تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

وثاوَر فلانٌ فلاناً ، إذا ساوَره ووَاثَبه.

ويُقال : كيف الدَّبَى؟ فيُقال : ثائِرٌ وناقِرٌ.

فالثائِر : ساعَة ما يَخْرُج من التُّرَاب.

والناقر ، حين يَنْقُر ، أي يَثِب من الأَرض.

ويُقال : أَعطاه ثَوْرةً من الأقط ، جَمع «ثَوْر».

وقال أبو زَيد : الثَّوْر : الأَحْمق.

والثَّوْر : الطُّحْلُب وما أَشْبهه على رأس الماء ؛ وفَسَّر قولَ الأعْشى :

لكالثَّوْر والجِنِّيُّ يَضْرِبُ ظَهْرَه

وما ذَنْبُه أن عافتِ الماءَ مَشْربا

أراد ب «الجني» اسْمَ راعٍ ، وأَراد ب «الثور» ها هنا : ما علَا الماءَ من القُمَاش يَضْربه الرّاعي لِيَصْفُو الماءُ لِلْبَقر.

قلتُ : وغيرُه يقول : ثَوْرُ البَقر أَجْرأ فيُقدَّم للشُّربِ لِتَتْبَعه إناثُ البَقر ؛ وأَنْشد :

أَبَصَّرْتَنِي بأَطِيرِ الرِّجَالْ

وكَلَّفْتَنِي ما يَقُول البَشَرْ

كما الثَّوْر يَضْرِبُه الرَّاعِيَانْ

وما ذَنْبُه أن تَعَافَ البَقَرْ

وقال أبو زَيد : الثَّوْر : السَّيد ، وبه كُنِّيَ عَمْرو بن مَعْديكرب : أَبَا ثَوْر.

وقال الله عزوجل : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) [الروم : ٩] أي حَرَثوها وزَرَعُوها واسْتَخْرجوا منها بَرَكاتِها وأَنْزَالَ زَرْعها.

وأَثَرْت البَعير أُثيره إثارةً ، فثار يَثُور. وتَثَوَّر تَثَوُّراً ، إذا كان باركاً وبَعَثه فانْبَعث.

وقال اللَّيْث : الثَّوْرُ : بُرْجٌ من بُرُوج السَّماء.

ويُقال للرجل البَلِيد القَليل الفَهْم : ما هو إلا ثَوْرٌ.

وثَوْر : أبُو حَيٍّ من أحياء العرب ، وهم مِن الرَّبَاب. وإليهم نُسِب سُفْيان الثَّوْرِيّ.

وثار الغُبَارُ ، وثَار به الدَّمُ ، وثَار القَطَا مِن مَجْثَمه ، وثار الدُّخان.

وفي الحديث : «تَوَضَّأوا ممّا غيرت النَّار ولو مِن ثَوْر أَقِط».

قلتُ : وكان هذا في أوّل الإسلام ثم نُسخ بترك الوُضوء ممّا مَسَّت النارُ.

وقال أبو عُبَيد : الثَّوْر : القِطْعة من الأقِط ؛ وجَمْعُه : أَثْوار.

وقال : وفي الحديث : «صلاةُ العِشاء الآخرة إذا سقط ثَوْرُ الشَّفَق». وهو انْتشار الشَّفَق. وثَوَرانُه : حُمْرَتُه.

يُقال : قد ثار يَثُور ثَوْراً وثَوَرَاناً ، إذا انْتَشر في الأُفق وارْتفع ، فإذا غاب حَلّت صلاةُ العشاء الآخرة.

قال : وثَوْر : جبلٌ بمكّة.

ورُوي عن عَمْرو بن معديكرب أنه قال : أَتَيْت بني فلانٍ فأَتَوْني بثَوْرٍ وقَوْسٍ وكَعْب.

فالثّوْر : القِطعة من الأقِط. والقَوْس :

٨١

البَقيّة من التَّمْر تَبْقى في أَسفل الجُلّة.

والكَعْب : الكُتْلة من السَّمن الحامِس.

ويقال : ثَوَّرْتُ كُدُورةَ الماء ، فثَار.

وأَثَرْت السَّبُعَ والصَّيْدَ ، إذا هِجْتَهُ.

وأَثَرْت فلاناً : إذا هَيَّجته لأمْرٍ.

واسْتَثَرْت الصَّيْدَ ، إذا أَثَرْته أيضاً.

وأَثَرْت البَعِيرَ ، إذا كان باركاً فَبَعَثَتْه.

وقال ابن السكِّيت : يُقال : ثَوْرةٌ مِن رِجال ، وثورةٌ من مالٍ ، للكثير.

ويقال : ثروَةٌ مِن رِجالٍ ، وثروَةٌ من مال ، بهذا المعنى ؛ قال ابنُ مقُبْل :

وثورةٍ مِن رِجالٍ لوْ رأَيتَهُمُ

لقُلْتَ إِحْدَى حِراجِ الجَرِّ مِن أُقُرِ

ثعلب ، عن ابن الأعرابيِّ : يقال : ثورةٌ من رجالٍ ، وثروَةٌ ، يَعني عدداً كثيراً ، وثرْوَةٌ من مالٍ ، لا غير.

ومن مهموزه

ثأر : قال الأَصمعي : أَدْرَك فلانٌ ثَوْرتَه ، إذا أدْرَكَ مَن يطلُب ثَأْرَه.

ويُقال : ثأَرْت فلاناً ، وثأَرْت به ، إذا طَلَبْت قاتِلَه.

والثَّائرُ : الطَّالبُ ، والثَّائرُ : المَطْلوبُ ، ويَجْمَعُ : الآثْآر ، والثُّؤْرَة ، المَصْدَر.

وقال أبو زَيد : ثأَرْتُ القَوْمَ ، إذا طَلَبْت بِثَأرهم.

وقال ابْن السِّكِّيت : يُقال : ثأَرْت فُلَاناً ، وثأَرْت بفُلان ، إذا قَتَلْت قاتِلَه.

وثَأرُك : الرَّجُلُ الّذي أصاب حَمِيمَك.

والمَصدر ، الثُّؤْرَة ؛ وأَنشد :

طَعَنْتُ ابْنَ عَبْد القَيْس طَعْنَة ثَائِرٍ

لها نَفَدٌ لَوْ لَا الشُّعَاعُ أَضَاءَها

وأَنشد أيضاً :

* قَتَلْت به ثَأْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرِتي *

وقال آخر :

حَلَفْتُ فلم تَأْثم يَمِينِي لأَثأَرَنْ

عَدِيّاً ونُعْمانَ بن قَيْلٍ وأَيْهَمَا

وهؤلاء قومٌ مِن بني يَرْبوع قَتلهم بَنُو شَيبان يوم مُلَيحة ، فحلف أن يَطْلُب بثأرهم.

والمثْؤُور : المَقْتُول.

وتقول : يا ثَارَاتِ فلانٍ ، أي يا قَتَلَة فلانٍ ؛ وقال حسّان :

لتَسْمَعن وَشِيكاً في دِيارهُمُ

الله أكْبَر يا ثاراتِ عُثْمانَا

ويُقال : أثأر فلانٌ من فلانٍ ، إذا أَدْرك ثأره منه ، وكذلك إذا قَتل قاتِلَ وَليّه ، وقال لَبِيد :

والنِّيبُ إن تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً

بَعد المَمَاتِ فإنِّي كنْتُ أثَّئِرُ

أي كنت أنحرها للضِّيفان ، فقد أدركتُ منها ثأري في حياتي مجازاة لتَقضُّمها عِظامِي النَّخِرة بعد مَماتي ، وذلك أنّ الإبل إذا لم تَجِدْ حَمْضاً ارْتمَّت عِظَام

٨٢

الموتى وعِظَام الإبِل تُحْمِض بها.

واثَّأر ، كان في الأصل «اتْثأر» فأُدغمت التاء في الثاء وشُدّدت ، وهو افتعال من «ثأر».

وقال أبو زيد : اسْتَثأر فلانٌ ، فهو مُسْتثئر ، إذا اسْتغاث.

قلت : كأنّه مُسْتغيث بمن يُنجده على ثَأْره.

والثَأْرُ المُنِيم : الذي يكون كُفْئاً لِدَم ولِيّك.

ثرى : أبو عُبَيد ، عن الأَصْمعي : ثرَا القَوْمُ يَثْرُون ثَرَاءً ، إذا كَثروا وَنَموْا.

