقيل في قوله جلّ وعزّ : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩)) [القيامة : ٢٩] : إنّه لَفُ ساقَي الميت في كَفنه.
وقيل : إنه اتصال شدّة الدُّنيا بشدّة الآخرة.
والميت يُلَفّ في كفنه لفّاً ، إذا أُدْرج فيه إدراجاً.
واللَّفيفة : لحم المَتْن الذي تحته العَقب من البعير.
فل : الليث : الفَلّ : المُنْهزمُون.
والجميع : الفُلَّال.
قال : والتَّفليل : تفلُّل في حدّ السّيف ، أو في غُروب الأَسنان ونحو ذلك.
وفي سَيفه فُلول ؛ وقال النابغة يصف السُّيوف :
* بهن فُلولٌ من قِرَاع الكتائِبِ*
وقوم فُلُول : مُنْهزمون.
قال : والاسْتفلال : أن يُصيب من الموضع العَسِر شيئاً قليلاً من موضع طَلب حَقّ أو صِلَة ، فلا يَسْتَفِلّ إلا شيئاً يسيراً.
ابن السِّكيت : الفَلّ : الثّلْم في السّيف.
وجمعه : فُلُول.
والفَلّ : القوم المُنْهزمون ، وأَصله من الكَسر ، وانفلّ سِنُّه ؛ وأَنشد :
* عُجَيِّز عارضُها مُنْفَلُ *
قال : والفِلُ : الأرْضُ التي لم يُصِبْها مَطَرٌ.
وجمعه : أَفْلال.
وقد أَفْلَلنا ، إذا وَطئنا أرضاً فِلًّا ؛ وقال ابن رَواحة :
شَهِدْتُ ولَم أكذْب بأنّ محمداً |
رسولُ الذي فوق السَّموات من عَلُ |
|
وأنّ التي بالجِزْع من بَطن نَخْلة |
ومَن دانهَا فِلٌ من الخَيرَ مَعْزِلُ |
وقال الراجز :
حَرَّقها حَمْضُ بِلادٍ فِلِ |
وغَتْم نَجْمٍ غيرُ مُسْتَقِلّ |
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : أرضٌ فِلٌ : لا شيءَ بها.
والفَلاة ، منه.
شَمر ، عن ابن شُميل : الفَلَاليّ ، واحدتها : فَلِيّةٌ : الأرض التي لم يُصبها مطرٌ عامَها حتى يُصيبها المطرُ من العام المُقبل.
ويُقال : أرض أَفْلال ؛ وقال الراجز :
* مَرْت الصَّحارِي ذو سُهُوبٍ أَفْلَالْ *
الفراء : أَفَلّ الرَّجلُ : صار في أرض فِلّ لم يُصِبْه مطرٌ ؛ وقال الشاعر :
أَفَلّ وأَقْوى فهو طاوٍ كأنما |
يجاوب أعلى صَوْته صوتُ مِعْوَلِ |
عمرو ، عن أبيه : الفُلّى ، والفُرّى : الكتيبة
المُنْهزمة.
وسيفٌ أفلّ : ذو فُلُول.
وقَفر مُفَلّل ، أي مُؤَشَّر.
أبو عُبيد ، عن عمرو : الفَلِيلة : الشَّعَر المُجتمع ؛ قال الكُميت :
ومُطَّردِ الدِّماء وحيث يُلْقَى |
من الشَّعَر المُضَفّر كالفَلِيل |
قال : وأفَلّ الرجل : ذَهب ماله ، مأخوذ من «أرض فِلّ».
النضر : جاء فلان يَتَفَلْفَل ، أي يقارب بين خَطوه.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، جاء مُتَفلفلاً ، أي جاء يَشُوص فاه بالسِّواك.
وثوبٌ مُفَلْفَل ، إذا كانت داراتُ وَشْيه تحكي استدارة الفُلْفل وصِغَره.
وفَلْفل ، إذا اسْتاك.
وفَلفل ، إذا تبختر.
وخَمْر مُفَلْفل : أُلقي فيه الفُلْفل ، فهو يَحْذي اللِّسان.
والفُلْفل : الخادم الكَيِّس.
وشَعر مُفَلْفل ، إذا اشتدت جُعودتُه.
[باب اللام والباء]
ل ب
لب ، بل.
لب : سمعتُ المُنذريّ يقول : عُرض على أبي العبّاس ما سمعتُ من أبي طالب في قولهم : لَبَّيْك.
قال : قال الفَرء : معناه : إجابةً لك بعد إجابة ، ونَصْبه على المَصْدر.
وقال الأحمر : هو مأخوذ من : لبَ بالمكان ، وألَبَ به ، إذا أقام ، وأنشد :
* لَبّ بأَرْض ما تَخَطَّاها الغَتَمْ*
قال : ومنه قول طُفيل :
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيِّ ورَهْطِه |
وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروج وتَحْلُبُ |
قال : كان أصل لَبّ بك : لَبَّب بك ، فاستثقلوا ثلاث باآت ، فقلبوا إحداهن ياء ، كما قالوا : تَظنَّيْت ، من الظنّ.
أبو عُبيد ، عن الخليل : أصله من أَلْبَبْت بالمكان ، فإذا دعا الرجُل صاحِبَه ، أجابه : لَبَّيك ، أي أنا مُقيم عندك ، ثم وَكّد ذلك بلبَّيك ، أي إقامةً بعد إقامة.
وحُكي عن الخليل أنه مأخوذ من قولهم : أمُ لَبَّةٌ ، أي مُقيمة عاطفة.
فإن كان كذلك فمعناه : إقبالاً إليك ، ومحبة لك ؛ وأَنْشَد :
وكنتم كأُمٍ لَبَّةٍ ظَعن ابنُها |
إليها فما دَرَّت عليه بسَاعِدِ |
قال : ويُقال : إنه مأخوذ من قولهم : دَارِي تَلُبّ دارَك ، فيكون معناه : اتّجاهي إليك وإقبالي على أمرك.
المُنذري ، عن أبي العبّاس : لَبَّيك ، من : لَبّ بالمكان ، وأَلبّ به ، أي أقام.
قال : وقال ابن الأَعرابي : اللَّبّ : الطاعة ، وأصله من الإقامة.
وقولهم : لَبَّيك ، اللَّب : واحد ، فإذا ثَنَّيت قلت في الرَّفع : لَبّان ، وفي النّصْب والخَفض : لَبَّيْن. وكان في الأصل لَبَّينِك ، أي أطعتك مَرَّتين ، ثم حُذفت النُّون للإضافة ، أي أطيعك طاعتين مُقيماً عندك إقامة بعد إقامة.
الليث : لُبّ كل شيء من الثّمار : داخله الذي يُطرح خارجه ، نحو : لُبّ الجَوز واللّوز.
ولُب الرجل : ما جُعل في قلبه من العَقل.
قال : ولُباب القمح ، ولُباب الفُسْتق.
ولُباب الإبل : خيارُها.
ولُباب الحَسَب : مَحْضُه.
واللُّباب : الخالص من كُل شيء ؛ وقال ذو الرُّمّةَ يصف فَحْلاً مِئْنَاثاً :
سِبَحْلاً أبَا شِرْخَيْن أَحْيَا بَناتِه |
مَقاليتُها فهي اللُّبابُ الحَبائسُ |
وقال أبو الحسن في الفالوذج : لُبابُ القَمْح بلُباب النَّحْل.
الليث : اللَّبَابة ، مَصدر اللَّبِيب ، وقد لَبُبْتُ.
ورجُلٌ مَلْبوبٌ ، إذا وُصف باللَّبابة ؛ وقال حَسّان :
وجاريةٍ مَلْبُوبة ومُنَجَّسٍ |
وطارقةٍ في طَرْقِها لم تُشَدِّدِ |
وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله مَنع مِنّي بَني مُدْلج لصلتهم الرَّحِم وطَعْنهم في أَلباب الإبل.
