تهذيب اللغة - ج ١٥

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٥

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

وهي كل دابّة مَرميّة ، وأُنِّثت لأنها جُعلت اسماً لا نَعْتاً ، يقال بالهاء للذكر والأُنثى.

وقال مُليح الهُذليّ في الرَّميّ بمعنى السحاب :

حَنِين اليَماني هاجَه بعد سَلْوةٍ

وَمِيضُ رَمِيٍ آخرَ اللَّيْل مُعْرِقِ

وقال أبو جُنْدب الهُذلي ، وجَمعَه أَرْميةٍ :

هنالكَ لو دَعَوْت أتَاك مِنْهم

رجالٌ مِثْلُ أَرْميةِ الحَمِيمِ

والحَميم : مَطر الصَّيف يكون عظيمَ القَطْر شَديد الوَقْع.

أبو عُبيد : من أمثالهم في الأمر يُتقدّم فيه قبل فعْله : قَبل الرِّماء تُمْلأ الكَنَائِن.

والرِّماء : المُراماة بالنَّبْل.

ابن الأعرابيّ : الرّمِيّ : صوت الحَجر الذي يَرْمي به الصّبيّ.

الأصمعيّ : رماه بأَمر قبيح ، ونثَاه ، بمَعناه ؛ وأَنْشد ابن الأعرابيّ :

وعَلَّمنا الصَّبْرَ آباؤُنا

وخُطّ لنا الرَّمْيُ في الوَافِره

قال : والرَّمْي ، أن يُرْمَى بالقوم من بَلد إلى بَلد.

والرَّمي : زيادة في العُمر.

والتَّرْماء ، مثل الرِّماء ، والمُراماة.

ريم : الحرّاني ، عن ابن السِّكيت : الرَّيْم : الفضل ، يقال : لهذا رَيْمٌ على هذا ، أي فَضل ؛ وقال العجّاج :

مُجَرِّساتٍ غِرّة الغَرِير

بالزَّجْر والرَّيْم على المَزْجُورِ

أي مَن زُجر فعليه الفَضْلُ أبداً ، لأنه إنما يُزْجَر عن أَمْر قَصَّر فيه ، وأنشد :

فأَقْعِ كما أَقْعَى أَبُوك على اسْته

يَرى أن رَيْماً فوقه لا يُعادِلُه

والرَّيْم : عَظْم يَبْقَى بعد ما يُقْسم لَحم جَزُور المَيْسر ؛ وقال الشاعر :

وكُنتم كَعَظْمِ الرَّيْم لم يَدْرِ جازِر

على أيّ بَدْأَي مَقْسِم اللَّحم يُوضَعُ

قال : وزَعم ابن الأعرابيّ أنّ الرَّيْم : القَبر ؛ وقال مالك بن الرَّيْب :

إذا مِتُّ فاعْتادي القبور وسَلِّمي

على الرَّيْم : أُسْقِيت الغَمَامَ الغَوادِيَا

قال : والرِّيم : الظّبي الأبيض الخالص البياض.

أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : الرَّيم : الدَّرجة ، والرَّيم : القَبر ، والرَّيم : الظِّراب ، وهي الجِبال الصِّغار ، والرَّيم : العِلاوة بين الفَوْدين ، يقال له : البِرْواز ، والرّيم : التباعد ، ما يَريم.

وقال أبو زيد : يقال عليك نهار رَيْمٌ ، أي عليك نهَارٌ طَوِيلٌ.

وقال أبو مالك : له رَيمٌ على هذا ، أي

٢٠١

فَضْل.

وقال اللّيث : الرَّيْمُ : البَرَاح.

والفِعْل : رَام يَرِيم.

ويقال : ما يَرِيم يَفْعل ذلك ، أي ما يَبْرح.

وقال أبو العبّاس : كان ابن الأعرابي يقول في قولهم : ما رِمْتَ ، بَلَى قد رِمْتَ.

وغيره لا يَقوله إلّا بحرف الجَحد.

وأَنْشدني :

هل رَامني أحدٌ أَراد خَبيطَتي

أم هَل تَعذَّرَ ساحَتِي وجَنَابِي

قال : يريد : هل بَرِحَني. وغيره يُنشده : ما رامَني.

ويقال : رَيّم فلانٌ على فلان ، أي زاد عليه.

روم : وأمّا : رام يَرُوم رَوْماً ومَرَاماً ، فهو من باب الطَّلَب.

والمَرام : المَطْلب.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الرَّوْمُ : شَحمة الأُذن ؛ وفي الحديث : تَعَهَّد المَغْفَلة والمَنْشلة والرَّوْمَ ، وهو شَحمة الأذن.

أبو عُبيد ، عن ابن الأعرابيّ ، عن الأصمعيّ : الرُّومة ، بلا همزة : الفِراء الذي يُلْصق به رِيشُ السَّهْم.

وبِئر رُومة : التي احتفرها عثمانُ بناحية المَدِينة.

وقال أبو عمرو : الروميُ : شِراع السَّفِينة الفارغة.

والمُرْبع : شِرَاع المَلأْى.

والرُّوم : جِيلٌ يَنْتمون إلى عِيصُو بن إسحاق بن إبراهيم ، عليه‌السلام.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : من الظِّباء الآرام ، وهي البِيض الخالصة البَياض.

وقال أبو زيد مِثلَه ، وقال : وهي تَسْكُن الرِّمال.

قال : والرُّؤام والرُّؤال : اللُّعاب.

ويُقال : رَئِمت الناقةُ ولدها ، تَرْأَمه رَأْماً ورَأْمَاناً ، إذا أَحَبَّتْه.

ورَئِم الجُرح رِئْمَاناً حَسَناً ، إذا الْتَحم.

وأَرْأَمْت الجُرْحَ إرْآماً ، إذا داوَيْتَه.

وقال ابن الأعرابي : الرَّأْم : الولَد.

وقال اللّيث : الرَّأم : البَوُّ ، وولد ظُئرت عليه غير أُمّه ؛ وأنْشد :

* كأُمهات الرَّأْم أم مَطافِلَا*

وقد رَئِمَتْه ، فهي رائمٌ ، ورَؤُومٌ.

قال ابن السِّكيت : أَرْأَمْته على الأَمر ، وأَظْأَرته ، أي أَكْرَهْتُه.

والأثافيّ يُقال لها : الرَّوَائم ، لرِئْمانها الرَّمَاد.

وقد رَئِمت الرَّمَادَ ، فالرَّمادُ كالولَد لها.

وأَرْأَمْناها ، أي عَطَفْنَاها على رَأْمها.

أبو عُبيد ، عن الأمويّ : الرَّؤُم من الغَنم : التي تَلْحس ثِيَاب من مَرّ بها.

٢٠٢

وقال غيره : رَأَمْت القِدحَ أَرْأَمه ، مثل رَأَبته أَرْأَبه ، ولأَمْته أَلأمه ، إذا أصْلَحْتَه.

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : إذا عطفت الناقةُ على ولَد غيرها ، فهي رائِم.

فإن لم تَرْأَمه ولكنها تَشمّه ولا تَدِرّ عليه ، فهي عَلُوق.

مري ـ مرو : قال الله عزوجل : أفتمرونه على ما يرى (١٢) [النجم : ١٢].

قال الفراء : معناه : أَفَتَجْحدونه؟

ومن قرأ : (أَفَتُمارُونَهُ) ، فمعناه : أَفَتُجادلونه؟

قال : وهي قراءة العوام.

