وثاوَر فلانٌ فلاناً ، إذا ساوَره ووَاثَبه.
ويُقال : كيف الدَّبَى؟ فيُقال : ثائِرٌ وناقِرٌ.
فالثائِر : ساعَة ما يَخْرُج من التُّرَاب.
والناقر ، حين يَنْقُر ، أي يَثِب من الأَرض.
ويُقال : أَعطاه ثَوْرةً من الأقط ، جَمع «ثَوْر».
وقال أبو زَيد : الثَّوْر : الأَحْمق.
والثَّوْر : الطُّحْلُب وما أَشْبهه على رأس الماء ؛ وفَسَّر قولَ الأعْشى :
لكالثَّوْر والجِنِّيُّ يَضْرِبُ ظَهْرَه |
وما ذَنْبُه أن عافتِ الماءَ مَشْربا |
أراد ب «الجني» اسْمَ راعٍ ، وأَراد ب «الثور» ها هنا : ما علَا الماءَ من القُمَاش يَضْربه الرّاعي لِيَصْفُو الماءُ لِلْبَقر.
قلتُ : وغيرُه يقول : ثَوْرُ البَقر أَجْرأ فيُقدَّم للشُّربِ لِتَتْبَعه إناثُ البَقر ؛ وأَنْشد :
أَبَصَّرْتَنِي بأَطِيرِ الرِّجَالْ |
وكَلَّفْتَنِي ما يَقُول البَشَرْ |
|
كما الثَّوْر يَضْرِبُه الرَّاعِيَانْ |
وما ذَنْبُه أن تَعَافَ البَقَرْ |
وقال أبو زَيد : الثَّوْر : السَّيد ، وبه كُنِّيَ عَمْرو بن مَعْديكرب : أَبَا ثَوْر.
وقال الله عزوجل : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) [الروم : ٩] أي حَرَثوها وزَرَعُوها واسْتَخْرجوا منها بَرَكاتِها وأَنْزَالَ زَرْعها.
وأَثَرْت البَعير أُثيره إثارةً ، فثار يَثُور. وتَثَوَّر تَثَوُّراً ، إذا كان باركاً وبَعَثه فانْبَعث.
وقال اللَّيْث : الثَّوْرُ : بُرْجٌ من بُرُوج السَّماء.
ويُقال للرجل البَلِيد القَليل الفَهْم : ما هو إلا ثَوْرٌ.
وثَوْر : أبُو حَيٍّ من أحياء العرب ، وهم مِن الرَّبَاب. وإليهم نُسِب سُفْيان الثَّوْرِيّ.
وثار الغُبَارُ ، وثَار به الدَّمُ ، وثَار القَطَا مِن مَجْثَمه ، وثار الدُّخان.
وفي الحديث : «تَوَضَّأوا ممّا غيرت النَّار ولو مِن ثَوْر أَقِط».
قلتُ : وكان هذا في أوّل الإسلام ثم نُسخ بترك الوُضوء ممّا مَسَّت النارُ.
وقال أبو عُبَيد : الثَّوْر : القِطْعة من الأقِط ؛ وجَمْعُه : أَثْوار.
وقال : وفي الحديث : «صلاةُ العِشاء الآخرة إذا سقط ثَوْرُ الشَّفَق». وهو انْتشار الشَّفَق. وثَوَرانُه : حُمْرَتُه.
يُقال : قد ثار يَثُور ثَوْراً وثَوَرَاناً ، إذا انْتَشر في الأُفق وارْتفع ، فإذا غاب حَلّت صلاةُ العشاء الآخرة.
قال : وثَوْر : جبلٌ بمكّة.
ورُوي عن عَمْرو بن معديكرب أنه قال : أَتَيْت بني فلانٍ فأَتَوْني بثَوْرٍ وقَوْسٍ وكَعْب.
فالثّوْر : القِطعة من الأقِط. والقَوْس :
البَقيّة من التَّمْر تَبْقى في أَسفل الجُلّة.
والكَعْب : الكُتْلة من السَّمن الحامِس.
ويقال : ثَوَّرْتُ كُدُورةَ الماء ، فثَار.
وأَثَرْت السَّبُعَ والصَّيْدَ ، إذا هِجْتَهُ.
وأَثَرْت فلاناً : إذا هَيَّجته لأمْرٍ.
واسْتَثَرْت الصَّيْدَ ، إذا أَثَرْته أيضاً.
وأَثَرْت البَعِيرَ ، إذا كان باركاً فَبَعَثَتْه.
وقال ابن السكِّيت : يُقال : ثَوْرةٌ مِن رِجال ، وثورةٌ من مالٍ ، للكثير.
ويقال : ثروَةٌ مِن رِجالٍ ، وثروَةٌ من مال ، بهذا المعنى ؛ قال ابنُ مقُبْل :
وثورةٍ مِن رِجالٍ لوْ رأَيتَهُمُ |
لقُلْتَ إِحْدَى حِراجِ الجَرِّ مِن أُقُرِ |
ثعلب ، عن ابن الأعرابيِّ : يقال : ثورةٌ من رجالٍ ، وثروَةٌ ، يَعني عدداً كثيراً ، وثرْوَةٌ من مالٍ ، لا غير.
ومن مهموزه
ثأر : قال الأَصمعي : أَدْرَك فلانٌ ثَوْرتَه ، إذا أدْرَكَ مَن يطلُب ثَأْرَه.
ويُقال : ثأَرْت فلاناً ، وثأَرْت به ، إذا طَلَبْت قاتِلَه.
والثَّائرُ : الطَّالبُ ، والثَّائرُ : المَطْلوبُ ، ويَجْمَعُ : الآثْآر ، والثُّؤْرَة ، المَصْدَر.
وقال أبو زَيد : ثأَرْتُ القَوْمَ ، إذا طَلَبْت بِثَأرهم.
وقال ابْن السِّكِّيت : يُقال : ثأَرْت فُلَاناً ، وثأَرْت بفُلان ، إذا قَتَلْت قاتِلَه.
وثَأرُك : الرَّجُلُ الّذي أصاب حَمِيمَك.
والمَصدر ، الثُّؤْرَة ؛ وأَنشد :
طَعَنْتُ ابْنَ عَبْد القَيْس طَعْنَة ثَائِرٍ |
لها نَفَدٌ لَوْ لَا الشُّعَاعُ أَضَاءَها |
وأَنشد أيضاً :
* قَتَلْت به ثَأْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرِتي *
وقال آخر :
حَلَفْتُ فلم تَأْثم يَمِينِي لأَثأَرَنْ |
عَدِيّاً ونُعْمانَ بن قَيْلٍ وأَيْهَمَا |
وهؤلاء قومٌ مِن بني يَرْبوع قَتلهم بَنُو شَيبان يوم مُلَيحة ، فحلف أن يَطْلُب بثأرهم.
والمثْؤُور : المَقْتُول.
وتقول : يا ثَارَاتِ فلانٍ ، أي يا قَتَلَة فلانٍ ؛ وقال حسّان :
لتَسْمَعن وَشِيكاً في دِيارهُمُ |
الله أكْبَر يا ثاراتِ عُثْمانَا |
ويُقال : أثأر فلانٌ من فلانٍ ، إذا أَدْرك ثأره منه ، وكذلك إذا قَتل قاتِلَ وَليّه ، وقال لَبِيد :
والنِّيبُ إن تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً |
بَعد المَمَاتِ فإنِّي كنْتُ أثَّئِرُ |
أي كنت أنحرها للضِّيفان ، فقد أدركتُ منها ثأري في حياتي مجازاة لتَقضُّمها عِظامِي النَّخِرة بعد مَماتي ، وذلك أنّ الإبل إذا لم تَجِدْ حَمْضاً ارْتمَّت عِظَام
الموتى وعِظَام الإبِل تُحْمِض بها.
واثَّأر ، كان في الأصل «اتْثأر» فأُدغمت التاء في الثاء وشُدّدت ، وهو افتعال من «ثأر».
وقال أبو زيد : اسْتَثأر فلانٌ ، فهو مُسْتثئر ، إذا اسْتغاث.
قلت : كأنّه مُسْتغيث بمن يُنجده على ثَأْره.
والثَأْرُ المُنِيم : الذي يكون كُفْئاً لِدَم ولِيّك.
ثرى : أبو عُبَيد ، عن الأَصْمعي : ثرَا القَوْمُ يَثْرُون ثَرَاءً ، إذا كَثروا وَنَموْا.