وأَثْرَوا يثرُون ، إذا كَثرت أَمْوالُهم.

وَثَرَا المالُ نَفسهُ ، يَثْرُو ، إذا كَثر.

وثَرَوْنا القَوْمَ ، أي كنّا أكْثر مِنْهُم.

وقال أبو عَمْرو ، وأَبو زيد مِثلَه.

وقال الأصمعيّ يقال : ما بَيْني وبين فلانٍ مُثرٍ ، أي إنّه لم يَنْقَطع. وأَصْل ذلك أن يقول : لم يَيْبَس الثَّرَى بَيْني وبَيْنه.

والمالُ الثَّرِي ، مثل : عَمٍ ، خفيف : الكثير.

ومنه سُمّي الرّجُل : ثَرْوان.

والمَرْأة ثُرَيّا ، وهو تصغير : ثَرْوَى.

وثَرَّيْت التُّرْبَةَ ، أي بَلَلْتها.

وثَرّيت الإقِط : صَبَبْت عليه ماءً ثم لَثَثْتُه به.

وقد بَدا ثَرَى الماء من الفَرس ، وهو حينَ يَنْدَى بعَرقه ؛ قال طُفَيْل الغَنَوِيّ :

يَذُدْن ذَيادَ الحامِسات وقد بَدَا

ثَرَى الماءِ من أعطافِها المُتَحلِّبِ

ويقال : الْتقى الثّرَيَان ، وذلك أن يَجيء المَطَرُ فَيرشح في الأَرض حتى يَلْتقي هو ونَدَى الأَرض.

ويُقال : أرضٌ ثَرْيا ، أي ذات نَدًى.

ورَوى الكسائيّ : ثَرِيت بفُلان ، فأنا ثَرٍ به ، أي غَنِيّ عن النَّاس.

أبو عَمرو : وثَرّى الله القوم ، أي كَثَّرهم.

وقال : ثَرِيَ الرَّجُلُ يَثْرَى ثَراً وثَراءً ، ممدود ، وهو ثَرِيّ ، إذا كَثُر مالُه.

وكذلك ، أَثْرى ، فهو مُثْرٍ.

ورُوي عن جَرير أَنه قال : إني أَدَع الزَّجر مخافةَ أن يَسْتَفْرغني. وإنِّي لأراه كآثار الخيل في اليوم التّرِيّ.

ابن السِّكّيت : يُقال إنه لذو ثَراء وثَرْوة ، يُراد أنه لذو عَدد وكَثْرة مال.

وقال : أَثْرى الرَّجُل ، وهو فوق الاسْتِغنَاء.

وقال اللّيث : الثَّرى : كُلُّ تُراب لا يَصير طِيناً لازِباً إذا بُلّ.

أبو العبَّاس ، عن ابن الأعرابيّ : إن فلاناً لقَرِيبُ الثَّرى يَعِيد النَّبط ، لِلَّذي يَعِد ولا وَفاء له.

أبو عُبيد : الثُّريَاء ، على فَعْلاء : الثَّرَى ؛

٨٣

وأنشد :

ولم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ من تَرْيائِه

غَيْرَ أَثافِيه وأَرْمِدَائِه

يقال : إنِّي لأرى ثرَى الغَضب في وَجه فلان ، أي أَثره ؛ وقال الشاعر :

وإنّي لتَرَّاك الضَّغِينة قد أَرَى

ثَراها مِن المَوْلى ولا أَسْتَثيرُها

وأما حديث ابن عُمر أنه كان يُقْعِي ويُثرِّي في الصلاة ، فمعناه : أنه كان يضع يده بالأرض بين السَّجْدَتين فلا يُفارقان الأرض حتى يُعيد السُّجود الثاني. وهكذا يَفعل من أَقْعى.

قلت : وكان ابن عمر يَفعل هذا حين كَبِرت سِنُّه في تطوّعه. والسُّنة رَفْع اليَدَين عن الأرض بين السَّجْدتين.

ويقال : ثَرِيتُ بك ، أي فَرِحتُ بك.

وثَرِيت بك ، أي كَثُرت بك ؛ وقال كُثَيِّر :

وإنّي لأكْمِي الناسَ ما تَعدِينني

من البُخْلِ أن يَثْرَى بذلك كاشِحُ

أي يَفرح بذلك ويشْمت.

وقال الأصمعي : ثَرَّى فلانُ التُّرَاب والسَّويق ، إذا بَلَّه.

ويقال : ثَرِّ هذا المكان ثم قِفْ عليه ، أي بُلَّه.

وأَرْضٌ مُثْرِية ، إذا لم يَجِفّ ثَرَاها.

وثر : اللّيْث : الوَثِير : الفِراش الوَطِيء.

وكُلَّ شيء جَلست عليه أو نِمت عليه ، فوجدتَه وَطِيئاً ، فهو وَثِير.

وقد وَثُر وثارَةً.

ويُقال للمرأة السَّمينة المُوافقة للمُضاجَعة : إنّها لوَثِيرة.

فإذا كانت ضَخْمة العَجز ، فهي الوَثيرة العَجُز.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَثْرُ : نُقْبَةٌ من أدم تُقَدّ سُيُوراً ، عَرْض السير أربع أَصابع أو شِبْر ، تلبسها الجارية الصَّغيرة قبل أن تُدْرك ، وتَلْبسها وهي حائِض ؛ وأنشد أبو زياد لبعض الأعراب :

عَلقْتُها وهي عَليها وَثْرْ

حتى إذا ما جُعِلت في الخِدْر

* وأَتْلَعت بمثل جِيدِ الوَبْر*

قال : وهو الرَّيْط أيضاً.

وقال غيره : المِيثرة : مِيثرة السَّرج والرَّحْل يُوطَّآن بها.

وجَمعها : مَوَاثِر.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : المَسْطُ : أن يُدْخل الرَّجُل اليَدَ في رحم الناقة بعد ضِرَاب الفَحْل إيّاها فيَسْتخرج وَثْرَها ، وهو ماء الفحل يَجتمع في رَحِمها ثم لا تَلْقح منه.

يقال منه : وَثرها الفحل يثرها وَثْراً ، إذا أكثر ضِرابَها ولم تَلْقَح.

٨٤

وقال النّضْر : الوَثْر : أن يَضْرِبها على غير ضَبْعة.

قال : والمَوْثُورة : تُضْرب في اليوم الواحد مِرَاراً فلا تَلْقَح.

وقال بعضُ العرب : أَعْجب الأشياء وَثْر على وِثْر ، أي نكاحٌ على فِراش وَثِير وَطيء.

ثَعْلب ، عن ابن الأعرابي : التّواثِير : الشُّرَط ، وهم العَتَلة ، والفَرَعة ، والأَمَلة ؛ واحدهم : آمِل ، مثل : كافِر وكَفَرة.

ورث : أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي ، قال : الوِرْث ، والوَرْث ، والإِرْث ، والإراث ، والوِرَاث ، والتّراث : واحد.

قال أبو زيد : وَرِث فلانٌ أَباه ، فهو يَرِثه وِرَاثةً ومِيرَاثاً.

وأَوْرَث الرَّجُلُ وَلده مالاً إيرَاثاً حَسَناً.

وَورَّث الرَّجُل بَني فلان مالَه تَوْرِيثاً ، وذلك إذا أَدْخل على وَلده ووَرَثته في ماله ومَن ليس منهم يَجْعل له نصيباً.

والوارث : صفة مِن صفات الله عزوجل ، وهو الباقِي الدّائم.

ويقال : وَرِثْت فلاناً مالاً ، أَرِثه وِرْثاً ووَرْثاً ، إذا مات مُوَرِّثك فصار ميراثُه لك.

قال الله تعالى إخباراً عن زكريّا ودعائه إيّاه : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)) [مريم : ٥ ، ٦] أي يَبقى بَعدي فيَصير له ميراثي. والله عزوجل ، وهو (خَيْرُ الْوارِثِينَ). أي يَبقى ويَفْنى مَن سواه فيرجع ما كان ملك العباد إليه وَحْده لا شريك له.

ويُقال : وَرَّثت فلاناً من فلان ، أي جَعلْت ميراثه له.

وأَوْرَث المَيْتُ وارِثَه مالَه ، أي تَركه له.

وفي دعاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اللهم أَمْتِعْني بسَمْعي وبَصري واجْعلهما الوارثَ منّي».

