النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

خامسا : الاسم الجامد قد يعامل معاملة الصفة المشبهة (١) :

قد يعامل الاسم الجامد معاملة الصفة المشبهة ، وحينئذ يلزمه ما يأتى :

 ـ صحة تأويله بمشتق ، مع المحافظة على المعنى.

 ـ إرادة ثبوت المعنى ، لا حدوثه.

ويمثّل لذلك بالقول : وردنا منهلا عسلا ماؤه ، وعسل الماء ، أو عسلا الماء ، أو ماء ، وذلك لتأويل الاسم الجامد (عسل) بحلو فى المعنى ، وهى صفة مشبهة.

وتقول : مررت بقوم أسد أنصارهم ، وأسد الأنصار ، أو الأنصار ، أو أنصارا ، وذلك لتأويل الاسم الجامد (أسد) بالصفة المشبهة (شجعان) ، جمع (شجاع).

وتقول : صاهرنا قوما أقمارا نساؤهم ، أو : أقمار النساء ، أو أقمار النساء ، أو النساء ، أو نساء ، ذلك لتأويل الاسم الجامد (أقمار) بالصفة المشبهة (حسان).

ومنه قول الشاعر : (ينسب إلى حسان بن ثابت ، أو عفيرة بنت طرامة) :

فلولا الله والمهر المفدّى

لأبت وأنت غربال الإهاب (٢)

فأجرى الاسم الجامد (غربال) مجرى الصفة المشبهة ، وأضافها إلى معمولها المعرف بالأداة. ذلك لتأويلها بمثقّب ، أى : لرجعت مثقب الجلد من وقع الأسنة.

ومنه كذلك قول الشاعر :

فراشة الحلم فرعون العذاب وإن

يطلب نداه فكلب دونه كلب (٣)

ضمن الاسم الجامد (فراشة الحلم) معنى طائش ، وضمن (فرعون) معنى (أليم). فصار كلّ من الاسمين الجامدين مجرى الصفة المشبهة.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / المساعد ٢ ـ ٢٢٣ ، ٢٢٤ / حاشية الشيخ يس على شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / المساعد على شرح التصريح ٢ ـ ٧٢ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٦ / الشيخ يس على شرح التصريح ٢ ـ ٧٢. المفدى : القوى الجرى. أبت : عدت ورجعت.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٦ / حاشية الشيخ يس على شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

٥٦١

وأكثر ما يكون هذا التأويل فى الاسم المنسوب ، فتقول : مررت برجل هاشمى أبوه ، تميمية أمه ، وهاشمى الأب ، تميمىّ الأم. إنه مصرىّ أمّه ، عمانىّ أبوه.

سادسا : من التراكيب :

أ ـ مررت برجل حسن الوجه :

(الوجه) فى التركيب فاعل فى المعنى دون اللفظ ؛ لأنه مضاف إلى الصفة.

مررت برجل حسن وجهه.

(وجه) فاعل لفظا ومعنى ؛ لأنه الحسن معنى ، كما أنه مرفوع لفظا.

ب ـ الفرق الدلالى واللفظى بين (١) :

مررت برجل خير أبوه.

و: مررت برجل خير منه أبوه.

أن الأول بجرّ (خير) لتكون صفة لرجل المجرور ، ولذلك لم يستعمل معه حرف الجر (من) ، فأصبح صفة مشبهة ، ويكون (أبوه) مرفوعا به ، إما على الفاعلية ، وإما على البدلية من الضمير المستتر فيه الذى يرجع على الموصوف.

أما الثانى فإنه برفع (خير) ، مع استخدام الحرف (من) معه ، فأصبح اسم تفضيل ، ويكون خبرا مقدما ، والمبتدأ المؤخر هو (أبوه) والجملة الاسمية تكون نعتا لرجل.

__________________

(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٣٦.

٥٦٢

اسم التفضيل

اسم التفضيل (١) : اسم مشتقّ مصوغ للدلالة على زيادة موصوفة على ما بعده فى حدث ما يشتركان فيه مدلول عليه فى لفظ التفضيل ، أو فيه مع ما يميّزه من حدث منصوب بعده ، ويكون على مثال (أفعل) فهو تفضيل ليدلّ على الزيادة فى الصفة ، لا ليدلّ على تفضيلها فى ذاتها ؛ لأنه قد يكون من الصفات الحسنة المحبّبة ، كما يكون فى الصفات القبيحة المكروهة. فالمقصود بالمفاضلة ـ هنا ـ الزيادة مطلقا.