ورُوي : في لَبّات الإبل.
قال أبو عُبيد : من رواه في أَلْباب الإبل فله مَعْنيان : أحدهما : أن يكون أراد : جَمْع اللُّب ، ولُبّ كل شيء : خالصه ، كأنه أراد : خالص إبلهم وكرائمها.
والمعنى الثاني : أنه أراد جمع اللّبَب وهو مواضع المَنْحر من كُلّ شيء.
ونَرى أن لَبَب الفرس سُمِّي به ، ولهذا قيل : لَبَّبْت فلاناً ، إذا جمعت ثيابَه عند صَدره ونَحره ثم جَرَرْته.
وإن كان المحفوظ اللّبّات فهي جمع اللّبّة ، وهي موضع النَّحر.
قال : واللّبَب من الرَّمل : ما كان قريباً من حَبْل الرّمْل.
وفي الحديث أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم صلّى في ثوب واحد مُتَلَبِّباً به ، أي تحزّم بثوبه عند صَدْره.
وكُل من جَمع ثوبه متحزّماً ، فقد تلبَّب به ؛ وقال أبو ذؤيب :
وتَمِيمةٍ من قانص مُتلبِّب |
في كَفّه جَشْءٌ أَجَشٌّ وأَقْطَعُ |
ومن هذا قيل للذي لَبِس السِّلاح وتَشَمَّر للقتال : مُتَلَبِّب ؛ ومنه قول المُنَتَخِّل :
واسْتلأمُوا وتلبَّبُوا |
إنّ التلبُّب للمُغِيرْ |
ويُقال : أخذ فلانٌ بِتَلْبيب فلانٍ ، إِذا جَمع عليه ثوبَه الذي هو لابسُه عند صَدْره وقَبض عليه يَجُرّه.
الليث : الصَّريخُ إِذا أَنذر القومَ واستصرخَ : لبَّب ، وذلك أن يَجعل كنانَته وقوسَه في عُنقه ثم يَقْبض على تَلْبِيب نَفْسه ؛ وأَنْشد :
* إنّا إِذا الدَّاعي اعْتَزى ولَبَّبَا*
ويقال : تَلْبيبه : تردُّده.
أبو عُبيد : اللّبْلَبة : الشَّفقة على الإنسان ؛ وقال الكُميت :
ومنَّا إذا حَزَبَتْك الأُمور |
عليك المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ |
اللّيث : اللّبْلبة : فعل الشاة بولدها إذا لَحَسَتْه بشَفَتَيْها.
واللَّبْلاب : بَقْلة معروفة يُتداوى بها.
قال : ويُقال : فلانُ في بالٍ رَخِيّ ولَبَبٍ ، أي في سَعة وخِصْب وأَمْن.
وحكى يُونس : تقول العرب للرَّجُل تَعطف عليه : لَبَابِ لَبَاب ، مثل حَذَامِ ، وقَطام.
ويُقال للماء الكثير يَحمل منه المِفْتَح ما يَسَعه فَيضيق صُنْبوره عنه من كثرته فَيَستدير الماء عند فمه ويصير كأنه بُلْبُل آنِيةٍ : لَوْلَب.
قلت : لا أدري أعربي أم معرَّب ، غير أن أهل العِراق أُولعوا باستعماله.
عمرو ، عن أبيه : اللَّبْلَبة : التَّفرُّق.
بل : أبو عُبيد ، عن الكسائي : بَللْتُ من مرضي ، وأَبللت : بَرَأْت.
وبَلِلْت بفلانٍ بَلَلاً ، إذا مُنيت به وعلِقْته ؛ عنهما.
وبلْلتُ به ، أي ظَفرت به. قاله شَمِر وابن الأعرابيّ.
الأصمعيّ : بَلِلْت أَبَلّ : ظَفِرت به.
ويقال : بَلّك الله بابْنٍ ، أي رَزقَك الله ابْناً.
عمرو ، عن أبيه : بَلّ يَبِلّ ، ويَبَلّ ، إذا لزم إنساناً ودام على صُحْبته ؛ ومنه قولُ ابن أحمر :
فَبَلِّي إن بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍ |
من الفِتْيَان لا يَمْشي بَطِيئاً |
شَمر : من أمثالهم : ما بلِلْتُ من فلانٍ بأَفْوقَ ناصِل ، أي ما ظفَرتُ بسَهم انكسر فوقه وسقط نَصْلُه.
يُضرب مثَلاً للرَّجل المُجزىء الكافي ، أي ظَفِرتُ برَجُلٍ كامِل غير مُضيع ولا ناقِص.
الأصمعي : يُقال لا تَبُلّك عندي بالّة وبَلَالِ ، أي لا يُصيبك منّي خَيرٌ ولا أنْفعك ولا أَصْدُقك.
ويقال : لا تُبَلّ عِنْدي لفلانٍ بالّة وبَلَالٍ ، مصروف عن بالّة ، أي نَدًى وخَيْر ؛ ومنه قول الشاعر :
فلا وأَبيك يابن أبي عَقِيل |
تَبُلَّك بعدها فينا بَلَالِ |
وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «بُلُّوا أرْحَامكم ولو بالسَّلام».
أبو عُبيد ، عن أبي عمرو وغيره : بَلَلتُ رَحمي أبُلّها بَلًّا وبِلَالاً ، إذا وصَلْتها ونَدَّيتها ؛ وقال الأعشى :
إمّا لطالب نِعْمةٍ تَمَّمْتها |
ووصالِ رَحْمٍ قد بَرَدْت بِلَالَها |
قال : والبَلِيل : الرّيح الباردة مع نَدًى.
أبو عمرو : البَلِيلة : الرِّيح المُمْغِرة ، وهي التي تَمْزُجها المَغْرة ، وهي المَطْرةُ الضَّعِيفة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : البُلْبُلة : المَشْجرة ، وهي الهَوْدج للحرائِر.
قال : والبُلْبُل : العَنْدليب.
أبو عُبيد ، عن الكسائي : انصرف القومُ بِبَلَلتهم ، أي بحالٍ صالحةٍ وخَيْر.
ومنه : بِلَال الرَّحم.
وبَلَلْتُه : أَعطيته.
أبو عُبَيد : المُبِلُ : الذي يُعييك (١) أن يُتابعك على ما تُريده ؛ وأنشد :
أَبَلّ فما يَزداد إلّا حَماقةً |
ونوْكاً وإنت كانت كثيراً مَخارِجه |
قال : وقال الأصمعيُّ : الأبلّ : الرجل الشَّديد الْخُصومة.
شَمر ، عن ابن الأعرابي : الأبَلُ : الرَّجُل المَطُول الذي يَمنع بالحَلِف ما عنده من حُقوق الناس ؛ وأَقرأَنا للمَرّار بن سعيد الأسدي :
ذَكَرْنا الدُّيونَ فجَادَلْتنا |
جِدالَك في الدَّين بَلًّا حَلُوفَا |
الأصمعي : أَبَلّ ، إذا امْتَنَع وغَلب.
قال : وإذا كان الرَّجُل حَلَّافاً قيل : أبَلّ ؛ وقال الشاعر :
أَلا تَتَّقُون الله يا آل عامِرٍ |
وهل يَتَّقِي الله الأَبَلُ المُصَمِّمُ |
ويقال : ما في سقائه بِلَال ، أي ماء.
وما في الرّكيَّة بِلَال.
ويقال : اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته ، أي اطْوه وهو نَديّ قبل أن يتكَسَّر.