قال ابن شُمَيل : أي أَبقْهما معي حتى أَمُوت.

وقال غيرُه : أراد بالسَّمع وَعْي ما يَسْمع والعَمَل به ؛ وبالبَصَر : الاعْتبار بما يرى ونُور القلب الذي يُخْرج به من الحَيْرة والظُّلْمة إلى الهُدَى.

أرث : رُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «بَعَث ابنُ مِرْبع الأنصاريّ إلى أهل عَرفة فقال : اثْبُتوا على مَشاعركم هذه فإنكم على إرْث من إرْث إبراهيم».

قال أبو عُبيد : الإرْث ، أصلُه من «الميراث» إنما هو «وِرْثٌ» فقُلبت الواو ألفاً مكسورة ، لكسرة الواو ؛ كما قالوا للوِسادة : إسادة ؛ وللوِكاف : إكاف.

فكان معنى الحديث : إنكم على بقيَّة من وِرْث إبراهيم الذي تَرك الناس عليه بعد

٨٥

موته ، وهو الإرث ؛ وأنشد :

فإن تكُ ذا عِزٍّ حَديثٍ فإنّهم

لهم إرْثُ مَجْدٍ لم تَخُنْهُ زَوَافِرُه

ويقال : أَرّث فلانٌ بينهم الشرَّ والحَربَ تَأْريثاً ، وأَرَّج تَأْريجاً ، إذا أَغْرَى بعضَهم ببعض. وأصله من : تَأريث النار ، وهو إيقادُها ؛ وأنشد أبو عُبَيْد لعديّ بن زيد :

ولها ظَبيٌ يُؤَرِّثها

عاقدٌ في الجِيد تِقْصَارا

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : نعجةٌ أرْثاء ، وهي الرّقطاء فيها سوادٌ وبَياض.

وقال اللِّحياني : الأُرَثُ والأُرَفُ : الحدودُ بين الأرَضين ؛ واحدتُها : أُرْثَة وأُرْفَة.

والإرَاث : النار ، وقال الشاعر :

مُحَجَّل رِجلين طَلْق اليَديْن

له غُرَّةٌ مِثلُ ضَوءِ الإراثِ

عَمرو ، عن أبيه : الأُرْثة : الأكَمةُ الحمراء.

والأُرْثة : عُودٌ أو سِرْجين يُدْفن في الرَّماد ليَكون ثَقُوباً للنّار إذا احْتِيج إليها.

ووَرْثَان : اسمُ موضع ؛ قال الرّاعي :

وغَدا من الأرض التي لم يَرْضَها

واختَارَ وَرْثاناً عليها مَنْزِلا

أثر : وقال الله عزوجل : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأحقاف : ٤].

رَوَى سَلمة عن الفرّاء ، قال : قرأها الفرّاء (أَوْ أَثارَةٍ).

وقرأ بعضُهم : «أو أَثْرة» خَفيفة.

وقد ذُكر عن بعض القُرّاء : «أو أثَرة مِن عِلْم».

قال الفرّاء : والمعنى في «أَثارَةٍ» أو «أثَرة» بقيَّة من عِلم.

ويقال : أو شيء مأثور من كُتب الأولين.

فمن قرأ «أَثارَةٍ» فهو المَصدر ، مثل : السَّماحة والشَّجاعة. ومن قرأَ «أَثَرة» فإنَّه بناه على «الأثر» كما قيل : قتَرَة.

ومن قرأ (أَثْرة) فكأنه أراد مثل «الخطْفَة» و «الرَّجْعة».

وقال الزجَّاج : من قرأ (أَثارَةٍ) فمعناه : عَلامة.

قال : ويكون على مَعْنى : بقيَّة من عِلم.

ويُقال : سَمِنَت الناقةُ على أَثارة ، أي على عَتيق شَحْم كان قَبل ذلك.

حَكى ذلك أبو عُبَيد عن أبي زَيْد.

قلتُ : فيحتمل أن يكون قول الله تَعالى (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) [الأحقاف : ٤] من هذا ؛ لأنّها سَمِنت على بَقيّة من شحم كانت عَليها ، فكأنها حَملت شحماً على بقيّة شَحْمها.

وقال ابنُ عباس : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) إنه عِلْم الخَطّ الذي كان أُوتِي بعضَ الأنبياء.

وسُئِل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الخَط فقال : «قد كان

٨٦

نبِيّ يَخُط فمَن وافَق خَطّه عَلِم» ، أي من وافق خطّه من الخطّاطين خطَّ ذلك النبيّ عليه‌السلام عَلِم عِلْمَه.

حدّثنا أبو الفَضل بن جَعفر ، قال : حدّثنا أبو جَعفر محمد بن غالب ، عن أبي نُعَيم ، قال : حدْثنا سُفيان ، عن صَفوان بن سُلَيم ، عن أبي سَلَمة ، عن ابن عبّاس في قول الله : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) [الأحقاف : ٤] قال : هو الخَطّ.

وحدّثنا حَمْزة ، عن عَبد الرزّاق ، عن ابْن عُيَيْنة ، عن صفوان بن سُليم ، عن أبي سلمة ، عن ابن عبّاس : نَحْوَه.

وفي حديث عُمر أنّه حَلف بأبيه فنَهاه النبيّ عليه الصلاةُ والسلام عن ذلك. قال عُمَر : فما حلفتُ به ذاكراً ولا آثِراً.

قال أبو عُبَيد : أمّا قولُه : «ذاكراً» فليس من الذِّكر بعد النِّسْيان ، إنما أراد : متكلِّماً به ، كقولك : ذكرَ فلانٌ حديث كذا وكذا ؛ وقوله : «ولا آثراً» يُريد : مُخْبِراً عن غيري أنّه حَلَف. يقول : لا أقول : إنّ فلاناً قال : وأَبِي لا أفعل كذا وكذا ؛ ومِن هذا قيل : حديثٌ مأثُورٌ ، أي يُخبر الناسُ به بعضُهم بعضاً.

يُقال منه : أَثَرْت الحديثَ يأثِرُه أَثْراً ، فهو مأْثُور : وأنا آثِر ؛ قال الأعشى :

إنّ الذي فيه تمارَيْتما

بُيِّن للسَّامِع والآثِر

ويُقال : إن المَأْثُرَة. مَفْعلة من هذا ، يعني : المَكْرُمة ، وإنما أُخذت من هذا لأنّها يأثُرها قَرْنٌ عن قَرْن ، أي يَتَحدّثون بها.

وقال أبو زَيد : يُقال : مَأْثُرة ومَأْثَرة ، وهي القِدَم في الحَسَب.

والإثَار : شِبْه الشِّمَال يُشَدّ على ضَرْعِ العَنْز ، شِبْه كيس ، لئلّا تُعَان.

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : الأَثْر : خُلاصة السَّمْن إذا سُلىء ، وهو الخَلَاص والخِلَاص.

وأخبرني الإياديّ ، عن أبي الهَيْثم ، أنه كان يقول : الإثر ، بكسر الهمزة : خُلاصة السَّمن.

وهكذا أخْبرني المُنذريّ ، عن الحرّاني ، عن ابن السِّكيت ، أنه قال : الإثر : خُلاصة السَّمن.

وأما فِرِنْد السَّيْف ، فكلُّهم يَقول : أَثْر.

وقال الأصْمعيّ : أَنشدني عيسى بن عُمَر لحِفَاف بن نُدْبة :

جَلَاها الصَّيْقَلُون فأَخْلَصُوها

خِفَافاً كلُّها يَتْقِي بأَثرِ

أي كُل سَيْف منها يَسْتَقْبلك بفِرنْده.

ابن بُزُرْجَ : جاء فلانٌ على إثْري وأَثَرِي.

وقالوا : أُثْر السَّيف ، مضموم : جُرْحُه.

قال : وأَثْرُه ، مفتوح : رَوْنقه الذي فيه.

٨٧

وأُثر البعير في ظَهْره ، مَضموم.

وافْعل ذلك آثِراً ما ، وأَثِراً مَا.

وقال ابن السِّكِّيت : يُقال خَرجت في أَثَره وإِثْره.

ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : أَثَر السَّيف : ضَرْبته.

وفي وَجْهه أُثْر وأَثْر.

وجاء في أَثَره وإِثْره.

وقال أبو زَيد : أَثْرُ السَّيْف : تَسَلْسُله ، أو ديباجَتُه.