وأَثْرَوا يثرُون ، إذا كَثرت أَمْوالُهم.
وَثَرَا المالُ نَفسهُ ، يَثْرُو ، إذا كَثر.
وثَرَوْنا القَوْمَ ، أي كنّا أكْثر مِنْهُم.
وقال أبو عَمْرو ، وأَبو زيد مِثلَه.
وقال الأصمعيّ يقال : ما بَيْني وبين فلانٍ مُثرٍ ، أي إنّه لم يَنْقَطع. وأَصْل ذلك أن يقول : لم يَيْبَس الثَّرَى بَيْني وبَيْنه.
والمالُ الثَّرِي ، مثل : عَمٍ ، خفيف : الكثير.
ومنه سُمّي الرّجُل : ثَرْوان.
والمَرْأة ثُرَيّا ، وهو تصغير : ثَرْوَى.
وثَرَّيْت التُّرْبَةَ ، أي بَلَلْتها.
وثَرّيت الإقِط : صَبَبْت عليه ماءً ثم لَثَثْتُه به.
وقد بَدا ثَرَى الماء من الفَرس ، وهو حينَ يَنْدَى بعَرقه ؛ قال طُفَيْل الغَنَوِيّ :
يَذُدْن ذَيادَ الحامِسات وقد بَدَا |
ثَرَى الماءِ من أعطافِها المُتَحلِّبِ |
ويقال : الْتقى الثّرَيَان ، وذلك أن يَجيء المَطَرُ فَيرشح في الأَرض حتى يَلْتقي هو ونَدَى الأَرض.
ويُقال : أرضٌ ثَرْيا ، أي ذات نَدًى.
ورَوى الكسائيّ : ثَرِيت بفُلان ، فأنا ثَرٍ به ، أي غَنِيّ عن النَّاس.
أبو عَمرو : وثَرّى الله القوم ، أي كَثَّرهم.
وقال : ثَرِيَ الرَّجُلُ يَثْرَى ثَراً وثَراءً ، ممدود ، وهو ثَرِيّ ، إذا كَثُر مالُه.
وكذلك ، أَثْرى ، فهو مُثْرٍ.
ورُوي عن جَرير أَنه قال : إني أَدَع الزَّجر مخافةَ أن يَسْتَفْرغني. وإنِّي لأراه كآثار الخيل في اليوم التّرِيّ.
ابن السِّكّيت : يُقال إنه لذو ثَراء وثَرْوة ، يُراد أنه لذو عَدد وكَثْرة مال.
وقال : أَثْرى الرَّجُل ، وهو فوق الاسْتِغنَاء.
وقال اللّيث : الثَّرى : كُلُّ تُراب لا يَصير طِيناً لازِباً إذا بُلّ.
أبو العبَّاس ، عن ابن الأعرابيّ : إن فلاناً لقَرِيبُ الثَّرى يَعِيد النَّبط ، لِلَّذي يَعِد ولا وَفاء له.
أبو عُبيد : الثُّريَاء ، على فَعْلاء : الثَّرَى ؛
وأنشد :
ولم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ من تَرْيائِه |
غَيْرَ أَثافِيه وأَرْمِدَائِه |
يقال : إنِّي لأرى ثرَى الغَضب في وَجه فلان ، أي أَثره ؛ وقال الشاعر :
وإنّي لتَرَّاك الضَّغِينة قد أَرَى |
ثَراها مِن المَوْلى ولا أَسْتَثيرُها |
وأما حديث ابن عُمر أنه كان يُقْعِي ويُثرِّي في الصلاة ، فمعناه : أنه كان يضع يده بالأرض بين السَّجْدَتين فلا يُفارقان الأرض حتى يُعيد السُّجود الثاني. وهكذا يَفعل من أَقْعى.
قلت : وكان ابن عمر يَفعل هذا حين كَبِرت سِنُّه في تطوّعه. والسُّنة رَفْع اليَدَين عن الأرض بين السَّجْدتين.
ويقال : ثَرِيتُ بك ، أي فَرِحتُ بك.
وثَرِيت بك ، أي كَثُرت بك ؛ وقال كُثَيِّر :
وإنّي لأكْمِي الناسَ ما تَعدِينني |
من البُخْلِ أن يَثْرَى بذلك كاشِحُ |
أي يَفرح بذلك ويشْمت.
وقال الأصمعي : ثَرَّى فلانُ التُّرَاب والسَّويق ، إذا بَلَّه.
ويقال : ثَرِّ هذا المكان ثم قِفْ عليه ، أي بُلَّه.
وأَرْضٌ مُثْرِية ، إذا لم يَجِفّ ثَرَاها.
وثر : اللّيْث : الوَثِير : الفِراش الوَطِيء.
وكُلَّ شيء جَلست عليه أو نِمت عليه ، فوجدتَه وَطِيئاً ، فهو وَثِير.
وقد وَثُر وثارَةً.
ويُقال للمرأة السَّمينة المُوافقة للمُضاجَعة : إنّها لوَثِيرة.
فإذا كانت ضَخْمة العَجز ، فهي الوَثيرة العَجُز.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَثْرُ : نُقْبَةٌ من أدم تُقَدّ سُيُوراً ، عَرْض السير أربع أَصابع أو شِبْر ، تلبسها الجارية الصَّغيرة قبل أن تُدْرك ، وتَلْبسها وهي حائِض ؛ وأنشد أبو زياد لبعض الأعراب :
عَلقْتُها وهي عَليها وَثْرْ |
حتى إذا ما جُعِلت في الخِدْر |
|
* وأَتْلَعت بمثل جِيدِ الوَبْر* |
قال : وهو الرَّيْط أيضاً.
وقال غيره : المِيثرة : مِيثرة السَّرج والرَّحْل يُوطَّآن بها.
وجَمعها : مَوَاثِر.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : المَسْطُ : أن يُدْخل الرَّجُل اليَدَ في رحم الناقة بعد ضِرَاب الفَحْل إيّاها فيَسْتخرج وَثْرَها ، وهو ماء الفحل يَجتمع في رَحِمها ثم لا تَلْقح منه.
يقال منه : وَثرها الفحل يثرها وَثْراً ، إذا أكثر ضِرابَها ولم تَلْقَح.
وقال النّضْر : الوَثْر : أن يَضْرِبها على غير ضَبْعة.
قال : والمَوْثُورة : تُضْرب في اليوم الواحد مِرَاراً فلا تَلْقَح.
وقال بعضُ العرب : أَعْجب الأشياء وَثْر على وِثْر ، أي نكاحٌ على فِراش وَثِير وَطيء.
ثَعْلب ، عن ابن الأعرابي : التّواثِير : الشُّرَط ، وهم العَتَلة ، والفَرَعة ، والأَمَلة ؛ واحدهم : آمِل ، مثل : كافِر وكَفَرة.
ورث : أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي ، قال : الوِرْث ، والوَرْث ، والإِرْث ، والإراث ، والوِرَاث ، والتّراث : واحد.
قال أبو زيد : وَرِث فلانٌ أَباه ، فهو يَرِثه وِرَاثةً ومِيرَاثاً.
وأَوْرَث الرَّجُلُ وَلده مالاً إيرَاثاً حَسَناً.
وَورَّث الرَّجُل بَني فلان مالَه تَوْرِيثاً ، وذلك إذا أَدْخل على وَلده ووَرَثته في ماله ومَن ليس منهم يَجْعل له نصيباً.
والوارث : صفة مِن صفات الله عزوجل ، وهو الباقِي الدّائم.
ويقال : وَرِثْت فلاناً مالاً ، أَرِثه وِرْثاً ووَرْثاً ، إذا مات مُوَرِّثك فصار ميراثُه لك.
قال الله تعالى إخباراً عن زكريّا ودعائه إيّاه : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)) [مريم : ٥ ، ٦] أي يَبقى بَعدي فيَصير له ميراثي. والله عزوجل ، وهو (خَيْرُ الْوارِثِينَ). أي يَبقى ويَفْنى مَن سواه فيرجع ما كان ملك العباد إليه وَحْده لا شريك له.
ويُقال : وَرَّثت فلاناً من فلان ، أي جَعلْت ميراثه له.
وأَوْرَث المَيْتُ وارِثَه مالَه ، أي تَركه له.
وفي دعاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اللهم أَمْتِعْني بسَمْعي وبَصري واجْعلهما الوارثَ منّي».
