تُرْفع فيه الأصوات ، ولا تُؤبن فيه الحُرم ، أي لا تُذكر فيه النّساء ، ويُصان مَجْلِسُه عن الرَّفَث وما يَقْبح نَشْرُه.
ورُوي عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن الشِّعر إذا أُبِنَت فيه النِّساء.
قال شَمر : أبَنْت الرجُلَ بكذا وكذا ، إذا أزْنَنْته به.
وقال ابن الأعرابي : أبَنْت الرّجل آبِنه ، وآبنُه ، إذا رَمَيته بقبيح وقذفْته بسُوء.
قال : ومعنى «لا تؤبن فيه الحُرم» ، أي : لا تُرمى بسُوء ولا تُعاب ، ولا يُذكر منها القَبِيحُ وما لا يَنْبغي مما يُسْتَحْيا منه.
وقال ابن الأعرابي : الأَبِن ، غير ممدود الألف ، على «فَعِل» من الطَّعام والشَّراب : الغَلِيظ الثَّخِين.
والأُبنة : العَيب في الحَسب والعُود.
وقول رُؤبة :
* وامْدَح بلالاً غَيْر ما مُؤَبَّنِ *
قال ابن الأعرابيّ : مُؤَبَّن : مَعِيب.
وخالفه غيره.
وقيل للمَجْبُوس : مَأْبون ، لأنه يُزَنّ بالعَيْب القَبيح.
وكأنّ أصله من «أُبْنة» العصا ، لأنها عَيْبٌ فيها.
أبو عبيد ، عن أبي عمرو : أَبّنْت الرَّجُل تَأْبيناً ، إذا مَدَحْتَه بعد مَوته ؛ وقال مُتمِّم ابن نُوَيْرة :
لَعَمْرِي وما دَهْرِي بتأْبِين هالِكٍ |
ولا جَزَعاً ممّا أَصَاب فأَوْجَعَا |
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : التّأبين : اقتفاء الأثر ؛ قال أَوْس :
يقول له الرّاؤُون هذاكَ راكبٌ |
يُؤَبِّن شَخْصاً فوق عَلياء واقِفُ |
يَصِف العَيْرَ.
وقيل لمادح المَيت : مؤبِّن ، لاتّباعه آثار فِعاله وصَنائعه.
وقال شَمر : التَّأبين : الثناء على الرّجل في المَوت والحياة.
وإبّان الشيء : وقته.
يقال : أتانا فلان إبّان الرُّطب ، وإبّان اخْتراف الثمار ، وإبّان الحَرّ أو البرد ، أي أتانا في ذلك الوقت.
وقال ذو الرُّمّة يَصِف عَيْراً وسَحِيلَه :
تُغنِّيه من بين الصَّبيّين أُبْنةٌ |
نَهُومٌ إذا ما ارْتدّ فيها سَحِيلُها |
تُغنِّيه ، يعني «العَيْر» بين الصّبّيين ، وهما طرفا اللَّحْى. والأُبْنة : العُقْدة ، وعَنى بها ها هنا : الغَلْصَمة. والنَّهُوم : الذي يَنْخِط ، أي يَزفر ؛ يقال : نَهَم ونَأم فيها في الأبْنة.
والسَّحِيل : الصَّوت.
وأَبَانَان : جبلان في البادية ، ذكرهما مُهْلهل ؛ وقال :
لو بأبَانَيْن جاء يَخْطُبها |
رُمِّل ما أنْف خاطبٍ بِدَمِ |
وأَبَان : اسمٌ.
ما يعرف بالابن والبنت
ابن الأعرابي : ابن الطِّين : آدم عليهالسلام.
وابن مَلاط : العَضُد.
وابن مُخدِّش : رأس الكَتِف ؛ ويقال : إنه النُّغْض أيضاً.
وابن النَّعَامة : عَظْم السّاق.
وابن النَّعامة : عِرْق في الرِّجْل.
وابن النَّعامة : مَحَجَّة الطّريق.
وابن النّعامة : الفرسُ الفارِه.
وابن النَّعامة : الساقي الذي يكون على رَأس البِئر.
ويُقال للرَّجُل العالم هو :
ابن بَجْدتها ، وابن بُعْثُطها ، وابن سُرْسُورها ، وابن ثَراها ، وابن مَدِينتها ، وابن زَوْمَلتها ، أي العالِم بها.
وابن الفَأرة : الدِّرْص.
وابن السِّنَّور : الدِّرص أيضاً.
وابن الناقة : البابُوس. ذكره ابن أَحْمر في شِعْره.
وابن الخَلّة : ابن مَخاض.
وابن عِرْس : السُّرْعُوب.
وابن الجرَادة : السِّرْو.
وابن اللَّيْل : اللِّصّ.
وابن الطَّريق : اللِّصّ أيضاً.
وابن غَبْراء : اللِّصّ أيضاً.
وقيل في قول طَرفة :
* رأيتُ بني غَبْراء لا يُنْكرُونني*
إنّ بني غبراء اسمٌ للصَّعاليك الذين لا مالَ لهم ، سُمُّوا : بَني غَبْراء ، للزُوقهم بغَبْراء الأَرض ، وهو تُرابها.
أراد أنه مَشهور عند الفُقراء والأغْنياء.
وقيل : بنو غَبراء : هم الرُّفْقة يَتَناهدون في السَّفَر.
وابن إلَاهة ، وأَلَاهة : ضَوء الشمس ، وهو الضِّحّ.
وابن المُزْنة : الهلال ؛ ومنه قوله :
* رأيْتُ ابْنَ مُزْنَتها جانِحَا*
وابن الكَرَوان : اللَّيْل.
وابن الحُبَارى : النَّهار.
وابن تُمَّرة : طائر. ويقال : التُّمرَّة.
وابن الأرض : الغَدير.
وابن طامِر : البُرْغُوث.
وابن طامِر : الخَسيس من الناس.
وابن هَيَّان ، وابن بَيّان ، وابن هَيّ ، وابن بَيّ ، كُلّه الخَسِيس من الناس.
وابن النّخلة : الدُّجى (١).
وابن اليَحْنة : السَّوْط. واليَحْنة : النَّخلة الطَّويلة.
وابن الأسد : الشَّيْع ، والحَفْص.
وابن القِردْ : الحَوْدَل ، والرُّبَّاح.
وابن البَرَاء : أول يَوْم من الشّهر.
وابن المازِن : النَّمْل.
وابن الغُراب : البُجّ.
وابن الفوالي : الجانّ. يعني : الحيّة.
وابن القاويّة : فَرخ الحمَام.
وابن الفاسِيَاء : القَرَنْبي.
وابن الحَرام : السَّلا.
وابن الكَرْم : القِطْف.
وابن المَسَرَّة : غُصن الرَّيْحان.
وابن جَلَا : السّيِّد.
وابن دَأْية : الغُراب.
وابن أَوْبر : الكَمْأة.
وابن قِتْرة : الحيّة.
وابن ذُكاء : الصُّبْح.
وابن فَرْتَنى ، وابن تُرْنَى : ابن البَغِيّة.
وابن أَحْذَار : الرَّجُل الحَذِر.
وابن أَقْوال : الرَّجُل الكثيرُ الكَلام.
وابن الفَلاة : الحِرْباء.
وابن الطَّوْد : الحَجر.
وابن حَجِير : الليل التي لا يُرى فيها الهِلال.
وابن آوى : سَبُعٌ.
وابن مَخاض ، وابن لَبُون : من أولاد الإبل.
