النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

 ـ أن تكون (قليلا) مستثنى منصوبا من (الليل) ، و (نصف) بدل من قليل ، أو من الليل.

 ـ أن تكون (نصف) بدلا من الليل بدل جزء من كل ، و (قليلا) مستثنى من النصف ، لكن يعترض على ذلك بأن تأخر المستثنى عن المستثنى منه هو الأصل.

 ـ أن يكون (نصفه) بدلا من (قليلا).

 ـ وأرى أن الآيات أعطت حكما عاما فى قوله تعالى : (قم الليل إلا قليلا) ، ثم فصلت هذا القليل فيما ذكر بعدها ، فكأن يكون نصف الليل ، أو تنقص منه قليلا ، أو تزيد عليه قليلا ، وهذا يتلاءم مع المقدرة البشرية ، و (قليلا) مستثنى من الليل ، وهو استثناء موجب تام متصل غير مفرغ ، فما بعد (إلا) منصوب على الاستثناء. ثم يعرب نصفه بدلا من (قليلا) أو عطف بيان له ، أو مفعولا به لفعل محذوف تقديره : أعنى ، أقصد ، قم.

قوله تعالى : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [النمل : ٨٧]. المستثنى الاسم الموصول (من) مبنى فى محل نصب ؛ لأن الاستثناء موجب تام متصل.

ومثله قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ). [الزمر : ٦٨](١).

__________________

(١) (نفخ) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. (فى الصور) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نائب فاعل. (ففزع) الفاء حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. فزع : فعل ماض مبنى على الفتح. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، فاعل. (فى السموات) جار ومجرور ، وشبه الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، أو متعلقة بمحذوف صلة. (ومن) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. من اسم موصول مبنى على السكون فى محل رفع. بالعطف على من الأولى. (فى الأرض) فى حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. الأرض : اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. أو متعلقة بصلة محذوفة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (من) اسم موصول مبنى فى محل نصب على الاستثناء. (شاء) فعل ماض مبنى على الفتح. (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

١٨١

 ـ قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) [النساء : ٨٩ ، ٩٠].

استثناء (الذين) من الفاعل (واو الجماعة) فى (خذوهم ، اقتلوهم) استثناء متصل ، حيث إن المستثنين ليسوا من المسلمين ، فيدخلون ضمن من تنطبق عليه واو الجماعة ، ولذلك استثنوا ، فيكون (الذين) اسما موصولا مبنيّا فى محلّ نصب على الاستثناء.

 ـ قوله تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) [النمل : ٥٧]. ما بعد (إلا) امرأته مستثناة من (أهله) ، فيكون الاستثناء متصلا مثبتا موجبا ، ويجب نصب المستثنى (امرأة).

قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ). [القصص : ٨٨].

 ـ فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). [المائدة : ١]. (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) استثناء متصل مثبت موجب ، فوجب أن يكون الاسم الموصول (ما) فى محلّ نصب على الاستثناء ، وللغويين آراء أخرى عديدة فى محل (ما) من الإعراب (١).

أما (غير) فإنه استثناء بعد استثناء ، والجمهور على أنها حال من الضمير فى (لكم). لكن فيها آراء أخرى (٢).

ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

[سبأ ٢٠]. حيث الاستثناء موجب تام متصل ، فنصب المستثنى (فريقا) ، وهو مستثنى من واو الجماعة الفاعل فى (اتبعوه).

ومثال الاستثناء المنقطع الموجب : أن تقول : جاء أولادك إلا أولاد أخيك ، حيث نصب (أولاد) الثانية على الاستثناء ، لأن الكلام تامّ لوجود المستثنى منه (أولاد)

__________________

(١) إما نعت لبهيمة ، أو بدل منها ، أو عطف نسق عليها على أن (إلا) حرف عطف ، أو أن الاستثناء منقطع.

(٢) حال من فاعل (أوفوا) ، أو حال من الضمير فى (عليكم) ، أو حال من الفاعل المحذوف الذى حل محله نائب الفاعل (بهيمة) ، أو منصوب على الاستثناء المكرر. ينظر : الدر المصون : ٢ ـ ٤٧٨.

١٨٢

الأولى ، أى : الاستثناء غير مفرغ ، موجب لعدم وجود نفى ، وما بعد (إلا) لا يدخل فيما قبلها معنى ، فهو منقطع.

 ـ كما ينصب ما بعد (إلا) مطلقا إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه ، ومنه القول :

ينقص إلا العلم كلّ شىء بالإنفاق. فقد تقدم المستثنى (العلم) على المستثنى منه (كلّ) ، فوجب نصب المستثنى ، والكلام تام مثبت متصل ، وهو غير مفرغ ، ومنه أن تقول : حضر إلا محمدا وعليا كلّ الطلاب ، قرأت إلا الموضوع الرابع جميع الموضوعات.

ثانيا : إذا كان الكلام تاما منفيا متصلا ، وقد تقدم المستثنى منه على المستثنى :

فإن ما بعد (إلا) يجوز فيه وجهان :

أولهما : الإتباع على البدلية ، أى : يكون المستثنى بدلا من المستثنى منه بدل بعض من كلّ ، وذلك على رأى البصريين ، أما الكوفيون فإنهم يرونه عطف نسق ، حيث إنهم يعدون (إلا) حرف عطف بمثابة (لا) النافية ، فما بعدها مخالف لما قبلها ، مثلما تؤديه (لا) من معنى ، وهو رأى راجح.