فتقول : محمد أفضل منه. سمير أقبح منه.

لذلك فإنه قد يسمّى اسم الزيادة ؛ للزيادة الموجودة فى أحد الموصوفين عن الآخر فى صفة يشتركان فيها ، مذكورة فى اسم التفضيل ـ قبحت أم حسنت ـ ، فيشمل نحو : أقبح ، وأجهل ، وأبخل ، وأغبى.

وقد يسمى أفعل التفصيل ، لأنه يلزم وزن (أفعل) غالبا ، ومن يميل إلى اختيار مصطلح اسم التفضيل عن أفعل يميلون إلى ذلك ليشمل كلا من : خير ، وشرّ ، فهما ليسا على زنة أفعل. ولكنّهما على وزن أفعل تقديرا.

أركان التفضيل :

للتركيب التفضيلى ثلاثة أركان ، هى :

أ ـ المفضّل :

الاسم الذى زاد فى الصفة عن الآخر ، ويكون موصوفا باسم التفضيل ، ومذكورا قبله ، سواء أكانت هذه الوصفية من طريق الخبر ، أم النعت ، أم الحال.

__________________

(١) يرجع إلى : الكتاب ١ ـ ٢٠٢ : ٢٠٥ / المقتضب ١ ـ ١٦٨ ، ٢ ـ ٢١٦ ، ٣ ـ ٢٤٤. / شرح ألفية ابن المعطى ٢ ـ ١٠٠٢ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٩١ / التسهيل ١٣٣ ، ١٣٦ / شرح التسهيل ٣ ـ ٥٠ / الجامع الصغير ١٦٣ / شرح الشذور ٤١٧ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٣.

٥٦٣

فتقول : محمد أفضل ...

محمد الأفضل محترم ...

أقبل علينا أوثق الخطى ...

اسم التفضيل فى الأول خبر ، وفى الثانى نعت ، وفى الثالث حال.

ب ـ المفضل عليه :

الاسم الذى زيد عليه فى الصفة ، ويكون مذكورا بعد اسم التفضيل.

فتقول : محمد أكرم من محمود.

فاطمة أجمل من هند.

تلحظ أنه يكون مسبوقا بحرف الجر (من) ، وذلك إذا كان موازنا فى القدر مع المفضّل.

قد يكون المفضل جزءا من المفضّل عليه ، فيضاف المفضل عليه وهو معرفة إلى اسم التفضيل.

فتقول : محمد أكرم من الرجال.

إنه أفضل أهل القرية.

وقد يكون المفضل عليه نكرة ، وهو مضاف إلى اسم التفضيل ، فيكون مطابقا للمفضل فى العدد والجنس.

فتقول : محمد أكرم رجل.

الهندان أكرم امرأتين.

وتدرس هذه بالتفصيل فى قسم (مبنى اسم التفضيل).

ج ـ اسم التفضيل :

هو الاسم الذى يدلّ به على الصفة موضع التفضيل ، الموجود فى التركيب ، كما يدلّ على الصفة موضع التفضيل ، أو يدل على النسبة بين المتفاضلين فى الصفة الموجودة فى الحدث الذى يميز اسم التفضيل.

٥٦٤

نحو : أكبر ، أفضل ، صغرى ، حسنى.

ومن الثانى أكبر سنا ، أفضل خلقا ، أحسن خطّا ، أطيب هواء.

تقول فى تركيب التفضيل :

محمد أكرم الناس حسبا.

فاطمة كبرى بنات الرسول.

الجانب المعنوى فى أسلوب التفضيل :

يجب أن يكون المفضّل والمفضّل عليه مشتركين فى المعنى الذى يتضمنه اسم التفضيل ، فاسم التفضيل إنما هو صفة تزن نسبيا بين مفضّل زائد فيها على مفضّل عليه أقلّ فيها من المفضّل. سواء أكانت الصفة حسنة محبّبة ، أم قبيحة مكروهة.

فالتفضيل ـ هنا ـ إنما هو الزيادة.