ونحوَ ذلك قال الزّجاج في تَفسير تُمرونه وتُمارونه.

وأخبرني المُنذريّ ، عن المبرّد ، أنه قال في قوله : (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢)) [النجم : ١٢] أي أتَدْفعونه عمّا يرى؟ قال : و «على» في موضع «عن».

قال : ويقال مَرَاه مائةَ سَوْط ، ومَراه مائةَ دِرْهم ، إذا نَقَده إيّاها.

قال : والمَرْيُ : مَسْح ضَرْع الناقة لتَدرّ.

ويُقال : مَرى الفرسُ والناقةُ ، إذا قام أحدُهما على ثلاثٍ ثم مَسحَ الأرض باليد الأُخرى ، وأَنْشد :

إذا حُطّ عنها الرَّحْلُ أَلْقَت برَأْسها

إلى شَذَبِ العِيدان أو صَفَنت تَمْرِي

أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : المَرِيّ : الناقة التي تَدِرّ على مَن يَمْسح ضَرْعَها.

وقد أَمْرَت. وجمعها : مَرَايا.

وقال ابن الأنباري : في قولهم : مارَى فلانٌ فلاناً : معناه : قد استخرج ما عنده من الكَلام والحُجَّة ، مأخوذ من قولهم : مَريت الناقة ، إذا مَسَحت ضَرْعها لتَدِرّ.

ومَرت الريحُ السَّحابَ ، إذا أَنْزلت منه المَطَر.

قال : وماريت الرجلَ ، ومارَرْتُه ، إذا خالَفته وتَلَوَّيت عليه.

وهو مأخوذ من مِرَارِ الفَتْل ، ومِرَار السّلسلة ، تَلَوِّي حَلَقها إذا جُرّت على الصَّفَا ؛ وفي الحديث : «سَمِعت الملائكةُ مثلَ مِرَار السّلسلة على الصَّفا».

قال الليث : المريء : رأس المَعِدَة والكِرش اللازق بالحُلقوم ، ومنه يدخُل الطَّعام في البَطن.

قلت : وقد أَقرأَني أبو بكر الإياديّ : المريء ، لأبي عُبيد ، فهَمزه بلا تَشْديد.

وأقرأنيه المنُذري لأبي الهَيْثم ، فلم يَهْمز وشَدّد الياء.

وقال أَبو زيد : المَرِيّ : الناقة تُحْلب على غير وَلد ، ولا تكون مَرِيّاً ، ومعَها ولدُها ، وجمعها : مَرايَا.

وجمع المِرآة : مَرَاءٍ ، بوزن مَرَاعٍ.

٢٠٣

والعوام يقولون في جمع المرآة : مَرَايَا ، وهو خطأ.

أبو بكر : المِرَاء : المُماراة والجَدل.

والمِرَاء أيضاً : من الافتراء والشّكّ. (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً) [الكهف : ٢٣].

قال : وأصله في اللّغة : الجِدال وأن يستخرج الرجلُ من مُناظره كلاماً ومعاني الخُصومة وغَيرها ، من مَرَيت الشاة ، إذا حلبتها واسْتخرجت لَبَنها.

ورُوِي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا تُمَار في القُرآن فإنّ مِرَاءً فيه كُفْرٌ».

يُقال : ماريت الرَّجلَ ، ومارَرْتُه ؛ ومنه قول أبي الأسود أنه سأل عن رَجُل فقال : ما فَعل الذي كانت امرأته تُشارُّه وتمارِيه.

قال أبو عُبيد : ليس وَجْه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل ، ولكنه عندنا على الاختلاف في اللفظ ، يقرؤه الرجلُ على حَرف فيقول له الآخر ليس هو هكذا ، ولكنّه على خلافه ، وقد أَنزلهما الله جميعاً ، يُعلم ذلك بحديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نزل القُرآن على سَبعة أحرف ، فإذا جَحد كُلُّ واحدٍ منهما قراءة صاحبه ، لم يُؤْمَن أن يكون ذلك قد أخرجه إلى الكُفر».

قال اللّيْثُ : المِرْية : الشكّ ؛ ومنه : الامْتراء ، والتماري في القُرآن.

يقال : تمارَى يَتَمارَى تمارِياً ، وامترى امْتراء ، إذا شَكّ.

وقال الفَراء في قوله عزوجل : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥)) [النجم : ٥٥] يقول : بأيّ نعمة ربك تُكَذِّب؟ إنها ليست منه.

وكذلك قوله تعالى : (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) [القمر : ٣٦].

وقال الزّجاج : المعنى أيها الإنسان بأيّ نِعَم ربّك التي تدلّك على أنه واحدٌ تَتشكَّك؟

والمِرْية : الشكّ.

شَمر ، قال الأصمعيّ : المَرْو : حجارةٌ بِيض بَرّاقة تكون فيها النار.

وقال ابن شُميل : المَرْوُ : حَجر أبيضُ رَقيق يُجعل منه المظارّ يُذبح بها ؛ يكون المَرو أبيض كأنه البَرَد ، ولا يكون أَسود ولا أحمر ، وقد يُقدح بالحجر الأَحمر ، ولا يُسمَّى مَرْواً.

قال : وتكون المَرْوة مثل جُمْع الإنسان وأعظم وأَصْفر.

قال شَمر : وسألت عنها أعرابيّاً من بني أَسد ، فقال : هي هذه القَدّاحات التي يخرج منها النار.

وقال الليث : المُرِيّ ، مَعروف.

قلت : لا أَدْري أعربيّ هو أَم دَخيل.

وفي الحديث : «أَمْرِ الدمَ بما شئت» ، أي سَيِّله واسْتَخرجه ، من : مَرى يَمْرِي.

ورواه بعضهم : أَمِرِ الدمَ ، أي أَجْره.

٢٠٤

يقال : مار الدم يَمور ، إذا جَرى وسَال ، وأَمَرْتُه أنَا.

مرأ : وقال الليث : المُروءة : كمال الرُّجوليّة.

وقد مَرؤ الرّجل ، وتَمَرَّأ ، إذا تكلَّف المُروءة.

والمَرآة : مَصْدر الشيء المَرْئيّ.

ومَرئت الطَّعام : اسْتَمرأته ، وما كان مَرِيئاً ، ولقد مَرُؤ ، وهذا يُمْرِئ الطَّعَام.

وقَلَّما يَمْرأ لك طَعام.

أبو الفضل ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابي : مَا كان الطعام مَريئاً ، ولقد مَرَأ ، وما كان الرجل مَريئاً.

ولقد مَرُؤ.

وقال شَمر ، عن أصحابه : يقال : مَرِئ لي هذا الطعام ، أي استمرأتُه.

وقلّما يَمْرأ لك الطعام.

وقد مَرُؤ الطعام يَمْرؤ ، ومَرِئ. يَمْرأ ، ومَرأَ يَمْرَأ.

ويقال : ما لك لا تَمْرأ؟ أي ما لك لا تَطْعم؟

وقد مَرَأت ، أي طَعِمْت.

والمَرْء : الإطعامُ على بِنَاء دارٍ ، أو تَزْويج.

وقال الفَراء : هَنأني الطعام ومَرَأني ، وهَنِئني ومَرِئني ، فإِذا أَفردوه عن هنأَني قالوا : أمرأني ، ولا يقال : أهنأَني.

وقال ابن شُميل : مرئت هذا الطعام ، أي اسْتَمْرأتُه.