ويقال : ألم أَطوك على بُلُلَتك ، وبَلّتك ، أي على ما فيك من عَيب كما يُطْوى السِّقاء على عَيْبه ؛ وأَنْشَدَ :
__________________
(١) كذا في المطبوع و «القاموس» و «شرحه» (بلل) وفي «اللسان» (بلل): «يعينك أن» وهو تصحيف.
وأَلْبس المرءَ أَسْتَبْقي بلُولَته |
طَيَّ الرِّداء على أَثنائه الخَرِقِ |
قال : وتميم تقول : البلُولة ، من بِلّة الثَّرى.
وأسد تقول : البَلَلَة.
اللَّيْثُ : البَلَل ، والبِلّة ، الدُّون.
وبِلّةُ اللّسان : وقوعه على مواضع الحُروف واستمرارُه على المنْطق ؛ تقول : ما أَحْسن بِلّة لسانه! وما يَقَع لسانه إلّا على بِلَّته.
الأصمعي : ذَهبت بُلّة الأَوابل ، إذا ما ذهب ابتلالُ الرُّطْب ؛ وأَنشد :
حتى إذا أهْرَأْنَ بالأَصائل |
وفارقَتْها بُلّةُ الأَوَابِلِ |
سلمة ، عن الفراء : البُلّة : بقيّة الكَلأ.
والبَلّة : الغِنَى بعد الفَقر.
والبِلّة : العافِية.
الليث وغيره : بَلّ فلانٌ من مَرضه ، وأَبَلّ ، واسْتَبَلّ ، إذا برأ.
ويقال للإِنسان إذا حَسُنت حالُه بعد الهُزال : قد ابْتَلّ ، وتَبَلّل.
والبُلبلة : ضَرب من الكِيزان في جَنبه بُلْبل يَنصبّ منه الماء.
قال : والبَلْبلة : وسواس الهُموم في الصَّدر.
وهو : البَلْبال ، وجمعه : البَلابل.
ابن الأعرابي : بَلْبل متاعَه ، إذا فَرّقه وبَدَّده.
قال : والمُبَلِّل : الطاوُوس الصَّرّاخ.
قال : والبُلبُل : الكُعَيْت.
سلمة ، عن الفراء : البَلْبلة : تَفريق الآراء.
أبو الهيثم : قال لي أبو ليلى الأعرابيّ : أنت قُلْقل بُلْبُل ، أي أنت ظريف خَفِيف.
ويُقال : بلَّت مَطِيّتُه على وَجْهها ، إذا هَمَتْ ضالّة ؛ وقال كُثيِّر :
فَليْت قَلُوصي عند عَزّةَ قُيِّدَت |
بحَبْلٍ ضَعِيفٍ غُرَّ منها فضَلَّت |
|
فأَصبح في القوم المُقيمين رَحْلُها |
وكان لها باغٍ سوايَ فَبَلَّت |
عن النَّضر : البَذْر والبُلَل ، واحد.
يقال : بَلّوا الأرض ، إذا بذروها بالبُلَل.
ابنُ السِّكيت : له أَليل وبَليل ، وهو الأنِين مع الصَّوت ؛ وقال المَرّار :
إذا مِلْنا على الأكوار أَلْقَت |
بأَلْحَتها لأجْرُنها بَلِيلُ |
أراد : إذا مِلْنا عنها نازلين إلى الأرض مدّت جُرُنَها على الأرض من التَّعب.
ابن السِّكيت : البَلّ ، مصدر : بَلَلت الشيء أَبُلّه.
والبِلّ : المُبَاح.
وقال عبّاس بن عبد المطلب في زَمْزم : لَسْت أُحلها لمُغتسل وهي لشراب حِلٌّ وبِلّ.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي ، عن مَعمر : بِلٌ ، هو مُباح ، بلغة حِمْير.
قال : ويقال : بِلّ : شِفاء ، من قولهم : بَلّ فلان من مرضه ، وأبلّ ، إذا برأ.
ابن السِّكيت ، وأبو عُبيد : لا يكون بِل إِتباع ل «حِلّ» لمكان الواو.
أبو عبيد ، عن الكسائي : رَجُلٌ أَبلّ ، وامرأة بَلّاء : وهو الذي لا يُدْرك ما عنده من اللُّؤْم.
ورَجُلٌ بُلَابِلٌ : خَفِيفُ اليَدين لا يَخفى عليه شيء.
أبو تراب ، عن زائدة : ما فيه بُلالة ولا عُلالة ، أي ما فيه بَقِيَّة.
الليث : البَلْبَلة : بَلْبلة الألسُن.
وقيل : سُمّيت أرض بابِل : بابِل ، لأن الله تعالى حين أراد أن يُخالف بين أَلسنة بني آدم بَعث رِيحاً فحشرتهم من كل أفق إلى بابل ، فبلبل الله بها ألسنتهم ، ثم فرَّقتْهم تلك الريحُ في البلاد.
أبو زيد : البَلّة والفَتْلة : نَوْرةُ بَرَمة السَّمُر.
قال : وأول ما يخرج البَرَمة ، ثم أول ما يخرج من بَدْو الحُبْلة كُعْبورٌ نحو بَدْو البُسْرة ، فتيكَ البَرَمة ، ثم يَنْبت فيها زَغَب بِيضٌ ، هو نَوْرتها ، فإذا أَخرجت تِيكَ سُمِّيت البَلّة والفَتْلة ، فإذا سقطن عن طَرف العُود الذي يَنْبُتن فيه نَبَتت فيه الخُلْبة في طَرف عُودهن وسَقطن.
والخُلْبة : وعاءُ الْحَب ، كأنها وعاء الباقلَّاء. ولا تكون الخُلْبة إلا للسّلَم والسَّمُر ، وفيها الحبّ ، وهنّ عِراض كأنهن نِصال ثمر الطلح ، فإن وعاء ثمرته للغُلْف ، وهي سنفة عِرَاض.
[باب اللام والميم]
ل م
لم ، مل.
لم : اللّيث : اللَّمّ : الْجَمع الكثيرُ الشَّدِيد.
تقول : كتيبة مَلْمُومة ، وحَجر مَلْمُوم ، وطِين مَلْمُوم ؛ وقال أبو النَّجْم :
* مَلْمُومة لمًّا كَظَهْر الجُنْبُلِ*
وصَف هامة جَمل.
قال : والآكل يَلُمّ الثّريد فيجعله لُقَماً.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩)) [الفجر : ١٩] أي أكلاً شَدِيداً.
وقال الزّجّاج : أي تأكلون تراث اليتَامَى لمّاً ، أَي تُلمّون بجميعه.
قال الفراء : لَمًّا ، أَي شديداً.
ورُوي عن الزّهري أنه قرأ : وإنّ كلّا لّمّا ليوفّينّهم [هود : ١١١] ، أي : جَمْعاً ؛ لأن معنى اللّم : الجَمع.
تقول : لَممت الشيءَ أَلُمّه لَمّاً ، إذا جَمعتَه.
فأما قولهم : لمّ الله شَعثك ، فتأويله : جمع
الله لك ما يُذْهِب شَعَثك.
وأما «لمّا» مُرسلة الألف مشدّدة الميم غير مُنَوَّنة ، فلها معانٍ في كلام العرب :
أحدها : أنَّها تكون بمعنى الحين إِذا ابتدىء بها ، أو كانت مَعطوفة بواو أو فاء ، وأُجيبت بفعل يكون جوابها ، كقولك : لما جاء القوم قاتلناهم ، أي حين جاءوا.
ومنه قول الله عزوجل : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً) [القصص : ٢٣].
وقوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَ) [الصافات : ١٠٢].
معناه كله : حين.
وقد يُقدّم الجواب عليها ، فيُقال : استعدّ القوم لقتال العدوّ لما أحسّوا بهم ، أي حين أحسّوا بهم.
