وهي كل دابّة مَرميّة ، وأُنِّثت لأنها جُعلت اسماً لا نَعْتاً ، يقال بالهاء للذكر والأُنثى.
وقال مُليح الهُذليّ في الرَّميّ بمعنى السحاب :
حَنِين اليَماني هاجَه بعد سَلْوةٍ |
وَمِيضُ رَمِيٍ آخرَ اللَّيْل مُعْرِقِ |
وقال أبو جُنْدب الهُذلي ، وجَمعَه أَرْميةٍ :
هنالكَ لو دَعَوْت أتَاك مِنْهم |
رجالٌ مِثْلُ أَرْميةِ الحَمِيمِ |
والحَميم : مَطر الصَّيف يكون عظيمَ القَطْر شَديد الوَقْع.
أبو عُبيد : من أمثالهم في الأمر يُتقدّم فيه قبل فعْله : قَبل الرِّماء تُمْلأ الكَنَائِن.
والرِّماء : المُراماة بالنَّبْل.
ابن الأعرابيّ : الرّمِيّ : صوت الحَجر الذي يَرْمي به الصّبيّ.
الأصمعيّ : رماه بأَمر قبيح ، ونثَاه ، بمَعناه ؛ وأَنْشد ابن الأعرابيّ :
وعَلَّمنا الصَّبْرَ آباؤُنا |
وخُطّ لنا الرَّمْيُ في الوَافِره |
قال : والرَّمْي ، أن يُرْمَى بالقوم من بَلد إلى بَلد.
والرَّمي : زيادة في العُمر.
والتَّرْماء ، مثل الرِّماء ، والمُراماة.
ريم : الحرّاني ، عن ابن السِّكيت : الرَّيْم : الفضل ، يقال : لهذا رَيْمٌ على هذا ، أي فَضل ؛ وقال العجّاج :
مُجَرِّساتٍ غِرّة الغَرِير |
بالزَّجْر والرَّيْم على المَزْجُورِ |
أي مَن زُجر فعليه الفَضْلُ أبداً ، لأنه إنما يُزْجَر عن أَمْر قَصَّر فيه ، وأنشد :
فأَقْعِ كما أَقْعَى أَبُوك على اسْته |
يَرى أن رَيْماً فوقه لا يُعادِلُه |
والرَّيْم : عَظْم يَبْقَى بعد ما يُقْسم لَحم جَزُور المَيْسر ؛ وقال الشاعر :
وكُنتم كَعَظْمِ الرَّيْم لم يَدْرِ جازِر |
على أيّ بَدْأَي مَقْسِم اللَّحم يُوضَعُ |
قال : وزَعم ابن الأعرابيّ أنّ الرَّيْم : القَبر ؛ وقال مالك بن الرَّيْب :
إذا مِتُّ فاعْتادي القبور وسَلِّمي |
على الرَّيْم : أُسْقِيت الغَمَامَ الغَوادِيَا |
قال : والرِّيم : الظّبي الأبيض الخالص البياض.
أبو العبّاس ، عن ابن الأعرابي : الرَّيم : الدَّرجة ، والرَّيم : القَبر ، والرَّيم : الظِّراب ، وهي الجِبال الصِّغار ، والرَّيم : العِلاوة بين الفَوْدين ، يقال له : البِرْواز ، والرّيم : التباعد ، ما يَريم.
وقال أبو زيد : يقال عليك نهار رَيْمٌ ، أي عليك نهَارٌ طَوِيلٌ.
وقال أبو مالك : له رَيمٌ على هذا ، أي
فَضْل.
وقال اللّيث : الرَّيْمُ : البَرَاح.
والفِعْل : رَام يَرِيم.
ويقال : ما يَرِيم يَفْعل ذلك ، أي ما يَبْرح.
وقال أبو العبّاس : كان ابن الأعرابي يقول في قولهم : ما رِمْتَ ، بَلَى قد رِمْتَ.
وغيره لا يَقوله إلّا بحرف الجَحد.
وأَنْشدني :
هل رَامني أحدٌ أَراد خَبيطَتي |
أم هَل تَعذَّرَ ساحَتِي وجَنَابِي |
قال : يريد : هل بَرِحَني. وغيره يُنشده : ما رامَني.
ويقال : رَيّم فلانٌ على فلان ، أي زاد عليه.
روم : وأمّا : رام يَرُوم رَوْماً ومَرَاماً ، فهو من باب الطَّلَب.
والمَرام : المَطْلب.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الرَّوْمُ : شَحمة الأُذن ؛ وفي الحديث : تَعَهَّد المَغْفَلة والمَنْشلة والرَّوْمَ ، وهو شَحمة الأذن.
أبو عُبيد ، عن ابن الأعرابيّ ، عن الأصمعيّ : الرُّومة ، بلا همزة : الفِراء الذي يُلْصق به رِيشُ السَّهْم.
وبِئر رُومة : التي احتفرها عثمانُ بناحية المَدِينة.
وقال أبو عمرو : الروميُ : شِراع السَّفِينة الفارغة.
والمُرْبع : شِرَاع المَلأْى.
والرُّوم : جِيلٌ يَنْتمون إلى عِيصُو بن إسحاق بن إبراهيم ، عليهالسلام.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : من الظِّباء الآرام ، وهي البِيض الخالصة البَياض.
وقال أبو زيد مِثلَه ، وقال : وهي تَسْكُن الرِّمال.
قال : والرُّؤام والرُّؤال : اللُّعاب.
ويُقال : رَئِمت الناقةُ ولدها ، تَرْأَمه رَأْماً ورَأْمَاناً ، إذا أَحَبَّتْه.
ورَئِم الجُرح رِئْمَاناً حَسَناً ، إذا الْتَحم.
وأَرْأَمْت الجُرْحَ إرْآماً ، إذا داوَيْتَه.
وقال ابن الأعرابي : الرَّأْم : الولَد.
وقال اللّيث : الرَّأم : البَوُّ ، وولد ظُئرت عليه غير أُمّه ؛ وأنْشد :
* كأُمهات الرَّأْم أم مَطافِلَا*
وقد رَئِمَتْه ، فهي رائمٌ ، ورَؤُومٌ.
قال ابن السِّكيت : أَرْأَمْته على الأَمر ، وأَظْأَرته ، أي أَكْرَهْتُه.
والأثافيّ يُقال لها : الرَّوَائم ، لرِئْمانها الرَّمَاد.
وقد رَئِمت الرَّمَادَ ، فالرَّمادُ كالولَد لها.
وأَرْأَمْناها ، أي عَطَفْنَاها على رَأْمها.
أبو عُبيد ، عن الأمويّ : الرَّؤُم من الغَنم : التي تَلْحس ثِيَاب من مَرّ بها.
وقال غيره : رَأَمْت القِدحَ أَرْأَمه ، مثل رَأَبته أَرْأَبه ، ولأَمْته أَلأمه ، إذا أصْلَحْتَه.
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : إذا عطفت الناقةُ على ولَد غيرها ، فهي رائِم.
فإن لم تَرْأَمه ولكنها تَشمّه ولا تَدِرّ عليه ، فهي عَلُوق.
مري ـ مرو : قال الله عزوجل : أفتمرونه على ما يرى (١٢) [النجم : ١٢].
قال الفراء : معناه : أَفَتَجْحدونه؟
ومن قرأ : (أَفَتُمارُونَهُ) ، فمعناه : أَفَتُجادلونه؟
قال : وهي قراءة العوام.
