تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

أبواب الثلاثي المعتل

ر ل (وايء)

ورل ، رول.

ورل : قال اللَّيث : الوَرَلُ : شيءٌ على خِلْقة الضَّبّ إلا أنّه أعظم منه ، يكون في الرِّمَال والصَّحَارَى. والجمع : الوِرْلَان. والعدد : أَوْرَال.

قلت : الوَرَل ، سَبِط الخَلْق طَوِيل الذَّنَب ، كأنّ ذَنَبه ذَنَبُ حَيَّة. ورُبّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعيْن.

وأمّا ذَنب الضَّب فهو ذو عُقَد ، وأَطْول ما يكون قَدْر شِبْر.

والعَرَبُ تَسْتَخْبث الوَرَل وتَسْتَقْذره فلا تأكله.

وأما الضبّ فإنهم يَحْرِصون على صَيْده وأَكله.

والضَّبّ أَحْرش الذَّنب خَشنه مُفَقّره ، ولونه إلى الصُّحّمة ، وهي غُبرة مُشْرَبة سواداً ، وإذا سَمِن اصْفر صَدْرُه ، ولا يأكل إلا الجنادب والدُّبّاء والعُشْب ، ولا يَأْكل الهَوامَّ.

وأما الوَرَل فإنه يأكل العَقارب والحيَّات والحَرابِي والخَنَافس ؛ ولحمه دِرْيَاقٌ ؛ والنِّساء يَتَسَمَّن بلَحْمه.

رول : أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : رَوَّلْتُ الخُبْرَ بالسَّمنِ والوَدَك تَرْويلاً ، إذَا دَلَكْتَه به.

قال : ورَوَّل الفَرَسُ ، إذا أَدْلَى لِيَبُولَ.

شَمِر : التَّرْويل : أن يَبُول بَوْلاً مُتَقَطِّعاً مُضطَرِباً.

قال : وقال ابن الأعرابيّ : المرَوِّل : الذي يَسترخي ذَكره ؛ وأَنْشد :

لما رأت بُعَيْلها زِئجِيلَا

طَفَنْشَلاً لا يَمْنع الفَصِيلَا

مُرَوِّلاً مِن دُونها تَرْويلَا

قالتْ له مَقالةً تَرْسِيلَا

* لَيْتك كُنت حَيْضة تَمْصِيلَا*

وقال ابن الأعرابي : الرَّواويل : أسنان صِغارٌ تَنبُت في أصول الأسنان الكِبَار حتى يَسْقُطْن.

وقال الأصمعي : الرُّوَال والرَّوُول : لُعاب الدّوابِّ والصِّبيان ؛ وأنكر أن يكون زيادة في الأسنان.

وقال اللّيث : الرُّوَال : بُزاق الدابّة.

يُقال : هو يُرَوِّل في مِخلَاته.

قال : والرَّائل ، والرَّائلة : سِنٌّ تَنبت للدابّة

١٦١

تَمنعه من الشَّراب والقَضم ؛ وأَنشد :

* يَظَلّ يَكْسوها الرُّوَال الرَّائِلَا*

قلتُ : أراد ب «الرُّوال الرَّائلّ» : اللُّعاب القاطِر من فِيه.

هكذا قاله أبو عَمرو.

والرَّأْلُ : فَرخُ النَّعَام. والجمع : الرِّئال.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : قال : المُرَوِّل ، الرجُل الكَثِير الرُّوَال ، وهو اللُّعَاب.

والمِرول : الناعِمُ الإدَام.

والمِروَل : الفَرس الكثِير التّحَصُّن.

[باب الراء والنون]

ر ن (وايء)

ران ، يرن ، رنا ، ورن ، نار ، أرن.

رين ـ رون : قال الله عزوجل : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)) [المطففين : ١٤].

قال الفَرّاء : يقول : كَثُرت المَعاصي منهم والذُّنوب فأحاطت بقلُوبهم ، فذلك الرَّيْن عليها.

وجاء في الحديث أنّ عُمر قال في أُسَيفع جُهَينة لمّا رَكِبه الدّين : أصبح قد رِين به.

يقول : قد أحاط بماله الدَّين ؛ وأَنشد ابن الأعرابي :

* ضَحّيت حتى أَظهَرتْ ورِين بي*

يقول : حتى غُلِبت من الإِعْياء.

وكذلك غَلَبة الدَّين ، وغَلبة الذُّنُوب.

ورُوي عن أبي هُرَيرة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سُئل عن هذه الآية : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)) [المطففين : ١٤] ، فقال : هو العَبد يُذْنب الذَّنْب فتُنْكَت في قَلْبه نُكْتة سَوْداء ، فإن تاب منها صُقِل قَلْبُه وإن عاد نُكِتت أُخْرى حتى يَسْوَدّ القَلْبُ ، فذلك الرَّيْنُ.

وقال أبو مُعاذ النَّحوي : الرَّيْنُ : أن يَسْوَدّ القَلْبُ من الذُّنوب. والطَّبْعُ : أن يُطْبع على القَلب ، وهو أشدّ من الرَّين ، وهو الخَتْم.

قال : والإقْفال أَشَدّ من الطَّبع ، وهو أن يُقْفل على القَلْب.

وقال الزّجّاج في قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) [المطففين : ١٤] يقال : ران على قَلْبه الذَّنْبُ يَرِن رَيْناً ، إذ غُشِي على قلبه.

قال : والرَّين ، كالصَّدأ يَغْشَى القَلْب.

وفي حديث عُمر أنه قال : إلا أن الأُسَيْفع أُسَيْفع جُهَيْنة رَضي مِن دِينه وأَمانته بأن يُقال : سَبَق الحاجّ فادَّان مُعْرضاً وأَصْبَح قد رِين به.

قال أبو عُبيد : قال أبو زيد : يقال : رِين بالرَّجُل رَيْناً ، إذا وَقع فيما لا يَستطيع الخُروج منه ولا قِبلَ له به.

قال : وقال العتّابي ، عن ابن الأعرابيّ : رِين به : انْقَطع به.

١٦٢

قال أبو عُبيد : كل ما غَلبك وعَلاك فقد ران بك ، وران عليك ، وأنْشد لأبي زُبَيْد :

ثُم لمّا رآه رانَتْ به الخَمْ

رُ وأن لا تَرِينَه باتِّقَاءِ

قال : رانت به الخمر ، أي غلبت على قلبه وعَقْله.

وقال : قال الأمويّ : يُقال : أَران القومُ فهم مُرِينون ، إذا هَلكت مواشيهم وهُزِلت.

قال أبو عُبيد : وهذا أيضاً من الأمر الذي أَتاهم ممّا يَغْلبهم فلا يَستطيعون احْتِماله.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الرَّينة : الخَمرة. وجَمعها : رَيْنات. والرُّون : الشّدّة. وجمعها : رُوُون. والرَّين : سوادُ القَلْب. وجمعه : رِيَان.

يرن : أبو عُبيد ، عن الفراء : اليُرَنَّأ ، بضم الياء وهمز الألف والقَصر : الحِنّاء.

وقال غيره : اليَرُون : ماءُ الفَحْل.

رنا : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الرَّنْوة : اللَّمْحة.

وجمعها : رَنَوات.

والرَّنَوْنَاة : الكأسُ الدَّائمة على الشُّرب.

وجمعها : رَنَوْنِيَات.

قال : والرُّناء : الصَّوت.

وجَمُعه : أَرْنِيَة.

أبو عُبيد ، عن الأمويّ : الرُّناء : الصَّوت ، مَمْدود.

وقال شَمِرٌ : سألت الرِّياشِيّ عن الرُّناء الصوت ، بضم الراء ، فلم يَعْرفه ، وقال : الرَّنَاء ، بالفتح : الجَمال ، عن أبي زَيد.

وأَخبرني المنْذريّ أنه سأل أبا الهَيْثم عن الرُّنَاء ، والرَّنَاء ، بالمَعْنَيين اللَّذين حكاها شَمِر ، فلم يَعرف واحداً منهما.

