والثّوِيّ : الضَّيْف نَفْسُه.
ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الثَّوِيّ : الضَّيْف.
والثَّوِيّ : المُجاورة في الحَرَمَيْن.
والثَّوِيّ : الصَّبُور في المغَازي المُحَجَّر ، وهو المَحْبُوس.
أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة أنه أنشده قولَ الأَعشى :
أَثْوَى وقَصَّر لَيْلَه لِيُزَوّدَا |
فمَضى وأَخْلفَ من قُتَيْلة مَوْعِدَا |
قال شَمِرٌ : أَثْوَى ، على غير استفهام ، وإنما يُريد الخَبر.
قال : ورواه ابن الأَعْرابيّ : أَثَوَى ، على الاستفهام.
قلت : والرّوايتان تدُلّان على أن «ثوى» و «أثوى» معناهما : أقام.
ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الثَّوَى : قُماش البيت ؛ واحدتها : ثُوَّة ، مثل : صُوَّة وصُوًى ، وهُوَّة وهُوًى.
عمرو ، عن أبيه : يُقال لِلْخِرقة التي تبَلّ ويُجعل عليها السِّقاء إذا مُخِض لئلّا ينْقطع : الثُّوَّة.
ومَثْوى الرَّجُل : مَنْزله ؛ وجمعه : المَثَاوِي.
والمَثْوى ، مصدر : ثوَيت أَثْوِي ثَوَاءً ومَثْوًى.
الرباعي من حرف الثاء
ثرمل ، ثرمد ، البرثن ، البينيث.
ثرمل : أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : الأُنْثى من الثعالب : ثُرْمُلة.
ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : ثَرْمل الرَّجُل ، إذا لم يُنْضِج طعامَه تَعْجِيلاً للقِرَى.
قال : وثَرمل ، إذا أَخْرج خُبزته مُرَمَّدة ليعجّلها على الضّيف.
وقال اللَّيْثُ : ثَرمل القَوْمُ من الطَّعام والشَّراب ما شاءوا ، أي أكَلُوا.
وقال غيره : بَقِيت ثُرْمُلة في الإناء ، أي بَقيّة من بُرّ أو شَعِير أو تَمْر.
ابن السِّكيت : ثَرْمَل الطَّعَامَ ، إذا لم يُنْضجه صانعُه ولم يَنْفُضْه مِن الرَّماد حينَ يَمُلّه.
قال : ويُعْتذر إلى الضَّيف فيُقال : قد ثَرْمَلْنا لك العمل ، أي لم نَتَنَوَّق فيه ، ولم نُطَيِّبه لك ، لِمَكَان العَجَلة.
ثرمد : وقال في هذا الباب : ثَرْمَد اللَّحْم ، إذا أَسَاء عَمَلَه.
وأَتانا بشِوَاءٍ قد ثَرْمَدَه بالرَّمَاد.
قلت : وثَرْمَدَاء : ماءٌ لِبَني سَعْد في وادي السِّتَارَيْن ، قد وَرَدْتُه ، يُسْتَقى منه بالعِقال لقُرْب قَعْره.
وقيل : الثَّرْمَد ، من الحَمْض : ضَرْبٌ منه.
برثن : أبو زَيد : البُرْثُن : مثل الإِصْبع ؛ والمِخْلَبُ : ظُفر البُرْثُن.
والبَراثن ، للسِّباع كُلّها.
وقال اللَّيْثُ : البَراثن : أظفار مَخالب الأَسد ؛ يقال : كأنّ بَراثِنَه الأَشَافِي.
بينث : ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ ، قال : البَينيث : ضَرْبٌ من سَمك البَحْر.
قلتُ : البَيْنِيث ، بوزن «فَيْعيل» ، فإن كان ياءاه زائدَتَيْن فهو من الثلاثيّ ، وكلام العرب يَجيء على «فيعول» و «فيعال» ، ولم أسمع حرفاً جاء على «فَيْعيل» غير : «اليَنبيثُ» ، ولا أَدري أعربيّ هو ، أمْ دَخِيل؟
كتاب الراء من «تهذيب اللغة»
أبواب المضاعف من حرف الراء
رل : مهمل.
[باب الراء والنون]
ر ن
استُعْمِل منه : رنّ.
رن : قال اللَّيْثُ : الرَّنّةُ : الصَّيْحة الحَزِينة ؛ يُقال : عَوْدٌ ذو رَنّة.
قال : والرَّنين : الصِّياح عند البُكَاء.
والإرْنان ، الشَّدِيد.
ويُقال : أَرَنّ الحِمَارُ في نَهِيقه ؛ وأَرَنَّت القوسُ في إنْبَاضِها ؛ وأَرَنَّت النّساء في مَنَاحتها. وسَحابَةٌ مِرْنَانٌ.
وأَرَنّت المرأَة تُرِن ، ورَنَّت تَرِنّ ؛ وقال لَبيد :
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعُوا حامِلَهم |
ومُرِنّاتٍ كآرام تُمَل |
وقال العجاج يَصِف قَوْساً :
تُرِن إرْنَاناً إذا ما أُنْضِبَا |
إرْنَانَ مَحْزُونٍ إذا تَحَوَّبَا |
أراد : أُنْبِض ، فقَلب.
ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ ، قال : الرَّنّة : صوتٌ في فَرَحٍ أو حُزْن.
وجَمعها : رَنَّات.
قال : والإرْنان : صوتُ الشّهِيق مع البُكَاء.
عَمرو ، عن أبيه : الرُّنَّى : شَهر جُمَادَى.
والرُّنَّى : الخَلْقُ ؛ يُقال : ما في الرُّنَّى مِثْلُه.
وفي «نوادر الأَعْراب» ، يُقال : أَرَنّ فلانٌ لكذا ، وأَرَمّ له ، ورَنّ لكذا ، واسْتَرَنّ لكذا ، وأَرْنَاه كذا وكذا ، أي أَلْهاه.
[باب الراء والفاء]
ر فّ
رف ، فَرّ.
رف : قال اللَّيْثُ : الرَّفّ : رَفّ البَيْت.
والجميع : الرُّفُوف.
قال : والرَّفْرَفة : تَحْريك الطّائر جَنَاحَيْه وهو في الهَواء ، فلا يَبْرح مكانَه.
قال : والرَّفِيف ، والوَرِيف ، لُغتان.
يُقال للنَّبَات الذي يَهْتَزّ خُضْرةً وتَلأْلُؤاً : قد رَفّ رَفِيفاً.
وفي حديث أبي هُريرة أنّه سُئل عن القُبلة للصَّائم ، فقال : إنّي لأَرُفّ شَفَتَيْها وأنَا صائِم.
قال أبو عُبيد : قوله : «أَرُفّ» ، الرَّفّ ، مثل المصّ والترشُّف ونحوه.
يقال منه : رَفَفْت أَرُفّ رَفّاً.
وأمّا رَفَ يَرِف ، بالكسر ، فهو مِن غَير هذا.
يقال : رَفّ الشيءُ يَرِفّ رَفّاً ورَفِيفاً ، إذا بَرق لونُه وتَلأْلأ ؛ وقال الأَعْشى يذكر ثَغْر امرأة :
ومَهاً تَرِفّ غُرُوبُه |
تَسْقِي المتيَّمَ ذا الحَرَارَه |
أبو حاتم ، عن الأَصمعيّ : هو يَحُفّ له ويَرُفّ : أي هو يَقوم له ويَقْعد ، ويَنْصح ويُشْفق ، أراد ب «يَحُفه» ، تَسمع له حَفِيفاً.
وشَجَرٌ يَرِفّ : إذا كان له كالاهْتزاز من النَّضارة.
ويقال : وَرَف يَرِف وَرِيفاً ، لُغتان بمعنًى واحد.
قال أبو عليّ الحسن : هو يَحُفّنا ويَرُفّنا ، إذا كان يَطُوف بنا ويُزَيِّن أَمْرنَا.