ونحوَ ذلك قال الزّجاج في تَفسير تُمرونه وتُمارونه.
وأخبرني المُنذريّ ، عن المبرّد ، أنه قال في قوله : (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢)) [النجم : ١٢] أي أتَدْفعونه عمّا يرى؟ قال : و «على» في موضع «عن».
قال : ويقال مَرَاه مائةَ سَوْط ، ومَراه مائةَ دِرْهم ، إذا نَقَده إيّاها.
قال : والمَرْيُ : مَسْح ضَرْع الناقة لتَدرّ.
ويُقال : مَرى الفرسُ والناقةُ ، إذا قام أحدُهما على ثلاثٍ ثم مَسحَ الأرض باليد الأُخرى ، وأَنْشد :
إذا حُطّ عنها الرَّحْلُ أَلْقَت برَأْسها |
إلى شَذَبِ العِيدان أو صَفَنت تَمْرِي |
أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : المَرِيّ : الناقة التي تَدِرّ على مَن يَمْسح ضَرْعَها.
وقد أَمْرَت. وجمعها : مَرَايا.
وقال ابن الأنباري : في قولهم : مارَى فلانٌ فلاناً : معناه : قد استخرج ما عنده من الكَلام والحُجَّة ، مأخوذ من قولهم : مَريت الناقة ، إذا مَسَحت ضَرْعها لتَدِرّ.
ومَرت الريحُ السَّحابَ ، إذا أَنْزلت منه المَطَر.
قال : وماريت الرجلَ ، ومارَرْتُه ، إذا خالَفته وتَلَوَّيت عليه.
وهو مأخوذ من مِرَارِ الفَتْل ، ومِرَار السّلسلة ، تَلَوِّي حَلَقها إذا جُرّت على الصَّفَا ؛ وفي الحديث : «سَمِعت الملائكةُ مثلَ مِرَار السّلسلة على الصَّفا».
قال الليث : المريء : رأس المَعِدَة والكِرش اللازق بالحُلقوم ، ومنه يدخُل الطَّعام في البَطن.
قلت : وقد أَقرأَني أبو بكر الإياديّ : المريء ، لأبي عُبيد ، فهَمزه بلا تَشْديد.
وأقرأنيه المنُذري لأبي الهَيْثم ، فلم يَهْمز وشَدّد الياء.
وقال أَبو زيد : المَرِيّ : الناقة تُحْلب على غير وَلد ، ولا تكون مَرِيّاً ، ومعَها ولدُها ، وجمعها : مَرايَا.
وجمع المِرآة : مَرَاءٍ ، بوزن مَرَاعٍ.
والعوام يقولون في جمع المرآة : مَرَايَا ، وهو خطأ.
أبو بكر : المِرَاء : المُماراة والجَدل.
والمِرَاء أيضاً : من الافتراء والشّكّ. (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً) [الكهف : ٢٣].
قال : وأصله في اللّغة : الجِدال وأن يستخرج الرجلُ من مُناظره كلاماً ومعاني الخُصومة وغَيرها ، من مَرَيت الشاة ، إذا حلبتها واسْتخرجت لَبَنها.
ورُوِي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا تُمَار في القُرآن فإنّ مِرَاءً فيه كُفْرٌ».
يُقال : ماريت الرَّجلَ ، ومارَرْتُه ؛ ومنه قول أبي الأسود أنه سأل عن رَجُل فقال : ما فَعل الذي كانت امرأته تُشارُّه وتمارِيه.
قال أبو عُبيد : ليس وَجْه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل ، ولكنه عندنا على الاختلاف في اللفظ ، يقرؤه الرجلُ على حَرف فيقول له الآخر ليس هو هكذا ، ولكنّه على خلافه ، وقد أَنزلهما الله جميعاً ، يُعلم ذلك بحديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «نزل القُرآن على سَبعة أحرف ، فإذا جَحد كُلُّ واحدٍ منهما قراءة صاحبه ، لم يُؤْمَن أن يكون ذلك قد أخرجه إلى الكُفر».
قال اللّيْثُ : المِرْية : الشكّ ؛ ومنه : الامْتراء ، والتماري في القُرآن.
يقال : تمارَى يَتَمارَى تمارِياً ، وامترى امْتراء ، إذا شَكّ.
وقال الفَراء في قوله عزوجل : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥)) [النجم : ٥٥] يقول : بأيّ نعمة ربك تُكَذِّب؟ إنها ليست منه.
وكذلك قوله تعالى : (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) [القمر : ٣٦].
وقال الزّجاج : المعنى أيها الإنسان بأيّ نِعَم ربّك التي تدلّك على أنه واحدٌ تَتشكَّك؟
والمِرْية : الشكّ.
شَمر ، قال الأصمعيّ : المَرْو : حجارةٌ بِيض بَرّاقة تكون فيها النار.
وقال ابن شُميل : المَرْوُ : حَجر أبيضُ رَقيق يُجعل منه المظارّ يُذبح بها ؛ يكون المَرو أبيض كأنه البَرَد ، ولا يكون أَسود ولا أحمر ، وقد يُقدح بالحجر الأَحمر ، ولا يُسمَّى مَرْواً.
قال : وتكون المَرْوة مثل جُمْع الإنسان وأعظم وأَصْفر.
قال شَمر : وسألت عنها أعرابيّاً من بني أَسد ، فقال : هي هذه القَدّاحات التي يخرج منها النار.
وقال الليث : المُرِيّ ، مَعروف.
قلت : لا أَدْري أعربيّ هو أَم دَخيل.
وفي الحديث : «أَمْرِ الدمَ بما شئت» ، أي سَيِّله واسْتَخرجه ، من : مَرى يَمْرِي.
ورواه بعضهم : أَمِرِ الدمَ ، أي أَجْره.
يقال : مار الدم يَمور ، إذا جَرى وسَال ، وأَمَرْتُه أنَا.
مرأ : وقال الليث : المُروءة : كمال الرُّجوليّة.
وقد مَرؤ الرّجل ، وتَمَرَّأ ، إذا تكلَّف المُروءة.
والمَرآة : مَصْدر الشيء المَرْئيّ.
ومَرئت الطَّعام : اسْتَمرأته ، وما كان مَرِيئاً ، ولقد مَرُؤ ، وهذا يُمْرِئ الطَّعَام.
وقَلَّما يَمْرأ لك طَعام.
أبو الفضل ، عن ثَعلب ، عن ابن الأعرابي : مَا كان الطعام مَريئاً ، ولقد مَرَأ ، وما كان الرجل مَريئاً.
ولقد مَرُؤ.
وقال شَمر ، عن أصحابه : يقال : مَرِئ لي هذا الطعام ، أي استمرأتُه.
وقلّما يَمْرأ لك الطعام.
وقد مَرُؤ الطعام يَمْرؤ ، ومَرِئ. يَمْرأ ، ومَرأَ يَمْرَأ.
ويقال : ما لك لا تَمْرأ؟ أي ما لك لا تَطْعم؟
وقد مَرَأت ، أي طَعِمْت.
والمَرْء : الإطعامُ على بِنَاء دارٍ ، أو تَزْويج.
وقال الفَراء : هَنأني الطعام ومَرَأني ، وهَنِئني ومَرِئني ، فإِذا أَفردوه عن هنأَني قالوا : أمرأني ، ولا يقال : أهنأَني.
وقال ابن شُميل : مرئت هذا الطعام ، أي اسْتَمْرأتُه.