ثانيهما : النصب على الاستثناء ، وهو رأى مرجوح. مثال ذلك ، قوله تعالى :

(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ.)

[النساء : ٦٦](١) ، ففى قوله تعالى : (ما فعلوه إلا قليل منهم) قرئ (قليل) بالرفع

__________________

(١) (لو) حرف شرط غير جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب يفيد الامتناع للامتناع. (أنا) أن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم (أن). (كتبنا) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر (أن) ، والمصدر المؤول فى محل رفع ، فاعل لفعل محذوف تقديره : ثبت ... أو غيره ، وقد يعرب مبتدأ فى محل رفع خبره محذوف. (عليهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالكتابة. (أن) إما مفسرة حرف لا محل له من الإعراب ، وإما مصدرية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (اقتلوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ،

١٨٣

والنصب ، والرفع على أنه بدل من واو الجماعة فى (فعلوه) ، ومحلها الرفع ، وهو بدل جزء من كلّ ، أما النصب فهو على الاستثناء ، ذلك لأن الكلام تامّ بوجود المستثنى منه (واو الجماعة) فهو غير مفرغ ؛ منفىّ بوجود أداة النفى (ما) ، وقد تقدم المستثنى منه على المستثنى.

فى قول جران العود :

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

(اليعافير) مرفوعة لأنها بدل من اسم (ليس) ، وهو (أنيس) ، فجعل الشاعر (اليعافير) أنيس ذلك المكان ، فدخلت تحت قوله (أنيس) ، فصح إبدالها منها.

 ـ وقد يكون معنى النفى متضمّنا من لفظ الاستفهام ، ففى قوله تعالى :(وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر : ٥٦] ، رفع (الضالون) على الإبدال من الفاعل الضمير المستتر فى (يقنط) ، والنصب على الاستثناء عربى جيد.

ذلك لأن الاستفهام (من يقنط) يفهم منه معنى النفى ، والتقدير : (ولا يقنط أحد من رحمة ...) ، فهو استفهام بلاغى يخرج إلى معنى النفى.

أما القول : ما أحد يقول ذلك إلا زيد ، والقول : ما فيهم أحد يقول ذلك إلا زيد ، فإنه يجوز فيهما أن يرفع (زيد) على البدلية من الضمير فى (يقول).

وكذلك إذا قلت : ما ظننت أحدا يقول ذلك إلا محمد ، والقول : ما كان أحد يقول ذلك إلا محمد ، يجوز فى المستثنى (محمد) أن يرفع على البدلية من الضمير فى (يقول).

 ـ فى قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] الاستثناء تام منفى متصل غير مفرغ ، وهو منفى لأن الاستفهام يتضمن معناه ، وهو استفهام بمعنى الإنكار ؛ لذا فإن الموقع الإعرابىّ لـ (من) فيه وجهان :

__________________

وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل نصب على المفعولية لكتب ، أو المصدر المؤول (أن اقتلوا) فى محل نصب ، مفعول به لكتب. (أنفسكم) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بالإضافة (أو) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (اخرجوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، ـ وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية معطوفة على (اقتلوا). (من دياركم) جار ومجرور ومضاف إلى المجرور مبنى ، وشبه الجملة متعلقة بالخروج. (ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (فعلوه) فعل الشرط ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، وهو عائد على المكتوب ، أو القتل ، أو الخروج.

١٨٤

أولهما : أنها فى محل رفع على البدلية من الفاعل الضمير المستتر فى (يرغب) ، وأذكر بأن الكوفيين يجعلون ذلك من قبيل عطف النسق.

والآخر : أنها فى محلّ نصب على الاستثناء.

أما الجملة الفعلية التى تليها فإن فيها وجهين :

أ ـ أن تكون (من) اسما موصولا فتكون جملة (سفه) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

ب ـ أن تكون (من) نكرة موصوفة ، فتكون جملة (سفه) فى محل رفع ، صفة لها إذا احتسبنا (من) فى محل رفع على البدلية ، وتكون جملة (سفه) فى محل نصب ، صفة لمن إذا احتسبناها مستثنى.

 ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) [النور : ٦]. فى رفع المستثنى (أنفسهم) وجهان ، حيث إن الاستثناء تام منفى متصل غير مفرغ :

أولهما : أنه بدل من اسم (كان) المؤخر (شهداء).

والآخر : أن يكون نعتا لشهداء ، على أن (إلا) بمعنى (غير) ، فلما كانت حرفا انتقلت العلامة الإعرابية ، وهى علامة الرفع ، إلى أنفس. ويجوز فى المستثنى ـ هنا ـ النصب على الاستثناء.

 ـ كما ينصب ما بعد (إلا) مطلقا إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه ، ومنه قول كعب بن مالك :

الناس ألب علينا فيك ليس لنا

إلّا الرماح وأطراف القنا وزر (١)

__________________

(١) (الناس) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ألب) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (علينا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بألب. (فيك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بألب. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (لنا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ليس مقدم. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الرماح) مستثنى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الواو) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أطراف) ـ معطوف على الرماح منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (القنا) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، منع من ظهورها التعذر. (وزر) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

١٨٥

حيث تقدم المستثنى (الرماح) على المستثنى منه (وزر) ، فوجب نصب المستثنى ، وتلحظ أن الكلام تامّ منفىّ متصل ، فهو غير مفرغ. وقول الكميت بن أزد الأسدى :

فما لى إلا آل أحمد شيعة

وما لى إلا مذهب الحقّ مذهب (١)

فقد تقدم المستثنى (آل) على المستثنى منه (شيعة) ، فوجب نصب المستثنى ، وتلحظ أن الكلام تام منفى متصل ، فهو غير مفرغ ، ومثله فى الشطر الثانى ، تقدم المستثنى (مذهب الحق) على المستثنى منه (مذهب) فوجب نصبه.