وقال ابن الأَنباري : ذَهب من كان يَحُفّنا ويَرُفّنا ، أي يُؤْوينا ويُطْعِمنا.
ثعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : يُقَالُ : رَفّ يَرِفّ ، إذا أَكل.
ورَفّ يَرِفّ ، إذا بَرَق.
ووَرَف يَرِف ، إذا اتّسع.
وقال الليث : الرَّفْراف : الظّلِيم يُرَفْرِفُ بجناحَيْه ثم يَعْدُو.
والرَّفْرَف : كِسْر الخِبَاء ونحوه.
وهو أيضاً خِرْقة تُخاط في أَسفل الفُسطاط ؛ وقال الله عزّ وجَلّ : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) [الرحمن : ٧٦].
قال الفراء : ذكروا أنّها رِياضُ الجنَّة.
وقال بعضهم : هي المَجالس.
قال أبو عُبيدةَ : الرَّفرف : الفُرش والبُسط.
وجَمْعُه : رَفارِف.
وقال قتادة : الرفرف : المَجالِس.
وقيل : هي فُضول الفُرش.
وقيل : الرَّفْرَف : الوَسَائِد.
وفي حديث وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم ، يَرْويه أَنس : فرُفِعَ الرّفْرَفُ فرأينا وَجْهه كأنّه وَرَقَة تُخَشْخِش.
قال ابن الأعرابي : الرَّفرف ، هنا : طَرَف الفُسْطاط.
قال : والرفرف ، في حديث المِعراج : البِساط.
والرَّفرف ، في غير هذا : الرّفُ يُجْعل عليه طَرَائفُ البَيْت.
قال : والرَّفْرَف : الرَّوْشَن.
قال : والرَّفَّة : الأكْلة المُحْكَمة.
وقد رَفّ يَرِفّ.
والرَّفّة : الاخْتِلاجة.
يقال منه : رَفّ يَرفّ ، ويَرُف ؛ وأَنْشد :
لم أَدْر إلّا الظَّنّ ظَنّ الغَائِب |
أبِك أم بالغَيْبِ رَفُ حاجِبِي |
قال : والرَّفّة : المَصَّة. والرَّفَّة : البَرْقَة.
قال الفَرّاء : هذا رَفٌ مِن النَّاس.
أبو عُبيد ، عن الفراء : هذا رَفٌ من الضَّأن ، أَي جماعةٌ منها.
ورَفْرفُ الدِّرْع : ما فَضَل من ذَيْلها.
ورَفْرف الأيكة : ما تَهدّل من غُصُونها ؛ وقال المُعطَّل الهُذلي يَصف الأَسَدَ :
له أَيْكَةٌ لا يَأْمَن الناسُ غَيْبها |
حَمَى رَفْرَفاً منها سِبَاطاً وخِرْوَعَا |
وقال اللَّيث : الرَّفْرَفُ : ضَرْبٌ من السَّمك.
وقال الأَصمعيّ في قوله : حَمَى رَفْرفاً قال : الرَّفْرف : شَجَرٌ مُسْتَرْسِلٌ يَنْبُت باليَمن.
عمرو ، عن أبيه : الرَّفيف : الرَّوْشَن.
شَمِر : ذكر حديثاً ، قال : أتيتُ عثمان وهو نازلٌ بالأبطح ، فإذا فُسْطاطٌ مَضْروبٌ ، وإِذا سَيْفٌ مُعَلَّق في رَفِيف الفُسْطاط.
وقال شَمر ، رفيفه : سَقْفُه.
وقال في قول الأَعشى : بالشام ذات الرَّفيف ، أَراد : البساتين التي تَرِفّ بنَضَارتِها واهتزازها.
قيل : ذات الرَّفيف : سُفُن كان يُعْبَر عليها ، وهو أن تُشَدّ سَفِينَتان أو ثلاث لِلْمَلك.
قال : وكُلّ مُسْتَرِقّ من الرَّمل : رَفٌ.
وفي حديث أم زَرْع : زَوْجي إن أَكَل رَفّ ، بالراء في بَعض الرِّوايات.
قال أبو بكر : قال أحمد بن عُبَيد : الرَّفّ : الإكثار من الأكْل.
وقال أبو العبّاس : رَفّ يَرِفّ ، إذا أَكَل.
ورَفّ يَرِفّ ، إِذا بَرَق.
ووَرَف يَرِف ، إذا اتَّسَع.
فر : قال الفَرّاء : فَرّ فلانٌ يَفِرّ فِرَاراً ، إذا هَرَب.
وأَفْرَرْتُه أُفِرّه إِفْرَاراً ، إذا عَملت ما يَفِرّ منه.
ورَجُلٌ فَرُورٌ ، وفَرُورَةٌ ، وفَرَّار ، غَيرُ كَرَّار.
وفي حديث سُراقة بن مالك حين نظر إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وإِلى أَبي بكر مهاجِرَيْن إلى المدينة فمرَّا به ، فقال : هذا فَرُّ قُريش ، ألا أَرُد على قُريش فَرَّها؟
قال أبو عُبيد : قولُه : فَرّ قريش ، يريد : الفارِّين من قُرَيش.
يُقال منه : رَجُلٌ فَرٌّ ، ورَجُلان فَرٌّ ، ورجَال فَرٌّ ، لا يُثَنّى ولا يُجْمع ؛ قال أبو ذُؤَيْب :
فَرمى ليُنْفِذَ فَرَّها فَهَوَى له |
سَهْمٌ فأَنفذ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ |
يصف صائداً أَرسل على ثَوْر وَحْشيّ كِلَابَه ، فحمل الثَّوْرُ عليها ففَرّت منه ، فرماه الصائدُ بِسَهْم فأَنْفَذ طُرَّتَي جَنْبَيْه.
وأمّا : فَرّ يَفُرّ ، بالضم ، فإن اللَّيث وغيره قالوا : فَرَرْتُ عن أَسنان الدّابة أفرّ عنها فَرّاً ، إذا كَشَف عنها لِيَنْظُر إليها.
وافْتَرّ عن ثَغْره ، إذا كَشَرَ ضَاحكاً.
ومنه الحديثُ في صِفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ويَفْتَرّ عن مِثل حَبِّ الغمام ، أي يَكْشِر إذا تَبَسّم من غير قَهْقهة. وأراد بحب الغمام : البَرَدَ ، شَبَّه بياض أَسْنانه به.
ويُقال : فُرَّ فلاناً عمّا في نَفْسه ، أي اسْتَنْطِقْه ليدُلّ بنُطْقه على ما في نَفْسه.
ومنه قول عُمر لابن عبّاس : وقد كان يَبْلُغني عنك أشياء كرهتُ أن أَفُرّك عنها ، أَي أَكْشف سِتْرها عنك.
وفي حديث عديّ بن هاشم : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال له : ما يُفِرّك عن الإسلام إلا أن يُقال : لا إله إلّا الله.
قال أبو عُبيد : يقال : أَفْرَرْت الرَّجُل إفْرَاراً ، إذا فَعَلت به فِعلاً يَفِرّ منه.
ويقال : هو فُرّةً قَومه ، أي خِيَارهم.
وهذا فُرّة مالي ، أي خِيرَتُه.
أبو عُبيد ، عن اليزيديّ : أَفْرَرْت رَأْسَه بالسَّيّف ، وأَفريت ، إذا شَقَقته.
قاله أبو زيد ، وقال : أَفْرَرْت رَأْسَه بالسيف ، إذا فَلَقته.
أبو عُبيد : الفَرِير : ولد البَقَرة.
ويقال له : فُرارٌ.
قال : ومن أمثالهم : نَزْوُ الفُرار اسْتَجْهل الفُرَارا.
قال أبو عُبَيد : قال المؤرِّج : هو وَلَد البقرة الوحشيّة ، يقال له : فُرار ، وفَرِير ، مثل : طُوال وطَوِيل.