ويُقال للسِّقاء : ابن الأَدِيم.
فإذا كان أكبر ، فهو : ابن أديمَين ، وابن ثلاثة آدِمة.
وأخبرني المنذريّ ، عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : هذا ابنُك ، ويُزاد فيه الميم فيقال : هذا ابْنُمك. فإذا زيدت فِيه الميم أُعرب من مكانَيْن ، فقيل : هذا ابْنُمُك ، فضُمَّت النون والميم ، وأعرب بضَم النون وضم الميم ؛ ومررت بابْنِمِك وأريت ابْنَمَك ، تُتْبع النون الميم في الإعراب ، والألف مكسورة على كل حال.
ومنهم من يُعربه مِن مكانٍ واحد ، فيُعرب الميم لأنها صارت آخر الاسم ، ويدع النون مفتوحةً على كل حال ، فيقول : هذا ابْنَمُك ، وهذا ابْنَمُ زيد ، ومررت بابْنَم زيد ، ورأيت ابنَم زيد ؛ وأَنْشد :
وَلَدْنا بني العَنْقاء وابْني مُحرِّق |
فأَكرِمْ بنا حالاً وأَكرم بنا ابْنَما |
وزيادة الميم فيه كما زادوها في : شَدْقم ،
__________________
(١) «اللسان» : «الدنيء» ، (إبياري).
وزُرْقم ، وشَجْعم ، لنوعٍ من الحيّات.
ويُقال فيما يعرف ببنات :
بَنات الدَّم : بنات أَحْمر.
وبنات المُسْنَد : صُروفُ الدَّهْر.
وبَنات مِعًى : البَعَر.
وبَنات اللَّبن : ما صَغُر منها.
وبنات النَّقَا : هي الحُلْكة ، تُشَبَّه بهن بَنان العَذَارى ؛ قال ذو الرُّمة :
* بَنات النّقَا تَخْفَى مِراراً وتَظْهرُ*
وبنات مَخْرٍ ، وبناتُ بَخْرٍ : سحائب يأتين قُبُل الصَّيف مُنْتَصبات.
وبنات غَير : الكَذِب.
وبنات بِئس : الدَّواهي ؛ وكذلك : بنات طَبق ، وبنات بَرح ، وبنات أَوْدَك.
وابنة الجَبْل : الصَّدَى.
وبنات أعْنق : النساء ، ويقال : خيل نُسِبت إلى فَحل يقال له : أَعْنق.
وبنات صَهَّال : الخَيْل.
وبَنات شَحّاج : البِغال.
وبنات الأخْدِريّ : الأُتْن.
وبنات نَعش : من الكواكب الشّماليَّة.
وبنات الأرض : الأنهار الصغيرة.
وبنات المنَى : اللَّيل.
وبنات الصَّدْر : الهُموم.
وبنات المِثال : النِّساء. والمِثال : الفِرَاش.
وبنات طارق : بَنات المُلوك.
وبَنات الدَّوّ : حَمير الوَحْش.
وهي بنات صَعْدة أيضاً.
وبنات عُرْجون : الشَّماريخ.
وبنات عُرْهون : الفُطْر.
[باب النون والميم]
ن م (وايء)
نمى ، نوم ، نيم ، منى ، مأن ، يمن ، ينم ، ونم ، أمن ، نأم ، منأ ، أنم ، منا ، مين ، إنما.
أنم : الليث : الأَنام : ما على ظَهر الأرض من جَميع الخَلْق.
قال : ويجوز في الشّعْر : الأَنِيم.
وقال المُفْسرون في قول الله تعالى : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠)) [الرحمن : ١٠] هم : الجِنّ والإنس.
والدّليل على ما قالوا أن الله تَعالى قال بعقب ذِكره «الأنام» إلى قوله : (وَالرَّيْحانُ) [الرحمن : ١٢] : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)) [الرحمن : ١٣] ولم يَجْرِ للجنّ ذِكْرٌ قبل ذلك ، إنما ذَكر الجانّ بعده ، فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ
كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥)) [الرحمن : ١٤ ، ١٥] الآية.
والجنّ والإنس ، هما الثَّقَلان.
وقيل : جاز مُخاطبة الثَّقَلين قبل ذِكرهما معاً ، لأنهما ذُكرا بعقب الخطاب ؛ كما قال المثقَّب العبديّ :
فما أَدري إذا يَمَّمتُ أَرْضاً |
أُريد الخَيْرَ أيّهما يَلِيني |
|
أالخير الذي أنا أَبْتَغيه |
أم الشّر الذي هو يَبْتَغِيني |
فقال : أيهما ، ولم يَجر للشرّ ذِكر إلا بعد تمام البيت.
نأم : أبو زيد : نأم الأَسدُ يَنْئِم نَئِيماً ، وزأر يَزْأر زَئِيراً.
والنَّئِيم ، أهون من الزَّئِير.
ابن السِّكيت : يقال : أَسْكت نَامَته ، مهموزة مخّففة الميم ، وهو من النّئِيم ، وهو الصوَّت الضَّعيف.
ويقال : نامّته بالتَّشديد ، فيجعل من المضاعف ، وهو ما يَنمّ عليه من حَركته.
ويقال : نأم البُوم أيضاً ؛ ومنه قول الشاعر :
* إلّا نَئِيم البُوم والضُّوَعا*
* مأن : أبو زيد : مأنْتُ الرَّجُلَ أمْأَنُه مَأْناً ، إذا أصَبت مأنَته ، وهو ما بين سُرّته وعانَته وشُرْسُوفه.
ويقال : ما مَأَنْت مَأْنه ، ولا شأنْت شأنَه ، ولا انْتبلت نَبْله ، أي ما انتبهت له ولا احتفلت به.
وقال الفراء : أتاني هذا الأَمْرُ وما شأنت شأنه ، ولا مأنت مأنه ، أي لم أُعْمل فيه.
وقال مرةً أخرى : أي ما عَلِمت عِلْمه.
قال : ومثلُه : ما رَبأت رَبْأه.
أخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، يقال : ما شأنت شأنه ، ولا مَأَلت مأْله ، ولا هُؤْت هَوْأَه ، ولا ربأت ربأه ، ولا نَبَلْت نَبْله ، ولا مَأنت مَأْنه ، أي ما شَعرت به.
قال : والمأنة : أسفل السُّرة.
وقال أبو تراب : سمعت أعرابيًّا من بني سُليم يقول : ما مأنت مَأْنه ، أي ما عَلِمتُ عِلْمه. وهو بِمَأْنه ، أي بِعلْمه.
وقال شَمر ، قال الفرّاء : أتاني وما مَأنت مَأْنه ، أي : من غير أن تهيّأت ، ولا أَعْددت ، ولا عملت فيه.
ونحوَ ذلك قلت.
شَمر ، عن ابن الأعرابي : أنه أَنشده قولَ المَرّار :
فتهامَسوا شَيْئاً فقالوا عَرِّسوا |
مِن غير تَمْئِنَةٍ لغير مُعرَّسِ |
قال ابن الأعرابي : تَمْئنة : تهيئة ولا فِكْر ولا نَظر.
وقد ذهب أبو عُبيد ب «التمَّئنة» في بيت المّرار إلى «المَئِنّة» التي في حديث ابن مسعود.
وقد ذكرته فيما تقدم وبيّنت وجه الصواب فيه (١).
أبو عبيد ، عن الكسائي : مأنت القومَ ، من : المَؤُونة.
