تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الذال

[باب الذال والراء]

ذ ر (وايء)

ذرأ ـ ذرا ـ ذأر ـ وذر ـ ذير ـ روذ ـ رذي.

ذرأ : قال اللَّيْثُ : يُقال : ذَرأَ اللهُ الخَلْق يَذْرَؤُهم ذَرْءاً.

ومِن صِفات الله : الذَّارِىءُ ، وهو الذي ذرأ الخلق ، أي خَلَقهم ، وكذلك البارِىءُ.

وقال الله تعالَى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) [الأعراف : ١٧٨] أي خَلَقْنا.

وقال عزوجل : (لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١].

قال أبو إسْحَاق : المَعْنَى : يَذْرَؤكم به ، أي يُكَثّركم ، يَجْعله منكم ومن الأَنْعام أَزْوَاجاً ، ولذلكَ ذكر الهاء في (فِيهِ) ؛ وأَنْشد الفَرّاء فيمن جَعَلَ «في» بمَعْنى الباء :

وأَرْغَبُ فيها عَن لَقِيطٍ ورَهْطِه

ولكنَّني عن سِنْبِسٍ لستُ أرْغَبُ

أي أَرْغب بها.

قلتُ : وقال الفَرّاءُ في تَفسير الآيةِ نحواً مما قال الزجَّاج ، وهو صَحِيح.

أبو عُبَيد ، عن الأَحْمر : أَذْرأَنِي فلانٌ وأَشْكَعني ، أي أَغْضَبني.

وقال أبو زَيْد : أَذْرَأْتُ الرَّجُل بصَاحِبه إذْرَاءً ، إذا حَرَّشْتَه عليه وأَوْلَعْتَه به.

__________________

(١) حقق هذا الجزء من الطبعة القديمة للدار المصرية الأستاذ إبراهيم الإبياري رحمه‌الله ، وقد آثر في عمله «إقامة النص اللغوي على السلامة التي لا تحتمل التخريج والتأويل» فلم يكثر من التخاريج ولم يثقل هوامش الكتاب ، وكان له تعليقات على مواضيع منه ارتأينا إثبات المهم منها في طبعتنا هذه لأهميتها ورمزنا في آخر تعليقاته ب (إبياري).

٥

وقال اللَّيْثُ : ذَرَأْتُ الأَرْضَ ، أي بَذَرْتها.

وزَرْعٌ ذَرِيءٌ.

قال : والذَّرْءُ : عَدَدُ الذُّرِّيّة ، تقول : أَنْمَى الله ذَرْءَك وذَرْوَكَ ، أي ذُرِّيّتَك.

والذُّرِّيَة تَقَع على الآبَاء والأبْناء والأوْلاد والنِّساء.

قال الله جَلّ وعزّ : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)) [يس : ٤١] أَرَاد آبَاءَهم الذين حُمِلوا مع نُوح في السَّفِينة.

وقال عُمر : حُجُّوا بالذُّرِّيَّة لا تَأْكُلوا أرْزَاقها وتَذَرُوا أَرْبَاقها في أَعْناقِها.

قال أبو عُبَيد : أَراد بالذّريةَ هاهنا النِّساء ، واسْتَدلّ بحديث مَرْفوع : كُنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غَزاة فرأى امْرأة مَقْتولةً ، فقال : «ما كانت هذه لتُقاتِلَ». ثم قال لرَجُلٍ : «الحَقْ خالداً فقُل له : لا تَقْتُلنّ ذُرِّيةً ولا عَسِيفاً».

وذَهب جماعة مِن أهل العَربيّة إلى أنّ «ذُرّية» أَصْلها الهَمز. رَوى ذلك أبُو عُبَيد عن أَصْحابه ، منهم : أبو عُبَيْدة ويونُس وغيرهما من البَصْرِيِّين.

وذَهب غيرُهم إلى أن أصل «الذُّرّية» فُعْلِيّة ، من الذَّرّ ، وقد مَرَّ تَفْسِيرُها في أَوَّل كتاب الذال.

وقال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣)) ثم قال : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران : ٣٤].

قال أبو إسْحاق : نَصَب ذُرِّيَّةً على البَدَل. المَعْنَى : أنّ الله اصْطَفى ذُرِّية بعضُها مِن بَعْض.

قلتُ : فقد دَخل فيها الآبَاء والأبْنَاء.

قال أبو إسْحاق : وجائزٌ أنْ تُنْصَب ذُرِّيَّةً على الحال ، المَعْنى : اصْطفاهم في حال كون بَعْضهم مِن بَعْض.

وقولُه عزوجل : (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور : ٢١] يُريد : أَوْلَادَهم الصِّغار.

وقال اللَّيْثُ في هذا الباب : يقال : ذَرَاتُ الوَضِينَ ، إذا بَسَطتَه على الأرْض.

قلتُ : هذا تَصْحيف مُنكر ، والصَّواب : ذرَأْتُ وضِينَ البَعِير : إذا بَسَطْتَه ثم أَنَخْته لتَشُدّ الرَّحْل عليه ، وقد مَرَّ تَفْسيره في كتاب «الذال».

ومن قال : «ذرأت» بهذا المَعنى فقد أَخطأ وصَحَّف.

الأصْمعيّ : ذَرِىء رَأسُ فلانٍ ، فهو يَذْرَأ ذَرَءاً ، إذا ابْيَضّ ؛ وقد عَلَتْه ذُرأَةٌ ، أي شَيْبٌ ؛ وأَنشد :

وقد عَلَتْني ذُرأَةٌ بَادِي بَدِي

ورَئْيَةٌ تَنْهَضُ في تَشَدُّدِي

قال : ومنه يُقَال : جَدْيٌ أَذْرَأُ ، وعَنَاقٌ

٦

ذَرْآء ، إذا كان في رَأْسِها بَيَاضٌ.

ومِلْحٌ ذَرْآنِيٌ وذَرَآنيٌ : مُخَفَّفاً ، والتَّثْقِيل أَجْود ، أي شَدِيد البَياض.

وقال النَّضْر : الزَّرْع أوّل ما تَزْرعه تُسَمِّيه : الذَّرِيء.

وقد ذَرَأْنَا أَرْضاً ، أي بَذَرْناها.

وبَلَغني عن فُلانٍ ذَرْءٌ مِن قَوْل ، إذا بَلَغك طَرَفٌ منه ولم يَتَكامَلْ.

وقال أبو عُبَيدة : هو الشَّيء اليَسِير مِن القَوْل.

وقال صَخْر بن حَبْنَاء :

أَتانِي عن مُغِيرةَ ذَرْءُ قَوْلٍ

وعن عِيسَى فقلتُ له كذاكا

ذرا : قال اللَّيْثُ : يُقال : ذَرَت الرّيح التُّرابَ تَذْرُوه ذَرْواً ، إذا حَمَلَتْه فأَثَارَتْه.

ويُقال : ذَرْيتَ الطَّعام ، وذَرَوْته ، تَذْرِيةً وذَرْواً.

والخَشَبة التي تُذَرِّي بها الطَّعَامَ يُقال لها : المِذْرَاة.