فإذا شَبّ وقوي أَخذ في النّزوان. فمتى ما رآه غيرُه نَزَى لِنَزْوه. يُضْرب مثلاً لمن تُتَّقَى مُصَاحَبَتُه. يقول : إنك إذا صاحَبته فَعَلت مِثْلَه.
وقال غيرُه ، فَرِير ، للواحد ؛ وجمعه : فُرَار.
ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : قال : إذا فُطِم الجمل وسَمِن قيل له : فَرِير ، وفُرَار ، وفُرارة ، وفُرْفُر ، وفُرْفور ، وفُرافر.
قال : والفُرار ، يكون للجماعة والواحد.
قال : وفَرْفر الرجل ، إذا اسْتعجل بالحَمَاقة.
وفَرْفر ، إذا أَوْقَد بالفَرْفَار.
وقال : هي شَجرة صَبُور على النّار.
قال : وفَرْفَر ، إِذا عَمِل الفَرْفار ، وهو مَرْكب من مَراكب النِّساء والرِّعاء ، شِبْه الحِوَيّة والسَّوِيّة.
قال : وفَرْفر ، إِذا شَقَّق الزِّقَاقَ وغيرها.
وفي حديث عَون أنه قال : ما رأيت أحداً يُفَرْفر الدُّنْيا فَرْفرة هذا الأعرج. يَعْني أبا حازم ، أي يذمّها ويُمزِّقها بالذَّمّ لها.
والذِّئب يُفَرْفر الشاة ، أي يُمَزِّقها.
وأَخبرني المُنذري ، عن الطُّوسيّ ، عن أحمد بن الحارث الخَرَّاز ، أنه قال : قال ابن الأعرابي : فُرَار ، جمع فُرارة ، وهي الخِرْفان.
قال : والفَرِير : ولدُ البَقرة.
قال : وأنشدنا :
يَمْشي بنو عَلْكم جَزْلَى وإخْوَتُهم |
عليكُمُ مِثْل فَحْلِ الضَّأْن فُرْفُورُ |
قال : أَراد : فُرار ، فقال : فُرفُور.
ابن بُزُرْجَ : الفُرار : البَهْم الكبار ، واحدها : فُرْفُور.
شَمِر : قال أبو رِبْعيّ ، والكِلَابيّ : يقال : هذا فُرّ بَنِي فلان ، وهو وَجْههم وخيارهم الذي يَفْتَرُّون عنه ؛ قال الكُمَيت :
ويَفْتَرّ منك عن الوَاضِحَاتِ |
إذا غَيْرُك القَلَحُ الأَثْعَلُ |
ومن أمثالهم : إن الجَواد عَيْنُه فُرَارُه.
ويُقال : الْخَبِيثُ عَيْنه فُرارُه.
يقول : تَعرف الجَودة في عَيْنه كما تعرف سن الدابة إذا فررتها ، وكذلك تَعرف الخُبْث في عَيْنه إذا أَبْصَرْته.
وقال اللَّيث : الفَرْفَرة : الطَّيْش والخِفّة.
ورَجُلٌ فَرْفَارٌ ، وامْرأة فَرْفَارة.
أبو عُبيد ، عن الأَصمعي ، يُقال : الناسُ في أُفُرَّةٍ ، يعني الاخْتلاط.
وقال الفراء : أُفُرَّة الصَّيْف : أَوّله.
وقال اللَّيث : ما زال فلان في أُفُرَّة شَرّ مِن فُلان.
الحرّانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، عن الفَرّاء ، يقال : أتانا فلانٌ في أُفُرَّة الحَرّ ، أي أَوّله.
ويُقال : بل في شِدَّته.
ومنهم من يقول : في فُرّة الحَرّ.
ومنهم من يقول : في أُفُرّة الحَرّ ، بفتح الأَلف.
قال : وحكى الكسائي أن منهم من يجعل الألف عَيْناً فيقول : في عَفُرّة الحَرّ ، وعُفُرّة الحَرّ.
قلت : أُفُرّة عندي من باب : أَفَر يَأفِر ، والألف أصليّة ، على فُعلة ، مثل : الخُضُلّة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الفَرْفَرة : العَجَلة.
وقال أبو عمرو : الفَرِير : الحَمَل.
والفَرِير : أصل مَعْرفة الفَرس.
والفُرَّى : الكَتبية المُنْهَزمة ؛ وكذا الفُلَّى.
وقال ابن الأَعرابيّ : فر يَفِرّ ، إذا عَقَل بعد اسْتِرخاء.
وفَرّ الدَّابة يَفُرّه.
وقال ابن شُميل : الفُرْفُور ، العُصْفُور الصَّغِير ؛ وأَنْشد :
حجازيّة لم تَدْر ما طَعْم فُرْفُرٍ |
ولم تَأتِ يوماً أهْلَها بِتُبُشِّرِ |
قال : التُّبُشِّر : الصَّعْوَة.
[باب الراء والباء]
ر ب
ربّ ، برّ.
رب : الرّبّ ، هو الله تبارك وتَعالى ، هو رَبُ كُلّ شيء ، أي مالكه ، وله الرّبُوبيّة على جَميع الخَلْق لا شَريك له.
ويقالُ : فلانٌ رَبّ هذا الشيء ، أي مِلْكه له.
ولا يُقال الرّب بالألف واللام ، لغير الله.
وهو رَبّ الأَرْباب ، ومالك المُلوك والأمْلاك.
وكُل مَن مَلك شيئاً فهو رَبُّه.
(اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) [يوسف : ٤٢] أي عند مَلِكك.
يقال : هو رَبّ الدابّة ، ورَبُ الدّار.
وفلانة رَبّة البيت.
وهُن ربّات الحِجَال.
وقال الأصمعيّ : يقال : رَبّ فلانٌ نِحْيَه يَرُبّه رَبّاً ، إذا جَعل فيه الرُّبّ ومَتَّنه به.
وهو نِخْيٌ مَرْبُوب.
قال : والعَرب تقول : لأن يَرُبَّني فلانٌ أَحَبّ إليّ من أن يَرُبّني فلان.
يعني : أن يَكون رَبّاً فوقي وسَيِّداً يَمْلكني.
ورُوي هذا عن صَفوان بن أُمية أنه قال يوم حُنين عِند الجَوْلة التي كانت بين المُسلمين ، فقال أبو سُفيان : غَلَبت والله هَوازن. فأَجَابه صَفْوان وقال : بِفِيك الكِثْكِثُ ، لأنْ يَرُبّني رَجُلٌ من قُرَيْش أحَبّ إليّ من أن يَرُبّني رجُلٌ مِن هَوَازن.
ابن الأَنباريّ : الرَّبّ : يَنْقسم على ثلاثة أَقْسام : يكون الرَّبُ : المالك ؛ ويكون الرَّبّ : السيِّدُ المُطاع ، قال الله تعالى : (فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) [يوسف : ٤١] أي سيده ؛ ويكون الرَّبُ : المُصْلح.
رَبَ الشيءَ ، أي أَصْلحه ؛ وأَنْشد :
يَرُبّ الذي يأتي من العُرْف إنّه |
إذا سُئِل المَعْرُوفَ زاد وتَمَّمَا |
وقوله :
* سَلَالها في أَدِيمٍ غَيْر مَرْبُوب *
أي غير مُصْلح.
قال : ويُقال : رَبَ ، مشدَّد ، ورَبٌ ، مُخَفَّف ، وأَنْشد المُفضَّل :
وقد عَلم الأَقْوامُ أن لَيس فَوْقه |
رَبٌ غَيْرُهُ يُعطي الحُظوظ ويَرْزُقُ |
وقال الأَصمعيّ : رَبّ فلانٌ الصَّنِيعةَ يَرُبّها
رَبّاً ، إذا أَتَمّها وأَصْلحها.