ثعلب ، عن سلمة ، عن الفراء : يقال من المروءة : مَرؤ الرجلُ يَمرُؤ مُروءة.

ومَرؤ الطعامُ يَمرؤ مَراءة.

وليس بينهما فرق إلا اختلاف المَصْدَرين.

وكتب عمرُ بن الخطاب إلى أبي مُوسى : خُذ الناس بالعربيّة فإنه يزيد في العَقل ويُثبِّت المرُوءة.

وقيل للأَحنف : ما المُروءة : قال العِفّة والحِرْفة.

وسُئل آخر عن المروءة ، فقال : المروءة ألّا تفعل في السّر أمراً وأنت تَسْتَحِي أن تَفْعله جَهْراً.

وقال أبو زيد : ما كان الطعام مَرِيئاً.

ولقد مَرُؤ مَراءةً.

ويقال : أمرأني الطعامُ إمْراءً.

وهو طعامٌ مُمْرِئ.

الليث : امرأة ، تأنيث امرئ.

ويقال : مَرْأة.

وقال أبو بكر بن الأنباري : الألف في امرأة وامرئ ألف وَصْل.

قال : وللعرب في المرأة ثلاث لغات ، يقال : هي امرأته ، وهي مَرأتُه ، وهي مَرتُه.

قال : وقال الكسائي والفَراء : امرؤ ،

٢٠٥

مُعْرَبٌ من الرّاء والهمزة ، وإنما أَعرب من مكانَين ، والإعراب الواحد يَكْفي من الإعرابين ، أن آخره هَمزة ، والهمزة قد تُترك في كثير في الكلام ، فكرهوا أن يَفتحوا الراء ويتركوا الهمزة فيقولون : امْرَوْ ، فتكون الراء مَفتوحة والواو ساكنة ، فلا يكون في الكلمة علامة للرفع ، فعرَّبوه من الراء ، ليكونوا إذا تركوا الهمزة آمِنين من سقوط الإعراب.

قال الفرّاء : ومن العرب من يُعربه من الهمز وحده ، ويدع الراء مفتوحة ، فيقول : قام امْرَؤٌ ، وضربت امْرَأً ، ومررت بامْرَئٍ ؛ وأَنْشد :

بَأَبِيَ امْرَؤٌ والشام بَيْني وبينه

أَتَتْني بِبُشْرَى بُرْدُه ورسائِلُه

وقال الآخر :

أنت امْرَؤٌ مِن خيار الناس قد عَلِمُوا

يُعْطِي الجزيلَ ويُعْطي الجَهْدَ بالثَّمَنِ

هكذا أنشده : بأَبْيَ ، بإسكان الباء الثانية وفتح الياء ، والبصريون يُنْشدونَه : بِبِنْيَ امْرَؤٌ.

قال أبو بكر : فإذا أَسْقطت العربُ من امرىء الألف ، فلها في تعرِيبه مَذْهبان : أحدهما : التعريبُ من مكانَيْن.

والآخر : التّعريب من مكان واحد.

فإذا عَرَّبوه من مكانين قالوا : قام مُرْؤٌ ، وضربت مَرْءًا ، ومَررتُ بِمِرْئٍ.

ومنهم من يقول : قام مَرْء ، وضربت مَرءًا ، ومررت بمَرْء.

قال : ونزَل القرآن بتَعْرِيبه من مكان واحد ؛ قال الله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال : ٢٤] ، على فتح الميم.

قال : وتَصْغير امرئ : مُرَيْء.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المَرِيء : الطَّعامُ الخَفِيف.

والمَرِيء : الرَّجُلُ المَقْبول في خَلْقه وخُلقه.

أبو زيد : يقال : مَرِيءُ الرَّجُل.

وثلاثة أَمْرِئة ، ومُرُؤ ، مهمورة ، بوزن مُرُع ، وهو الذي يجري فيه الطعامُ والشراب ويدخل فيه.

ابن شميل : يقال : مَرئَ هذا الطعام مَراءة ، أي اسْتَمرأته.

وهَنيء هذا الطعامُ حتى هَنِئْنَا منه ، أي شَبِعنا.

ومرئتُ الطعامَ ، واسْتَمرأتُه.

قالها أبو الهُذيل.

أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : الشَّجْرُ : ما لَصَق بالحُلْقُوم والمريء ، بالهمز غير مُشَدَّدَة.

كذلك رواه الأمويّ عن شَمر.

ورأيت في «كتاب أبي الهَيثم» : المُمْريَة من البقر ، التي لها ولد ماريّ ، أي بَرّاق

٢٠٦

اللَّون.

قال : والماريّة : البراقة اللّون ؛ قال ابن أحمر يَصف بقرة :

مارِيّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّونِ أَوْرَدها

طَلٌّ وبَنّس عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ

وقال الجَعدي :

كمُمْرِيَةٍ فَرْدٍ من الوَحْش حُرَّةٍ

أنَامت بذي الدَّنَّيْن بالصَّيْف جُؤْذَرَا

ثعلب ، عن ابن الأَعرابي : الماريَة ، خفيفة الياء : القطاةُ اللؤلئية اللّون.

وقال ابن بُزُرْج : الماريُ : الثوب الخَلق ؛ وأَنْشد :

* قُولا لذات الخَلَق المارِيّ *

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : القَطاة الماريَّة ، بتشديد الياء ، هي الملْساء الكثيرة اللحم.

وقال شَمر : قال أبو عمرو : القطاة المَارِيَة ، بالتخفيف : اللُّؤلئيّة اللّون.

وقال شَمر : قال أبو خَيرة : المَرْوراة : الأَرض التي لا يَهْتدي فيها إلا الخِرِّيت.

قال : وقال الأصمعي : المَرَوْراة : قَفْر مُسْتَوٍ.

يُجمع : مَرَوْرَيات ، ومَرارِيّ.

وقيل : هي التي لا شيء فيها.

أمر : قال الليث : الأَمْر ، معروف : نَقِيض النَّهْي.

والأَمر ، واحد الأُمور.

قال : وإذا أَمَرت من الأمر قُلْت : اؤْمُر يا هذا ، فيمن قال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) [طه : ١٣٢].

وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم أنه قال في قول الله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) [طه : ١٣٢] قال : لا يُقال : أؤمُرْ فلاناً ، ولا أُؤْخُذْ منه شَيئاً ، ولا أُؤْكُل ؛ إنما يُقال : مُرْ ، وخُذْ ، وكُلْ ، في الابتداء بالأمر ، اسْتثقالاً للضَّمَّتين ، فإذا تقدّم قبل الكلام «واو» أو «فاء» قلت : وَأْمر ، وفَأْمر ؛ كما قال الله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : ١٣٢] ، فأما كُلْ من : أَكل يأكل ، فلا يكادون يُدخلون فيه الهمزة مع الفاء والواو ، ويقولون : كُلا ، وخُذا ، وارْفَعاه فكُلاه ، ولا يقولون : فَأْكُلاه.

قال : وهذه أَحْرف جاءت عن العَرب نوادر ، وذلك أن أكثر كلامها في كُل فعل أوّله همزة : مثل : أَبَل يَأْبل ، وأَسرَ يَأْسر ، أن يَكْسروا «يَفْعِل» منه ، وكذلك : أَبق يَأبق ، فإذا كان الفعل الذي أوله همزة «يَفْعل» منه مكسوراً مردوداً إلى الأمر ، قيل : إيسر يا فلانُ ، إيبقْ يا غُلام ؛ وكأنّ أصله أسر ، بهمزتين ، فكرهوا جمعاً بين همزَتين ، فحوّلوا إحداهما ياء ، إذا كان ما قبلها مكسوراً.

