النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

إما أن يكون (ما) ، واللام حرف جر زائد.

وإما أن يكون مضمرا لدلالة الكلام عليه ، ويقدر بالتصديق ، أو الصحة ، أو :إخراجكم وبعثكم.

ومنه قول الشاعر :

هيهات ناس من أناس ديارهم

دماق ودار الآخرين الأوامن (١)

فاعل (هيهات) هو (ناس).

حيّهل (بفتح ففتح مشدد ففتح فسكون ، وبفتح اللام ، وبفتحها مع المد مع التنوين أو بدونه وبسكون الهاء مع فتح اللام أو مدها) : بمعنى : قدّم وعجّل.

وقد جاء معدى بنفسه ، كما جاء معدى بحرف الجر : الباء ، وعلى ، وإلى ، وحينئذ ينوع حرف الجر دلالته.

ومن ذلك أن تقول : حيّهل الثريد ، أى : أحضره وقرّبه. ويكون (الثريد) مفعولا به منصوبا ؛ لأن (حيهل) اسم لفعل معتد ، فتعدى تعديته.

وتقول : حيّهل بمحمود ، أى : ائت به ، أو : حيّهل بالثريد ، أى : عجّل به.

ويكون فى الموضعين اسم فعل لازما.

وتقول : حيّهل على الخير أى : أقبل عليه ، وحيّهل إلى الصلاة ، أى : أقبل إليها. فتكون (حيّهل) بمعنى : ائت أو أقبل أو عجّل ، وهو على الأول متعد ، وعلى الثانى متعد بعلى أو إلى ، وعلى الثالث متعد بالباء أو إلى.

(حيّهل) مركبة من (حىّ) بمعنى : أقبل ، وهل : بمعنى : عجّل ، وجمع بينهما للدلالة على الحثّ والاستعجال مبالغة ؛ لأن كلّا منهما قد يستعمل بمفرده ، ومنه قول المؤذن : حىّ على الصلاة ، حىّ على الفلاح ، وهو دعاء إلى الصلاة ، وإلى الفلاح.

كما قد تستعمل (هلا) ، كما ورد فى قول النابغة الجعدى.

__________________

(١) الدر المصون ٥ ـ ١٨٤. الدماق : الشىء المتحطم.

٣٨١

ألا حيّيا ليلى وقولا لها هلا

فقد ركبت أمرا أغرّ محجّلا (١)

أى : أقبلى ، وتعالى. (هلا) اسم فعل أمر مبنى ، وفاعله ضمير مستتر تقديره :أنت.

هلمّ الحجازية (بفتح فضم فتشديد بالفتح) : بمعنى : أقبل ، فيكون لازما ، أو قرّبه وأحضره ، فيكون متعديا إذا قلت : هلمّ زيدا (٢).

أما (هلمّ) التميمية فهى عندهم فعل (٣) ، ونفصل القول فى ذلك فى نهاية الدراسة.

وهى مركبة ـ عند جمهور النحاة ـ وينقسمون فى ذلك إلى قسمين :

أحدهما : يجعلها مركبة من (ها) للتنبيه ، و (لمّ) ، أى : اجمع ، أمرا ، فحذفت الألف ، وكأن المعنى ؛ اجمع نفسك إلينا ، أى : أقرب ، وهذا ما ذهب إليه البصريون ...

والآخر : ما يذهب إليه الفراء من أنها مركبة من : (هل) للزجر ، و (أمّ) بمعنى اقصد ، فألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها ، وحذفت الهمزة (٤) ...

أفّ (بضم مع تشديد الفاء ، وتكون الفاء مثلثة ، بالتنوين وبعدمه ، وفيها تخفيف الفاء بالسكون ، وقد تمال : (أفى) ، وهو بمعنى أتضجر. والمشهور تشديد الفاء مع الكسر المنون (أفّ) ؛ وفيها لغات كثيرة (٥).

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [الأنبياء ٦٧]. (أف) اسم فعل مضارع ، مبنى لا محل له من الإعراب. فاعله ضمير مستتر ، تقديره (أنا).

فإذا أنث (أف) بالتاء فإنه ينتصب على المصدرية ، يقال فى الدعاء : أفّة تفّة ؛ فيكون مصدرا منصوبا بدلا من فعله ؛ مثل : عقرا ، وتبّا ... ، وقد يرفع ـ حينئذ ـ ويكون مرفوعا على الابتدائية ، ويكون خبره محذوفا ، ومعناه الدعاء.

__________________

(١) ديوانه ١٢٣ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٩ / المفصل ١٥٤ / شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٤٧.

(٢) شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٣٠.

(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤.

(٤) السابق ٢ ـ ٦٤٥.

(٥) ينظر الدر المصون ٤ ـ ٣٨٥.