ومنه قوله :

وما لى إلا الله لا ربّ غيره

وما لى إلا الله غيرك ناصر (٢)

كل من (لفظ الجلالة الله ، وغيرك) مستثنى مقدم على المستثنى منه (ناصر) ، فوجب النصب فى الاثنين للتقدم ، ولو أنهما قد تأخرا عن المستثنى منه لوجب النصب فى أحدهما ، ورجح البدل فى الآخر بالرفع ، وجاز فيه النصب كذلك ، وتقدير الكلام : وما لى ناصر إلا الله غيرك.

فى قوله تعالى : (قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) [البقرة : ٢٤٩]. (من اغترف) اسم

__________________

(١) ينظر : المقتضب ٢ ـ ٩٠ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٧٧ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٧٩ / شرح الجمل لابن عصفور ٢ ـ ٢٦٥ / تذكرة النحاة ٧٣٥ / شرح الشذور ٢٦٢ / الأشمونى ٢ ـ ١٥١ / الخزانة ٤ ـ ٣١٤. (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب ، عامل عمل ليس. (لى) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ما مقدم. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (آل) مستثنى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أحمد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (شيعة) اسم ما مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) (الله) الأولى : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره المقدم شبه الجملة (لى) فى محل رفع.(لا) نافية للجنس حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (رب) اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. (غيره) خبر لا النافية للجنس مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (ناصر) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وخبره المقدم شبه الجملة (لى) فى محل رفع.

١٨٦

موصول مبنى مستثنى بـ (إلّا) من فاعل (شرب) ـ على الأرجح ـ والاستثناء تامّ منفىّ متصل غير مفرّغ ، فجاز فيه الإتباع على الإبدال ، والنصب على الاستثناء.

 ـ فى قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] الاستثناء تام منفى متصل غير مفرغ ، فالمستثنى (المودة) تنصب على البدلية من المفعول به الثانى المنصوب (أجرا) ، أو ينصب على الاستثناء (١).

 ـ أما ما يستشهد به بعض النحاة من قول الشاعر المجهول :

تنوط التميم وتأبى الغبو

ق من سنة النّوم إلّا نهارا (٢)

على أن (تأبى الغبوق إلا نهارا) تقديره : لا تغتذى الدهر إلا نهارا ، فحذف العامل (لا تغتذى) ، وترك المستثنى منه وهو (الدهر) ، فحذف لذلك عامل المتروك. ومنهم من يرى أن التقدير : وتأبى الغبوق والصبوح إلا نهارا ، فحذف المعطوف ، وأبقى المعطوف عليه.

وأرى أن (تأبى) فيه معنى النفى ، والغبوق ملائم للنوم ، أما النهار فهو خارج عن الغبوق والنوم ، فاستحق أن يكون استثناء منقطعا على حد الآية الكريمة : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦] ، على معناها الظاهر.

تنبيه :

إذا حذف المستثنى منه ولم يفرغ العامل لما بعد إلا فإنه يجب أن يقدر وجوده ، ويعرب المستثنى على ذلك ، لكنه يلزم النصب. ففى القول : ما قام زيد إلا عمرا ، يكون التقدير : ما قام زيد ولا غيره إلا عمرا ، فاستثنى (عمرو) من (غيره) المحذوف ، ويكون (غيره) المستثنى منه ، فنصب عمرو لذلك ، فإذا ترك المستثنى منه ولم يفرغ العامل لما بعد (إلا) وجب نصب المستثنى.

__________________

(١) قيل : إنه استثناء منقطع إذ ليست المودة من جنس الأجر ، وعليه فإن المودة تنصب على الاستثناء.

(٢) تنوط : تعلق ، التميم : ما يعلقه الإنسان من عوذة ، وقد تكون خرزة ، الغبوق : الشرب عشيا ، يصف الشاعر امرأة بالتنعم حيث تأبى أن تغتبق حتى لا يعوقها عن الاضطجاع للراحة.

١٨٧

إبدال المستثنى على الموضع :

إذا كان المستثنى منه مجرورا بـ (من) أو الباء الزائدتين ، أو كان اسم (لا) النافية للجنس ، وكان الكلام تاما منفيا غير مفرّغ فإن للنحاة فى إبدال المستثنى من المستثنى منه رأيين :

أولهما : وهو الشائع ، ما يذهب إليه جمهور النحاة من وجوب الإبدال على المحلّ أو الموضع دون اللفظ. وتعليلهم لذلك أن البدل فى نية تكرير العامل ، وتكرير (لا) النافية للجنس أو الباء الزائدة أو (من) الزائدة يفسد المعنى ، أو لا يصح فى مثل هذه التراكيب.

أما الآخر : فهو ما يذهب إليه الأخفش والكوفيون من الإبدال على المحلّ أو الموضع أو اللفظ أيهما سواء.