ومن تَرك الهمز قال : مُنْتهم أَمُونهم.
قلت : وهذا يدل على أن «المؤونة» في الأصل مَهْموزة.
وقيل : المَؤونة «فَعُولة» من : مُنْته أمُونَه مَوْناً ، وهُمزت «مؤونة» لانْضمام واوها ، وهذا حسن.
وقال الليث : المائِنة : اسم ما يُموَّن ، أي يُتكلَّف ، من «المؤونة».
قال : ومأنة الصَّدر : لحمة سَمِينة أسفل الصَّدر كأنها لَحمةٌ فَضْلٌ.
وكذلك : مأنة الطِّفْطِفة.
قال شَمر : قال ابن الأَعرابي : المأنة : ما بين السُّرّة والعَانة.
ويُجمع : مأنات ، ومُؤُن : وأَنشد :
يُشَبَّهن السَّفِين وهُنّ بُخْتٌ |
عِراضاتُ الأَباهِر والمُؤُن |
أبو عبيد ، عن أبي زيد : المأنة : الطِّفْطِفة ؛ وأَنْشَد :
إذا ما كُنْتِ مُهْدِيةً فأَهْدِي |
من المَأنات أو قِطَع السَّنَامِ |
منأ : أبو عُبيد وغيره : المَنيئة ، على «فعيلة» : الجِلْدُ أوّل ما يُدْبغ ، ثم يكون أَفِيقاً ، ثم يكون أَدِيماً.
ومنأتُه : وافقتُه ، مثال «فعلته».
وقال الأصمعيّ والكسائيّ : المَنيئة : المَدْبَغَة.
ابن السِّكيت ، عن الأصمعيّ : المَنيئة الجِلْدُ ما كان في الدِّباغ.
وبَعثت امرأة من العَرب بِنْتاً لها إلى جارتها ، فقالت : تقول لك أُمّي : أعطني نَفْساً أو نَفْسين أَمْعَس به مَنيئتي فإنِّي أَفِدَة.
وأَنْشد ابن السِّكيت :
إذا أنت باكَرْتَ المَنيئَة باكَرَتْ |
مَداكاً لها من زَعْفرانٍ وإئمِدَا |
أمن : قال اللِّحيانيّ : أمِن فلانٌ يَأْمن أَمْناً ، وأَمَناً ، وأَمَاناً ، وأَمَنَةً.
فهو آمِن ؛ قال الله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) [الأنفال : ١١].
نصب «أَمَنة» لأنه مَفْعول له ، كقولك : فعلت ذلك حَذَر الشَّرّ.
قال ذلك الزجّاج.
وقال اللّحياني : رجل أُمَنَة ، للذي يأمنه
__________________
(١) بابه «أن» ، وسيأتي ، (إبياري).
الناسُ ولا يَخافون غائلَته.
ويقال : رَجل أَمَنة ، بالفتح ، للذي يصدِّق بكُل ما يَسمع ولا يكذِّب بشيء.
ورُجل أَمَنةً أيضاً : إذا كان يَطمئن إلى كُل أحد.
قال : وسمعت أبا زياد يقول : أنت في أَمْن من ذاك ، أي : في أَمَان.
ويقال : آمن فلانٌ العدوَّ إيماناً. فأَمِنَ يَأْمَن. والعدوّ مُؤْمَن.
قال : وقرأ أبو جعفر المَدِنّي لستُ مؤمنا [النساء : ٩٤] أي : لا نُؤْمنُك.
قال : ويقال : ما كان فلان أمِيناً.
ولقد أمُن يَأْمُن أَمانةً.
وإنّه لرجلٌ أُمّانٌ ، أي : له دِينٌ ؛ وأَنْشد أبو عُبَيد :
ولقد شَهِدْت التاجرَ الأُمَّ |
انَ مَوْرُوداً شَرابُه |
قال اللِّحياني : رجُلٌ أَمِنٌ وأَمِينٌ : بمعنى واحد ، ومنه قول الله تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)) [التين : ٣] ، وتأويله : الآمِن ؛ وأَنْشد :
أَلم تَعْلمي يا أَسْمَ وَيْحك أنّني |
حَلَفْتُ يَميناً لا أخُون يَميني |
يريد : آمِنِي.
قال شَمر : قال أبو نصر في قوله : «التاجر الأُمَّان» ، هو الأمِين.
وقال بعضهم : الأُمّان : الذي لا يكتب ، لأنه أُمِّيّ.
وقال بعضهم : الأُمّان : الزرّاع.
وأنشد ابن السِّكيت :
شَرِبْت من أَمْن دواء المَشْي |
يُدْعَى المَشُوَّ طَعْمُه كالشرْيِ |
وقرأت في «نوادر الأعراب» : أعطيت فلاناً مِن أَمْن مالي ، ولم يفسّر.
قلت : كأن معناه : من خالص مالي ، ومن خالص دوَاء المشي ؛ قال الحُوَيْدرة :
ونَقِي بآمِنِ مالِنا أَحْسَابَنا |
ونُجِرّ في الهيَجا الرِّمَاحَ ونَدَّعِي |
قلت : ونَقِي بآمِن مالنا ، أي : بخالص مالِنا.
الليث : ناقة أَمُون : وهي الأَمينة الوَثيقة.
قال : وهذا «فعول» جاء في موضع «مفعول» ، كما يقال : ناقة عَضُوب وحَلُوب.
وقال الزجّاج في قول القارىء بعد الفراغ من قراءة فاتحة الكتاب «آمين» : فِيه لُغتان : تقول العرب : أمين : بقصر الألف. وآمين : بالمد ؛ وأَنشد في لُغة مَن قَصر :
تباعَد مِنِّي فُطْحُلٌ إذ سألتُه |
أَمِين فزاد اللهُ ما بيننا بُعْدَا |
وأَنشد في لغة مَن مَدّ «آمين» :
يا ربّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً |
ويَرْحَم الله عَبْداً قال آمِينَا |
قال : ومعناهما : اللهم استجب ، وهما موضوعان في موضع اسم الاستجابة ، كما أن «صَهْ» موضوعٌ موضع «سُكوتاً».
قال : وحقّهما من الإعراب الوقف ، لأنهما بمنزلة الأصوات ، إذ كانا غير مشتقّين من فعل ، إلا أن النون فُتحت لالتقاء الساكنين ، ولم تكسر النون لثقل الكَسرة بعد الياء ، كما فتحوا : أين ، وكيف.
قلت : يُروى عن مجاهد أنه قال : أمين : اسم من أسماء الله.
وليس يَصِحّ ما قال عِند أهل اللغة أنّه بمنزلة : يا الله ، وأضمر : استجب لي ، ولو كان كما قال لَرُفع إذا أُجري ولم يكن منصوباً.
وحدثني المُنذري ، عن أبي بكر الخطابيّ ، عن محمد بن يوسف العضيضي ، عن المؤمل بن عبد الرحمن ، عن أبي أُمية ، عن سعيد المَقْبري ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : آمين : خاتَمُ ربّ العالمين على عباده المؤمنين.
قال أبو بكر : في تفسير قوله : «آمين خاتم رب العالمين» : معناه : أنّه طابع الله على عباده ، لأنه يدفع به عنهم الآفات والبلايا ، فكان كخاتم الكتاب الذي يَصُونه ويمنع من إفساده ، وإظهار ما فيه لمن يكره علمه به ، ووقوفه على ما فيه.
ورُوي حديثٌ آخر عن أبي هريرة أنه قال : آمين : درجة في الجّنة.