٣٨٢

آمين (بالمد والقصر) : بمعنى : استجب. فيكون على وزن : فاعيل وفعيل ، وقد ورد باللغتين ، فمن المدّ قول الشاعر :

يا ربّ لا تسلبنى حبّها أبدا

ويرحم الله عبدا قال آمينا (١)

وبالقصر ورد قوله :

تباعد منى فطحل وابن أمّه

أمين فزاد الله ما بيننا بعدا (٢)

(آمين) اسم فعل أمر مبنى على الفتح ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت.

هيت ، (بفتح فسكون ففتح) ، بمعنى : أسرع ، وفيها تثليث التاء ، وهيّا وبكسر الهاء ، وهيت ، وهيك ، وهيّك ... ولغات أخر.

ومنه قول الشاعر :

أبلغ أمير المؤمنين

أخا العراق إذا أتيتا

أنّ العراق وأهله

سلم إليك فهيت هيتا

أى : أسرع ، أسرع ، (هيت) الأولى اسم فعل أمر مبنى ، لا محل من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، و (هيت) الثانية توكيد لفظى للأولى. والألف للإطلاق.

ها ، هاء ، وتلحقها كاف المخاطب ، بمعنى : خذ. فيكونان : هاك ، هاءك.

وتكون الكاف ـ حينئذ ـ حرف خطاب ، لا محلّ له من الإعراب ، وفى كل اسم فعل ضمير مستتر ، بحسب كل مخاطب ، ويكون فاعله.

فإذا قلنا : هاكما الكتاب ، أو : هاءكما الكتاب ، فإن (هاكما) اسم فعل أمر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وفيه ضمير مستتر ، تقديره : أنتما ، فى محل

__________________

(١) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٩٧.

(٢) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٩٧.

٣٨٣

رفع ، فاعل ، و (كما) حرف خطاب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الكتاب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة

وتخلف الكاف الهمزة مصرفة تصريف الكاف بحسب المعنى (١) ، نحو : هاء ، هاء ، هاؤما ، هاؤما ، هاؤن ، هاؤم ، وهى أفصح ، وبها جاء القرآن الكريم فى قوله تعالى ـ (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٢) [الحاقة : ١٩].

ومن العرب من يجعلها فعلا ، فيقول : هاء يا رجل ، هائى يا امرأة ، (ياء المخاطبة فاعل) ، هائيا يا رجلان ، ويا امرأتان ، (ألف الاثنين فاعل) ، هاءوا يا رجال ، (واو الجماعة فاعل) ، هائين (٣) يا نساء (نون النسوة فاعل).

تيد ، تيدخ (بفتح فسكون ففتح ففتح) : بمعنى : أمهل. تقول : تيد محمدا بعض الوقت. فيكون (تيد) اسم فعل أمر مبنيا ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (محمدا) مفعول به منصوب.

أوه (بفتح فسكون فكسر) : بمعنى : أتوجع وأتألّم ، وفيها لغات أوه ، آه ، أوّه ، أوّه ـ ومنه قول امرأة من بنى قريظ :

أوّه من ذكرى حصينا ودونه

نقا هائل جعد الثّرى وصفيح (٤)

(أوه) بفتح ففتح مشدد فكسر ، اسم فعل مضارع مبنى على الكسر ، لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنا.

صه (بفتح فسكون) : بمعنى : اسكت.

__________________

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤.

(٢) (هاؤم) اسم فعل أمر مبنى لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنتم) ، ويتنازع مع الفعل (اقرأ) المفعول به (كتاب).

(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤ ، وكتب فيه (هائنّ) ، وهذا لا يساير قواعد التصريف ، فهذا المكتوب إنما يكون حال تأكيد الفعل بالنون ، وعند ما يستعمل بلا توكيد فإن الياء تثبت ، حيث استعمال (هاء) فعلا ، وكى يناسب التصريف المذكور مع المثنى ، يفترض أنه معتل الآخر بالياء ، مثل : عادى ، وفى إسناد الأمر منه يكون : عاد ، عادى ، عاديا ، عادوا ، عادين.

(٤) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٩.

حصين : اسم رجل ، النقا : القطعة المحدود بة من الرمل ، الصفيح : السماء ووجه كل شىء.

٣٨٤

مه (بفتح فسكون) ، إيها (بالتنوين بالفتح ، وبالبناء على السكون : إيه) : بمعنى :انكفف.

إيه (بكسر طويل فسكون) : بمعنى : حدّث. أو : امض فى حديثك ومنهم من يكسر مع التنوين ، ودونه (١).

وي : (بفتح فسكون) ، بمعنى : أعجب.

قال تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) [القصص : ٦٢].

فى (ويكأن) عدة آراء ، أشهرها : أن (وى) كلمة بمفردها ، اسم فعل مضارع ، معناه (أعجب) ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنا) ، والكاف للتعليل ، والتقدير : أعجب لأن الله ...