قال : والذَّرى : اسم لما تَذْرُوه ، مِثلَ النَّفَض ، اسْمٌ لما تَنْفُضه.

قال رُؤْبة :

* كالطِّحْنِ أو أَذْرَت ذَرًى لم يُطْحَنِ*

يَعْني : ذَرْوَ الرِّيح : دُقَاق التُّرَاب.

قال : والذَّرَى : ما كَنّك من الرّيح الباردة ، مِن حائط أو شَجر ، يُقال : تَذَرَّ مِن الشَّمال بذَرّى.

ويُقال : سَوُّوا للشَّوْل ذَرًى مِن البَرْد ، وهو أن يُقْلَع الشَّجَرُ مِن العَرْفج وغيره فيُوضَع بعضُه فوق بَعْض مما يلي مَهَبّ الشَّمال ، يُحْظَر به على الإبل في مَأْوَاها.

والذَّرَى : ما انْصَبّ مِن الدَّمع ، وقد أَذْرت العَيْنُ الدَّمْع ، تُذْرِيه إذْرَاءً وذَرًى.

شَمِرٌ ، عن ابن الأعْرابيّ وابن شُمَيل : ذَرَت الرّيحُ التُّرَابَ ، وأَذْرَتْه.

قال شَمِرٌ : ومَعنى «أَذْرَته» : قَلَعَته ورَمَتْ به.

قال : وهما لُغتان : ذَرَت الرّيحُ التُّرابَ تَذْرُوه وتَذْرِيه.

وقال أبُو الهَيْثم : ذَرَت الرّيح التُّراب : طَيَّرته ، وأَنكر «أذْرَته» ، بمَعْنَى : طَيَّرته.

وقال : إنما يُقال : أذْرَيْت الشيء عن الشيء : إذا ألقَيته ، قال امْرُؤُ القَيْس :

* فتُذْرِيك من أُخْرى القَطَاة فتَزْلَقِ*

وقال : ومَعْناه : تسْقط وتَطْرح.

قال : والمُنْخُل لا يَرفع شَيْئاً إنما يُسْقِط ما دَقّ ويُمْسك ما جَلّ.

قال : والقُرآن وكلامُ العَرب على هذا ، قال الله تَعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١)) [الذاريات : ١] يَعْني : الرِّياح.

وقال في موضع آخر : (تَذْرُوهُ الرِّياحُ) [الكهف : ٤٦].

٧

قلتُ : وأَخْبرني المُنذريّ عن أبي (١) عَبَّاس ، عن ابن الأعرابي : قال : ذَرَّت الرّيح وأَذْرت ، إذا ذَرَت التُّراب.

قال : ويُقال : ذَرَوْتُ الحِنْطَة أَذْرُوها ذَرْواً.

قلت : وهذا يُوافق ما رَواه شَمِرٌ عن ابْنِ الأعْرابيّ.

وقال اللَّيْثُ : الإذْرَاءُ : ضَرْبُك الشيءَ تَرْمِي به ، تقول : ضَرَبْتُه بالسَّيف فأَذْرَيْتُ رَأْسَه ، وطَعَنْتُه فأَذْرَيْتُه عن فَرسه ، أي صَرَعْتُه.

والسَّيْفُ يُذْرِي ضَرِيبَته ، أي يَرْمِي بها.

وقال الأصْمَعيّ : ذَرا فُلانٌ يَذْرُو ، أي مَرَّ مَرّاً سَرِيعاً.

قال العَجَّاج :

إذا مُقْرَمٌ مِنّا ذَرَا حَدُّ نابِه

تَخَمَّط فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ

قال : وريحٌ ذارِيةٌ : تَذْرُو التُّرَابَ ، ومِن هذا : تَذْرِية النَّاسِ الحِنْطة.

قال : وأَذْرَيْتُ الشيءَ : إذا ما أَلْقيته ، مِثل إلْقائك الحبّ للزَّرْع.

قال : ويُقال للذي تُحمل به الحِنْطة لتُذَرَّى : المِذْرَى.

وفلانٌ يذَرِّى فلاناً ، وهو أن يَرفع من أَمره ويَمْدحَه ، وأَنْشد :

عَمْداً أُذَرِّي حَسبِي أن يُشْتَما

بهدر هَدَّارٍ يَمُجّ البَلْغَما

ويُقال : فلانٌ في ذَرَى فُلانٍ ، أي في ظِلّه.

ويُقال : استَذْر بهذه الشَّجرة ، أي كُن في دِفْئها.

أبو عُبَيد : المِذْرَى : طَرَفُ الألْيَة ؛ والرَّانِفَةُ : ناصِيَتُها ، وأَنْشد :

أحَوْلي تَنْفُضُ آسْتُك مِذْرَوَيْها

لِتَقْتُلني فها أَنذا عُمَارَا

قال أبو عُبَيد : وقال غيرُه : المِذْرَوان : طَرَف الأَلْيَتين ؛ وليس لهما واحِدٌ. قال : وهذا أجود القَوْلين ؛ لأنه لو كان لهما واحِدٌ فقِيل : «مِذّرَى» لقِيل في التثْنية : مِذْرَيان.

وقال الأَصْمَعيّ : المِذْرَوان من القَوْس أَيضاً : المَوْضِعان اللَّذان يَقَع عليهما الْوَترُ من أَسْفل وأَعْلَى ، وأَنشد بيتَ الهُذليّ :

على عَجْسِ هَتَّافة المِذْرَوَيْ

ن زَوْراء مُضْجَعةِ في الشّمَالِ

وقال الْحَسنُ البَصْريّ : ما نشاء أَنْ تَرى أَحَدهم يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه؟ يقول : هأنذا فَاعْرِفُوني.

قال أبو عُبَيد : المِذْرَوان كأنهما فَرْعَا الأَلْيَتَين ، وأنشد بيت عَنْترة.

__________________

(١) في المطبوع : «ابن» تصحيف.

٨

وقال غيرُه : المِذْرَوان : طَرَفُ كلِّ شيء.

وأراد الحسن بهما فَرْعَي المَنْكِبَين ، يُقال ذلك للرَّجُل إذا جاء باغياً يتهدّد. هكذا قال أبو عَمْرو.

أبو عُبَيد ، عن أبي زَيْد : تَذَرَّيْتُ بني فلانٍ وتَنَصَّيْتُهم ، إذا تَزَوَّجت منهم في الذِّرْوَة والنَّاصِية ، أيْ في أهل الشَّرف والعُلَا.

يُقال : نَعْجَةٌ مُذَرَّاةٌ ، وكَبْشٌ مُذَرًّى ، إذ أُخِّر بين الكَتِفين فيهما صُوفة لم تُجَزَّ ، وقال ساعدة الهُذليّ :

ولا صُوارٌ مُذَرَّاةٌ مَنَاسِجُها

مِثْلُ الفَرِيد الذي يَجْرِي مِن النُّظُمِ

وذِرْوَةُ كلِّ شيءٍ : أَعْلاه ؛ والجمع : الذُّرَى.

وذِرْوَة : اسم أَرْضٍ بالبادية.

وذَروة : اسم رَجُلٍ.

وذِرْوَةُ الصُّمَّان : عَالِيَتُها.