قلت : والرُّناء : بمعنى الصوت ، ممدود ، صحيح.

وقال مُبتكر الأَعرابيّ : حدّثني فلانٌ فَرَنَوْت إلى حديثه ، أي لَهَوْت به.

وقال : أسأل الله أن يُرْنِيَكم إلى الطّاعة ، أي يُصَيِّركم إليها حتى تَسكتُوا وتَدُوموا عليها.

وكأس رَنَوْناة : دائمة ؛ وقال ابن أحمر :

مَدَّت عليها المُلْكَ أَطْنابهَا

كأسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفُ طِمِرْ

أراد : مدت كأسٌ رَنَوْناةٌ عليه أَطْناب المُلك ، فذَكر الملك ثم ذكر أَطنابه.

ومثله قوله :

* فوَرَدَتْ تَقتَدَ بَرْدَ مائِها*

أراد : وَرَدَت بَرْدَ ماء تَقْتَد.

ومثلُه قول الله عزوجل : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة : ٧].

أي أَحْسَن خَلْق كُلِّ شَيءٍ. ويُسمَّى هذا البَدَل.

١٦٣

وأَخبرني المُنْذِريّ ، عن أبي العبّاس : أنه أَخبره عن ابن الأعرابيّ ، أنه سَمِعه رَوى بَيت ابن أَحْمر :

بَنَّت عليه المُلْكُ أَطْنَابَها

كأسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْف طِمِرْ

أي المُلْكُ هي الكأسُ. ورفع الملك ب «بَنَّت».

وقال اللّيث : فلان رَنُوُّ فُلانة ، إذا كان يُديم النَّظَر إليها.

وفلانٌ رَنُوّ الأمانيّ ، أي صاحب أمانيّ يَتَوقّعها ؛ وأَنشد :

يا صاحِبيّ إنّني أَرْنوكما

لا تَحْرماني إنّني أَرْجُوكما

قال : ورَنا إليها يَرْنُو رُنُوّاً ، ورَنَّى ، مَقْصور ، إذا نظر إليها مُداومةً ؛ وأَنْشد :

إذا هن فَصَّلن الحَدِيث لأَهْله

وجَدَّ الرَّنَى فَصَّلْنَه بالتَّهَانُف

ابن الأعرابي : تَرَنَّى فلانٌ : أدام النَّظر إلى مَن يُحِبّ.

أرن : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الأرْنة : الجُبن الرّطْب ، وجمعها : أُرَن.

قال : والأُرَانَى : الجُبْن الرَّطْب ، وجمعها : أَرَانيّ. والإرَان : النّشاط ، وجمعه : أُرُن. والإرَان : الجنازة ، وجمعها : أُرُن. والأَرون : السُّمُّ ، وجَمعه : أُرُن.

وقال الليث : الأَرُون : دماغ الفِيل ؛ وأَنْشد :

وأَنْت الغَيْثُ يَنْفع ما يَليه

وأَنت السَّمُّ خالَطه الأَرُونُ

أبو عُبيد : الإرَان : خَشَبٌ يُشَدّ بَعْضُه إلى بَعض يُحمل فيه المَوْتَى ؛ وقال الأَعْشى :

أَثرَتْ في جَناجِنٍ كإرَان الْ

مَيْت عُولِين فَوْق عُوجٍ رِسَالِ

وقيل : الإرَان : تابُوت المَوْتى.

قال : وقال الفَرّاء : الأَرَن : النَّشَاط.

وقد أَرِن يَأرَن أَرَناً.

وأَخبرني المُنذريّ ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ قال : قال أبو الجَرّاح : الأُرْنةُ : الجُبْن الرَّطْب.

ويُقال : حَبٌّ يُلْقى في اللَّبن فيَنْتَفخ ، ويُسمَّى ذلك البَياض : أُرْنة ، وأَنْشد :

* هِدَانٌ كَشَحْم الأُرْنة المُتَرَجْرِجِ*

قال : والأُرَانى : حَبُّ بَقْل يُطْرح في اللَّبن فَيُجَبِّنه.

وقوله : هِدَانٌ : نَوَّامٌ لا يُصَلِّي ولا يُبَكِّر لحاجته ؛ وقد تَهَدَّن ، ويُقال : هو مَهْدُونٌ ؛ قال :

* ولم يُعَوَّد نَوْمَة المَهْدُون *

ابن السِّكِّيت : الأُرَانَى : جَناة ثَمر الضَّعة ، نبت ، في باب فُعَالَى.

١٦٤

أبُو عُبَيد ، عن الكسائيّ وأبي زَيْد : يَوْمٌ أَرْوَنَانٌ ، وليلة أَرْونانَةٌ : شَدِيدة الحَرّ والغَمّ.

وأَخبرني الإيادي ، عن شَمِر ، قال : يومٌ أَرْوَنانٌ ، إذا كان ناعماً ؛ وأَنشد فيه بيتاً للنابغة الجَعْدِيّ :

هذا ويَوْمٌ لنا قَصِيرٌ

جَمُّ المَلَاهي أَرْوَنَانُ

قال : وهذا من الأضداد ، فهذا البيت في الفَرح.

وقال الآخر :

فَظَلَّ لِنِسْوة النُّعْمَان منّا

عَلى سَفَوانَ يومٌ أَرْوَنَانُ

قال : أراد : يوم أَرْونانيّ ، بتشديد ياء النِّسبة ، فخفَّف ياء النسبة ، كما قال الآخر :

لم يَبْق من سُنّة الفارُوق تَعْرفه

إلّا الدُّنَيْنِي وإلا الدِّرّة الخَلَقُ

وكان أبو الهَيْثم يُنكر أن يكون الأرْونان في غير مَعْنى : الغَمّ والشِّدة ، وأَنكر البَيْتَ الذي احتج به شَمر.

وقال ابن الإعرابيّ : يومٌ أَرْونان ، مأخوذ من الرُّون وهو الشِّدة.

وجمعه : رُوُون.

وفي حديث عائشة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم طُبّ ـ أي سُحِر ـ ودُفن سِحْرُه في بئر ذي (١) أَرْوَان.

والمِئْران : كِنَاسُ الثَّور الوَحْشِيّ ، وجمعه : المَيارِين ، والمآرِين.

عمرو ، عن أبيه : الرُّونة : الشِّدّة (٢).

وقال ابن الأعرابي : النَّرْوةُ : حَجر أَبْيض رَقيقٌ ، وربما ذُكِّي به (٣).

قال : وكانت العَرب في الجاهلية تقول لذي القَعْدة : وَرْنة ؛ وجمعها : وَرْنات ؛ وشهر جُمَادىّ : رُنَّى ؛ وجمعها : رُنَّيات (٤).

وقرأت بخط شَمر في حديث استسقاء عُمر : حتى رأيتُ الأرْنَبة تأكلُها صِغار

__________________

(١) في المطبوع : «بئروى» والمثبت من «اللسان» وأورد هذه العبارة في (ور ن).

(٢) هذه العبارة مكانها في «اللسان» (ر ون) ، (إبياري).

(٣) هذه العبارة مكانها في «اللسان» (نرا) ، (إبياري).

(٤) لم يذكر ابن منظور هذه العبارة في (أرن) ، وإنما ذكرها في (رنا) و (رون) و (ورن) ، (إبياري).

١٦٥

الإبل.

قال شَمِر : روى الأصمعيّ هذا الحديث عن عَبد الله العمري عن أبي وَجْزة.

قال شمر : قال بعضهم : سألت الأصمعيّ عن الأرنبة (١) فقال : نَبْت.

قال شمر : وهو عندي الأرينة (٢) ، سمعت ذلك في الفَصيح من أعراب سَعد بن بكر ، ببطن مُرّ.

قال : ورأيتُه نباتاً يُشبه الخَطْميّ عَرِيض الوَرق.

قال شمر : وسمعتُ غيره من أعراب كنانة يقولون : هو الأرِين.