وتكون «لما» بمعنى «لم» الجازمة ؛ قال الله تعالى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨]. أي : لم يذوقوه.
وتكون بمعنى إلّا ، تقول : سألتك لَمّا فَعلت ، بمعنى : إلّا فَعلْت.
وهي في لُغة هُذيل بمعنى «إلا» إذا أُجيب بها «إن» التي هي للجحد ؛ كقول الله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤)) [الطارق : ٤] معناه : ما كل نفس إلّا عليها حافظ.
ومثله قولُه تعالى : (وَإِنْ كُلٌ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢)) [يس : ٣٢].
شدّدها عاصم ، والمعنى : ما كُلُّ إلّا جميعٌ لَدينا.
وقال الفَرّاء : «لما» إذا وضعت في معنى إلا فكأنها «لَمْ» ضُمّت إليها «ما» فصارا جميعاً بمعنى «إن» التي تكون جحداً ، فضمّوا إليها «لا» فصارا جميعاً حرفاً واحداً وخرجا من حَدّ الجحد.
وكذلك «لمّا».
قال : ومثل ذلك قولهُم : لو لا ، إنما هي «لو» و «لا» جُمعتا فخرجت «لو» من حدّها و «لا» من الجحد ، إذا جُمعتا فصيِّرتا حَرْفاً.
قال : وكان الكسائي يقول : لا أَعرف وجه «لمّا» بالتّشديد.
قلت : وممّا يدُلك على أن «لما» يكون بمعنى «إلا» مع «أن» التي تكون جَحداً ، قولُ الله عزوجل : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) [ص : ١٤] ، وهي قراءة قُرّاء الأمْصار.
وقال الفراء : وهي في قراءة عبد الله : إن كلّ إلّا كذّب الرّسل [ص : ١٤].
والمعنى واحد ، والأولَى قراءة الفَرّاء.
وقال الخليلُ : «لمّا» تكون انتظاراً لشيء مُتَوقَّع.
وقد تكون انقطاعاً لشيء ، قد مَضى.
قلت : وهو كقولك : لمّا غَاب قُمْت.
الكسائي : «لما» تكون جحداً في مكان ، وتكون انتظاراً لشيء متوقَّع في مكان ، وتكون بمعنى «إلا» في مكان.
تقول : بالله لمّا قمت عنَّا ، بمعنى : إلّا قمت عنَّا.
وأما قول الله عزوجل : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١]. فإنه قُرئت مخفّفة ومُشدَّدة.
فمن خَففها جَعل «ما» صلةً ، المعنى : وإن كُلًّا ليوفينّهم ربّك أعمالَهم.
واللام في «لما» لام «أن» و «ما» زائدة مؤكدة ، لم تُغَيِّر المعنى ولا العَمل.
وقال الفراء في «لما» ها هنا بالتخفيف قولاً آخر ، جعل «ما» اسماً للناس ، كما جاز في قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) [النساء : ٣]. والمعنى : من طاب لكم. والمعنى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا) ، أي لمن (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ).
وأمّا اللام التي في قوله : (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) فإنها لامٌ دَخَلت على نِيَّة يَمينٍ فيما بين «ما» وبين صلتها ، كما تقول :
هذا مَن لَيَذْهَبنّ ، وعندي مَن لَغَيْرُه خَيْرٌ منه.
ومثله قوله عزوجل : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) [النساء : ٧٢].
وأما من شدّد «لمّا» في قوله : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١].
فإن الزجاج جعل «لمّا» بمعنى «إلّا».
وأما الفراء فإنه زعم أن معناه : لمَنْ ما ، ثم قُلبت النون ميماً ، فاجْتمعت ثلاث ميمات ، فَحُذفت إحداهن ، وهي الوسطى ، فبقيت «لما».
قال : وهذا القول ليس بشيء ، لأن «من» لا يجوز حذفها ، لأنها اسمٌ على حَرْفين.
قال : وزعم المازني أن «لمّا» أصلها «لما» خفيفة ثم شدِّدت الميم.
قال الزجاج : وهذا القول ليس بشيء أيضاً ، لأن الحروف نحو «ربّ» وما أَشْبهها يُخفّف ، ولا يُثقَّل ما كان خفيفاً ، فهذا منتقض.
قال : وهذا جميع ما قيل في «لمّا» مشدّدة.
وأما «لم» فإنه لا يليها إلا الفعل الغابر ، وهي تجزمه ، كقولك : لم يَسْمَع.
الليث : «لم» عزيمة فِعْل قد مَضى ، فلما جُعل الفِعل معها على جهة الفِعل الغابر جُزم ، وذلك قولك : لم يَخْرج زيدٌ ، وإنما معناه : لا خَرج زيدٌ ، فاستقبحوا هذا اللّفظ في الكلام ، فحملوا الفعل على بناء الغابر ، فإذا أُعيدت «لا» و «لا» مَرَّتين أو أكثر حَسُن حينئذ ، لقول الله عزوجل : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١)) [القيامة : ٣١] أي : لم يُصدق ولم يُصَلِّ.
قال : وإذا لم يُعِد «لا» فهو في المَنطق قبيح ، وقد جاء ؛ قال أُمَيّة :
إن تَغْفِر اللهم تَغْفر جَمّا |
وأيّ عَبْدٍ لك لا أَلَمّا |
أي : ألم يُلم.
وأما «ألم» فالأصل فيها «لم» أُدخل فيها ألف اسْتفهام.
وأما «لِمَ» فإنها «ما» التي تكون استفهاماً وُصلت بلام.
ابن السِّكيت : اللّمّ ، مصدر : لمَمت الشيء ، وهو جمعك الشيء وإصلاحكه.
ومنه يقال : لَمَ الله شَعَثك ، يَلُمّه.
قال : واللّمَم : الجُنون.
واللَّمم : دون الكَبِيرة من الذّنوب ؛ قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) [النجم : ٣٢].
وقال أبو إسحاق : قيل : اللَّمم : نحو القُبلة ، والنَّظرة ، وما أَشْبه ذلك.
وقيل ، «إِلَّا اللَّمَمَ» : إلا أن يكون العَبد أَلَمّ بفاحشة ثم تاب.
قال : ويدل قولُه : (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) [النجم : ٣٢] على أن اللَّمم أن يكون الإنسان قد أَلَمّ بالمَعْصية ولم يُصرّ عليها.
وإنما الإلمام في اللغة يُوجب أنك تأتي في الوقت ولا تُقيم على الشيء ، فهذا معنى اللَّمَم.
قلت : ويدل على صحة قوله قولُ العرب : ألممت بفلان إلماماً ، وما تَزُورنا إلّا لِمَاماً.
قال أبو عُبيد ، معناه : الأحيانَ على غير مُواظبة ولا وقتٍ مَعْلوم.
وقال الفراء : في قوله : (إِلَّا اللَّمَمَ) يقول : إلا المُتقارب من الذُّنوب الصَّغيرة.
قال : وسمعتُ العرب تقول : ضربته ما لَمَمُ القَتل. يُريدون : ضربَا مُتقارباً للقتل.
قال : وسمعت آخر يقول : ألمَ يفعل كذا ، في معنى : كادَ يَفعل.
قال : وذكر الكلبي : إنها النَّظرة على غير تَعمُّد ، فهي لَمَمٌ ، وهي مَغْفورة ، فإن أعاد النظر فليس بلَمَم ، وهو ذَنب.
أخبرني المُنذري ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّمَم من الذُّنوب : ما دون الفاحشة.
أبو زيد : كان ذلك مُنذ شهر أو لَمَمِه ، ومنذ شَهرين أو لَمَمِهما.