ويقال : فلان مَرَبٌ ، أي مَجْمَعٌ يَرُبّ الناس ، أي يَجْمَعهم.
ومكانٌ مَرَبٌ ، أي يَجْمع الناس ؛ وقال ذو الرُّمّة :
بأوّل ما هَاجَت لكَ الشَّوْقَ دِمْنَةٌ |
بأَجْرَع مِرْباعٍ مَرَبٍ مُحَلَّلِ |
قال : ومِن ثمَّ قيل للرِّبَابٌ : رِبَابٌ ، لأنهم تَجَمَّعوا.
وقال أبو عُبيد : سُمَّوا رِبَاباً ، لأنهم جاءُوا برُبٍ فأَكَلُوا منه وغَمسوا فيه أيديهم وتَحالَفوا عليه ، وهم : تَيْمٌ ، وعَدِيّ ، وعُكْل.
والأَرِبّة : الجَماعاتُ ؛ واحدتها : رَبَّةٌ.
وقال عزوجل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٦].
قال الفرّاء : الرِّبِّيُّوُن : الأُلوف.
وقال أبو العبّاس أحمد بن يَحيى : قال الأَخْفش : الرِّبيون : مَنْسوبون إلى الرَّبّ.
قال أبو العباس : يَنْبغي أن تُفتح الرَّاء على قوله.
قال : وهو على قِراءة القُرّاء من الرَّبّةِ ، وهي الجماعة.
وقال الزّجاج : ربِّيّون ، بكسر الراء وضمها ، وهم الجماعةُ الكَثِيرة.
قال : وقال بعضُهم : الرَّبّة : عَشرة آلاف.
قال : وقيل : الرِّبِّيون : العُلماء الأَتْقياء الصُّبُر.
قال : وكلا القَوْلين حَسَنٌ جَميل.
وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي طالب ، أنه قال : الرِّبِّيون : الجماعات الكثيرة ؛ الواحد : رِبِّيٌ.
قال : والرَّبّاني : العالِم.
وقال أبو العبّاس : الرّبّانيّ : العالم ؛ والجماعة : الرّبّانيون.
وقال : الرّبّانيّون : الأُلُوف.
والرّبّانيّون : العُلَماء.
وقال سيبويه : زادوا ألفاً ونُوناً في الرّبّاني إذا أرادوا تَخْصيصاً بِعلْم الرّبّ دون غَيْره ، كأنّ معناه : صاحبُ العِلْم بالرّبّ دون غَيره من العُلوم.
قال : وهذا كما قالوا : رَجُل شَعْرانيّ ، ولِحْيانيّ ، ورَقَبانيّ ، إذا خُصّ بكَثرة الشّعر ، وطُول اللِّحْية ، وغِلظ الرّقبة.
وإذا نَسَبوا إلى «الشّعْر» قالوا : شَعْري ، وإلى الرّقبة قالوا : رَقَبيّ (١).
والرِّبِّي ؛ مَنْسوب إلى الرّبّ ، والرّبّاني ، المَوْصوف بعِلْم الرّبّ.
وقال ابن الأَعرابي : الربّانيّ : العالم المُعَلم الذي يَغْذُو الناس بصغار العُلوم
__________________
(١) بعده في «اللسان» (ربب): «وإلى اللحية : لِحْيِيٌّ».
قبل كِبَارها.
قال شَمِر : قال خالد بن جَنْبة : الرُّبّة : الخَيْر اللّازم ، بمنزلة الرُّبّ الذي يَليق فلا يكاد يَذْهب.
وقال : اللهم إنِّي أسألك رُبَّة عَيْشٍ مُبَارَكٍ.
فقِيل له : وما رُبَّةُ عَيْشٍ؟ فقال : طَثْرَتُه وكَثرته.
قال ابن الأنباري : قرأ الحَسن رُبيّون بالضَّم.
قال : وقرأ بها غَيْرُه.
وقال : الرُّبيون نُسبوا إلى الرُّبَّة ، والرُّبَّة : عشرة آلاف.
قال : وقرأ ابن عبّاس : رَبِّيون ، بفتح الراء.
قال : وقال محمد بن عليّ بن الحنفية لمّا مات عبدُ الله بن عبّاس : اليومَ مات رَبّانيّ هذه الأُمة.
ورُوي عن عليٍّ أنه قال : الناس ثلاثة : عالم رَبّانيّ ، ومتعلِّم على سَبيل النَّجاة ، وهَمَجٌ رَعاع أتْباع كل ناعِق.
قال : والرّبانيّ : العالِي الدّرَجة في العِلْم.
قال أبو عُبيد : سمعتُ رجلاً عالماً بالكتب يقول : الرّبّانيّون : العُلَماء بالحلال والحرام ، والأَمر والنَّهي.
قال : والأَحْبارُ أهلُ المَعْرفة بأَنباء الأُمم وبما كان ويكون ، هذا الكلام أو نحوه.
قال أبو عُبيد : وأَحْسب الكلمة ليست بعربيَّة إنما هي عبْرانِيَّة أو سُريانيَّة (١).
وذلك أن أبا عُبيدة زعم أنّ العرب لا تعرف الرّبّانيّين.
قال أبو عُبيد : وإنما عَرفها الفُقهاء وأهل العِلْم.
وكذلك قال شَمر.
قال بعضهم : وإنما قيل للعُلماء ربانيون ، لأنهم يَرُبُّون العِلم ، أي يَقومون به ؛ ومنه الحديث : «أَلَكَ نِعْمَة تَرُبُّها»؟ ويُسمَّى ابن المرأة : رَبيب ؛ لأنه يَقوم بأمره ويَمْلك عليه تَدْبِيره.
قال شَمر : ويقال لرئيس المَلّاحِين : رَبّاني ؛ وأَنشد :
* صَعْلٌ من السّام ورُبّانِيّ *
وروَى شُعبة ، عن عاصم ، عن زِرّ عن (٢) عبد الله في قوله تعالى : (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) [آل عمران : ٧٩] قال : حُكَماء عُلَماء.
__________________
(١) رد هذا ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (١ / ٦٣) وقال : «اللفظة عربية ، منسوبة إلى ربان السفينة الذي ينزلها ويقوم لمصلحتها وقال أبو جعفر النحاس في «معاني القرآن» (١ / ٤٢٩): «مأخوذ من قول العرب : ربَّ أمرَ الناس يربُّه : إذا أصلحه وقامبه فهو رابٌّ وربانيٌّ على التكثير».
(٢) في المطبوع : «بن» ، وكذا في «اللسان» و «التاج» (ريب) ، وزِدّ هو ابن حبيش الكوفي أبو مريم ، انظر ترجمته في «التهذيب» للمزي (٩ / ٣٣٥).
أبو عُبيد : الرِّباب : العُشُور ؛ وقال أبو ذُؤَيْب يَذْكر حُمُراً :
تَوَصّل بالرُّكُبان حيناً وتُؤْلِف الْ |
جِوَار ويُعْطِيها الأَمَانَ رِبَابُها |
قوله : «تؤلف الجِوار» أي تجاور في مكانَيْن. والرّباب : العهد الذي يَأْخذه صاحبُها من الناس لإجارتها.
وقال أبو عمرو : جَمع الرِّباب من العَهْد : أَرِبَّة ؛ وجمع : الرَّبّ : رِبَاب.
وقال شَمر : الرِّباب في بيت أبي ذُؤَيب جمع رَبّ.
وقال غيره : يقول : إذا أَجارَ المُجير هذه الحُمُر أعطى صاحبها قِدْحاً لِيَعْلموا أنه قد أُجِيرت فلا يُتعرض لها ، كأنه ذهب بالرِّباب إلى رِبَابة سِهام المَيْسر ؛ وقال أبو ذُؤيب :
فكأنّهن رِبَابَةٌ وكأنَّه |
يَسَرٌ يُفِيض على القِدَاح ويَصْدَعُ |
قال أبو عُبيد : الرِّبابة : جماعة السِّهام.