أبو زَيد : إنّ فلاناً لكريمُ الذَّرَى ، أي كَرِيم الطَّبيعة.

وقال غيرُه : الذّرَة : حَبٌّ يقال للواحدة : ذُرَةٌ ؛ ويُقال له : أَرْزَن.

وفي حَديث أبي بكر : ولَتألَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوف الأذْرِيّ كما يألم أحدُكم النَّوْمَ على حَسَك السَّعْدان.

قال المُبرّد : الأذْرِي ، مَنْسوب إلى أَذْرَبيجان. وكذلك تَقُول العربُ ، قال الشَّمّاخ :

تَذَكَّرتُهَا وَهْناً وقد حال دُونَها

قُرَى أَذْرَبِيجان المَسالِحُ والجَالُ

قال العُتبي : المِذْرَوَان : الجانبان مِن كُلّ شَيء ، تقول العربُ : جاء فلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ، ويَهُزّ عِطْفَيْه ، ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه ، وهمَا مَنْكِباه.

ويُقال : قَنَّع الشَّيْبُ مِذْرَوَيْه ، يُريد جانبي رَأْسِه ، وهما فَوْداه ، سُمِّيا مِذْرَوَيْن ، لأنهما يَذْرِيان ، أي يَشِيبَانِ. والذرَى ، هو الشَّيْبُ. وقد ذَرِيت لِحْيَتُه ، ثم اسْتُعير للمنْكِبين والأَلْيَتين والطَّرَفين ؛ قال الهُذْليّ :

على عَجْسِ هَتّافة المِذْرَوَيْ

ن زَوْراء مُضْجَعة في الشَّمَالِ

ذأر : رُوي في الحَديث أنّه قِيل : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا نَهى عن ضَرْب النِّساء ذَئِرْن على أَزْواجهنّ.

قال أبو عُبَيد : قال الأصمَعِيّ : أي نَفَرْنَ ونَشَزْنَ واجْتَرَأن ، يُقال منه : امْرأةٌ ذَئِر ، على مثال فَعِل ، وقال عبِيدُ بن الأبْرص :

لمّا أتاني عن تَمِيم أنَّهم

ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامِرٍ وَتَغضَّبُوا

يَعني : نَفَروا مِن ذلك وأَنْكروه. ويُقال : أَنِفُوا مِن ذلك.

ثَعلب ، عن ابن الأعْرابيّ : الذّائِر :

٩

الغَضْبان. والذَّائر : النَّفُور. والذَّائِرُ : الأنِف.

أبو عُبَيد : ذاءَرَت الناقةُ ، على فاعلت ، فهي مُذَائِر ، إذا ساء خُلُقها ، وكذلك المرأة إذا نَشَزَت ، قال الحُطَيْئة : «ذارَت بأَنْفها» من هذا مُخَفَّفة.

قال : وقال الأصمعيّ : ناقةٌ مُذَائِر ، وهي التي تَرأَم بأَنْفها ولا يَصْدُق حُبُّها.

وقال اللَّيْثُ : ذَئِر ، إذا اغْتاظ على عَدوّه واسْتَعَدّ لمُواثَبته.

قال : وأَذأَرْتُه ، أَي أَلْجأتُه.

وقال غيرُه : أَذأَرتُ الرجل بفلان ، إذا حرَّشته وأَوْلَعْتَه به ، فذَئِر به.

ذير : قلت : والذِّيَارُ ، غَير مَهْموز ، هو البَعَر الرَّطْب الذي تُضمَّدُ به أَخْلَافُ الناقة ذاتِ اللَّبن ، إذا أَرادُوا صَرَّها لئلّا يؤَثِّر فيها الصِّرار.

وقد ذَيَّرَ الراعي أَخْلافها ، إذا لَطَّخها بالذِّيار.

وقال أَبو صَفْوان الأسَديّ يَهْجُو ابن مَيّادة ، ومَيّادة كانت أُمّه :

لَهْفِي عَلَيْكَ يابْن مَيّادَة الّتي

يكونُ ذِياراً لا يُحَتّ خِضَابُها

إذا زَبَنتْ عنها الفَصيلَ برِجْلِها

بَدَا من فُروج الشَّمْلَتيْن عُنَابُها

أَراد بعُنَابها : بَظْرَها.

وقال اللَّيْثُ : السِّرقين الذي يُخْلَط بالتُّراب يُسمَّى قَبل الخَلْطِ خُثّةً ، فإذا خُلِط فهو ذِيرَةٌ ، فإذا طُلِي على أَطباء الناقةِ لِكَيْلا يَرْضَعَها الفَصيلُ فهو ذِيَار ، وأَنشد :

غَدَتْ وهي مَحْشُوكةٌ حافِلٌ

فَرَاخَ الذِّيَار عليها صَخِيمَا

وذر : في حَديث عُثمان رَحمه الله أَنّه رُفع إليه رَجُل قال لآخَر : يا بْنَ شامّة الوَذْرِ ، فحَدَّه.

قال أَبو عُبَيد : هي كلمةٌ مَعْناها القَذْف.

قال : والوَذْرَة : القِطْعَةُ من اللَّحم ، مثل الفِدْرة. وإنّما أَراد : يا بن شامّة المَذَاكير ، فكَنّى عنه ، وكانت العربُ تُسَابّ بها.

وكذلك إذا قال له : يا بن ذات الرَّاية ، ويا بن مُلْقَى أَرْحُل الرُّكْبَان.

وقال أَبو زَيد : في قولهم : يا بن شامّة الوَذْر ، أَرادوا بها القُلَف.

قال : والوَذْرُ : بَضْع اللَّحْم.

وقد وَذَرْتُ الوَذْرَةَ أَذِرُها وَذْراً ، إذا بَضَعتها بَضْعاً.

أَبو العبّاس ، عن ابن الأعرابيّ : الوَذَفة والوَذَرة : بُظَارة المَرْأَة.

وأَخْبرني المُنذريّ ، عن الحَرَاني ، عن ابن السّكيت : قال : يُقال : ذَرْ ذَا ، ودَعْ ذا ، ولا يُقال : وذَرْتُه ، ولا وَدَعْتَه. وأَمّا في الحاضر فيُقال : يَذَرُه ويَدَعُه. ولا يُقال :

١٠

وَاذرٌ ، ولا وَادِعٌ ، ولكن يُقال : تَرَكْتُه فأَنا تَارِكٌ.

وقال اللَّيْثُ : العربُ قد أَماتت المَصْدر من «يَذر» والفِعْل الماضي ، واسْتَعْملته في الحاضر والأمْر ، فإذا أَرَادُوا المَصْدر قالوا : ذَرْه تَرْكاً.

وثَريدة كثيرة الوَذْرِ ، أَي كَثيرة قِطع اللَّحم.

وقوله : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١)) [المدثر : ١١] أَي كِلْه إليَّ فإنِّي أُجَازِيه وأَكفيك أَمْره.

وفي حَديث أُمِّ زَرْع : إنّي أَخاف أَنْ لا أَذَره.

قال أَبو بكر : قال ابن السِّكّيت : معناه : إنّي أَخاف أَن لا أَذَر صِفَته ولا أَقْطَعها من طُولها.