قال ابن شُمَيل : أي أَبقْهما معي حتى أَمُوت.
وقال غيرُه : أراد بالسَّمع وَعْي ما يَسْمع والعَمَل به ؛ وبالبَصَر : الاعْتبار بما يرى ونُور القلب الذي يُخْرج به من الحَيْرة والظُّلْمة إلى الهُدَى.
أرث : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «بَعَث ابنُ مِرْبع الأنصاريّ إلى أهل عَرفة فقال : اثْبُتوا على مَشاعركم هذه فإنكم على إرْث من إرْث إبراهيم».
قال أبو عُبيد : الإرْث ، أصلُه من «الميراث» إنما هو «وِرْثٌ» فقُلبت الواو ألفاً مكسورة ، لكسرة الواو ؛ كما قالوا للوِسادة : إسادة ؛ وللوِكاف : إكاف.
فكان معنى الحديث : إنكم على بقيَّة من وِرْث إبراهيم الذي تَرك الناس عليه بعد
موته ، وهو الإرث ؛ وأنشد :
فإن تكُ ذا عِزٍّ حَديثٍ فإنّهم |
لهم إرْثُ مَجْدٍ لم تَخُنْهُ زَوَافِرُه |
ويقال : أَرّث فلانٌ بينهم الشرَّ والحَربَ تَأْريثاً ، وأَرَّج تَأْريجاً ، إذا أَغْرَى بعضَهم ببعض. وأصله من : تَأريث النار ، وهو إيقادُها ؛ وأنشد أبو عُبَيْد لعديّ بن زيد :
ولها ظَبيٌ يُؤَرِّثها |
عاقدٌ في الجِيد تِقْصَارا |
أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : نعجةٌ أرْثاء ، وهي الرّقطاء فيها سوادٌ وبَياض.
وقال اللِّحياني : الأُرَثُ والأُرَفُ : الحدودُ بين الأرَضين ؛ واحدتُها : أُرْثَة وأُرْفَة.
والإرَاث : النار ، وقال الشاعر :
مُحَجَّل رِجلين طَلْق اليَديْن |
له غُرَّةٌ مِثلُ ضَوءِ الإراثِ |
عَمرو ، عن أبيه : الأُرْثة : الأكَمةُ الحمراء.
والأُرْثة : عُودٌ أو سِرْجين يُدْفن في الرَّماد ليَكون ثَقُوباً للنّار إذا احْتِيج إليها.
ووَرْثَان : اسمُ موضع ؛ قال الرّاعي :
وغَدا من الأرض التي لم يَرْضَها |
واختَارَ وَرْثاناً عليها مَنْزِلا |
أثر : وقال الله عزوجل : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأحقاف : ٤].
رَوَى سَلمة عن الفرّاء ، قال : قرأها الفرّاء (أَوْ أَثارَةٍ).
وقرأ بعضُهم : «أو أَثْرة» خَفيفة.
وقد ذُكر عن بعض القُرّاء : «أو أثَرة مِن عِلْم».
قال الفرّاء : والمعنى في «أَثارَةٍ» أو «أثَرة» بقيَّة من عِلم.
ويقال : أو شيء مأثور من كُتب الأولين.
فمن قرأ «أَثارَةٍ» فهو المَصدر ، مثل : السَّماحة والشَّجاعة. ومن قرأَ «أَثَرة» فإنَّه بناه على «الأثر» كما قيل : قتَرَة.
ومن قرأ (أَثْرة) فكأنه أراد مثل «الخطْفَة» و «الرَّجْعة».
وقال الزجَّاج : من قرأ (أَثارَةٍ) فمعناه : عَلامة.
قال : ويكون على مَعْنى : بقيَّة من عِلم.
ويُقال : سَمِنَت الناقةُ على أَثارة ، أي على عَتيق شَحْم كان قَبل ذلك.
حَكى ذلك أبو عُبَيد عن أبي زَيْد.
قلتُ : فيحتمل أن يكون قول الله تَعالى (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) [الأحقاف : ٤] من هذا ؛ لأنّها سَمِنت على بَقيّة من شحم كانت عَليها ، فكأنها حَملت شحماً على بقيّة شَحْمها.
وقال ابنُ عباس : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) إنه عِلْم الخَطّ الذي كان أُوتِي بعضَ الأنبياء.
وسُئِل النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الخَط فقال : «قد كان
نبِيّ يَخُط فمَن وافَق خَطّه عَلِم» ، أي من وافق خطّه من الخطّاطين خطَّ ذلك النبيّ عليهالسلام عَلِم عِلْمَه.
حدّثنا أبو الفَضل بن جَعفر ، قال : حدّثنا أبو جَعفر محمد بن غالب ، عن أبي نُعَيم ، قال : حدْثنا سُفيان ، عن صَفوان بن سُلَيم ، عن أبي سَلَمة ، عن ابن عبّاس في قول الله : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) [الأحقاف : ٤] قال : هو الخَطّ.
وحدّثنا حَمْزة ، عن عَبد الرزّاق ، عن ابْن عُيَيْنة ، عن صفوان بن سُليم ، عن أبي سلمة ، عن ابن عبّاس : نَحْوَه.
وفي حديث عُمر أنّه حَلف بأبيه فنَهاه النبيّ عليه الصلاةُ والسلام عن ذلك. قال عُمَر : فما حلفتُ به ذاكراً ولا آثِراً.
قال أبو عُبَيد : أمّا قولُه : «ذاكراً» فليس من الذِّكر بعد النِّسْيان ، إنما أراد : متكلِّماً به ، كقولك : ذكرَ فلانٌ حديث كذا وكذا ؛ وقوله : «ولا آثراً» يُريد : مُخْبِراً عن غيري أنّه حَلَف. يقول : لا أقول : إنّ فلاناً قال : وأَبِي لا أفعل كذا وكذا ؛ ومِن هذا قيل : حديثٌ مأثُورٌ ، أي يُخبر الناسُ به بعضُهم بعضاً.
يُقال منه : أَثَرْت الحديثَ يأثِرُه أَثْراً ، فهو مأْثُور : وأنا آثِر ؛ قال الأعشى :
إنّ الذي فيه تمارَيْتما |
بُيِّن للسَّامِع والآثِر |
ويُقال : إن المَأْثُرَة. مَفْعلة من هذا ، يعني : المَكْرُمة ، وإنما أُخذت من هذا لأنّها يأثُرها قَرْنٌ عن قَرْن ، أي يَتَحدّثون بها.
وقال أبو زَيد : يُقال : مَأْثُرة ومَأْثَرة ، وهي القِدَم في الحَسَب.
والإثَار : شِبْه الشِّمَال يُشَدّ على ضَرْعِ العَنْز ، شِبْه كيس ، لئلّا تُعَان.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الأَثْر : خُلاصة السَّمْن إذا سُلىء ، وهو الخَلَاص والخِلَاص.
وأخبرني الإياديّ ، عن أبي الهَيْثم ، أنه كان يقول : الإثر ، بكسر الهمزة : خُلاصة السَّمن.
وهكذا أخْبرني المُنذريّ ، عن الحرّاني ، عن ابن السِّكيت ، أنه قال : الإثر : خُلاصة السَّمن.
وأما فِرِنْد السَّيْف ، فكلُّهم يَقول : أَثْر.
وقال الأصْمعيّ : أَنشدني عيسى بن عُمَر لحِفَاف بن نُدْبة :
جَلَاها الصَّيْقَلُون فأَخْلَصُوها |
خِفَافاً كلُّها يَتْقِي بأَثرِ |
أي كُل سَيْف منها يَسْتَقْبلك بفِرنْده.
ابن بُزُرْجَ : جاء فلانٌ على إثْري وأَثَرِي.
وقالوا : أُثْر السَّيف ، مضموم : جُرْحُه.
قال : وأَثْرُه ، مفتوح : رَوْنقه الذي فيه.
وأُثر البعير في ظَهْره ، مَضموم.
وافْعل ذلك آثِراً ما ، وأَثِراً مَا.
وقال ابن السِّكِّيت : يُقال خَرجت في أَثَره وإِثْره.
ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : أَثَر السَّيف : ضَرْبته.
وفي وَجْهه أُثْر وأَثْر.
وجاء في أَثَره وإِثْره.
وقال أبو زَيد : أَثْرُ السَّيْف : تَسَلْسُله ، أو ديباجَتُه.