وقالت أعرابيّة مِن بَطن مُرّ : هي الأرينة ، وهي خَطْميّنا وغَسُول الرَّأس.

قلت وهذا الذي حَكاه شمر صَحِيح ، والذي رُوي عن الأصمعي أنه : الأرنبة ، من الأرانب ، غير صَحيح ، وشَمِرٌ مُتْقِن.

وقد عُني بهذا الحرف فسأل عنه غَيْرَ واحدٍ من الأعراب حتى أَحْكمه. والرُّواة ربّما صَحَّفُوا وغَيَّروا.

ولم أَسمع الأرنبة في باب النَّبات من أَحد ولا رأيتُه في نُبُوت البادية ، وهو خطأ عِندي ، وأَحسب القُتَيبي ذكر عن الأصمعيّ أيضاً الأرنبة وهو غَير صَحِيح.

نير ـ نور : ابن المُظَفَّر : النُّور : الضِّياء.

والفعل : نار ، وأنَار.

وفي الحديث : فَرض عمر بن الخطَّاب للجّدّ ثم أَنَارها.

زَيدُ بن ثابت : أي نَوَّرها وأَوْضحها.

قال : والمَنَارة : الشَّمعة ذاتُ السِّراج.

والمنارة أيضاً : التي يوضع عليها السِّرَاج.

وأَنْشد :

* فيها سِنَانٌ كالمَنَارَة أَصْلَعُ*

وفي حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لَعَن الله مَن غَيَّرَ مَنَارَ الأرْض».

المَنارُ : العَلَم والحَدّ بين الأرَضين.

ومنَار الحَرم : أعْلامُه التي ضَربها إبراهيمُ صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أَقْطار الحرم ونَواحيه ، وبها تُعْرف حُدود الحَرم من حُدود الحِلّ.

ويَحتمل معنى قوله : «لعن الله من غيّر منار الأرض» أراد به : مَنار الحَرم.

ويجوز أن يكون : لعن الله من غيّر تخُوم الأرض ، وهو أن يَقْتطع طائفةً من أرض جاره ، أو يُحوِّل الحدَّ من مكانه.

وروى شَمر ، عن الأصمعيّ : المَنار : العَلَم يُجعل للطَّريق.

أو الحدّ للأَرضين من طين وتُراب.

ويُقال للمنارة التي يُؤذّن عليها : المِئْذَنة ؛ وأَنْشد :

لِعَكٍّ في مناسمها منار

إلى عَدْنان واضحةُ السَّبيل

__________________

(١) في «اللسان» : «أرن» : «الأرينة» ، وكذلك وردت فيه العبارة السابقة : «... الأرينة تأكلها ...» وانظر التعليق الآتي.

(٢) في «اللسان» (أرن): «الأرينة» بالباء ، والصواب المثبت ، لقول المصنف الآتي : «والذي روي عن الأصمعي أنه الأرينة من الأرانب غير صحيح ... إلخ». وفي «المخصص» لابن سيده (١١ / ١٦٣): «الأرانية : شجرة تنبت نبتة الخافور على وجه الأرض ..».

١٦٦

وقال الأصمعيّ : كُلّ رَسْمٍ بِمكْوًى ، فهو نارٌ.

وما كان بغير مِكْوًى ، فهو حَرْقٌ ، وقَرْعٌ ، وقَرْمٌ ، وحَزٌّ ، وزَنْمٌ.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : النار : السِّمة ؛ وجمعها : نِيار.

وقال : وجَمع النّار المُحرقة : نِيران.

وجمع النّور : أَنْوار ، والنُّور : حُسْن النَّبات وطُوله ، وجمعه : نِوَرَة.

والنِّير : العَلَم ، وجمعه : أَنْيَار.

قلت : والعربُ تقول : ما نارُ هذه الناقة؟

أي ما سِمَتُها؟ سُمِّيت ناراً لأنَّها بالنَّار تُوَسم ؛ قال الراجز :

حتى سَقَوْا آبَالَهم بالنَّارِ

والنارُ تَشْفِي من الأُوار

أي سَقَوا إبلهم بالسِّمَة ، أي إذا نَظروا في سِمة صاحبها عُرف فسُقِيت وقُدِّمت على غيرها لِكَرم صاحبها عليهم.

ومن أمثالهم : نِجَارُها نارُها ، أي سِمتُها تَدُلّ على نِجَارها. يَعْني الإبل ؛ قال الرَّاجزُ يَصِف إبلاً ، سِماتُها مُخْتَلفة :

نِجَارُ كُلِّ إِبِلٍ نِجَارُها

ونارُ إبْل العالَمين نارُها

يقول : اختلفت سِماتُها لأنّ أربابَها من قبائل شتَّى ، فأُغِير على سَرْحِ كُلّ قَبيلة واجتمعت عند من أَغار عليها (١) سِماتُ تلك القبائل كلِّها.

وأما قوله :

* حتّى سَقَوْا آبَالهم بالنَّار*

يقول : لما عَرف أصحابُ الماء سِمتها سَقَوْها لِشَرف أَرْباب تلك النّار.

ونارُ المُهَوِّل : نارٌ كانَت للعَرَب في الجاهِليّة يُوقدونها عند التحالُف ويَطْرحون فيها مِلْحاً يَفْقَعُ ، يهوِّلون بذلك تأكيداً للحِلْف.

والعرب تَدعُو على العَدُوّ فتقول : أَبعد الله داره ، وأَوْقد ناراً إثْرَه.

وأخبرني المُنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : قالت العُقَيْليّة : كان الرَّجُل إذا خِفْنا شَرَّه فتحوّل عنا أَوْقَدنا خلفه ناراً.

قال : فقلتُ لها : ولِمَ ذلك؟

قالت : ليتحوّل ضبعهم معهم ، أي شَرّهم.

وأَنشدني بعضُهم :

وجَمّة أقوام حَمَلْت ولم أَكن

كموقِد نارٍ إثرهم للتندّم

الجمّة : قومٌ تحمَّلوا حَمالَة فطافُوا بالقبائل يسألون فيها ، فأخْبر أنه حَمَل من الجمّة ما تحمّلوا من الدِّيات ، قال : ولم أنْدم حين ارتحلوا عنّي فأُوقد على إثرهم.

__________________

(١) في المطبوع : «علمها» ، والمثبت من «اللسان» (نور).

١٦٧

ونار الحُبَاحب : قد مَرّ تَفسيره في كتاب الحاء.

وقال أبو العبّاس : سألت ابن الأعرابيّ عن قوله : لا تَسْتَضِيئوا بنار المُشْركين.

فقال : النار ها هنا : الرأي ، أي لا تُشاوروهم.

وأمّا حديثهم الآخر : أنا بريء من كُلّ مُسلم مع مُشْرك. ثم قال : لا تَراءَى نارَاهُما.

فإنّه كره النُّزول في جوار المُشركين ، لأنه لا عَهد لهم ولا أمان ، ثم وَكَّده فقال : لا تراءَى ناراهما ، أي لا يَنزل المُسلم بالموضع الذي تقابل نارُه إذا أوقدها نارَ مُشرك ، لقُرب منزل بعضهم من بعض ، ولكنه ينزل مع المسلمين فإنهم يَدٌ على مَن سِوَاهم.

ورُوي عن ابن عمر أنه قال : لو لا أنّ عُمر نَهى عن النِّير لم نَر بالعَلَم بَأْساً ، ولكنه نَهى عن النِّير.

قال شَمِر : قال أبو زيد : نِرْتُ الثوب أَنِيرُه نَيْراً.

والاسم : النِّيرة ، وهي الخُيوطة والقَصبة إذا اجْتَمعتا ، فإذا افْترقتا سُمِّيت الخُيوطة : خُيُوطةً ؛ والقَصَبةُ : قَصَبةً ، وإن كانت عَصَا فعَصاً.

قال : وعَلم الثَّوب : نِيرٌ ، والجمع : أَنْيَار.