وعند الخليل وسيبويه ، (كأن) للتشبيه ، دخلت عليها (وى) ، ومن ذلك قول زيد بن عمرو بن نفيل :

سألتانى الطلاق أن رأتانى

قلّ مالى قد جئتما بنكر

وى كأن من يكن له نشب يح

بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (٢)

وقد ذكر محقق الكتاب ما ذكره السيرافى فى (ويكأن) ، وهى ثلاثة أقوال (٣) :

 ـ ما ذكر من رأى الخليل من أن (وى) كلمة تندم ، يقولها المتندم لغيره ، ومعنى (كأن) التحقيق.

 ـ تكون (ويك) موصولة بالكاف ، و (أن) منفصلة ، ومعناها تقرير ، وهو قول الفراء. وتكون كقولك : أما ترى؟

__________________

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٨.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٥٥ / الخصائص ٣ ـ ٤١. شرح ابن يعيش ٤ ـ ٧٦ / الدر المصون ٥ ـ ٣٥٤ / الصبان على الأشمونى ٣٣ ـ ١٩٩.

(٣) يرجع إلى : الكتاب ٢ ـ ١٥٤ ، هامش (٦).

٣٨٥

 ـ (ويك) بمعنى (ويلك) ، و (أن) مفتوحة بفعل مضمر ، والتقدير : ويلك اعلم أن الله.

ومنهم من يرى أن (ويكأن) كلمة مستقلة بسيطة ، معناها : ألم تر؟

واها ، واها : بمعنى : أعجب.

ومنه أن تقول : واها لما فعلته!!

قد ، قط ، بجل : بمعنى : اكتف ، انته ، يكفى. أسماء أفعال فى أحد أوجهها فى التركيب ، وهى تشترك فى المعنى ، وهو : أكتفى ، وتكون أسماء أفعال إذا كان ما بعدها منصوبا ، فتقول : قد عبد الله عشرة جنيهات ، أو : قط عبد الله ، أو : بجل عبد الله. فيكون كلّ من : قد ، وقط ، وبجل اسم فعل مضارع مبنيا ، لا محل له من الإعراب ، وفاعله : عشرة ، و (عبد) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

فإذا أوصلت بها ضمير المتكلم فإنه يجب أن يلحق بها نون الوقاية ، فتقول : قدنى ، قطنى ، بجلنى. ويكون ضمير المتكلم مفعولا به.

وإذا قلت : قدك وقطك يكونان بمعنى : اكتف وانته ، ويكونان لازمين.

لكن لكل من الكلمات الثلاثة أوجه أخرى فى التركيب ، حيث :قد : تكون :

أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى : أكتفى.

ب ـ اسما مرادفا لـ (حسب) ، ويذكر ابن هشام (١) أنها ـ حينئذ ـ قد تستعمل مبنية على السكون ، حرصا على بنائها ، فتقول : قد زيد جنيه. وتدخلها نون الوقاية للمحافظة على السكون ، فتقول : قدنى جنيه. وتكون (قد) فى الموضعين مبتدأ ، وهو مضاف ، وما بعده مضاف إليه ، و (جنيه) خبر المبتدإ.

وقد تستعمل معربة ، فتقول : قد زيد جنيه ، بضم (قد) ، وتقول : قدى ، بدون نون الوقاية. كما تقول : حسب. (بالضم) ، وحسبى.

__________________

(١) مغنى اللبيب ١ ـ ١٧٠.

٣٨٦

ج ـ حرفا مختصا بالفعل المتصرف الخبرى المثبت المجرد من الناصب والجازم وحرفى التنفيس. نحو : قد أفعل ، وقد فعلت.

ومنه قول الشاعر :

قدنى من نصر الخبيبين قدى

ليس الإمام بالشّحيح الملحد (١)

حيث (قد) الأولى اسم فعل مضارع ، مبنى لا محل له من الإعراب ، والتقدير : يكفينى من نصر .. ، والنون للوقاية ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

وتحتمل كذلك ـ على تحليل ابن هشام السابق ـ أن تكون مرادفة لحسب ، على لغة البناء ، ويكون مبتدأ ، أما (قد) الثانية فليس فيها إلا مرادفتها لحسب ، حيث عدم وجود نون الوقاية ، وقد تحتمل أن تكون اسم فعل على حذف نون الوقاية للضرورة ، أو على حذف الضمير ، والياء الموجودة للإطلاق.

قط : تكون :

أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى أكتفى.

ب ـ اسما بمعنى (حسب) ، حيث يجر ما بعدها ، فتقول : قط عبد الله جنيه ، ويكون مبتدأ.

ومنهم من يذهب إلى أن (قط) اسم بمعنى (حسب) ، أى : اكتف ، ولا يذكر غيره. فتقول : قطنى ، وقطى ، وقط بالكسر للدلالة على الياء. وتقول : قطك ، وقطك ، وقطكما ، وقطكم ، وقطكن.

بجل : تكون :

أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى أكتفى.

__________________

(١) الكتاب ٢ ـ ٣٧١ / أمالى ابن الشجرى ١ ـ ١٤ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ١٢٤ ، ٧ ـ ١٤٣ / شرح التصريح ١ ـ ١١٢ / الصبان على الأشمونى ١ ـ ١٢٥.