وقال الأصمعيّ : الأُثْر ، بضم الهمزة ، من الجُرح وغيره في الجسد ، يَبْرأُ ويَبْقى أَثَره.
وقال شمرٌ : يُقال في هذا أَثْرٌ وأُثْرٌ ؛ والجمع : آثار.
وبوجهه إِثار ، بكسر الألف.
ولو قلت : أُثُوراً ، كنت مُصِيباً.
قال : وأَثْر السيف : فِرنْدُه ؛ وجمعه : الأُثُور.
قال : ويُقال في السَّيف أُثْر ، وأُثُر ، على فُعُل ؛ وهو واحد ليس بجمع ؛ وأَنْشد :
كأنهم أَسْيُفٌ بيضٌ يمانِيَةٌ |
عَضْبٌ مضارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ |
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : المِئْثرة : حديدة يُؤْثَر بها خُفّ البَعِير لِيُعْرف أَثَرُه في الأَرض ، يقال منه : أثَرْت البَعِير ، فهو مَأثُور.
ورأيت أُثْرته وثُؤْثُورَه.
قال : وسَيْف مأثُور ، وهو الذي يُقال إنه يَعمله الجنّ ، وليس من الأثْر : الفِرِنْد.
وقال في موضع آخر : المأثور : الذي في مَتْنه أُثْرٌ.
سَلمة ، عن الفراء : ابدأ بهذا آثِراً ما ، وآثِر ذي أَثِير ، وأَثِير ذي أَثير ، أي ابْدأ به أولَ كُلّ شيء ؛ قال : وأَنْشدونا :
وقالوا ما تُريد فقلتُ أَلْهو |
إلى الإصْباح آثر ذي أَثِير |
وأخبرني المُنذريّ ، عن المبرّد ، أنه قال : في قولهم : خُذ هذا آثراً ما ، قال : كأَنّه يريد أن يأخذ منه واحداً وهو يُسام على آخر ، فيقول : خُذ هذا الواحد آثراً ، أي قد آثرتُك به. و «ما» فيه حشو ، ثم سَلْ آخر.
أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : افعل هذا آثراً ما ، وآثراً ، بلا «ما».
وفي «نوادر العرب» : يُقال : أَثِر فلانٌ يقول كذا ، وطَبِن ، وطَبِق ، ودَبِق ، ولَفِق ، وفَطِن ، وذلك إذا أبصر الشيء وضَرِيَ بمعرفته وحَذِقه.
أبو حاتم ، عن أبي زَيد ، يُقال : قد آثرت أن أقول ذاك ، أُؤَاثِر أَثْراً.
وقال ابن شُمَيل : إن آثَرت أن تَأْتِينَا فَأْتِنَا يوم كذا.
ويُقال : قد أَثِر أَن يَفْعل ذلك الأمر ، أي فرغ له وعَزم عليه.
قال اللَّيث : قد أثِرْت بأن أفعل كذا وكذا ، وهو هَمٌّ في عَزم.
قال : ويُقال : افعل هذا يا فلان آثراً ما ، أي إن اخْترت ذلك الفِعْل فافعل هذا إمّا لا.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الأثِيرة من الدوابّ العَظيمة الأثر في الأرض بخُفّها ، أو حافِرها.
ورَجُل أَثْرٌ ، مثال فَعْل ، وهو الذي يَسْتأثر على أصحابه ، مُخَفّف.
الأصمعيّ : آثرتك إيثاراً ، أي فضَّلتك.
وفلان أثِيرُ عند فلان ، وذو أُثْرة ، إذا كان خاصاً به.
ويقال : قد أخذه بلا أَثَرَة ، وبلا إِثْرَةٍ ، وبلا اسْتِئْثار ، أي لم يستأثر على غيره ولم يأخذ الأجود ؛ وقال الحطيئة يَمدح عُمرَ رضياللهعنه :
ما آثَرُوك بها إذ قدَّمُوك لها |
لكنْ لأنْفُسهم كانت بها الإِثَرُ |
أي الخِيرة والإيثار ؛ كأَن «الإثَرَ» جمع الإثْرَة ، وهي الأَثَرَة.
ويُقال : أَثّر بوَجْهه وبجَبِينه السُّجودُ ، وأَثر فيه السَّيْفُ والضَّرْبة.
ويقال : آثرَ كذا وكذا بكذا وكذا ، أي أَتْبَعه إيّاه ؛ ومنه قول مُتّمم به نُوَيرة يَصِف الغَيْث :
فآثر سَيْل الوادَيْين بديمةٍ |
ترشِّحُ وسميّاً من النّبْت خِرْوعَا |
أي أَتبع مَطراً تقدّم بديمَةٍ بَعْدها.
وقال الأَعْرَجُ الطّائيّ :
أُراني إذا أَمرٌ أَتى فَقَضَيْتُه |
فَزِعْتُ إلى أمرٍ عليّ أَثِير |
قال : يُريد : المأثور الذي أَخذ فيه.
قال المازنيّ : وهو قَولهم : خُذ هذا آثراً مَا.
آثَرك الله علينا ، أي فَضَّلك.
يُقال : له عَليّ أَثْرٌ ، أي فَضْل.
وفي الحديث : «إنكم سَتَلْقون بَعْدي أَثَرَةً» ، أي يُستأثر عليكم فيفضِّل غيركم نَفسه عليكم في الفيء.
وقوله : اسْتَأثرَ الله بالبَقاء ، أي انْفرد بالبَقاء.
(إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [المدثر : ٢٤] أي يَرويه واحد عن واحد.
وحديثٌ مأثور : يَأْثُره عَدْلٌ عن عَدْل.
وفي الحديث : «من سَرّه أن يبسط الله في رِزْقه ويَنْسأ في أَثَره فَلْيصل رحمه» ، أي في أَجله.
وسُمي الأجل أَثَراً ، لأنه يتْبع العُمْر ؛ قال زُهير :
والمرءُ ما عاش مَمْدُودٌ له أَمَلٌ |
لا يَنتَهِي العُمرُ حتَّى يَنتَهِي الأثرُ |
أي الأجل.
وقوله : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) [يس : ١٢].
أي ما قدّموه من الأعمال وسَنّوه من سُنن يُعْمَل بها.
رثى : أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : رَثَت المرأةُ زَوجها تَرْثِيه وتَرثُوه.
وقال أبو زيد والكسائي : رَثت رِثَاية.
وقال اللَّيث : رَثى فلانٌ فلاناً يَرثيه رَثْياً ومَرْثِيةً ، إذا بكاه بَعد مَوْته ، فإن مَدحه بعد موته ، قيل : رَثَّاهُ يُرَثِّيه تَرْثِيَةً.
ويقال : ما يَرثي فلانٌ لي ، أي مَا يتوجَّع ولا يُبالِي.
وإنِّي لأَرثي له مَرْثاةً وَرَثْياً.
وامرأة رثَّاءة ، ورَثَّاية ، إذا كانت تَنُوحُ نوحاً ونياحةً.
اللحياني : رَثَوتُ عنه حديثاً ، ورَثَيْتُه ، أي حَفِظْتُهُ.
وقال أبو عمرو : رَثَيْتُ عنه حديثاً أَرْثِي رِثايةً ، إذا ذكَرتَه عنه.
وحُكي عن العُقيلي : رَثونا بيننا حديثاً ، ورَثَيْنَاه ، وتنَاثَيْناه ، مِثْله.
ومن مهموزه
رثأ : أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : الرَّثيئة ، مَهْموز : أن يُصَبّ لَبَنٌ حَليب على حامض.
قلت : وسَمِعْت أعرابيّاً من بني مُضَرِّس يقول لخادِم له : ارْثَأْ لي لُبَيْنَةً أَشْرَبُها.
وقد ارْتَثَأْتُ أنا رَثيئة ، إذا شَرِبْتَها.
سَلَمة ، عن الفَرّاء ، عن امرأة من العرب ، أنّها قالت : رَثَأْتُ زَوْجي بأَبْيات ، أَرادت : رَثَيْته.
قال الفَرّاء : وهذا منها على التَّوهُّم لأنها رأتهم يقُولون : رثأت اللَّبن فَظَنَّت أن المَرْثِية منها.
أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : ارْتَثأ عليهم أَمْرُهم ، أي اخْتَلط.
وهم يَرْتَثئون أَمْرهم.
