تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

والثّوِيّ : الضَّيْف نَفْسُه.

ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الثَّوِيّ : الضَّيْف.

والثَّوِيّ : المُجاورة في الحَرَمَيْن.

والثَّوِيّ : الصَّبُور في المغَازي المُحَجَّر ، وهو المَحْبُوس.

أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة أنه أنشده قولَ الأَعشى :

أَثْوَى وقَصَّر لَيْلَه لِيُزَوّدَا

فمَضى وأَخْلفَ من قُتَيْلة مَوْعِدَا

قال شَمِرٌ : أَثْوَى ، على غير استفهام ، وإنما يُريد الخَبر.

قال : ورواه ابن الأَعْرابيّ : أَثَوَى ، على الاستفهام.

قلت : والرّوايتان تدُلّان على أن «ثوى» و «أثوى» معناهما : أقام.

ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الثَّوَى : قُماش البيت ؛ واحدتها : ثُوَّة ، مثل : صُوَّة وصُوًى ، وهُوَّة وهُوًى.

عمرو ، عن أبيه : يُقال لِلْخِرقة التي تبَلّ ويُجعل عليها السِّقاء إذا مُخِض لئلّا ينْقطع : الثُّوَّة.

ومَثْوى الرَّجُل : مَنْزله ؛ وجمعه : المَثَاوِي.

والمَثْوى ، مصدر : ثوَيت أَثْوِي ثَوَاءً ومَثْوًى.

١٢١

الرباعي من حرف الثاء

ثرمل ، ثرمد ، البرثن ، البينيث.

ثرمل : أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : الأُنْثى من الثعالب : ثُرْمُلة.

ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : ثَرْمل الرَّجُل ، إذا لم يُنْضِج طعامَه تَعْجِيلاً للقِرَى.

قال : وثَرمل ، إذا أَخْرج خُبزته مُرَمَّدة ليعجّلها على الضّيف.

وقال اللَّيْثُ : ثَرمل القَوْمُ من الطَّعام والشَّراب ما شاءوا ، أي أكَلُوا.

وقال غيره : بَقِيت ثُرْمُلة في الإناء ، أي بَقيّة من بُرّ أو شَعِير أو تَمْر.

ابن السِّكيت : ثَرْمَل الطَّعَامَ ، إذا لم يُنْضجه صانعُه ولم يَنْفُضْه مِن الرَّماد حينَ يَمُلّه.

قال : ويُعْتذر إلى الضَّيف فيُقال : قد ثَرْمَلْنا لك العمل ، أي لم نَتَنَوَّق فيه ، ولم نُطَيِّبه لك ، لِمَكَان العَجَلة.

ثرمد : وقال في هذا الباب : ثَرْمَد اللَّحْم ، إذا أَسَاء عَمَلَه.

وأَتانا بشِوَاءٍ قد ثَرْمَدَه بالرَّمَاد.

قلت : وثَرْمَدَاء : ماءٌ لِبَني سَعْد في وادي السِّتَارَيْن ، قد وَرَدْتُه ، يُسْتَقى منه بالعِقال لقُرْب قَعْره.

وقيل : الثَّرْمَد ، من الحَمْض : ضَرْبٌ منه.

برثن : أبو زَيد : البُرْثُن : مثل الإِصْبع ؛ والمِخْلَبُ : ظُفر البُرْثُن.

والبَراثن ، للسِّباع كُلّها.

وقال اللَّيْثُ : البَراثن : أظفار مَخالب الأَسد ؛ يقال : كأنّ بَراثِنَه الأَشَافِي.

بينث : ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ ، قال : البَينيث : ضَرْبٌ من سَمك البَحْر.

قلتُ : البَيْنِيث ، بوزن «فَيْعيل» ، فإن كان ياءاه زائدَتَيْن فهو من الثلاثيّ ، وكلام العرب يَجيء على «فيعول» و «فيعال» ، ولم أسمع حرفاً جاء على «فَيْعيل» غير : «اليَنبيثُ» ، ولا أَدري أعربيّ هو ، أمْ دَخِيل؟

١٢٢

كتاب الراء من «تهذيب اللغة»

أبواب المضاعف من حرف الراء

رل : مهمل.

[باب الراء والنون]

ر ن

استُعْمِل منه : رنّ.

رن : قال اللَّيْثُ : الرَّنّةُ : الصَّيْحة الحَزِينة ؛ يُقال : عَوْدٌ ذو رَنّة.

قال : والرَّنين : الصِّياح عند البُكَاء.

والإرْنان ، الشَّدِيد.

ويُقال : أَرَنّ الحِمَارُ في نَهِيقه ؛ وأَرَنَّت القوسُ في إنْبَاضِها ؛ وأَرَنَّت النّساء في مَنَاحتها. وسَحابَةٌ مِرْنَانٌ.

وأَرَنّت المرأَة تُرِن ، ورَنَّت تَرِنّ ؛ وقال لَبيد :

كُلَّ يَوْمٍ مَنَعُوا حامِلَهم

ومُرِنّاتٍ كآرام تُمَل

وقال العجاج يَصِف قَوْساً :

تُرِن إرْنَاناً إذا ما أُنْضِبَا

إرْنَانَ مَحْزُونٍ إذا تَحَوَّبَا

أراد : أُنْبِض ، فقَلب.

ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ ، قال : الرَّنّة : صوتٌ في فَرَحٍ أو حُزْن.

وجَمعها : رَنَّات.

قال : والإرْنان : صوتُ الشّهِيق مع البُكَاء.

عَمرو ، عن أبيه : الرُّنَّى : شَهر جُمَادَى.

والرُّنَّى : الخَلْقُ ؛ يُقال : ما في الرُّنَّى مِثْلُه.

وفي «نوادر الأَعْراب» ، يُقال : أَرَنّ فلانٌ لكذا ، وأَرَمّ له ، ورَنّ لكذا ، واسْتَرَنّ لكذا ، وأَرْنَاه كذا وكذا ، أي أَلْهاه.

[باب الراء والفاء]

ر فّ

رف ، فَرّ.

رف : قال اللَّيْثُ : الرَّفّ : رَفّ البَيْت.

والجميع : الرُّفُوف.

قال : والرَّفْرَفة : تَحْريك الطّائر جَنَاحَيْه وهو في الهَواء ، فلا يَبْرح مكانَه.

قال : والرَّفِيف ، والوَرِيف ، لُغتان.

يُقال للنَّبَات الذي يَهْتَزّ خُضْرةً وتَلأْلُؤاً : قد رَفّ رَفِيفاً.

١٢٣

وفي حديث أبي هُريرة أنّه سُئل عن القُبلة للصَّائم ، فقال : إنّي لأَرُفّ شَفَتَيْها وأنَا صائِم.

قال أبو عُبيد : قوله : «أَرُفّ» ، الرَّفّ ، مثل المصّ والترشُّف ونحوه.

يقال منه : رَفَفْت أَرُفّ رَفّاً.

وأمّا رَفَ يَرِف ، بالكسر ، فهو مِن غَير هذا.

يقال : رَفّ الشيءُ يَرِفّ رَفّاً ورَفِيفاً ، إذا بَرق لونُه وتَلأْلأ ؛ وقال الأَعْشى يذكر ثَغْر امرأة :

ومَهاً تَرِفّ غُرُوبُه

تَسْقِي المتيَّمَ ذا الحَرَارَه

أبو حاتم ، عن الأَصمعيّ : هو يَحُفّ له ويَرُفّ : أي هو يَقوم له ويَقْعد ، ويَنْصح ويُشْفق ، أراد ب «يَحُفه» ، تَسمع له حَفِيفاً.

وشَجَرٌ يَرِفّ : إذا كان له كالاهْتزاز من النَّضارة.

ويقال : وَرَف يَرِف وَرِيفاً ، لُغتان بمعنًى واحد.