قال : وكان حَقّ الأمر من أَمَر يَأْمُر أن يُقال : أؤْمُرْ ، أؤْخُذ ، أؤْكُل ، بهمزتين ، فتركت الهمزة الثانية وحوّلت واواً

٢٠٧

للضَّمّة ، فاجتمع في الحرف ضَمَّتان بينهما واو ، والضمّة من جنس الواو ، فاسْتَثقلت العربُ جمعاً بين ضَمَّتين وواو ، فطرحوا هَمزة الواو لأنه بقي بعد طَرْحها حرفان ، فقالوا : مُرْ فلاناً بكذا وكذا ، وخُذ من فلان ، وكُلْ ، ولم يقولوا : أُكل ، ولا أُمُرْ ، ولا أُخُذْ ، إلا أنهم قالوا في أمر يأمر ، إذا تقدَّم قبل ألف أَمْره واو ، أو فاء ، أو كلام يَتّصل به الأمْر من أَمَر يَأْمر ، فقالوا : الْقَ فلاناً وأْمُرْه ، فردّوه إلى أصله ، وإنما فَعَلوا ذلك لأن ألف الأَمْر إذا اتَّصَلت بكلام قبلها سقطت الألف في اللفظ ، ولم يفعلوا ذلك في كُل وخُذ إذا اتصل الأمر بهما بكلامٍ قبله ، فقالوا : الْق فلاناً وخُذ منه كذا ، ولم نَسْمع : وأْخُذْ كما سمعنا وأْمُر ، وقال الله تعالى : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) [البقرة : ٣٥] ولم يَقُل وأْكلا.

قال : فإن قيل : لم رَدّوا مُرْ إلى أَصلها ولم يَردّوا وكُلَا ولا وخُذا؟

قيل : لِسَعة كلام العرب ربّما ردُّوا الشيء إلى أصله ، وربما بَنَوه على ما سَبَق ، وربما كَتَبُوا الحرف مهموزاً ، وربّما كَتبوه على ترك الهمزة ، وربّما كَتبوه على الإدغام ، وربما كَتبوه على ترك الإدغام ، وكل ذلك جائز واسِع.

وقال الله تعالى : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] الآية.

قرأ أكثر القُراء : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها).

وروى خارجةُ ، عن نافع آمَرْنا بالمَدّ.

وسائر أصحاب نافع رَوَوْه مَقْصُوراً.

ورَوى اللَّيث ، عن أبي عمرو : أَمّرنا بالتَّشديد.

وسائر أصحابه رَوَوه بالقصر وتَخفيف الميم.

وروى هُدْبة ، عن حمّاد بن سَلمة ، عن ابن كثير أَمَّرنا.

وسائرُ الناس رَوَوه عنه مُخفَّفاً.

وروى سَلمة ، عن الفَراء : من قرأ أَمَرْنا خفيفةً ، فَسّرها بعضُهم : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بالطاعة (فَفَسَقُوا فِيها) ، أي إن المُترف إذا أُمر بالطاعة خالف إلى الفِسْق.

قال الفراء : وقرأ الحسن آمَرْنا ورُوي عنه : أَمَرْنا.

قال ورُوي عنه أنه بمعنى : أَكْثَرنا.

قال : ولا نَرى أنها حُفظت عنه لأنّا لا نَعرف معناها هاهنا ، ومعنى آمَرْنا بالمد : أَكْثَرنا.

قال : وقرأ أبو العالية : أمَّرنا مُتْرَفيها وهو مُوافق لتفسير ابن عبّاس ، وذلك أنه قال : سَلّطنا رُؤساءها (فَفَسَقُوا).

وقال أبو إسحاق نَحواً ممّا قال الفَرّاء.

قال : من قرأ : أَمَرْنا بالتخفيف ، فالمعنى : أَمَرناهم بالطاعة ففسقُوا.

٢٠٨

فإن قال القائل : ألست تقول : أمرتُ زيداً فضرب عمراً ، والمعنى : أنك أمرتَه أن يَضْرب عَمْراً فضَربه.

فهذا اللّفظ لا يَدُل على غير الضَّرْب.

ومثل قوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] من الكلام : أَمرتُك فعَصَيْتني ، فقد عُلم أنّ المَعْصِية مخالفة الأمر ، وذلك الفِسْق مُخالفة أمْر الله.

قال : وقد قيل : إنّ معنى (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) : كَثّرنا مُتْرفيها.

قال : والدَّليل على هذا قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خَيْرُ المالِ سِكّة مَأْبُورة أو مُهْرة مَأْمورة» ، أي مُكَثّرة.

والعربُ تقول : أَمِر بنو فلانٌ ، أي كَثُروا ؛ وقال لَبِيد :

إنْ يَنْبِطوا يَهْبِطوا وإن أَمِرُوا

يوماً يَصِيروا للهُلْك والنَّكَدِ

وقال أبو عُبَيد : في قوله مُهرة مأمورة : إنها الكثيرة النِّتاج والنَّسْل.

قال : وفيها لغتان : يقال : أَمرها الله ، فهي مَأمورة ، وآمَرها الله فهي مُؤْمَرة.

وقال غيره : إنما هو مُهرة مَأمورة للازدواج ، لأنهم أتْبعَوها «مأبورة» فلما ازْدوج اللّفْظان جاءوا ب «مأمورة» على وزن مأبورة ، كما قالت العرب : إنِّي آتِية بالغَدايا والعَشايا ، وإنما يُجمع الغداة ، غَدوات ، فجاءوا ب «الغدايا» على لفظ العشايا تَزْويجاً للفظين ، ولها نظائر.

وقال أبو زيد : في قوله : مُهرة مأمورة : هي التي كَثُر نَسْلُها.

يقولون : أمر اللهُ المهْرةَ ، أي كَثّر وَلَدها.

وقال الأصمعي : أَمَر الرَّجُل إمَارةً ، إذا صار عليهم أَمِيراً.

وأَمَّر أَمَارةً ، إذا صَيَّرَ عَلَماً.

ويقال : ما لك في الإمْرة والإمارة خَيْرٌ ، بالكسر.

وأُمِّر فلانٌ ، إذا صُيِّر أَمِيراً.

وآمرت فلاناً ، ووامَرتُه ، إذا شاوَرته.

والأَمارُ : الوقتُ والعَلامة ؛ قال العجّاج :

* إلى أَمارٍ وأَمارٍ مُدَّتي*

قال : والإمَّر : ولدُ الضَّأن الصَّغير.

والإمَّرة : الأُنثى.

والعرب تقول للرجل إذا وَصَفوه بالإعدام : ما له إمَّرٌ ولا إمَّرة.

والإمّر أيضاً : الرَّجُلُ الضَّعيف الذي لا عَقل له إلا ما أَمرته به لحُمقه ؛ وقال امرؤ القَيس :

وليس بذي رَيثةٍ إمَّرٍ

إذا قيد مسْتكرهاً أَصحَبَا

أبو عُبيد ، عن الفراء : تقول العرب : في وَجْه المال تَعْرف أَمرتَه ، أي زيادته ونماءَه.

يقول : في إقبال الأمر تَعرف صَلَاحه.

٢٠٩

والأمَرة : الزيادة والنماء والبَركة.