أُخذ من «الرّثيئة» ، وهي اللَّبن المُخْتَلط.
وأمّا «الرّثْية» فهو داءٌ يَعْترض في المَفاصل ، ولا همز فيها ، وجمعها : رَثَيَات ؛ وأنْشَد شَمِرٌ :
ولِلْكَبير رَثَيَاتٌ أَرْبَعُ |
الرُّكْبتَان والنَّسَا والأَخْدَع |
|
ولا يَزال رَأْسُه يَصّدَّعُ |
وكلّ شيْء بَعد ذاك يَبْجَعُ |
ريث ـ روث : قال اللَّيْث : الرَّيْثُ : الإِبْطَاء.
يُقال : راث عَلينا فلانٌ يَرِيثُ رَيْثاً. ورَاث
علينا خَبَرُه.
واسْتَرَثْت فلاناً ، أي اسْتَبْطأتُه.
وتَريّث فُلان علينا ، أي أَبْطأ.
ويُقال : إنه لرَيِّثٌ ، أي بَطِيء.
ويُقال : ما قَعد فلانٌ عندنا إلّا رَيْثَ أنْ حَدَّثنا بحديثٍ ثم مَرّ ، أي ما قَعد إلّا قَدْر ذلك ؛ قال الشاعر يُعاتب فِعْلَ نَفْسه :
لا تَرعَوي الدهرَ إلا ريْثَ أُنكرها |
أَنْثُو بذاك عليها لا أُحاشيها |
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يقال لكُل ذي حافِرٍ : راث يَرُوث رَوْثاً. وخَوْرانُ الفَرَس : مَرَاثُه. ورَوْثة الأنْف : طَرَفُه. قال ذلك أبو عَمْرو.
وقال اللَّيث : الرَّوْثة : طرفُ الأنْف حيث يَقْطر الرُّعاف ؛ وقال أبو كبير الهُذليّ يذكُر عُقاباً :
حتى انتهيتُ إلى فِراش غَريرةٍ |
سَوْداءَ رَوْثَةُ أَنْفها كالمِخْصَفِ |
ورُوَيْثة : اسمُ مَنْهَلة مِن المَناهل التي بين المَسْجدَيْن.
[باب الثاء واللام]
ث ل (وايء)
ثول ، ولث ، وثل ، لثى ، أثل ، ليث ، لوث ، ثلا.
ثول : أبو عُبَيد : سَمِعْتُ الأصمعيّ يقول : الجماعةُ من النّحْل يُقال لها : الثَّوْلُ ، والدّبْر ؛ ولا واحد لشيء من هذا ، وكذلك الخَشْرم.
قال : الثَّوَّالةُ : الكثير من الجراد.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الثَّوْل : النَّخْل.
والثَّوْل : الجُنون.
والثوّالة : الجماعةُ من النّاس والجَرَاد.
قال : ويُقال : ثال فلانٌ يَثول ثَوْلاً. إذا بَدا فيه الجُنون ولم يَسْتحكم ، فإذا اسْتَحكم قيل : ثَوِلَ يَثْوَل ثَوَلاً.
وهكذا هو في جميع الحيوان.
وقال اللَّيثُ : الثَّوْل : الذَّكر من النّحل.
قلتُ : والصَّواب في «الثَّوْل» ما قال الأصمعيّ.
وقال اللَّيث : الثَّوَل : شِبْه جُنون في الشّاء.
يقال للذّكر : أَثْول ؛ وللأُنثى : ثَولاء.
قال : والثُّؤْلُول : خُرَاج.
يقال : ثُؤْلِل الرَّجُلُ.
وقد تَثَأْلَلَ جَسَدُه بالثَّآلِيل.
ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : يُقال للرَّجُل : ثلْ ، إذا أمرته أن يَحْمَق ولا يَجْهل.
وقال الليث : الثَّيْل : جِرابُ قُنْب البَعِير.
ويُقال : بل هو قَضِيبه.
ولا يُقال : قُنْبٌ إلا للفَرس.
قال : والثِّيل : نبات يَشتبك في الأرْض.
وقال شَمِر : الثِّيل : شُجَيْرَة خَضْراء كأنّها أول بَذْر الحبّ حين تَخْرُج صِغاراً.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الثِّيل : ضربٌ مِن النّبات يُقال إنه لِحْية التَّيْس.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الأثْيل : الجَمل العظيم الثّيل ، وهو وِعاء قَضِيبه.
وثل : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَثل : وَسخ الأَديم الذي يُلْقى منه. وهو ، الحَمُّ ، والتِّحْلِىء.
قال أبو عُبيد : الوَثَل : اللِّيف نَفسُه.
والحَبل من اللّيف يقال له : الوَثِيل.
وقال غيرُه : واثلة ، من الأسماء ، مَأْخُوذ من «الوثيل».
ليث : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الألْيثُ : الشُّجَاع ، وجمعه : لِيثُ.
واللَّيثُ : الأسَدُ ؛ وجمعه : لُيُوث.
وبنو لَيْث : حيّ من كِنانة.
وَتَليَّث فلانٌ ، إذا صار لَيْثِيّ الهوَى.
وكذلك : لَيْث. قاله ابنُ المُظَفَّر ؛ وأنشد قول رُؤْبة :
دُونك مَدْحاً مِن أخٍ مُلَيَّثِ |
عنك بما أَوْلَيت في تأَنُّثِ |
قال : ويُقال : لَايَثْتُ فلاناً ، إذا زاوَلْته مُزاولة اللَّيث ؛ وأَنْشد :
* شَكِسٌ إذا لا يَثْتَه لَيثيّ *
أبو عُبيد ، عن العَدَويّ : اللَّيث هو الذي يأخذ الذّباب ، وهو أصغر من العَنْكَبُوت.
وأمّا «لَيث عِفِرِّين» فقد مَرّ تَفسِيرُه.
ويُقال : يجمع «اللَّيثَ» : مَلْيَثة ، مِثل : مَسْيفة ومَشيخة ؛ وقال الهُذَليّ :
وأدْرَكتْ من خُثيْم ثَمَ مَلْيثةٌ |
مِثلُ الأُسُود على أكتافها اللِّبَدُ |
وقيل : اللَّيث ، في لغة هذيل : اللَّسِنُ الجَدِل.
وقال عَمرو بن بحر : الليثُ : ضَربٌ مِن العَناكب.
قال : وليس شيءٌ من الدوابّ مثله في الحِذقْ والخَتْل وصَواب الوَثْبة والتَّسْديد وسُرعة الخَطْف والمُدَاراة ، لا الكَلب ولا عَنَاق الأَرْض ولا الفَهْد ولا شَيء من ذوات الأَرْبع ، وإذا عاين الذُّبابَ ساقطاً لَطَأ بالأرض وسَكّن جوارَحه ثم جَمع نفسه وأَخَّر الوَثْب إلى وقت الغِرّة ، وترى منه شيئاً لم تَره في فَهْد ، وإن كان موصوفاً بالخَتل للصَّيْد.
لوث : ثَعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّوْثُ : الطَّيُّ ، واللوْث : الليّ ، واللَّوْث : الشَّرّ ، واللَّوْثُ : الجِراحَات ، واللَّوْث : المُطَالباتُ بالأحْقَاد ، واللَّوْث : تَمْريغ اللُّقمة في الإهَالة.
سَلمة ، عن الفَرّاء ، قال : اللُّوَاثُ : الدَّقيق الذي يُذَرّ على الخِوان لئلّا يَلْصَق به
العَجِينُ.
قلت : واللَّوْث ، عند الشافعي : شبه الدَّلالة ، ولا يكون بَيَّنة تامّة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّوث : جمع الأَلْوث ، وهو الأَحْمق الجَبان.
أبو نصر ، عن الأَصْمعيِّ : اللَّوْثَة : الحَمْقة.
واللّوْثة : العزْمة بالعَقْل.
وقال ابن الأَعْرابيّ : اللَّوْثة ، واللّوْثَة : بمعنى الحَمقة ، فإذا أَردت عَزيمة العَقْل قلت : في فُلان لَوْثٌ ، أي حَزْم وقُوّة.
اللّيث : ناقةٌ ذات لَوْث ، وهي الضّخمة ، ولا يَمْنَعها ذلك من السُّرْعة.
وقال غيره : سَحابةٌ لَوْثَاء : فيها بُطْء.
ورَجُلٌ فيه لُوثة : أي استرخاء وحُمْق ؛ وهو رَجُلٌ أَلْوث.