قال أبو عليّ الحسن : هو يَحُفّنا ويَرُفّنا ، إذا كان يَطُوف بنا ويُزَيِّن أَمْرنَا.

وقال ابن الأَنباري : ذَهب من كان يَحُفّنا ويَرُفّنا ، أي يُؤْوينا ويُطْعِمنا.

ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : يُقَالُ : رَفّ يَرِفّ ، إذا أَكل.

ورَفّ يَرِفّ ، إذا بَرَق.

ووَرَف يَرِف ، إذا اتّسع.

وقال الليث : الرَّفْراف : الظّلِيم يُرَفْرِفُ بجناحَيْه ثم يَعْدُو.

والرَّفْرَف : كِسْر الخِبَاء ونحوه.

وهو أيضاً خِرْقة تُخاط في أَسفل الفُسطاط ؛ وقال الله عزّ وجَلّ : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) [الرحمن : ٧٦].

قال الفراء : ذكروا أنّها رِياضُ الجنَّة.

وقال بعضهم : هي المَجالس.

قال أبو عُبيدةَ : الرَّفرف : الفُرش والبُسط.

وجَمْعُه : رَفارِف.

وقال قتادة : الرفرف : المَجالِس.

وقيل : هي فُضول الفُرش.

وقيل : الرَّفْرَف : الوَسَائِد.

وفي حديث وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يَرْويه أَنس : فرُفِعَ الرّفْرَفُ فرأينا وَجْهه كأنّه وَرَقَة تُخَشْخِش.

قال ابن الأعرابي : الرَّفرف ، هنا : طَرَف الفُسْطاط.

قال : والرفرف ، في حديث المِعراج : البِساط.

والرَّفرف ، في غير هذا : الرّفُ يُجْعل عليه طَرَائفُ البَيْت.

قال : والرَّفْرَف : الرَّوْشَن.

قال : والرَّفَّة : الأكْلة المُحْكَمة.

١٢٤

وقد رَفّ يَرِفّ.

والرَّفّة : الاخْتِلاجة.

يقال منه : رَفّ يَرفّ ، ويَرُف ؛ وأَنْشد :

لم أَدْر إلّا الظَّنّ ظَنّ الغَائِب

أبِك أم بالغَيْبِ رَفُ حاجِبِي

قال : والرَّفّة : المَصَّة. والرَّفَّة : البَرْقَة.

قال الفَرّاء : هذا رَفٌ مِن النَّاس.

أبو عُبيد ، عن الفراء : هذا رَفٌ من الضَّأن ، أَي جماعةٌ منها.

ورَفْرفُ الدِّرْع : ما فَضَل من ذَيْلها.

ورَفْرف الأيكة : ما تَهدّل من غُصُونها ؛ وقال المُعطَّل الهُذلي يَصف الأَسَدَ :

له أَيْكَةٌ لا يَأْمَن الناسُ غَيْبها

حَمَى رَفْرَفاً منها سِبَاطاً وخِرْوَعَا

وقال اللَّيث : الرَّفْرَفُ : ضَرْبٌ من السَّمك.

وقال الأَصمعيّ في قوله : حَمَى رَفْرفاً قال : الرَّفْرف : شَجَرٌ مُسْتَرْسِلٌ يَنْبُت باليَمن.

عمرو ، عن أبيه : الرَّفيف : الرَّوْشَن.

شَمِر : ذكر حديثاً ، قال : أتيتُ عثمان وهو نازلٌ بالأبطح ، فإذا فُسْطاطٌ مَضْروبٌ ، وإِذا سَيْفٌ مُعَلَّق في رَفِيف الفُسْطاط.

وقال شَمر ، رفيفه : سَقْفُه.

وقال في قول الأَعشى : بالشام ذات الرَّفيف ، أَراد : البساتين التي تَرِفّ بنَضَارتِها واهتزازها.

قيل : ذات الرَّفيف : سُفُن كان يُعْبَر عليها ، وهو أن تُشَدّ سَفِينَتان أو ثلاث لِلْمَلك.

قال : وكُلّ مُسْتَرِقّ من الرَّمل : رَفٌ.

وفي حديث أم زَرْع : زَوْجي إن أَكَل رَفّ ، بالراء في بَعض الرِّوايات.

قال أبو بكر : قال أحمد بن عُبَيد : الرَّفّ : الإكثار من الأكْل.

وقال أبو العبّاس : رَفّ يَرِفّ ، إذا أَكَل.

ورَفّ يَرِفّ ، إِذا بَرَق.

ووَرَف يَرِف ، إذا اتَّسَع.

فر : قال الفَرّاء : فَرّ فلانٌ يَفِرّ فِرَاراً ، إذا هَرَب.

وأَفْرَرْتُه أُفِرّه إِفْرَاراً ، إذا عَملت ما يَفِرّ منه.

ورَجُلٌ فَرُورٌ ، وفَرُورَةٌ ، وفَرَّار ، غَيرُ كَرَّار.

وفي حديث سُراقة بن مالك حين نظر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإِلى أَبي بكر مهاجِرَيْن إلى المدينة فمرَّا به ، فقال : هذا فَرُّ قُريش ، ألا أَرُد على قُريش فَرَّها؟

قال أبو عُبيد : قولُه : فَرّ قريش ، يريد : الفارِّين من قُرَيش.

يُقال منه : رَجُلٌ فَرٌّ ، ورَجُلان فَرٌّ ، ورجَال فَرٌّ ، لا يُثَنّى ولا يُجْمع ؛ قال أبو ذُؤَيْب :

فَرمى ليُنْفِذَ فَرَّها فَهَوَى له

سَهْمٌ فأَنفذ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ

١٢٥

يصف صائداً أَرسل على ثَوْر وَحْشيّ كِلَابَه ، فحمل الثَّوْرُ عليها ففَرّت منه ، فرماه الصائدُ بِسَهْم فأَنْفَذ طُرَّتَي جَنْبَيْه.

وأمّا : فَرّ يَفُرّ ، بالضم ، فإن اللَّيث وغيره قالوا : فَرَرْتُ عن أَسنان الدّابة أفرّ عنها فَرّاً ، إذا كَشَف عنها لِيَنْظُر إليها.

وافْتَرّ عن ثَغْره ، إذا كَشَرَ ضَاحكاً.

ومنه الحديثُ في صِفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ويَفْتَرّ عن مِثل حَبِّ الغمام ، أي يَكْشِر إذا تَبَسّم من غير قَهْقهة. وأراد بحب الغمام : البَرَدَ ، شَبَّه بياض أَسْنانه به.

ويُقال : فُرَّ فلاناً عمّا في نَفْسه ، أي اسْتَنْطِقْه ليدُلّ بنُطْقه على ما في نَفْسه.

ومنه قول عُمر لابن عبّاس : وقد كان يَبْلُغني عنك أشياء كرهتُ أن أَفُرّك عنها ، أَي أَكْشف سِتْرها عنك.

وفي حديث عديّ بن هاشم : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : ما يُفِرّك عن الإسلام إلا أن يُقال : لا إله إلّا الله.

قال أبو عُبيد : يقال : أَفْرَرْت الرَّجُل إفْرَاراً ، إذا فَعَلت به فِعلاً يَفِرّ منه.

ويقال : هو فُرّةً قَومه ، أي خِيَارهم.

وهذا فُرّة مالي ، أي خِيرَتُه.

أبو عُبيد ، عن اليزيديّ : أَفْرَرْت رَأْسَه بالسَّيّف ، وأَفريت ، إذا شَقَقته.

قاله أبو زيد ، وقال : أَفْرَرْت رَأْسَه بالسيف ، إذا فَلَقته.

أبو عُبيد : الفَرِير : ولد البَقَرة.

ويقال له : فُرارٌ.

قال : ومن أمثالهم : نَزْوُ الفُرار اسْتَجْهل الفُرَارا.

قال أبو عُبَيد : قال المؤرِّج : هو وَلَد البقرة الوحشيّة ، يقال له : فُرار ، وفَرِير ، مثل : طُوال وطَوِيل.