يقال : لا جَعل الله فيه أَمَرة ، أي بركة ، من قولك : أَمِر المال ، أي كَثُر.

قال : ووَجهُ الأمر ، أوّل ما تَراه.

وبعضهم يقول : تعرف أَمرتَه ، من : أَمِر المال ، إذا كثر.

ورَوى المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم ، قال : تقول العَربُ : في وَجه المال تَعرف أَمرته ، أي نُقصانه.

قلت : والصوابُ ما قال الفَرّاء في الأمَرة ، وأنه الزِّيادة.

ويُقال : لك عليَ أَمَرَةٌ مُطَاعة ، بالفتح لا غير.

اللّحيانيّ : رجل إمَّر ، وإمّرَة ، أي يَسْتأمر كُلَّ أَحد في أَمره.

ورَجل أمِرٌ ، أي مُبارك يُقبل عليه المال.

قال : والإمَّر : الخَرُوف.

والإمَّرة : الرِّخْل.

والخروف : ذَكَر ؛ والرِّخْل ، أُنثى.

ابن بُزُرْج ، قالوا : في وَجه مالك تَعْرف أَمَرَته ، أي يُمْنَه.

وأَمَارته مثله وأَمْرَته.

ورجُلٌ أَمِرٌ ، وامرأة أَمِرة ، إذا كانا مَيْمُونَيْن.

وقال شَمر : قال ابن شُميل : الأمَرة : مثل المَنارة فوق الجبل ، عريض مثل البيت وأعظم ، وطولُه في السماء أربعون قامة ، صُنِعَت على عهد عاد وإرم. وربما كان أصل إحْداهن مثل الدار ، وإنما هي حجارة مَرْكُومة بَعْضها فوقَ بَعض قد أُلزق ما بينها بالطين ، وأنت تراها كأنها خِلْقة.

وقال غيره : الأَمَر : الحجارة ؛ وقال أبو زبيد :

إن كان عثمان أَمسى فوقه أَمَرٌ

كراقب العُون فوق القُبّة المُوفِي

شبّه الأَمَر بالفحل يَرْقُب عُون أتُنه.

وقال الفراء : ما بها أَمَرٌ ، أي عَلَم.

وقال أبو عمرو : الأمَرات : الأعْلام ؛ واحدتها : أَمَرة.

وقال غيره : وأَمَارة ، مثل أَمرة ؛ وقال حُمَيْد :

بسَوَاء مَجْمعة كأنّ أَمارةً

منها إذا بَرَزت فَتِيق يَخْطُرُ

وكُل علامة تُعدّ ، فهي أمارة.

وتقول : هي أمارة ما بيني وبينك ، أي علامة ؛ وأَنْشد :

إذا طَلعت شمس النهار فإِنها

أمارة تَسْليمي عليك فَسَلِّمِي

أبو عُبيد ، عن الأصمعي : رَجُلٌ إمَّرٌ وإمّرة ، وهو الأَحْمق.

وقيل : رَجُلٌ إمَّرٌ : لا رأي له ، فهو يَأْتَمِر

٢١٠

لكل أَمْر ويُطيعه ؛ أَنْشد (١) شَمِر : إذا طلَعت الشِّعرى سَفَراً فلا تُرسل فيها إمَّرة ، ولا إمَّرَا.

قال : معناه : لا تُرسل في الإبل رجلاً لا عقل له يُدَبِّرها.

والإمّرُ : الأَحْمق.

وقول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص : ٢٠].

قال أبو عُبيدة : أي يتشاورون فيك لَيقْتلوك ، واحتج بقول النَّمر بن تَولب :

أحارُ بن عمرو كأنِّي خَمِرْ

ويَعْدُو على المَرء ما يَأْتَمِرْ

قال القُتيبي : هذا غَلط ، كيف يعدو على المرء ما شاور فيه ، والمُشاورة بركة.

وإنما أراد يعدو على المرء ما يَهُم به من الشَّر.

قال : وقوله : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يَهمّون بك ؛ وأَنْشد :

اعْلمن أن كُلّ مُؤْتَمِر

مُخْطىء في الرّأي أَحْيَانَا

قال : يقول : مَن ركب أمراً بغير مَشُورة أخطأ أحْياناً.

قال : وقوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] به أي هُمّوا واعْتَزموا عليه ، ولو كان كما قال أبو عُبيدة لقال : يتأمَّرون بك.

وقال الزّجّاج : معنى قوله جلّ وعزّ : (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص : ٢٠] أي يأمرُ بعضُهم بعضاً بقَتلك.

قلت : يُقال : ائتمر القومُ ، وتآمروا ، إذا أمر بعضُهم بعضاً.

كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.

ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يؤامر بعضهم بعضاً ، كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.

ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) ، أي يُؤامر بعضهم بعضاً فيك ، أي في قتلك.

وهذا أحسن من قول القُتيبي إنه بمعنى يهمّون بك.

وأما قوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] فمعناه والله أعلم : لِيَأْمر بعضُكم بعضاً بمَعروف ؛ وقوله :

* اعْلمن أن كُل مُؤْتمر*

معناه : إن من ائتمر رأيه في كل ما يَنْويه يخطىء أحياناً.

قال شمر : معناه : ارتأى وشاور نفسه قبل أن يُواقع ما يُريد.

قال : وقوله :

* اعلمن أن كُل مؤتمر*

__________________

(١) المنشَد سجع لا شعر ، (إبياري).

٢١١

أي كُل من عمل برأيه فلا بد أن يخطىء الأحيان.

قال : وقوله : ولا يأتمر لمُرشد ، إي لا يشَاوره.

ويقال : ائتمرت فلاناً في ذلك الأمر.

وائتمر القومُ ، إذا تشاوروا ؛ وقال الأعشى :

فعادَا لَهُنّ وزادا لَهُنّ

واشْتركا عَمَلاً وائْتمارَا

وقال العجّاج :

* لمّا رأى تَلْبيس أمْرٍ مُؤْتَمِرْ*

تَلبيس أمر ، أي تخليط أمر ؛ مُؤتمر ، أي اتخذ أَمْراً.

يقال : بئسما ائتمرت لنفسك.

ابن السكيت ، قال ابن الكلبي : كانت عاد تسمّي المُحَرّم : مُؤتمر ، وصفر : ناجزاً ، وربيعاً الأوّل : خُوَّاناً ، وربيعاً الآخر : بُصاناً ، وجمادى الأولى : رُبَّى ، وجمادى الآخرة : حنِيناً ، ورَجب : الأصم ، وشعبان : عاذلاً ، ورمضان : فاتقاً ، وشوالاً : وعِلاً ، وذا القعدة : وَرْنة ، وذا الحجة : بُرَك.

وقال شمر في تفسير حديث عُمر : الرجال ثلاثة : رجل إذا نزل به أَمْر ائتمر رأيَه.

قال شمر : معناه : ارتأى وشاور نفسه قبل أن يُواقع ما يُريد.

قال : ومنه قوله :

* لا يَدَّري المَكْذوب كيف يَأْتمر*

أي كيف يرتئي رأياً ويشاور نفسه ويَعْقد عليه.

وقال أبو عُبيد في قوله :

* ويَعْدو على المرء ما يأْتمر*

معناه : الرجل يعمل الشيء بغير روية ولا تثبّت ولا نظر في العاقبة فيَنْدم عليه.

وقال أبو إسحاق في قول الله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف : ٧٢] أي جئت شيئاً عظيماً من المُنْكَر.