وإذا كان السّحاب بَطِيئاً كان أَدوَم لِمَطَره ؛ وأَنْشد :
* من لَفْح ساريةٍ لَوْثَاء تَهْميم*
وقال اللّيث : اللَّوْثاء : التي تُلوِّث النبات بَعضه على بعض ، كما يلوّث التِّبن بالقَتّ ؛ وكذلك التّلوّث بالأَمر.
قلت : والسَّحابة اللَّوْثاء : البطيئة.
والذي قاله اللّيث في «اللّوْثاء» ليس بِصَحيح.
أنشد المازنيّ :
فالْتَاث مِن بعد البُزول عامَين |
فاشْتَدّ ناباه وغَيْر النَّابَيْن |
قال : «التاث» افتعل ، من «اللوث» وهو القُوّة.
رَجُلٌ ذو لَوْثٍ ، أي ذو قُوّة.
ورَجُلَ فيه لُوثة ، إذا كان فيه اسْترخاء ؛ وقال العَجّاج يَصف شاعراً غالَبه فَغَلَبه :
وقد أرى دُونِيَ من تَجَهُّمي |
أُمّ الرُّبَيقِ والأرَيْقِ المُزْنَمِ |
|
* فلم يُلث شَيْطانهُ تَنَهُّمِي* |
يقول : رأى من تجهّمي دونه ما لا يستطيع أن يصل إليّ ، أي رأى دوني داهية فلم يُلث شيطانُه ، أي لم يلبث تنهمّي إياه ، أي انْتهاري.
وفي «النّوادر» : رأيت لُواثة ولَوِيثَة من النّاس ، وهُوَاشة ، أي جَماعة.
وقال اللّيث : يُقال : التاث فلانٌ في عَمَله ، أي أَبْطأ.
قال : واللَّائث من الشجر والنبات : ما قد الْتَبس بعضُه على بَعض.
يَقول العرب : نَبات لائث ، ولاثٍ ؛ على القلب ؛ وقال العجّاج :
* لاث به الأَشاءُ والعُبْريّ*
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : مثل : لاثٍ به ، لائث به ، في باب المقلوب ؛ وقال عديّ :
ويَأْكُلْن ما أَغْنى الوليُّ ولم يُلِث |
كأن بحَافاتِ النِّهاءِ مَزارِعَا |
أي لم يَجعله لائثا.
ويقال : لم يُلث ، أي لم يُلث بَعضه على بعض ، من «اللوث» وهو «الليّ».
وقال التّوزيّ : لم يلتث : لم يُبطىء ؛ وقال ثمامة بن المخبر السَّدوسيّ :
ألا رُبّ مُلْتاثٍ يَجُرّ كِسَاءَه |
نَفى عَنْه وُجْدَانَ الرَّقِين القَرَائِمَا |
يقول : رُبّ أَحمق نَفى كثرةُ ماله أن يُحَمَّق ، أراد أنه أحمق قد زَيّنه ماله وجَعله عند عوامّ الناس عاقلاً.
وقال ابن الأعرابي : الأَلْوث : الأَحمق.
أبو عُبيد : لاثِ ، بمعنى : لائِث ، وهو الذي بَعضه فوق بَعض.
وقال أبو عمرو : فلا يَلوث بي ، أي يَلُوذ بي.
وجاء رجل إلى أبي بَكْر الصّدّيق فوقف عليه ولاث لَوْثاً من كلام. فسأله عُمر ، فذكر أن ضَيْفاً نزل به فزَنى بابْنَته.
ومعنى : لاث ، أي لَوى كَلامه ولم يُبيِّنه.
ويقال : لاث بالشيء يَلُوث ، إذا طاف به.
ولاث فلانٌ عن حاجتي ، أي أبْطأ عنها.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يُقال للسيد الشريف : مَلَاثٌ ، ومَلْوَثٌ ؛ وجمعه : مَلَاوث ؛ وأنشد :
هلّا بكَيتَ مَلَاوِثاً |
من آل عَبْدِ مَنَافِ |
ولث : ثَعلب ، عن ابن الأَعرابيّ : الوَلْث : بقيّة العَجِين في الدَّسِيعة ، وبَقِيّة الماء في المُشَقّر ؛ والفَضْلة من النَّبِيذ تَبْقى في الإناء ؛ وهو البَسيل أيضاً.
والوَلْثُ : بقيّة العَهْد ؛ وفي الحديث : «لو لا وَلْث عَهْدٍ لهم لفعلتُ بهم كذا».
شَمِرٌ فيما قرأت بخطّه قال : قال أبو مُرّة القُشيري : الوَلْث من الضّرب ، الذي لَيس فيه جِرَاحة ، فوق الثّياب.
قال : وطَرق رَجُلٌ قَوماً يَطْلُب امْرأةً وَعَدَتْه فوقع على رَجُل ، فصَاح به ، فاجْتمع الحيُّ عليه فوَلثوه ، ثم أُفْلِت.
قال : وقال ابن شُميل : يُقال دَبَّرْتُ مَمْلُوكي ، إذا قُلتَ هو حُرٌّ بعد مَوْتِي ، إذا وَلَثْتَ له عِتْقاً في حياتك.
قال : والوَلْث : التَّوْجيه ، إذا قُلت : هو حُرٌّ بَعْدي ، فهو الوَلْث.
وقد وَلَث فلانٌ لنا من أَمْرنا وَلْثاً ، أي وَجَّه ؛ وقال رُؤبة :
* وقلتُ إذا أَغْبَط دَيْنٌ والِثُ *
قال ابن الأعرابي : أي دائم ، كما يَلِثُونه بالضَّرْب.
وقال أبو عمرو والأصمعيّ : وَلَثه ، أي ضَربه ضَرْباً قليلاً.
وقال أبو نَصر : الوَلْث : القلِيلُ مِن
المطر.
يُقال : وَلْثٌ مِن عَهْد ، أي شَيءٌ قَلِيل.
والوَلْث : عقد ليس بمُحْكم ، وهو الضَّعِيف.
ويقال : وَلَثْتُ لك أَلِثَ وَلْثاً ، أي وَعَدْتك عِدَةً ضَعِيفة.
ويقال : لهم وَلْثٌ ضَعِيف ؛ وقال المُسَيّب بن عَلَس في «الولْث المحْكَم» :
كما امْتَنَعت أولادُ يَقْدُمَ مِنْكُمُ |
وكان لها وَلْثٌ من العَقْدِ مُحْكَمُ |
وقال الأصمعيّ في قوله :
* إذا أغبط دَيْنٌ والِثُ *
أساء رُؤبة في هذا ، لأنه كان ينبغي أن يُؤَكد أَمْر الدَّين.
وقال غيره : يُقال : دَيْن والثٌ ، أي يتقلّده كما يتقلّد العَهد.
أثل : ثعلب ، عن ابن الأَعرابي : الأُثَيْل : مَنْبت الأَرَاك.
وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال في وصيّ اليَتيم : «إنه يأكل مِن ماله غَير مُتأثِّل مالاً».
قال : المتأثّل : الجامع.
وكل شَيء له أصل قديم ، أو جُمع حتى يَصير له أصل ، فهو مُؤَثَّل ؛ قال لَبيد :
لله نافلة الأجلّ الأفْضل |
وله العُلا وأَثيث كُلّ مُؤَثَّل |
قال : وأَثْلة الشّيء : أصْلُه ؛ وأنشد للأعشى :
أَلَسْتَ مُنْتَهِياً عن نَحْت أَثْلِتنَا |
ولَسْتَ ضائِرَها ما أَطَّتِ الإبِلُ |
شمر ، عن ابن الأَعرابيّ : المُؤثَّل : الدَّائِم.
وأَثَّلْت الشيءَ : أَدَمْتُه.
وقال أبو عمرو : مُؤَثَّل : مُهَيَّأ.
قال : وتَأْثيل المجد : بناؤُه.
وتأثّل فلانٌ مالاً ، أي اتّخذه وثَمَّره.
وقال ابن شُميل في قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ولمن وَلِيها أن يَأْكُل ويُؤَكِّل صديقاً غيرَ مُتأَثِّل مالاً».
قال : ويقولون : هم يَتأثّلون الناس ، أي يَأْخذون منهم أَثالاً. والأَثال : المال.