فإذا شَبّ وقوي أَخذ في النّزوان. فمتى ما رآه غيرُه نَزَى لِنَزْوه. يُضْرب مثلاً لمن تُتَّقَى مُصَاحَبَتُه. يقول : إنك إذا صاحَبته فَعَلت مِثْلَه.

وقال غيرُه ، فَرِير ، للواحد ؛ وجمعه : فُرَار.

ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : قال : إذا فُطِم الجمل وسَمِن قيل له : فَرِير ، وفُرَار ، وفُرارة ، وفُرْفُر ، وفُرْفور ، وفُرافر.

قال : والفُرار ، يكون للجماعة والواحد.

قال : وفَرْفر الرجل ، إذا اسْتعجل بالحَمَاقة.

وفَرْفر ، إذا أَوْقَد بالفَرْفَار.

وقال : هي شَجرة صَبُور على النّار.

قال : وفَرْفَر ، إِذا عَمِل الفَرْفار ، وهو مَرْكب من مَراكب النِّساء والرِّعاء ، شِبْه الحِوَيّة والسَّوِيّة.

١٢٦

قال : وفَرْفر ، إِذا شَقَّق الزِّقَاقَ وغيرها.

وفي حديث عَون أنه قال : ما رأيت أحداً يُفَرْفر الدُّنْيا فَرْفرة هذا الأعرج. يَعْني أبا حازم ، أي يذمّها ويُمزِّقها بالذَّمّ لها.

والذِّئب يُفَرْفر الشاة ، أي يُمَزِّقها.

وأَخبرني المُنذري ، عن الطُّوسيّ ، عن أحمد بن الحارث الخَرَّاز ، أنه قال : قال ابن الأعرابي : فُرَار ، جمع فُرارة ، وهي الخِرْفان.

قال : والفَرِير : ولدُ البَقرة.

قال : وأنشدنا :

يَمْشي بنو عَلْكم جَزْلَى وإخْوَتُهم

عليكُمُ مِثْل فَحْلِ الضَّأْن فُرْفُورُ

قال : أَراد : فُرار ، فقال : فُرفُور.

ابن بُزُرْجَ : الفُرار : البَهْم الكبار ، واحدها : فُرْفُور.

شَمِر : قال أبو رِبْعيّ ، والكِلَابيّ : يقال : هذا فُرّ بَنِي فلان ، وهو وَجْههم وخيارهم الذي يَفْتَرُّون عنه ؛ قال الكُمَيت :

ويَفْتَرّ منك عن الوَاضِحَاتِ

إذا غَيْرُك القَلَحُ الأَثْعَلُ

ومن أمثالهم : إن الجَواد عَيْنُه فُرَارُه.

ويُقال : الْخَبِيثُ عَيْنه فُرارُه.

يقول : تَعرف الجَودة في عَيْنه كما تعرف سن الدابة إذا فررتها ، وكذلك تَعرف الخُبْث في عَيْنه إذا أَبْصَرْته.

وقال اللَّيث : الفَرْفَرة : الطَّيْش والخِفّة.

ورَجُلٌ فَرْفَارٌ ، وامْرأة فَرْفَارة.

أبو عُبيد ، عن الأَصمعي ، يُقال : الناسُ في أُفُرَّةٍ ، يعني الاخْتلاط.

وقال الفراء : أُفُرَّة الصَّيْف : أَوّله.

وقال اللَّيث : ما زال فلان في أُفُرَّة شَرّ مِن فُلان.

الحرّانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، عن الفَرّاء ، يقال : أتانا فلانٌ في أُفُرَّة الحَرّ ، أي أَوّله.

ويُقال : بل في شِدَّته.

ومنهم من يقول : في فُرّة الحَرّ.

ومنهم من يقول : في أُفُرّة الحَرّ ، بفتح الأَلف.

قال : وحكى الكسائي أن منهم من يجعل الألف عَيْناً فيقول : في عَفُرّة الحَرّ ، وعُفُرّة الحَرّ.

قلت : أُفُرّة عندي من باب : أَفَر يَأفِر ، والألف أصليّة ، على فُعلة ، مثل : الخُضُلّة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الفَرْفَرة : العَجَلة.

وقال أبو عمرو : الفَرِير : الحَمَل.

والفَرِير : أصل مَعْرفة الفَرس.

والفُرَّى : الكَتبية المُنْهَزمة ؛ وكذا الفُلَّى.

وقال ابن الأَعرابيّ : فر يَفِرّ ، إذا عَقَل بعد اسْتِرخاء.

١٢٧

وفَرّ الدَّابة يَفُرّه.

وقال ابن شُميل : الفُرْفُور ، العُصْفُور الصَّغِير ؛ وأَنْشد :

حجازيّة لم تَدْر ما طَعْم فُرْفُرٍ

ولم تَأتِ يوماً أهْلَها بِتُبُشِّرِ

قال : التُّبُشِّر : الصَّعْوَة.

[باب الراء والباء]

ر ب

ربّ ، برّ.

رب : الرّبّ ، هو الله تبارك وتَعالى ، هو رَبُ كُلّ شيء ، أي مالكه ، وله الرّبُوبيّة على جَميع الخَلْق لا شَريك له.

ويقالُ : فلانٌ رَبّ هذا الشيء ، أي مِلْكه له.

ولا يُقال الرّب بالألف واللام ، لغير الله.

وهو رَبّ الأَرْباب ، ومالك المُلوك والأمْلاك.

وكُل مَن مَلك شيئاً فهو رَبُّه.

(اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) [يوسف : ٤٢] أي عند مَلِكك.

يقال : هو رَبّ الدابّة ، ورَبُ الدّار.

وفلانة رَبّة البيت.

وهُن ربّات الحِجَال.

وقال الأصمعيّ : يقال : رَبّ فلانٌ نِحْيَه يَرُبّه رَبّاً ، إذا جَعل فيه الرُّبّ ومَتَّنه به.

وهو نِخْيٌ مَرْبُوب.

قال : والعَرب تقول : لأن يَرُبَّني فلانٌ أَحَبّ إليّ من أن يَرُبّني فلان.

يعني : أن يَكون رَبّاً فوقي وسَيِّداً يَمْلكني.

ورُوي هذا عن صَفوان بن أُمية أنه قال يوم حُنين عِند الجَوْلة التي كانت بين المُسلمين ، فقال أبو سُفيان : غَلَبت والله هَوازن. فأَجَابه صَفْوان وقال : بِفِيك الكِثْكِثُ ، لأنْ يَرُبّني رَجُلٌ من قُرَيْش أحَبّ إليّ من أن يَرُبّني رجُلٌ مِن هَوَازن.

ابن الأَنباريّ : الرَّبّ : يَنْقسم على ثلاثة أَقْسام : يكون الرَّبُ : المالك ؛ ويكون الرَّبّ : السيِّدُ المُطاع ، قال الله تعالى : (فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) [يوسف : ٤١] أي سيده ؛ ويكون الرَّبُ : المُصْلح.

رَبَ الشيءَ ، أي أَصْلحه ؛ وأَنْشد :

يَرُبّ الذي يأتي من العُرْف إنّه

إذا سُئِل المَعْرُوفَ زاد وتَمَّمَا

وقوله :

* سَلَالها في أَدِيمٍ غَيْر مَرْبُوب *

أي غير مُصْلح.

قال : ويُقال : رَبَ ، مشدَّد ، ورَبٌ ، مُخَفَّف ، وأَنْشد المُفضَّل :

وقد عَلم الأَقْوامُ أن لَيس فَوْقه

رَبٌ غَيْرُهُ يُعطي الحُظوظ ويَرْزُقُ

وقال الأَصمعيّ : رَبّ فلانٌ الصَّنِيعةَ يَرُبّها

١٢٨

رَبّاً ، إذا أَتَمّها وأَصْلحها.