٣٨٧

ب ـ اسما مرادفا لحسب ، فلا تلحقها نون الوقاية ، تقول : بجلى. ومنه قول الشاعر :

ألا إننى أشربت أسود حالكا

ألا بجلى من ذا الشراب ألا بجل

ج ـ حرفا للجواب بمعنى (نعم) فى الطلب والخبر.

سرعان ، وشكان (بتثليث الأول ، فسكون) ، بمعنى : سرع. وقد يكون واو الثانى همزة (أشكان). وقد يكون معنى (وشكان) قرب. ذكر فى المثل : سرعان ذا إهالة (١) ، حيث (سرعان) اسم فعل ماض مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، واسم الإشارة (ذا) فاعله مبنى فى محل رفع ، و (إهالة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

وتقول : وشكان (أشكان) ذا خروجا.

وقد يستعمل (سرعان) خبرا فيه معنى التعجب ، ومنه قولهم : سرعان ما صنعته كذا ، إى : ما أسرع ما صنعته .. (٢)!

وقد يستعمل (وشكان) مصدرا ، نحو : عجبت من وشكان ذلك ، أى : من سرعته (٣).

بطآن ، (بضم فسكون) ، بمعنى : أبطأ ، فيقال : بطآن هذا الأمر ، فيكون (بطآن) اسم فعل ماضيا مبنيا على الفتح. فاعله اسم الإشارة (هذا). وقد يكون فيه معنى التعجب ، فتقول : بطآن ذا خروجا ، ويكون (خروجا) منصوبا على التمييز.

ويها : (بفتح فسكون) ، بمعنى : أغر ، الإغراء هو التسليط ، وهو راجع لمعنى اللصوق ، وبعصهم يجعله اسم فعل لا نزجر ، أو : اغر (٤).

__________________

(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٥.

(٢) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٥٠.

(٣) الموضع السابق.

(٤) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٩.

٣٨٨

ويذكرون من أسماء الأفعال التى وضعت كذلك من أول الأمر :

بسّ ، (بفتح فتشديد بالكسر) ، بمعنى : أرفق (١). ويذكرون : قال أبو عبيدة : بسست الإبل وأبسستها لغتان ، إذا قلت لها : بس بس. وهذا صوت يدعى به الغنم ، وصوت للراعى يسكن به الناقة عند الحلب ، ولهذا فإننى أرى أنها اسم صوت للفعل المسمى به.

إخّ ، كخّ ، بكسر الهمزة والكاف ، وتشديد الخاء مع الكسر ، أو سكونها ، بمعنى : أتكرّه.

ومنه أن الحسن أخذ تمرة من تمر الصدقة ، فجعلها فى فيه ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ (كخّ كخّ) ، حتى ألقاها من فيه. ويبدو أنهما اسما صوت.

لعا ، (بفتح ففتح منون) ، بمعنى : انتعش.

ومنه قول الأعشى :

فالسوط أدنى لها من أن أقول لعا (٢)

والتنوين الموجود فيه للتنكير.

دع ، دعدعا ، بمعنى : انتعش.

ثانيها : ما ثقل عن غيره :

من أسماء الأفعال المسموعة ما نقل عن غيره ، أى : إنه قبل أن يستخدم اسم فعل كان يستعمل فى التركيب غير ذلك ، أى : إن معنى اسم الفعل اقترضه من التراكيب الأخرى ، ولذلك فإنهم يطلقون عليه (المنقول).

وقد يسميه النحويون بالإغراء ، حيث إنه يكون فى معنى الأمر أو النهى.

وهو قسمان :

١ ـ ما نقل عن شبه جملة ، وهو قسمان :

__________________

(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٩.

(٢) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١١٦٣ / تهذيب اللغة ٣ ـ ١٩٢.

٣٨٩

أ ـ ما كان جارا ومجرورا.

ب ـ ما كان ظرفا ومضافا إليه.

٢ ـ ما نقل عن مصدر.

١ ـ ما نقل عن شبه جملة :

أ ـ ما كان جارا ومجرورا.

تكون أسماء الأفعال فى هذه المجموعة حرف جر ومجرورها ، وقد قصره الجمهور على السماع ، وأجازه الكوفيون بجميع الحروف ، وما سمع منه هو :إليك ، بمعنى تنحّ.

فتقول : إليك عنى ، أى : تنحّ عنى ، فيكون (إليك) اسم فعل أمر مبنيا ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت.

إلىّ ، أى : أتنحىّ.

يقال : إليك (أى : تنحّ) ، فيردّ عليه : إلىّ ، (أى : أتنحّى) (١) والفاعل ضمير مستتر ، تقديره : أنا. وقد يكون مسماه : تنحّيت.

عليك ، أى : الزم.

فيقال : عليك أخاك ، أى : الزم أخاك ، فيكون (عليك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت ، (أخا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.

وقد يعدّى بالباء ، ومنه : عليكم بالصدق ، وعليك بذات الدّين.