ذلك نحو : ضوء الشمس أبين من نور القمر. العسل أحلى من التمر. الفاكهة الطازجة أصحّ من المحفوظة. الدرس الأول أوضح من الدرس الثانى. شعر المتنبى أقرب فهما من شعر الشمّاخ.

ولا يقال : الماء أروى من الخبز ؛ لأن الخبز ليس من وظيفته الإرواء. كما لا يقال : الخبز أغذى من الماء.

وقد تعدّ النسبة التفضيلية فى الصفة المذكورة فى اسم التفضيل تقديرية تبعا لمعنى المفضّل والمفضّل عليه ، ويكون اسم التفضيل حينئذ يحمل صفة مساعدة لبيان أقلّهما فى معنى يشتركان فيه ، وإن كان مكروها. فيكون مفضلا. ويكون معنى اسم التفضيل مناقضا تماما للصفة التى يشتركان فيها.

تقول فى البغيضين : هذا أحبّ من هذا.

وفى الشرين : هذا خير من هذا.

وفى الصعبين : هذا أهون من هذا.

وفى القبحين : هذا أحسن من هذا.

٥٦٥

وهذه بمعنى : أقل بغضا ، وأقل شرّا ، وأقل صعوبة ، وأقل قبحا (١). فهو إيثار لأحد المكروهين.

ويعبر ابن مالك عن ذلك بقوله : «فإن ورد لفظ التفضيل دون ظهور مشاركة قدرت المشاركة بوجه ما» (٢).

ومنه قوله تعالى : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف : ٣٣](٣) ، حيث اسم التفضيل ـ هنا ـ ليس على بابه من التفضيل ، فكلّ من المفضل والمفضّل عليه شرّ ومكروه ، فآثر أحد الشرّين ، وهو السجن.

ومنه قوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : «لأن يجلس أحدكم على جمرة خير له من أن يجلس على قبر» (٤) فكلاهما مكروه ، واختير أحدهما.

ويذكر منه قول الراجز :

أظلّ أرعى وأبيت أطحن

الموت من بعض الحياة أهون (٥)

حيث المفاضلة بين الموت والحياة القاسية ، فآثر الموت وجعله أهون.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٤.

(٣) (رب) منادى مضاف إليه ضمير المتكلم المحذوف ، والمدلول عليه بالكسرة. (السجن) مبتدأ مرفوع ، خبره اسم التفضيل (أحب). (مما) حرف جر ، واسم موصول مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأحب. جملة (يدعوننى) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. شبه جملة (إليه) متعلقة بيدعو.

(٤) الجامع الصغير ٢ ـ ٩٠٠ / ريا الصالحين ٦٣٤ / وانظر : شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.

(لأن يجلس) اللام : للابتداء والتوكيد حرف مبنى. أن يجلس : حرف مصدرى ونصب ، ومضارع منصوب. (أحدكم) فاعل مرفوع ، وضمير مضاف إليه. والمصدر المؤول مبتدأ فى محل رفع.

(على جمرة) شبه الجملة متعلقة بالجلوس. (خير) خبر المبتدإ مرفوع. (له) جار مجرور. وشبه الجملة متعلقة بخير. (من أن يجلس) حرف جر ، وحرف مصدر ، ومضارع منصوب ، وفاعله ضمير مستتر.

والمصدر المؤول فى محل جر بمن ، وشبه الجملة متعلقة باسم التفضيل. (على قبر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالجلوس.

(٥) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٥.

الجملة الفعلية (أرعى) خبر ظل فى محل نصب. والجملة الفعلية (أطحن) خبر أبيت فى محل نصب.

(الموت) مبتدأ مرفوع ، خبره أهون. وشبه الجملة (من بعض) متعلقة بأهون.

٥٦٦

بناؤه :

يتناسب أفعل التفضيل مع أفعل التعجب فى الصوغ ، حيث يصاغ كل واحد منهما ممّا يصاغ منه الآخر. ولا يصاغ ممّا لا يصاغ منه.

اسم التفضيل يصاغ على وزن (أفعل) مطلقا ، دالّا على الإفراد والتذكير ، فإن جاز فى التركيب استخدامه للأنثى ؛ فإنه يكون على مثال (فعلى). وإن جاز مطابقته لموصوفه فإن كلّا منهما يثنّى ويجمع.

نحو :

إنه أشعر من صديقه.

إنهما الأشعران.

هم أشعر قومهم ، وأشاعرهم.