ويقال : تأثّل فلانٌ بِئْراً ، إذا احْتفَرها لنفسه ؛ ومنه قول أبي ذُؤيب يصف قوماً حَفَروا قَبْراً شَبّهه بالبِئر :
وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتأثّلُوا |
قَلِيباً سَفَاهاً كالإماء القواعِدِ |
أراد أنّهم حَفروا له قبراً يُدْفَن فيه ، فسمّاه قَلِيباً على التّشْبيه.
ويقال : أَثّل الله مُلْكاً آثِلاً ، أي ثَبّته ؛ وقال رُؤبة :
* أثّل مُلْكاً خِنْدِفاً فدعَمَا*
وقال أيضاً :
* رِبَابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلَا*
أي مُلكاً ذا أَثْلة.
والأَثْل : شَجر يُشبه الطّرْفاء إلّا أنه أكرم منها ، تُسوَّى منه الأَقْداح الصُّفْر الجِياد ، ومنه اتُّخذ مِنبَر النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وللأَثل أُصول غليظة تُسَوَّى منها الأبواب وغيرها ، وَوَرَقُه عَبْلٌ كورق الطّرفاء.
أبو عبيد ، عن أبي عمرو : والأَثال : المَجْدُ ، وبه سُمِّي الرَّجُل.
وأُثال : اسْم جَبَل.
لثي : قال اللّيث : اللّثَى : ما سَال من الشّجر من ساقها خاثِراً.
وقال ابن السِّكِّيت : اللَّثَى : شيءٌ يَنْضَحه الثُّمَامُ حُلوٌ ، فما سَقَط منه على الأَرض أُخذ وجُعل في ثوبٍ وصُبّ عليه الماءُ ، فإِذا سال من الثوب شُرب حُلْواً وربّما أَعْقَد.
قلت : اللثَى : يَسيل من الثُّمام وغيره ، وفي جبال هَراة شَجر يقال له : «سِير» وله لَثىً حُلْوٌ يُداوى به المَصْدور ، وهو جَيّد للسُّعال اليابس.
وللعُرْفُط لَثىً حُلْوٌ يقال له : المغَافِير.
وأَخبرني المُنذريّ ، عن أبي طالب ، عن سَلمة ، عن الفرّاء ، أنه قال : اللّثأ ، بالهمز : لِمَا يَسيل من الشَّجَر.
قال : واللَّثة : تُجمع : لِثات ، ولِثِين ، ولِثًى ، ولَثًى.
وقال أبو بكر : اللَّثَى : شَبِيه بالنَّدى.
يقال : قد أَلْثتِ الشجرة ما حولها لَثًى شديداً : نَدَّتْه.
قال : واللَّثَى : الصَّمْغ.
ابْنُ السِّكِّيت : هذا ثوبٌ لثٍ ، إذا ابْتَلَّ من العَرَق والوسَخ.
ويقال : لَثِيَتْ رِجْلِي من الطِّين تَلْثَى لثًى ، إذا تلطَّخَت به.
وامرأةٌ لَثِيَةٌ ، إذا كانت رطْبَة المكان.
ونساء العرب يتسابَبْنَ بذلك.
وإذا كانت يابسة المكان فهي الرّشُوف ، ويُحْمد ذلك منها.
ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : لَثَا ، إذا شَرِبَ الماءَ قَليلاً.
ولَثَا أيضاً : إذا لَحِسَ القِدْرَ.
وقال : اللّثِيُ : المُولع بأَكْل الصَّمغ.
وقال غيرُه : ألْثَت الشَّجرة تُلْثِي ، إذا سال منها اللّثى.
وحَكى سَلمة ، عن الفرّاء ، عن الدُّبَيْرِية ، قالت : لثا الكَلْب ، ولَجذَ ، ولَجَن ، واحْتَفَى ، إذا وَلغ في الإناء.
وقال أبو زيد : اللِّثة : مَراكز الأَسْنان.
وفي اللَّثة : الدُّرْدُرُ ، وهو مَخارج الأَسْنان ، وفيها العُمور ، وهو ما تَصَعَّد بين الأسْنان من اللِّثة.
قلت : وأصل اللّثة : اللِّثْيَة ، فنُقص.
والظاء والذال والثاء لثويّة ، لأن مبدأها من اللّثة.
ثلا : قال ابن الأعرابي : ثَلَا ، إذا سافر.
قال : والثَّلِيّ : الكَثير المال.
[باب الثاء والنون]
ث ن (وايء)
ثنى ، نثا ، أنث ، أثن ، وثن ، ثأن.
ثنى : قال الله عزوجل : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) [هود : ٥].
قال الفرّاء : نزَلت في بعض مَن جاء يَلْقَى النبيَّ صلى االله عليه وسلم بما يُحب ويَنطوي له على العداوة والبُغض ، فذلك هو الثَّنْيُ : الإخفاء.
وقال الزّجّاج : (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، أي يُجِتون ويَطوون ما فيها ويسترونه استخفاء بذلك من الله.
ورُوي عن ابن عباس أنه قرأ : (ألا إنهم يثنَوْنِي صدورهم) [هود : ٥].
قال الفَرّاء : وهو في العربيّة : بمنزلة «تَنْثَنِي» وهو من الفِعل : افْعَوْعلت.
قلت : وأصله من : ثَنَيْت الشَّيء ، إذا حَنَيْته وعَطَفته وطَوَيْته.
واثْنَوْنى صَدْرُه على البَغضاء ، أي انْحنَى وانطوى.
وكُلّ شيء عَطَفْته ، فقد ثَنَيْته.
وسَمعت أَعرابيّاً يقول لراعي إبل أَوْردها الماءَ جُمْلةً : ألَا واثْنِ وُجُوهَها عن الماء ثم أَرْسِل منها رِسْلاً رِسْلاً ، أي قطيعاً قطيعاً. أراد بقوله : اثن وجوهها ، أي اصرف وجُوهها عن الماء لئلا تَزْدَحم عَلَى الحوض فتَهْدِمه.
ويُقال للفارس إذا ثَنَى عُنُقَ دابّته عند حُضْرِه : جاء ثَانِيَ العِنان.
ويُقال للفرس نَفسه : جاءَ سابقاً ثانياً ، إذا جاء وقد ثَنَى عُنُقه نشاطاً ، لأنه إذا أَعْيا مدّ عُنُقه ؛ وإذا لم يَجىء ولم يَجْهَد وجاء سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عُنُقه ؛ ومنه قوله :
ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبِي وَجَدِّي |
يَجِىءْ قَبل السَّوابق وهو ثانِي |
أي يجىء كالفرس السّابق الذي قد ثَنى عُنُقه.
ويجوز أن يجعله كالفارس الذي سَبق فرسُه الخَيْلَ ، وهو مع ذلك قد ثَنى من عُنُقه.
وفي حديث عَمرو بن دِينار ، قال : رأيتُ ابن عُمر يَنْحر بَدَنته وهي باركةٌ مَثْنِيّة بِثنَايَيْن ، غير مهموز ؛ وذلك أن يَعْقل يدَيْه جميعاً بعقالَيْن.
ويُسمى ذلك الحَبْل : الثِّنَاية.
وقال اللّيث : عقلت البَعير بِثِنَاييْن.
يُظهرون الياء بعد الألف ، وهي المَدّة التي كانت فيها. وإن مَدّ مادٌّ لكان صواباً ، كقولك : كساء ، وكساوان ، وكساآن.
قال : وواحد «الثنايَيْن» : ثِناء ، مثل : كِساء ، ممدود.
قلت : أغفل اللَّيث العلَّة في «الثنَايَيْن» وأجاز ما لم يُجزه النّحْويون.
وقال سيبويه : سألت الخليلَ عن قولهم : عَقله بِثنايَيْن ، لِمَ لَمْ يَهْمز؟
فقال : تَركوا ذلك حين لم يُفْرِدُوا الواحد.
قلت : وهذا خِلاف ما ذكره اللّيْث في كتابه ، لأنه أجاز أن يُقال لواحد «الثِّنَايَيْن» : ثِناء.
والخَلْيل يقول : لم يَهمزوا «ثنايَيْن» لأنهم لا يُفردون الواحد منهما.
رَوى هذا شَمر عن سِيبويه.
وقال شمر : قال أبو زيد : يُقال : عقلت البعير بثنايَيْن ، إذا عَقلت يدَيْه بطَرفي حَبْل.
قال : وعقلته بثِنْيَيْن ، إذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقدَتَيْن.