قال : و (نُكْراً) أقلّ من قوله إِمْراً ، لأن تَغريق مَن في السَّفينة أَنكر مِن قَتْل نَفْسٍ واحدة.

وقال الأصمعي : سِنانُ مؤمَّر ، أي محدَّد ؛ وقال ابن مُقبل :

لقد كان فِينا مَن يَحُوط ذِمَارنا

وَيَحْذِي الكَمِيَّ الزَّاعِبِيّ المُؤَمَّرَا

وقال خالد : هو المسَلّط.

قال : وسمعت العرب تقول : أمِّر قَناتك ، أي اجعل فيها سناناً. والزَّاعبيّ : الرمح الذي إذا هُز تَدافع كله كأَنَّ مؤخَّره يَجْري في مُقَدَّمه.

ومنه قيل : مَرّ يَزعَب بِحمله ، إذا كان يَتَدَافع.

قاله الأَصمعيّ.

مور ـ مير : عمرو ، عن أبيه : المَوْر :

٢١٢

الدَّوَران.

والمَوْر ، مَصْدر : مُرْت الصُّوف مَوْراً ، إذا نَتَفْتَه.

وهي : المُوَارة : والمُرَاطة.

والمَوْرُ : الطَّرِيق ؛ ومنه قولُه :

* وظيفاً وظيفاً فوق مَوْرٍ مُعَبَّدِ*

والمَوْر : التُّراب.

والمُور ، جمع : ناقة مائرة ، ومائر ، إذا كانت نَشيطةً في سَيرها فَتْلاءَ في عَضُدها.

وقال الأصمعي : وَقَع عن الحمار مُوارتُه ، وهو ما وَقع من نُسَاله.

ومار يَمور مَوْراً ، إذا جَعل يَذهب ويَجيء ويَتردَّد.

قال : ومنه قول الله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠)) [الطور : ٩ ، ١٠].

قال مجاهد : تَدور دَوْراً.

وقال غيره : أي تَجيء وتَذْهب.

ويقال : مار الدمُ يَمُور ، إذا جَرى على وجه الأرض.

وسُمي الطَّريق : مَوْراً ، لأنه يُذْهَب فيه ويُجاء.

وفي حديث عِكْرمة : لمّا نفخ في آدم عليه‌السلامُ الروحُ مارَ في رأْسه فَعَطس ، أي دار وتردّد.

حدثنا الحُسين ، قال : حدثنا عيسى بن حماد المهدي ، قال : أخبرنا اللَّيث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزّناد ، عن ابن هُرْمز ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مثل المُنْفق والبخيل كمثل رَجُلَين عليهما جُبّتان من لدن تَراقيهما إلى أَيديهما ، فأما المُنْفق فإذا أَنفق مارت عليه وسَبغت حتَّى تبلغ قدَميه وتَعْفو أثَره ، وأما البخيل فإذا أراد أن يُنْفق أخذت كُلُّ حَلْقة موضعها ولزمَتْه ، فهو يُريد أَن يوسّعها ولا تَتّسع».

قلت : مارت ، أي سالت وتردّدت عليه ، وذَهبت وجاءَت. يعني نَفَقته.

ابن هرمز هو : عبد الرحمن بن هُرمز الأَعْرج.

قال اللّيث : المَور ، المَوْجُ.

والبَعير يَمور عَضُداه ، إذا تردّد في عَرْض جَنْبه.

والطَّعنةُ تمور ، إذا مالت يميناً وشِمالاً.

والدِّماء تَمور على وجه الأَرض ، إذا انصَبَّت فتردَّدت.

والمَور : التراب تُثيره الرِّيح.

وفي حديث عديّ بن حاتم أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : «أَمِرِ الدَّم بما شِئْت».

قال شَمر : من رواه ، أَمِرْه فمعناه : سَيِّله وأَجْره.

يقال : مار الدمُ يَمُور مَوْراً ، إذا جَرى وسال.

٢١٣

وأَمَرْته أنا ، وأنشد :

سوف تُدْنيك من لَمِيسَ سَبَنْدا

ةُ أَمارت بالبَذْل ماءَ الكِرَاشِ

قال : وقال ابن الأعرابي : المَوْر : السُّرْعة ؛ وأَنشد :

* وَمَشْيُهنّ بالحَبِيب مَوْر*

وروى أبو عبيد : «أمْرِ الدمّ بما شئت» ، أي سيّله واستَخْرجه.

من مريت الناقة ، إذا مَسحت ضَرْعها لِتَدِرّ.

وروى ثعلب ، عن ابن الأعرابي : مَرى الدمَ ، وأمراه ، إذا اسْتَخرجه.

وقال الأصمعي : سايَرْته مُسايرة ، وماريته مُمايرة ، وهو أن تفعل مثل ما يَفعل ؛ وأَنْشد :

* يُمايرها في جَرْيه وتُمايرُه *

وقال اللَّيْث (١) : اليَامُور : من دَوابّ البرّ ، يَجْري على مَن قَتله في الحَرم أو الإحْرام الحُكْمُ.

وذَكر عَمرو بن بَحر «اليَامُور» في باب الأَوعال الجبليّة والأَياييل والأَرْوَى.

وهو اسمٌ لجنس منها ، بوزن اليَعْمور.

واليَعمور : الجَدْي.

وجمعه : اليَعَامِير.

قال الليث : والمِيرة : جَلْب الطَّعام للبَيْع.

وهم يَمْتارون لأنْفُسهم.

ويَميرُون غيرهم مَيْراً.

وقال الأصمعيّ : يُقال : مارَه يَميره مَيْراً ، إذا أتاه بمِيرة ، أي طَعام.

ومنه يُقال : ما عِنْده خَيْر ومَيْر.

ويقال للرُّفْقة التي تَنهض من البادية إلى القُرى لِتَمتار : مَيّارة.

وقال الليث : المِئْرة : العداوةُ.

وجَمعها : المِئَر.

وماءَرْتُ بين القوم مُماءرةً ، أي عادَيْت بينهم.

قاله أبو زيد.

أبو عُبيد ، عن الكسائي : المِئْرة : الذَّحْل.

وجمعها : مِئَر.

قال : وقال أبو زَيد : ماءرْتُه مُماءرةً ، على فاعَلْته.

وقال الليث : امتأر فلانٌ على فلان ، أي احْتَقد عليه.

وقال غيره : المُماءرة : المُعارضة ؛ وأَنشد :

* يُمائرها في مَشيه وتُمَائره *

أي : يُباريها.

وروى الخرّاز ، عن ابن الأعرابي ، أنه أَنْشده :

__________________

(١) ذكره ابن منظور في (يمر) ، (إبياري).

٢١٤

تماءَرْتمُ في العِزّ حتى هَلكتُمُ

كما أَهْلك الغارُ النِّساء الضَّرائِرَا

قال : تماءرتم : تَشابَهْتم.

وقال غيره : تباريتم.

أبو زيد : جاءهم أَمْرٌ مَئِر ، بوزن مَعِر ، وهو الشَّديد.

أرم : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الأَرْم : القَطْع.

وقال أبو الهيثم : أَرَمَتْهم السَّنةُ تَأْرمهم ، أي أَكَلَتْهم.

وأَرمَت الأرضُ النَّبْتَ ، إذا أهْلكته.

وأَرَمَتْهم السَّنة : استَأصَلَتهم.

وأَرَم ما على الخُوان ، إذا أَكَله.