ويقال : فلان مَرَبٌ ، أي مَجْمَعٌ يَرُبّ الناس ، أي يَجْمَعهم.

ومكانٌ مَرَبٌ ، أي يَجْمع الناس ؛ وقال ذو الرُّمّة :

بأوّل ما هَاجَت لكَ الشَّوْقَ دِمْنَةٌ

بأَجْرَع مِرْباعٍ مَرَبٍ مُحَلَّلِ

قال : ومِن ثمَّ قيل للرِّبَابٌ : رِبَابٌ ، لأنهم تَجَمَّعوا.

وقال أبو عُبيد : سُمَّوا رِبَاباً ، لأنهم جاءُوا برُبٍ فأَكَلُوا منه وغَمسوا فيه أيديهم وتَحالَفوا عليه ، وهم : تَيْمٌ ، وعَدِيّ ، وعُكْل.

والأَرِبّة : الجَماعاتُ ؛ واحدتها : رَبَّةٌ.

وقال عزوجل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٦].

قال الفرّاء : الرِّبِّيُّوُن : الأُلوف.

وقال أبو العبّاس أحمد بن يَحيى : قال الأَخْفش : الرِّبيون : مَنْسوبون إلى الرَّبّ.

قال أبو العباس : يَنْبغي أن تُفتح الرَّاء على قوله.

قال : وهو على قِراءة القُرّاء من الرَّبّةِ ، وهي الجماعة.

وقال الزّجاج : ربِّيّون ، بكسر الراء وضمها ، وهم الجماعةُ الكَثِيرة.

قال : وقال بعضُهم : الرَّبّة : عَشرة آلاف.

قال : وقيل : الرِّبِّيون : العُلماء الأَتْقياء الصُّبُر.

قال : وكلا القَوْلين حَسَنٌ جَميل.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي طالب ، أنه قال : الرِّبِّيون : الجماعات الكثيرة ؛ الواحد : رِبِّيٌ.

قال : والرَّبّاني : العالِم.

وقال أبو العبّاس : الرّبّانيّ : العالم ؛ والجماعة : الرّبّانيون.

وقال : الرّبّانيّون : الأُلُوف.

والرّبّانيّون : العُلَماء.

وقال سيبويه : زادوا ألفاً ونُوناً في الرّبّاني إذا أرادوا تَخْصيصاً بِعلْم الرّبّ دون غَيْره ، كأنّ معناه : صاحبُ العِلْم بالرّبّ دون غَيره من العُلوم.

قال : وهذا كما قالوا : رَجُل شَعْرانيّ ، ولِحْيانيّ ، ورَقَبانيّ ، إذا خُصّ بكَثرة الشّعر ، وطُول اللِّحْية ، وغِلظ الرّقبة.

وإذا نَسَبوا إلى «الشّعْر» قالوا : شَعْري ، وإلى الرّقبة قالوا : رَقَبيّ (١).

والرِّبِّي ؛ مَنْسوب إلى الرّبّ ، والرّبّاني ، المَوْصوف بعِلْم الرّبّ.

وقال ابن الأَعرابي : الربّانيّ : العالم المُعَلم الذي يَغْذُو الناس بصغار العُلوم

__________________

(١) بعده في «اللسان» (ربب): «وإلى اللحية : لِحْيِيٌّ».

١٢٩

قبل كِبَارها.

قال شَمِر : قال خالد بن جَنْبة : الرُّبّة : الخَيْر اللّازم ، بمنزلة الرُّبّ الذي يَليق فلا يكاد يَذْهب.

وقال : اللهم إنِّي أسألك رُبَّة عَيْشٍ مُبَارَكٍ.

فقِيل له : وما رُبَّةُ عَيْشٍ؟ فقال : طَثْرَتُه وكَثرته.

قال ابن الأنباري : قرأ الحَسن رُبيّون بالضَّم.

قال : وقرأ بها غَيْرُه.

وقال : الرُّبيون نُسبوا إلى الرُّبَّة ، والرُّبَّة : عشرة آلاف.

قال : وقرأ ابن عبّاس : رَبِّيون ، بفتح الراء.

قال : وقال محمد بن عليّ بن الحنفية لمّا مات عبدُ الله بن عبّاس : اليومَ مات رَبّانيّ هذه الأُمة.

ورُوي عن عليٍّ أنه قال : الناس ثلاثة : عالم رَبّانيّ ، ومتعلِّم على سَبيل النَّجاة ، وهَمَجٌ رَعاع أتْباع كل ناعِق.

قال : والرّبانيّ : العالِي الدّرَجة في العِلْم.

قال أبو عُبيد : سمعتُ رجلاً عالماً بالكتب يقول : الرّبّانيّون : العُلَماء بالحلال والحرام ، والأَمر والنَّهي.

قال : والأَحْبارُ أهلُ المَعْرفة بأَنباء الأُمم وبما كان ويكون ، هذا الكلام أو نحوه.

قال أبو عُبيد : وأَحْسب الكلمة ليست بعربيَّة إنما هي عبْرانِيَّة أو سُريانيَّة (١).

وذلك أن أبا عُبيدة زعم أنّ العرب لا تعرف الرّبّانيّين.

قال أبو عُبيد : وإنما عَرفها الفُقهاء وأهل العِلْم.

وكذلك قال شَمر.

قال بعضهم : وإنما قيل للعُلماء ربانيون ، لأنهم يَرُبُّون العِلم ، أي يَقومون به ؛ ومنه الحديث : «أَلَكَ نِعْمَة تَرُبُّها»؟ ويُسمَّى ابن المرأة : رَبيب ؛ لأنه يَقوم بأمره ويَمْلك عليه تَدْبِيره.

قال شَمر : ويقال لرئيس المَلّاحِين : رَبّاني ؛ وأَنشد :

* صَعْلٌ من السّام ورُبّانِيّ *

وروَى شُعبة ، عن عاصم ، عن زِرّ عن (٢) عبد الله في قوله تعالى : (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) [آل عمران : ٧٩] قال : حُكَماء عُلَماء.

__________________

(١) رد هذا ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (١ / ٦٣) وقال : «اللفظة عربية ، منسوبة إلى ربان السفينة الذي ينزلها ويقوم لمصلحتها وقال أبو جعفر النحاس في «معاني القرآن» (١ / ٤٢٩): «مأخوذ من قول العرب : ربَّ أمرَ الناس يربُّه : إذا أصلحه وقامبه فهو رابٌّ وربانيٌّ على التكثير».

(٢) في المطبوع : «بن» ، وكذا في «اللسان» و «التاج» (ريب) ، وزِدّ هو ابن حبيش الكوفي أبو مريم ، انظر ترجمته في «التهذيب» للمزي (٩ / ٣٣٥).

١٣٠

أبو عُبيد : الرِّباب : العُشُور ؛ وقال أبو ذُؤَيْب يَذْكر حُمُراً :

تَوَصّل بالرُّكُبان حيناً وتُؤْلِف الْ

جِوَار ويُعْطِيها الأَمَانَ رِبَابُها

قوله : «تؤلف الجِوار» أي تجاور في مكانَيْن. والرّباب : العهد الذي يَأْخذه صاحبُها من الناس لإجارتها.

وقال أبو عمرو : جَمع الرِّباب من العَهْد : أَرِبَّة ؛ وجمع : الرَّبّ : رِبَاب.

وقال شَمر : الرِّباب في بيت أبي ذُؤَيب جمع رَبّ.

وقال غيره : يقول : إذا أَجارَ المُجير هذه الحُمُر أعطى صاحبها قِدْحاً لِيَعْلموا أنه قد أُجِيرت فلا يُتعرض لها ، كأنه ذهب بالرِّباب إلى رِبَابة سِهام المَيْسر ؛ وقال أبو ذُؤيب :

فكأنّهن رِبَابَةٌ وكأنَّه

يَسَرٌ يُفِيض على القِدَاح ويَصْدَعُ

قال أبو عُبيد : الرِّبابة : جماعة السِّهام.