قال أَحمد بن عُبَيد : مَعْناه : أَخاف أَلّا أَقْدر على فِراقه لأنَّ أَوْلادي منه والأسْباب التي بَينِي وبَيْنه.

روذ : أَبو العبَّاس ، عن ابن الأعْرابيّ : الرَّوْذَةُ : الذَّهَابُ والمَجيء.

قلت : هكذا قيْد الحرف في نسخة مقيّدة بالذال. وأنا فيها واقف. ولعلّها : رَوْدَة ، من : رَادَ ، يَرُود.

رذي : قال اللَّيْثُ : الرَّذِيّ : المَترُوك الهالِكُ من الإبِل الذي لا يَسْتطيع بَرَاحاً ؛ والأُنْثَى رَذِيّة ، والفِعْلُ رَذِيَ يَرْذَى رَذَاوَةً ، وقد أَرْذَيْتُه.

وفي حَديث يُونُس : فَقَاءه الحُوتُ رَذِيَّا.

ثَعْلب ، عن ابن الأَعرابِيّ : الرَّذِيّ : الضَّعِيفُ مِن كُلّ شَيءٍ ؛ قال لَبِيد :

يَأْوي إلى الأَطْناب كُلُ رَذِيَّةٍ

مِثْلُ البَلِيَّة قالِصاً أَهْدَامُها

أَراد : كُلَّ امرأَة أَرْذاها الجُوع تَتَعرَّض سائِلةً. ورَذِية ، فعيلة بمعنى مفعولة.

والمُرْذَاةُ : التي قد هَزَلها الجُوع والسُّلال.

والسُّلَالُ : داءٌ باطِنٌ مُلازِمٌ للجَسد لا يَزَال يَسُلّه فيُذِيبُه.

[باب الذال واللام]

ذ ل (وايء)

ذلا (اذلولى) ، ذال ، ذأل ، وذل ، لاذ.

ذلا ـ (اذلولى): أَبو العبّاس ، عن ابنِ الأعرابيّ : اذَلَوْلَى ، إذا أَسْرع مخافَة أَن يَفُوتَه شَيءٌ.

واذْلَوْلَيْت ، أَي انْكَسر قَلْبِي.

أَبو عُبَيد ، عن أَبي زَيد : يُقال : اذلَوْلَيْت اذْلِيلَاءً ، وتَذَعْلَبْتُ تَذَعْلُباً ، وهما انْطِلاقٌ في اسْتِخْفَاء.

وقال أَبو مالكٍ عَمْرو بنُ كِرْكرَة : اذْلَوْلَى ذَكَرُه ، إذا قَام مُسْتَرْخياً.

واذْلَوْلَى فَذَهب : إذا وَلَّى مُتقَاذِفاً.

١١

ورِشَاءٌ مُذْلُول ، إذا كانَ يَضْطَرِب.

وقال ابن الأَعْرابيّ : تَذَلَّى فلانٌ ، إذا تَوَاضَع.

قلتُ : وأَصْله : تَذَلّل ، فكثُرت اللَّامات ، فقُلبت أخْراهن ياءً ، كما قالُوا : تَظَنَّى ، وأصله تَظَنَّن.

أَخبرني المُنذرِيّ عن ابن الأعرابيّ أَنه أَنشده لشُقْران السُّلامِيّ ، من قُضاعة :

ارْكَبْ مِن الأمْر قَرَادِيدَه

بالحَزْمِ والقُوَّةِ أَو صَانِعِ

حتى تَرى الأخْدَعَ مُذْلَوْلِياً

يَلْتَمِس الفَضْلَ إلى الخادِعِ

قال : قَراديدُ الأرض : غِلَظُها.

والمُذْلَولى : الذي قد ذلّ وانْقاد. يقول : اخْدَعْه بالحقِّ حتى يَذِلّ ، ارْكَب به الأمْرَ الصَّعْبَ.

ذيل : يُقال : ذالت الجارِيةُ في مِشْيَتها تَذِيلُ ذَيْلاً ، إذا ماسَتْ وجَرَّت أَذْيالها على الأرْض.

وذَالَت النَّاقةُ بذَنَبِها ، إذا نَشَرَتْه على فَخِذَيْها ؛ وقال طَرَفةُ يَصِفُ ناقَةً :

فذَالَت كما ذَالَت وَلِيدةُ مَحْبِسٍ

تُرِي رَبَّها أَذْيَالَ سَحْلٍ مُعَضَّد

وذَيَّل فُلانٌ ثَوْبَه تَذْيِيلاً ، إذا طَوَّله.

وثَوْبٌ مُذَيَّلٌ ؛ وأَنشَد :

* عَذَارَى دَوَارٍ في مُلَاءٍ مُذَيَّلِ *

ويقال : أَذَال فلانٌ ثَوْبَه أَيضاً ، إذا أَطَال ذَيْلَه ؛ قال كُثَيِّر :

على ابن أَبي العاصي دِلاصٌ حَصِينَةٌ

أَجَادَ المُسَدِّي سَرْدَها فأَذَالها

أَبو عُبَيد : المُذَال : المُهان.

وقد أَذال فلانٌ فَرَسه ، إِذا أَهَانه.

ويُقال للأمَة المُهانة : مُذَالة.

أَبو عُبَيد : فرسٌ ذَيَّالٌ ، إذا كان طَوِيلاً طَوِيلَ الذَّنَب ، فإن كان الفَرَسُ قَصِيراً وَذَنَبه طويلاً قالوا : ذائِل ، والأُنثى : ذَائِلة.

وقالوا : ذَيَّال الذَّنب ، فيذكُرون الذَّنَب.

وقال اللَّيْثُ : الذَّيْل : ذَيْلُ الإزَارِ مِن الردَاء ، وهو ما أُسْبِل منه فأَصَاب الأرْضَ.

وذَيْل المَرْأَة ، لكُلّ ثَوْبٍ تَلْبَسه إذا جَرّتْه على الأرْض مِن خَلْفها.

وذَيْلُ الرِّيح : ما جَرّته على وَجْه الأرْض من التُّرَاب والقَتَام.

والجَمْعُ في ذلك كُلِّه : ذُيُول ، وربَّما قالوا : أَذْيَال.

ويُقال لذَنب الفَرَس إذا طال : ذَيْلٌ أَيضاً.

وشَمِرٌ ، عن خالد بن جَنْبَة ، قال : ذَيْلُ المَرْأَة : ما وَقع على الأرض مِن ثَوْبها مِن نَواحِيه كُلِّها.

قال : ولا نَدْعُو للرَّجُل ذَيْلاً ، فإنْ كان طويلَ الثَّوب ، فذلك الإرْقَال في القَمِيص

١٢

والجُبَّة ، والذَّيل في دِرْع المَرْأَة أَو قِنَاعها ، إذا أَرْخَتْه.

ذأَل : أَبو عُبَيد ، عن الأصْمَعيّ : الذأَلَان مِن المشي : الخَفِيفُ ، وبه سُمِّي الذِّئْبُ : ذُؤَالة.

ويُقال منه : ذَأَلْت ، فأَنا أَذْأَل.

ثَعْلَب ، عن ابْن الأعْرابيّ : الذَّأَلَان : عَدْوٌ مُتَقَارِبٌ. والذَّأَلان : السُّرْعَة.