أبو عبيد ، عن الكسائي : رَجُلٌ مَلْمُوم ومَمْسوس ، أي به لَمَمٌ ومَسٌّ من الجُنون.
وفي الحديث : «وإنّ مما يُنْبت الرَّبيع ما يَقتل حَبَطاً أو يُلِمّ».
قال : معناه : يَقْرُب.
ومنه الحديث الآخر : «فلو لا أنه شيءٌ قضاه الله لأَلمَ أَنْ يَذْهب بَصَرُه».
يعني ، لِما يرى فيها ، أي لَقَرُب أن يَذْهب بَصره.
أبو زيد : في أرض فلان من الشجر المُلِمّ كذا وكذا ، وهو الذي قارب أن يَحْمل.
وجَيْشٌ لَمْلَمٌ : كثيرٌ مُجْتمع.
وحَيٌ لَمْلَمٌ ، كذلك ؛ وقال ابن أَحمر :
مِن دونهم إن جِئْتهم سَمَراً |
حيٌّ حِلَالٌ لَمْلَمٌ عَسْكَرُ |
ويَلَمْلَم ، وأَلَمْلَم : مِيقات أهل اليمن للإِحرام بالحج ، موضعٌ بعينه.
ورجلٌ مِلَمٌ مِعَمٌّ ، إذا كان يُصلح الناس ويَعُمّهم معروفُه.
الليث : الإلْمام : الزّيارة غِبّاً.
والفِعل : أَلْممت به ، وعليه.
قال : والمُلِمّة : النازلة الشديدة ، من شدائد الدَّهر.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه عَوّذ ابْنَيه من كُلّ عين لَامَّة.
قال أبو عبيد : قال : لامّة ولم يقل مُلِمة ، وأصلها من : ألممت بالشيء ، تأَتيه وتُلم به ، لأنه لم يُرَد طريق الفعل ، ولكن يُراد أنها ذات لَمَم ، فقيل على هذا : لامّة ؛ كما قال النابغة :
* كِليني لهمِّ يا أُمَيْمة ناصِب*
أراد : لهمٍّ ذي نَصب ، ولو أراد الفعل لقال : مُنْصب.
قال الليث : هي العين التي تُصيب الإنسان.
ولا يقولون : لَمَّته العين ، ولكن حُمل على النَّسب بذي وذات.
قال : وحَجَرٌ مُلَمْلَمٌ : مُسْتَدير.
قال : واللِّمّة : شَعر الرأس إذا كان فوق الوَفْرة.
قال : ولِمَّة الوَتِد : ما تشعَّث من رَأسه المَوْتُود بالفِهْر.
شمر ، عن ابن شميل : ناقة مُلَمْلَمة ، وهي المُدارة الغليظة الكثيرة اللحم المُعتدلة الخَلق.
الأصمعي : رجُل مُلَمْلَمٌ : مَجموعٌ بعضُه إلى بعض.
شمر ، عن ابن الأعرابي : المِلَمُ من الرجال : الذي جَمع بين أَهل بيته يَلُمّهم.
ولَمّ الله شَعَثك ، أي قارب بين شَتيت أمرك ؛ قال رؤبة :
* فابْسُط علينا كَنَفَي مِلَمِ *
أي مُجمِّع لشَملنا ، أي يَلُمّ أَمْرنا.
قال : وقال أبو عدنان : اللَّمَمُ : طَرَفٌ من الجُنون يُلِمّ بالإنسان ، وهكذا كُل ما أَلَمّ بالإنسان طرفٌ منه ؛ وقال عُجير السَّلُولِيّ :
وخالَط مِثل اللَّحْم واحْتَلّ قَيْده |
بحيث تَلاقَى عامِرٌ وسَلُولُ |
وإِذا قيل : بفلانٍ لَمّة ، فمعناه : أن الجن
تلمّ به الأحيانَ.
وفي الحديث : إِن امرأة شكت إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم لَمَماً بابنتها.
قال : وقوله : للشيطان لَمّة ، أي دُنُوٌّ ، وكذا للمَلِك لَمّة.
ابن شُميل : لُمّة الرَّجُل : أصحابُه ، إذا أراد سَفَراً فأصاب من يصحبه فقد أصاب لُمّةً. والواحد : لُمّة. والجماعة : لمّة.
وكل من لقي في سفره ممن يُؤنسه أو يُرْفده : لُمّة.
وأمّا لُمَةُ الرَّجُل : مِثْلُه ، فهو مُخَفّف.
وقال الزّجاج : «لما» جوابٌ لقول القائل : قد فعل فلانٌ ، فجوابُه : لمّا يَفْعل.
وإذا قال : لقد فعل ، فجوابُه : لم يَفْعل.
وإذا قال : لقد فعل ، فجوابه : ما فعل ، كأنه قال : والله لقد فَعل ، فقال المُجيب : والله ما فَعل.
وإِذا قال : هو يَفعل ، يريد ما يَسْتقبل ، فجوابه : لن يَفعل ، ولا يَفْعل.
وهذا من كلام سيبويه.
مل : قال اللّيث : المَلَّة : الرمَاد ، والجَمْر.
يقال : مَلَلْتُ الخُبْزَةَ في المَلَّة.
فهي مَمْلُولة.
وكذلك : كُلّ مَشْويّ في المَلَّة من قَرِيس وغَيْره.
وطريقٌ مُمَلّ : قد سُلِك حتى صار مُعْلَماً ؛ وقال أبو دُوَاد :
رَفَعْناها ذَمِيلاً في |
مُمَلٍ مُعْمَلٍ لَحْبِ |
قال : والمَلَل : المَلال ، وهو أن تَمَلّ شيئاً وتُعرِض عنه.
ورَجُلٌ مَلُولة ؛ وأَنْشد :
* وأُقْسم ما بِي من حَفاءٍ ولا مَلَل *
وقد يُقال : مَلِلْتُه مَلَالةً.
ورَجُلٌ مَلَّة ، إذا كان يَملّ إخوانَه سريعاً.
ومَلَل : اسمُ موضع في طريق مكة ، بين الحَرَمَيْن.
والمُلْمُول : المِكْحال.
أبو حاتم : هو المُلْمُول الذي يُكحل به وتُسْبَر به الجِراح.
ولا يقال : المِيل ، إنما الميل : القِطعة من الأرض.
وقول الله تعالى : (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة : ١٢٠].
قال أبو إسحاق : المِلّةَ ، في اللُّغَة : سُنّتهم وطريقتهم.
ومن هذا أخذ «المَلَّة» ، أي الموضع الذي يُخْتبز فيه ، لأنه يؤثّر في مكانها كما يؤثَّر في الطَّريق.
قال : وكلام العرب إذا اتفق لفظه فأكثره مشتقٌّ بعضُه من بعض.
قلت : ومما يؤيد قولَه قولُهم : طريق
مُمَلٌ ، مَسْلوك مَعلوم.
وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهيثم : المِلّة : الدِّية.
والمِلَل : الدِّيات ؛ وأَنْشد :
غنائِم الفِتْيان في يوم الوَهَل |
ومِن عَطايا الرُّؤَساء في المِلَل |
وفي حديث عُمر : ليس على عربيّ مِلَل ، ولَسْنا بنازِعين من يَد رَجُلٍ شيئاً أَسْلَم عليه ، ولكنّا نُقوِّمهم المِلَّة على آبائهم خمساً من الإبل.
قلت : أراد نقوّمهم كما تُقوم أَرْش الدّيات ونَذَر الجراح ، وجعل لكل رأس منهم خمساً من الإبل تضمنها عشائرهم ، أو يضمنونها للذين مَلَكوهم.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : مَلَ يَمِلّ ، إذا أخذ المِلّة ، وهي الدِّية.