والكاف فى كل هذا إما فى محل جر بالحرف ، وإما للخطاب فقط ، وسواء أكان هذا أم ذاك فإن اسم الفعل لا يؤدّى إلا بالاثنين معا ، والأرجح كونه مجرورا بالحرف.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٢٥٠ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٥٥.

٣٩٠

فالفاعل المأمور والفاعل المنهّى فى هذا الباب يكونان مضمرين.

يلح سيبويه على أن يبين أن الكاف والياء ليستا إلا للمخاطبة والتكلم وليستا فاعلين ، فيقول : «ويدلك على أنك إذا قلت : عليك فقد أضمرت فاعلا فى النية ، وإنما الكاف للمخاطبة ؛ قولك : علىّ زيدا ، وإنما أدخلت الياء على مثل قولك للمأمور أولنى زيدا ، فلو قلت : أنت نفسك لم يكن إلا رفعا ، ولو قال : أنا نفسى ، لم يكن إلا جرا ، ألا ترى أن الياء والكاف إنما جاءتا لتفصلا بين المأمور والأمر فى المخاطبة ، وإذا قال : عليك زيدا فكأنه قال له : ائت زيدا ، ألا ترى أن للمأمور اسمين ، اسما للمخاطبة مجرورا ، واسمه الفاعل المضمر فى النيّة ، كما كان له اسم مضمر فى النية حين قلت : علىّ» (١).

علىّ : ، أى : أولنى.

فتقول : علىّ هذا الأمر ، أى : أولنيه ، فيكون اسم الإشارة (هذا) مفعولا به فى محل نصب باسم الفعل (علىّ) ، وتلمس أن فى معناه التعدى إلى اثنين.

عليه ، أى ، ليلزم.

حيث أجاز بعضهم إغراء الغائب ، كما جاز أمره. والأكثر على أن هذا شاذ ، يذكر سيبويه : «حدّثنى أن سمعه أن بعضهم قال : عليه رجلا ليسنى ، وهذا قليل ، شبّهوه بالفعل» (٢) ، وعند ما يجاز هذا التعبير يكون الفاعل ضميرا مستترا ، تقديره :هو.

وحكى بعض اللغويين النصب بـ (كذاك) ؛ بمعنى : دع. ومنه قول جرير :

يقلن وقد تلاحقت المطايا

كذاك القول إنّ عليك عينا

«أى : دع القول ، وهى مركبة من كاف التشبيه ، واسم الإشارة ، والكاف بعدها للخطاب» (٣) فيكون (القول) منصوبا على المفعولية باسم الفعل (كذاك).

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٥٠ ، ٢٥١.

(٢) الكتاب ١ ـ ٢٥٠.

(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٨.

٣٩١

ب ـ ما نقل عن ظرف :

قصر بعضهم هذا على السماع ، وهى تختصّ بظروف أمكنة ، وهى :دونك ، أى : خذ.

فتقول : دونك الكتاب ، أى : خذ الكتاب ، فتكون (دونك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت. (الكتاب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. ويقال : أن معناه : خذه من تحت.

يحكى أن امرأة من العرب قالت لابنتها :وفيشيّة قد استقرّ جوفها

فقالت لها :دونكها يا أمّ لا أطيقها (١)

فتكون (دونك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، و (ها) الغائبة ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

عندك ، أى : الزمه من قرب ، أو : خذ ، أو : إذا كنت تحذره من بين يديه شيئا.

فتقول : عندك محمودا. (محمودا) مفعول به.

مكانك ، أى : اثبت.

قال الله تعالى : (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ) [يونس : ٢٨]. (مكانكم) اسم فعل أمر مبنى ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنتم ، أما الضمير المذكور (أنتم) فهو ضمير مؤكد للفاعل المستتر ، من أجل عطف الاسم الظاهر (شركاء) عليه.

ومنه قول الشاعر المذكور سابقا :

وقولى كلّما جشأت وجاشت

مكانك تحمدى أو تستريحى

__________________

(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٩.

٣٩٢

أى : اثبتى تحمدى.

وراءك ، وبعدك ، أى : تأخّر ، أو : إذا كنت تحذّره شيئا خلفه.

أمامك ، وفرطك ، أى : تقدّم ، أو : إذا كنت تحذره شيئا من بين يديه.

ملحوظة :

يختلف النحاة فى الكاف الملحقة بالظروف السابقة ، حيث يجعلها بعضهم فى محلّ جر بالإضافة إلى الظروف ، ويرى آخرون أنها دالة على الخطاب ، وسواء كان هذا أم ذلك فالظرف وما ألحق به دالان بكمالهما على اسم الفاعل ومعناه ، فهما معا اسمه. والأرجح كونه مضافا إلى الظرف ، كما رجحناه مجرورا بالحرف (١) فى القسم السابق.