ونَيَّرت الثوبَ تَنْيِيراً.

والاسم : النِّير.

تقول : نِرْتُ الثَّوْبَ ، وأَنَرْتُه ، ونيَّرتُه ، إذا جعلتَ له عَلَماً ؛ وأَنْشد :

* على أَثَرَيْنا نِير مِرْطٍ مُرَجَّل*

قال : والنِّيرة أيضاً : مِن أَدَوات النَّسَّاج يَنْسج بها ، وهي الخَشبة المُعْترضة.

ويقال للرجل : ما أَنت بِسَداةٍ ولا لُحْمة ولا نِيرة ؛ يُضْرب لمن لا يَضُر ولا يَنْفع ؛ قال الكُمَيت :

فما تَأْتُوا يَكُنْ حَسَناً جَمِيلاً

وما تَسْدُوا لَمكْرُمة تُنِيرُوا

يقول : إذا فَعلتم فعلاً أَبْرَمْتموه.

قال : والطُّرّة مِن الطَّريق تُسمَّى : النِّير ، تَشْبِيهاً بنِير الثَّوب ، وهو العَلَم في الحاشية ؛ وأَنشد بعضُهم في صِفة طريق :

على ظَهر ذي نِيرَيْن أمّا جَنابُه

فوَعْثٌ وأمّا ظَهْرُه فَمُوَعَّسُ

وجَنابُه : ما قَرب منه ، فهو وَعْث يَشْتَدّ فيه المَشي ؛ وأمّا ظَهْر الطَّريق المَوْطوء فهو مُمَتَّن لا يَشْتد على الماشي فيه.

وقال غيره : يقال للخَشبة المُعترضة على عُنق الثَّوْرين المَقْرونين للحراثة : نِيرٌ.

ويُقال لِلُحْمة الثَّوب : نِير ؛ وأَنْشد ابن الأعرابيّ :

ألا هَل تُبْلِغَنِّيها

على اللِّيّان والضِّفَّهْ

١٦٨

فلاةً ذات نِيرَيْن

بِمَرْوٍ سَمْحُها رَنَّهْ

تخال بها إذا غَضِبت

حماةً فاضَحَت كِنّهْ

يُقال : ناقة ذات نِيْريْن ، إذا حَملت شَحْماً على شَحْم كان قبل ذلك.

وأصل هذا من قولهم : ثوبٌ ذو نِيرَين ، إذا نُسج على خَيْطين ، وهو الذي يُقال له : ديَابُوذ ، وهو بالفارسيّة : ذويَاف.

ويُقال له في النَّسج : المُتَاءمة ، وهو أن يُنار خَيْطان معاً ويُوضع على الحَفَّة خَيْطان.

وأمّا ما نِير خَيْطاً واحداً فهو السَّحْل.

فإِذا كان خيطٌ أبيض وخَيط أسود ، فهو المُقاناة.

ويُقال للحرب الشَّديدة : ذات نِيرَين ؛ وقال الطِّرِمّاح :

عدا عن سُلَيْمى أنَّني كُلَّ شارِق

أَهُزّ لحَرْبٍ ذاتِ نِيرَين ألَّتِي

وأنشد ابن بُزُرْجَ :

ألم تَسأل الأَحْلاف كيف تَبَدَّلُوا

بأَمرٍ أنارُوه جميعاً وأَلْحَمُوا

قال : ويُقال : نائرٌ ونارُوه ؛ ومُنِير وأَنارُوه.

ويقال : لَسْت في هذا الأمر بمُنير ولا مُلْحِم.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : يُقال للرَّجُل : نِرْنِرْ ، إذا أَمَرْته بعَمل عَلَم للمِنْديل.

والنُّورة مِن الحجر : الذي يُحْرق ويُسوَّى منه الكِلْس ويُحْلق به شَعر العانَة.

قال أبو العبّاس : يُقال : انْتَوَرَ الرَّجُلُ ، وانْتار ، من النُّورة.

ولا يُقال : تَنَوَّر ، إلّا عند إبْصار النار.

وتأمُر من النُّورة فتقول : انْتَوِرْ يا زيد ، وانْتَرْ ، كما تقول : اقْتَول واقْتَل.

وأنشد غيرُه في تَنَوّر النار :

فتَنوَّرْت نارَها مِن بَعيدٍ

بخَزَازَى هَيْهاتَ مِنْك الصَّلَاءُ

ومنه قولُ ابن مُقْبل :

* كَرَبَتْ حَياةُ النَّار للمُتَنوِّرِ*

الحَرّاني ، عن ابن السِّكيت : النُّور : ضِدّ الظُّلْمة.

والنُّور : جَمع نَوَار ، وهي النُّفّرُ من الظِّباء والوَحْش.

وامرأة نَوَار ، ونِساء نُوُرٌ ، إذا كانت تَنْفِر من الرِّيبة.

وقد نارت تَنُور نَوْراً ، ونِوَاراً ؛ وأنشد قول العجَّاج :

* يَخْلِطْن بالتأَنُّس النَّوَارَا*

وقال مالك بن زُغْبة الباهليّ يُخاطب امرأةً :

أنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ

١٦٩

وحَبْلُ الوَصْل مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ

وقوله : «سَرْع ماذا» أراد : سَرُع ، فخفَّف.

قلت : والنُّور ، من صفات الله عزوجل ؛ قال الله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٣٥].

قيل في تفسيره : الله هادي أَهل السَّموات وأَهل الأَرض.

وقيل : أنارها بحكمة بالغة.

وقال ابن عَرفة : أي مُنوِّر السموات والأرض ، كما يقولون : فلان غِياثُنا ، أي مُغِيثنا ، وفلان زادي ، أي مُزوِّدي ؛ قال جرير :

وأنت لنا نُورٌ وغَيْثٌ وعِصْمَةٌ

ونَبْتٌ لمن يَرْجو نَدَاكَ وَرِيقُ

وقوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) [النور : ٣٥] أي مثل نُور هُداه في قلب المُؤْمن كمشكاة فيها مِصْباح.

وقوله تعالى : (نُورٌ عَلى نُورٍ) [النور : ٣٥] أي نُور الزّجاجة ونُور المِصْباح.

وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) [المائدة : ١٥] قال : النُّور ، هاهنا : محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والنُّور : هو الذي يُبيِّن الأشياء ويُري الأبصار حَقِيقتها.

قال : فمثل ما أُتي به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في القلوب في بيانه وكَشْفه الظُّلمات ، كمثل النُّور.

ثم قال : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) [المائدة : ١٦].

وفي حديث عليّ : نائرات الأَحكام ، ومُنِيرات الإسْلام.

يريد : الواضحات البَيِّنات.

يقال : نار الشيءُ ، وأنار ، واستنار ، إذا وَضح.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : النائِرُ : المُلْقِي بين الناس الشُّرور.

والنَّائرة : الحِقْدُ والعَدَاوة.

والنَّؤُور : دُخان الشَّحْم.

وكُنّ نِسَاء الجاهلية يَتَّشِحْن بالنَّؤُور ؛ ومنه قول بِشْر :

* كما وُشم الرَّاواهِشُ بالنَّؤُور*

وقال اللّيث : النَّؤُور : دُخان الفَتِيلة يُتَّخذ كحلاً أو وَشْماً.

قلت : أمّا الكحل فما سَمِعت أنّ نساء العرب اكْتَحَلن بالنَّؤُور ؛ أمّا الوَشْم به فقد جاء في أَشْعارهم ؛ قال لَبِيد :

أو رَجْع واشمة أُسِفّ نَؤُورُها

كِفَفاً تَعرّض فَوْقهنّ وِشامُها

وقال اللَّيث : النائرة : الكائنةُ تَقع بين القوم.

وقال غيره : بينهم نائرةٌ ، أي عداوة.

وقال اللّيث : النَّور : نَوْر الشَّجر.

١٧٠

والفِعل : التّنْوِير.

ويُقال للنّوْر : نُوَّارٌ أيضاً.