ومن إبدال المستثنى من المستثنى منه في الكلام التامّ المنفىّ غير المفرغ على الموضع أو المحل أن تقول : ما فيها من أحد إلا إبراهيم ، برفع (إبراهيم) ونصبه ، فالرفع على البدلية من موضع أو محل (أحد) ، حيث إنه مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد ، فهو بدل على المحل أو على الموضع. أما النصب فعلى الاستثناء. ولا يجوز الإبدال من لفظ (أحد) بمفرده ؛ لأن الإبدال فى نية تكرير العامل ، فكأنك قدرت توكيد (إبراهيم) العلم الموجب بـ (من) ، و (من) هذه لا يؤكد بها إلا المنفى من النكرات ، فالإبدال على المحلّ فى مثل هذا يكون واجبا ؛ إلا إذا قصدت بأن كلّ من هو موجود مسمّى بإبراهيم.

 ـ القول : ما جاءنى من أحد إلا زيد ، يحمل (زيد) على البدل من الموضع أو المحل لا من اللفظ ، حيث لا يصح تقدير (من) بعد (إلا) ، حيث لا تزاد إلا فى سياق النفى ، ولذلك فإنه يجوز فى (زيد) النصب على الاستثناء ، والرفع على البدل من موضع (أحد).

 ـ أما فى القول : ما رأيت من أحد إلا زيدا. فإنك تنصب زيدا على وجهين :

على الاستثناء ، أو على البدلية من موضع أحد ، وهو النصب على المفعولية. ولا يصح الحمل على اللفظ.

١٨٨

 ـ فإذا قلت : لا أحد فيها إلا عمرو ، فإن فى (عمرو) وجهين : النصب على الاستثناء ، والرفع على البدلية من موضع (لا) مع اسمها ، ولا يجوز البدل على لفظ اسم (لا) ؛ لأن البدل فى نية تكرير العامل ، وهذا يستوجب تقدير (لا) بعد (إلا) ، وهو غير مستقيم ، كما أن (لا) لا تنصب معرفة ، والمبرر الأخير غير معتدّ به.

 ـ القول : ما أنت بشىء إلا شىء لا يعبأ به. يرفع (شىء) على البدلية من موضع (شىء) الأولى عند بنى تميم ، حيث لا يعملون (ما) ، فيكون موضع (بشىء) أنه رفع على الخبرية للمبتدإ (أنت). وينصب (شىء) على البدلية من موضع (شىء) عند الحجازيين ، حيث يعملون (ما).

 ـ أما القول : ليس زيد بشىء إلا شيئا لا يعبأ به ، فإن (شيئا) الثانية تنصب على البدلية من موضع (بشىء) وهو النصب ، حيث إنها خبر (ليس). من ذلك قول طرفة :

أبنى لبينى لستم بيد

لّا يدا ليست لها عضد

حيث نصبت (يدا) على البدلية من موضع خبر (ليس) وهو (بيد).

 ـ القول : لا أحد فيها إلا عمرو. يرفع (عمرو) على البدلية من موضع (لا) مع اسمها ، وهو الرفع ؛ لأن موضعهما معا الابتدائية.

ومنه أن تقول : لا إله إلا الله ، برفع لفظ الجلالة على البدلية من (لا إله) ، وموضع (لا) النافية للجنس مع اسمها هو الرفع ، وهو بدل بعض من كلّ (١).

__________________

(١) فيه أوجه إعرابية أخرى ، هى :

 ـ أن يكون (إلا) بمعنى (غير) وإلا مع لفظ الجلالة صفة لإله ، والتقدير : لا إله غير الله فى الوجود.

 ـ أن يكون لفظ الجلالة خبر لا النافية للجنس.

 ـ أن يكون (لا إله) فى موضع الخبر المقدم و (إلا الله) فى موضع المبتدإ المؤخر ، والتقدير : الله إله.

 ـ أن يكون نائب فاعل سادا مسدّ الخبر ، فيكون (إله) بمعنى مألوه ، فهو اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبنى للمجهول.

 ـ أن تكون لفظ الجلالة بدلا من اسم (لا) على المحل ، ومحله الرفع ؛ إذ هو بمثابة المبتدإ.

 ـ أن يكون بدلا من الضمير المستكن فى خبر (لا) المحذوف ، وتقديره : موجود ، أو : فى الوجود ، أو : لنا.

١٨٩

ثالثا : إذا كان الكلام ناقصا منفيا :

أى : لا يوجد المستثنى منه ، ويوجد به أداة نفى ، أو ما فيه معنى النفى ، فيكون ـ حينئذ ـ مفرغا ، حيث يحتاج ما قبل (إلّا) إلى ما بعدها من مرفوع أو منصوب أو مجرور ، فيعرب ما بعد (إلا) حسب موقعه فى الكلام. أى : إن الاسم فى الاستثناء المفرغ يكون على حسب ما يقتضيه العامل قبل (إلا) من مرفوع أو منصوب أو مجرور.

ويفرغ العامل لما بعد (إلا) بعد نفى صريح أو مؤول ، أى : نفى بلاغى ، أو نهى ، ولا يأتى فى كلام موجب ، نحو :

ما أجاب إلا طالبان. (طالبان فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى).

فالاستثناء مفرغ ، لا يوجد المستثنى منه ، وبه أداة نفى ، فتفرغ ما قبل (إلا) وهو الفعل (أجاب) لما بعدها من مرفوع له ، وهو المستثنى (طالبان) ، فرفع على الفاعلية.