٢ ـ ما نقل عن المصدرية :

أسماء الأفعال المنقولة عن مصادر يعنى أنها مصادر فى الأصل الوضعى البنيوى لها ، وفى الاستخدام اللغوى فى التركيب ، وهى تنقسم إلى قسمين بالنظر إلى فعل المصدر الذى نقل إلى اسم فعل ، حيث إن الفعل قد يكون مستعملا ، وقد يكون مهملا.

واسم الفعل الذى من مصدر مستعمل فعله هو :

رويد ، (بضم ففتح فسكون ففتح) ، أى أمهل. وهو متعد إلى مفعول واحد ، فتقول : رويد محمودا ، حيث ، (رويد) اسم فعل أمر مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر تقديره : أنت ، (محمودا) مفعول به.

و (رويد) إذا كان اسم فاعل فإنه يكون مبنيّا على الفتح.

وهو تصغير ترخيم عند البصريين للمصدر (إرواد) ، وفعله (أرود) ، وعند الفرّاء تصغير (رود) ، وهو المهل ؛ لكنه لو كان بمعنى المهل لكان لازما. وجعل هذا الحذف والتغيير بسبب تصغير الترخيم دليلا على أنه قد خلع منه المصدرية ، وبنى كما أن فعل الأمر مبنى (٢).

__________________

(١) يرجع إلى : المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٢.

(٢) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٠.

٣٩٣

وقيل : إنه ليس منقولا عن شىء ، بل هو مرتجل ؛ لأنه وأخواته لمّا كانت كالأعلام على الأفعال ، وكان المرتجل منها هو الغالب ، كان حمله عليها أولى (١).

ومنه قول مالك بن خالد الهذلى ، أو للمعطل :

رويد عليا جدّ ما ثدى أمّهم

إلينا ولكن بغضهم متماين (٢)

حيث (عليا) مفعول به لاسم الفعل (رويد).

يذكر سيبويه : «وسمعنا من العرب من يقول : لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر ، كقول القائل : لو أردت الدراهم لأعطيتك فدع الشعر» (٣) ، حيث (ما) زائدة ، و (الشعر) مفعول به لرويد ، (وهو) اسم فعل ، بدليل بنائه على الفتح.

قد تدخله كاف الخطاب ، وتتوافق مع المخاطب نوعا وعددا ، فتقول : رويدك ، يا محمد ، بفتح الكاف ، رويدك يا فاطمة. بكسر الكاف ، رويدكما ، رويدكم ، رويدكن.

ويختلف النحاة فيما بينهم فى هذه الكاف ، حيث يذهب بعضهم إلى أنها فى محل رفع ، وآخرون يذهبون إلى أنها فى محلّ نصب ، ويذهب سيبويه إلى أنها حروف للدلالة على تخصيص المخاطب (٤) أو المأمور. وهذا الرأى هو الأرجح ؛ لأن اسم الفعل بمثابة الفعل وبمنزلته ، والفعل لا تصحّ إضافته ؛ لأنه نكرة لا يفارقه التنكير (٥).

فإذا عطفت على فاعل (رويد) ذكرت الضمير الفاصل أو المؤكد ، فتقول : رويدكم أنتم وعبد الله ، رويدك أنت وصديقك.

__________________

(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٦.

(٢) الكتاب ١ ـ ٢٤٣ المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٠ شرح ابن يعيش ٤ ـ ٤٠.

عليا : قبيلة ، جدّ : قطع ، الثدى : كناية عن القرابة.

(٣) الكتاب ١ ـ ٢٤٣.

(٤) الكتاب ١ ـ ٢٤٤ ، ٢٤٥.

(٥) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧١.

٣٩٤

وإذا أكدته بالنفس أو العين ذكرت الضمير ، فتقول ، رويدكم أنتم أنفسكم.

وإذا لم يكن (رويد) اسم فعل فإنه يكون معربا ، ويستعمل فى التركيب كما يأتى :

 ـ أن يكون مصدرا بمعنى : إرواد ، ويكون قائما مقام الفعل ، فتقول : رويدا محمودا وتقديره : أرود محمودا رويدا ، فحذف الفعل ، وأقيم المصدر مقامه ويكون (محمودا) مفعولا به للمصدر ، يلاحظ الفرق بين (رويد) المبنى ، وهو اسم فعل ، و (رويدا) المعرب ، وهو مصدر.

ومنه قول وداك بن ثميل المازنى :

رويدا بنى شيبان بعض وعيدكم

تلاقوا غدا خيلى على سفوان (١)

حيث (رويدا) مصدر أقيم مقام فعله ، وهو منصوب.

وفيه رواية (رويد) بدون تنوين ، وحينئذ يحتمل أن يكون اسم فعل مبنيا ، و (بنى) منصوب به.

فإذا كان (رويدا) مصدرا فإنك تفرده وتضيفه ، فهو كسائر المصادر (٢). فتقول :رويدك نفسك (٣) ، بجر (نفس) على أنه توكيد للكاف المضاف إلى (رويد).

 ـ أن يكون صفة ، كقولك : ساروا سيرا رويدا ، ضعه وضعا رويدا.