هى الفضلى.

هما الفضليان.

إنهن الفضليات.

ويصاغ اسم التفضيل من كل ما توافرت فيه الشروط الآتية :

١ ـ أن يكون له فعل ، فلا يصاغ من معنى لم يسمع له فعل ، ولا يصاغ من مثل : غير وسوى. فلا يقال : هو أكلب منه. من الكلب ، ولا أحمر ، من الحمار ، وقد شذّ من ذلك : قولهم : هو ألصّ من شظاظ (١) ، (شظاظ) اسم رجل من ضبة ، أى : أعظم لصوصية منه.

وقد حكى ابن القطاع الفعل (لصص) ، إذا أخذ المال خفية.

٢ ـ أن يكون فعله ثلاثيا ، كى يصاغ منه اسم التفضيل مباشرة.

__________________

(١) أمثال أبى عبيد ٣٣٦ ، رقم ١٢٤٠ / مجمع الأمثال ٢ ـ ٢٠٧ ، رقم ٣٧٤٥.

٥٦٧

وشذ من ذلك :

أخصر : إذ إنه من اختصر.

ويذكر أنه قد سمع : هو أعطاهم للدراهم ، وأولاهم للمعروف ؛ من : أعطى ، وأولى.

كما سمع استعمال : هذا المكان أقفر من غيره ، من : أقفر.

وسمع : أحنك الشاتين والبعيرين ، أى : آكلهما ، وآبل الناس ، أى : أرعاهم للإبل.

هذا المكان أشجر من هذا ، فلان أضيع من غيره ، وهم يرون أن هذه ممّا لا فعل له ، لكن ابن مالك يرى أنها من فعل ، فهى من : أحنك ، آبل ، أشجر ، أضاع. كما يرى أنه لا شذوذ فيها ؛ «لأن أفعل عندهم يساوى : فعل ، وفعل ، وفعل.

 ـ بفتح العين ، وكسرها ، وضمها ـ فى بناء أفعل التفضيل» (١).

ويذكر ابن مالك (٢) فى هذا الشذوذ قول عمر ـ رضى الله عنه : «إن أهمّ أموركم عندى الصلاة ، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع».

وكان بعضهم يجيز بناء اسم التفضيل من (أفعل) مطلقا. ولا يجعلون فيه شذوذا ، استنادا إلى أن هذا مذهب سيبويه ، حيث إن أفعل عنده يساوى فعل وفعل فى بناء اسم التفضيل ، وكذا أفعل التعجب (٣).

٣ ـ أن يكون فعله متصرفا ، فلا يأتى من فعل جامد ، نحو : عسى ، نعم ، بئس ، ليس ، حبّ ، هب ، تعلّم.

ولا يأتى من مثل : يذر ، ويدع ... لأنهما ناقصا التصرف.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٥١.

(٢) الموضع السابق.

(٣) ينظر : الكتاب ١ ـ ٧٣ / شرح التسهيل ٣ ـ ٤٧ ، ٥١ / المساعد ٢ ـ ١٦٣ ، ١٦٦.

٥٦٨

٤ ـ أن يكون تامّا ، فلا يأتى من فعل ناقص ، نحو : كان وأخواتها ، وكاد وأخواتها ، وظنّ وأخواتها.

٥ ـ أن يكون مثبتا ، فلا يصاغ من منفىّ بالسلب ، أى : بوجود أداة نفى.

٦ ـ أن يكون مبنيا للمعلوم ، أو للمفعول فلا يصاغ من مبنى للمجهول.

وقد شذ من ذلك : هو أخصر ، حيث إنه من : (اختصر) ، زائدا على ثلاثة ، ومبنيا للمجهول.

هو أصوب من فلان ، من : أصيب ، زائدا ، ومبنيا للمجهول.

هو أزهى من ديك. من زهى ، وهو لا يستعمل إلا مبنيا للمجهول.

هو أعنى بحاجتك. من : عنى ، وهو أشغل من ذات النحيين (١). (النحى : زق السمن). من : شغل ، وقد يستعمل الفعل مبنيا للمعلوم. ومنهم من يرى أن مثل هذه ليس فيها شذوذ ؛ لأنه لا لبس فيها للفاعل (٢).