وإنّه لَيَحْرُق عليه الأُرَّم ، وهي الأضْراس.

وقال الليث : أَرُوم الأضْراس : أُصول مَنابتها.

ابن بُزُرْجَ : يُقال تِلك أرضٌ أرِمَة.

وقال الليث : الآرام : مُلتقى قبائل الرَّأس.

ولذلك سُمّي الرَّأس الضَّخم : مُؤَرَّماً.

وبَيضة مُؤَرَّمة : واسعة الأعْلى.

وأرُومة كُلّ شَجرة : أصْلها.

والجماعة : الأَرُوم.

قال : ولا يُقال : أُرومة ، بضم الهمزة.

قال : والأُرَّم : الحجارة : وأَنْشد :

* يَلُوك مِن حَرْدٍ عليَ الأُرَّمَا*

ويقال : بل الأُرَّم : الأَضْراس ؛ وقال الراجز :

أُنْبِئْتُ أحْماء سُلَيْمَى أنَّما

أضْحَوا غِضَاباً يَحرقُون الأُرَّمَا

وقال شمر : الأُرّم : الحَصَى.

قال أبو عمرو الشّيباني الآرام : الأَعلام.

واحدها : إرَم ؛ وقال عَبِيد بن الأَبْرص يصف عُقاباً :

باتَتْ على إرَمٍ عَذُوباً

كأَنّها شَيْخةٌ رَقُوبُ

وقال أبو الهيثم : قال أعرابي لمؤذِّن كان بالرّيّ رقى منارةً ليؤذّن فيها : أتَرْقى كُلَّ يوم هذا الإرَم؟

قال الفراء : في قول الله عزوجل : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧)) [الفجر : ٧] : لم يُجْرِها القُرَّاء لأنّها اسمُ بَلْدة.

وذكر الكلبيّ بإسناده أنّ إرَم : سام بن نوح ، فإن كان اسماً لرجل فإنما تُرك إجراؤه لأنَّه أعْجمي.

وإرم تابعة ل «عاد».

وقال أبو الهيثم : في قوله (إِرَمَ ذاتِ) : أي رجال عاد الذين قالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥].

أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : ما بالدار عَرِيب.

٢١٥

وقال أبو زيد : ما بها أَرِمٌ وأَرِيم.

وقال الأصمعي : ما بها أَرِمٌ ، على فَعِل.

أبو عُبيد ، عن الفَرّاء : يُقال : ما بها آرِم ، مثل ، عارم ، وما بها أرَمِيّ ؛ يريد : ما بها عَلَم ؛ وما بها أَرِم ، مثال عَرِم.

وقال أبو الهيثم : ما بها أيرميّ ، مثله.

قال أبو منصور : وسمعتُ أعرابيّاً يُنشد جاريةً :

لم تَرْعَ يوماً غَنَما

 ... في الروايا أَيْرما

وسمعتهم يقولون : ما بها أيْرَمِيّ ، ولا إرَمِيّ.

ويقولون للعلم فوق القارة : أَيْرميّ.

والإرَم : العَلم ، وجمعه : أُرُوم.

وبناء مَأرُوم ، وقد أَرمه الباني أَرْماً.

وجَمَلٌ مَأْرُوم الخَلْق ، إذا كان مُداخلاً مُدمَّجاً ؛ وأنشد :

تَسمع في عُصْلٍ لها صَوالدا

مَأْرُومة إلى شباً حَدائِدَا

* ضَبْرَ بَراطِيلَ إلى جَلَامدا*

وعِنانٌ مَأْرُوم ، إذا فُتل فَتْلاً مَجْدُولاً.

وقال النضر : أُروم الرأس : حُروفه.

وقيل : هي شُؤون رأس الجمل.

وقال أبو يوسف : الحَصَد من الأَوْتَار : المُتقارب الأرْم.

والزِّمام يُؤارَم ، على يُفاعل ، أي يُداخل فَتْله.

وغيضة حَصِيدة : مُلْتفة النَّبت.

أبو عُبيد ، عن الكسائي : ما أَدري أي الأُرُوم هو؟ وما أَدري أيّ الطِّين هو؟

معناه : ما أَدْري أيّ الناس هو؟

ورم : قال اللّيث : الوَرم ، معروف.

وقد وَرِمَ يَرِمُ وَرَماً ، فهو وارِم.

ويَرَمْرَمُ (١) ، وتِعَارُ : جَبَلان في بلاد قيس ، مُتقابلان.

والمَرْيم (٢) ، من النِّساء ، التي تُحب مُحادثة الرِّجال ومحاورتهم ، ومنه قول رُؤْبة :

* قلت لزير لم تَصِلْه مَرْيَمُهْ *

وبطن الرُّمة (٣) : وادٍ مَعروف بعالية نَجد.

وفي حديث أبي بكر : ولّيت أُمورَكم خَيركم في نفسي فكلّكم وَرِم أَنْفُه على أن يكون الأمرُ له دونه.

يقول : امتلأ من ذلك غضباً. وخص الأنف بالذكر من سائر الأعضاء لأنه

__________________

(١) أورده ابن منظور في (رحم) ، (إبياري).

(٢) مكانه (ريم) كما في «القاموس» ، (إبياري).

(٣) مكانه (رم) ، (إبياري).

٢١٦

موضع الأنفة والكِبر ، كما يقال : شمخ بأنفه ؛ وقال :

* ولا يُهاج إذا ما أَنْفُه وَرِمَا*

أي لا يُكَلَّم عند الغَضب.

وقال عامر بن سَدوس الخناعيّ :

وحَيّ حِلَالٍ أُولي بَهْجة

شَهِدْت وشَعْبهمُ مُغْرمُ

بشَهباء تَغْلِب مَن ذادها

لدى مَتْنِ وازعها الأَوْرَم

الأَورم : الكثير من الناس : ووازعها : كثرتُها ؛ يَزَع بعضُهم بعضاً.

٢١٧

باب اللفيف من حرف الراء

ورى ، أور ، روى ، [رأي ، رأرأ ، راء ، أرر ، أير ، يرر ، رير ، ورر].

ورى : رُوي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لأَن يَمْتلىء جَوْفُ أَحدكم قَيْحاً حتى يَرِيَه خَيْرٌ له من أن يَمتلىء شِعْراً».

قال أبو عُبيد : قال الأصمعي : قوله حتى يَرِيه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي.

يقال منه : رَجُلٌ مَوْرِيٌ ، غير مَهْموز ، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه ؛ وأَنْشد :

* قالت له وَرْياً إذا تَنَحْنَحا*

تَدعو عليه بالوَرْى.

وأنشد الأصمعي للعجّاج يصف الجِراحات :

* عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ*

يقول : إنْ سَبَرها إنسانٌ أصابه منها الوَرْيُ من شِدّتها.

قال : وقال أبو عُبيدة في الوَرْي مِثْله ، إلا أنه قال : هو أن يأكُل القَيْحُ جَوْفَه.

قال : وقال عَبد بني الحَسْحاس يَذكر النِّساء :

وراهُنّ رَبِّي مثل ما قَدْ وَرَيْنَنِي

وأَحْمَى على أكبادهنّ المَكَاويَا

وقال ابن جَبلة : وسمعتُ ابن الأعرابي يقول في قوله «تُورِّي من سَبر» قال : مَعنى تُوَرِّي : تَدْفَع ؛ يقول : لا يرى فيه علاجاً مِن هولها فيمنعه ذلك من دوائها ؛ ومنه قولُ الفرزدق :

فلو كُنْتَ صُلْب العُودِ أو ذا حَفِيظَةٍ

لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ واللَّيْلُ مُظْلِمُ

يقول : نَصَرته ودَفعت عنه.