قال أبو بكر : معناه : أنه حرف يَكْتسب به قائلُه درجةً في الجنّة.
قال : وكان الحسن إذا سُئل عن تفسير «آمين» قال : هو : اللهم اسْتَجب.
وقيل : معنى «آمين» : كذلك تكون.
وأخبرني المُنذري ، عن الحرّاني ، عن ابن السكيت ، قال : الأَمِين : المؤتمن ؛ وأَنْشد :
* حلفت يميناً لا أخُون أَمِيني *
أي : الذي يَأْتمنني.
قال : وسمعت أحمد بن يحيى يقول : إذا دعوت قلت : آمين ، بقصر الألف ، وإن شئت طَوّلت.
وقال : وهو إيجاب ، رب افْعل.
ورُوي من عدة طُرق أن «الأمين» اسم من أسماء الله تعالى.
وأما «الإيمان» فهو مصدر : آمن يُؤمن إيماناً ؛ فهو مُؤمن.
واتفق أهل العلم من اللُّغويين وغيرهم أن «الإيمان» معناه : التَّصْديق ؛ وقال الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحجرات : ١٤].
وهذا موضع يَحتاج الناس إلى تفهّمه ، وأين يَنْفصل المُؤمن من المُسلم ، وأين يستويان؟
فالإسلام إظهار الخُضوع والقَبول لما أتى به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وبه يُحقَن الدَّم ، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديقٌ بالقلب فذلك الإيمان ، الذي يُقال للموصوف به : هو مؤمن مسلم ، وهو المؤمن بالله ورسوله ، غير مرتاب ولا شاك ، وهو الذي يَرى أن أداء الفرائض واجبٌ عليه ، وأن الجهاد بنفسه وماله واجبٌ عليه ، لا يدخله في ذلك رَيب ، فهو المؤمن وهو المُسلم حقًّا ؛ كما قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)) [الحجرات : ١٥] أي : أولئك الذين قالوا إنّا مُؤْمنون ، فهم الصادقون.
فأما من أظهر قبول الشَّريعة واستسلم لدفع المكروه ، فهو في الظاهر مُسْلم وباطنُه غَير مصدِّق ، فذلك الذي يقول : أَسلمت ، لأن الإيمان لا بدّ من أن يكون صاحبه لا صدِّيقاً ، لأن قولك : آمنت بالله ، أو قال قائل : آمنت بكذا وكذا ، فمعناه : صَدّقت ، فأخرج الله تعالى هؤلاء من الإيمان ، فقال : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤] ، أي : لم تصدِّقوا إنما أَسْلمتم تعوُّذاً من القتل.
فالمؤمن مُبطن من التَّصديق مثل ما يُظهر ، والمُسلم التامّ الإسلام مُظْهرٌ الطاعة مؤمن بها ، والمسلم الذي أظهر الإسلام تعوُّذاً غيرُ مؤمن في الحقيقة ، إلا أنّ حُكمه في الظاهر حُكْم المُسلمين.
وقال الله تعالى حكايةً عن إخوة يوسف لأبيهم : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف : ١٧]. لم يختلف أهل التفسير أن معناه : وما أنت بمصدِّق لنا.
والأصل في الإيمان الدُّخول في صِدْق الأمانة التي ائتمنه الله عليها ، فإذا اعتقد التَّصديق بقلبه كما صدَّق بلسانه ، فقد أدّى الأمانة وهو مؤمن ، ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأمانة التي ائتمنه الله عليها وهو مُنافق.
ومن زعم أن الإيمان هو إظهار القول دون التصديق بالقَلب ، فإنه لا يَخلو مِن وجهين : أحدهما : أن يكون منافقاً يَنْضح عن المنافقين تأييداً لهم.
أو يكون جاهلاً لا يَعلم ما يَقوله وما يُقال له ، أَخرجه الجهل واللَّجاج إلى عِناد الحق وتَرك قَبُول الصواب.
أعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن عَلم فاسْتعمل ما عَلِم ، أو جهل فتعلّم ممن علم ، وسلّمنا من آفات أهل الزَّيغ والبدع. و (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
وفي قول الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)) [الحجرات : ١٥] ما يبيّن لك أن «المؤمن» هو المُتضمن لهذه الصفة ، وأن من لم يتضمّن هذه الصفة فليس بمؤُمن ، لأن «إنما» في كلام العرب تجيء لتثبيت شيء ونفي ما خالفه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال النضر : قالوا للخليل : ما الإيمان؟
فقال : الطُّمَأنينة.
قال : وقالوا للخليل : تقول : أنا مؤمن؟
قال : لا أقوله. وهذه تزكية.
والْمُؤْمِنُ : من أسماء الله تعالى ، الذي وَحَّد نَفْسه بقوله : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [البقرة : ١٦٣] وبقوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران : ١٨].
وقيل : الْمُؤْمِنُ في صفة الله : الذي آمن الخَلْق من ظُلمه.
وقيل : الْمُؤْمِنُ : الذي آمن أولياءَه عذابَه.
قال ابن الأعرابي : وقيل : الْمُؤْمِنُ : الذي يصدق عبادَه ما وَعدهم.
وكُلّ هذه الصِّفات لله تعالى ، لأنه صَدَّق بقوله ما دعا إليه عبادَه من تَوحيد ، ولأنه آمَن الخَلْق من ظلمه ، وما وعدنا من البعث ، والجنة لمن آمن به ، والنار لمن كفر به ، فإنه مُصدِّق وَعده لا شريك له.
ويقال : استأمنني فلان.
فآمَنته أُومنه إيماناً.
وقُرىء في سَجدة بَراءة : (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) [التوبة : ١٢].
فمن قرأ بكسر الألف ، فمعناه : إنهم إذا أجارُوا وآمَنُوا المُسلمين لم يَفُوا وغَدَروا.
والإيمان ، ها هنا : الإجارة والأمانة.
حدثنا السعدي ، حَدثنا البكائي ، حدثنا عبد الله ، عن أبي هلال ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عَهْد له».
ويقال : أمّن الإمام والدّاعي تَأْمِيناً ، إذا قال بعد الفراغ من أم الكتاب : آمِين.
وأما قول الله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الأحزاب : ٧٢] فقد رُوي عن ابن عبَّاس وسَعيد بن جُبير ، أنهما قالا : الأمانة ، هاهنا : الفرائض التي افترضها الله على عِباده.
وقال ابن عمر : عُرضت على آدم الطاعة والمَعْصية ، وعُرِّف ثواب الطاعة وعقاب المَعْصية.
والذي عندي فيه : أن الأمانة ، هاهنا : النِّية التي يَعْتقدها الإنسان ، لأن الله ائتمنه عليها ولم يُظهر عليها أحداً من خَلقه ، فمن أَضْمر من التّوحيد والتصديق مثل ما أظهر ، فقد أدّى الأمانة ، ومن أَضْمر
التكذيب وهو مصدِّق باللّسان في الظاهر ، فقد حمل الأمانة ولم يؤدّها ، وكُل من خان فيما اؤتمن عليه فهو حامل.
والإنسان في قوله تعالى : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) [الأحزاب : ٧٢] ، هو : الكافر الشاكّ الذي لا يُصدِّق ، وهو الظلوم (١) الجهول ، يدلّك على ذلك قوله تعالى : (لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٣)) [الأحزاب : ٧٣].
اللحياني : يقال : ما آمن أن يَجد صحابةً ، إيماناً ، أي : ما وثق.
والإيمان ، عنده : الثقة.