ثعلب ، عن سلمة ، عن الفراء : يقال من المروءة : مَرؤ الرجلُ يَمرُؤ مُروءة.
ومَرؤ الطعامُ يَمرؤ مَراءة.
وليس بينهما فرق إلا اختلاف المَصْدَرين.
وكتب عمرُ بن الخطاب إلى أبي مُوسى : خُذ الناس بالعربيّة فإنه يزيد في العَقل ويُثبِّت المرُوءة.
وقيل للأَحنف : ما المُروءة : قال العِفّة والحِرْفة.
وسُئل آخر عن المروءة ، فقال : المروءة ألّا تفعل في السّر أمراً وأنت تَسْتَحِي أن تَفْعله جَهْراً.
وقال أبو زيد : ما كان الطعام مَرِيئاً.
ولقد مَرُؤ مَراءةً.
ويقال : أمرأني الطعامُ إمْراءً.
وهو طعامٌ مُمْرِئ.
الليث : امرأة ، تأنيث امرئ.
ويقال : مَرْأة.
وقال أبو بكر بن الأنباري : الألف في امرأة وامرئ ألف وَصْل.
قال : وللعرب في المرأة ثلاث لغات ، يقال : هي امرأته ، وهي مَرأتُه ، وهي مَرتُه.
قال : وقال الكسائي والفَراء : امرؤ ،
مُعْرَبٌ من الرّاء والهمزة ، وإنما أَعرب من مكانَين ، والإعراب الواحد يَكْفي من الإعرابين ، أن آخره هَمزة ، والهمزة قد تُترك في كثير في الكلام ، فكرهوا أن يَفتحوا الراء ويتركوا الهمزة فيقولون : امْرَوْ ، فتكون الراء مَفتوحة والواو ساكنة ، فلا يكون في الكلمة علامة للرفع ، فعرَّبوه من الراء ، ليكونوا إذا تركوا الهمزة آمِنين من سقوط الإعراب.
قال الفرّاء : ومن العرب من يُعربه من الهمز وحده ، ويدع الراء مفتوحة ، فيقول : قام امْرَؤٌ ، وضربت امْرَأً ، ومررت بامْرَئٍ ؛ وأَنْشد :
بَأَبِيَ امْرَؤٌ والشام بَيْني وبينه |
أَتَتْني بِبُشْرَى بُرْدُه ورسائِلُه |
وقال الآخر :
أنت امْرَؤٌ مِن خيار الناس قد عَلِمُوا |
يُعْطِي الجزيلَ ويُعْطي الجَهْدَ بالثَّمَنِ |
هكذا أنشده : بأَبْيَ ، بإسكان الباء الثانية وفتح الياء ، والبصريون يُنْشدونَه : بِبِنْيَ امْرَؤٌ.
قال أبو بكر : فإذا أَسْقطت العربُ من امرىء الألف ، فلها في تعرِيبه مَذْهبان : أحدهما : التعريبُ من مكانَيْن.
والآخر : التّعريب من مكان واحد.
فإذا عَرَّبوه من مكانين قالوا : قام مُرْؤٌ ، وضربت مَرْءًا ، ومَررتُ بِمِرْئٍ.
ومنهم من يقول : قام مَرْء ، وضربت مَرءًا ، ومررت بمَرْء.
قال : ونزَل القرآن بتَعْرِيبه من مكان واحد ؛ قال الله تعالى : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال : ٢٤] ، على فتح الميم.
قال : وتَصْغير امرئ : مُرَيْء.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المَرِيء : الطَّعامُ الخَفِيف.
والمَرِيء : الرَّجُلُ المَقْبول في خَلْقه وخُلقه.
أبو زيد : يقال : مَرِيءُ الرَّجُل.
وثلاثة أَمْرِئة ، ومُرُؤ ، مهمورة ، بوزن مُرُع ، وهو الذي يجري فيه الطعامُ والشراب ويدخل فيه.
ابن شميل : يقال : مَرئَ هذا الطعام مَراءة ، أي اسْتَمرأته.
وهَنيء هذا الطعامُ حتى هَنِئْنَا منه ، أي شَبِعنا.
ومرئتُ الطعامَ ، واسْتَمرأتُه.
قالها أبو الهُذيل.
أبو عُبيد ، عن أبي عُبيدة : الشَّجْرُ : ما لَصَق بالحُلْقُوم والمريء ، بالهمز غير مُشَدَّدَة.
كذلك رواه الأمويّ عن شَمر.
ورأيت في «كتاب أبي الهَيثم» : المُمْريَة من البقر ، التي لها ولد ماريّ ، أي بَرّاق
اللَّون.
قال : والماريّة : البراقة اللّون ؛ قال ابن أحمر يَصف بقرة :
مارِيّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّونِ أَوْرَدها |
طَلٌّ وبَنّس عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ |
وقال الجَعدي :
كمُمْرِيَةٍ فَرْدٍ من الوَحْش حُرَّةٍ |
أنَامت بذي الدَّنَّيْن بالصَّيْف جُؤْذَرَا |
ثعلب ، عن ابن الأَعرابي : الماريَة ، خفيفة الياء : القطاةُ اللؤلئية اللّون.
وقال ابن بُزُرْج : الماريُ : الثوب الخَلق ؛ وأَنْشد :
* قُولا لذات الخَلَق المارِيّ *
أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : القَطاة الماريَّة ، بتشديد الياء ، هي الملْساء الكثيرة اللحم.
وقال شَمر : قال أبو عمرو : القطاة المَارِيَة ، بالتخفيف : اللُّؤلئيّة اللّون.
وقال شَمر : قال أبو خَيرة : المَرْوراة : الأَرض التي لا يَهْتدي فيها إلا الخِرِّيت.
قال : وقال الأصمعي : المَرَوْراة : قَفْر مُسْتَوٍ.
يُجمع : مَرَوْرَيات ، ومَرارِيّ.
وقيل : هي التي لا شيء فيها.
أمر : قال الليث : الأَمْر ، معروف : نَقِيض النَّهْي.
والأَمر ، واحد الأُمور.
قال : وإذا أَمَرت من الأمر قُلْت : اؤْمُر يا هذا ، فيمن قال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) [طه : ١٣٢].
وأخبرني المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم أنه قال في قول الله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) [طه : ١٣٢] قال : لا يُقال : أؤمُرْ فلاناً ، ولا أُؤْخُذْ منه شَيئاً ، ولا أُؤْكُل ؛ إنما يُقال : مُرْ ، وخُذْ ، وكُلْ ، في الابتداء بالأمر ، اسْتثقالاً للضَّمَّتين ، فإذا تقدّم قبل الكلام «واو» أو «فاء» قلت : وَأْمر ، وفَأْمر ؛ كما قال الله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : ١٣٢] ، فأما كُلْ من : أَكل يأكل ، فلا يكادون يُدخلون فيه الهمزة مع الفاء والواو ، ويقولون : كُلا ، وخُذا ، وارْفَعاه فكُلاه ، ولا يقولون : فَأْكُلاه.
قال : وهذه أَحْرف جاءت عن العَرب نوادر ، وذلك أن أكثر كلامها في كُل فعل أوّله همزة : مثل : أَبَل يَأْبل ، وأَسرَ يَأْسر ، أن يَكْسروا «يَفْعِل» منه ، وكذلك : أَبق يَأبق ، فإذا كان الفعل الذي أوله همزة «يَفْعل» منه مكسوراً مردوداً إلى الأمر ، قيل : إيسر يا فلانُ ، إيبقْ يا غُلام ؛ وكأنّ أصله أسر ، بهمزتين ، فكرهوا جمعاً بين همزَتين ، فحوّلوا إحداهما ياء ، إذا كان ما قبلها مكسوراً.