وقال الأصمعيّ : الأُثْر ، بضم الهمزة ، من الجُرح وغيره في الجسد ، يَبْرأُ ويَبْقى أَثَره.

وقال شمرٌ : يُقال في هذا أَثْرٌ وأُثْرٌ ؛ والجمع : آثار.

وبوجهه إِثار ، بكسر الألف.

ولو قلت : أُثُوراً ، كنت مُصِيباً.

قال : وأَثْر السيف : فِرنْدُه ؛ وجمعه : الأُثُور.

قال : ويُقال في السَّيف أُثْر ، وأُثُر ، على فُعُل ؛ وهو واحد ليس بجمع ؛ وأَنْشد :

كأنهم أَسْيُفٌ بيضٌ يمانِيَةٌ

عَضْبٌ مضارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ

أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : المِئْثرة : حديدة يُؤْثَر بها خُفّ البَعِير لِيُعْرف أَثَرُه في الأَرض ، يقال منه : أثَرْت البَعِير ، فهو مَأثُور.

ورأيت أُثْرته وثُؤْثُورَه.

قال : وسَيْف مأثُور ، وهو الذي يُقال إنه يَعمله الجنّ ، وليس من الأثْر : الفِرِنْد.

وقال في موضع آخر : المأثور : الذي في مَتْنه أُثْرٌ.

سَلمة ، عن الفراء : ابدأ بهذا آثِراً ما ، وآثِر ذي أَثِير ، وأَثِير ذي أَثير ، أي ابْدأ به أولَ كُلّ شيء ؛ قال : وأَنْشدونا :

وقالوا ما تُريد فقلتُ أَلْهو

إلى الإصْباح آثر ذي أَثِير

وأخبرني المُنذريّ ، عن المبرّد ، أنه قال : في قولهم : خُذ هذا آثراً ما ، قال : كأَنّه يريد أن يأخذ منه واحداً وهو يُسام على آخر ، فيقول : خُذ هذا الواحد آثراً ، أي قد آثرتُك به. و «ما» فيه حشو ، ثم سَلْ آخر.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : افعل هذا آثراً ما ، وآثراً ، بلا «ما».

وفي «نوادر العرب» : يُقال : أَثِر فلانٌ يقول كذا ، وطَبِن ، وطَبِق ، ودَبِق ، ولَفِق ، وفَطِن ، وذلك إذا أبصر الشيء وضَرِيَ بمعرفته وحَذِقه.

أبو حاتم ، عن أبي زَيد ، يُقال : قد آثرت أن أقول ذاك ، أُؤَاثِر أَثْراً.

٨٨

وقال ابن شُمَيل : إن آثَرت أن تَأْتِينَا فَأْتِنَا يوم كذا.

ويُقال : قد أَثِر أَن يَفْعل ذلك الأمر ، أي فرغ له وعَزم عليه.

قال اللَّيث : قد أثِرْت بأن أفعل كذا وكذا ، وهو هَمٌّ في عَزم.

قال : ويُقال : افعل هذا يا فلان آثراً ما ، أي إن اخْترت ذلك الفِعْل فافعل هذا إمّا لا.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الأثِيرة من الدوابّ العَظيمة الأثر في الأرض بخُفّها ، أو حافِرها.

ورَجُل أَثْرٌ ، مثال فَعْل ، وهو الذي يَسْتأثر على أصحابه ، مُخَفّف.

الأصمعيّ : آثرتك إيثاراً ، أي فضَّلتك.

وفلان أثِيرُ عند فلان ، وذو أُثْرة ، إذا كان خاصاً به.

ويقال : قد أخذه بلا أَثَرَة ، وبلا إِثْرَةٍ ، وبلا اسْتِئْثار ، أي لم يستأثر على غيره ولم يأخذ الأجود ؛ وقال الحطيئة يَمدح عُمرَ رضي‌الله‌عنه :

ما آثَرُوك بها إذ قدَّمُوك لها

لكنْ لأنْفُسهم كانت بها الإِثَرُ

أي الخِيرة والإيثار ؛ كأَن «الإثَرَ» جمع الإثْرَة ، وهي الأَثَرَة.

ويُقال : أَثّر بوَجْهه وبجَبِينه السُّجودُ ، وأَثر فيه السَّيْفُ والضَّرْبة.

ويقال : آثرَ كذا وكذا بكذا وكذا ، أي أَتْبَعه إيّاه ؛ ومنه قول مُتّمم به نُوَيرة يَصِف الغَيْث :

فآثر سَيْل الوادَيْين بديمةٍ

ترشِّحُ وسميّاً من النّبْت خِرْوعَا

أي أَتبع مَطراً تقدّم بديمَةٍ بَعْدها.

وقال الأَعْرَجُ الطّائيّ :

أُراني إذا أَمرٌ أَتى فَقَضَيْتُه

فَزِعْتُ إلى أمرٍ عليّ أَثِير

قال : يُريد : المأثور الذي أَخذ فيه.

قال المازنيّ : وهو قَولهم : خُذ هذا آثراً مَا.

آثَرك الله علينا ، أي فَضَّلك.

يُقال : له عَليّ أَثْرٌ ، أي فَضْل.

وفي الحديث : «إنكم سَتَلْقون بَعْدي أَثَرَةً» ، أي يُستأثر عليكم فيفضِّل غيركم نَفسه عليكم في الفيء.

وقوله : اسْتَأثرَ الله بالبَقاء ، أي انْفرد بالبَقاء.

(إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [المدثر : ٢٤] أي يَرويه واحد عن واحد.

وحديثٌ مأثور : يَأْثُره عَدْلٌ عن عَدْل.

وفي الحديث : «من سَرّه أن يبسط الله في رِزْقه ويَنْسأ في أَثَره فَلْيصل رحمه» ، أي في أَجله.

٨٩

وسُمي الأجل أَثَراً ، لأنه يتْبع العُمْر ؛ قال زُهير :

والمرءُ ما عاش مَمْدُودٌ له أَمَلٌ

لا يَنتَهِي العُمرُ حتَّى يَنتَهِي الأثرُ

أي الأجل.

وقوله : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) [يس : ١٢].

أي ما قدّموه من الأعمال وسَنّوه من سُنن يُعْمَل بها.

رثى : أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : رَثَت المرأةُ زَوجها تَرْثِيه وتَرثُوه.

وقال أبو زيد والكسائي : رَثت رِثَاية.

وقال اللَّيث : رَثى فلانٌ فلاناً يَرثيه رَثْياً ومَرْثِيةً ، إذا بكاه بَعد مَوْته ، فإن مَدحه بعد موته ، قيل : رَثَّاهُ يُرَثِّيه تَرْثِيَةً.

ويقال : ما يَرثي فلانٌ لي ، أي مَا يتوجَّع ولا يُبالِي.

وإنِّي لأَرثي له مَرْثاةً وَرَثْياً.

وامرأة رثَّاءة ، ورَثَّاية ، إذا كانت تَنُوحُ نوحاً ونياحةً.

اللحياني : رَثَوتُ عنه حديثاً ، ورَثَيْتُه ، أي حَفِظْتُهُ.

وقال أبو عمرو : رَثَيْتُ عنه حديثاً أَرْثِي رِثايةً ، إذا ذكَرتَه عنه.

وحُكي عن العُقيلي : رَثونا بيننا حديثاً ، ورَثَيْنَاه ، وتنَاثَيْناه ، مِثْله.

ومن مهموزه

رثأ : أبو عُبَيد ، عن الأصمعيّ : الرَّثيئة ، مَهْموز : أن يُصَبّ لَبَنٌ حَليب على حامض.

قلت : وسَمِعْت أعرابيّاً من بني مُضَرِّس يقول لخادِم له : ارْثَأْ لي لُبَيْنَةً أَشْرَبُها.

وقد ارْتَثَأْتُ أنا رَثيئة ، إذا شَرِبْتَها.

سَلَمة ، عن الفَرّاء ، عن امرأة من العرب ، أنّها قالت : رَثَأْتُ زَوْجي بأَبْيات ، أَرادت : رَثَيْته.

قال الفَرّاء : وهذا منها على التَّوهُّم لأنها رأتهم يقُولون : رثأت اللَّبن فَظَنَّت أن المَرْثِية منها.

أبو عُبَيد ، عن أبي زيد : ارْتَثأ عليهم أَمْرُهم ، أي اخْتَلط.

وهم يَرْتَثئون أَمْرهم.