قال الفَرّاء : الوَرَى : الخَلْق ، تكتب بالياء.

قال : والوَرَى : داءٌ يُصيب الرَّجُل والبعير في أجوافِهما ، مقصور ، يُكتب بالياء.

يُقال : به الوَرَى ، وحُمَّى خَيْبَرى ، وشَرٌّ ما يَرى ، فإِنّه خَيْسَرى.

وقال الأصمعيّ ، وأبو عمرو : لا يُعرف الوَرَى من الداء ، بفتح الراء ، إنما هو الوَرْي بإسكان الراء ، فصُرِف إلى الوَرَى.

وقال أبو العبّاس : الوَرْي ، المصدر ، والوَرَى ، بفتح الراء ، الاسم.

وفي الحديث إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا أراد سَفَراً وَرَّى بغَيْره.

قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : التَّوْرية : السَّتْر.

٢١٨

يُقال منه : وَرَّيت الْخَبر أُوَرِّيه تَوْرِية ، إذا سَتَرْتَه وأَظهرتَ غيره.

قال أبو عُبيد : ولا أراه مأخوذاً إلا من : وراء الإنسان ، لأنه إذا قال : ورَّيته ، فكأنه إنّما جعله وَراءه حيث لا يَظهر.

قال : وحدّثنا ابن عُلية ، عن داوود ، عن الشَّعبي في قوله تعالى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [هود : ٧١] قال : الوراء : وَلَدَ الوَلد.

وقال أبو حاتم : وراء ، يكون بمعنى : خَلْف ، وقُدّام.

وقاله أبو عُبيد.

قال الله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩].

قال ابن عبّاس : كان أمامهم مَلِك ؛ قال لَبِيد :

أليس ورائي إنْ تَراخت مَنِيَّتي

لُزُومُ العَصا تُئْنَى عليها الأصابِعُ

وقال الزّجاج في قول الله تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم : ١٧] أي : من بعد ذلك.

وقال في قول النابغة :

* وليس وراء الله للمرء مَذْهب*

أي ليس بعد الله للمرء مَذْهب ، يعني في تأكيده التَّنَصُّل مما قُرِف به فيذهب إليه.

وأخبرني المُنذريّ ، عن الحَرّاني ، عن ابن السِّكيت ، قال : الوَراء : الخَلف.

قال : ووراء ، وأمام ، وقُدام ، يُؤنَّثن ويُذَكَّرن.

ويُصغّر أمام فيُقال : أُميِّم ذلك ، وأُميِّمة ذلك.

وهو وُرَيِّىء الحائط ، ووُريِّئَة الحائط.

وقال أبو الهيثم : الوراء ، ممدود : الخَلْف ، ويكون : الأمام.

وقال الفراء : لا يجوز أن يُقال للرجل : وراءك ؛ وهو بين يديك ، ولا لرَجُل هو بين يَديك : هو وراءك ، إنما يجوز ذلك في المواقيت والأيّام والليالي والدَّهر.

تقول : وراءك بَرْد شديد ، وبين يَديك برد شديد ، لأنك أنتَ وراءه ، فجاز لأنه شيء يأتي ، فكأنه إذا لَحِقك صار من ورائك ، وكأنك إذا بلغته كان بين يديك ، فلذلك جاز الوجهان ، من ذلك قول الله تعالى :(وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) [الكهف : ٧٩] أي : أمامهم. وهو كقوله تعالى : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) [إبراهيم : ١٦] أي : إنها بين يَديه.

أبو العباس ، عن ابن الأعرابي في قول الله تعالى : (بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُ) [البقرة : ٩١] أي : بما سواه.

قال : والوراء : الخَلْف ، والوَرَاء : القُدَّام ، والوراء : ابن الابن.

قال : وقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) [المؤمنون : ٧] أي : سِوى ذلك.

٢١٩

والوَرَى ، مقصور : الخَلْق ؛ يقال : ما أدري أيّ الوَرَى هو؟

وقال الليث : الرِّية ، محذوفة من وَرَى.

والواريةُ : داء يأخذ في الرّئة ، يأخذ منه السُّعال فيقتل صاحِبَه.

يُقال : وُرِي الرَّجل ، فهو مَوْرُوٌّ.

وبعضهم يقول : مَوْرِيٌ.

قال : والثَّوْر يَرِي الكَلْب ، إذا طَعَنه في رئته.

قال : والرِّئة ، يُهمز ولا يُهمز ، وهي موضع الرّيح والنَّفَس ، وجمعها : رئات ؛ ويُجْمع : رِئين.

وتصغيرها : رؤيّة.

ويقال : رُوَيّة ؛ وقال الكُميت :

* يُنازِعْن العَجاهِنَة الرِّئينا*

وقال ابن بُزُرْجَ : يقال : وَرَيْته من الرِّئة فهو مَوْرِيّ ، ووَتَنْته ، فهو مَوْتُون ، وشَوَيْته ، فهو مَشْوِيّ ، إذا أصبت رئته وشَواتَه ووتِينَه.

وقال ابن السِّكيت : يُقال من الرِّئة : رأيته ، فهو مَرْئيّ ، إذا أصبته في رئته.

ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : إذا أَخرج الزَّنْدُ النار ، قيل : وَرِي الزَّنْد يَرِي ، وأنا أوريته إيراء.

وقال أبو الهيثم : الرِّية ، من قولك : وَرت النار تَرِي ورْياً ورِيَةً ، مثل : وعت تَعِي وَعْياً وعِيَةً ، ووريْته أَرِيه وَرْياً ورِيةً.

قال : وأَوريت النار أُوريها إيراء ، فَوَرت تَرِي ، ووَرِيت تَرِي.

ويقال : وَرِيت تَوْرَى ؛ وقال الطرمّاح يصف أرضاً جدبة لا نَبات فيها :

كظَهر اللأَى لو تَبْتغي رِيةً بها

لَعَيَّتْ وشَقَّت في بُطون الشَّواجِنِ

أي هذه الصحراء كظَهر بقرة وحشيّة ليس فيها أَكمة ولا وَهْدة.

وقال ابن بُزْرج : الرِّية : ما تُثقب به النار.

قلت : جعلها ثقوباً من خَثًى ، أو رَوْث ، أو ضَرَمَة ، أو حَشيشة يابسة.

أبو عُبيدة ، عن أبي زيد : أَرّيت النار تَأْرية ، ونَمَّيتها تَنميةً ، وذكّيتها تَذْكية ، إذا رَفَعْتها.

واسم الشيء الذي تُلقيه عليها من بَعر أو حَطَب : الذُّكْيَة.

قلت : أحسَب أبا زَيد جعل : أرّيت النار من وريتها فَقلب الواو همزة ، كما قالوا : أكدت اليمين ، ووكّدتها ، وأَرَّثت النار ، ووَرَّثتها.

أخبرني المُنذري ، عن الحرّاني ، عن أبن السِّكيت ، قال : يقال : إنّه لوارِي الزِّناد ، ووَارِي الزَّند ، ووريُ الزَّند ، إذا رام أمراً أَنْجح فيه وأَدرك ما طلب.

قال : ويُقال : وَرِي الزَّند يَرِي ، ووَرِي

٢٢٠