وقد نَوَّرت الأشجارُ تَنْوِيراً ، إذا أَخْرَجت أَزَاهيرها.

وجمع : النَّور : أَنْوار.

وواحدة النُّوّار : نُوَّارَة.

وقال : يقال : فلان يُنوِّر على فلان ، إذا شَبَّه عليه أَمراً.

قال : وليست هذه الكلمة عربيّة ، وأصله أن امرأة كانت تُسمى : نُورَة ، وكانت ساحرةً ، فقيل لمن فعل فِعْلها : قد نَوّر ، فهو مُنَوِّر.

وفي صِفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَنْور المُتَجَرَّد.

والعرب تقول للحسن المُشْرق اللَّون : أَنور. معناه : إذا تَجَرَّدَ من ثيابه كان أَنْور مِلْءَ العَيْن. وأراد بالأنْور : النّيِّر ، فوضع أفعل موضع فعيل ، كما قال تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] أي : وهو هَيِّن عليه.

والتَّنْوير : وقتُ إسْفار الصُّبْح.

يقال : قد نَوَّر الصُّبْح تَنْويراً.

ويقال : نار الشيء ، وأنار ، ونَوَّر ، واسْتنار ، بمعنًى واحد.

كما يقال : بان الشيء ، وأبان ، وبَيَّن ، وتَبيَّن ، واسْتبان ، بمعنًى واحد.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : النَّؤُور : دُخان الشحم الذي يَلْتزق بالطَّسْت.

وهو العِنَاج أيضاً.

ابن هانىء ، عن زيد بن كُثْوة ، قال : عَلِق رجلٌ امْرأةً فكان يَتَنَوّرها باللَّيل.

والتَّنَوُّر ، مثل التَّضَوُّؤ.

فقيل لها : إن فلاناً يَتنوّرك ، لِتَحْذره فلا يَرى منها إلّا حَسَناً ، فلمّا سَمعت ذلك رَفَعت مُقَدَّم ثَوْبها ثم قابلته وقالت : يا مُتنوِّراً هاه ؛ فلما سَمِع مقالتها وأَبصر ما فعلت قال : فبئسما أرى هاه ، وانْصرفت نَفسُه عنها. فضُربت مثلاً لكُل مَن لا يَتّقي قَبِيحاً ولا يَرْعَوي لِحَسَن.

ورن : قال ابن الأنباريّ : أخبرني أبي عن بعض شُيوخه قال : كانت العَرب تُسمِّي جمادى الآخرة : رُنيَّ ، وذا القَعْدة : وَرَنَة ؛ وذا الْحِجة : بُرَك.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : التَّورُّن : كَثرة التّدَهُّن والنّعِيم.

قلتُ : التّودُّن ، بالدال ، أشبه بهذا المَعْنى.

[باب الراء والفاء]

ر ف (وايء)

ريف ، روف ، ورف ، وفر ، أرف ، فرا ، فرأ ، فار ، فأر ، رفأ ، أفر.

روف ـ رأف : قال الله عزوجل : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [النور : ٢].

١٧١

قال الفراء : الرّأفة ، والرآفة : الرحْمة : مثل الكأبَة والكَآبة.

وقال الزّجاج : معنى (لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) ، أي لا تَرحموهما فتُسْقطوا عنهما ما أَمر الله به من الحَدّ.

ومن صِفات الله عزوجل : الرَّؤُوف ، وهو الرَّحيم.

والرّأفة : أخَصّ من الرّحمة وأَرَقّ.

وفيه لُغتان قُرىء بهما معاً : رَؤُوف ، على فعول ، ورَؤُف على فَعُل.

وقد رَأف يَرْأف ، إذا رَحِم.

وقال أبو زيد : يقال : رَؤُفْت بالرجل أَرْؤُف به ، ورَأَفْت أَرْأف به ، كُلٌّ من كلام العرب.

قلت : ومَن لَيَّن الهَمزة قال : رَوُف ، فجعلها واواً.

ومنهم من يقول : رَأْفٌ ، بسكون الهَمزة.

ورَوى أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي ، قال : الرَّؤوفة : الراحمة.

وقال ابن الأنباري : قال الكسائي والفرّاء : ويُقال : رَئِف ، بكسر الهمزة ، ورَؤُف.

قال أبو بكر : ويُقال : رَأْف ، بسكون الهمزة ؛ وأَنْشد :

فآمنُوا بنبيٍّ لا أبا لكمُ

ذي خاتَم صاغه الرحمن مَخْتُوم

رَأْفٌ رَحيم بأهل البِرّ يَرْحَمهم

مُقَرَّبٌ عند ذي الكرسيِّ مَرْحُوم

ريف : قال اللّيث : الرِّيفُ : الخِصْب والسَّعة في المَأكل والمَطْعم.

قلت : الرِّيف : حيثُ يكون الحضَر والمِيَاه.

وجمعه : أرْياف.

وقد تَرَيَّفْنا ، أي حَضرْنا القُرَى ومَعِينَ الماء.

ومن العَرب من يَقول : راف البَدوِيّ يَرِيف ، إذا أتى الرِّيفَ ؛ ومنه قولُ الرّاجز :

جَوّاب بَيْداء بهما غُروف

لا يأكل البَقْل ولا يَرِيفُ

* ولا يُرى في بَيْته القَلِيف*

وقال القُطاميّ :

ورافٍ سُلافٍ شَعْشَعَ البَحْر مَزْجَها

لِتَحْمَى وما فِينا عن الشُّرْبِ صادِفُ

قال : رافٍ : اسم الخمر. تَحْمَى : تُسْكِر.

ورف : أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : أَوْرَف الظِّل ، ووَرَف ، وَوَرَّف ، إذا طال وامْتدّ.

أبو عُبيد ، عن الفراء : الظلّ وارِف ، أي واسع ؛ وأَنشد غيره يَصف زمامَ النّاقة :

وأَحْوى كأَيْم الضَّالِ أَطْرَق بَعْدَ ما

حَبَا تحت فَيْنَانٍ من الظِّلّ وارِفِ

وقال اللّيث : ورَف الشجر يَرِف وَرِيفاً

١٧٢

ووُرُوفاً ، إذا رأيت لخُضرته بَهجة من رِيّه ونَعْمته.

قلت : هما لُغتان : رَفّ يَرفّ ، ووَرَف يَرِف.

وهو الرَّفيف ، والوَرِيف.

فرا ـ فرأ : في الحديث : إن أبا سُفْيان استأذن على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فَحَجَبَه ، ثم أَذِن له ، فقال له : ما كِدْتَ تَأْذن لي حتى تأذن لِحجارة الجُلْهُمَتَيْن ، فقال : يا أبا سفيان ، أنْت كما قال القائل : كُلّ الصَّيْد في جوف الفَرأ.

قال أبو عُبيد ، قال الأصمعي : الفرأ ، مهموز مَقْصور : حِمَار الوَحْش.

وجمعه : أفراء ، وفراء ؛ وأَنشدنا :

بِضَرْبٍ كآذَان الفِرَاء فُضُولُه

وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخاض تَبُورُهَا

قال : وإنما أراد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما قاله لأبي سُفيان تَألُّفَه (١) على الإسلام ، فقال : أنت في النّاس كحمار الوَحْش في الصَّيْد ، يعني أنّها كُلّها دونه.

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي العبّاس ، أنه قال : معناه : إنِّي إذا حَجَبْتُك قَنَع كُلُّ مَحْجوب ، لأنّ كُل صَيْدٍ أقلّ من الحمار الوحشيّ ، فكل الصَّيد لصغره يدخل في جَوف الحمار. فيُضرب هذا المَثل للرَّجل تكون له حاجات ، منها واحدة كبيرة ، فإذا قُضيت تلك الكبيرة لم يُبال أن تُقْضى باقي حاجاته.

وقال الأصمعي : من أمثالهم : أَنْكَحْنا الفرا فسَنَرى.