ومنه : هو أشهر من غيره ، وأعذر ، وألوم ، وأعرف ، وأنكر ، وأخوف ، وأرجى ، من ، شهر ، وعذر ، وليم ، وعرف ، ونكر ، وخيف ، ورجى.

ذكر ابن مالك أنه قد يبنى أفعل التفضيل من فعل مبنى للمجهول ، إن أمن اللبس بما بنى للمعلوم ، نحو : هو أجنّ ... ، أو : أشغف ، أو : أبخت ... من : جنّ وشغف ، وبخت ... وكلّها مبنية للمجهول ، ويجعل منه أزهى ، وأشغل ، وأشهر ...

فلا يعدّ شذوذا على هذا الاتجاه (٣).

٧ ـ ألّا يكون الوصف منه على مثال : أفعل (للمذكر) ، فعلاء (للمؤنث).

ويكون ذلك فى : الألوان : أحمر حمراء ، أصفر صفراء ... العيوب الظاهرة :أعور عوراء ، أعمى عمياء ، أعرج عرجاء ، أبرص برصاء ، أخرس خرساء ...

__________________

(١) ذات النحيين : امرأة من تيم الله بن ثعلبة شغلها أحدهم بنحيين فى يديها ، ثم حاورها حتى قضى منها ما أراد ، وهرب.

(٢) شرح ابن الناظم ٤٧٩.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ٤٥ ، ٥٢.

٥٦٩

العيوب الباطنة : أبله بلهاء ، أحمق حمقاء ...

الحلى : ألمى لمياء ، أكحل كحلاء ، أشهل شهلاء ...

ومنهم من يرى أنّ هذا ليس شرطا فى العيوب الباطنة ، فأجازوا : فلان أبله من ... ، وأحمق من ... ، وأرعن من ...

وقد شذّ من ذلك قولهم : هو أسود من حنك الغراب.

٨ ـ أن يكون قابلا للتفاوت. أى : يكون معناه قابلا للزيادة والنقصان ، فيقبل الكثرة ، ولذلك فإنه لا يبنى من مثل : مات ، وفنى.

كيفية التفضيل فيما لا تتوافر فيه الشروط :

بدءا يجب أن نعرف أن التفضيل لا يصاغ من معنى ليس له فعل ، أو كان فعله ناقصا ، أو كان جامدا ، أولا يقبل التفاوت والكثرة.

لكن ما كان غير ذلك فإنه يصاغ منه أفعل التفضيل بالطرق الآتية :

أ ـ إن كان المصوغ منه اسم التفضيل زائدا على ثلاثة أحرف ، أو كان الوصف منه على مثال أفعل فعلاء ؛ فإنه يستعان بفعل مناسب فى المعنى ، تتوافر فيه الشروط ، فيؤتى منه باسم التفضيل ، ثم يميّز بالمصدر الصريح من المعنى أو الصفة المراد فيها التفاضل.

فيقال : هو أقوى استنتاجا من (استنتج) ، وهو زائد على الثلاثة. فأتينا باسم التفضيل المساعد (أقوى) من (قوى).

وتقول : إنه أقلّ إهمالا. من أهمل.

وأحكم إجابة. من أجاب.

كان أقلّ استعانة بغيره ، من استعان.

إنه أشدّ تأويلا ، وأجدر محافظة على التفوق.

ويقال : هو أشد دحرجة ، وأصحّ تعليما ، وأكثر اقترابا.

٥٧٠

ويقال : هذه أقنى حمرة. من أحمر حمراء.

لقد كان أنصع بياضا. وأصبح أكثر شهبة.

وتقول : هى أجمل لمى ، ولكنها أبين حولا.

لقد كان أشدّ عرجا. هو أقبح عورا. إنها أحسن كحلا.

وقد يتلى اسم التفضيل بالمصدر المؤول ، فتقول : إنه أقلّ أن يهمل ، وأحكم أن يجيب.

ويكون المصدر المؤول ـ حينئذ ـ منصوبا على نزع الخافض ـ على الأرجح.

ب ـ إن كان المصوغ منه اسم التفضيل مبنيا للمجهول ، أو منفيا ؛ فإن اسم التفضيل المصوغ من الفعل المساعد المناسب يميّز بالمصدر المؤوّل من الصفة المراد تفاضلها. فيقال :إنه أجدر أن يكافأ. وأحقّ أن يحترم.