أُخذ من «الرّثيئة» ، وهي اللَّبن المُخْتَلط.

وأمّا «الرّثْية» فهو داءٌ يَعْترض في المَفاصل ، ولا همز فيها ، وجمعها : رَثَيَات ؛ وأنْشَد شَمِرٌ :

ولِلْكَبير رَثَيَاتٌ أَرْبَعُ

الرُّكْبتَان والنَّسَا والأَخْدَع

ولا يَزال رَأْسُه يَصّدَّعُ

وكلّ شيْء بَعد ذاك يَبْجَعُ

ريث ـ روث : قال اللَّيْث : الرَّيْثُ : الإِبْطَاء.

يُقال : راث عَلينا فلانٌ يَرِيثُ رَيْثاً. ورَاث

٩٠

علينا خَبَرُه.

واسْتَرَثْت فلاناً ، أي اسْتَبْطأتُه.

وتَريّث فُلان علينا ، أي أَبْطأ.

ويُقال : إنه لرَيِّثٌ ، أي بَطِيء.

ويُقال : ما قَعد فلانٌ عندنا إلّا رَيْثَ أنْ حَدَّثنا بحديثٍ ثم مَرّ ، أي ما قَعد إلّا قَدْر ذلك ؛ قال الشاعر يُعاتب فِعْلَ نَفْسه :

لا تَرعَوي الدهرَ إلا ريْثَ أُنكرها

أَنْثُو بذاك عليها لا أُحاشيها

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يقال لكُل ذي حافِرٍ : راث يَرُوث رَوْثاً. وخَوْرانُ الفَرَس : مَرَاثُه. ورَوْثة الأنْف : طَرَفُه. قال ذلك أبو عَمْرو.

وقال اللَّيث : الرَّوْثة : طرفُ الأنْف حيث يَقْطر الرُّعاف ؛ وقال أبو كبير الهُذليّ يذكُر عُقاباً :

حتى انتهيتُ إلى فِراش غَريرةٍ

سَوْداءَ رَوْثَةُ أَنْفها كالمِخْصَفِ

ورُوَيْثة : اسمُ مَنْهَلة مِن المَناهل التي بين المَسْجدَيْن.

[باب الثاء واللام]

ث ل (وايء)

ثول ، ولث ، وثل ، لثى ، أثل ، ليث ، لوث ، ثلا.

ثول : أبو عُبَيد : سَمِعْتُ الأصمعيّ يقول : الجماعةُ من النّحْل يُقال لها : الثَّوْلُ ، والدّبْر ؛ ولا واحد لشيء من هذا ، وكذلك الخَشْرم.

قال : الثَّوَّالةُ : الكثير من الجراد.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الثَّوْل : النَّخْل.

والثَّوْل : الجُنون.

والثوّالة : الجماعةُ من النّاس والجَرَاد.

قال : ويُقال : ثال فلانٌ يَثول ثَوْلاً. إذا بَدا فيه الجُنون ولم يَسْتحكم ، فإذا اسْتَحكم قيل : ثَوِلَ يَثْوَل ثَوَلاً.

وهكذا هو في جميع الحيوان.

وقال اللَّيثُ : الثَّوْل : الذَّكر من النّحل.

قلتُ : والصَّواب في «الثَّوْل» ما قال الأصمعيّ.

وقال اللَّيث : الثَّوَل : شِبْه جُنون في الشّاء.

يقال للذّكر : أَثْول ؛ وللأُنثى : ثَولاء.

قال : والثُّؤْلُول : خُرَاج.

يقال : ثُؤْلِل الرَّجُلُ.

وقد تَثَأْلَلَ جَسَدُه بالثَّآلِيل.

ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : يُقال للرَّجُل : ثلْ ، إذا أمرته أن يَحْمَق ولا يَجْهل.

وقال الليث : الثَّيْل : جِرابُ قُنْب البَعِير.

ويُقال : بل هو قَضِيبه.

ولا يُقال : قُنْبٌ إلا للفَرس.

٩١

قال : والثِّيل : نبات يَشتبك في الأرْض.

وقال شَمِر : الثِّيل : شُجَيْرَة خَضْراء كأنّها أول بَذْر الحبّ حين تَخْرُج صِغاراً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الثِّيل : ضربٌ مِن النّبات يُقال إنه لِحْية التَّيْس.

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الأثْيل : الجَمل العظيم الثّيل ، وهو وِعاء قَضِيبه.

وثل : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الوَثل : وَسخ الأَديم الذي يُلْقى منه. وهو ، الحَمُّ ، والتِّحْلِىء.

قال أبو عُبيد : الوَثَل : اللِّيف نَفسُه.

والحَبل من اللّيف يقال له : الوَثِيل.

وقال غيرُه : واثلة ، من الأسماء ، مَأْخُوذ من «الوثيل».

ليث : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الألْيثُ : الشُّجَاع ، وجمعه : لِيثُ.

واللَّيثُ : الأسَدُ ؛ وجمعه : لُيُوث.

وبنو لَيْث : حيّ من كِنانة.

وَتَليَّث فلانٌ ، إذا صار لَيْثِيّ الهوَى.

وكذلك : لَيْث. قاله ابنُ المُظَفَّر ؛ وأنشد قول رُؤْبة :

دُونك مَدْحاً مِن أخٍ مُلَيَّثِ

عنك بما أَوْلَيت في تأَنُّثِ

قال : ويُقال : لَايَثْتُ فلاناً ، إذا زاوَلْته مُزاولة اللَّيث ؛ وأَنْشد :

* شَكِسٌ إذا لا يَثْتَه لَيثيّ *

أبو عُبيد ، عن العَدَويّ : اللَّيث هو الذي يأخذ الذّباب ، وهو أصغر من العَنْكَبُوت.

وأمّا «لَيث عِفِرِّين» فقد مَرّ تَفسِيرُه.

ويُقال : يجمع «اللَّيثَ» : مَلْيَثة ، مِثل : مَسْيفة ومَشيخة ؛ وقال الهُذَليّ :

وأدْرَكتْ من خُثيْم ثَمَ مَلْيثةٌ

مِثلُ الأُسُود على أكتافها اللِّبَدُ

وقيل : اللَّيث ، في لغة هذيل : اللَّسِنُ الجَدِل.

وقال عَمرو بن بحر : الليثُ : ضَربٌ مِن العَناكب.

قال : وليس شيءٌ من الدوابّ مثله في الحِذقْ والخَتْل وصَواب الوَثْبة والتَّسْديد وسُرعة الخَطْف والمُدَاراة ، لا الكَلب ولا عَنَاق الأَرْض ولا الفَهْد ولا شَيء من ذوات الأَرْبع ، وإذا عاين الذُّبابَ ساقطاً لَطَأ بالأرض وسَكّن جوارَحه ثم جَمع نفسه وأَخَّر الوَثْب إلى وقت الغِرّة ، وترى منه شيئاً لم تَره في فَهْد ، وإن كان موصوفاً بالخَتل للصَّيْد.

لوث : ثَعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّوْثُ : الطَّيُّ ، واللوْث : الليّ ، واللَّوْث : الشَّرّ ، واللَّوْثُ : الجِراحَات ، واللَّوْث : المُطَالباتُ بالأحْقَاد ، واللَّوْث : تَمْريغ اللُّقمة في الإهَالة.

سَلمة ، عن الفَرّاء ، قال : اللُّوَاثُ : الدَّقيق الذي يُذَرّ على الخِوان لئلّا يَلْصَق به

٩٢

العَجِينُ.

قلت : واللَّوْث ، عند الشافعي : شبه الدَّلالة ، ولا يكون بَيَّنة تامّة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : اللَّوث : جمع الأَلْوث ، وهو الأَحْمق الجَبان.

أبو نصر ، عن الأَصْمعيِّ : اللَّوْثَة : الحَمْقة.

واللّوْثة : العزْمة بالعَقْل.

وقال ابن الأَعْرابيّ : اللَّوْثة ، واللّوْثَة : بمعنى الحَمقة ، فإذا أَردت عَزيمة العَقْل قلت : في فُلان لَوْثٌ ، أي حَزْم وقُوّة.

اللّيث : ناقةٌ ذات لَوْث ، وهي الضّخمة ، ولا يَمْنَعها ذلك من السُّرْعة.

وقال غيره : سَحابةٌ لَوْثَاء : فيها بُطْء.

ورَجُلٌ فيه لُوثة : أي استرخاء وحُمْق ؛ وهو رَجُلٌ أَلْوث.