ويُقال : هي الجِلْدة التي تُجْمع فيها السِّهام.
وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه نظر في اللَّيْلة التي أُسْرِي فيها إلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبَابة البَيْضاء.
قال أبو عبيد : الرَّبَابة : السَّحابة التي قد رَكب بَعْضها بعضاً ؛ وجمعها : رَباب ؛ وبه سُمّيت المَرأة الرَّبَاب ؛ وقال الشاعر :
سَقى دار هِنْدٍ حيثُ حَلَّت بها النَّوَى |
مُسِفُّ الذُّرَى دانِي الرَّبَاب ثَخِينُ |
قال : والرِّبابة : بكسر الراء ، شبيهة بالكِنانة يكون فيها السِّهام.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : إذا ولدت الشاة فهي رُبَّى.
وإن ماتَ ولدها أيضاً فهي رُبَّى بَيِّنةُ الرِّباب.
قال : وأَنشدنا مُنْتَجع بن نَبْهان :
* حَنِينَ أُمّ البَوِّ في رِبَابها*
وقال الأمويّ : ربابها : ما بينها وبين عشرين يوماً من وِلادتها وقيل : شَهْرَيْن.
وقال أبو زيد : الرُّبَّى : من المَعِز ؛ ومثلها من الضأن : الرَّغُوث.
وقال الأصمعي : جَمع الرُّبّى : رِباب ؛ وأَنشد :
خَليل خَوْدٍ غَرّها شَبَابُه |
أَعْجبها إذْ كَبِرَتْ رِبَابُه |
عمرو عن أبيه ، قال : الرُّبّى : أَوّل الشَّبَاب.
يقال : أتَيته في رُبّى شَبابه ، ورُبَاب شَبابه ، ورِبَاب شَبابه ، ورِبّان شَبابه ، ورُبّان شبابه ، وفي جُنون شبابه ، كلّه بمعنى : حِدْثان شبابه.
أبو عُبيد ، عن الأَصْمعي : الرُّبان من كُل
شيء : حِدْثانُه.
ورُبّان الكَوْكَب : مُعْظَمُه.
وقال أبُو عُبَيْد : الرَّبّان ، بفتح الراء : الجماعةُ.
وقال الأَصْمعيّ : بضَم الرَّاء.
ويُقال : هذا مَرَبّ الإبل : أي حَيْث لَزِمَتْه.
وأَرَبَّت الإبلُ بالمَوْضع : إذا لَزِمَتْه.
وإبلٌ مَرَابٌ : لَوازِم.
وأَرَبَّت الجَنُوبُ : إذا دَامَت.
أبو عُبيد ، عن أبي زيد : أَربّ فلان بالمكان ، وأَلَبَّ : إرْباباً وإلباباً ، إذا أقام به فلم يَبْرَحْه.
الأصمعيّ : رَبَبْتُه فأنا أَرُبّه ، ورَبَّبتُه فأنا أُرَبِّيه ، وارْتَبَبْته فأنا أَرْتَبه ، كله بمعنًى واحد.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : الرّبيب : ابن امرأة الرَّجُل من غيره ؛ وقال مَعْنُ بن أوس يَذكر امْرأَته وذَكر أَرْضاً لها :
فإنّ بها جارَيْن لن يَغْدِرَا بها |
رَبِيبَ النَّبِيّ وابنَ خَيْر الخَلائِف |
يعني عُمر بن أبي سَلمة ، وهو ابن أُم سَلَمة زوج النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وعاصم بن عمر بن الخطّاب ، وأبوه أبو سَلَمة ، وهو رَبيب النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قال : والرابّ : زَوْج الأُمِّ.
ورُوي عن مُجاهد أنه كَره أن يَتزوّج الرّجل امرأة رَابّة ، يعني : امرأة زوج أُمّه.
وقال الليث : ربيبة الرَّجل : بنت امْرأته مِن غيره.
قال : والرَّبيب أيضاً : يُقال لزَوْج الأُم لها ولدٌ مِن غيره.
ويقال لامرأة الرجل ، إذا كان له ولد من غيرها : رَبِيبة.
وذلك معنى : رابّة ، ورابّ.
ودُهْنٌ مُرَبَّب : إذا رُبّب الحَبُّ الذي اتّخذ منه بالطِّيب.
أبو عُبيد عن أبي عمرو : الرّبْرَب : جماعة البقر ، وكذلك الإِبل.
قال : وقال الأصمعي : الرِّبّة : بَقلة ناعمَة ؛ وجمعها : رِبَبٌ ؛ وقال ذو الرُّمّة يَصِف الثَّوْر الوَحْشِيّ :
أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِمَرْتَعه |
مِن ذي الفَوارِس يَدْعُو أَنْفه الرِّبَبُ |
وقيل : الرِّبّة : اسم لعدّة من النّبات لا تَهيج في الصَّيف تَبْقى خُضْرتُها شِتَاءً وصَيْفاً ، منها الحُلَّب ، والرُّخَامَى ، والمَكْر ، والعَلَّقى ، يقال لها كُلها : رِبَّة.
عمرو ، عن أَبيه : رَبْرَبَ الرَّجُلُ ، إذا رَبَّى يَتِيماً.
أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي ، قال : الرَّبُوب ، والرَّبِيب : ابن امرأة الرَّجُل مِن غَيْره.
ويقال للرَّجل نفسه : رَابّ.
قلت : وهذا هو الصَّحيح ؛ ولا أَعلم الذي قاله اللَّيث صَحِيحاً.
وقد قال أحمد بن يحيى للقوم الذين اسْتُرضع فيهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أرِبّاء النّبيّ.
كأنه جمع رَبيب فعيل ، بمعنى فاعل.
وقال أبو عمرو : الرُّبَّى : الحاجة ، يقال : لي عِنْد فلانٍ رُبّى.
قال : الرُّبّى : الرَّابّة. والرُّبّى : العُقْدة المُحْكَمة. وفي مَثَل : إن كُنْتَ بي تَشُدّ ظَهْرك فأَرْخِ من رُبّى أَزْرَك. يقول : إن عَوَّلْت عليّ فَدَعْني أَتْعَب واسْتَرِخ أنت واسْتَرِحْ.
والرُّبَّى : النِّعمة والإحْسان.
وقال النَّحويون : رُبّ : من حُروف المَعاني ، والفَرق بينها وبين «كم» أن «رب» للتَّقْلِيل و «كم» وُضعت للتَّكْثير إذَا لم يُرَد بها الاستفهام. وكلاهما يَقع على النّكرات فَيخْفِضها.
وقال الزّجاج : مَن قال إن «ربّ» يُعنى بها التكثير فهو ضدّ ما تَعرفه العرب.
قال : فإن قال قائل : فلم جازت «رب» في قول الله عزوجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] هاهنا ، وهي للتقليل؟
فالجواب فيه : أن العرب خوطبت بما تعلمه من التهديد ، والرَّجل يَتَهَدَّد الرجل فيقول له : لعلّك سَتندم على فعلك ، وهو لا يشك في أنه يَنْدم.
ويقول له : ربّما يندم الإنسان من مثل ما صَنعت ، وهو يعلم أن الإنسان يَنْدم كثيراً.
ولكنّ مجازه أنّ هذا لو كان مما يُوَدّ في حالٍ واحدة من أحوال العذاب ، أو كان الإنسان يخاف أن يَندم على الشيء لوَجب عليه اجْتنابه.
والدَّليل على أنه على معنى التّهدد قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا) [الحجر : ٣].
والفرق بين «ربما» و «رب» أن «رب» لا يليه غير الاسم ، وأما «ربما» فإنما زيدت «ما» مع «رب» لِيَلِيها الفعل. تقول : رُبّ رجل جاءني ، أو ربما جاءني زيد.
وتقول : رب يوم بكرت فيه ، ورُبّ خمرة شَرِبْتها.