هم أولى ألا يهملوا ، وأسمى ألا يتفاخروا ، وأعزّ أن يذلّوا ، وأكرم أن يهانوا.

ويكون المصدر المؤول منصوبا على نزع الخافض.

ملحوظة :

ذكرنا أن وزن اسم التفضيل هو (أفعل) ، لكن يخرج عن ذلك لفظان ، هما :خير ، وشرّ.

حيث تحذف الهمزة منهما لكثرة الاستعمال (١) فاختصروهما تخفيفا.

فيقال : هو خير من ... ، وهو شرّ من ...

وقد جاء (خير) اسم تفضيل فى قوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة : ٢٢١](٢) ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ...) [البقرة : ٢٢١].

__________________

(١) شرح التصريح ٢ ـ ١٠١.

(٢) (لأمة) اللام : لام الابتداء والتوكيد. أمة : مبتدأ مرفوع. خبره : خير.

٥٧١

(وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ)(١) [آل عمران : ١٩٨].

(هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) [الكهف : ٤٤](٢).

وقد ورد (شر) اسم تفضيل فى قوله تعالى : (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) [مريم : ٧٥](٣).

(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) [ص : ٥٥](٤).

وذكر الهمزة فيهما يعدّ ندرة ، أو ضرورة كما ورد فى رجز رؤبة :

بلال خير الناس وابن الأخير (٥)

حيث جمع بين أصل الاسم (أخير) وما صار إليه فى الاستعمال (خير).

وقد قرأ أبو قلابة قوله تعالى : (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) [القمر : ٢٦]. على الندور ، حيث أعاد الهمزة ، مع فتح الشين ، وتشديد الراء. وهى قراءة شاذة (٦).

وقد يعامل (أحبّ) معاملتها ، حيث يحذف منه الهمزة ، ويبقى على (حبّ) ، وجعله ابن مالك شذوذا ، عليه جاء قول الأحوص :

__________________

(١) (ما) اسم موصول مبتدإ مرفوع محلا. صلته (عند الله) ، وخبره : خير ، شبه الجملة (للأبرار) متعلقة بخير.

(٢) (هنالك) شبه جملة خبر مقدم. المبتدأ المؤخر (الولاية) ، و (لله) شبه جملة متعلقة بالولاية ، أو (لله) خبر المبتدإ ، وهنالك شبه جملة متعلقة بالخبر ، أو بالولاية. (الحق) بالكسر صفة للفظ الجلالة مجرورة. (هو خير) جملة اسمية. (ثوابا) تمييز لخير منصوب ، وكذلك (عقبا) تمييز لخير.

(٣) (من) اسم موصول مبنى مفعول به فى محل نصب. صلته الجملة الاسمية (هو شر). (مكانا) تمييز لاسم التفضيل (أضعف).

(٤) (هذا) اسم إشارة مبنى ، مبتدأ فى محل رفع. وخبره محذوف. والتقدير : هذا كما ذكر. أو خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هذا للمؤمنين. (للطاغين) شبه جملة ، خبر إن مقدم فى محل رفع.

(لشر) اللام : للابتداء والتأكيد ، وهى اللام المزحلقة. شر : اسم إن مؤخر فى محل نصب. مآب : مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٥) المحتسب ٢ ـ ٢٩٩ / البحر المحيط ١ / ٢٠٤ / شرح التسهيل ٣ ـ ٥٣ / شرح الكافية الشافية ٢ ـ ١١٢٧ / المساعد ٢ ـ ١٦٧ / شرح التصريح ٢ ـ ١٠١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٣.

(بلال) مبتدأ مرفوع ، ومنع من الصرف للضرورة.

(٦) إملاء ما منّ به الرحمن ٢ ـ ٢٥٠ / الدر المصون ١ ـ ٢٢٨ ، ٦ ـ ٢٢٩.

٥٧٢

وزادنى كلفا فى الحب أن منعت

وحبّ شىء إلى الإنسان ما منعا (١)

أى : وأحبّ شىء ... فحذف همزة اسم التفضيل ، وعامله معاملة (خير ، وشر).

ولكنهما فى التعجب تذكر الهمزة فيهما ، فيقال : ما أخيره ، ما أشرّه ، ويندر حذف الهمزة ـ حينئذ.