قال شَمر : وقال الفَرّاء : لم يهمزوا «ثنايين» لأنّ واحده لا يُفرد.
قلت : والبَصْريون والكُوفيّون اتّفقوا على ترك الهمزة في «الثنايين» وعلى ألّا يُفْرد الواحد.
قلت : والحَبل يقال له : الثِّناية.
وإنما قالوا : ثِنَايَين ، ولم يقولوا : ثنايَتَين ، لأنه حبل واحد تُشدّ بأحد طرفيه يَدُ البعير ، وبالطَّرف الآخر اليَد الأخرى ، فيقال : ثَنَيْت البَعير بثنايَين ، كأنّ «الثنايَين» كالواحد ، وإن جاء بلفظ اثنين ، ولا يُفرد له واحد ؛ ومثله : المِذْروان : طَرفا الألْيَتين ، جعل واحداً ، ولو كانا اثنين لقيل : مِذْريان. وأمّا العِقال الواحد فإنّه لا يُقالَ له : ثناية ، إنما «الثناية» : الحبلُ الطويل ؛ ومنه قولُ زُهير يَصف السّانية وشَدّ قِتْبها عليها :
تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْري في ثِنَايَتها |
مِن المَحالة قَبّاً زائداً قَلِقَا |
فالثِّناية ، هاهنا : حبل يُشد طرفاه في قِتْب السَّانية ويُشد طَرف الرِّشاء في مَثْنَاته ، وكذلك الحبل إذا عُقل بطَرفيه يدُ البعير : ثِنايةٌ أيضاً.
ويقال : فلانٌ ثاني اثنين ، أي هو أحدهما ، مُضاف.
ولا يقال : هو ثانٍ اثنين ، بالتَّنوين.
وقد مَرّ تَفسيره مُشْبعاً في باب «الثّلاث».
وثِنْيَا الحَبْل : طَرفاه ؛ واحدهما : ثنْيٌ ؛ وقال طَرَفة :
لَعَمْرك إنّ الموتَ ما أَخْطَأ الفَتَى |
لكالطِّوَلِ المرْخَى وثِنْيَاه بالْيَدِ |
يَقُول : إنّ الموت وإن أخطأ الفتى فإِنَ
مَصيره إليه ، كما أنّ الفرس وإن أُرْخي له طِوَلُه فإنَّ مَصيره إلى أن يَثْنيه صاحبُه ، إذ طَرَفه بِيَدِه.
ويقال : رَبَّق فلانٌ أَثناء الحَبْل ، إذا جَعل وَسَطه أَرْباقاً ، أي نُشَقاً للشاء يُنْشَق في أَعْناق البَهْم.
وأَثناء الحَيّة : مَطاوِيها إذا تَحوَّت.
وأَثناء الوِشَاح : ما انْثَنى منه ؛ ومنه قوله :
* تَعَرُّض أَثناء الوِشَاح المُفَصَّل*
أبو عُبيد : يقال للذي يجيء ثانياً في السُّؤدد ولا يجيء أولاً : ثِنًى ، مَقصور ، وثُنْيَان ، وثِنْي ، كل ذلك يقال : قال أَوْس ابن مَغْراء :
تَرى ثِنَانَا إذا ما جاء بَدأَهمُ |
وبَدْؤُهم إن أتانا كان ثُنْيَانَا |
يقول : الثاني منّا في الرّياسة يكون في غيرنا سابقاً في السُّؤدد ، والكامل في السُّؤدد من غيرنا ثِني في السّؤدد عندنا ، لفَضْلنا على غيرنا.
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «لا ثِنًى في الصّدقة» ، مَقصورٌ.
قال أبو عُبَيد : يعني أنه لا تؤخذ الصَّدقة في السّنة مرّتين.
قاله الأصمعي والكسائيّ ؛ وأنشد أحدهما :
أفِي جَنْبِ بكْرٍ قَطَّعَتْني مَلَامَةً |
لَعَمْرِي لقد كانت مَلَامتُها ثِنَى |
أي ليس هذا بأول لومها ، قد فَعَلَتْهُ قبل هذا ، وهذا ثِنًى بعده.
قال أبو سَعيد : لسنا نُنكر أنَّ «الثِّنى» إعادة الشيء مرّةً بعد مرّة ، ولكنه ليس وجه الكلام ولا معنى الحديث ، ومعناه : أَن يتصدّق الرّجل على آخر بصدَقة ثم يَبدو له فيُريد أَن يسترِدَّها ، فيقال : لا ثِنًى في الصَّدقة ، أي لا رُجُوع فيها ، فيقول المتصدَّق عليه : ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد ، أي ليس لك رُجوع كرجوع الوالد فيما يُعْطي ولده.
أبو عُبَيد ، عن الأصمعي : ناقةٌ ثِنْيٌ ، إذا وَلَدَت بطناً واحداً.
ويقال فيه أيضاً : إذا وَلدت بطَنين ؛ قال لَبيد :
ليالي تحت الخِدْر ثِنْيُ مُصِيفة |
من الأُدْمِ تَرْتَادُ الشُّرُوجَ القَوابِلا |
قال : ولدُهما الثاني : ثِنْيُها.
قلت : والذي سمعتُه من العرب : يقولون للناقة إذا وَلَدت أوّل وَلد تَلده ، فهي بِكْر ؛ وولدها أيضاً بِكرها. فإذا وَلدت الولد الثاني ، فهو ثِنْيٌ ؛ ووَلدُها الثاني ثِنْيُها.
وهذا هو الصّحيح.
وأخبَرني المنذريّ ، عن أبي الهيثم ، قال :
المُصيفة : التي تَلد وَلداً وقد أَسَنَّت ؛ والرّجل كذلك مُصيف ، وولدُه صَيْفِيّ ؛ وأَرْبع الرّجُل ، وولدُه رِبْعِيُّون.
وقال الأصمعي : الثِّنْي من الجبل والوادي : مُنْقَطعه.
قال : ومَثْنَى الأيادي أن يُعيد مَعْروفَه مرّتين أو ثلاثاً.
وقال أبو عُبَيدة : مَثنى الأيادي : هي الأنصباء التي كانت تُفْصَل من جَزُور المَيْسر ، فكان الرجلُ الجواد يَشْرِيها فيُطعِمُها الأَبْرام.
وقال أبو عمرو : مَثنى الأيادي : أن يأخذ القِسْمَ مَرَّة بعد مَرَّة.
وقال الفَراء في قول الله عزوجل : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [الزمر : ٢٣] أي مكرراً ، كُرِّر فيه الثواب والعقاب.
وقال الزّجاج : في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)) [الحجر : ٨٧] قيل : إن السَّبع من المثاني : فاتحة الكتاب ، وهي سَبع آيات ، قيل لها : مثاني ، لأنه يُثْنَى بها في كُل رَكعة من ركعات الصَّلاة.
قال : ويجوز أن يكون ـ والله أعلم ـ من المثاني : أي مما أُثْني به على الله ، لأن فيها حَمْد الله وتوحيده وذكر ما لَه يوم الدِّين.
المعنى : ولقد آتيناك سبع آيات من جُملة الآيات التي يُثّنَى بها على الله ، وأتيناك القرآن العظيم.
وقال الفرّاء في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [الحجر : ٨٧] : يعني : فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات.
قال : وسُمّيت «المثاني» لأنها تُعاد في كلّ رُكعة.
وقال أبو الهيثم : سُمّيت آيات الحمد : مثاني ، واحدتها : مَثناة ، وهي سَبع آيات ، لأنها تثنى في كُلّ ركعة.
وقال أبو عُبيد : «المثاني» من كتاب الله : ثلاثة أشياء ، سَمّى الله عزوجل القرآن كُلَّه «مثاني» في قوله تعالى : (نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [الزمر : ٢٣] ، وسَمّى فاتحة الكتاب «مثاني» في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [الحجر : ٨٧] ، وسَمّى القرآن «مثاني» لأن الأنباء والقصص ثُنِّيت فيه.
وقرأت بخط شَمِر ، قال : رَوى محمد بن طلحة بن مُصَرّف عن أصحاب عبد الله : أن «المثاني» سِتّ وعشرون سورة ، وهي : سورة الحج ، والقَصَص ، والنَّمْل ، والنُّور ، والأنفال ، ومريم ، والعنكبوت ، ويس ، والفرقان ، والحجر ، والرعد ،