وإذا كان السّحاب بَطِيئاً كان أَدوَم لِمَطَره ؛ وأَنْشد :

* من لَفْح ساريةٍ لَوْثَاء تَهْميم*

وقال اللّيث : اللَّوْثاء : التي تُلوِّث النبات بَعضه على بعض ، كما يلوّث التِّبن بالقَتّ ؛ وكذلك التّلوّث بالأَمر.

قلت : والسَّحابة اللَّوْثاء : البطيئة.

والذي قاله اللّيث في «اللّوْثاء» ليس بِصَحيح.

أنشد المازنيّ :

فالْتَاث مِن بعد البُزول عامَين

فاشْتَدّ ناباه وغَيْر النَّابَيْن

قال : «التاث» افتعل ، من «اللوث» وهو القُوّة.

رَجُلٌ ذو لَوْثٍ ، أي ذو قُوّة.

ورَجُلَ فيه لُوثة ، إذا كان فيه اسْترخاء ؛ وقال العَجّاج يَصف شاعراً غالَبه فَغَلَبه :

وقد أرى دُونِيَ من تَجَهُّمي

أُمّ الرُّبَيقِ والأرَيْقِ المُزْنَمِ

* فلم يُلث شَيْطانهُ تَنَهُّمِي*

يقول : رأى من تجهّمي دونه ما لا يستطيع أن يصل إليّ ، أي رأى دوني داهية فلم يُلث شيطانُه ، أي لم يلبث تنهمّي إياه ، أي انْتهاري.

وفي «النّوادر» : رأيت لُواثة ولَوِيثَة من النّاس ، وهُوَاشة ، أي جَماعة.

وقال اللّيث : يُقال : التاث فلانٌ في عَمَله ، أي أَبْطأ.

قال : واللَّائث من الشجر والنبات : ما قد الْتَبس بعضُه على بَعض.

يَقول العرب : نَبات لائث ، ولاثٍ ؛ على القلب ؛ وقال العجّاج :

* لاث به الأَشاءُ والعُبْريّ*

أبو عُبيد ، عن أبي زيد : مثل : لاثٍ به ، لائث به ، في باب المقلوب ؛ وقال عديّ :

٩٣

ويَأْكُلْن ما أَغْنى الوليُّ ولم يُلِث

كأن بحَافاتِ النِّهاءِ مَزارِعَا

أي لم يَجعله لائثا.

ويقال : لم يُلث ، أي لم يُلث بَعضه على بعض ، من «اللوث» وهو «الليّ».

وقال التّوزيّ : لم يلتث : لم يُبطىء ؛ وقال ثمامة بن المخبر السَّدوسيّ :

ألا رُبّ مُلْتاثٍ يَجُرّ كِسَاءَه

نَفى عَنْه وُجْدَانَ الرَّقِين القَرَائِمَا

يقول : رُبّ أَحمق نَفى كثرةُ ماله أن يُحَمَّق ، أراد أنه أحمق قد زَيّنه ماله وجَعله عند عوامّ الناس عاقلاً.

وقال ابن الأعرابي : الأَلْوث : الأَحمق.

أبو عُبيد : لاثِ ، بمعنى : لائِث ، وهو الذي بَعضه فوق بَعض.

وقال أبو عمرو : فلا يَلوث بي ، أي يَلُوذ بي.

وجاء رجل إلى أبي بَكْر الصّدّيق فوقف عليه ولاث لَوْثاً من كلام. فسأله عُمر ، فذكر أن ضَيْفاً نزل به فزَنى بابْنَته.

ومعنى : لاث ، أي لَوى كَلامه ولم يُبيِّنه.

ويقال : لاث بالشيء يَلُوث ، إذا طاف به.

ولاث فلانٌ عن حاجتي ، أي أبْطأ عنها.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : يُقال للسيد الشريف : مَلَاثٌ ، ومَلْوَثٌ ؛ وجمعه : مَلَاوث ؛ وأنشد :

هلّا بكَيتَ مَلَاوِثاً

من آل عَبْدِ مَنَافِ

ولث : ثَعلب ، عن ابن الأَعرابيّ : الوَلْث : بقيّة العَجِين في الدَّسِيعة ، وبَقِيّة الماء في المُشَقّر ؛ والفَضْلة من النَّبِيذ تَبْقى في الإناء ؛ وهو البَسيل أيضاً.

والوَلْثُ : بقيّة العَهْد ؛ وفي الحديث : «لو لا وَلْث عَهْدٍ لهم لفعلتُ بهم كذا».

شَمِرٌ فيما قرأت بخطّه قال : قال أبو مُرّة القُشيري : الوَلْث من الضّرب ، الذي لَيس فيه جِرَاحة ، فوق الثّياب.

قال : وطَرق رَجُلٌ قَوماً يَطْلُب امْرأةً وَعَدَتْه فوقع على رَجُل ، فصَاح به ، فاجْتمع الحيُّ عليه فوَلثوه ، ثم أُفْلِت.

قال : وقال ابن شُميل : يُقال دَبَّرْتُ مَمْلُوكي ، إذا قُلتَ هو حُرٌّ بعد مَوْتِي ، إذا وَلَثْتَ له عِتْقاً في حياتك.

قال : والوَلْث : التَّوْجيه ، إذا قُلت : هو حُرٌّ بَعْدي ، فهو الوَلْث.

وقد وَلَث فلانٌ لنا من أَمْرنا وَلْثاً ، أي وَجَّه ؛ وقال رُؤبة :

* وقلتُ إذا أَغْبَط دَيْنٌ والِثُ *

قال ابن الأعرابي : أي دائم ، كما يَلِثُونه بالضَّرْب.

وقال أبو عمرو والأصمعيّ : وَلَثه ، أي ضَربه ضَرْباً قليلاً.

وقال أبو نَصر : الوَلْث : القلِيلُ مِن

٩٤

المطر.

يُقال : وَلْثٌ مِن عَهْد ، أي شَيءٌ قَلِيل.

والوَلْث : عقد ليس بمُحْكم ، وهو الضَّعِيف.

ويقال : وَلَثْتُ لك أَلِثَ وَلْثاً ، أي وَعَدْتك عِدَةً ضَعِيفة.

ويقال : لهم وَلْثٌ ضَعِيف ؛ وقال المُسَيّب بن عَلَس في «الولْث المحْكَم» :

كما امْتَنَعت أولادُ يَقْدُمَ مِنْكُمُ

وكان لها وَلْثٌ من العَقْدِ مُحْكَمُ

وقال الأصمعيّ في قوله :

* إذا أغبط دَيْنٌ والِثُ *

أساء رُؤبة في هذا ، لأنه كان ينبغي أن يُؤَكد أَمْر الدَّين.

وقال غيره : يُقال : دَيْن والثٌ ، أي يتقلّده كما يتقلّد العَهد.

أثل : ثعلب ، عن ابن الأَعرابي : الأُثَيْل : مَنْبت الأَرَاك.

وفي حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال في وصيّ اليَتيم : «إنه يأكل مِن ماله غَير مُتأثِّل مالاً».

قال : المتأثّل : الجامع.

وكل شَيء له أصل قديم ، أو جُمع حتى يَصير له أصل ، فهو مُؤَثَّل ؛ قال لَبيد :

لله نافلة الأجلّ الأفْضل

وله العُلا وأَثيث كُلّ مُؤَثَّل

قال : وأَثْلة الشّيء : أصْلُه ؛ وأنشد للأعشى :

أَلَسْتَ مُنْتَهِياً عن نَحْت أَثْلِتنَا

ولَسْتَ ضائِرَها ما أَطَّتِ الإبِلُ

شمر ، عن ابن الأَعرابيّ : المُؤثَّل : الدَّائِم.

وأَثَّلْت الشيءَ : أَدَمْتُه.

وقال أبو عمرو : مُؤَثَّل : مُهَيَّأ.

قال : وتَأْثيل المجد : بناؤُه.

وتأثّل فلانٌ مالاً ، أي اتّخذه وثَمَّره.

وقال ابن شُميل في قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ولمن وَلِيها أن يَأْكُل ويُؤَكِّل صديقاً غيرَ مُتأَثِّل مالاً».

قال : ويقولون : هم يَتأثّلون الناس ، أي يَأْخذون منهم أَثالاً. والأَثال : المال.