ما فهمنا إلا درسين. (درسين مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى).

ما يقدّر إلا المحترمون. (المحترمون نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم).

ما أعجبنا إلا بمشهدين اثنين. (مشهدين) اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الياء لأنه مثنى).

ومنه قوله تعالى : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر : ٥٠]. حيث (واحدة) خبر المبتدإ (أمر) مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وذلك لأن الاستثناء ناقص منفىّ ، فهو مفرغ.

وقوله تعالى : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [الأنعام : ٤٨ ، والكهف : ٥٦]. فتعرب (مبشرين) حالا منصوبة.

١٩٠

وفى قوله تعالى : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الجاثية : ٢٥]. يكون المصدر المؤول المستثنى (أن قالوا) فى محل رفع ، اسم (كان) مؤخر ، وخبرها المقدم (حجة).

وقول ذى الرمة :

كأنّها جمل دهم وما بقيت

إلا النّحيزة والألواح والعصب (١)

وفيه يكون ما بعد (إلا) فاعلا مرفوعا لبقى ، لأن الكلام ناقص منفى ، فهو استثناء مفرغ ، والفعل قبل (إلا) يطلب مرفوعا بعد (إلا).

ومثله قوله :

طوى النحز والإجراز ما فى غروضها

فما بقيت إلا الضلوع الجراشع (٢)

حيث يطلب الفعل (بقى) المرفوع (الضلوع) الواقع بعد (إلا) ؛ لأن الكلام ناقص منفى ، فهو استثناء مفرغ.

__________________

(١) شرح ألفية ابن معطى للموصلى ١ ـ ٥٩٨. الدهم : الذكر الضخم من الإبل. النحيزة : الطبيعة.

(كأنها) حرف تشبيه مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، اسم كأن.

(جمل) خبر كأن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (دهم) صفة لجمل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (وما) الواو : للابتداء أو واو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، ما : حرف نفى مبنى. (بقيت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء للتأنيث حرف مبنى لا محل له. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له.

(النحيزة) فاعل بقى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (والألواح والعصب) عاطفان ومعطوفان على النحيزة مرفوعان.

(٢) النحز : مرض تسعل الإبل ، الأجراز : الهزال ، والأرض التى لا تنبت ، الغروض : جمع الغرض ، وهو مكان السرج وما يشد به ، ويروى (يرى النخز ...) وكذلك : الصدور الجراشع.

ينظر : المحتسب ٢ ـ ٢٠٧ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٨٧ / شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٥٩٩.

(طوى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. (النحز) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (والإجراز) حرف عطف ، ومعطوف على النحز مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ما) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (فى غروضها) جار ومجرور ومضاف إليه وشبه الجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب ، أو متعلقة بمحذوف صلة. (الفاء) تعقيبية لا محل لها من الإعراب. (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (بقيت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء : للتأنيث حرف مبنى لا محل له. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الضلوع) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (الجراشع) صفة للضلوع مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة.

١٩١

ومن هذا القبيل قوله تعالى : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) [العنكبوت : ٢٩]. فـ (جواب) خبر كان مقدم منصوب ، والمصدر المؤول المذكور بعد (إلا) فى محل رفع ، اسم (كان) مؤخر.

 ـ وقوله تعالى : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) [النمل : ٥٦]. ما بعد (إلا) مصدر مؤول فى محل رفع ، اسم (كان) مؤخر.

 ـ وقوله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [العنكبوت :٤٦]. شبه الجملة (بالتى هى أحسن) المذكورة بعد (إلا) متعلقة بالمجادلة.

 ـ وقوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) [آل عمران : ١٤٧]. المصدر المؤول (أن قالوا) المذكور بعد أداة الاستثناء فى محل رفع اسم (كان) ، وهو مذكور قبل (إلا) ، ذلك لأن الاستثناء ناقص منفى ، وهو مفرغ ، فما قبل (إلا) طالب لما بعدها.

 ـ وقوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال :٣٥]. حيث نصب ما بعد (إلا) وهو (مكاء) على أنه خبر (كان) المذكورة قبل (إلا) ، لأن الاستثناء ناقص منفىّ ، وهو مفرغ.

 ـ وفى قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر : ٤٣]. تعلقت شبه الجملة (بأهله) المذكورة بعد (إلا) بالفعل المضارع المنفى (لا يحيق) ، لأن الاستثناء مفرغ.

 ـ وفى قوله تعالى : (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [المائدة : ١١٠]. (إن) حرف نفى ، فالاستثناء ناقص منفى ، أى : مفرغ ، فتعرب (سحر) خبرا لاسم الإشارة (هذا) ، وهو مبتدأ.

 ـ ومثله قوله تعالى : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأنعام : ٢٥](١).

__________________

(١) (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، فاعل. (كفروا) جملة الصلة ، لا محل لها من الإعراب. ـ (الأولين) مضاف إليه أساطير مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم. جملة (إن هذا إلا أساطير) فى محل نصب ، مقول القول.

١٩٢

 ـ وقوله تعالى : (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [الأنعام : ٢٩](١).

 ـ وقوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [الأنعام : ٣٢](٢).

 ـ أما قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)(٣) [المائدة : ١١٧] ، فإن المستثنى الاسم الموصول (ما) فى محل نصب ، مقول القول ؛ لأن الاستثناء مفرغ.