ورَوَى أَبو العبَّاس الثُّمالِيّ عن الزِّيادِيّ أَنه قال : الذَّؤُول : السَّرِيعُ من كُلّ شَيء.

وقال الأصمعيّ : الذَّأَلان : مَشْي الذي كأَنَّه يَبْغي في مَشْيِه ، مِن النَّشَاط.

وقال اللَّيْثُ : ذُؤَالة ، اسمٌ مَعْرِفة : الذِّئْبُ ، لا يَنْصَرِف.

قال : وقد سَمَّت العَرَبُ عامَّة السِّبَاع بأَسماء معارِفَ ، يُجْرُونها مُجْرى أسمَاء الرِّجَال والنِّسَاء.

قال : والذَأْلَان ، بهمزة واحدة ، يُقال هو ابْن آوَى.

قال : وجَمْع ذُؤَالة : ذِئْلَان. ويُقال : ذُؤْلَان.

قال : والذَّال : حَرْف هِجَاء ، وتَصْغيرها : ذُوَيْلة. وقد ذَوَّلْتُ ذالاً.

وذل : أَبو الهَيْثم : قال ابْن بُزُرْجَ : الوَذَلَة : الخَفِيفَةُ من النَّاس والإبل وغَيْرها ؛ يُقال : خادِمٌ وَذَلَةٌ.

قال أَبو زَيْد : الوَذَلَةُ مِن النِّسَاء : النَّشِيطةُ الرَّشِيقة.

أَبو عُبَيْد : الوَذِيلة : قِطْعَةٌ مِن الفِضَّة ، وجَمْعُها : وَذيل.

ثَعْلَب ، عن ابن الأعْرابيّ : الوَذِيلة : قِطْعةٌ مِن شحم السَّنَام والأَلْية ، وأَنشد :

هَلْ في دَجُوب الحُرَّة المَخِيطِ

وَذِيْلةٌ تَشْفِي مِن الأطِيطِ

قال : والوَذِيلة : السَّبِيكةِ مِن الفِضَّةِ ، عن أَبي عَمْرو. والدجُوب : الجُوالِق.

وقي حَديث عَمْرو : فما زِلْت أَرُمّ أَمْرَك بِوَذَائِله ، وأَصله بوَصَائِله.

يَعْني بالوَذَائل : سَبائك الفِضَّة.

وقال أَبو زَيد : يُقال لِلمرْآة : الوَذِيلَةُ ، في لُغة طَيِّىء.

لوذ : وقال اللَّيْثُ : يُقال : لَاذ به يَلُوذ لَوْذاً وليَاذاً.

قال : وأَمّا اللِّوَاذ فهو مَصْدر «لَاوَذَ» ، فهو مُلَاوِذ.

وقال الفَرَّاء في قول الله عزوجل : (يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) [النور : ٦٣] : يَلُوذ هذا بذا ، ويَسْتَتر ذا بذَا ، ومنه الحديثُ : «يَلُوذ به الهُلّاك» ، أي يَسْتَتِر به الهالِكون.

وإنما قال تعالى : لِواذاً لأنَّها مصدر «لاوَذْت». ولو كانت مصدراً ل «لُذْت» لقُلت : لذتُ بهِ لِيَاذاً ، كما تقول : قُمت

١٣

إليه قِيَاماً ، وقاومْتُك قِوَاماً طَوِيلاً.

وقال الزّجّاج : مَعْنى «اللِّواذ» : الخِلَاف ، أَي يُخالفون خِلَافاً.

وقال ابْن السِّكِّيت : خَيْرُ بَني فُلَانٍ مُلَاوِذٌ ، أَي لا يَجيء إلّا بَعد كَدّ ، وأَنْشَد للقُطَامِيّ :

وما ضَرَّها أَنْ لم تَكُنْ رَعَتِ الحِمَى

ولم تَطْلُب الخَيْرَ المُلَاوِذَ من بِشْرِ

وقال الطِّرِمَّاح :

يُلَاوِذُ مِن حَرٍّ كأَنّ أُوَارَه

يُذِيبُ دِماغَ الضَّبِّ وهو جَدُوعُ

يُلاوذ ، يَعْني بَقَر الوَحْش ، أَي تَلجأَ إلى كُنَّسِها.

أَبو زَيْد : يُقال : لي عِشْرون مِن الإبِل أَو لِوَاذُها. يُريد : أَو قُرَابَتُها.

ويُقال : أَلَاذ الطَّرِيقُ بالدِّيار إلَاذَةً ، والطَّرِيقُ : يُلِيذ بالدَّار ، إذا أَحَاط بها.

وأَلاذت الدّارُ بالطَّريق ، إذا أَحاطَتْ به.

ولُذْتُ بالقَوْمِ ، وأَلَذْتُ بهم ، وهي ، المُدَاورة من حَيْثما كان.

أَبو عُبَيد ، عن الأصْمَعيّ : الألوَاذُ ، واحدُها : لَوْذٌ ، وهو حِضْن الجَبَل وما يُطِيف به.

وقال اللَّيْثُ : اللاذة ، واللَّاذ : ثِيابٌ من حَرِيرٍ يُنْسَج بالصِّين ، تُسَمِّيه العربُ والعَجَمُ : اللَّاذَة.

ويُقال : هو بِلَوْذ كذا ، وبِلَوْذانِ كذا ، أَي بِناحِية كذا.

قال ابْنُ أَحْمَر :

كأَنّ وَقْعَتَه لَوْذَانَ مِرْفَقِها

صَلْقُ الصَّفَا بأَدِيمٍ وَقْعُه تِيَرُ

[باب الذال والنون]

ذ ن (وايء)

أذن ، ذان ، ذأن : [مستعملة].

أَذن : قال الفَرَّاء وغَيْرُه : الأُذُن ، مُثقّلة مُؤَنَّثة ، وجَمْعُها : آذَان.

وقال ابن السِّكِّيت : رَجُلٌ أُذَانِيّ : عَظِيم الأُذُنَين.

ويُقال : نَعْجة أَذْناء ، مَمْدُود ، وكَبْشٌ آذَنُ.

وأَذَنْتُ فلاناً أَذْناً ، فهو مَأذُون ، إذا ضَرَبْت أُذُنَه.

وأُذَيْنَة : اسم مَلِك من مُلُوك اليَمن.

وقال الزَّجّاج في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) [التوبة : ٦٢] : أكْثَرُ القُرَّاء يَقْرَؤُون : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ). وتفسيرُه : أنّ مِن المُنَافِقين مَن كان يَعِيبُ النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويقول : مَتى بَلغه شَيءٌ حَلَفْتُ له فيَقْبَل منِّي ، لأنّه أَذُنٌ.

فأَعْلَم الله تعالى أنّه أُذُن خَيْرٍ لا أُذُن شَرٍّ ، ثم بَيَّن فقال : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) [التوبة : ٦٢] أَي ما يَسمع يُنزّله الله عليه

١٤

ويُصَدِّق به ويُصدِّق المؤمنين فيما يُخبرونه به.

وفي الحَدِيث : «ما أَذِنَ اللهُ لِشيْءٍ كأَذَنهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرْآن».