ويُقال : هي الجِلْدة التي تُجْمع فيها السِّهام.

وفي حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نظر في اللَّيْلة التي أُسْرِي فيها إلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبَابة البَيْضاء.

قال أبو عبيد : الرَّبَابة : السَّحابة التي قد رَكب بَعْضها بعضاً ؛ وجمعها : رَباب ؛ وبه سُمّيت المَرأة الرَّبَاب ؛ وقال الشاعر :

سَقى دار هِنْدٍ حيثُ حَلَّت بها النَّوَى

مُسِفُّ الذُّرَى دانِي الرَّبَاب ثَخِينُ

قال : والرِّبابة : بكسر الراء ، شبيهة بالكِنانة يكون فيها السِّهام.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : إذا ولدت الشاة فهي رُبَّى.

وإن ماتَ ولدها أيضاً فهي رُبَّى بَيِّنةُ الرِّباب.

قال : وأَنشدنا مُنْتَجع بن نَبْهان :

* حَنِينَ أُمّ البَوِّ في رِبَابها*

وقال الأمويّ : ربابها : ما بينها وبين عشرين يوماً من وِلادتها وقيل : شَهْرَيْن.

وقال أبو زيد : الرُّبَّى : من المَعِز ؛ ومثلها من الضأن : الرَّغُوث.

وقال الأصمعي : جَمع الرُّبّى : رِباب ؛ وأَنشد :

خَليل خَوْدٍ غَرّها شَبَابُه

أَعْجبها إذْ كَبِرَتْ رِبَابُه

عمرو عن أبيه ، قال : الرُّبّى : أَوّل الشَّبَاب.

يقال : أتَيته في رُبّى شَبابه ، ورُبَاب شَبابه ، ورِبَاب شَبابه ، ورِبّان شَبابه ، ورُبّان شبابه ، وفي جُنون شبابه ، كلّه بمعنى : حِدْثان شبابه.

أبو عُبيد ، عن الأَصْمعي : الرُّبان من كُل

١٣١

شيء : حِدْثانُه.

ورُبّان الكَوْكَب : مُعْظَمُه.

وقال أبُو عُبَيْد : الرَّبّان ، بفتح الراء : الجماعةُ.

وقال الأَصْمعيّ : بضَم الرَّاء.

ويُقال : هذا مَرَبّ الإبل : أي حَيْث لَزِمَتْه.

وأَرَبَّت الإبلُ بالمَوْضع : إذا لَزِمَتْه.

وإبلٌ مَرَابٌ : لَوازِم.

وأَرَبَّت الجَنُوبُ : إذا دَامَت.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَربّ فلان بالمكان ، وأَلَبَّ : إرْباباً وإلباباً ، إذا أقام به فلم يَبْرَحْه.

الأصمعيّ : رَبَبْتُه فأنا أَرُبّه ، ورَبَّبتُه فأنا أُرَبِّيه ، وارْتَبَبْته فأنا أَرْتَبه ، كله بمعنًى واحد.

أبو عبيد ، عن أبي زيد : الرّبيب : ابن امرأة الرَّجُل من غيره ؛ وقال مَعْنُ بن أوس يَذكر امْرأَته وذَكر أَرْضاً لها :

فإنّ بها جارَيْن لن يَغْدِرَا بها

رَبِيبَ النَّبِيّ وابنَ خَيْر الخَلائِف

يعني عُمر بن أبي سَلمة ، وهو ابن أُم سَلَمة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعاصم بن عمر بن الخطّاب ، وأبوه أبو سَلَمة ، وهو رَبيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : والرابّ : زَوْج الأُمِّ.

ورُوي عن مُجاهد أنه كَره أن يَتزوّج الرّجل امرأة رَابّة ، يعني : امرأة زوج أُمّه.

وقال الليث : ربيبة الرَّجل : بنت امْرأته مِن غيره.

قال : والرَّبيب أيضاً : يُقال لزَوْج الأُم لها ولدٌ مِن غيره.

ويقال لامرأة الرجل ، إذا كان له ولد من غيرها : رَبِيبة.

وذلك معنى : رابّة ، ورابّ.

ودُهْنٌ مُرَبَّب : إذا رُبّب الحَبُّ الذي اتّخذ منه بالطِّيب.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : الرّبْرَب : جماعة البقر ، وكذلك الإِبل.

قال : وقال الأصمعي : الرِّبّة : بَقلة ناعمَة ؛ وجمعها : رِبَبٌ ؛ وقال ذو الرُّمّة يَصِف الثَّوْر الوَحْشِيّ :

أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِمَرْتَعه

مِن ذي الفَوارِس يَدْعُو أَنْفه الرِّبَبُ

وقيل : الرِّبّة : اسم لعدّة من النّبات لا تَهيج في الصَّيف تَبْقى خُضْرتُها شِتَاءً وصَيْفاً ، منها الحُلَّب ، والرُّخَامَى ، والمَكْر ، والعَلَّقى ، يقال لها كُلها : رِبَّة.

عمرو ، عن أَبيه : رَبْرَبَ الرَّجُلُ ، إذا رَبَّى يَتِيماً.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي ، قال : الرَّبُوب ، والرَّبِيب : ابن امرأة الرَّجُل مِن غَيْره.

١٣٢

ويقال للرَّجل نفسه : رَابّ.

قلت : وهذا هو الصَّحيح ؛ ولا أَعلم الذي قاله اللَّيث صَحِيحاً.

وقد قال أحمد بن يحيى للقوم الذين اسْتُرضع فيهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أرِبّاء النّبيّ.

كأنه جمع رَبيب فعيل ، بمعنى فاعل.

وقال أبو عمرو : الرُّبَّى : الحاجة ، يقال : لي عِنْد فلانٍ رُبّى.

قال : الرُّبّى : الرَّابّة. والرُّبّى : العُقْدة المُحْكَمة. وفي مَثَل : إن كُنْتَ بي تَشُدّ ظَهْرك فأَرْخِ من رُبّى أَزْرَك. يقول : إن عَوَّلْت عليّ فَدَعْني أَتْعَب واسْتَرِخ أنت واسْتَرِحْ.

والرُّبَّى : النِّعمة والإحْسان.

وقال النَّحويون : رُبّ : من حُروف المَعاني ، والفَرق بينها وبين «كم» أن «رب» للتَّقْلِيل و «كم» وُضعت للتَّكْثير إذَا لم يُرَد بها الاستفهام. وكلاهما يَقع على النّكرات فَيخْفِضها.

وقال الزّجاج : مَن قال إن «ربّ» يُعنى بها التكثير فهو ضدّ ما تَعرفه العرب.

قال : فإن قال قائل : فلم جازت «رب» في قول الله عزوجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] هاهنا ، وهي للتقليل؟

فالجواب فيه : أن العرب خوطبت بما تعلمه من التهديد ، والرَّجل يَتَهَدَّد الرجل فيقول له : لعلّك سَتندم على فعلك ، وهو لا يشك في أنه يَنْدم.

ويقول له : ربّما يندم الإنسان من مثل ما صَنعت ، وهو يعلم أن الإنسان يَنْدم كثيراً.

ولكنّ مجازه أنّ هذا لو كان مما يُوَدّ في حالٍ واحدة من أحوال العذاب ، أو كان الإنسان يخاف أن يَندم على الشيء لوَجب عليه اجْتنابه.

والدَّليل على أنه على معنى التّهدد قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا) [الحجر : ٣].

والفرق بين «ربما» و «رب» أن «رب» لا يليه غير الاسم ، وأما «ربما» فإنما زيدت «ما» مع «رب» لِيَلِيها الفعل. تقول : رُبّ رجل جاءني ، أو ربما جاءني زيد.

وتقول : رب يوم بكرت فيه ، ورُبّ خمرة شَرِبْتها.