وتقول : رُبما جاءني زيد ، وربما حضرني زيد.
وأكثر ما يليه الماضي ، ولا يليه من الغابر إلا ما كان مُسْتَيْقناً ، كقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢].
ووَعْد الله حقٌّ ، كأنه قد كان ، فهو في مَعنى ما مَضى ، وإن كان لفظه مُسْتَقبلاً.
وقد يلي «ربما» الأسماء ، وكذلك : «رُبتما» ؛ وأنشد ابن الأعرابي :
ماويّ يا رُبَّتما غارةٍ |
شَعْواءَ كاللَّذْعة بالمِيسَم |
قال أبو الهيثم : العرب تزيد في «رب» هاء.
وتَجعل الهاء اسماً مَجهولاً لا يُعرف ، ويَبْطل معها عمل «رُبّ» فلا يُخْفض بها ما بَعد الهاء.
قال : وإذا فَرقْت بين «كم» التي تعمل عمل «رب» لشيء بَطل عَملها ؛ وأَنْشد :
كائِنْ رأيْتُ وهايا صَدْعِ أَعْظُمِه |
ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ |
ونصب عطباً من أجل الهاء المَجْهولة.
أبو حاتم : من الخطأ قول العامّة : ربما رأيتُه كثيراً ، و «ربما» إنما وُضعت للتَّقْلِيل.
الحَرَّاني ، عن ابن السِّكيت ، يقال : رُبّ رجل ، ورَبّ رجلٍ ، بفتح الراء ويُخفّف ، ورُبّت رجل ورَبّت رجل ، بفتح الراء ويخفف ، ورُبَّتما ورَبَّتما ، بالتثقيل والتخفيف.
بر : قال اللَّيْثُ : البَرُّ : خلاف البَحْر.
والبَرِّيّة : الصَّحْراء. والبَرّ : نَقِيض الكِنّ.
قال : والعَرب تَسْتعمله في النَّكرة. تَقُول : جلستُ بَرّاً ، وخَرَجْتُ بَرّاً.
قلت : وهذا مِن كلام الموَلَّدين ، وما سَمِعْتُه من فُصحاء العَرب البادية.
ويُقال : أَفْصَح العَرب أَبَرُّهم.
معناه : أبعدهم في البَرّ والبَدْو دَاراً.
وقال الله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الروم : ٤١].
قال الّزجّاج : مَعْناه : ظَهر الجَدْبُ في البَرّ ، والقَحْطُ في البَحْر ، أي في مُدُن البَحْر التي على الأَنْهار.
وقال شَمِر : البَرِّيّة : الأَرْض المَنْسوبة إلى البَرِّ ، وهي بُرِّيّة ، إذا كانت إلى البَرِّ أَقْرَب منها إلى الماء.
وقال مُجاهد في قوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [الأَنعام : ٥٩].
قال : البَرّ : القِفَار. والبَحْر : كُل قَرْية فيها ماء.
وقال شمِر في تَفْسِير قوله صلىاللهعليهوسلم : «عليكم بالصِّدق فإنّه يَهْدي إلى البِرّ».
اختلف العُلماء في تَفسير البِرّ.
فقال بعضهم : البِرّ : الصَّلَاح.
وقال بعضُهم : البِرّ : الخَيْر.
قال : ولا أعلم تَفْسِيراً أجْمع منه ، لأنه يُحيط بجَميع ما قالوا.
قال : وجَعل لَبِيدٌ البِرَّ التُّقَى حيث يقول :
* وما البِرّ إلا مُضْمَراتٌ من التُّقَى*
قال : وأَمّا قول الشاعر :
* تُحزُّ رُؤُوسهم في غَيْر بِرّ*
فمعناه : في غير طاعة وخَيْر.
وقال شمر : الحَجّ المَبْرور : الذي لا
يُخالطه شيءٌ من المآثِم.
والبَيْع المَبْرُور : الذي لا شُبهة فيه ولا كَذِب ولا خِيَانَة.
قال : ويُقالُ : بَرّ فُلانٌ ذَا قَرابته ، يَبَرّ بِرّاً.
وقد بَرَرْتُه أَبَرّه. وبَرّ حَجُّك يَبُرّ بُرُوراً.
وبَرّ الحجَ يَبِرّ بِرّاً. وبَرّ الله حَجّه ، وأَبرَّه.
وبَرّت يَمِينُه تَبَرّ.
وأَبَرَرْتُها. وبَرّ الله حجَّه ؛ وبَرَّ حَجُّه.
وقول الله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢].
قال الزّجّاج : قال بعضُهم : كُلّ ما تقرّب به إلى الله عزوجل مِن عمل خَير فهو إنْفاق.
قلت : البِرُّ : خَير الدنيا والآخرة ، فخير الدُّنيا : ما يُيَسّره الله تبارك وتعالى لِلْعَبد من الهُدى والنِّعمة والخَيرات ؛ وخَيْر الآخرة : الفَوْز بالنَّعيم الدّائم في الجنة.
والبَرُّ من صِفات الله : العَطُوف الرَّحيم اللَّطيف الكَريم.
حدّثنا عبد الله وعُرْوة ، قالا : حدّثنا محمد بن منصور الخراز ، قال : حدّثنا سُفيان ، عن شمر ، عن أبي صالح ، عن أبي هُريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحَجُ المَبْرُور ليس له جَزَاء إلّا الجَنّة».
وقال سُفيان : تفسير المبرور : طيبُ الكَلام وإطْعام الطَّعام.
وقال أبو قِلَابةَ لِرَجُل قَدِم من الحجّ : بُرّ العَمَلُ. أراد عَملَ الحجّ. دَعا له أن يكون مَبْرُوراً لا مَأْثَم فيه فَيَسْتوجب بذلك الخُروجَ من الذُّنوب التي التي اقْتَرفها.
حدّثنا عبد الله ، قال حدّثنا عبّاد بن الوليد الغُبَريّ ، عن حبّان بن هلال ، عن أبي مُحَيصن ، عن سُفيان بن حُسين ، عن محمد بن المُنْكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قالوا يا رسول الله ، ما بِرّ الحج؟
قال : «إطْعام الطَّعام وطيب الكلام».
ويُقال : قد تَبَرَّرْت في أمرنا ، أي تَحَرّجت ؛ وقال أبو ذُؤيب :
فقالَت تَبَرَّرْت في جَنْبِنا |
وما كُنْتَ فِينا حَدِيثاً بِبرْ |
أي تَحَرّجت في سَبْينا وقُرْبنا.
أبو عُبيد ، عن الأَحمر : بَرَرْت قَسَمِي ؛ وبَرَرْتُ والدِي.
قال : وغيره لا يَقول هذا.
وأَخبرني المُنذري ، عن أبي العباس في كتاب «الفصيح» يُقال : صَدَقْت وبَرِرْت.
وكذلك : بَرَرْت والدي أَبِرّه.
وقال أبو زيد : بَرَرْت في قَسمي.
وأبَرّ الله قَسَمي ؛ وقال الأَعْور الكَلْبيّ :
سَقَيْناهم دِمَاءَهُم فسالَتْ |
فأَبْرَرْنا إليه مُقَسّمِينا |
وقال غيره : أبَرّ فلانٌ قَسم فلانٍ وأَحْنَثه.
فأما أبّره فمعناه : أنه أجابه إلى ما أَقْسَم عليه. وأَحْنَثه ، إذا لم يُجِبْه.
أبو عُبَيد ، عن الفراء : بَرّ حَجُّه.
فإذا قالوا : أَبرّ الله حَجَّه ، قالوا بالأَلف.
والبِرّ في اليمين مِثْلُه.
وقال أبو سِعيد : بَرَّت سِلْعَتُه ، إذا نَفَقَت.