حيث (رويدا) فى الموضعين نعت لما قبله ، وهو من قبيل النعت بالمصدر ، كما يقال :رجل عدل ... تلحظ إعرابه.

 ـ أن يكون حالا ، كما تقول : ساروا رويدا ، أى : مرودين ، فتكون (رويدا) حالا منصوبة.

__________________

(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٧ شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٤١ الحماسة للمرزوقى ١٢٧ المحتسب ١ ـ ١٥٠ / لسان العرب ، مادة : (رود).

(٢) يرجع إلى : المقتضب ٣ ـ ٢٠٩ ، ٢٧٩.

(٣) الكتاب ١ ـ ٢٥١.

٣٩٥

فإذا قدرته : ساروا سيرا رويدا (١) ، فإن (رويدا) تكون نائبة عن المصدر منصوبة. وعند سيبويه تكون حالا (٢).

وتقول : أؤدى الواجب رويدا ، أى : مرودا ... بمعنى : متمّهلا.

ملحوظة :

إذا قلت : رويدك أحمد ، فإن (رويد) فى مثل هذا التركيب تحتمل :

 ـ أن تكون اسم فعل مبنيا لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر ، تقديره : أنت ، والكاف حرف خطاب ، لا محل له من الإعراب ، (أحمد) مفعول به لاسم الفعل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، ولا ينون ؛ لأنه ممنوع من الصرف.

 ـ أن تكون مصدرا مضافا إلى فاعله منصوبا ، والكاف ضمير مخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة ، وهو الفاعل ، وتكون (أحمد) منادى مبنيا على الضم فى محل نصب ، والتقدير : يا أحمد.

وقد يكون اسم الفعل منقولا عن مصدر فعله مهمل ، وهو :بله ، بفتح فسكون ففتح ، بمعنى : اترك ، أو : دع.

فيقال : بله ما يشغلك الآن ، أى : دع ما يشغلك ، ويكون (بله) اسم فعل أمر مبنيا على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر تقديره : أنت ، وأمّا (ما) فهو اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به لاسم الفعل ، وصلته جملة (يشغلك).

قد يجرّ ما بعد (بله) ، فتقول : بله زيد ، فيكون مصدرا عند سيبويه (٣) ، مضافا إلى مفعوله ، ويكون حرف جر عند الأخفش ، والجمهور على ما ذهب إليه سيبويه.

وقد يرفع ما بعد (بله) ، فتقول : بله زيد ، والمعنى : كيف زيد؟ ، وتكون جملة اسمية ، من خبر مقدم ، ومبتدإ مؤخر (٤).

__________________

(١) يرجع إلى : التسهيل ٢١١.

(٢) الكتاب ١ ـ ٢٤٤.

(٣) الكتاب ٤ ـ ٢٣٢.

(٤) شرح التصريح ٢ ـ ١٩٩.

٣٩٦

ومنه يتبين لنا أن (بله) تستخدم فى التركيب على ثلاثة استعمالات :

 ـ أن يكون اسم فعل متعديا ، اسما لفعل الأمر المهمل الذى هو مرادف لفعل الأمر المستعمل : دع ويكون مبنيا ، وما بعده منصوبا.

 ـ أن يكون مصدرا مرادفا للترك ، فيكون مضافا إلى مفعوله.

 ـ أن يكون مرادفا لـ (كيف) الاستفهامية.

وقد جاء على الاستعمالات الثلاثة قول كعب بن مالك :

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكفّ كأنها لم تخلق (١)

بنصب (الأكف) على المفعولية لاسم الفعل (بله).

ورويت بالجر ـ كذلك ـ على أن (بله) مصدر ، والأكف مضاف إليه ، فى محل نصب على المفعولية.

ومن رواها بالرفع فإنها تخرّج على أنها استفهامية ، وتكون مع (بله) جملة استفهامية ، وهو شاذ.

ثالثها : ما كان قياسيا : وهو ما كان على وزن (فعال):

ذكرت أسماء أفعال على وزن فعال ، بفتح ففتح طويل فكسر بدون تنوين ، فيكون مبنيّا على الكسر.

ويبنى من الفعل الثلاثى التّامّ المتصرف ، والجمهور على أنه ينقاس من كلّ فعل توافرت فيه هذه الشروط ، فيدلّ على الأمرية.

وقد يطلق على هذا النوع من اسم الفعل (المشتق).

تقول : دراك ، أى : أدرك. نزال ، أى : انزل. لحاق : الحق. خراج ، أى :اخرج.

__________________

(١) الكامل ١ ـ ٦٨ / شرح الشذور ٤٠ / الجنى الدانى ٤٢٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٩٩ / الأشمونى على الصبان ٣ ـ ٢٠٣.

٣٩٧

ومنه قول أبى النجم العجلى :

حذار من أرماحنا حذار (١)

أى : احذر من أرماحنا ، فيكون (حذار) اسم فعل أمر ، مبنيا على الكسر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت.