يُضرب للرَّجُل إذا غُرِّر بأَمْرٍ فلم يَر ما يُحب تمثَّل فقال : أَنكحنا الفَرا فسنَرى ، أي صَنَعْنَا الحَزم فآلَ بنا إلى عاقبة سَوْء.

وقال غيره : معناه أنها قد نظرنا في الأمر فسننظر عمّا يَنكشف.

وقال أبو عمرو الشَّيبانيّ : قولهم : أَنكحنا الفَرا فسَنَرى.

قال : الفَرا : العجب ، من قولهم : فلان يَفْري الفَرِيّ ، أي يأتي بالعجب.

وقال الأصمعي : فلان ذو فَرْوة وثَرْوة.

إذا كان كَثِيرَ المال.

وقال ابن السِّكيت : إنه ذو ثَروة في المال وفَرْوة ، بمعنًى واحد.

ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنه قال على مِنْبر الكوفة : اللهم إنِّي قد مَلِلْتُهم ومَلُّوني ، وسَئِمْتُهم وسَئِموني ، فسلِّط عليهم فتَى ثَقِيف الذَّيال المَنَّان ، يَلْبَس فَرْوتها ويَأكل خَضِرتها.

قلت : أراد عليٌّ أنّ فتَى ثقيف إذا وَلي العِراقَ توسَّع في فيء المُسلمين واستأثر

__________________

(١) في المطبوع : «تأنفه» والتصويب من «اللسان» (مزأ).

١٧٣

به ، ولم يَقْتصر على حِصَّته.

وفتى ثَقيف ، هو الحجّاج بن يوسُف.

وقيل : إنه وُلد في هذه السنة التي دَعا عليٌّ فيها بهذا الدُّعاء. وهذا من الكوائن التي أنْبأ بها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مِن بعده.

عمرو ، عن أبيه ، قال : الفَروة : الأَرض البَيْضاء ليس فيها نباتٌ ولا فَرش.

وقال اللَّيث : فروة الرأس : جِلْدته بِشَعَرها.

قال : والفَرْو ، معروف ، وجَمعه : فِراء.

فإذا كان ذا الجُبَّة ، فاسْمُها : فَروة ؛ قال الكُمَيت :

إذا التفّ دُون الفَتاة الكَمِيعُ

ودَحْدَح ذُو الفَرْوة الأَرْمَلُ

قلت : والجِلْدَة إذا لم يكن عليها وَبر أو صُوف ، لم تُسَمَّ : فَرْوة.

أبو عُبيد ، عن الأَصمعي : افْتَرَيت فَرْواً : لَبِسْتُه ؛ قال العجّاج :

يَقْلِب أَولاهُنَّ لَطْم الأَعْسَرِ

قَلْب الخُراسانِيّ فَرْوَ المُفْتَرِي

وقال الله عزوجل : (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) [مريم : ٢٧].

قال الفَراء : الفَرِيّ : الأمْر العَظيم.

والعرب تقول : تركتُه يَفْرِي الفَرِيّ ، إذا عَمِل العَمل أو السّقْي فأَجاد.

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عُمر ، ورآه في مَنامه يَنْزع على قَليب بغَرْبٍ : «فلم أرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه».

قال أبو عبيد : هو كقولك : يَعْمل عَمَله ، ويَقُول قَوْلَه.

قال : وأنشدنا الفَرّاء :

قد أطْعَمَتْني دَقَلاً حَوْلِيّا

قد كنتِ تَفْرِين به الفَرِيّا

أي كُنت تُكثرين فيه القولَ وتَعظِّمينه.

وفي حديث ابن عبّاس ، حين سُئل عن الذّبِيحة بالعُود ، فقال : كُلُّ ما أَفْرَى الأوداجَ غيرَ مُثَرِّد.

أي شَقَّقَها فأَخرج ما فيها من الدّم.

يقال : أفْريت الثوبَ ، وأفريت الحُلة ، إذا شَقَقتها وأخرجت ما فيها.

فإذا قلت : فريت ، بغير ألف ؛ فإِن معناه أن تُقَدِّر الشيء وتُعالجه وتُصلحه ؛ مثل النَّعل تَحْذوها ، أو النِّطَع أو القِربة أو نحو ذلك.

يقال منه : فَرَيْت أفْرِي فَرْياً ؛ وأنشد لزُهير :

ولأنت تَفْرِي ما خَلَقْت وبَعْ

ضُ القومِ يَخْلُق ثم لا يَفْرِي

وكذلك : فَرَيت الأرض ، إذا سِرْتَها وقَطَعْتها.

وأما الأُولى : أَفريت إفراءً ، فهو من

١٧٤

التَّشْقيق ، على وَجه الفَساد.

وقال الأصمعي : أَفْرى الجِلْد ، إذا مَزَّقه وخَرَقه وأَفْسده ، يُفْريه إفْراءً.

وفَرى الأديم يَفْريه فرياً.

وفرى المزادة يَفْرِيها ، إذا خَرزها وأَصلحها ؛ وأَنشد :

* شَلَّت يَدَا فارِيَةٍ فَرَتْها*

أي عَمِلَتْها.

والمَفْرِيّة : المَزَادة المَعْمولة المُصْلَحة.

وأَفْرى الجَرْحَ يُفْريه ، إذا بَطّه.

وقال أبو عُبيد : فَرِي الرَّجُلُ يَفْرَى فَرًى ، إذا بُهت ودَهِش ؛ وقال الهُذليّ :

وفَرِيتُ مِن جَزَعٍ فلا

أَرْمِي ولا وَدَّعْتُ صاحِبْ

وقال الأصمعي : يُقال : فَرِيَ يَفْرَى ، إذا نَظر فلم يَدْرِ ما يَصْنع.

ويقال للرَّجل إذا كان جادّاً في الأمر قويّاً : تركته يَفْري الفَرا ويَقُدّ.

قال الليث : يُقال : فَرى فلانٌ الكَذبَ يِفْرِيه ، إذا اخْتَلقه.

والفِرْية ، من الكَذِب.

وقال غيرُه : افترى الكذبَ يَفْتريه ؛ ومنه قولُه تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) [يونس : ٣٨] أي اخْتلقه.

وتَفَرّى عن فلانٍ ثَوبُه ، إذا تَشَقَّق.

وقال الليث : تَفَرَّى خَرْزُ المَزَادة ، إذا تَشَقَّق.

وتَفَرَّت الأَرضُ بالعُيون ، إذا انْبَجَست ؛ وقال زُهير :

* غِماراً تُفَرَّى بالسِّلاح والدَّم*

أبو زيد : فَرَى البَرْقُ يَفْرِي فَرْياً ، وهو تَلألؤه ودوامُه في السَّماء.

رفأ : في حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه نهى أن يُقال : بالرِّفَاء والبَنِين.

قال أبو عُبيد : قال الأصمعي : الرِّفاء ، يكون بمعنَيَيْن :

يكون من الاتفاق وحُسن الاجتماع ؛ قال : ومنه أُخذ «رَفْء» الثوب ، لأنه يُرفأ فَيُضم بعضُه إلى بعض ويُلاءم بينه.

قال : ويكون الرِّفاء ، من الهُدوء والسُّكون ؛ وأَنْشد لأبي خِراش الهُذليّ :

رَفَوْني وقالُوا يا خُوَيْلد لا تُرَعْ

فقلتُ وأَنْكَرت الوُجوه هُمُ هُمُ

قال : وقال أبو زيد : الرِّفاء : المُوَافقة ، وهي المُرافاة ، بلا هَمْز ؛ وأَنْشَد :

ولمّا أن رأيتُ أبار ديْم

يُرَافِيني ويَكْره أن يُلَامَا

وقال ابن هانىء في قول الهُذلي «رَفوني» يُريد : رفئوني ، فأَلقى الهَمزة.

قال : والهمزة لا تُلْقى إلا في الشِّعر ، وقد ألقاها في هذا البَيْت.