 ـ وكذلك قوله تعالى : (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) [الأنعام : ٢٦].

(أنفسهم) مفعول به ليهلك منصوب.

__________________

(١) (قالوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (إن) حرف نفى مبنى لا محل له. (هى) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (حياتنا) خبر المبتدإ هى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بالإضافة. (الدنيا) صفة لحياة مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، والجملة الاسمية فى محل نصب ، مقول القول. (وما) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له. ما : حرف نفى مبنى لا محل له. (نحن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ (على مذهب التميميين) ، أو اسم ما على مذهب الحجازيين. (بمبعوثين) الباء : حرف جر زائد لتأكيد النفى مبنى لا محل له من الإعراب. (مبعوثين) خبر المبتدإ مرفوع مقدرا (تميمى) ، أو خبر ما منصوب مقدرا (حجازى) ، والجملة فى محل نصب بالعطف على مقول القول.

(٢) (الحياة) مبتدأ مرفوع خبره (لعب). (وللدار) الواو : استئنافية حرف مبنى لا محل له. اللام : للابتداء والتأكيد حرف مبنى لا محل له. الدار : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (الآخرة) نعت للدار مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (خير) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (للذين) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بخير. (يتقون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

(٣) (أن) حرف مصدرى ، والمصدر المؤول فى محل جر ، بدل من هاء الغائب فى به ، أو عطف بيان له ، أو فى محل نصب على موضع الهاء ، وقد تكون فى محل نصب ، بدل من (ما) ، أو مفعول به لفعل محذوف تقديره : أعنى ، وقد يكون فى موضع رفع ، خبر لمبتدإ محذوف ، وقد تكون (أن) تفسيرية لا محل لها من الإعراب. (ربى) رب : نعت للفظ الجلالة منصوب مقدرا ، أو بدلا منه ، أو بيانا ، ويجوز أن يقطع عنه ، فيعرب خبرا لمبتدإ محذوف ، أو مفعولا به لفعل محذوف.

١٩٣

ولكن ما بعد (إلا) فى قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣](١). وهو المصدر المؤول : (أن قالوا) فى محل نصب ، خبر كان ؛ لأن الاستثناء مفرغ.

 ـ أما قوله تعالى : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ.)

[الأنعام : ٤](٢). ففيه الجملة الفعلية المحولة (كانوا عنها معرضين) فى محل نصب على الحالية من ضمير الغائبين المفعول به فى (تأتيهم) ، ويجوز أن يكون صاحبها (آية) ، وقد تخصصت بالصفة من شبه الجملة (من آيات).

 ـ وفى قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) [الأنعام :

١٧](٣). ضمير الغائب المنفصل (هو) العائد على الله ـ تعالى ـ يعرب على أنه بدل من موضع (لا) مع اسمها (كاشف) ، وموضعهما مجتمعين هو الرفع.

__________________

(١) (الله) لفظ الجلالة مجرور بحرف القسم. (ربنا) بالجر نعت أو بدل أو عطف بيان مجرور. وقرئ بالفتح ويوجه على أنه : منادى ، أو مفعول به لفعل محذوف تقديره : أعنى ، أو أمدح وأعظم. وتكون جملة معترضة بين القسم وجوابه ، وذلك على الفتح. (ما) حرف نفى مبنى. (كنا) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (مشركين) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم ، والجملة فى محل نصب ، مقول القول.

(٢) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (تأتيهم) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب مفعول به. (من) حرف جر زائد يفيد الاستغراق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (آية) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (من) حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (آيات) اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة فى محل جر ، نعت لآية على اللفظ ، أو فى محل رفع على المحل.

(ربهم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة إلى رب. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (كانوا) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (عنها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإعراض. (معرضين) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم ، والجملة فى محل نصب ، حال.

(٣) (إن) حرف شرط مبنى لا محل له من الإعراب. (يمسسك) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(بضر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالمس. (فلا) الفاء : رابطة جواب الشرط بشرطه ، وهو حرف مبنى لا محل له. لا : حرف ناف للجنس مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كاشف) اسم لا النافية ـ للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لا النافية للجنس ، أو متعلقة بخبر لا المحذوف. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (هو) ضمير مبنى فى محل رفع ، بدل من موضع (لا) مع اسمها وهو الرفع ، أو من الضمير المستتر فى خبر (لا).

١٩٤

 ـ ومنه باستخدام النهى قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [النساء : ١٧١] ، فالحق مفعول به للقول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، حيث الكلام ناقص منفى باستخدام النهى ، فهو استثناء مفرغ.

 ـ قوله تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [آل عمران : ١٢٦].

الاستثناء ناقص منفى ، فهو مفرغ ، فما بعد (إلا) يعرب حسب موقعه فى الكلام ، وهو شبه جملة فى محلّ رفع ، خبر المبتدإ (النصر).

 ـ قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) [آل عمران : ١٤٧](١). فيه (بإذن الله) شبه جملة واقعة بعد (إلا) ، وهى فى محلّ نصب على الحالية ، فالاستثناء مفرغ.

 ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ١٠٢](٢). الاستثناء ناقص منفى فهو مفرغ ، ولذلك فإن

__________________

(١) (ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (لنفس) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر (كان) مقدم. (أن تموت) أن : حرف مصدرى ونصب. تموت : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هى ، والمصدر المؤول فى محل رفع ، اسم كان مؤخر. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (بإذن) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب على الحال. (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (كتابا) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره : كتب ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مؤكد للجملة السابقة ، ويجوز أن ينصب على الإغراء. (مؤجلا) صفة لكتاب منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة.