قال : والأَصل في ذلك : أن تُكافئه السِّلعة بما حَفِظها وقام عليها ، تُكافئه بالغَلاء في الثمن ؛ وهو مِن قول الأَعْشى يَصف خَمْراً :
تَخَيَّرها أَخُو عانَاتَ شَهْراً |
ورَجَّى بِرَّها عاماً فعاماً |
أي : رِبْحَها.
قال : ومن كلام سُليمان ، مَن أَصْلح جوَّانيّه أصلح الله بَرَّانِيّه.
المعنى : من أصلح سَرِيرته أَصلح الله علانيته ، أُخذ من الجَوّ والبَرّ. والجَوّ : كلُّ بَطْنٍ غامِض. والبَرّ : المَتْن الظَّاهِر ، فجاءت هاتان الكلمتان على النّسبة إليهما بالأَلف والنُّون.
ومن كلام العرب : فلانٌ لا يَعْرف هِرّاً من بِرّ.
قال ابن الأعرابي ، البِرّ ، هاهنا : الفَأر.
حكاه عنه أبو العبّاس.
وقال خالد : الهِرّ : السِّنَّوْر ، والبِرُّ : الجُرَذ.
قال : وقال أبو عُبيد : معناه : ما يَعْرف الهَرْهَرة من البَرْبَرة.
فالهَرْهَرة : صوتُ الضّأن ؛ والبَرْبَرة : صوت المِعْزَى.
قال الفَزَارِيّ : البِرُّ : اللُّطْف ؛ والهِرُّ : العُقُوق.
وقال يُونس : الهِرّ : سَوْقُ الغنم ؛ والبِرّ : دُعاء الغنم.
أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : البِرُّ : فِعْل كُلِّ خَيْر من أيّ ضَرْبٍ كان.
والبِرّ : دُعاء الغَنَم إلى العَلف. والبِرّ : الإكْرام. والهِرُّ : الخُصومة. قال : والبِرّ : الفُؤاد.
ويُقال : هو مُطْمئِنّ البِرّ ؛ وأَنْشد ابن الأَعْرابي :
أكون مَكانَ البِرّ منه ودُونه |
وأَجْعَل مالي دُونَه وأُؤامِرُه |
قال ابن الأعرابي : البَرَابيرُ : أن يَأتي الرَّاعي إذا جاع إلى السُّنْبل فَيَفْرُك منه ما أحَبّ ويَنْزعه من قُنْبُعه ، وهو قِشْره ، ثم يَصُبّ عليه اللبنَ الحَليب ويُغْليه حتى يَنْضَج ثم يَجْعله في إناء واسِع ثم يُسَمِّنه ، أي يُبرِّده ، فيكون أطيبَ من السّمِيذ.
قال : وهي الغَديرة ؛ وقد اغْتدَرْنا.
أبو عُبيد ، عن الأَصمعيّ : البَرِيرُ : ثمَر الأَراك ؛ والمَرْدُ : غَضُّه ؛ والكَبَاث :
نَضيجُه.
الليث : البُرّ : الحِنْطة.
والبُرّة ، الواحدة.
والإبْرار : الغَلبة ؛ وقال طَرَفة :
يَكْشِفُون الضُّرّ عن ذي ضُرّهم |
ويُبِرُّون على الآبي المُبر |
أي : يَغْلِبون.
يُقال : أبَرّ عليه ، أي غَلَبه.
والمُبِرُّ : الغالِب.
أخبرني المُنْذِريّ ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابي أنّه أَنْشد :
إذا كُنْتُ مِنْ حِمّانَ في قَعْرِ دَارِهمْ |
فَلَسْتُ أُبَالِي مَن أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ |
قال : «أبر» من قولهم : أَبَرّ عليهم شَرّاً.
قال : وأَبَرَّ ، وفجَر ، واحد ، ولكنّه جَمع بينهما.
وقال ابن الأعرابي : سُئل رَجُلٌ من بني أَسد : أتَعْرف الفَرس الكريم؟ قال : أعْرف الجوادَ المُبِرّ من البطيء المُقْرِف.
قال : والجواد المُبِرّ ، الذي إذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْر ، ولَهَز لَهْزَ العَيْر ، الذي إذا عَدا اسْلَهَبّ ، وإذا قيد اجْلَعَبّ ، وإذا انْتَصب اتْلأبّ.
ويُقال : أَبَرّه يُبِرّه ، إذا قَهَره بفعال أو غَيْره.
وبَرَّ يَبَرُّ ، إذا صَلَح.
وبَرَّ في يَمِينه يَبَرّ إذا صَدَقه ولم يَحْنَثْ.
وبَرَّ رَحِمَه يَبَرّ ، إذا وَصَله.
قال : وبَرّ يَبَرّ ، إذا هُدِي.
سَلَمة ، عن الفراء ، قال : البَرْبَريّ ، الكَثير الكَلام بلا مَنْفَعة.
وقال غيره : رَجُلٌ بَرْبَارٌ ، بهذا المعنى.
وقد بَرْبَر في كلامه بَرْبَرةً ، إذا أَكْثر.
حدثنا السَّعدي ، عن علي بن خشرم ، عن عيسى ، عن الوَضّاحي ، عن مُحارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قال : إنما سَمَّاهم الله أَبْرَاراً ، لأنّهم بَرُّوا الآباء والأَبْنَاء.
وقال : كما أنّ لك على وَلدك حَقّاً كذلك لِولدك عليك حَقّ.
وحدّثني الحسين بن إدريس ، عن سُويد ، عن ابن المبارك ، عن سفيان ، قال : كان يقال : حَقّ الولد على والده أن يُحسن اسْمه ، وأن يُزَوِّجه إذا بلغ ، وأن يُحِجّه ، وأن يُحسن أَدَبه.
أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : البَرْبَرة : الصوت.
وقال اللَّيث : هو الجَلبة باللِّسان وكَثْرة الكلام.
ورَجُل بَرّبار ، إذا كان كذلك.
وبَرْبَر : جِيل من الناس ، يُقال : إنّهم من ولد قَيْس عَيْلان.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : البُرْبُور :
الجَشيش من البُرّ.
ويُقال : فلانٌ يَبَرّ رَبَّه : أي يُطيعه ؛ ومنه قولُه :
* يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونكا*
ورَجُلٌ بَرٌّ بذي قَرابته.
وبارٌّ : من قوم بَرَرة ، وأبْرَار.
والمَصْدر ، البِرّ.
وقال الله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) [البقرة : ١٧٦]. فيه قولان :
أحدهما : ولكنّ ذا البِرّ من آمَن بالله.
والقول الآخر : ولكنّ البِرّ بِرّ مَن آمن بالله ؛ كقوله :
وكيف نُواصِلُ من أصْبَحت |
خُلالَتُه كأَبِي مَرْحَب |
أراد : كخُلالة أبي مَرْحب.
وقال تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) [البقرة : ٤٤].
البِرّ : الاتِّسَاع في الإحسان والزّيادة فيه.
ويقال : أَبَرّ على صاحبه في كذا ، أي زاد عليه.
وسُمِّيت البَرِّيّة لاتِّساعها.
والبِرّ : اسمٌ جامعٌ للخَيْرات كُلّها.
والبِرّ : الصِّلَة.
وفي بعض الحديث : ولهم تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرَة.
البربرة : الصّوت ؛ والتَّغَذْمُر : أن يتكلّم بكلام فيه كِبْر.
[باب الراء والميم]
ر م
مر ، رم.
رم : قال اللَّيث : الرَّمُ : إصْلاح الشيء الذي قد فَسد بَعْضُه ، من نحو حَبْل يَبْلَى فَترمّه ، أو دَارٍ تَرُمّ شَأْنَها مَرَمَّةً.
ورَمُ الأمر : إصْلاحه بعد انْتِشاره.
وفي الحديث : «عليكم أَلبانَ البَقر فإنها تَرُمّ من كُلّ الشَّجَر».
قال ابن شُمَيل : الرَّمّ ، والارْتِمام : الأكْل.