قال : وكان حَقّ الأمر من أَمَر يَأْمُر أن يُقال : أؤْمُرْ ، أؤْخُذ ، أؤْكُل ، بهمزتين ، فتركت الهمزة الثانية وحوّلت واواً
للضَّمّة ، فاجتمع في الحرف ضَمَّتان بينهما واو ، والضمّة من جنس الواو ، فاسْتَثقلت العربُ جمعاً بين ضَمَّتين وواو ، فطرحوا هَمزة الواو لأنه بقي بعد طَرْحها حرفان ، فقالوا : مُرْ فلاناً بكذا وكذا ، وخُذ من فلان ، وكُلْ ، ولم يقولوا : أُكل ، ولا أُمُرْ ، ولا أُخُذْ ، إلا أنهم قالوا في أمر يأمر ، إذا تقدَّم قبل ألف أَمْره واو ، أو فاء ، أو كلام يَتّصل به الأمْر من أَمَر يَأْمر ، فقالوا : الْقَ فلاناً وأْمُرْه ، فردّوه إلى أصله ، وإنما فَعَلوا ذلك لأن ألف الأَمْر إذا اتَّصَلت بكلام قبلها سقطت الألف في اللفظ ، ولم يفعلوا ذلك في كُل وخُذ إذا اتصل الأمر بهما بكلامٍ قبله ، فقالوا : الْق فلاناً وخُذ منه كذا ، ولم نَسْمع : وأْخُذْ كما سمعنا وأْمُر ، وقال الله تعالى : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) [البقرة : ٣٥] ولم يَقُل وأْكلا.
قال : فإن قيل : لم رَدّوا مُرْ إلى أَصلها ولم يَردّوا وكُلَا ولا وخُذا؟
قيل : لِسَعة كلام العرب ربّما ردُّوا الشيء إلى أصله ، وربما بَنَوه على ما سَبَق ، وربما كَتَبُوا الحرف مهموزاً ، وربّما كَتبوه على ترك الهمزة ، وربّما كَتبوه على الإدغام ، وربما كَتبوه على ترك الإدغام ، وكل ذلك جائز واسِع.
وقال الله تعالى : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] الآية.
قرأ أكثر القُراء : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها).
وروى خارجةُ ، عن نافع آمَرْنا بالمَدّ.
وسائر أصحاب نافع رَوَوْه مَقْصُوراً.
ورَوى اللَّيث ، عن أبي عمرو : أَمّرنا بالتَّشديد.
وسائر أصحابه رَوَوه بالقصر وتَخفيف الميم.
وروى هُدْبة ، عن حمّاد بن سَلمة ، عن ابن كثير أَمَّرنا.
وسائرُ الناس رَوَوه عنه مُخفَّفاً.
وروى سَلمة ، عن الفَراء : من قرأ أَمَرْنا خفيفةً ، فَسّرها بعضُهم : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بالطاعة (فَفَسَقُوا فِيها) ، أي إن المُترف إذا أُمر بالطاعة خالف إلى الفِسْق.
قال الفراء : وقرأ الحسن آمَرْنا ورُوي عنه : أَمَرْنا.
قال ورُوي عنه أنه بمعنى : أَكْثَرنا.
قال : ولا نَرى أنها حُفظت عنه لأنّا لا نَعرف معناها هاهنا ، ومعنى آمَرْنا بالمد : أَكْثَرنا.
قال : وقرأ أبو العالية : أمَّرنا مُتْرَفيها وهو مُوافق لتفسير ابن عبّاس ، وذلك أنه قال : سَلّطنا رُؤساءها (فَفَسَقُوا).
وقال أبو إسحاق نَحواً ممّا قال الفَرّاء.
قال : من قرأ : أَمَرْنا بالتخفيف ، فالمعنى : أَمَرناهم بالطاعة ففسقُوا.
فإن قال القائل : ألست تقول : أمرتُ زيداً فضرب عمراً ، والمعنى : أنك أمرتَه أن يَضْرب عَمْراً فضَربه.
فهذا اللّفظ لا يَدُل على غير الضَّرْب.
ومثل قوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] من الكلام : أَمرتُك فعَصَيْتني ، فقد عُلم أنّ المَعْصِية مخالفة الأمر ، وذلك الفِسْق مُخالفة أمْر الله.
قال : وقد قيل : إنّ معنى (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) : كَثّرنا مُتْرفيها.
قال : والدَّليل على هذا قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «خَيْرُ المالِ سِكّة مَأْبُورة أو مُهْرة مَأْمورة» ، أي مُكَثّرة.
والعربُ تقول : أَمِر بنو فلانٌ ، أي كَثُروا ؛ وقال لَبِيد :
إنْ يَنْبِطوا يَهْبِطوا وإن أَمِرُوا |
يوماً يَصِيروا للهُلْك والنَّكَدِ |
وقال أبو عُبَيد : في قوله مُهرة مأمورة : إنها الكثيرة النِّتاج والنَّسْل.
قال : وفيها لغتان : يقال : أَمرها الله ، فهي مَأمورة ، وآمَرها الله فهي مُؤْمَرة.
وقال غيره : إنما هو مُهرة مَأمورة للازدواج ، لأنهم أتْبعَوها «مأبورة» فلما ازْدوج اللّفْظان جاءوا ب «مأمورة» على وزن مأبورة ، كما قالت العرب : إنِّي آتِية بالغَدايا والعَشايا ، وإنما يُجمع الغداة ، غَدوات ، فجاءوا ب «الغدايا» على لفظ العشايا تَزْويجاً للفظين ، ولها نظائر.
وقال أبو زيد : في قوله : مُهرة مأمورة : هي التي كَثُر نَسْلُها.
يقولون : أمر اللهُ المهْرةَ ، أي كَثّر وَلَدها.
وقال الأصمعي : أَمَر الرَّجُل إمَارةً ، إذا صار عليهم أَمِيراً.
وأَمَّر أَمَارةً ، إذا صَيَّرَ عَلَماً.
ويقال : ما لك في الإمْرة والإمارة خَيْرٌ ، بالكسر.
وأُمِّر فلانٌ ، إذا صُيِّر أَمِيراً.
وآمرت فلاناً ، ووامَرتُه ، إذا شاوَرته.
والأَمارُ : الوقتُ والعَلامة ؛ قال العجّاج :
* إلى أَمارٍ وأَمارٍ مُدَّتي*
قال : والإمَّر : ولدُ الضَّأن الصَّغير.
والإمَّرة : الأُنثى.
والعرب تقول للرجل إذا وَصَفوه بالإعدام : ما له إمَّرٌ ولا إمَّرة.
والإمّر أيضاً : الرَّجُلُ الضَّعيف الذي لا عَقل له إلا ما أَمرته به لحُمقه ؛ وقال امرؤ القَيس :
وليس بذي رَيثةٍ إمَّرٍ |
إذا قيد مسْتكرهاً أَصحَبَا |
أبو عُبيد ، عن الفراء : تقول العرب : في وَجْه المال تَعْرف أَمرتَه ، أي زيادته ونماءَه.
يقول : في إقبال الأمر تَعرف صَلَاحه.
والأمَرة : الزيادة والنماء والبَركة.