ومَلّ يَمُلّ الملَّة ، إذا خَبز ؛ وأَنْشد :
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلّا |
ما فِيّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى |
قال : ما مُلَّا ، «ما» جَحْد. وما في ، ، «ما» صلة. والآل : شخصه. وخَم : تغيرت ريحُه. وأَلّى : أَبطأ. ومُلّ ، أي أنضج.
الأصمعي : مرّ فلان يَمْتَلّ امتِلالاً ، إذا مَرّ مَرّاً سَريعاً.
ومَلّ ثوبَه يَمُلّه ، إذا خاطه الخياطة الأولى قبل الكفّ.
ويقال : هذا خُبز مَلّة.
ولا يُقال للخُبز : مَلّة ، إنما المَلّة : الرَّماد الحارّ.
والخُبْز يُسَمَّى : المَلِيل ، والمَمْلُول ؛ وأَنْشد أبو عُبيد لجرير :
تُرَى التَّيْمِيّ يَزْحف كالْقَرَنْبَى |
إلى تَيْمِيّةٍ كَعَصَا المَلِيل |
ويُقال : به مَلِيلة ومُلَال ، وذلك حرارة يجدها ، وأصله من المَلّة.
ومنه قيل : فلانٌ يَتَمَلْمَل على فِراشه.
أبو زيد : أمَلّ فلانٌ على فلانٍ ، إذا شَقّ عليه وأَكثر في الطَّلب.
يقال : أَمْلَلت عليّ ؛ وقال ابن مُقبل الإياديّ :
أَلا يا دِيَارَ الحيّ بالسَّبُعان |
أملّ عليها بالبِلَا المَلَوَانِ |
قال شَمر : أَلْقى عليها.
وقال غيره : أَلَحّ عليها حتى أثّر فيها.
وبَعِيرٌ مُمَلٌ : أكثر رُكُوبه حتى أَدبر ظهره ؛ وقال العجّاج :
تَشْكو الوَجَى من أَظْلَل وأَظلَل |
من طُول إمْلَال وظَهْر مُمْلَل |
أراد : تَشكو ناقته وَجَى أَظَلَّيْها ، وهما باطِنا مَنْسِمَيها ، وتشكو ظهرَها الذي أَمَلّه الركوب ، أي أَدبره وحَسر وَبره.
وقال الفَرّاء : أمللت عليه ، لغة أهل الحجاز وبني أَسَد.
وأَمْلَيْت ، لغة تميم وقَيْس.
ويُقال : أمَلّ عليه شيئاً يكتبه ، وأَمَلى عليه ، ونزل القُرآن باللُّغتين ، قال الله جلّ وعزّ : (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) [البقرة : ٢٨٢].
وقال : (تُمْلى عَلَيْهِ) [الفرقان : ٥].
وقال الليث : بعيرٌ مُلامِلٌ ، أي سَريع.
وقال في قوله :
* كأنه في مِلّة مَملول *
المَملول : من المِلة أراد كأنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل المُشْركين.
غيره : ناقة مَلْمَلى ، على فَعْلَلى ، إذا كانت سريعة ؛ وأَنْشد :
يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلَينا |
ألم تكوني مَلْمَلَى دَفُونَا |
ابن بُزُرْجَ : إنه لمالُولة ، ومَلُولة.
أبو عُبيد : رجل مَلُولة من المَلَالة.
وقول الشاعر :
على صَرْماء فيها أَصْرَماها |
وخِرِّيتُ الفَلاة بها مَلِيلُ |
أي نضجته الشَّمس ولَوّحته فكأنه مَمْلول في المَلّة.
الأصمعي : مَلّ يَمُلّ مَلًّا ، مَرْ مَرّاً سريعاً.
أبو تُراب ، عن مصعب : امْتَلّ واسْتلّ ، وانْمَلّ وانْسَلّ ، بمعنًى واحد.
شَمر : إذا نبا بالرَّجُل مَضجعه من غَمٍّ أو وَصب ، فقد تَمَلْمَل ، وهو تقلبه على فراشه.
قال : وتململُه وهو جالس ، أن يتوكأ مَرَّة على ذا الشِّقّ ، ومرة على ذا ، ويجثو على رُكْبَتيه.
وأتاه خَبَرٌ فمَلْمَلَه.
والحِرباء تَتَمَلْمَل من الحرّ ، تصعد رأس الشَّجرة مرةً ، وتبطن فيها مرة. وتظهر فيها أُخرى.
أبواب الثلاثي الصحيح من حرف اللام
[أبواب اللام والنون]
ل ن ف
نفل ، فنل ، فلن.
فلن : قال اللَّيثُ : قال الخَليل : «فلان» ، تقديره فُعَال.
وتَصغيره : فُلَيْن.
قال : وبعضٌ يقول : هو في الأصل فُعلان ، حُذفت منه واو.
قال : وتصغيره على هذا القول فُلَيَّان وكالإنسان حُذفت منه الياء ، أصله : إنسيان ، وتصغيره : أُنَيْسان.
قال : وحجتهم في قولهم : فُل بن فُل ، كقولهم : هَيُّ بن بيّ ، وهيَّان بن بَيّان.
وفلان وفلانة ، كناية عن أسماء الآدميين.
قال : وإذا سُمّي به الإنسان لم تَحْسن فيه الألف واللام.
يقال : هذا فلان آخر ، لأنه لا نكرة له.
ولكنّ العرب إذا سَمُّوا به الإبلَ قالوا : هذا الفُلان ، وهذه الفُلانة.
فإذا نَسبت قلت : فلانٌ الفُلانيّ ، لأن كل اسم يُنسب إليه فإن الياء تلحقه تُصيِّره نكرة ، وبالألف واللام يصير معرفة في كل شيء.
ابن السّكيت : تقول : لقيت فلاناً ، إذا كنَّيت عن الآدميّين قُلته بغير ألف ولام ، وإذا كَنَّيت عن البهائم قُلْته بالألف واللام ، تقول : حلبتُ الفُلانة ، وركبت الفُلانة ؛ وأنشد في تَرْخيم فلان :
وهو إذا قيل له وَيْهاً فُلُ |
فإنّه أحْج به أن يَنْكَلُ |
|
وهو إذا قيل له وَيْها كُلُ |
فإِنه مُواشَكٌ مُسْتَعْجِلُ |
أبو تُراب ، عن الأصمعي ، يُقال : قُم يا فل ، ويا فُلاه.
فمن قال : يا فُل فمضى فرفع بغير تنوين ، فقال : قم يا فُل ؛ وقال الكُمَيت :
* يُقال لمثلي وَيْهاً فُلُ *
ومَن قال : يا فلاه فسكت أَثبت الهاء ، فقال : قُل ذلك يا فُلاه ، وإذا مَضى قال : يا فُلا قُلْ ذلك ، فَطَرح ونَصَب.
وقال المبرّد : قولهم : يا فُل ليس بتَرخيم ، ولكنّها على حِدة.
نفل : قال اللَّيث : النَّفَل : الغُنْم.
وجمعه : الأَنفال.
ونَفَّلْتُ فلاناً : أَعْطَيْته نَفْلاً وغُنْماً.
والإمام يُنَفِّل الجُنْدَ ، إذا جَعل لهم ما غَنِموا.
وقال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] الآية.
قال : الأنفال : الغَنائِم.
واحدها : نَفَل.
وإنما سأَلوا عنها لأنها كانت حراماً على من كان قَبْلهم ، فأَحَلّها الله لَهم.
وقيل أَيْضاً : إِنه صلىاللهعليهوسلم نَفِّل في السَّرايا ، فكرهوا ذلك.
وتأويله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)) [الأنفال : ٥] ، كذلك تُنَفّل مَن رأيتَ وإن كَرِهُوا.