وتقول : رُبما جاءني زيد ، وربما حضرني زيد.

وأكثر ما يليه الماضي ، ولا يليه من الغابر إلا ما كان مُسْتَيْقناً ، كقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢].

ووَعْد الله حقٌّ ، كأنه قد كان ، فهو في مَعنى ما مَضى ، وإن كان لفظه مُسْتَقبلاً.

وقد يلي «ربما» الأسماء ، وكذلك : «رُبتما» ؛ وأنشد ابن الأعرابي :

١٣٣

ماويّ يا رُبَّتما غارةٍ

شَعْواءَ كاللَّذْعة بالمِيسَم

قال أبو الهيثم : العرب تزيد في «رب» هاء.

وتَجعل الهاء اسماً مَجهولاً لا يُعرف ، ويَبْطل معها عمل «رُبّ» فلا يُخْفض بها ما بَعد الهاء.

قال : وإذا فَرقْت بين «كم» التي تعمل عمل «رب» لشيء بَطل عَملها ؛ وأَنْشد :

كائِنْ رأيْتُ وهايا صَدْعِ أَعْظُمِه

ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ

ونصب عطباً من أجل الهاء المَجْهولة.

أبو حاتم : من الخطأ قول العامّة : ربما رأيتُه كثيراً ، و «ربما» إنما وُضعت للتَّقْلِيل.

الحَرَّاني ، عن ابن السِّكيت ، يقال : رُبّ رجل ، ورَبّ رجلٍ ، بفتح الراء ويُخفّف ، ورُبّت رجل ورَبّت رجل ، بفتح الراء ويخفف ، ورُبَّتما ورَبَّتما ، بالتثقيل والتخفيف.

بر : قال اللَّيْثُ : البَرُّ : خلاف البَحْر.

والبَرِّيّة : الصَّحْراء. والبَرّ : نَقِيض الكِنّ.

قال : والعَرب تَسْتعمله في النَّكرة. تَقُول : جلستُ بَرّاً ، وخَرَجْتُ بَرّاً.

قلت : وهذا مِن كلام الموَلَّدين ، وما سَمِعْتُه من فُصحاء العَرب البادية.

ويُقال : أَفْصَح العَرب أَبَرُّهم.

معناه : أبعدهم في البَرّ والبَدْو دَاراً.

وقال الله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الروم : ٤١].

قال الّزجّاج : مَعْناه : ظَهر الجَدْبُ في البَرّ ، والقَحْطُ في البَحْر ، أي في مُدُن البَحْر التي على الأَنْهار.

وقال شَمِر : البَرِّيّة : الأَرْض المَنْسوبة إلى البَرِّ ، وهي بُرِّيّة ، إذا كانت إلى البَرِّ أَقْرَب منها إلى الماء.

وقال مُجاهد في قوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الأَنعام : ٥٩].

قال : البَرّ : القِفَار. والبَحْر : كُل قَرْية فيها ماء.

وقال شمِر في تَفْسِير قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عليكم بالصِّدق فإنّه يَهْدي إلى البِرّ».

اختلف العُلماء في تَفسير البِرّ.

فقال بعضهم : البِرّ : الصَّلَاح.

وقال بعضُهم : البِرّ : الخَيْر.

قال : ولا أعلم تَفْسِيراً أجْمع منه ، لأنه يُحيط بجَميع ما قالوا.

قال : وجَعل لَبِيدٌ البِرَّ التُّقَى حيث يقول :

* وما البِرّ إلا مُضْمَراتٌ من التُّقَى*

قال : وأَمّا قول الشاعر :

* تُحزُّ رُؤُوسهم في غَيْر بِرّ*

فمعناه : في غير طاعة وخَيْر.

وقال شمر : الحَجّ المَبْرور : الذي لا

١٣٤

يُخالطه شيءٌ من المآثِم.

والبَيْع المَبْرُور : الذي لا شُبهة فيه ولا كَذِب ولا خِيَانَة.

قال : ويُقالُ : بَرّ فُلانٌ ذَا قَرابته ، يَبَرّ بِرّاً.

وقد بَرَرْتُه أَبَرّه. وبَرّ حَجُّك يَبُرّ بُرُوراً.

وبَرّ الحجَ يَبِرّ بِرّاً. وبَرّ الله حَجّه ، وأَبرَّه.

وبَرّت يَمِينُه تَبَرّ.

وأَبَرَرْتُها. وبَرّ الله حجَّه ؛ وبَرَّ حَجُّه.

وقول الله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢].

قال الزّجّاج : قال بعضُهم : كُلّ ما تقرّب به إلى الله عزوجل مِن عمل خَير فهو إنْفاق.

قلت : البِرُّ : خَير الدنيا والآخرة ، فخير الدُّنيا : ما يُيَسّره الله تبارك وتعالى لِلْعَبد من الهُدى والنِّعمة والخَيرات ؛ وخَيْر الآخرة : الفَوْز بالنَّعيم الدّائم في الجنة.

والبَرُّ من صِفات الله : العَطُوف الرَّحيم اللَّطيف الكَريم.

حدّثنا عبد الله وعُرْوة ، قالا : حدّثنا محمد بن منصور الخراز ، قال : حدّثنا سُفيان ، عن شمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هُريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحَجُ المَبْرُور ليس له جَزَاء إلّا الجَنّة».

وقال سُفيان : تفسير المبرور : طيبُ الكَلام وإطْعام الطَّعام.

وقال أبو قِلَابةَ لِرَجُل قَدِم من الحجّ : بُرّ العَمَلُ. أراد عَملَ الحجّ. دَعا له أن يكون مَبْرُوراً لا مَأْثَم فيه فَيَسْتوجب بذلك الخُروجَ من الذُّنوب التي التي اقْتَرفها.

حدّثنا عبد الله ، قال حدّثنا عبّاد بن الوليد الغُبَريّ ، عن حبّان بن هلال ، عن أبي مُحَيصن ، عن سُفيان بن حُسين ، عن محمد بن المُنْكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قالوا يا رسول الله ، ما بِرّ الحج؟

قال : «إطْعام الطَّعام وطيب الكلام».

ويُقال : قد تَبَرَّرْت في أمرنا ، أي تَحَرّجت ؛ وقال أبو ذُؤيب :

فقالَت تَبَرَّرْت في جَنْبِنا

وما كُنْتَ فِينا حَدِيثاً بِبرْ

أي تَحَرّجت في سَبْينا وقُرْبنا.

أبو عُبيد ، عن الأَحمر : بَرَرْت قَسَمِي ؛ وبَرَرْتُ والدِي.

قال : وغيره لا يَقول هذا.

وأَخبرني المُنذري ، عن أبي العباس في كتاب «الفصيح» يُقال : صَدَقْت وبَرِرْت.

وكذلك : بَرَرْت والدي أَبِرّه.

وقال أبو زيد : بَرَرْت في قَسمي.

وأبَرّ الله قَسَمي ؛ وقال الأَعْور الكَلْبيّ :

سَقَيْناهم دِمَاءَهُم فسالَتْ

فأَبْرَرْنا إليه مُقَسّمِينا

وقال غيره : أبَرّ فلانٌ قَسم فلانٍ وأَحْنَثه.

١٣٥

فأما أبّره فمعناه : أنه أجابه إلى ما أَقْسَم عليه. وأَحْنَثه ، إذا لم يُجِبْه.

أبو عُبَيد ، عن الفراء : بَرّ حَجُّه.

فإذا قالوا : أَبرّ الله حَجَّه ، قالوا بالأَلف.

والبِرّ في اليمين مِثْلُه.

وقال أبو سِعيد : بَرَّت سِلْعَتُه ، إذا نَفَقَت.