قال أَبو عُبَيد : يَعْني : ما اسْتمع الله لشيء كَاسْتماعه لنبيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرآن.

يقال : أَذِنْتُ للشّيء آذَنُ له ، إذا اسْتَمَعْتَ له ؛ قال عَدِيّ :

أَيُّها القَلْب تَعَلَّلَ بِدَدَنْ

إنَّ هَمِّي في سَمَاع وأَذَنْ

ويقال : أَذِنْتُ لفلانٍ في أَمْر كذا وكذا إذْناً ، بكسر الهَمْزَة وجَزْم الذال.

واستأْذنْتُ فلاناً اسْتِئْذَاناً.

وأَما قولُه تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة : ٢٧٩]. وقُرىء (فآذِنوا).

فمن قرأَ (فآذِنوا) كان مَعناه : فَأَعْلِمُوا كلَّ مَنْ لم يَتْرُك الرِّبا أَنّه حَرْبٌ.

يُقال : قد آذَنْتُه بكذا وكذا ، أُوذِنه إيذاناً ، إذا أَعْلَمْته ؛ وقد أَذِنَ به يَأْذَن ، إذا عَلِم.

ومَن قرأَ فَأْذَنُوا فَالمَعْنَى : فَأَنْصِتُوا.

وقولُه عَزّ وجَلّ (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ) [التوبة : ٣] أَي إعْلامٌ.

يُقال : آذَنْتُه أُوذِنه إيذاناً وأَذاناً. فالأذان : اسْمٌ يَقوم مُقام الإيذان ، وهو المَصْدر الحقيقيّ.

وقال عزوجل : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم : ٧]. معناه : وإذ عَلِمَ رَبُّكُمْ.

والأذانُ للصَّلاةِ : إعْلَامٌ بها وبِوَقْتِها.

والأَذِين : مثل الأذان أَيضاً.

وقوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [البقرة : ١٠٢] مَعناه : بِعِلم الله ، والإذْنُ هاهنا لا يكون إلا من الله عَزَّ وجَلَّ ، لأن الله لا يَأْمر بالفحشاء مِن السِّحر وما شاكلَه.

وآذانُ الكِيزَان : عُرَاها ؛ واحدها : أُذُن.

ويُقال : فَعَلْتُ كذا وكذا بإِذْنه ، أَي فعلْتُه بِعلْمه. ويكون بإذنه ، أَي بأَمْرِه.

وأَخبرني المُنْذريّ : عن أَبي العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : أَذَّنْتُ فلاناً تأَذيناً ، أَي رَدَدْتُه.

قال : وهذا حَرف غَريب.

قال : والأَذَنُ : التِّبْنُ ، واحدته : أَذَنَةٌ.

وقال ابن شُمَيْل : يقال : هذه بَقلة تَجد بها الإبِلُ أَذَنَةً شَدِيدَةً ، أَي شَهْوَةً شَدِيدَةً.

وأَذَّنَ بِإِرسال إبِله ، أَي تَكَلَّمَ به.

وأَذِّنُوا عنِّي أَوَّلَها : أَي أَرْسِلُوا أَوَّلَها.

والْمِئْذَنةُ : الموْضِعُ الذي يُؤذَّن عليه للصّلاة.

وقال اللَّيْثُ : تأَذَّنْتُ لأفْعَلَنّ كَذا وكذا ، يُرادُ به إيجاب الفِعْل.

١٥

وقال أَبو زَيد : يُقال للمنَارة : الْمِئْذَنة ، والْمُؤْذَنَة.

ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، يُقال : جاء فلانٌ ناشراً أُذُنَيْهِ ، أَي طامعاً.

ووجدتُ فلاناً لابِساً أُذُنَيْهِ ، أَي مُتَغَافِلاً.

وقال ابن شُمَيْل : الأَذنَةُ : صِغار الإبل والغَنَم.

ووَرق الشَّجر ، يقال له : أَذَنَة ، لصغَره.

قال ابن شُمَيل : أَذِنْتُ لِحديث فلانٍ ، أَي اشْتَهَيْتُه.

وأَذِنْتُ لرائحة الطَّعام ، أَي اشْتَهَيْتُه.

وهذا طعامٌ لا أَذَنَةٌ له ، أَي لا شَهْوَةَ لِرِيحِه.

وقوله : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ) [البقرة : ٢٧٩] ، أَي فَاعْلَمُوا : أَذِنَ يَأْذن ، إذا عَلِم.

ومن قَرأَ : (فآذِنُوا) أَراد : أَعْلِموا مَنْ وَراءَكم بالحَرب.

ومنه قوله تعالى : (قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) [السجدة : ٤٧] ، أَي أَعْلَمْنَاك.

(فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) [الأنبياء : ١٠٩] ، أَي أَعْلمْتُكُم ما يَنْزِلُ عَلَيّ من الوَحْي.

(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة : ٣] ، أَي إعْلَام ، وهو الإيذان.

والإيذان : الأذِين ؛ قال جَرير :

هل تَمْلِكون مِن المَشَاعر مَشْعَراً

أَو تَشْهدُون لَدَى الأذان أَذِينا

الْمُؤَذِّنُ : الْمُعْلِم بأَوْقات الصّلاة.

(وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [البقرة : ١٠٢] ، أَي بعِلْمه.

(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) [يونس : ١٠٠] ، أَي بِعلْمه.

ويُقال : بتوفيق اللهِ.

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) [الأعراف : ١٦٦] ، أَي أَعْلَم ، وهو واقع مثل تَوَعّد. ويجوز أَن يكون «تَفَعّلْ» من قولك «تأَذن» ، كما يُقال : تعلّم ، بمَعْنى اعْلَمْ.

(ثُمَ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) [يوسف : ٧٠] أَي نادَى مُنَادٍ.

وقوله : (هُوَ أُذُنٌ) [التوبة : ٦٢] أَي يَأْذَن لما يُقال له ، أَي يَسْتَمع فيَقْبَل.

قلتُ : قوله (هُوَ أُذُنٌ) أَرَادوا أَنه مَتَى بَلَغه عنّا أَنا تناولناهُ بسُوء أَنْكَرْنا ذلك وحَلَفنا عليه ، فَيقْبل ذلك لأنّه أُذُن.

ويُقال : السُّلْطان أُذُن.

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها) [الإنشقاق : ٢] ، أَي سَمِعت سَمْع طاعةٍ وقَبُول ، وبه سُمِّي الإذْنُ إذْناً.

ذين : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : ذَامَه وذَانَه وذَابَه ، أَي عابَه.

١٦

وقال ابنُ السِّكِّيت : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يقول : هو الذَّيْم والذَّام والذَّان والذَّابُ ، بمَعْنًى واحد.

قال : وقال قيسُ بن الخطَيم الأنْصاريّ :

رَدَدْنَا الكَتِيبةَ مَفْلُولةً

بها أَفْنُها وبها ذَانُها

وقال كِنَازٌ الجَرْمِيّ :

* بها أَفْنُها وبها ذابُها*

ذأَن : ثَعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الذُّؤْنُون : أَسمر اللَّون مُدَمْلَكٌ ، له وَرَق لازِق به ، وهو طويلٌ مثل الطُّرْثُوث ، تَمِهٌ لا طَعْمَ له ، ليس بحُلْوٍ ولا مُرّ ، لا يَأْكُله إلا الغنم ، يَنْبُت في سُهول الأرْض.