(٢) (يا أيها) يا : حرف نداء مبنى ، لا محل له من الإعراب ، أى : منادى مبنى على الضم فى محل نصب.

(ها) حرف وصلة بين المنادى وصفته ، لا محل له من الإعراب. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نعت لأى. (آمنوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (اتقوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى ، لا محل له من الإعراب. والجملة الفعلية جواب النداء لا محل لها من الإعراب.

١٩٥

الجملة المستثناة (وأنتم مسلمون) فى محلّ نصب ، حال من الفاعل المحذوف (واو الجماعة) فى (تموتن).

 ـ قوله تعالى : (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) [الإسراء : ٦٤ ، والنساء :

١٢٠]. المستثنى (غرورا) فيه أوجه حسب موقعه ؛ لأن الاستثناء مفرغ :

أن يحتسب مفعولا لأجله منصوبا ، والتقدير : لأجل الغرور.

أن يكون منصوبا على النيابة عن المفعول المطلق ، حيث إنه صفة لمفعول مطلق محذوف ، والتقدير : وعدا غرورا ، أى : وعدا ذا غرور.

منصوب على المفعولية ، أى : يعدهم الغرور.

منصوب على الحال ، والتقدير : غارا بهم ، أو مغرّرا بهم ، أو مغرورين به.

وإما أن يكون منصوبا على المصدرية من غير لفظ الفعل ، فوعد الشيطان إنما هو غرور.

 ـ فى قوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق : ١٨]. الجملة الاسمية المذكورة بعد (إلا) (لديه رقيب) فى محل نصب على الحالية للفاعل الضمير المستتر فى (يلفظ).

 ـ وفى قوله تعالى : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) [الذاريات :٤٢]. الجملة الفعلية (جعلته) فى محل نصب ، نعت ثان على المحل لشىء ، والتقدير : تذر شيئا مجعولا ، أو فى محل نصب على الحالية.

__________________

 (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (حق) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (تقاته) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (ولا تموتن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لا : حرف نهى مبنى ، لا محل له من الإعراب. تموتن : فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين (واو الجماعة ونون التوكيد الأولى وهى ساكنة) فى محل رفع فاعل ، والنون للتوكيد حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (وأنتم) الواو : واو الابتداء أو الحال. أنتم : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (مسلمون) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم. والجملة الاسمية فى محل نصب ، حال من فاعل تموتن.

١٩٦

 ـ قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الحجر : ١١].

الاستثناء مفرغ ، تسلط فيه ما قبل (إلا) على ما بعدها ، وجملة (كانوا به يستهزئون) المستثناة بـ (إلا) فيها وجهان :

أولهما : أن تكون فى محلّ نصب ، حال من ضمير الغائبين المفعول به فى (يأتيهم).

والآخر : أن تكون صفة لرسول ، وحينئذ يجوز أن تكون فى محل جر على اللفظ ، وأن تكون فى محل رفع على المحلّ.

 ـ فى قوله تعالى : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) [فصلت : ٤٣].

الاستثناء مفرّغ ، حيث يحتاج ما قبل (إلا) لما بعدها ، فيكون الاسم الموصول (ما) فى محل رفع ، نائب فاعل لـ (يقال).

وأما قوله تعالى : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت : ٣٥] ، ففيه الاستثناء مفرغ ، فيكون الاسم الموصول (الذين) فى محل رفع ، نائب فاعل ، وكذلك (ذو) فى محل رفع ، نائب فاعل.

قوله تعالى : (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) [النساء : ١١٣]. هذا استثناء مفرغ ، فـ (أنفسهم) تعرب مفعولا به منصوبا.

 ـ قوله تعالى : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) [النساء : ١١٨]. الاستثناء فى الموضعين مفرغ ، و (إناثا) ، و (شيطانا) ينصبان على المفعولية.

 ـ قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [الأعراف :١٠٥](١). الاستثناء مفرغ ، فيكون ما بعد (إلا) حسب الموقع الإعرابى فى الجملة ، فينصب (الحق) على المفعولية.

__________________

(١) (حقيق) خبر المبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (على) حرف جر مبنى. (ألا أقول) أن : حرف مصدرى ونصب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. أقول : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا ، والمصدر المؤول فى محل جر بعلى ، وشبه الجملة متعلقة ـ بحقيق. (على الله) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الحق) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

١٩٧

 ـ قوله تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) [التوبة : ٥١]. (ما) اسم موصول مبنى فى محل رفع فاعل (يصيب) ؛ لأن الاستثناء مفرغ.

 ـ وفى قوله تعالى : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) [التوبة : ٥٢].

تعرب (إحدى) مفعولا به منصوبا للتربص ، فالاستثناء مفرغ.

 ـ قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [فاطر : ٢٤](١). الجملة الفعلية المذكورة بعد أداة الاستثناء (إلا) ، وهى (خلا فيها نذير) ، فى محل رفع خبر المبتدإ (أمة) ، حيث (من) زائدة للاستغراق ، والاستثناء مفرغ.

 ـ قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) [النساء : ١٥٩].