قال : والأَصل في ذلك : أن تُكافئه السِّلعة بما حَفِظها وقام عليها ، تُكافئه بالغَلاء في الثمن ؛ وهو مِن قول الأَعْشى يَصف خَمْراً :

تَخَيَّرها أَخُو عانَاتَ شَهْراً

ورَجَّى بِرَّها عاماً فعاماً

أي : رِبْحَها.

قال : ومن كلام سُليمان ، مَن أَصْلح جوَّانيّه أصلح الله بَرَّانِيّه.

المعنى : من أصلح سَرِيرته أَصلح الله علانيته ، أُخذ من الجَوّ والبَرّ. والجَوّ : كلُّ بَطْنٍ غامِض. والبَرّ : المَتْن الظَّاهِر ، فجاءت هاتان الكلمتان على النّسبة إليهما بالأَلف والنُّون.

ومن كلام العرب : فلانٌ لا يَعْرف هِرّاً من بِرّ.

قال ابن الأعرابي ، البِرّ ، هاهنا : الفَأر.

حكاه عنه أبو العبّاس.

وقال خالد : الهِرّ : السِّنَّوْر ، والبِرُّ : الجُرَذ.

قال : وقال أبو عُبيد : معناه : ما يَعْرف الهَرْهَرة من البَرْبَرة.

فالهَرْهَرة : صوتُ الضّأن ؛ والبَرْبَرة : صوت المِعْزَى.

قال الفَزَارِيّ : البِرُّ : اللُّطْف ؛ والهِرُّ : العُقُوق.

وقال يُونس : الهِرّ : سَوْقُ الغنم ؛ والبِرّ : دُعاء الغنم.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : البِرُّ : فِعْل كُلِّ خَيْر من أيّ ضَرْبٍ كان.

والبِرّ : دُعاء الغَنَم إلى العَلف. والبِرّ : الإكْرام. والهِرُّ : الخُصومة. قال : والبِرّ : الفُؤاد.

ويُقال : هو مُطْمئِنّ البِرّ ؛ وأَنْشد ابن الأَعْرابي :

أكون مَكانَ البِرّ منه ودُونه

وأَجْعَل مالي دُونَه وأُؤامِرُه

قال ابن الأعرابي : البَرَابيرُ : أن يَأتي الرَّاعي إذا جاع إلى السُّنْبل فَيَفْرُك منه ما أحَبّ ويَنْزعه من قُنْبُعه ، وهو قِشْره ، ثم يَصُبّ عليه اللبنَ الحَليب ويُغْليه حتى يَنْضَج ثم يَجْعله في إناء واسِع ثم يُسَمِّنه ، أي يُبرِّده ، فيكون أطيبَ من السّمِيذ.

قال : وهي الغَديرة ؛ وقد اغْتدَرْنا.

أبو عُبيد ، عن الأَصمعيّ : البَرِيرُ : ثمَر الأَراك ؛ والمَرْدُ : غَضُّه ؛ والكَبَاث :

١٣٦

نَضيجُه.

الليث : البُرّ : الحِنْطة.

والبُرّة ، الواحدة.

والإبْرار : الغَلبة ؛ وقال طَرَفة :

يَكْشِفُون الضُّرّ عن ذي ضُرّهم

ويُبِرُّون على الآبي المُبر

أي : يَغْلِبون.

يُقال : أبَرّ عليه ، أي غَلَبه.

والمُبِرُّ : الغالِب.

أخبرني المُنْذِريّ ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابي أنّه أَنْشد :

إذا كُنْتُ مِنْ حِمّانَ في قَعْرِ دَارِهمْ

فَلَسْتُ أُبَالِي مَن أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ

قال : «أبر» من قولهم : أَبَرّ عليهم شَرّاً.

قال : وأَبَرَّ ، وفجَر ، واحد ، ولكنّه جَمع بينهما.

وقال ابن الأعرابي : سُئل رَجُلٌ من بني أَسد : أتَعْرف الفَرس الكريم؟ قال : أعْرف الجوادَ المُبِرّ من البطيء المُقْرِف.

قال : والجواد المُبِرّ ، الذي إذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْر ، ولَهَز لَهْزَ العَيْر ، الذي إذا عَدا اسْلَهَبّ ، وإذا قيد اجْلَعَبّ ، وإذا انْتَصب اتْلأبّ.

ويُقال : أَبَرّه يُبِرّه ، إذا قَهَره بفعال أو غَيْره.

وبَرَّ يَبَرُّ ، إذا صَلَح.

وبَرَّ في يَمِينه يَبَرّ إذا صَدَقه ولم يَحْنَثْ.

وبَرَّ رَحِمَه يَبَرّ ، إذا وَصَله.

قال : وبَرّ يَبَرّ ، إذا هُدِي.

سَلَمة ، عن الفراء ، قال : البَرْبَريّ ، الكَثير الكَلام بلا مَنْفَعة.

وقال غيره : رَجُلٌ بَرْبَارٌ ، بهذا المعنى.

وقد بَرْبَر في كلامه بَرْبَرةً ، إذا أَكْثر.

حدثنا السَّعدي ، عن علي بن خشرم ، عن عيسى ، عن الوَضّاحي ، عن مُحارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قال : إنما سَمَّاهم الله أَبْرَاراً ، لأنّهم بَرُّوا الآباء والأَبْنَاء.

وقال : كما أنّ لك على وَلدك حَقّاً كذلك لِولدك عليك حَقّ.

وحدّثني الحسين بن إدريس ، عن سُويد ، عن ابن المبارك ، عن سفيان ، قال : كان يقال : حَقّ الولد على والده أن يُحسن اسْمه ، وأن يُزَوِّجه إذا بلغ ، وأن يُحِجّه ، وأن يُحسن أَدَبه.

أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : البَرْبَرة : الصوت.

وقال اللَّيث : هو الجَلبة باللِّسان وكَثْرة الكلام.

ورَجُل بَرّبار ، إذا كان كذلك.

وبَرْبَر : جِيل من الناس ، يُقال : إنّهم من ولد قَيْس عَيْلان.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : البُرْبُور :

١٣٧

الجَشيش من البُرّ.

ويُقال : فلانٌ يَبَرّ رَبَّه : أي يُطيعه ؛ ومنه قولُه :

* يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونكا*

ورَجُلٌ بَرٌّ بذي قَرابته.

وبارٌّ : من قوم بَرَرة ، وأبْرَار.

والمَصْدر ، البِرّ.

وقال الله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) [البقرة : ١٧٦]. فيه قولان :

أحدهما : ولكنّ ذا البِرّ من آمَن بالله.

والقول الآخر : ولكنّ البِرّ بِرّ مَن آمن بالله ؛ كقوله :

وكيف نُواصِلُ من أصْبَحت

خُلالَتُه كأَبِي مَرْحَب

أراد : كخُلالة أبي مَرْحب.

وقال تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) [البقرة : ٤٤].

البِرّ : الاتِّسَاع في الإحسان والزّيادة فيه.

ويقال : أَبَرّ على صاحبه في كذا ، أي زاد عليه.

وسُمِّيت البَرِّيّة لاتِّساعها.

والبِرّ : اسمٌ جامعٌ للخَيْرات كُلّها.

والبِرّ : الصِّلَة.

وفي بعض الحديث : ولهم تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرَة.

البربرة : الصّوت ؛ والتَّغَذْمُر : أن يتكلّم بكلام فيه كِبْر.

[باب الراء والميم]

ر م

مر ، رم.

رم : قال اللَّيث : الرَّمُ : إصْلاح الشيء الذي قد فَسد بَعْضُه ، من نحو حَبْل يَبْلَى فَترمّه ، أو دَارٍ تَرُمّ شَأْنَها مَرَمَّةً.

ورَمُ الأمر : إصْلاحه بعد انْتِشاره.

وفي الحديث : «عليكم أَلبانَ البَقر فإنها تَرُمّ من كُلّ الشَّجَر».

قال ابن شُمَيل : الرَّمّ ، والارْتِمام : الأكْل.