قال : ومعناه : إنِّي فَزِعْتَ وطار قَلبي

١٧٥

فضَمُّوا بَعْضِي إلى بَعْض.

قال : ومنه : بالرِّفاء والبَنِين.

وفي حديث بعضهم أنه كان إذا رفّأ رجلاً قال : بارك الله عليك وبارك فيك وجَمع بينكما في خير.

قال ابن هانىء : رَفّأ : أي زَوّج.

وأصل الرفء : الاجتماع والتلازم.

ومنه قيل : للمتزوِّج : بالرّفاء والبَنِين.

ومنه : رَفْو الثَّوب.

وفي حديث بعضهم : كان إذا رَفّى رَجُلاً ؛ أَراد إذا أحَبّ أن يَدْعُو له بالرِّفاء والبَنِين ، فترك الهمزة.

وفي حديث : كان إذا رفّح رَجُلاً.

قال ابن الأعرابي : أراد رَفأ ، والحاء تُبدل من الهمزة ، لأنّهما أُختان.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : رفأت الثوب ، مَهْموز.

وقال أبو زيد في كتاب الهمز : رفأت الثوب أرفؤه رَفْئاً : ورَفّأت الملك تَرْفئةً وتَرْفيئاً ، إذا دعوت له.

ورافأني الرَّجُلُ في البيع مُرافأة ، إذا حابَاك فيه.

قال : وأرفأت السفينةَ إرفاء ، إذا قَرّبتها في الجِدّ من الأَرض.

قال : وترافأنا على الأمر ترافؤاً ، نحو التَّمالؤ ، إذا كان كَيْدُهم وأَمْرهم واحداً.

وقال في باب تحويل الهمزة من هذا الكتاب.

رَفَوْت الثوب رَفْواً ، تحوّل الهمزة واواً كما تَرى.

الحرّانيّ ، عن ابن السِّكيت في باب ما لا يُهمز فيكون له معنًى ، فإذا هُمز كان له معنًى آخر : رفأت الثوب أرفؤه رَفْئاً.

قال : وقولهم : بالرِّفاء والبنين أي بالتئام واجتماع ، وأصله الهَمْز.

وإن شئت كان معناه بالسُّكون والطمأنينة ، فيكون أصله غير الهمز.

يقال : رفوتُ الرَّجُلَ ، إذا سَكّنْتَه.

وقال الفَراء : أرفأت إليه ، وأرفيت إليه ، لُغتان بمعنى : جَنَحْت إليه.

وقال اللّيث : أُرْفئت السّفينة : قُرِّبت إلى الشّطّ.

ومَرْفأ السَّفينة ، حيث تُقَرب من الشَّطّ ؛ وقد أرفأتُها إرفاءً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الأُرْفِيّ : اللَّين الخالِص.

والأُرْفيّ أيضاً : الماسِخ.

قال : والأُرْفَى الأَمْر العَظيم.

وقال الليث : الأُرفيّ : اللَّبن المَحْض.

واليَرْفَئِيّ : راعِي الغَنَم.

شَمر ، عن ابن شُميل : أرفأتُ السفينةَ ، إذا أدنيتَها إلى الجِدّة ؛ والجِدّة : الأرْض.

١٧٦

قال أبو الدُّقَيْش : أرْفَت السَّفِينة ، وأَرْفَيْتها أنا ، بغير هَمَز.

قال : وكذلك أنبأنا يونس عن رؤبة.

قال : وقال أخو ذي الرُّمّة : أَرْفأتُها ، وأرفأت السَّفِينةُ نَفْسها ، إذا ما دَنت للجِدّة.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، قال : أرفأت السَّفينة ، إذا أَلصَقتها بالْجَدّ.

قال اللّيث : والجَدّ : ما قَرُب من الأَرْض.

وقال أبو سَعِيد : الجَدُّ : شاطىء النّهر.

الليث : الرُّفَة : عَناق الأرض تَصيد كما يَصيد الفَهْد.

قال : والرُّفة : التّبْن ، يمَانية.

قلت : غَلِط الليث في «الرُّفة» في لَفظه وتَفسيره ، وأَحْسبه رآه في بَعض الصُّحف : أنا أُغني عنك من التُّفة عن الرُّفة ، فلم يَضْبطه وغَيَّره فأَفْسده.

فأمّا عَناق الأرض فهو : التُّفة ، مخّففة ، بالتاء والفاء والهاء ، وتُكتب بالهاء في الإدْراج ، كهاء : الرحمة ، والنّعمة.

هكذا أخبرني المُنْذريّ ، عن الصيداوي ، عن الرِّياشي ؛ ثم أخبرني عن أبي الهَيثم بنَحوه.

قال : وأمّا «الرَّفت» فهو بالتاء ، فِعْلٌ من : رَفَتُّه أَرْفِته ، إذا دَقَقْته.

يقال للتِّبْن : رَفَتٌ ، ورَفْتٌ ، ورُفات.

وقد مَرَّ تفسير الحَرْفين فيما تقدَّم فأَعَدت ذِكرهما لأُنبِّه على مَوضع الغَلط ، فاعْلَمْه.

أرف : وقال الأصمعي : الآرِفُ : الذي يأتي قَرْناه على أُذُنَيْه.

والأقبل : الذي يُقْبل قَرناه على وَجْهه.

والأرْفَح : الذي يَذْهب قَرْناه قِبل أُذنيه في تَباعد ما بينهما.

والأفْشَغ : الذي اجْلَاحّ وذَهب قرناه كذا وكذا.

والأخْيص (١) : المُنتصب أحدهما المُنْخفض الآخر.

والأفْشَق : الذي تباعد ما بين قَرنيه.

في حديث عثمان : والأُرَفُ تَقْطع الشُّفْعة.

قال أبو عُبيد : قال ابن إدريس : الأُرَف : المَعالم.

وكذلك قال الأصمعي : الأُرف : المَعالم والحُدود.

وهذا كلام أهل الحجاز.

يقال منه : أرَّفت الدار والأرض تَأْريفاً ، إذا قَسمْتها وحَدَّدتها.

وقال اللِّحياني : الأُرف والأُرث : الحُدود بين الأرضين.

__________________

(١) في «اللسان» (أرف): «الأحمص».

١٧٧

وفي الحديث : إن رجلاً شكا إليه التَّعَزُّبَ ، فقال : عَفِّ شَعْرك ؛ ففَعل فارْفَأَنْ ، أي سَكَن ما به.

والمُرْفَئِنّ : السّاكن.

أفر : أبو عُبيد ، عن أبي زيد : الأفْرُ : العَدْوُ ؛ وقد أَفَر يَأْفِر.

وقال غيرُه : رَجُلٌ أَفّار ، ومِئْفَر ، إذا كان وثّاباً جَيِّد العَدْو.

وقال الليث : أَفَرت القِدْرُ تَأْفِر أَفْراً ، إذا جاشت واشْتدّ غَليانُها ؛ وأَنشد :

* باخُوا وقِدْرُ الحَرْبِ تَغْلي أَفْرَا*

قال : والمِئْفر من الرِّجال : الذي يَسْعَى بين يَدَي الرَّجُل ويَخْدُمه.

وإنّه ليَأفِر بين يَدَيه.

وقد اتَّخذه مِئْفَراً.

وقال غيره : أَفِرت الإبِلُ أَفْراً ، واسْتَأفرت اسْتئفاراً ، إذا نَشِطت وسَمِنت.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : الناس في أُفُرّة ، يعني الاختلاط.

وقال الفَرّاء : أُفُرّة الصّيْف : أوّلُه.

فور ـ فير : الأصمعيّ : يقال للرُّجل إذا غَضِب : فار فائِرُه ، وثار ثائِرُه.

وفارت القِدْر تَفُور فَوْراً ، وفَورَاناً ، إذا غَلَت.

ابن شُميل : أَتَيْته فَوْرَةَ النّهار ، أي في أَوّله.