يقال : لا جَعل الله فيه أَمَرة ، أي بركة ، من قولك : أَمِر المال ، أي كَثُر.
قال : ووَجهُ الأمر ، أوّل ما تَراه.
وبعضهم يقول : تعرف أَمرتَه ، من : أَمِر المال ، إذا كثر.
ورَوى المُنذريّ ، عن أبي الهَيْثم ، قال : تقول العَربُ : في وَجه المال تَعرف أَمرته ، أي نُقصانه.
قلت : والصوابُ ما قال الفَرّاء في الأمَرة ، وأنه الزِّيادة.
ويُقال : لك عليَ أَمَرَةٌ مُطَاعة ، بالفتح لا غير.
اللّحيانيّ : رجل إمَّر ، وإمّرَة ، أي يَسْتأمر كُلَّ أَحد في أَمره.
ورَجل أمِرٌ ، أي مُبارك يُقبل عليه المال.
قال : والإمَّر : الخَرُوف.
والإمَّرة : الرِّخْل.
والخروف : ذَكَر ؛ والرِّخْل ، أُنثى.
ابن بُزُرْج ، قالوا : في وَجه مالك تَعْرف أَمَرَته ، أي يُمْنَه.
وأَمَارته مثله وأَمْرَته.
ورجُلٌ أَمِرٌ ، وامرأة أَمِرة ، إذا كانا مَيْمُونَيْن.
وقال شَمر : قال ابن شُميل : الأمَرة : مثل المَنارة فوق الجبل ، عريض مثل البيت وأعظم ، وطولُه في السماء أربعون قامة ، صُنِعَت على عهد عاد وإرم. وربما كان أصل إحْداهن مثل الدار ، وإنما هي حجارة مَرْكُومة بَعْضها فوقَ بَعض قد أُلزق ما بينها بالطين ، وأنت تراها كأنها خِلْقة.
وقال غيره : الأَمَر : الحجارة ؛ وقال أبو زبيد :
إن كان عثمان أَمسى فوقه أَمَرٌ |
كراقب العُون فوق القُبّة المُوفِي |
شبّه الأَمَر بالفحل يَرْقُب عُون أتُنه.
وقال الفراء : ما بها أَمَرٌ ، أي عَلَم.
وقال أبو عمرو : الأمَرات : الأعْلام ؛ واحدتها : أَمَرة.
وقال غيره : وأَمَارة ، مثل أَمرة ؛ وقال حُمَيْد :
بسَوَاء مَجْمعة كأنّ أَمارةً |
منها إذا بَرَزت فَتِيق يَخْطُرُ |
وكُل علامة تُعدّ ، فهي أمارة.
وتقول : هي أمارة ما بيني وبينك ، أي علامة ؛ وأَنْشد :
إذا طَلعت شمس النهار فإِنها |
أمارة تَسْليمي عليك فَسَلِّمِي |
أبو عُبيد ، عن الأصمعي : رَجُلٌ إمَّرٌ وإمّرة ، وهو الأَحْمق.
وقيل : رَجُلٌ إمَّرٌ : لا رأي له ، فهو يَأْتَمِر
لكل أَمْر ويُطيعه ؛ أَنْشد (١) شَمِر : إذا طلَعت الشِّعرى سَفَراً فلا تُرسل فيها إمَّرة ، ولا إمَّرَا.
قال : معناه : لا تُرسل في الإبل رجلاً لا عقل له يُدَبِّرها.
والإمّرُ : الأَحْمق.
وقول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص : ٢٠].
قال أبو عُبيدة : أي يتشاورون فيك لَيقْتلوك ، واحتج بقول النَّمر بن تَولب :
أحارُ بن عمرو كأنِّي خَمِرْ |
ويَعْدُو على المَرء ما يَأْتَمِرْ |
قال القُتيبي : هذا غَلط ، كيف يعدو على المرء ما شاور فيه ، والمُشاورة بركة.
وإنما أراد يعدو على المرء ما يَهُم به من الشَّر.
قال : وقوله : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يَهمّون بك ؛ وأَنْشد :
اعْلمن أن كُلّ مُؤْتَمِر |
مُخْطىء في الرّأي أَحْيَانَا |
قال : يقول : مَن ركب أمراً بغير مَشُورة أخطأ أحْياناً.
قال : وقوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] به أي هُمّوا واعْتَزموا عليه ، ولو كان كما قال أبو عُبيدة لقال : يتأمَّرون بك.
وقال الزّجّاج : معنى قوله جلّ وعزّ : (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص : ٢٠] أي يأمرُ بعضُهم بعضاً بقَتلك.
قلت : يُقال : ائتمر القومُ ، وتآمروا ، إذا أمر بعضُهم بعضاً.
كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.
ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يؤامر بعضهم بعضاً ، كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.
ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) ، أي يُؤامر بعضهم بعضاً فيك ، أي في قتلك.
وهذا أحسن من قول القُتيبي إنه بمعنى يهمّون بك.
وأما قوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] فمعناه والله أعلم : لِيَأْمر بعضُكم بعضاً بمَعروف ؛ وقوله :
* اعْلمن أن كُل مُؤْتمر*
معناه : إن من ائتمر رأيه في كل ما يَنْويه يخطىء أحياناً.
قال شمر : معناه : ارتأى وشاور نفسه قبل أن يُواقع ما يُريد.
قال : وقوله :
* اعلمن أن كُل مؤتمر*
__________________
(١) المنشَد سجع لا شعر ، (إبياري).
أي كُل من عمل برأيه فلا بد أن يخطىء الأحيان.
قال : وقوله : ولا يأتمر لمُرشد ، إي لا يشَاوره.
ويقال : ائتمرت فلاناً في ذلك الأمر.
وائتمر القومُ ، إذا تشاوروا ؛ وقال الأعشى :
فعادَا لَهُنّ وزادا لَهُنّ |
واشْتركا عَمَلاً وائْتمارَا |
وقال العجّاج :
* لمّا رأى تَلْبيس أمْرٍ مُؤْتَمِرْ*
تَلبيس أمر ، أي تخليط أمر ؛ مُؤتمر ، أي اتخذ أَمْراً.
يقال : بئسما ائتمرت لنفسك.
ابن السكيت ، قال ابن الكلبي : كانت عاد تسمّي المُحَرّم : مُؤتمر ، وصفر : ناجزاً ، وربيعاً الأوّل : خُوَّاناً ، وربيعاً الآخر : بُصاناً ، وجمادى الأولى : رُبَّى ، وجمادى الآخرة : حنِيناً ، ورَجب : الأصم ، وشعبان : عاذلاً ، ورمضان : فاتقاً ، وشوالاً : وعِلاً ، وذا القعدة : وَرْنة ، وذا الحجة : بُرَك.
وقال شمر في تفسير حديث عُمر : الرجال ثلاثة : رجل إذا نزل به أَمْر ائتمر رأيَه.
قال شمر : معناه : ارتأى وشاور نفسه قبل أن يُواقع ما يُريد.
قال : ومنه قوله :
* لا يَدَّري المَكْذوب كيف يَأْتمر*
أي كيف يرتئي رأياً ويشاور نفسه ويَعْقد عليه.
وقال أبو عُبيد في قوله :
* ويَعْدو على المرء ما يأْتمر*
معناه : الرجل يعمل الشيء بغير روية ولا تثبّت ولا نظر في العاقبة فيَنْدم عليه.
وقال أبو إسحاق في قول الله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف : ٧٢] أي جئت شيئاً عظيماً من المُنْكَر.