قال : والرُّمَام من البَقل حين ترمُّه المال بأفواهها لا تنال منه إلا شَيْئاً قَلِيلاً.

ويقال لليَبيس حين يَبْقُل : رُمَامٌ أيضاً.

قال ابن الأعرابيّ : والمِرَمّة ، بالكسر : شَفة البقرة وكل ذات ظِلْف ، لأن بها تأكل.

والمَرَمّة : بالفتح ، لغة فيه.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي العبَّاس ، قال : الشَّفة من الإنسان ومِن ذوات الظِّلْف : المِرَمّة والمِقَمَّة ، ومن ذوات الخُفّ : المَشْفَر.

وفي حديث آخر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه نهى عن الاسْتِنْجاء بالرَّوْث والرِّمّة.

قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : الرِّمة :

١٣٨

العِظام البالية ؛ قال لَبيد :

والبيت إن تَعْرَمنّي رِمَّةٌ خَلَقاً

بعد المَمَات فإنّي كنتُ أَتّئِرُ

قال أبو عُبيد : والرَّميم ، مثل الرِّمّة ؛ قال الله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٧٨].

يُقال منه : رَمّ العَظْمُ ، وهو يَرمّ رِمّةً ، وهو رَميم.

وأَخبرني المنذرِيّ ، عن ثَعلب ، قال : يقال : رَمّت عِظَامُه ، وأَرَمَّت ، إذا بَلِيت.

وقال غيره : أَرَمّ العَظْمُ فهو مُرِمّ ، وأَنْقى فهو مُنْقٍ ، إذا صار فيه رِمٌ ، وهو المُخّ.

والرُّمّة من الحَبل ، بضم الراء : ما بَقِي منه بعد تَقَطّعه ؛ وجَمْعها : رِمَم ، وبهذا سُمِّي غَيْلان العدويّ الشاعر : ذو الرُّمّة ؛ لأنه قال في أُرجوزة له :

أَشْعث مَضْروب القَفَا مَوْتود

فيه بقايا رُمَّةِ التَّقْلِيدِ

يَعني ما بَقي في رأس الوَتد من رُمّة الطُّنب المَعْقُود فيه.

ومن هذا يُقال : أعطيتُه الشيءَ بِرُمّته ، أي بجماعته.

وأَصلها : الحَبل يُقاد به البعير ؛ ومنه قول الأَعْشى :

فقلتُ له هذه هاتها

بأَدْماء في حَبْل مُقْتَادِها

قال أبو بكر ، في قولهم : أخذ الشيء برُمّته ، قَوْلان :

أحدُهما : أن الرُّمّة : قِطْعَةُ حَبْل يُشَدّ بها الأَسير أو القاتل إذا قِيد إلى القَتْل لِلْقَود ، وقولُ عليٍّ يَدُلّ على هذا حين سُئل عن رَجُل ذَكر أنه رأى رَجلاً مع امرأته فقتَله ، فقال : إن أقامَ بَيِّنةً على دَعْواه وجاء بأربعة يشهدون وإلا فَلْيُعْط برُمَّته.

يقول : إن لم يُقم البيّنة قاده أهلُه بحَبْل في عُنقه إلى أولياء القَتيل فيُقْتل به.

والقول الآخر : أخذتُ الشيء تامّاً كاملاً لم يُنقص منه شيء.

وأصله : البعير يُشَدّ في عُنقه حَبْل ، فيقال : أَعطاه البعيرَ برُمّته ؛ قال الكُمَيت :

* وَصْل خَرْقَاء رُمَّةٌ في الرِّمَام *

ويُقال : أخذتُ الشَّيء برُمَّته ، وبزَغْبره ، وبجُمْلته ، أي أخذته كُله لم أَدْع منه شيئاً.

وفي حديث : فأَرَمّ القَوْمُ.

قال أبو عُبيد : أَرَمّ الرَّجُل إرْمَاماً ، إذا سَكَت. فهو مُرِمّ.

والإرْمَامُ : السُّكُوت.

وأمّا التّرَمْرُم ، فهو أن يُحرِّك الرَّجُلُ شَفَتَيْه بالكلام.

يُقال : ما تَرَمْرم فلانٌ بحَرْف ، أي ما نَطق ؛ وأَنْشد :

* إذا تَرَمْرَم أَغْضى كلُّ جَبَّار*

١٣٩

وقال أبو بكر : في قولهم : ما تَرَمْرم ، مَعْناه : ما تحرّك ؛ قال الكُمَيت :

تكاد الغُلاةُ الجُلْسُ مِنْهُنَّ كُلّما

تَرَمْرم تُلْقِي بالعَسِيب قَذَالهَا

ويجوز أن يكون «ما ترمرم» مبنيّاً من : رام يريم ، كما تقول : خَضْخضت الإناء ، والأصل من : خاض يخوض ؛ ونَخْنَخت البعير ، والأصل : أناخ.

والرَّمْرَامة : حِشيشةٌ مَعْروفة في البادية ؛ والرَّمْرام : الكثير منه.

ومن كلامهم في باب النَّفْي : ما له عن ذلك الأَمر حَمٌّ ولا رَمٌ ، أي بُدٌّ ، وقد يُضَمَّان.

قال الليث : أمّا : حمُ ، فمعناه : ليس يَحول دونه قَضَاء.

قال : ورَمّ : صلة ، كقولهم : حَسَن بَسَن.

وقال أبو عبيد : قال الفراء : في قولهم : ما له حُمٌّ ولا سُمٌّ ، أي ما له هَمٌّ غيرك.

وما له حُمٌّ ، ولا رُمٌ ، أي ليس له شيء.

وأمّا الرُّمّ فإن ابن السِّكِّيت قال : يُقالُ : ما له ثُمٌّ ولا رُمٌ ، وما يَمْلك ثُمّاً ولا رُمّاً.

قال : والثُّم : قُماش الناس : أَساقيهم وآنِيتهم. والرُّمّ : مَرَمّة البَيت.

قلت : والكلامُ هو هذا ، لا ما قاله اللَّيْث.

وقرأت بخط شَمر في حديث عُرْوة بن الزُّبَير حين ذكر أُحيحة بن الجُلَاح وقول أخواله فيه : كُنّا أَهْل ثُمَّة ورُمَّة.

قال : قال أبو عُبيد : هكذا حدّثوه بضم الثاء والراء ؛ ووجهه عندي : أَهل ثَمّه ورَمّه ، بالفتح.

قال : والثَّم : إصلاح الشيء وإحكامه ، والرَّم من «الطعم» ، يُقال : رَمَمت رَمّاً.

وقال أبو عمرو : الثَّمّ والرَّمّ : إصلاح الشيء وإحكامه.

قال شَمر : وكان هاشم بن عَبد مناف تزوّج سَلْمى بنت زيد النَّجّاريّة بعد أُحَيْحة بن الجُلاح ، فولدت له شَيبة ، وتُوفي هاشم وشَبّ الغلام ، فقدم المُطّلب بن عبد مناف فرأى الغُلام فانتزعه من أُمّه ، وأَرْدفه راحِلَته ، فلمّا قَدِم مكة قال الناس : أَرْدَف المُطَّلب عَبْده ، فسمِّي : عَبْد المُطَّلب.

وقالت أُمه : كنّا ذوي ثَمّه ورَمّه حتى إذا قام على ثَمِّه انْتزعوه عَنوة من أُمّه ، وغلَب الأَخْوالَ حقُّ عمِّه.

قلت : وهذا الحرف رَواه الرُّواة هكذا : ذوي ثُمِّه ورُمِّه. وكذلك رُوي عن عُروة ، وقد أَنكره أبو عُبيد. والصَّحيح عندي ما جاء في الحَديث.

والأصل فيه ما قاله ابن السِّكِّيت : ما له ثُمّ ولا رُمّ.

فالثُّمّ : قماش البيت ، والرُّمّ : مَرَمّة البيت ؛

١٤٠