الصور البنيوية لاسم التفضيل فى التركيب

يأتى اسم التفضيل فى الجملة العربية بنيويا على أربع صور ، يختلف مبناه فى كلّ صيغة منها عن الأخرى ، وبناء على ذلك يختلف كيفية تصرفه ، واحتمالاته ، ذلك على التفصيل الآتى :

الصورة الأولى : أن يكون مقرونا بألّ :

نحو : الأفضل ، والأكبر ، الحسنى ، الصّغرى ...

حينئذ يكون اسم التفضيل صفة للمفضّل ، ويلزمه تركيبيا أمران (٢) :

 ـ أن يطابق موصوفه المفضل فى العدد والجنس.

 ـ امتناع اقترانه بمن التى تدخل على المفضل عليه ، حيث لا يذكر المفضل عليه ؛ لأن وجود (أل) أغنت عنه ؛ ولأن (من) تقتضى) التفضيل على المجرور بها لا غير ، أما ذكر (أل) فإنه يقتضى دخول المفضل عليه بمن وغيره. فتقول :

أقبل محمد الأفضل ، أقبلت الفتاة الفضلى.

أقبل المحمدان الأفضلان ، أقبلت الفتاتان الفضليان.

أقبلت الفتيات الفضليات ، أو : الفضّل.

وتقول : احترمت الرجل الأكبر ، والمرأة الكبرى ، والرجلين الأكبرين ، والمرأتين الكبريين ، والرجال الأكبرين ، والأكابر ، والنساء الكبريات ، والكبر.

__________________

(١) ديوانه ١٣٣ / الأغانى ٤ ـ ٢٩٩ / شرح التسهيل ٣ ـ ٥٣ / المساعد ٢ ـ ١٦٧ / شرح التصريح ٢ ـ ١٠١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٣.

(٢) المقتضب ١ ـ ١٦٨ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ١٠٤ / شرح التسهيل ٣ ـ ٥٩.

٥٧٣

أمّا ما يذكر من قول الأعشى ميمون بن قيس :

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزّة للكاثر (١)

حيث ورد اسم التفضيل (الأكثر) مقرونا بأل ، وذكر بعده (من) سابقة لما يدلّ على أنه المفضل عليه ، وهو ضمير الغائبين ، فإن ذلك يؤول على :

 ـ أن يكون (منهم) متعلقة بمحذوف ، تقديره : أكثر ، مجردا من (أل) والإضافة ، دلّ عليه المذكور ، ويكون بدلا من (الأكثر).

 ـ ومنهم من يجعل (أل) فى اسم التفضيل المذكور زائدة ، فلا تفيد تعريفا ، ويكون اسم التفضيل نكرة.

 ـ ومنهم من يجعل (منهم) متضمنة معنى (فيهم).

 ـ ومنهم من يجعل (من) للتبيين ، كأنه قال : ولست بالأكثر من بينهم (٢)

تكون (منهم فى موضع الحال من اسم (ليس).

ويخرّج على مثل ذلك قول الشاعر :

نحن بغرس الودى أعلمنا

منا بركض الجياد فى السّدف (٣)

وإذا كانت (من) مذكورة ؛ لكنها داخلة على غير المفضل عليه ؛ فإنه يجوز اجتماعها مع اسم التفضيل المعرف بأل.

__________________

(١) الخصائص ١ ـ ١٨٥ ، ٣ ـ ٢٣٤ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٠٦ / المساعد ٢ ـ ١٧٤ / ضياء السالك ٣ ـ ١١٨ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٧.

الكاثر ـ من يغلب غيره بالكثرة.

(بالأكثر) حرف جر زائد للتوكيد ، وخبر ليس منصوب مقدرا. (حصى) تمييز منصوب. (العزة للكاثر) جملة اسمية من مبتدإ ، وخبره شبه الجملة.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٥.

(٣) ينسب إلى سعد بن القرقرة ، وقد ينسب إلى قيس بن الخطيم.

شرح التسهيل ٣ ـ ٥٧ / المساعد ٢ ـ ١٧٣ / شرح التصريح ٦ ـ ١٠٣ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٧.

الودى ـ كغنى : النخل الصغير ، الجياد ـ الخيل الجيدة ، السّدف ـ ظلمة الصبح ، والضوء ، فهو من الأضداد.

(نحن) مبتدأ ، خبره (أعلمنا).