ابن الأنباري : رجل مؤمن : مصدِّق بالله ورُسُله.
وآمنت بالشيء ، إذا صدّقت به ، قال الله تعالى : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) [التوبة : ٦١]. وأَنشد :
ومن قَبْل آمنَّا وقد كان قَوْمُنا |
يُصلُّون للأوثان قبلُ محمَّدا |
معناه : ومن قبل آمنّا محمدا ، أي : صدّقناه.
قال : والمسلم : المُخلص لله العبادة.
نمى : روينا عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «ليس بالكاذب من أَصلح بين الناس ، فقال خيراً ونَمَى خَيْراً».
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : يقال : نَميت حديث فلان إلى فلانٍ ، أَنْميه ، إذا بلّغته على وجه الإصلاح وطلب الخير.
قال : ومعنى قوله : ونمى خيراً ، أي أَبلغ خيراً ورَفع خيراً.
وكُل شيء رَفَعْته ، فقد نَمَيْته ؛ ومنه قولُ النابغة الذُّبياني :
* وانْمِ القَتُود على عَيْرانةٍ أُجُدِ*
قال : ولهذا قيل : نَمَى الخِضابُ في اليد والشَّعر ، إنما هو ارتفع وعلا وزاد ، فهو يَنْمي.
وزعم بعض الناس أن «ينمو» لغة.
قال الأصمعي : وأمّا التَّنْمية ، فمن قولك : نَمَّيت الحديث أُنَمِّيه تَنْميةً ، بأن يُبَلِّغ هذا عن هذا على وجه الإفساد والنَّميمة.
وهذه مذمومة ، والأُولى مَحمودة.
والعرب تفرّق بين «نميت» مخففة ، وبين «نميت» مشدّدة ، بما وصفت ، ولا اختلاف بين أهل اللغة فِيه.
ويقال : انتْمَى فلانٌ إلى فلان ، إذا ارتفع إليه في النّسَب.
ونماه جَدُّه ، إذا رَفع إليه نسبه ؛ ومنه قوله :
* نَماني إلى العَلْياء كُلُّ سَمْيَدع*
__________________
(١) في المطبوع : «المظلوم».
وكُلّ ارتفاع : انْتماء.
يقال : انتمى فلانٌ فوق الوسادة ؛ ومنه قولُ الجَعْدي :
إذا انْتَميا فوق الفِراش عَلَاهما |
تضوُّعُ رَيّا رِيحِ مِسْكٍ وعنَبْرِ |
ابن الأعرابي : عن المفضّل ، قال : يقال للكَرمة : إنها لكثيرة النّوامي ، وهي الأَغْصَان. واحدتها : نامية.
وإذا كانت الكرمة كثيرة النوامي ، فهي : عاطِبَة.
وفي حديث ابن عباس : إن رجلاً أتاه فقال له : إني أرمي الصّيْد فأُصْمِي وأُنْمِي.
فقال : كُلْ ما أَصْمَيت ودَع ما أَنْمَيْت.
والإصماء : أن يَرْميه فيَقتله على المكَان بعينه قبل أن يَغِيب عنه. والإنماء : أن يرميه فيَغيب عن عين الرّامي ويموت وهو لا يراه ، فيجده ميتاً ، ولا يجوز أكله لأنّه لا يؤمَن أن يكون قتله غيرُ سَهمه الذي رماه به.
يقال : أَنْميت الرّميّةَ.
فإن أردت أن تجعل الفعل للرّمِيّة ، قلت : قد نَمَت تَنْمى ، أي : غابت وارتفعت إلى حيث لا يراها الرّامي.
قلت : قال امرؤ القَيس :
فَهو لا تَنْمِي رَمِيّته |
ما له لا عُدّ مِن نَفَرِهْ |
وقال الليث : نَمَيْت فلاناً في النسب ، أي رَفَعْته.
فانتمى في نَسَبه.
وتنمّى الشيءُ تَنمِّياً ، إذا ارتفع ؛ قال القُطَامِيّ :
فأَصْبح سَيْل ذلك قدت تنَمّى |
إلى مَن كان مَنْزِله يَفَاعَا |
قال : والأشياء كلّها على وجه الأرض : نامٍ وصامت.
فالنامِي : مثل : النبات والشجر ونحوه.
والصامت : كالحجر والجَبل ونحوه.
والنّامية من الإبل : السَّمينة.
يُقال : نَمَت الناقةُ ، إذا سَمِنت.
سَلمة ، عن الفرّاء ، قال : النامية : الخَلْق ؛ ومنه الحديث : «لا تُمثِّلوا بنامية الله» ، أي بخَلْقه.
وقال غيرُه : يقال : أَنْميتُ لفلان ، وأَمْدَيت له ، وأمْضيت له ، وتفسير هذا : تَرْكه في قليل الخطأ حتى يبلغ به أقصاه ، فيُعاقب في موضع لا يكون لصاحب الخطأ فيه عُذْر.
أبو عُبيد (١) ، عن الأصمعيّ : النُّمِّيّ : الفَلس ، بالرّومية ؛ وقال النابغة الذُّبْيَاني :
__________________
(١) الكلام من هنا إلى آخر المادة ساقه ابن منظور في «اللسان» (نم) ، (إبياري).
وقارَفَتْ وَهْي لم تَجْرَبْ وباعَ لها |
مِن الفَصَافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ |
وقال شَمر : النُّمِّي : فُلوسٌ مِن رَصَاص.
وقال بعضهم : ما كان من الدَّراهم فيه رَصاص أو نُحاس ، فهو نُمِّي.
وكانت بالحِيرة على عَهد النُّعمان بن المُنذر.
ونُمِّيّ الرَّجُل : نُحاسه وطَبْعه ؛ قال أبو وَجْزة :
ولو لا غيره لَكَشَفْتُ عنه |
وعن نُمِّيِّه الطَّبع اللَّعِين |
نوم : يُقال : نام الرَّجُلُ يَنَام نَوْماً. فهو نائم ، إذا رَقَد.
ونامت الشاة وغيرُها من الحيوان ، إذا ماتَت.
وفي حديث علي : إنه حثّ على قتال الخوارج فقال : إذا رأيتُموهم فأَنيموهم ، أي : اقْتُلوهم.
قال الفراء : النائمة : المَيتة.
والنامية : الجُثّة.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : نامت السُّوق وحَمُقت ، إذا كَسَدت.
وقال غيره : نام الثَّوْب والفَرْوُ ، إذا أَخْلَق.
والمَنامة : القَطِيفة.
والمَنام : مصدر : يَنام نَوماً ومَناماً.
وجمع «النائم» : نِيام ، ونُوّام ، ونُوَّم ، ورجل نَوْمٌ ، وقوم نَوْمٌ ، وامرأة نَوْمٌ ، ورَجُلٌ نَوْمانُ : كثير النَّوْم ، ورَجُلٌ نُوَمةٌ : ينام كثيراً ، ورَجُلٌ نُوَمة ، إذا كان خامِل الذِّكْر.
وفي الحديث : إنّما يَنْجُو من شَرّ ذلك الزَّمان كُلُّ مؤمن نُوَمة ، أولئك مَصابِيح العُلماء.
قال أبو عُبيد : النُّوَمة : الخامِلُ الذِّكْر الغامِض في النّاس ، الذي لا يَعْرف الشَّرَّ ولا أَهْلَه.
اللَّيث : رجل نَوِيمٌ ونُوَمَة ، أي : مُغَفَّل.