ويقال : تأثّل فلانٌ بِئْراً ، إذا احْتفَرها لنفسه ؛ ومنه قول أبي ذُؤيب يصف قوماً حَفَروا قَبْراً شَبّهه بالبِئر :

وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتأثّلُوا

قَلِيباً سَفَاهاً كالإماء القواعِدِ

أراد أنّهم حَفروا له قبراً يُدْفَن فيه ، فسمّاه قَلِيباً على التّشْبيه.

ويقال : أَثّل الله مُلْكاً آثِلاً ، أي ثَبّته ؛ وقال رُؤبة :

* أثّل مُلْكاً خِنْدِفاً فدعَمَا*

وقال أيضاً :

٩٥

* رِبَابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلَا*

أي مُلكاً ذا أَثْلة.

والأَثْل : شَجر يُشبه الطّرْفاء إلّا أنه أكرم منها ، تُسوَّى منه الأَقْداح الصُّفْر الجِياد ، ومنه اتُّخذ مِنبَر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وللأَثل أُصول غليظة تُسَوَّى منها الأبواب وغيرها ، وَوَرَقُه عَبْلٌ كورق الطّرفاء.

أبو عبيد ، عن أبي عمرو : والأَثال : المَجْدُ ، وبه سُمِّي الرَّجُل.

وأُثال : اسْم جَبَل.

لثي : قال اللّيث : اللّثَى : ما سَال من الشّجر من ساقها خاثِراً.

وقال ابن السِّكِّيت : اللَّثَى : شيءٌ يَنْضَحه الثُّمَامُ حُلوٌ ، فما سَقَط منه على الأَرض أُخذ وجُعل في ثوبٍ وصُبّ عليه الماءُ ، فإِذا سال من الثوب شُرب حُلْواً وربّما أَعْقَد.

قلت : اللثَى : يَسيل من الثُّمام وغيره ، وفي جبال هَراة شَجر يقال له : «سِير» وله لَثىً حُلْوٌ يُداوى به المَصْدور ، وهو جَيّد للسُّعال اليابس.

وللعُرْفُط لَثىً حُلْوٌ يقال له : المغَافِير.

وأَخبرني المُنذريّ ، عن أبي طالب ، عن سَلمة ، عن الفرّاء ، أنه قال : اللّثأ ، بالهمز : لِمَا يَسيل من الشَّجَر.

قال : واللَّثة : تُجمع : لِثات ، ولِثِين ، ولِثًى ، ولَثًى.

وقال أبو بكر : اللَّثَى : شَبِيه بالنَّدى.

يقال : قد أَلْثتِ الشجرة ما حولها لَثًى شديداً : نَدَّتْه.

قال : واللَّثَى : الصَّمْغ.

ابْنُ السِّكِّيت : هذا ثوبٌ لثٍ ، إذا ابْتَلَّ من العَرَق والوسَخ.

ويقال : لَثِيَتْ رِجْلِي من الطِّين تَلْثَى لثًى ، إذا تلطَّخَت به.

وامرأةٌ لَثِيَةٌ ، إذا كانت رطْبَة المكان.

ونساء العرب يتسابَبْنَ بذلك.

وإذا كانت يابسة المكان فهي الرّشُوف ، ويُحْمد ذلك منها.

ورَوَى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : لَثَا ، إذا شَرِبَ الماءَ قَليلاً.

ولَثَا أيضاً : إذا لَحِسَ القِدْرَ.

وقال : اللّثِيُ : المُولع بأَكْل الصَّمغ.

وقال غيرُه : ألْثَت الشَّجرة تُلْثِي ، إذا سال منها اللّثى.

وحَكى سَلمة ، عن الفرّاء ، عن الدُّبَيْرِية ، قالت : لثا الكَلْب ، ولَجذَ ، ولَجَن ، واحْتَفَى ، إذا وَلغ في الإناء.

وقال أبو زيد : اللِّثة : مَراكز الأَسْنان.

وفي اللَّثة : الدُّرْدُرُ ، وهو مَخارج الأَسْنان ، وفيها العُمور ، وهو ما تَصَعَّد بين الأسْنان من اللِّثة.

٩٦

قلت : وأصل اللّثة : اللِّثْيَة ، فنُقص.

والظاء والذال والثاء لثويّة ، لأن مبدأها من اللّثة.

ثلا : قال ابن الأعرابي : ثَلَا ، إذا سافر.

قال : والثَّلِيّ : الكَثير المال.

[باب الثاء والنون]

ث ن (وايء)

ثنى ، نثا ، أنث ، أثن ، وثن ، ثأن.

ثنى : قال الله عزوجل : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) [هود : ٥].

قال الفرّاء : نزَلت في بعض مَن جاء يَلْقَى النبيَّ صلى االله عليه وسلم بما يُحب ويَنطوي له على العداوة والبُغض ، فذلك هو الثَّنْيُ : الإخفاء.

وقال الزّجّاج : (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، أي يُجِتون ويَطوون ما فيها ويسترونه استخفاء بذلك من الله.

ورُوي عن ابن عباس أنه قرأ : (ألا إنهم يثنَوْنِي صدورهم) [هود : ٥].

قال الفَرّاء : وهو في العربيّة : بمنزلة «تَنْثَنِي» وهو من الفِعل : افْعَوْعلت.

قلت : وأصله من : ثَنَيْت الشَّيء ، إذا حَنَيْته وعَطَفته وطَوَيْته.

واثْنَوْنى صَدْرُه على البَغضاء ، أي انْحنَى وانطوى.

وكُلّ شيء عَطَفْته ، فقد ثَنَيْته.

وسَمعت أَعرابيّاً يقول لراعي إبل أَوْردها الماءَ جُمْلةً : ألَا واثْنِ وُجُوهَها عن الماء ثم أَرْسِل منها رِسْلاً رِسْلاً ، أي قطيعاً قطيعاً. أراد بقوله : اثن وجوهها ، أي اصرف وجُوهها عن الماء لئلا تَزْدَحم عَلَى الحوض فتَهْدِمه.

ويُقال للفارس إذا ثَنَى عُنُقَ دابّته عند حُضْرِه : جاء ثَانِيَ العِنان.

ويُقال للفرس نَفسه : جاءَ سابقاً ثانياً ، إذا جاء وقد ثَنَى عُنُقه نشاطاً ، لأنه إذا أَعْيا مدّ عُنُقه ؛ وإذا لم يَجىء ولم يَجْهَد وجاء سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عُنُقه ؛ ومنه قوله :

ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبِي وَجَدِّي

يَجِىءْ قَبل السَّوابق وهو ثانِي

أي يجىء كالفرس السّابق الذي قد ثَنى عُنُقه.

ويجوز أن يجعله كالفارس الذي سَبق فرسُه الخَيْلَ ، وهو مع ذلك قد ثَنى من عُنُقه.

وفي حديث عَمرو بن دِينار ، قال : رأيتُ ابن عُمر يَنْحر بَدَنته وهي باركةٌ مَثْنِيّة بِثنَايَيْن ، غير مهموز ؛ وذلك أن يَعْقل يدَيْه جميعاً بعقالَيْن.

ويُسمى ذلك الحَبْل : الثِّنَاية.

وقال اللّيث : عقلت البَعير بِثِنَاييْن.

٩٧

يُظهرون الياء بعد الألف ، وهي المَدّة التي كانت فيها. وإن مَدّ مادٌّ لكان صواباً ، كقولك : كساء ، وكساوان ، وكساآن.

قال : وواحد «الثنايَيْن» : ثِناء ، مثل : كِساء ، ممدود.

قلت : أغفل اللَّيث العلَّة في «الثنَايَيْن» وأجاز ما لم يُجزه النّحْويون.

وقال سيبويه : سألت الخليلَ عن قولهم : عَقله بِثنايَيْن ، لِمَ لَمْ يَهْمز؟

فقال : تَركوا ذلك حين لم يُفْرِدُوا الواحد.

قلت : وهذا خِلاف ما ذكره اللّيْث في كتابه ، لأنه أجاز أن يُقال لواحد «الثِّنَايَيْن» : ثِناء.

والخَلْيل يقول : لم يَهمزوا «ثنايَيْن» لأنهم لا يُفردون الواحد منهما.

رَوى هذا شَمر عن سِيبويه.

وقال شمر : قال أبو زيد : يُقال : عقلت البعير بثنايَيْن ، إذا عَقلت يدَيْه بطَرفي حَبْل.

قال : وعقلته بثِنْيَيْن ، إذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقدَتَيْن.