وكان النّبي صلىاللهعليهوسلم جَعل لكل مَن أتى بأسير شيئاً ؛ فقال بعضُ أَصحابه : يَبْقى آخِرُ الناس بغير شيء.
قلت : وجماع مَعنى النَّفل والنافلة : ما كان زيادةً على الأَصل ، سُمِّيت الغَنائم أَنفالاً ، لأنّ المسلمين فُضِّلُوا على سائر الأُمم الذين لم تَحِلّ لهم الغَنائم.
وسُمّيت صلاة التطوُّع : نافلةً ، لأنها زيادة أَجْر لهم على ما كُتب من ثَواب ما فُرض عليهم.
ونَفَّل النبيّ صلىاللهعليهوسلم السَّرايا في الْبَدأة الرُّبع ، وفي القَفَلة الثُّلث ، تَفضيلاً لهم على غَيرهم من أهل العسكر بما عانَوْا من أَمر العدوّ ، وقاسَوْه من الدُّؤوب والتّعب ، وباشروه من القِتال والخَوْف.
قال الله عزوجل لِنَبِيّه : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) الآية [الإسراء : ٧٩].
قال الفَرّاء : معنى قوله : (نافِلَةً لَكَ) : ليست لأحدِنا نافلة إلّا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قد غُفر له ما تَقدّم من دَنبه وما تأخر ، فعملُه نافلة.
وقال أبو إسحاق : هذه نافلةٌ زيادة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم خاصةً ليست لأحد ؛ لأن الله أمره أن يزداد في عبادته على ما أمَرَ به الخلْق أجمعين ، لأنّه فضَّله عليهم ، ثم وعده أن يَبعثه مقاماً محموداً ؛ وصَحَّ أنه الشفاعة.
والعرب تقول في ليالي الشَّهر : ثَلاث غُرَر. وذلك أوّل ما يَهل الهلال سُمِّين : غُرَراً ، لأن بَياضها قَليل كغُرة الفَرس ، وهي أقل ما فيه من بياض وَجْهه.
ويُقال لثلاثٍ بعد الغُرور : نُفَل ؛ لأن الغُرر كانت الأصل ، وصارت زيادة النُّفل زيادةً على الأصل.
وكل عطيّة تَبرّعَ بها مُعطيها من صَدقة ، فهي نافِلة.
والنافلة : ولدُ الولد ، لأن الأصل كان الولد ، فصار ولَدَ الولد زيادةً على الأصل.
وقال الله جلّ وعزّ في قصة إبراهيم عليهالسلام : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء : ٧٢]. كأنه قال : وهبنا لإبراهيم إسحاق ، فكان كالفَرْض له ، لأنه دعا الله به ؛ ثم قال : (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) ، فالنافلة ليعقوب خاصّة ، لأنه وَلد الولد ، أي وهبناه له زيادةً على الفَرْض له ، وذلك أن إسحاق وُهب له بدعائه ، وزِيد يَعْقُوب تَفضُّلاً ، والله أعلم.
ويُقال للرَّجُل الكثير النَّوافل ، وهي العَطايا : نَوْفَل.
قال : وقال شَمر مثلَه.
قال : وقومٌ نَوْفلون ؛ وقال الكُمَيت يمدح رجلاً :
غِياثُ المَضُوع رِئابُ الصُّدو |
عِ لأَمَتُك الزُّفَرُ النَّوْفَلُ |
الليث : النَّوْفل : السَّيد من الرِّجال.
ويُقال لبعض أولاد السِّباع : نَوْفَل.
أبو عُبيد النَّوفل : العَطِيّة ، تُشَبّه بالبَحْر ؛ وأنشد الأعْشى باهلة :
* يأبَى الظُّلَامة مِنه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ*
عمرو ، عن أبيه ، هو : اليَمّ ، والقَلْمس ، والنَّوْفل ، والمُهْرُقان ، والدَّأْماء ، وخُضَارة ، والأَخْضر ، والعُلَيم ، والخَسِيف.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : النَّفل : الغَنائم ، والنَّفل : الهِبَة ، والنَّفل : التَّطوّع ، والنَّفل : نَبْتٌ مَعْروف ، وانْتَفل الرَّجُل ، إذا اعْتَذَر.
أبو عُبيد ، وابن شميل : انْتَفَلْت منه وأنْتَفيت منه ، بمعنًى واحد.
الليث : قال لي فلانٌ قولاً فانْتفلت منه ، أي أنكرت أَن أَكون فَعَلْته ؛ وأَنشد :
أمُنْتَفِلاً مِن نَصْر بُهَثَة دائباً |
وتَنْفلُني مِن آلِ زَيْدٍ فبِئسَما |
ابن السِّكيت : تَنَفَّل فلانٌ على أصحابه ، إذا أخذ أكثر ممّا أخذوا عند الغَنيمة.
أبو سَعيد : نفّلتُ فلاناً على فلان ، أي فَضَّلته.
ونَفَّلت عن فلانٍ ما قيل فيه تَنْفِيلاً ، إذا نَضَحْت عنه ودَفَعْته.
والنَّوفليّة : شيء تَتَّخذه نساء الأعراب من صُوف يكون في غِلَظٍ أقلّ من الساعد ، ثم يُحْشَى ، ويُعطف فتضعه المرأة على رأسها ، ثم تَختمر عليه ؛ ومنه قولُ جِيران العَود :
ألّا لا تُغرّن امرءاً نَوْفليّة |
على الرأس بَعْدِي والتّرائِبُ وُضَّحُ |
|
ولا فاحِمٌ يُسْقَى الدِّهان كأنَّه |
أساوِدُ يَزْهاها مع اللَّيل أَبْطَحُ |
الليث : النَّوفلة : المَمْلحة.
ولا أَعرفه.
فنل : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : يُقال لِرقبة
الفِيل : الفِنْئِل.
سَلمة ، عن الفرّاء ، الفِنْئل ، بالهمز : المَرأة القَصِيرة.
ل ن ب
لبن ، نبل.
نبل : اللّيثُ : النُّبْل ، في الفضل ، والفَضِيلة.
وأمّا النَّبَالة ، فهي أعَمّ ، تَجْري مَجْرى النُّبل ، وتكون مصدراً للشيء النَّبِيل الجَسيم ؛ وأَنْشد :
* كَعْثَبُهَا نَبِيلُ *
قال : وهو يَعيبها بهذا.
والنَّبَلُ ، في معنى جماعة النَّبِيل ، كما أن الأَدَم جماعة الأدِيم.
وفي بَعض القول : رَجُلٌ نَبْلٌ ، وامرأة نَبْلة ، وقوم نِبَال.
وفي المَعنى الأوّل : قوم نُبلاء.
قال : والنَّبْل : اسم للسهام العربيّة.
وصاحبُها : نابل. وحرفته : النِّبَالة. وهو أيضاً : نَبّال.
وإذا رَجعوا إلى واحده قالوا : سَهْم.
قال : ونبلت فلاناً بكُسوة أَو طعام ، أَنْبُله نَبْلاً ، إذا ناولتَه شيئاً بعد شيء ؛ وأَنشد :
* لا تَجْفُوانِي وانْبُلاني بِكِسْرة*
وفي الحديث : «اتَّقُوا الملاعن وأَعِدُّوا النُّبَل».
أبو عبيد ، عن الأصمعي ، قال : أراها هكذا : يقال : نَبِّلْني أحجاراً للاستنجاء ، أي أَعْطِنيها. ونَبِّلْني عُرْفاً. لم يُعرف منه إلا هذا.
قال : وسمعت محمد بن الحسن يقول : النُّبَل : هي حجارة الاسْتِنجاء.
قال أبو عُبيد ، والمحدِّثون يقولون : النَّبَل.