والعربُ تقول : ذُؤْنُون لا رِمْثَ له ، وطُرْثُوث لا أَرْطَاة.

يُقال هذا للقوم إذا كانت لهم نَجْدة وفَضْل فهلكوا وتغيَّرت حالُهم ، فيُقال : ذَآنِين لا رِمْثَ لها ، وطَراثيث لا أَرْطَى ، أَي قد اسْتُؤْصِلوا فلم تَبْقَ لهم بَقِيّة.

وفي حَديث حُذَيفة ، قيل له : كيف تَصْنع إذا أَتاك من الناس مِثْل الوَتدِ أَو مِثْل الذُّؤْنُون يقول : اتَّبِعْني ولا أَتَّبِعك؟.

الذُّؤْنُون : نَبْتٌ طويلٌ ضَعِيفٌ له رأْس مُدَوَّر ، ربّما تأْكله الأعراب. شَبَّهه بالذُّؤْنُون لِصِغَره وحَدَاثة سنه ، وهو يَدْعُو المشايخ إلى اتِّباعه.

[باب الذال والفاء]

ذ ف (وايء)

ذأف ، وذف : [مستعملان].

ذاف : قال اللَّيْثُ : الذِّئْفَانُ : السمُّ الذي يَذْأَف ذَأْفاً.

والذَّأْفُ : سُرْعةُ الموت ، الألف هَمزة ساكنة.

أَبو عُبَيد : الذّيْفان ، بكسر الذال وفتحها ، والذُّؤَاف ، كلّه السّمّ.

ابن السِّكِّيت : يُقال : ذَافَ يَذُوف ، وهي مِشْيَةٌ في تقارُبٍ وتَفَحُّجٍ ؛ وأَنْشد :

* وذافُوا كما كانُوا يذوفُون من قَبْل*

ويُقال : مَوْتٌ ذُؤَافٌ ، إذا كان مُجْهِزاً بسُرْعة.

وذف : ثَعلب ، عن ابن الأَعْرابيّ : الوَذَفَةُ ، والوَذَرَةُ : بُظَارَةُ المَرْأَة.

ورُوِي أَن الحجّاج قام يَتَوَذَّفُ بمكّة في سِبْتَيْن له بعد قَتْله ابْنَ الزُّبَيْر حتى دَخل على أَسْماء.

قال أَبو عُبَيدة : قال أَبو عَمْرو : التَّوَذُّف : التَّبخْتُر.

وكان أَبو عُبَيدة يقول : التّوذّف : الإسراع ؛ وقال بِشْرُ بنُ أَبي خازم :

يُعْطِي النَّجائِبَ بالرِّحالِ كأَنّها

بَقَرُ الصَّرائِم والجِيادَ تَوَذّفُ

أَراد : يُعْطِي الجِيَادَ.

١٧

[باب الذال والباء]

ذ ب (وايء)

ذبي ـ ذاب ـ ذأَب ـ ذيب ـ بذأ ـ باذ.

ذبى : أَمّا «ذَبى» فما عَلِمْتُنِي سَمِعْت فيه شيئاً من ثِقَةٍ غير هذه القَبِيلة التي يُقال لها : ذُبْيان.

قال أَبو عُبَيدة : قال ابْنُ الكَلْبِيّ : كان أَبي يَقُول : ذِبْيَان ، بالكسر.

قال : وغيرُه يقول : ذُبْيان.

وذكر لي بعضُ المَشايخ أَنه يُقال : ذَبَّ الغَدِيرُ ، وذَبَى ؛ وذَبَتْ شَفَتُه ، وذَبَّت ، ولا أَدري ما صِحّته.

ذوب : قال اللَّيْثُ : الذَّوْبُ : العَسَلُ الذي خلِّص مِن شَمْعه.

والذَّوَبَان : مَصْدر : ذَابَ يَذُوب.

سَلمة ، عن الفَرّاء : ذابَ عليه المالُ ، أَي حَصَل.

وذاب الرَّجُلُ ، إذا حَمُق بعد عَقل.

وظَهَرت فيه ذَوْبَةٌ ، أَي حَمْقَةٌ.

وذابَ : إذا دام على أَكْل الذَّوْب ، وهو العَسَل.

وقال أَبو الهَيْثم في قول بِشْر بنِ أَبي خازم :

وكُنتم كذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إذ غَلَتْ

أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها

قال : تُذِيبها ، أَي تُبْقيها ، من قولك : ما ذاب في يَدِي ، أَي ما بَقِي.

وقال غيرُه : تُذِيبها : تُنْهِبُها.

وذابَت الشَّمْسُ ، إذا اشْتَدَّ حَرُّها ؛ وقال الراجز :

* وذابَ للشّمْس لُعَابٌ فَنَزلْ*

وقال :

إذا ذابَت الشَّمْس اتَّقَى صَقَرَاتِها

بأَفْنان مَرْبُوعِ الصَّريمة مُعْبِلِ

أَبو عُبَيد : عن أَبي زَيد ، قال : الزَّبْدُ حين يُجعل في البُرْمة لِيُطْبَخ سَمْناً فهو الإذْوَابُ والإذْوَابة ، فإذا خَلص اللَّبن من الثُّفْل فذلك اللَّبن الإثْر. والثفل : الذي يكون أَسْفَلَ اللبن هو الخُلُوص. وإن اخْتلط اللَّبَنُ قِيل : ارْتَجَن.

ويُقال : ذابَت حَدَقَةُ فلانٍ ، إذا سَالَتْ.

ويُقال : هاجِرَةٌ ذَوَّابَةٌ : شَدِيدَةُ الحَرِّ ؛ وقال الشّاعر :

وظَلْماءَ مِنْ جَرَّى نَوَارٍ سَرَيْتُها

وهَاجِرَةٍ ذَوَّابَةٍ لا أَقِيلُهَا

وناقَةٌ ذَؤُوبٌ : سَمِينَةٌ ولَيْست في غاية السِّمَن.

أَبو عَمرو ، عن أَبيه : ذابَ ، إذا سَال ؛ وبَاذ ، إذا تَوَاضَع.

أَبو عُبَيد ، عن الفَرّاء ، قال : الذّئْبَانُ : بَقِيَّةُ الوَبَر.

١٨

قال أَبو عَمْرو : الذِّئبَانُ : الشَّعَر على عُنُق البَعِير ومِشْفَره.

قال شَمِرٌ : لا أَعرِف الذِّئْبَانَ إلا في بَيْتٍ لكُثَيِّر :

عَسُوفٌ بأَجْواز الفَلَا حِمْيَرِيَّة

مَرِيش بذِيبَانِ الشَّليل تَلِيلُها

ويُرْوى : السَّبيب.

قال أَبُو عُبَيْد : هو واحد.