قال : و (نُكْراً) أقلّ من قوله إِمْراً ، لأن تَغريق مَن في السَّفينة أَنكر مِن قَتْل نَفْسٍ واحدة.
وقال الأصمعي : سِنانُ مؤمَّر ، أي محدَّد ؛ وقال ابن مُقبل :
لقد كان فِينا مَن يَحُوط ذِمَارنا |
وَيَحْذِي الكَمِيَّ الزَّاعِبِيّ المُؤَمَّرَا |
وقال خالد : هو المسَلّط.
قال : وسمعت العرب تقول : أمِّر قَناتك ، أي اجعل فيها سناناً. والزَّاعبيّ : الرمح الذي إذا هُز تَدافع كله كأَنَّ مؤخَّره يَجْري في مُقَدَّمه.
ومنه قيل : مَرّ يَزعَب بِحمله ، إذا كان يَتَدَافع.
قاله الأَصمعيّ.
مور ـ مير : عمرو ، عن أبيه : المَوْر :
الدَّوَران.
والمَوْر ، مَصْدر : مُرْت الصُّوف مَوْراً ، إذا نَتَفْتَه.
وهي : المُوَارة : والمُرَاطة.
والمَوْرُ : الطَّرِيق ؛ ومنه قولُه :
* وظيفاً وظيفاً فوق مَوْرٍ مُعَبَّدِ*
والمَوْر : التُّراب.
والمُور ، جمع : ناقة مائرة ، ومائر ، إذا كانت نَشيطةً في سَيرها فَتْلاءَ في عَضُدها.
وقال الأصمعي : وَقَع عن الحمار مُوارتُه ، وهو ما وَقع من نُسَاله.
ومار يَمور مَوْراً ، إذا جَعل يَذهب ويَجيء ويَتردَّد.
قال : ومنه قول الله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠)) [الطور : ٩ ، ١٠].
قال مجاهد : تَدور دَوْراً.
وقال غيره : أي تَجيء وتَذْهب.
ويقال : مار الدمُ يَمُور ، إذا جَرى على وجه الأرض.
وسُمي الطَّريق : مَوْراً ، لأنه يُذْهَب فيه ويُجاء.
وفي حديث عِكْرمة : لمّا نفخ في آدم عليهالسلامُ الروحُ مارَ في رأْسه فَعَطس ، أي دار وتردّد.
حدثنا الحُسين ، قال : حدثنا عيسى بن حماد المهدي ، قال : أخبرنا اللَّيث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزّناد ، عن ابن هُرْمز ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مثل المُنْفق والبخيل كمثل رَجُلَين عليهما جُبّتان من لدن تَراقيهما إلى أَيديهما ، فأما المُنْفق فإذا أَنفق مارت عليه وسَبغت حتَّى تبلغ قدَميه وتَعْفو أثَره ، وأما البخيل فإذا أراد أن يُنْفق أخذت كُلُّ حَلْقة موضعها ولزمَتْه ، فهو يُريد أَن يوسّعها ولا تَتّسع».
قلت : مارت ، أي سالت وتردّدت عليه ، وذَهبت وجاءَت. يعني نَفَقته.
ابن هرمز هو : عبد الرحمن بن هُرمز الأَعْرج.
قال اللّيث : المَور ، المَوْجُ.
والبَعير يَمور عَضُداه ، إذا تردّد في عَرْض جَنْبه.
والطَّعنةُ تمور ، إذا مالت يميناً وشِمالاً.
والدِّماء تَمور على وجه الأَرض ، إذا انصَبَّت فتردَّدت.
والمَور : التراب تُثيره الرِّيح.
وفي حديث عديّ بن حاتم أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال له : «أَمِرِ الدَّم بما شِئْت».
قال شَمر : من رواه ، أَمِرْه فمعناه : سَيِّله وأَجْره.
يقال : مار الدمُ يَمُور مَوْراً ، إذا جَرى وسال.
وأَمَرْته أنا ، وأنشد :
سوف تُدْنيك من لَمِيسَ سَبَنْدا |
ةُ أَمارت بالبَذْل ماءَ الكِرَاشِ |
قال : وقال ابن الأعرابي : المَوْر : السُّرْعة ؛ وأَنشد :
* وَمَشْيُهنّ بالحَبِيب مَوْر*
وروى أبو عبيد : «أمْرِ الدمّ بما شئت» ، أي سيّله واستَخْرجه.
من مريت الناقة ، إذا مَسحت ضَرْعها لِتَدِرّ.
وروى ثعلب ، عن ابن الأعرابي : مَرى الدمَ ، وأمراه ، إذا اسْتَخرجه.
وقال الأصمعي : سايَرْته مُسايرة ، وماريته مُمايرة ، وهو أن تفعل مثل ما يَفعل ؛ وأَنْشد :
* يُمايرها في جَرْيه وتُمايرُه *
وقال اللَّيْث (١) : اليَامُور : من دَوابّ البرّ ، يَجْري على مَن قَتله في الحَرم أو الإحْرام الحُكْمُ.
وذَكر عَمرو بن بَحر «اليَامُور» في باب الأَوعال الجبليّة والأَياييل والأَرْوَى.
وهو اسمٌ لجنس منها ، بوزن اليَعْمور.
واليَعمور : الجَدْي.
وجمعه : اليَعَامِير.
قال الليث : والمِيرة : جَلْب الطَّعام للبَيْع.
وهم يَمْتارون لأنْفُسهم.
ويَميرُون غيرهم مَيْراً.
وقال الأصمعيّ : يُقال : مارَه يَميره مَيْراً ، إذا أتاه بمِيرة ، أي طَعام.
ومنه يُقال : ما عِنْده خَيْر ومَيْر.
ويقال للرُّفْقة التي تَنهض من البادية إلى القُرى لِتَمتار : مَيّارة.
وقال الليث : المِئْرة : العداوةُ.
وجَمعها : المِئَر.
وماءَرْتُ بين القوم مُماءرةً ، أي عادَيْت بينهم.
قاله أبو زيد.
أبو عُبيد ، عن الكسائي : المِئْرة : الذَّحْل.
وجمعها : مِئَر.
قال : وقال أبو زَيد : ماءرْتُه مُماءرةً ، على فاعَلْته.
وقال الليث : امتأر فلانٌ على فلان ، أي احْتَقد عليه.
وقال غيره : المُماءرة : المُعارضة ؛ وأَنشد :
* يُمائرها في مَشيه وتُمَائره *
أي : يُباريها.
وروى الخرّاز ، عن ابن الأعرابي ، أنه أَنْشده :
__________________
(١) ذكره ابن منظور في (يمر) ، (إبياري).
تماءَرْتمُ في العِزّ حتى هَلكتُمُ |
كما أَهْلك الغارُ النِّساء الضَّرائِرَا |
قال : تماءرتم : تَشابَهْتم.
وقال غيره : تباريتم.
أبو زيد : جاءهم أَمْرٌ مَئِر ، بوزن مَعِر ، وهو الشَّديد.
أرم : ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الأَرْم : القَطْع.
وقال أبو الهيثم : أَرَمَتْهم السَّنةُ تَأْرمهم ، أي أَكَلَتْهم.
وأَرمَت الأرضُ النَّبْتَ ، إذا أهْلكته.
وأَرَمَتْهم السَّنة : استَأصَلَتهم.
وأَرَم ما على الخُوان ، إذا أَكَله.