ونراها إنما سُميت نَبَلاً لصغرها.
وهذا من الأضداد في كلام العرب ، يُقال للعِظام : نَبَل ، وللصّغار : نَبَل.
قال : وحدّثني محمد بن إسحاق بن عِيسى ، عن القاسم بن مَعْن : أنّ رجلاً من العرب تُوفِّي فَورثه أخوه ، فعيّره رجلٌ بأنه فَرِح بموت أخيه لمّا وَرثه ؛ فقال :
إن كنت أَزنَنْتني بها كَذِباً |
جَزْءُ فلاقَيْت مِثْلَها عَجِلَا |
|
أَفْرَح أن أُرْزَأ الكِرَامَ وأنْ |
أُورَثَ ذَوْداً شَصائِصا نَبَلَا |
قال : والنَّبَل ، في هذا الموضع : الصِّغار الأجْسام.
فنرى أن حجارة الاسْتنجاء سُمِّيت نَبَلاً لِصِغَرها.
قال أبو سعيد : كل ما ناولت شيئاً ورَميته ، فهو نَبَل.
قال : وفي هذا طريقٌ آخر : أن تقول : ما كانت نُبْلتك منه فيما صَنَعْتَ؟ أي جزاؤُك وثوابُك منه؟
قال : وأمّا ما رَوى أبو عبيد نَبَلاً بفتح النون فخطأ ، إنما هو عندنا : نُبَلا ، بضم النّون.
والنُّبَل ، ها هنا : عوضٌ ممّا أُصِبْت به ، وهو مَرْدُود إلى قوله : ما كانت نُبْلتك من فلان؟
أبو حاتم ، عن أبي عُبيدة ، يقال : ضَبٌ نَبَلٌ ، وهو الضَّخْم.
وقالوا : النَّبَل : الخَسِيس ؛ وأَنْشد :
* شَصائِصاً نَبَلاً*
بفتح النّون.
قلت : أمّا الذي في الحديث : «وأعدوا النُّبَل» ، فهو بضم النون ، جمع : النُّبْلَة ، وهو ما تناولته من مَدَر أو حَجر.
وأمّا النَّبَل فقد جاء بمعنى : النَّبِيل الجَسيم ، وجاء بمعنى : الخَسيس.
ومنه قيل للرجل القصير : تِنْبل ، وتِنْبال ؛ وأنشد أَبو الهيثم قول طَرَفة :
* وهو بَسْملِ المُعْضلات نَبِيلُ *
فقال : وقال بعضُهم : نَبِيل ، أي عاقل.
وقيل : حاذق.
وهو نَبِيل الرّأي. أي جَيِّده.
وقيل : نَبِيل : رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور.
أبو زيد : تقابل فلان وفلان فَنَبله فلان ، إذا تنافَرا أيّهما أَنْبَل ، من النُّبْل ، وأيهما أَصْدق عَملاً.
ومنه قوله :
تَرَّصَ أَفواقها وقَوَّمها |
أَنْبَلُ عَدْوان كُلِّها صَنَعا |
ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، وسَلَمة ، عن الفَرّاء : انْتَبل ، إذا مات ، أو قُتِل.
والنّبِيلة : الجِيفة.
وتَنَبّل البَعِير : مات.
ابن الأعرابي : النُّبْلة : اللُّقْمة الصّغيرة ، وهي المَدَرَة الصغيرة ، ومنه قوله : «وأَعِدُّوا النُّبَل».
ابن السِّكيت : نَبَلْت الإبلَ ، أَنْبُلها نَبْلاً ، إذا سُقْتها سوقاً شَدِيداً.
أبو عُبيد ، عن أبي الوليد الأعرابي والفراء : النَّبْل : السَّير السّريع الشديد ؛ وأَنشد :
لا تَأْوِيا للْعِيس وانْبُلاها |
لَبِئْسما بُطْءٌ ولا تَرْعَاهَا |
شمر ، عن ابن الأعرابي : النَّبْل : حُسن السَّوْق.
ابن السِّكيت : أنْبلْتُه سهماً : أعْطيته ، ونَبَلْته بالنَّبل أَنْبُله ، إذا رَمَيته بالنَّبْل.
وفلان نابِلٌ ، أي حاذق بما يُمارسه من عمل ؛ ومنه قولُ أبي ذُؤيب :
تَدلَّى عليها بالحِبال مُوَثَّقاً |
شديدَ الوَصاة نابِلٌ وابن نابِلِ |
شَمِر : تَنَبَّلت ما عندي : ذهبتُ بما عِندي.
قال : ونَبَلْت : حَمَلْت.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : أصابتني خُطوب تَنَبَّلت ما عندي ؛ وقال أوس بن حَجر :
لمّا رأيت العُدْمَ قَيَّد نائِلي |
وأَمْلَق ما عِندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ |
وقال : نابلني فلانٌ فَنَبلْته ، أي كنت أَجْودَ منه نَبْلاً.
وفلانٌ أنْبل الناس ، أي أَعْلمهم بالنَّبْل.
أبو زيد : انْبُل بقومك ، أي ارْفُق ؛ وقال الهُذليّ :
فانْبُل بقومك إمّا كنت حاشِرَهم |
وكُلُّ جامعِ مَحْشُورٍ له نَبَلُ |
قال : والنَّبْل ، في الحِذْق.
والنَّبالة والنُّبْل ، في الرِّجال.
ويقال : ثمرة نَبِيلة.
وقِدحٌ نَبِيل.
ويُقال : نَبِّلْني ، أي هَبْ لي نِبَالاً.
ابن السِّكيت : يُقال : أتاني فلانٌ فما انْتَبَلْت نَبْله ونُبْلَه ونَبَالَه إلّا بأخِرة.
يقال ذلك للرّجُل يَغْفُل عن الأمْر في وقته ثم يَنْتبه له بعد إدْباره.
غيره : النابِل : الذي يَرْمي بالنَّبْل ؛ وأَنْشد :
تَطْعَنهم سُلْكَى ومَخْلوجةً |
لَفْتَك لأَميْنِ على نَابِلِ |
وقيل : النابِل : ها هنا : الذي يُسوِّي النَّبْل.
ابن السِّكيت : رجلٌ نابِل ، إذا كان مَعه نَبْلٌ.
ونَبَّال ، مثله.
فإِذا كان يَعملها قُلْتَ : نابل.
واسْتَنْبَلني فلانٌ فأَنْبَلته ، أي أَعْطَيته نَبْلاً.
لبن : ابن السِّكيت : يُقال : هو أخُوه بِلبان أُمه ، بكسر اللام ؛ ولا تَقل : بلَبن أُمه ، إنما اللّبن الذي يُشرب من البهائم ؛ وأنشد لأبي الأسود :
فإِنْ لا يَكُنْها أو تَكُنْه فإنَّه |
أخوها غَذَتْه أُمَّه بِلِبانِها |
قال : ويُقال : هؤلاء قومٌ مُلْبِنون ، إذا كَثُر لَبَنُهم.
ويقال : نحن نَلْبُن جيرانَنا ، أي نَسْقيهم اللَّبَن.
وقومٌ مَلْبونُون ، إذا ظهر منهم سَفهٌ وجَهل وخيلاء ، يُصيبهم من أَلبان الإبل ما يُصيب أَصحابَ النَّبيذ.
ويقال : جاء فلان يَسْتَلبن ، أي يَطلب لَبَناً لعِياله ولضِيفانه.
أبو عُبيد ، عن اليزيدي : يُقال للشاة إذا صارت ذات لَبن : شاة لَبِنة ، ولَبُون ، ومُلْبِن.
قال : وقال الكسائي : يقال كم لُبْنُ شاتك؟ أي كم منها ذاتُ لَبن؟