وقول رؤبة :

نظار كى أركبها نظار (٢)

أى : انتظر حتى أركبها.

وقول الطفيل بن يزيد الحارثى :

تراكها من إبل تراكها

أما ترى الموت لدى أوراكها (٣)

أى : اتركها. (تراك) اسم فعل أمر مبنى لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، وضمير الغائبة مبنى محل نصب مفعول به.

وقول الشاعر :

مناعها من إبل مناعها

أما ترى الموت لدى أرباعها (٤)

أى : امنعها.

وهكذا يمكن بناء اسم فعل على وزن (فعال) مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثى تامّ متصرف.

لكن من النحاة ـ وعلى رأسهم المبرد ـ من لا يجيزون القياس فى ذلك ، ويقصرونه على ما هو مسموع.

__________________

(١) الكتاب ٣ ـ ٢٧١ / شرح الشذور ٩٠.

(٢) الكتاب ٣ ـ ٢٧١ / المقتضب ٣ ـ ٣٧٠ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ١١٠.

(٣) الكتاب ٣ ـ ٢٧٠ / المقتضب ٣ ـ ٣٦٩ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ١١١ ، ١٣٥ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥٠ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٣.

(٤) الكتاب ١ ـ ٢٤٢ / ٣ ـ ٢٧٠ / ابن الشجرى ٢ ـ ١١١ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥١ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٣. الأرباع : جمع ربع ، وهو ولد الناقة الذى تلده فى الربيع.

٣٩٨

لكنّ لهذا الوزن استعمالات أخرى فى التركيب ، لا يكون فيها اسم فعل ، حيث لا يسمّى بها الفعل فى حدثيته وزمنه وتضمنه فاعلا مستترا أو ظاهرا ، وفى عمله ، فلا يكون معناها فعلا ـ كما ذكرنا ـ فى القسم السابق ، ويكون لها مواقعها الإعرابية من الفاعلية والمفعولية والابتدائية والجر .. إلخ ، ويلزم أحدها حرف النداء.

ويستعمل هذا الوزن فى التركيب على أربعة أوجه أخرى ، غير ما ذكرناه من الوجه السابق. وهى :

١ ـ أن تكون اسما للمصدر علما عليه ، مثل : فجار ، أى : الفجور وهو معدول عن فجرة ، علما على الفجور.

بداد : بمعنى متبددة أو التبدد. جماد : بمعنى الجمود.

يسار : بمعنى الميسرة. حماد : بمعنى المحمدة.

بوار : هلاك.

وهذه ليست من أسماء الأفعال ؛ لأنها تقع فاعلة ومفعولة ، وغير ذلك.

٢ ـ أن تكون صفة مذمومة لمؤنث بعد نداء مذكور أو مقدر ، وهذا المثال فيه معنى المبالغة فى الصفة. نحو :

يا فساق : أى : يا فاسقة. يا فجار ، يا خباث.

ومنه قول الحطيئة :

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى

إلى بيت قعيدته لكاع (١)

لكاع أى : لئيمة.

__________________

(١) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥٧.

(لكاع) منادى مبنى فى محل نصب ، وجملة النداء فى محل نصب مقول لقول محذوف ، وجملة القول فى محل رفع ، خبر المبتدإ (قعيدة). والجملة الاسمية فى محل جر ، نعت لبيت.

٣٩٩

ومنها : يا حباق. (الحبق : الضرط) يا حذاق. (من معنى البخل) ، وقيل :يا خزاق ، بالخاء من القذر. يادفار : من النتن ، والدنيا كنوها أم دفار ذمّا لها ـ يا رطاب ، ذم للأمة رطبة الفرج.

يا خضاف ، من الحبق ، وهو الضرط.

وهذه ليست اسم فاعل حيث إنها تلزم النداء. إن كان مذكورا ، وإن كان مقدرا.

٣ ـ فى غير النداء دلالة على المبالغة.

وردت صفات على مثال (فعال) دالة على المبالغة فى الصفة ، وقد خرجت مخرج الأعلام ، فلذلك كانت معارف على هذه الصفات ، وهى مبنية على الكسر ، منها (١) :

 ـ حلاق وجباذ للمنية.

 ـ ضرام للحرب ، وهو من تأجج النار.

 ـ جداع ، وكلاح ، وأزام للسّنة المجدبة الشديدة.

وهو من جدع المال وذهابه ، وهو من العبوس والتكشير عن الأنياب ، ومن الأزمة الشديدة.

 ـ حناذ للشمس ، وهو من شدة الحر وإحراقها.

 ـ براح للشمس ، من البوارح ، وهى الرياح الحارة.

 ـ سباط للحمّى ، من الانبساط لشدة الضرب والتألم.

 ـ طمار للمكان المرتفع ، من الطمور ، وهو شبه الوثوب نحو السماء ، وقد يعرب.

 ـ بنات طمار ، وهى الدواهى.

__________________

(١) شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٥٩.

٤٠٠