وقال المُفسّرون في قول الله جلّ وعزّ : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) [آل عمران : ١٢٥] أي مِن وَجْههم هذا.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : لا أَفعل ذلك ما لأْلأَت الفُورُ بأَذْنابها ، أي لا أَفعله أبداً.

والفُور : الظِّباء ، لا يُفرد لها واحدٌ مِن لَفظها.

ويُقال : فعلت أَمر كذا وكذا مِن فَوْري ، أي من سَاعتي.

ويُقال : فار الماءُ من العَين ، إذا جاش ونَبع.

قال اللّيث : لِلكَرِش فَوّارتان ، وفي باطنهما غُدّتان من كُل ذي لَحم.

ويَزْعمون أنّ ماء الرّجل يَقع في الكُلْية ، ثم في الفَوّارة ، ثم في الخُصْية. وتلك الغُدّة لا تُؤْكل ، وهي لَحمة في جَوف لَحم آخَر.

قال : والفِيرةُ : حُلبة تُطبخ حتى إذا قارب فَوَرَانُها أُلقيت في مِعْصر فصُفِّيت ، ثم يُلْقى عليها تَمر ، ثم تتحسّاها المرأةُ النُّفَساء.

قلت : هي الفِئْرة ، والفَئِيرة ، والفَرِيقة.

وقال اللّيث : الفأر ، مَهْموز ، الواحد : فأرة ، والجمع : فِئْران. وأرض مَفأرة.

١٧٨

وقال أبو عبيد : أرضٌ فَئِرة ، على فَعِلة من الفأر ، وجَرِذة من الجُرذ.

وقال اللّيث : وفَأرة المِسْك : نافِجَتُه ، وهي معروفة.

وقال ابن الأعرابي : يُقال لذكر الفَأر : الفُؤْرُور ، والعَضَل.

ويُقال لِلَحم المَتْن : فأر المَتْن ، ويَرابيع المَتْن ؛ قال الراجز يصف رجلاً :

كأنّ حَجْمَ حَجَرٍ إلى حَجَرْ

نِيط بمَتْنَيْه من الفأر الفُؤَرْ

قال عمرو بن بَحر : سألت رجلاً عطّاراً من المُعتزلة عن فأرة المِسْك فقال : ليس بالفَأرة ، وهو بالْخِشْف أشْبه.

ثم قال : فأرة المِسْك دُوَيْبة تكون بناحية تُبّت يَصيدها الصيّاد فَيَعْصب سُرّتها بعصاب شديد ، وسُرّتها مُدَلّاة ، فيَجتمع فيها دَمُها ، ثم تُذْبح فإذا سَكنت قَوّر السُّرَّة المُعَصَّرة. ثم دَفَنها في الشَّعير حتى يَستحيل الدَّمُ الجامدُ مِسْكاً ذكِيّاً ، بعد ما كان دَماً لا يُرام نَتْناً.

: ولو لا أنّ النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد تَطَيّب بالمِسْك ما تَطَيّبْت به.

قال : ويَقع اسم الفأر على : فأرة التَّيس ، وفأرة البيت ، وفأرة المِسْك ، وفأرة الإبل.

قال : وعَقيل تَهمز : الفأرة ، والجُؤنة.

والمُؤْسى ، والحُؤْت.

عمرو ، عن أبيه ، الفَوْر : الوَقْت.

والفُورة : الكُوفة.

قال : والفِيَار : أحدُ جانبي حائط بَيْت لِسان المِيزان.

وقال أبو عبيد : لِسان الميزان : الحَدِيدة التي يَكْتنفها الفِيَارَان ، يُقال لأحدهما : فِيَار.

قال : والحديدة المُعْترضة التي فيها اللِّسان : الْمِنْجَمُ.

قال : والكِظامة : الحَلْقة التي تجتمع فيها الخُيوط في طَرفي الحَديدة.

قال عَوف بن الخَرع يَصف قَوْساً :

لها رُسْغُ أيدٍ بها مُكْرَبٌ

فلا العَظْمُ واهٍ ولا العِرْقُ فارَا

قال : المُكْرب : المُمتلىء ، فكأنه أراد أنه ممتلىء العَصب.

وقوله : ولا العِرق فارا.

قال ابن السِّكيت : يُكره مِن الفرس فَوْر العِرْق ، وهو أن يَظْهر به نَفْخٌ أو عَقْد.

يقال : قد فارت عُروقه تَفُور فَوْراً.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : يقال للموجة والبِركة : فَوَّارة.

وكل ما كان غير الماء قيل له : الفَوَّارة.

وقال في موضع آخر : يُقال : دَوَّارة وفَوَّارة ، لكل ما لم يَتحرَّك ولم يَدُر ، فإذا

١٧٩

تحرّك ودار ، فهو فُوّارة ودُوّارة.

وفر : قال الليث : الوَفْرُ : المال الكَثير الذي لم يُنْقص منه شَيء ، وهو مَوْفُور ، وقد وَفَرْناه فِرَةً.

قال : والمُسْتعمل في التعدِّي : وَفَّرناه تَوْفِيراً.

قلت : قولُ الله عزوجل : (جَزاءً مَوْفُوراً) [الإسراء : ٦٣] من : وَفَرْته أَفِره وَفْراً وفِرَةً.

وهذا مُتعدٍّ.

واللازم قولك : وَفر المالُ يَفر وُفُوراً ؛ فهو : وافر.

وسِقاءٌ أَوْفر ، وهو الذي لم يُنقص من أَدِيمه شيء.

ومَزادة وَفْراء : تامّة ؛ وقال ذو الرُّمة :

* وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأى خَوارِزُها*

والوَفْرة : الجُمّة من الشَّعر إذا بلغت الأُذنين. وقد وَفّرها صاحبُها. وفلانٌ مُوَفَّر الشعر. والوافر : ضَرْب من العَرُوض. وتَوفَّر فلانٌ على فلانٍ بِبرّه.

ووَفّر الله حَظّه من كذا ، أي أَسْبَغه.

وإذا عَرض الرجلُ على أحدهم طَعامه قال له الآخر : تُوفَر وتُحمَد ، أي لا يُنقص من مالك شيء ، على الدُّعاء له.

وقوله : تُحْمد ، أي لا زلت مَحْمُوداً.

ووَفَرْت لك عِرْضَك ، أي لم يُنْقص لِعَيْب.

[باب الراء والباء]

ر ب (وايء)

راب ، ربا ، ربأ ، ورب ، وبر ، برأ ، بأر ، بار ، أرب ، أبر ، بري.

روب ـ رأب : قال اللَّيث : الرَّوْبُ : اللّبنُ الرّائب.

والفِعْل : راب يَروب رَوْباً ، وذلك إذا كَثُفت دُوايَتُه وتَكبَّد لَبَنُه وأَنَى مَخْضُه.

والمِرْوَبُ : إناءٌ يُروَّب فيه اللَّبنُ.

والرَّوْبَةُ : بَقِيَّةٌ من اللبن تُترك في المِرْوَب كي إذا صُبّ عليه الحَلِيبُ كانَ أَسْرع لِرَوْبه.

أبو عُبيد ، عن الفراء : إذا خَثَر اللَّبنُ ، فهو رائِب. وقد رَاب يَرُوب.

فلا يزال ذلك اسْمَه حتى يُنْزَعَ زُبده.

واسمه على حاله بمنزلة العُشَراء من الإبل ، وهي الحامل ، ثم تضع ، وهو اسمها ؛ وأَنشد الأصمعيّ :

سَقاك أبُو ماعِز رائباً

ومَن لك بالرَّائب الخاثِرِ

يقول : إنّما سَقاك المَمْخوض ومَن لك بالذي لم يُمْخَض؟

قال : وإذا أدرك اللبنُ لِيُمْخض ، قيل : قد رَابَ. والرَّوْبة : خَمِيرة اللَّبن.

ورَوَى أبو حاتم ، عن الأصمعي ، قال : الرَّائب : اللَّبنُ الذي قد مُخِض وأُخْرجت

١٨٠