قال : والرُّمَام من البَقل حين ترمُّه المال بأفواهها لا تنال منه إلا شَيْئاً قَلِيلاً.
ويقال لليَبيس حين يَبْقُل : رُمَامٌ أيضاً.
قال ابن الأعرابيّ : والمِرَمّة ، بالكسر : شَفة البقرة وكل ذات ظِلْف ، لأن بها تأكل.
والمَرَمّة : بالفتح ، لغة فيه.
وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي العبَّاس ، قال : الشَّفة من الإنسان ومِن ذوات الظِّلْف : المِرَمّة والمِقَمَّة ، ومن ذوات الخُفّ : المَشْفَر.
وفي حديث آخر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن الاسْتِنْجاء بالرَّوْث والرِّمّة.
قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : الرِّمة :
العِظام البالية ؛ قال لَبيد :
والبيت إن تَعْرَمنّي رِمَّةٌ خَلَقاً |
بعد المَمَات فإنّي كنتُ أَتّئِرُ |
قال أبو عُبيد : والرَّميم ، مثل الرِّمّة ؛ قال الله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس : ٧٨].
يُقال منه : رَمّ العَظْمُ ، وهو يَرمّ رِمّةً ، وهو رَميم.
وأَخبرني المنذرِيّ ، عن ثَعلب ، قال : يقال : رَمّت عِظَامُه ، وأَرَمَّت ، إذا بَلِيت.
وقال غيره : أَرَمّ العَظْمُ فهو مُرِمّ ، وأَنْقى فهو مُنْقٍ ، إذا صار فيه رِمٌ ، وهو المُخّ.
والرُّمّة من الحَبل ، بضم الراء : ما بَقِي منه بعد تَقَطّعه ؛ وجَمْعها : رِمَم ، وبهذا سُمِّي غَيْلان العدويّ الشاعر : ذو الرُّمّة ؛ لأنه قال في أُرجوزة له :
أَشْعث مَضْروب القَفَا مَوْتود |
فيه بقايا رُمَّةِ التَّقْلِيدِ |
يَعني ما بَقي في رأس الوَتد من رُمّة الطُّنب المَعْقُود فيه.
ومن هذا يُقال : أعطيتُه الشيءَ بِرُمّته ، أي بجماعته.
وأَصلها : الحَبل يُقاد به البعير ؛ ومنه قول الأَعْشى :
فقلتُ له هذه هاتها |
بأَدْماء في حَبْل مُقْتَادِها |
قال أبو بكر ، في قولهم : أخذ الشيء برُمّته ، قَوْلان :
أحدُهما : أن الرُّمّة : قِطْعَةُ حَبْل يُشَدّ بها الأَسير أو القاتل إذا قِيد إلى القَتْل لِلْقَود ، وقولُ عليٍّ يَدُلّ على هذا حين سُئل عن رَجُل ذَكر أنه رأى رَجلاً مع امرأته فقتَله ، فقال : إن أقامَ بَيِّنةً على دَعْواه وجاء بأربعة يشهدون وإلا فَلْيُعْط برُمَّته.
يقول : إن لم يُقم البيّنة قاده أهلُه بحَبْل في عُنقه إلى أولياء القَتيل فيُقْتل به.
والقول الآخر : أخذتُ الشيء تامّاً كاملاً لم يُنقص منه شيء.
وأصله : البعير يُشَدّ في عُنقه حَبْل ، فيقال : أَعطاه البعيرَ برُمّته ؛ قال الكُمَيت :
* وَصْل خَرْقَاء رُمَّةٌ في الرِّمَام *
ويُقال : أخذتُ الشَّيء برُمَّته ، وبزَغْبره ، وبجُمْلته ، أي أخذته كُله لم أَدْع منه شيئاً.
وفي حديث : فأَرَمّ القَوْمُ.
قال أبو عُبيد : أَرَمّ الرَّجُل إرْمَاماً ، إذا سَكَت. فهو مُرِمّ.
والإرْمَامُ : السُّكُوت.
وأمّا التّرَمْرُم ، فهو أن يُحرِّك الرَّجُلُ شَفَتَيْه بالكلام.
يُقال : ما تَرَمْرم فلانٌ بحَرْف ، أي ما نَطق ؛ وأَنْشد :
* إذا تَرَمْرَم أَغْضى كلُّ جَبَّار*
وقال أبو بكر : في قولهم : ما تَرَمْرم ، مَعْناه : ما تحرّك ؛ قال الكُمَيت :
تكاد الغُلاةُ الجُلْسُ مِنْهُنَّ كُلّما |
تَرَمْرم تُلْقِي بالعَسِيب قَذَالهَا |
ويجوز أن يكون «ما ترمرم» مبنيّاً من : رام يريم ، كما تقول : خَضْخضت الإناء ، والأصل من : خاض يخوض ؛ ونَخْنَخت البعير ، والأصل : أناخ.
والرَّمْرَامة : حِشيشةٌ مَعْروفة في البادية ؛ والرَّمْرام : الكثير منه.
ومن كلامهم في باب النَّفْي : ما له عن ذلك الأَمر حَمٌّ ولا رَمٌ ، أي بُدٌّ ، وقد يُضَمَّان.
قال الليث : أمّا : حمُ ، فمعناه : ليس يَحول دونه قَضَاء.
قال : ورَمّ : صلة ، كقولهم : حَسَن بَسَن.
وقال أبو عبيد : قال الفراء : في قولهم : ما له حُمٌّ ولا سُمٌّ ، أي ما له هَمٌّ غيرك.
وما له حُمٌّ ، ولا رُمٌ ، أي ليس له شيء.
وأمّا الرُّمّ فإن ابن السِّكِّيت قال : يُقالُ : ما له ثُمٌّ ولا رُمٌ ، وما يَمْلك ثُمّاً ولا رُمّاً.
قال : والثُّم : قُماش الناس : أَساقيهم وآنِيتهم. والرُّمّ : مَرَمّة البَيت.
قلت : والكلامُ هو هذا ، لا ما قاله اللَّيْث.
وقرأت بخط شَمر في حديث عُرْوة بن الزُّبَير حين ذكر أُحيحة بن الجُلَاح وقول أخواله فيه : كُنّا أَهْل ثُمَّة ورُمَّة.
قال : قال أبو عُبيد : هكذا حدّثوه بضم الثاء والراء ؛ ووجهه عندي : أَهل ثَمّه ورَمّه ، بالفتح.
قال : والثَّم : إصلاح الشيء وإحكامه ، والرَّم من «الطعم» ، يُقال : رَمَمت رَمّاً.
وقال أبو عمرو : الثَّمّ والرَّمّ : إصلاح الشيء وإحكامه.
قال شَمر : وكان هاشم بن عَبد مناف تزوّج سَلْمى بنت زيد النَّجّاريّة بعد أُحَيْحة بن الجُلاح ، فولدت له شَيبة ، وتُوفي هاشم وشَبّ الغلام ، فقدم المُطّلب بن عبد مناف فرأى الغُلام فانتزعه من أُمّه ، وأَرْدفه راحِلَته ، فلمّا قَدِم مكة قال الناس : أَرْدَف المُطَّلب عَبْده ، فسمِّي : عَبْد المُطَّلب.
وقالت أُمه : كنّا ذوي ثَمّه ورَمّه حتى إذا قام على ثَمِّه انْتزعوه عَنوة من أُمّه ، وغلَب الأَخْوالَ حقُّ عمِّه.
قلت : وهذا الحرف رَواه الرُّواة هكذا : ذوي ثُمِّه ورُمِّه. وكذلك رُوي عن عُروة ، وقد أَنكره أبو عُبيد. والصَّحيح عندي ما جاء في الحَديث.
والأصل فيه ما قاله ابن السِّكِّيت : ما له ثُمّ ولا رُمّ.
فالثُّمّ : قماش البيت ، والرُّمّ : مَرَمّة البيت ؛