ويقال : اسْتَنام فلانٌ إلى فلان ، إذا أَنِس به واطمأَنّ إليه ، فهو مُسْتَنِيم إليه.
وقال بعضهم : يقال : نامَ إليه ، بهذا المَعْنى.
وأقرأني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي أنّه أَنشده :
فقلت تَعَلَّم أنّني غيرُ نائم |
إلى مُسْتَقِلٍّ بالخيانة أَنْيبَا |
قال : غير نائم ، أي : غير واثق به.
والأَنْيب : الغَليظ الناب ، يخاطب ذِئْباً.
وقال غيره : استنام الرَّجُلُ ، بمعنى : تناوم شَهْوةً للنَّوم ؛ وأَنْشد :
* إذا اسْتنام راعه النَّجِيّ*
قال شَمِر : رُوي عن ابن عباس أنه قال لعلي : ما النُّوَمة؟ فقال : الذي يَسْكُن في
الفِتْنة فلا يَبْدو منه شيء.
قال : وقال ابن المبارك : هو الغافل عن الشَّرّ.
وقيل : هو العاجز عن الأُمور.
وقيل : هو الخامل الذّكر الغامِض في الناس.
قال شَمِر : وكُلّ شيء سَكن ، فقد نام.
وما نامت السّماءُ الليلة مَطراً.
واسْتَنام أيضاً ، إذا سَكن ؛ قال العجّاج :
* إذا اسْتنام راعه النَّجِيّ (١) *
ونام الماء ، إذا دام وقام.
ومنامه ، حيث يَقُوم.
نيم (٢) : عمرو ، عن أبِيه : النِّيم : النّعْمة التامّة.
والنِّيم : ضَرْبٌ من العِضاه ؛ قال الهُذليّ :
ثم يَنُوش إذا أَدَّ النَّهارُ له |
بعد التّرقُّب من نِيمٍ ومن كَتَمِ |
والنِّيم والكَتَم : شجرتان من العِضَاه.
أبو عُبيد : عن أبي الحسن الأعرابي ، قال : النِّيم : الفَرْو.
والنِّيم أيضاً : الدَّرَج الذي في الرِّمال إذا جرت عليه الرّيح ؛ وأَنشد لذي الرُّمّة :
حتّى انْجلى اللَّيْلُ عنّا في مُلَمَّعةٍ |
مِثْل الأَدِيم لها مِن هَبْوَةٍ نِيمُ |
ويقال : أَخذه نُوَام ، وهو مثل السّبات يكون من داءٍ به.
أبو نصر : النِّيم : الفَرْو القَصِير إلى الصَّدْر.
قيل له : نِيم ، أي : نِصف فرو ، بالفارسية ، قال رُؤبة :
وقد أرَى ذاك فلن يَدومَا |
يُكْسَيْن من لِينِ الشَّبَابِ نِيمَا |
وفُسِّر أنه الفَرْو.
وقيل : النِّيم : فَرْوٌ يُسَوَّى من جُلود الأرانب ، وهو غالي الثَّمن.
ويُقال : فلانٌ نِيمِي ، إذا كنت تَأْنس به وتَسْكُن إليه.
وقال الليث : في قول الله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً) [الأنفال : ٤٣]. أي : في عَيْنك.
وقال الزجّاج : رُوي عن الحسن أن معناها : في عَيْنك التي تَنام بها.
قال : وكثير من أهل النحو ذَهَبُوا إلى هذا.
ومعناه عندهم : إذ يُريكهم الله في مَوضع مَنامك ، أي : في عَيْنك ، ثم حذف
__________________
(١) مر هذا قبل ذلك بقليل ، وفي مكانه الأول أورده ابن منظور (إبياري).
(٢) جمع ابن منظور بين (نوم) و (نيم) وذكره كله في الأول (إبياري).
«الموضع» وأقام «المنام» مُقامَه.
وهذا مَذْهَبٌ حَسَنٌ. ولكن قد جاء في التفسير أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم رآهم في النَّوم قليلاً ، وقَصّ الرُّؤيا على أَصحابه ، فقالوا : صدقت رُؤْياك يا رسول الله.
قال : وهذا المَذهب أَسْوغ في العَرَبيّة ، لأنه قد جاء : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) [الأنفال : ٤٤] فدلّ هذا على أنّ هذا رُؤية الالتقاء وأنّ تلك رُؤْية النَّوم.
ابن الأعرابي : نام الرجل ، إذا تَواضع لله.
يمن : الليث : اليُمْن ، نظير «البَرَكة».
يقال يَمُن الرَّجُلُ ، فهو مَيْمُون.
وأخبرني المُنذري ، عن أبي الهيثم أنه قال : روى سَعيد بن جُبير ، عن ابن عباس أنه قال في (كهيعص (١)) [مريم : ١] هو : كافٍ هادٍ يَمينٌ عزيزٌ صادقٌ.
قال أبو الهيثم : فجعل قولَه «كاف» أول اسم الله «كافٍ» ، وجعل «الهاء» أول اسمه «هاد» ، وجعل «الياء» أول اسمه يمين ، من قولك : يَمَن اللهُ الإنْسَانَ يَيْمُنه يَمْناً ويُمْناً ، فهو مَيْمون.
قال : فاليمين واليامن ، يكونان بمعنى واحد ، كالقدير والقادر ؛ وأنشد قولَ رؤبة :
* بَيْتَك في اليامن بَيْت الأيْمَن *
فجعل اسم اليمين مشتقاً من «اليمن» ، والله أعلم.
قال : وجعل «العين» : عزيزاً ، و «الصاد» : صادقاً.
قلت : واليَمين ، في كلام العرب ، على وجوه : يقال لليد اليُمنى : يَمين.
واليمين : القوة ؛ ومنه قولُ الشّماخ :
رأيتُ عَرابَة الأَوْسِيّ يَسْمُو |
إلى الخَيْرات مُنْقَطع القَرِين |
|
إذا ما رايةٌ رُفِعت لِمَجْدٍ |
تلّقاها عرابةُ باليَمينِ |
أي : بالقُوة.
وقال : بمنزلة حَسَنة.
ويقال : قَدِم فلانٌ على أَيْمن اليَمِين ، يَعْني : اليُمْن.
قال : وقوله «تلّقاها عرابة باليمين» ، أراد : باليُمْن.
وقيل : أراد : باليَد اليُمْنى.
وقيل : أراد : بالقُوة والحقّ.
وأما قوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) [الصافات : ٢٨].
قال الزجّاج : هذا قَول الكُفَّار الذين أضلّوهم ، أي : كنتم تَخْدعوننا بأقوى الأسباب ، فكنتم تأتوننا من قِبل الدِّين فتُروننا أنّ الدّين والحق ما تُضلوننا به.
وكذلك قيل في قوله تعالى : (لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [الأعراف : ١٧] : مِن قِبَل دِينهم.
وقال بعضهم : (لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) ، أي : لأُغْوينهم حتى يكذّبوا بما تقدّم من أُمور الأُمم السابقة ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) ، حتى يكذبوا بأمر البَعث ، (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) ، أي : لأُضّلنهم فيما يعلمون لأَمْر الكَسب ، حتى يُقال فيه : ذلك بما كسبت يداك ، وإن كانت اليَدان لم تَجْنيا شيئاً ، لأن اليدَين الأصل في التصرّف ، مثلاً لجميع ما عُمِل بغيرهما.
وأما قوله تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣)) [الصافات : ٩٣] ، ففيه أقاويل : أحدهما : بيَمينه ، وقيل : بالقُوّة.