الجملة القسمية المستثناة (ليؤمنن) فى محل رفع ، خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير :وما أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به ... فالاستثناء مفرغ. ومنهم من يرى أن الجملة القسمية هى الصفة للمبتدإ المحذوف فى محل رفع ، أما خبره فهو شبه الجملة (من أهل).

مثل ما سبق قوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات : ١٦٤].

وكذلك قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها). [مريم : ٧١].

 ـ فى قوله تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) [المائدة : ٧٣]. المستثنى (إله) مرفوع ، والكلام تامّ منفى غير مفرغ ، فيكون المستثنى بدلا من المستثنى منه ، لكن المستثنى منه مسبوق بـ (من) الزائدة ، فيكون الإتباع على المحل ، وهو الرفع ؛ لأنه

__________________

(١) (إن) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (من) حرف جر زائد للاستغراق مبنى لا محل له من الإعراب. (أمة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل. بحركة حرف الجر الزائد ، وجاز الابتداء بالنكرة فى هذا الموضع لأنها نكرة مسبوقة بنفى. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (خلا) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. (فيها) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بخلا. (نذير) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية في محل رفع ، خبر المبتدإ.

١٩٨

مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ الزائد ، وخبر المبتدإ محذوف تقديره : فى الوجود ، أو : موجود ، ولا يجوز أن يكون الإبدال على اللفظ ، ويجوز أن ينصب (إله) على الاستثناء. ويجوز أن يرفع المستثنى على الخبرية ، والتقدير : ما إله إلا إله واحد ، على أن الاستثناء مفرّغ.

 ـ وفى قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران : ١٤٤](١). يرفع ما بعد (إلا) (رسول) على الخبرية ؛ لأن الاستثناء مفرغ ، فهو ناقص منفى.

 ـ وقد يكون النفى غرضا بلاغيا ، كأن تقول : هل قلت إلا الحقّ؟ ، فالاستفهام لا يراد به حقيقة معناه ، وإنما يراد به النفى ، والتقدير : ما قلت إلا الحقّ ، و (الحق) مفعول به منصوب للقول ، وعلامة نصبه الفتحة.

 ـ ومن ذلك قوله تعالى : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) [لأحقاف : ٣٥].

(القوم) نائب فاعل ليهلك مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ؛ لأن الاستثناء مفرغ.

كما قد يكون النهى غرضا بلاغيا ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) [الأنفال : ١٦](٢). أى : ولا

__________________

(١) جملة : «قد خلت من قبله الرسل» فى محل رفع صفة لـ (رسول).

(٢) (من) اسم شرط جازم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يولهم) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (يومئذ) يوم : ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (إذ) ظرف زمان مبنى فى محل جر بالإضافة ، وتنوينه عوض من الجملة المحذوفة المضافة إليه. (دبره) مفعول به ثان ليولى ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له من الإعراب. (متحرفا) حال من فاعل يولى منصوبة ، وعلامة نصبها فتحة. (لقتال) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالتحرف. (أو) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (متحيزا) معطوف على متحرف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (إلى فئة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالتحيز. (فقد) الفاء حرف رابط جواب الشرط بشرطه مبنى لا محل له من الإعراب. قد : حرف تحقيق مبنى ، لا محل له من الإعراب. (باء) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، وجملة جواب الشرط فى محل جزم. (بغضب) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال.

(من الله) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل جر ، صفة لغضب.

١٩٩

تولّوا الدبر إلا متحرفين لقتال ، أو متحيزين إلى فئة ، فوقع الاستثناء المفرغ مع الشرط الذى خرج إلى معنى النهى.

وكذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) [آل عمران : ١٣٥]. أى :لا يغفرها أحد إلا الله تعالى ، فخرج الاستفهام إلى معنى النفى.

 ـ قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ) [المائدة : ٥٩](١). هذا استثناء مفرّغ ، والاستفهام فيه يخرج إلى معنى النفى ، فهو ناقص منفىّ ، والمصدر المؤول (أن آمنا) المستثنى بإلا يكون فى محلّ نصب مفعول به لـ (تنقم).

 ـ قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) [النساء : ٩٢](٢). فى نصب المستثنى (خطأ) أوجه :أنه استثناء منقطع ، حيث يراد بالنفى معناه ، ولذا وجب نصب (خطأ).

قد يحتسب استثناء مفرغا ، فيكون نصب (خطأ) إما على المفعولية لأجله ، أو على الحالية ، أو على النعت لمصدر محذوف.

__________________

(١) (قل) فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (يا أهل) يا : حرف نداء مبنى لا محل له من الإعراب. أهل : منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الكتاب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وجملة النداء مع جوابها مقول القول فى محل نصب. (هل) حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تنقمون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (منا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بينقم. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (أن آمنا) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب.

آمنا : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به. (بالله) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالإيمان. (وما) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : اسم موصول مبنى فى محل جر بالعطف على لفظ الجلالة. (أنزل) فعل ماض مبنى على الفتح ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (وما) الواو : حرف عطف ، ما : اسم موصول فى محل جر بالعطف على لفظ الجلالة. (أنزل) جملة فعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (من قبل) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. قبل : اسم مبنى على الضم ؛ لأنه مقطوع عن الإضافة لفظا لا معنى فى محل جر ، وشبه الجملة متعلقة بالإنزال.

(٢) المصدر المؤول (أن يقتل) فى محل رفع ، اسم كان مؤخر ، وخبرها شبه الجملة (لمؤمن) فى محل نصب.

٢٠٠