وإنّه لَيَحْرُق عليه الأُرَّم ، وهي الأضْراس.
وقال الليث : أَرُوم الأضْراس : أُصول مَنابتها.
ابن بُزُرْجَ : يُقال تِلك أرضٌ أرِمَة.
وقال الليث : الآرام : مُلتقى قبائل الرَّأس.
ولذلك سُمّي الرَّأس الضَّخم : مُؤَرَّماً.
وبَيضة مُؤَرَّمة : واسعة الأعْلى.
وأرُومة كُلّ شَجرة : أصْلها.
والجماعة : الأَرُوم.
قال : ولا يُقال : أُرومة ، بضم الهمزة.
قال : والأُرَّم : الحجارة : وأَنْشد :
* يَلُوك مِن حَرْدٍ عليَ الأُرَّمَا*
ويقال : بل الأُرَّم : الأَضْراس ؛ وقال الراجز :
أُنْبِئْتُ أحْماء سُلَيْمَى أنَّما |
أضْحَوا غِضَاباً يَحرقُون الأُرَّمَا |
وقال شمر : الأُرّم : الحَصَى.
قال أبو عمرو الشّيباني الآرام : الأَعلام.
واحدها : إرَم ؛ وقال عَبِيد بن الأَبْرص يصف عُقاباً :
باتَتْ على إرَمٍ عَذُوباً |
كأَنّها شَيْخةٌ رَقُوبُ |
وقال أبو الهيثم : قال أعرابي لمؤذِّن كان بالرّيّ رقى منارةً ليؤذّن فيها : أتَرْقى كُلَّ يوم هذا الإرَم؟
قال الفراء : في قول الله عزوجل : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧)) [الفجر : ٧] : لم يُجْرِها القُرَّاء لأنّها اسمُ بَلْدة.
وذكر الكلبيّ بإسناده أنّ إرَم : سام بن نوح ، فإن كان اسماً لرجل فإنما تُرك إجراؤه لأنَّه أعْجمي.
وإرم تابعة ل «عاد».
وقال أبو الهيثم : في قوله (إِرَمَ ذاتِ) : أي رجال عاد الذين قالوا : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥].
أبو عبيد ، عن الأصمعيّ : ما بالدار عَرِيب.
وقال أبو زيد : ما بها أَرِمٌ وأَرِيم.
وقال الأصمعي : ما بها أَرِمٌ ، على فَعِل.
أبو عُبيد ، عن الفَرّاء : يُقال : ما بها آرِم ، مثل ، عارم ، وما بها أرَمِيّ ؛ يريد : ما بها عَلَم ؛ وما بها أَرِم ، مثال عَرِم.
وقال أبو الهيثم : ما بها أيرميّ ، مثله.
قال أبو منصور : وسمعتُ أعرابيّاً يُنشد جاريةً :
لم تَرْعَ يوماً غَنَما |
... في الروايا أَيْرما |
وسمعتهم يقولون : ما بها أيْرَمِيّ ، ولا إرَمِيّ.
ويقولون للعلم فوق القارة : أَيْرميّ.
والإرَم : العَلم ، وجمعه : أُرُوم.
وبناء مَأرُوم ، وقد أَرمه الباني أَرْماً.
وجَمَلٌ مَأْرُوم الخَلْق ، إذا كان مُداخلاً مُدمَّجاً ؛ وأنشد :
تَسمع في عُصْلٍ لها صَوالدا |
مَأْرُومة إلى شباً حَدائِدَا |
|
* ضَبْرَ بَراطِيلَ إلى جَلَامدا* |
وعِنانٌ مَأْرُوم ، إذا فُتل فَتْلاً مَجْدُولاً.
وقال النضر : أُروم الرأس : حُروفه.
وقيل : هي شُؤون رأس الجمل.
وقال أبو يوسف : الحَصَد من الأَوْتَار : المُتقارب الأرْم.
والزِّمام يُؤارَم ، على يُفاعل ، أي يُداخل فَتْله.
وغيضة حَصِيدة : مُلْتفة النَّبت.
أبو عُبيد ، عن الكسائي : ما أَدري أي الأُرُوم هو؟ وما أَدري أيّ الطِّين هو؟
معناه : ما أَدْري أيّ الناس هو؟
ورم : قال اللّيث : الوَرم ، معروف.
وقد وَرِمَ يَرِمُ وَرَماً ، فهو وارِم.
ويَرَمْرَمُ (١) ، وتِعَارُ : جَبَلان في بلاد قيس ، مُتقابلان.
والمَرْيم (٢) ، من النِّساء ، التي تُحب مُحادثة الرِّجال ومحاورتهم ، ومنه قول رُؤْبة :
* قلت لزير لم تَصِلْه مَرْيَمُهْ *
وبطن الرُّمة (٣) : وادٍ مَعروف بعالية نَجد.
وفي حديث أبي بكر : ولّيت أُمورَكم خَيركم في نفسي فكلّكم وَرِم أَنْفُه على أن يكون الأمرُ له دونه.
يقول : امتلأ من ذلك غضباً. وخص الأنف بالذكر من سائر الأعضاء لأنه
__________________
(١) أورده ابن منظور في (رحم) ، (إبياري).
(٢) مكانه (ريم) كما في «القاموس» ، (إبياري).
(٣) مكانه (رم) ، (إبياري).
موضع الأنفة والكِبر ، كما يقال : شمخ بأنفه ؛ وقال :
* ولا يُهاج إذا ما أَنْفُه وَرِمَا*
أي لا يُكَلَّم عند الغَضب.
وقال عامر بن سَدوس الخناعيّ :
وحَيّ حِلَالٍ أُولي بَهْجة |
شَهِدْت وشَعْبهمُ مُغْرمُ |
|
بشَهباء تَغْلِب مَن ذادها |
لدى مَتْنِ وازعها الأَوْرَم |
الأَورم : الكثير من الناس : ووازعها : كثرتُها ؛ يَزَع بعضُهم بعضاً.
باب اللفيف من حرف الراء
ورى ، أور ، روى ، [رأي ، رأرأ ، راء ، أرر ، أير ، يرر ، رير ، ورر].
ورى : رُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لأَن يَمْتلىء جَوْفُ أَحدكم قَيْحاً حتى يَرِيَه خَيْرٌ له من أن يَمتلىء شِعْراً».
قال أبو عُبيد : قال الأصمعي : قوله حتى يَرِيه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي.
يقال منه : رَجُلٌ مَوْرِيٌ ، غير مَهْموز ، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه ؛ وأَنْشد :
* قالت له وَرْياً إذا تَنَحْنَحا*
تَدعو عليه بالوَرْى.
وأنشد الأصمعي للعجّاج يصف الجِراحات :
* عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ*
يقول : إنْ سَبَرها إنسانٌ أصابه منها الوَرْيُ من شِدّتها.
قال : وقال أبو عُبيدة في الوَرْي مِثْله ، إلا أنه قال : هو أن يأكُل القَيْحُ جَوْفَه.
قال : وقال عَبد بني الحَسْحاس يَذكر النِّساء :
وراهُنّ رَبِّي مثل ما قَدْ وَرَيْنَنِي |
وأَحْمَى على أكبادهنّ المَكَاويَا |
وقال ابن جَبلة : وسمعتُ ابن الأعرابي يقول في قوله «تُورِّي من سَبر» قال : مَعنى تُوَرِّي : تَدْفَع ؛ يقول : لا يرى فيه علاجاً مِن هولها فيمنعه ذلك من دوائها ؛ ومنه قولُ الفرزدق :
فلو كُنْتَ صُلْب العُودِ أو ذا حَفِيظَةٍ |
لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ واللَّيْلُ مُظْلِمُ |
يقول : نَصَرته ودَفعت عنه.