وقيل : وبيَمينه التي حَلف حين قال : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧)) [الأنبياء : ٥٧].
قال اليزيدي : ويَمَنْت أصحابي : أَدْخلْتُ عليهم اليُمن.
وأنا أيْمنهم يُمْناً ويُمْنَةً.
وشَأمتُ أصحابي : أَدْخلتُ عليهم الشُّؤْمَ.
وأنا أَشْأَمهم شُؤْماً ، وشَئِمت عليهم ، وأنا مَشْؤوم عليهم.
قال : وشأمتهم : أخذت على شَمائلهم.
ويَسرتهم : أخذت على يَسارهم ، يَسْراً.
وفي حديث عُمر حين ذكر ما كان فيه من القَشَف والقِلّة في جاهليَّته وأنّه وأُخْتاً له خَرَجا يَرْعيان ناضِحاً لهما ، وأنّ أُمّهما زَوَّدَتْها بِيُمَيْنَتَيْها من الهَبيد كُلّ يوم.
قال أبو عُبيد : وَجه الكلام : بيُمَيِّنَيْها بالتشديد ؛ لأنه تَصغير «يمين» ، لكن قال : يُمَيْنَيْها ، على تصغير التّرخيم.
وإنما قال : يُمَيْنَيها ، ولم يقل : يَديها ، ولا كَفَّيها ، لأنه لم يُرد أنها جَمعت كَفَّيها ثم أعطتهما بجميع الكفّين ، ولكنه إنما أراد أنها أَعطت كُلّ واحد كفًّا واحداً بِيَمينها ، فهاتان يَمِينان.
وقال شمر : قال غير أبي عُبيد : إنما هو يُمَيِّنَيْها.
قال : وهكذا سمعتُ من يَزيد بن هارون.
قال شَمر : والذي أختاره بعد هذا : يُمَيْنَتَيْهَا ، لأن «المينة» إنما هي فِعل : أَعطى يَمْنةً ويَسْرةً.
قال : وسمعتُ من لَقيت من غَطَفان يتكلّمون فيقولون : إذا أَهْوَيت بيَمينك مَبْسوطةً إلى طعام أو غيره فأعْطيت بها ما حَملته مَبْسوطة فإنك تقول : أَعطاه يَمْنةً من الطَّعام ؛ فإن أعطاه بها مَقْبوضةً قال : أعطاه قَبْضةً من الطعام ؛ وإن حَثَى له بيده ، فهي الحَثْيَة ، والْحَفْنَة.
قلت : والصواب عندي ما رَواه أبو عُبيد : يُمَيْنَتَيْها.
وهو صحيح كما رَوى ، وهو تصغير «يَمْنَتَيْها» أراد : أنها أعطت كُلَّ واحد منهما بِيَمينها يمنةً ، فصغّر «اليمنة» : يُمَيْنة ، ثم ثناها فقال : يُمَيْنتين.
وهذا أحسن الوجوه مع السّماع.
وفي حديث عُروة بن الزّبير أنه قال : لَيْمُنُك لئن كنت ابْتليت لقد عافَيْت ، ولئن كُنت أَخَذْت لقد أَبْقَيت.
قال أبو عُبيد : قوله لَيْمُنُك ، وأيْمُنُك ، إنما هي يَمين ، وهي كقولهم : يمين الله ، كان يحلفون بها.
قال امرؤ القَيس :
فقلتُ يَمينُ الله أَبْرح قاعِداً |
ولو ضَرَبُوا رأسِي لَدَيْك وأَوْصالِي |
فحلف بيمين الله.
ثم تجمع «اليمين» أَيْمناً ؛ كما قال زُهير :
فتُجْمع أيمُنٌ منّا ومِنكم |
بمُقْسَمة تَمُور بها الدِّمَاءُ |
ثم يحلفون بأَيْمن الله فيقولون : وأيمن الله أفعل كذا وكذا ، وأَيْمُنك يا رب ، إذا خاطب ربَّه.
فعلى هذا قال عُروة : لَيْمُنُك.
هذا هو الأصل في «أَيمن الله» ثم كثر في كلامهم وخفّ على ألسنتهم حتى حَذفوا النون كما حذفوها من «لم يكن» ، فقالوا : «لم يك» ، وكذلك قالوا : أَيم الله.
وفيها لغات سواها.
قلت : أحسن أبو عبيد في جميع ما قال ، إلا أنه لم يُفَسّر قوله : «أيْمُنُك» ، لم ضُمّت النون.
قال : والعلّة فيها كالعلّة في قولهم : لعمرك ، كأنه أُضمر فيها يَمينٌ ثان ، فقيل : وأَيْمُنك فلأَيمنكَ عَظِيمة ، وكذلك : لَعَمْرك فَلَعَمْرك عَظِيم.
قال : قال ذلك الفراء والأحمر.
وقال أحمد بن يحيى في قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ) [النساء : ٨٧] كأنه قال : والله الذي لا إله إلا هو ليجمعنَّكم.
وقال غيره : العرب تقول : أيم الله ، وهيم الله.
الأصل : أيمن الله ، وقَلبت الهمزة هاء ، فقيل : هَيم الله.
وربما اكتفوا بالميم وحَذفوا سائر الحروف ، فقالوا : مُ الله ليفعلنّ كذا.
وهي لغات كلّها ، والأصل : يمين الله ، وأَيْمن الله.
وقال بعضهم : قيل للحلف : يمين ، باسم : يمين اليد ، وكانوا يَبْسطون أيمانهم إذا حَلفوا ، أو تحالفوا وتعاقدوا وتبايعوا ، ولذلك قال عُمر لأبي بكر : ابْسُط يدك أبَايعْك.
قلت : وهذا صحيح ، وإن صح أن «يميناً»
من أسماء الله ، كما روي عن ابن عباس ، فهو الحلف بالله.
غير أني لم أسمع «يميناً» في أسماء الله إلا ما رواه عطاء بن السائب ، عن ابن جُبير ، عنه ، والله أعلم.
والعرب تقول : أخذ فلان يميناً وأخذ يساراً ، وأخذ يَمْنة وأَخذ يَسْرة.
وأصحاب الميمنة في كتاب الله : أصحاب اليَمين.
وتَيامن فلان : أَخذ ذاتَ اليمين.
وتياسر : أخذ ذات اليَسار.
الحرّاني ، عن ابن السّكيت ، يقال : يامِن بأصحابك ، وشائِم بهم ، أي : خُذ بهم يميناً وشمالاً.
ولا يقال ، تيامن بهم ، ولا تَياسر بهم.
ويُقال : تيامن القومُ وأَيْمَنُوا ، إذا أَتَوا اليَمن.
ابن الأنباريّ : العامّة تغلط في معنى «تيامن» فتظن أنه أَخذ عن يَمينه ، وليس كذلك معناه عند العرب ، إنما يقولون : تيامَن ، إذا أَخذ ناحية اليمن ، وتشاءم ، إذا أخذ ناحية الشام ، ويامن ، إذا أخذ عن يمينه ، وشاءم ، إذا أخذ عن شماله.
قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا نَشأت بَحْرِيّةً ثم تشاءَمت فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَة».
أراد : إذا ابتدأت السّحابة من ناحية البَحر ثم أخذت ناحية الشّام.
ويقال : أشأم الرَّجُل وأيمن ، إذا أَراد اليمين! قال : ويامن وأيمن أيضاً ، إذا أراد اليمَنَ.