وقال أَبو وَجْزَة :

تَرَبَّع أَنْهِيَ الرَّنْقَاءِ حتّى

نَفَى وَنَفَيْنَ ذِئْبَانِ الشِّتَاءِ

ذأَب : الذِّئْب ، مَهْموز في الأصل ؛ والجمع أَذْؤُب ، وذِئَاب ، وذُؤْبَان.

أَبو عُبَيد ، عن أَبي عَمْرو : أَذْأَب الرَّجُلُ ، فهو مُذْئِبٌ ، إذا فَزِع.

وقال غَيْرُه : ذَأَبْتُ فُلاناً ذَأْباً ، وذَأَمْتُه ذَأْماً ، إذا حَقَّرْتَه ؛ ومنه قولُ الله عزوجل : (مَذْؤُماً مَدْحُوراً) [الأعراف : ١٨].

وأَخْبرني الْمُنْذِريّ ، عن الحَرّانيّ ، عن ابن السِّكِّيت ، قال : ذَأَمْتُه وذَأَبْتُه ، إذا طَرَدْتَه وحَقَّرْتَه.

قال : وسَمِعْتُ أَبا العَباس يَقُول : ذَأَمْتُه : عِبْتُه ، وهو أَكثر من «ذَمَمْته».

أَبو عُبَيد ، عن الأصمعِيّ ، يُقال : غَرْبٌ ذَأْبٌ ، على مثال فَعْل ، ولا أُراه أُخذ إلا من تَذَؤُّب الرِّيح ، وهو اخْتلافها ، فشَبَّه اخْتِلاف البَعِير في المَنْحَاةِ بها.

أَبو عُبَيد : المُتذَئِّبة ، والمُتَذَائِبة ، بوزن مُتَفَعِّلة ومُتَفاعلة ، من الرِّياح : التي تَجِيء من ها هنَا مَرَّةً ومن ها هنا مَرَّةً ؛ قال ذو الرُّمّة يَذْكُر ثَوْراً وَحْشِيّاً :

فبات يُشْئِزُه ثَأْدٌ ويُسْهِرُه

تَذَؤبُ الرِّيح والوَسْوَاسُ والهِضَبُ

أَبو عُبَيد ، عن أَبي زَيد : تَذَأب ، النَّاقةَ ، وتَذَاَّب لها ، وهو أَن يَسْتَخْفِيَ لها إذا عَطَفَها على غير وَلدها ، مُتَشَبِّهاً لها بالسَّبُع لتَكون أَرأَمَ عليه مِن ولَده الذي تَعْطف عليه.

قال : وقال الأصمعيّ : الذِّئْبَة : فرْجةُ ما بين دَفَّتَي الرَّحْل والسَّرْج والغَبِيط ، أَيّ ذلك كان.

وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ ، وغَبِيطٌ مُذَأَّبٌ ، إذا جُعِل له فُرْجَةٌ ؛ قال امرؤ القَيس :

له كَفَلٌ كالدِّعْصِ لَبَّدَهُ النّدَى

إلى حَارِكٍ مِثل الغَبِيطِ المُذَأَّبِ

وقال غيرُه : من أَدْوَاءِ الخيل : الذِّئْبَةُ.

وقد ذُئِبَ الفَرَسُ ، فهو مَذْءُوبٌ ، إذا أَصابه هذا الدّاء ، ويُنْقَبُ عنه بحَديدة في أَصْل أُذُنه فيُسْتَخْرَج منه غُدَدٌ صِغارٌ بِيضٌ أَصْغر من لُبِّ الجَاوَرْس.

وقال أَبو زَيْد : ذُؤَابةُ الرَّأْس ، هي التي أَحاطت بالدّوَّارة من الشَّعَر.

١٩

وغُلَامٌ مُذَأَّبٌ : له ذؤَابةٌ.

قال : وذُؤْبانُ العَرب : الذي يَتَصَعْلَكون ويَتلصَّصُون.

ويقال : هم ذُؤَابةُ قومِهم ، أَي أشْرَافُهم.

وذُؤابةُ النَّعل : المُتعلِّق من القَبال.

وذُؤابةُ السّيف : عِلاقةُ قائمه.

وذَؤُب الرَّجُلُ يَذْؤُب : إذا خَبُث ، كأَنّه صار ذِئْباً.

واسْتَذْأَب النَّقَدُ : صار كالذِّئْب ، يُضْرب مثلاً للذُّلَّان ، إذا عَلَوا الأَعِزّةَ.

وأَرْض مَذْأَبَةٌ : كَثِيرةُ الذِّئاب ، كقولهم : أَرْض مَأْسَدَةٌ ، من الأَسَد.

وقال اللَّيْثُ : بِرْذَوْنٌ مَذْءُوبٌ : أَخَذَتْه الذِّئْبة.

قال : المَذْءُوب : الرَّجُل الذي وَقَع الذِّئْبُ في غَنمه.

والمَذْءُوب : الفَزع.

ويقال للمَرْأَة التي تُسَوِّي مَرْكَبها : ما أَحْسَن ما ذَأَبْتَه.

وقال الطِّرِمّاح :

كُلُّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه

ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ مِن جُذَامْ

ويُقال للذي أَفْزَعَتْه الجِنّ : تَذَأَّبَتْه ، وتَذَعَّبَتْه.

اللَّيْثُ : الذُّؤَابة : الشَّعَر المَضْفُور ، من شَعر الرَّأْس.

وذُؤَابة كُلِّ شيء : أَعْلاه ، وكذلك ذُؤابة العِز والشَّرف.

وجَمْعها : الذَّوائب. والقياس : الذَّآئِب ، مِثل دُعابة ودَعائب ، ولكنّه لمّا التقت هَمْزَتان بينهما أَلف ليّنة لَيَّنوا الهمزة الأولى فقَلبوها واواً استثقالاً لالتقاء هَمزتين في كلمة واحدة.

ابْنُ بُزُرْجَ : ذُئِب الرَّجُل ، إذا أَصَابه الذِّئْبُ.

وذَأَبْتُ الشيءَ : جَمَعْتُه.

ذيب : والأذْيب : الماءُ الكَثِير.

أَبو عُبَيد ، عن الأصْمعي : مَرَّ فلانٌ وله أَذْيَبُ. قال : وأَحْسِبه يُقال بالزَّاي : أَزْيب ، يَعْني النَّشَاط.

بذأ : أَبو عُبَيدة ، عن أَبي عمرو : بَذَأَ الأرْضَ : ذَمَّ مَرْعَاهَا.

وهي أَرْضٌ بَذِيئةٌ ، مثال فعيلة ، لا مَرْعَى فيها.

أَبو زَيْد : بَذَأْتُ الرَّجُلَ أَبْذَؤُه بَذْءاً ، إذا ذَمَمْتَه.

وباذأَتُ الرَّجُلَ ، إذا خاصَمْتَه.

وقال شَمِرٌ في تَفْسير قوله : «إنك ما عَلِمْت لَبَذِيءٌ مُغْرِقٌ».

قال : البَذِيء : الفاحِش السَّيِّىء القول.

ورَجُلٌ بَذِيءٌ ، من قَوْم أَبْذِيَاء.

وقد بَذُؤ يَبْذُؤ بَذَاءً. وبعضُهم يقول : بَذِىء يَبْذَأ بَذْءاً.

٢٠