قال الفَرّاء : الوَرَى : الخَلْق ، تكتب بالياء.
قال : والوَرَى : داءٌ يُصيب الرَّجُل والبعير في أجوافِهما ، مقصور ، يُكتب بالياء.
يُقال : به الوَرَى ، وحُمَّى خَيْبَرى ، وشَرٌّ ما يَرى ، فإِنّه خَيْسَرى.
وقال الأصمعيّ ، وأبو عمرو : لا يُعرف الوَرَى من الداء ، بفتح الراء ، إنما هو الوَرْي بإسكان الراء ، فصُرِف إلى الوَرَى.
وقال أبو العبّاس : الوَرْي ، المصدر ، والوَرَى ، بفتح الراء ، الاسم.
وفي الحديث إنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا أراد سَفَراً وَرَّى بغَيْره.
قال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : التَّوْرية : السَّتْر.
يُقال منه : وَرَّيت الْخَبر أُوَرِّيه تَوْرِية ، إذا سَتَرْتَه وأَظهرتَ غيره.
قال أبو عُبيد : ولا أراه مأخوذاً إلا من : وراء الإنسان ، لأنه إذا قال : ورَّيته ، فكأنه إنّما جعله وَراءه حيث لا يَظهر.
قال : وحدّثنا ابن عُلية ، عن داوود ، عن الشَّعبي في قوله تعالى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [هود : ٧١] قال : الوراء : وَلَدَ الوَلد.
وقال أبو حاتم : وراء ، يكون بمعنى : خَلْف ، وقُدّام.
وقاله أبو عُبيد.
قال الله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩].
قال ابن عبّاس : كان أمامهم مَلِك ؛ قال لَبِيد :
أليس ورائي إنْ تَراخت مَنِيَّتي |
لُزُومُ العَصا تُئْنَى عليها الأصابِعُ |
وقال الزّجاج في قول الله تعالى : (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم : ١٧] أي : من بعد ذلك.
وقال في قول النابغة :
* وليس وراء الله للمرء مَذْهب*
أي ليس بعد الله للمرء مَذْهب ، يعني في تأكيده التَّنَصُّل مما قُرِف به فيذهب إليه.
وأخبرني المُنذريّ ، عن الحَرّاني ، عن ابن السِّكيت ، قال : الوَراء : الخَلف.
قال : ووراء ، وأمام ، وقُدام ، يُؤنَّثن ويُذَكَّرن.
ويُصغّر أمام فيُقال : أُميِّم ذلك ، وأُميِّمة ذلك.
وهو وُرَيِّىء الحائط ، ووُريِّئَة الحائط.
وقال أبو الهيثم : الوراء ، ممدود : الخَلْف ، ويكون : الأمام.
وقال الفراء : لا يجوز أن يُقال للرجل : وراءك ؛ وهو بين يديك ، ولا لرَجُل هو بين يَديك : هو وراءك ، إنما يجوز ذلك في المواقيت والأيّام والليالي والدَّهر.
تقول : وراءك بَرْد شديد ، وبين يَديك برد شديد ، لأنك أنتَ وراءه ، فجاز لأنه شيء يأتي ، فكأنه إذا لَحِقك صار من ورائك ، وكأنك إذا بلغته كان بين يديك ، فلذلك جاز الوجهان ، من ذلك قول الله تعالى :(وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) [الكهف : ٧٩] أي : أمامهم. وهو كقوله تعالى : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) [إبراهيم : ١٦] أي : إنها بين يَديه.
أبو العباس ، عن ابن الأعرابي في قول الله تعالى : (بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُ) [البقرة : ٩١] أي : بما سواه.
قال : والوراء : الخَلْف ، والوَرَاء : القُدَّام ، والوراء : ابن الابن.
قال : وقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) [المؤمنون : ٧] أي : سِوى ذلك.
والوَرَى ، مقصور : الخَلْق ؛ يقال : ما أدري أيّ الوَرَى هو؟
وقال الليث : الرِّية ، محذوفة من وَرَى.
والواريةُ : داء يأخذ في الرّئة ، يأخذ منه السُّعال فيقتل صاحِبَه.
يُقال : وُرِي الرَّجل ، فهو مَوْرُوٌّ.
وبعضهم يقول : مَوْرِيٌ.
قال : والثَّوْر يَرِي الكَلْب ، إذا طَعَنه في رئته.
قال : والرِّئة ، يُهمز ولا يُهمز ، وهي موضع الرّيح والنَّفَس ، وجمعها : رئات ؛ ويُجْمع : رِئين.
وتصغيرها : رؤيّة.
ويقال : رُوَيّة ؛ وقال الكُميت :
* يُنازِعْن العَجاهِنَة الرِّئينا*
وقال ابن بُزُرْجَ : يقال : وَرَيْته من الرِّئة فهو مَوْرِيّ ، ووَتَنْته ، فهو مَوْتُون ، وشَوَيْته ، فهو مَشْوِيّ ، إذا أصبت رئته وشَواتَه ووتِينَه.
وقال ابن السِّكيت : يُقال من الرِّئة : رأيته ، فهو مَرْئيّ ، إذا أصبته في رئته.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : إذا أَخرج الزَّنْدُ النار ، قيل : وَرِي الزَّنْد يَرِي ، وأنا أوريته إيراء.
وقال أبو الهيثم : الرِّية ، من قولك : وَرت النار تَرِي ورْياً ورِيَةً ، مثل : وعت تَعِي وَعْياً وعِيَةً ، ووريْته أَرِيه وَرْياً ورِيةً.
قال : وأَوريت النار أُوريها إيراء ، فَوَرت تَرِي ، ووَرِيت تَرِي.
ويقال : وَرِيت تَوْرَى ؛ وقال الطرمّاح يصف أرضاً جدبة لا نَبات فيها :
كظَهر اللأَى لو تَبْتغي رِيةً بها |
لَعَيَّتْ وشَقَّت في بُطون الشَّواجِنِ |
أي هذه الصحراء كظَهر بقرة وحشيّة ليس فيها أَكمة ولا وَهْدة.
وقال ابن بُزْرج : الرِّية : ما تُثقب به النار.
قلت : جعلها ثقوباً من خَثًى ، أو رَوْث ، أو ضَرَمَة ، أو حَشيشة يابسة.
أبو عُبيدة ، عن أبي زيد : أَرّيت النار تَأْرية ، ونَمَّيتها تَنميةً ، وذكّيتها تَذْكية ، إذا رَفَعْتها.
واسم الشيء الذي تُلقيه عليها من بَعر أو حَطَب : الذُّكْيَة.
قلت : أحسَب أبا زَيد جعل : أرّيت النار من وريتها فَقلب الواو همزة ، كما قالوا : أكدت اليمين ، ووكّدتها ، وأَرَّثت النار ، ووَرَّثتها.
أخبرني المُنذري ، عن الحرّاني ، عن أبن السِّكيت ، قال : يقال : إنّه لوارِي الزِّناد ، ووَارِي الزَّند ، ووريُ الزَّند ، إذا رام أمراً أَنْجح فيه وأَدرك ما طلب.
قال : ويُقال : وَرِي الزَّند يَرِي ، ووَرِي