ويقال : لناحية اليَمن : يَمين ، ويَمَن.
وإذا نَسبو إلى «اليمين» قالوا : يَمينيّ.
وإذا نسبوا إلى «اليمن» قالوا : يَمانٍ.
قال : واليُمْنة ، واليَمنة : ضربٌ من بُرود اليمين.
وقيل لناحية اليمن : يَمَنٌ ، لأنها تلي يمين الكَعبة.
كما قيل لناحية الشام : شام ، لأنها عن شِمال الكعبة.
وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو مُقبل من تَبوك : «الإيمان يَمانٍ والْحِكْمة يمانِية».
قال أبو عُبيد : إنما قال ذلك لأَن الإيمان بَدا من مكة ، لأنها مولد النبي صلىاللهعليهوسلم ومبعثه ، ثم هاجر إلى المدينة.
ويقال : إن مكة من أرضِ تهامة ، وتهامة من أرض اليمن ، ولهذا سُمّي ما ولي مكة من أرض اليمين واتصل بها : التهائم.
فمكة على هذا التفسير يمانية ، فقال : الإيمان يمانٍ ، على هذا.
وفيه وجه آخر : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم عَنى بهذا القول الأَنصار ، لأنهم يَمانُون ، وهم نَصروا الإيمان ، فنُسب الإيمان إليهم.
وهو أحسن الوُجوه عندي.
قال : ومما يُبيِّن ذلك حديثُ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال لمّا وَفد عليه وَفْدُ اليمن : «أتاكم أهلُ اليَمن ، هم أَلْين قلوباً وأرَق أفئدة ، الإيمان يَمانٍ والحكمة يمانِية».
وقولهم : رَجُل يمانٍ ، منسوب إلى «اليَمن».
كان في الأصل ، يمنيّ ، فزادوا ألفاً قبل النون ، وحذفوا ياء النِّسْبة.
وتهامة ، كانت في الأصل تَهَمة ، فزادوا ألفاً ، فقالوا تهَام.
وهذا قول الخليل وسيبويه.
ويقال : فلٌا يُتَيمّن برأيه ، أي يُتبرَّك به.
والتَّيَمُّن : المَوت.
يقال : تَيمَّن فلانٌ تَيَمُّناً ، إذا مات.
والأصل فيه أنّه يُوَسَّد يمينَه إذا ماتَ في قَبره ؛ وقال الجعديّ :
إذا ما رأيت المرء عَلْبَى وجِلْدَه |
كضَرْحٍ قديمٍ فالتيمُّن أَرْوَحُ |
عَلْبى : اشتدّ عِلباؤُه وامتدّ. والضَّرْح : الجِلْد.
وجمع «الميمون» : ميامِين ، وقد يَمنَه الله يُمناً ، فهو مَيْمُون.
والله اليامن ، وجمع الميمنة : مَيامن.
ينم : اليَنَمة : عُشْبة.
والعرب تقول : قالت اليَنَمة : أنا اليَنَمه ، أَغْبُق الصَّبِيّ بعد العَتَمه ، وأكُبّ الثُّمال فوق الأَكَمه.
اليَنَمة : عُشْبة إذا رَعَتها الماشيةُ كَثُرت رَغْوة ألبانها في قِلّة.
(١) مأن : أبو سعيد : يقال : امْأن مَأْنك ، أي : اعْمل ما تُحْسن.
ويقال : أنا أمأنه ، أي : أحسنه.
وكذلك : أشْأَنْ شَأَنك ؛ وأَنْشد :
إذا ما عَلِمْتُ الأَمْر أقْرَرْتُ عِلْمَه |
ولا أَدَّعي ما لَسْتُ أَمْأَنُه جَهْلَا |
|
كفى بامْرىءٍ يوماً يقول بعِلْمه |
ويَسْكُت عمّا ليس يَعْلَمه فَضْلَا |
مين : المَيْن : الكَذِب ، يُقال : مان يَمين مَيْناً ، فهو مائن ، أي كاذب.
وفلان مُتماين الوُدّ ، إذا كان غير صادق الخُلّة ؛ ومنه قول الشاعر :
رُوَيْدَ عَلِيًّا جُدَّ ما ثَدْي أُمِّهم |
إلينا ولكن وُدّهم مُتمايِنُ |
ويروى : مُتَيامن ، أي : مائل إلى اليَمن.
ويُقال (٢) : مان فلانٌ أهلَه يَمُونهم مَوْناً ، إذا عالهم.
__________________
(*) تابعة تكملة لمادة (مأن) السابقة (ص : ٣٣٠).
(١) هذا من الواوي ، وكذا ذكره ابن منظور ، (إبياري).
ومِين فلانٌ يُمَان ، فهو مَمُون.
ابن الأعرابي : مان ، إذا شَقّ الأرْض للزَّرع.
وقال أبو عمرو : المانُ : السِّكة التي يُحرث بها.
وقال ابن الأعرابي : التموُّن : كثرة النَّفقة على العِيال.
والتَّومُّن : كثرة الأَولاد.
وقال الفَرّاء (١) : المِيناء : جَوْهر الزُّجَاج الذي يُعمل الزّجاج منه ، مَمْدُود.
والمينا : الموضع الذي تُرْفأ إليه السُّفن ، يُمد ويُقصر ، والقصر فيه أكثر ؛ وأنْشد في المَدّ :
فلما اسْتقلت مِ المَناخ جِمالُها |
وأَشْرَفْن بالأَحْمال قُلْتُ سَفِينُ |
|
تأطَّرن بالمِيناء ثم جَزَعْنه |
وقد لَحّ من أَحمالهنَّ شُحُونُ |
وقال الفراء : والمينى ، مقصور ، الموضع الذي تُرفأ إليه السفن ، يكتب بالياء.
منى : والمَنَا : بفتح الميم مقصور : الذي يُوزن به ، يُكتب بالأَلف ، ويثنّى ، فيقال : مَنَوان.
قاله ابن السّكيت.
قال : ويقال : هو مِنّي بمَنَى مِيل ، أي بقَدْرِ ميل.
وحكى الفراء : داري بِمَنَى داره ، أي بحِذائها.
قال : والمَنَى ، بالياء : القَدَر.
وقد مَنَى الله لك ما يَسُرّك ، أي قَدّر الله لك ما يَسُرّك ؛ قال صَخر الغَيّ :
لعمرو أَبِي عمرو لقد ساقه المَنَى |
إلى جَدَثٍ يُوزَى له بالأَهاضِبِ |
أي ، ساقه القَدَر.
وقد مَنَى اللهُ لك المَوت يَمْنيه ؛ وأَنْشد :
ولا تقولَنْ لشيءٍ سوف أَفْعَله |
حتى تُلاقِيَ ما يَمْنِي لك المَانِي |
أي : ما يقُدِّر لك القادر.
وقال الآخر :
مَنَتْ لك أن تُلاقِيَني المَنَايَا |
أُحادَ أُحادَ في الشَّهر الحَلالِ |
أي : قدرت لك الأقْدار.
ابن الأنباري : أخبرني ثَعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : قال الشَّرقي بن القُطامي :
المَنايا : الأَحداث. والحِمامُ : الأَجَل.
والحَتْف : القَدَر. والمَنون : الزَّمان.
الليث : المَنا : الموت. وكذلك : المَنِيّة.
اللِّحياني : مَناه الله بحُبّها يمنيه ويَمْنوه ،
__________________
(١) مكان هذا في «اللسان» : «ونى» ، (إبياري).