قال شَمر : وقال الفَرّاء : لم يهمزوا «ثنايين» لأنّ واحده لا يُفرد.

قلت : والبَصْريون والكُوفيّون اتّفقوا على ترك الهمزة في «الثنايين» وعلى ألّا يُفْرد الواحد.

قلت : والحَبل يقال له : الثِّناية.

وإنما قالوا : ثِنَايَين ، ولم يقولوا : ثنايَتَين ، لأنه حبل واحد تُشدّ بأحد طرفيه يَدُ البعير ، وبالطَّرف الآخر اليَد الأخرى ، فيقال : ثَنَيْت البَعير بثنايَين ، كأنّ «الثنايَين» كالواحد ، وإن جاء بلفظ اثنين ، ولا يُفرد له واحد ؛ ومثله : المِذْروان : طَرفا الألْيَتين ، جعل واحداً ، ولو كانا اثنين لقيل : مِذْريان. وأمّا العِقال الواحد فإنّه لا يُقالَ له : ثناية ، إنما «الثناية» : الحبلُ الطويل ؛ ومنه قولُ زُهير يَصف السّانية وشَدّ قِتْبها عليها :

تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْري في ثِنَايَتها

مِن المَحالة قَبّاً زائداً قَلِقَا

فالثِّناية ، هاهنا : حبل يُشد طرفاه في قِتْب السَّانية ويُشد طَرف الرِّشاء في مَثْنَاته ، وكذلك الحبل إذا عُقل بطَرفيه يدُ البعير : ثِنايةٌ أيضاً.

ويقال : فلانٌ ثاني اثنين ، أي هو أحدهما ، مُضاف.

ولا يقال : هو ثانٍ اثنين ، بالتَّنوين.

وقد مَرّ تَفسيره مُشْبعاً في باب «الثّلاث».

وثِنْيَا الحَبْل : طَرفاه ؛ واحدهما : ثنْيٌ ؛ وقال طَرَفة :

لَعَمْرك إنّ الموتَ ما أَخْطَأ الفَتَى

لكالطِّوَلِ المرْخَى وثِنْيَاه بالْيَدِ

يَقُول : إنّ الموت وإن أخطأ الفتى فإِنَ

٩٨

مَصيره إليه ، كما أنّ الفرس وإن أُرْخي له طِوَلُه فإنَّ مَصيره إلى أن يَثْنيه صاحبُه ، إذ طَرَفه بِيَدِه.

ويقال : رَبَّق فلانٌ أَثناء الحَبْل ، إذا جَعل وَسَطه أَرْباقاً ، أي نُشَقاً للشاء يُنْشَق في أَعْناق البَهْم.

وأَثناء الحَيّة : مَطاوِيها إذا تَحوَّت.

وأَثناء الوِشَاح : ما انْثَنى منه ؛ ومنه قوله :

* تَعَرُّض أَثناء الوِشَاح المُفَصَّل*

أبو عُبيد : يقال للذي يجيء ثانياً في السُّؤدد ولا يجيء أولاً : ثِنًى ، مَقصور ، وثُنْيَان ، وثِنْي ، كل ذلك يقال : قال أَوْس ابن مَغْراء :

تَرى ثِنَانَا إذا ما جاء بَدأَهمُ

وبَدْؤُهم إن أتانا كان ثُنْيَانَا

يقول : الثاني منّا في الرّياسة يكون في غيرنا سابقاً في السُّؤدد ، والكامل في السُّؤدد من غيرنا ثِني في السّؤدد عندنا ، لفَضْلنا على غيرنا.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «لا ثِنًى في الصّدقة» ، مَقصورٌ.

قال أبو عُبَيد : يعني أنه لا تؤخذ الصَّدقة في السّنة مرّتين.

قاله الأصمعي والكسائيّ ؛ وأنشد أحدهما :

أفِي جَنْبِ بكْرٍ قَطَّعَتْني مَلَامَةً

لَعَمْرِي لقد كانت مَلَامتُها ثِنَى

أي ليس هذا بأول لومها ، قد فَعَلَتْهُ قبل هذا ، وهذا ثِنًى بعده.

قال أبو سَعيد : لسنا نُنكر أنَّ «الثِّنى» إعادة الشيء مرّةً بعد مرّة ، ولكنه ليس وجه الكلام ولا معنى الحديث ، ومعناه : أَن يتصدّق الرّجل على آخر بصدَقة ثم يَبدو له فيُريد أَن يسترِدَّها ، فيقال : لا ثِنًى في الصَّدقة ، أي لا رُجُوع فيها ، فيقول المتصدَّق عليه : ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد ، أي ليس لك رُجوع كرجوع الوالد فيما يُعْطي ولده.

أبو عُبَيد ، عن الأصمعي : ناقةٌ ثِنْيٌ ، إذا وَلَدَت بطناً واحداً.

ويقال فيه أيضاً : إذا وَلدت بطَنين ؛ قال لَبيد :

ليالي تحت الخِدْر ثِنْيُ مُصِيفة

من الأُدْمِ تَرْتَادُ الشُّرُوجَ القَوابِلا

قال : ولدُهما الثاني : ثِنْيُها.

قلت : والذي سمعتُه من العرب : يقولون للناقة إذا وَلَدت أوّل وَلد تَلده ، فهي بِكْر ؛ وولدها أيضاً بِكرها. فإذا وَلدت الولد الثاني ، فهو ثِنْيٌ ؛ ووَلدُها الثاني ثِنْيُها.

وهذا هو الصّحيح.

وأخبَرني المنذريّ ، عن أبي الهيثم ، قال :

٩٩

المُصيفة : التي تَلد وَلداً وقد أَسَنَّت ؛ والرّجل كذلك مُصيف ، وولدُه صَيْفِيّ ؛ وأَرْبع الرّجُل ، وولدُه رِبْعِيُّون.

وقال الأصمعي : الثِّنْي من الجبل والوادي : مُنْقَطعه.

قال : ومَثْنَى الأيادي أن يُعيد مَعْروفَه مرّتين أو ثلاثاً.

وقال أبو عُبَيدة : مَثنى الأيادي : هي الأنصباء التي كانت تُفْصَل من جَزُور المَيْسر ، فكان الرجلُ الجواد يَشْرِيها فيُطعِمُها الأَبْرام.

وقال أبو عمرو : مَثنى الأيادي : أن يأخذ القِسْمَ مَرَّة بعد مَرَّة.

وقال الفَراء في قول الله عزوجل : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [الزمر : ٢٣] أي مكرراً ، كُرِّر فيه الثواب والعقاب.

وقال الزّجاج : في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)) [الحجر : ٨٧] قيل : إن السَّبع من المثاني : فاتحة الكتاب ، وهي سَبع آيات ، قيل لها : مثاني ، لأنه يُثْنَى بها في كُل رَكعة من ركعات الصَّلاة.

قال : ويجوز أن يكون ـ والله أعلم ـ من المثاني : أي مما أُثْني به على الله ، لأن فيها حَمْد الله وتوحيده وذكر ما لَه يوم الدِّين.

المعنى : ولقد آتيناك سبع آيات من جُملة الآيات التي يُثّنَى بها على الله ، وأتيناك القرآن العظيم.

وقال الفرّاء في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [الحجر : ٨٧] : يعني : فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات.

قال : وسُمّيت «المثاني» لأنها تُعاد في كلّ رُكعة.

وقال أبو الهيثم : سُمّيت آيات الحمد : مثاني ، واحدتها : مَثناة ، وهي سَبع آيات ، لأنها تثنى في كُلّ ركعة.

وقال أبو عُبيد : «المثاني» من كتاب الله : ثلاثة أشياء ، سَمّى الله عزوجل القرآن كُلَّه «مثاني» في قوله تعالى : (نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) [الزمر : ٢٣] ، وسَمّى فاتحة الكتاب «مثاني» في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [الحجر : ٨٧] ، وسَمّى القرآن «مثاني» لأن الأنباء والقصص ثُنِّيت فيه.

وقرأت بخط شَمِر ، قال : رَوى محمد بن طلحة بن مُصَرّف عن أصحاب عبد الله : أن «المثاني» سِتّ وعشرون سورة ، وهي : سورة الحج ، والقَصَص ، والنَّمْل ، والنُّور ، والأنفال ، ومريم ، والعنكبوت ، ويس ، والفرقان ، والحجر ، والرعد ،

١٠٠