٥٧٤

جاء ذلك فى قول الشاعر :

فهم الأقربون من كلّ خير

وهم الأبعدون من كلّ ذمّ (١)

(كل خير) و (كل ذم) ليس أىّ منهما مفضلا عليه ، لذلك جاز أن يسبقا بـ (من) مذكورة بعد اسمى التفضيل (الأقربون ـ الأبعدون).

وكقولك : هو أقرب الناس منى.

الصورة الثانية : أن يكون مجردا من أل والإضافة :

نحو : أفضل ، أحسن ، كبرى ، عظمى ...

ويلزمه ـ حينئذ ـ أمران :

 ـ أن يلزم الإفراد والتذكير.

 ـ أن يتبع بحرف الجرّ (من) جارا للمفضّل عليه. فيقال :محمد أفضل منه.

المحمدان أفضل منهما.

المحمدون أفضل منهم.

هذه الفتاة أفضل من الأخريات.

هاتان الفتاتان أفضل من الأخريات.

هؤلاء الفتيات أفضل من الأخريات.

وتقول : علىّ أعلم من خليل ، هند أكبر من سعاد.

الرجلان أتقى من أقرانهما ، الصديقتان أتقى من غيرهما.

الرجال أتقى من غيرهم. النساء أتقى من غيرهن.

بنتاهما أصلح منهما ، الأمهات أعطف من الأخوات.

__________________

(١) المساعد ٢ ـ ١٧٢ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٧.

٥٧٥

هما أرحم من صديقهما. هم أشجع من غيرهم.

سمير أشفق من خالد.

قد يفصل فى هذا التركيب بين (من) واسم التفضيل بمعمول اسم التفضيل ، ومنه قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) [الأحزاب : ٦]. حيث فصل بين اسم التفضيل (أولى) و (من) بشبه الجملة (بالمؤمنين) ، وهى متعلقة باسم التفضيل.

ومثله فى الفصل بشبهى الجملة (فى كتاب الله ، ومن المؤمنين) فى الموضع الثانى.

ومنه قول الشاعر :

فلأنت أسمح للعفاة بسؤلهم

عند الشّصائب من أب لبنينا (١)

حيث فصل بين اسم التفضيل (أسمح) و (من) بالمتعلق باسم التفضيل وهو (للعفاة) ، و (بسؤلهم) ، وبالمتعلق بالمتعلق به وهو شبه الجملة (عند الشصائب) فهى متعلقة بالمصدر (سؤل).

وقول الشاعر :

مازلت أبسط فى غضّ الزمان يدا

للناس بالخير من عمرو ومن هرم (٢)

تلحظ الفصل بين اسم التفضيل (أبسط) و (من) بشبه الجملة المتعلقة به (فى غض) ، وبالتمييز المنصوب به (يدا) ، وشبهى الجملة المتعلقتين به ـ كذلك ـ : للناس ، وبالخير.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٣ ، وبه : الشبائب / المساعد ٢ ـ ١٦٨.

الشصائب : جمع شصب ، بكسر فسكون ، وهو الشدّة والجدب ، العفاة : جمع عاف ، وهو من يسأل.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٤ / شرح الكافية الشافية ٢ ـ ١١٣٢.

غض الزمان : أى : أيام الخفض والإذلال ، أى : الضيق والشدة.

٥٧٦

وقد يفصل بين اسم التفضيل و (من) بـ (لو) وما اتصل بها ، نحو : العلم خير لو كان صاحبه على خلق من المال. الحقّ أقوى لو كان صاحبه قويا من الظلم ؛ وبخاصة الحقّ بين الدول.

ومنه قول الشاعر :

ولفوك أطيب لو بذلت لنا

من ماء موهبة على خمر (١)

فصل بين اسم التفضيل (أطيب) و (من) بلو وجملة الشرط.

كما قد يكون الفصل بالنداء ، كأن تقول : محمد أفضل ـ يا أحمد ـ من سمير. أنتم أعلم ـ يا رجال النحو ـ بأسرار التراكيب اللغوية.

ومن الفصل بالنداء قول جرير :

لم نلق أخبث يا فرزدق منكم

ليلا وأخبث بالنهار نهارا (٢)

حيث فصل بين اسم التفضيل ومن بالمنادى وأداة النداء (يا فرزدق).

الصورة الثالثة : أن يكون مضافا إلى نكرة :

نحو : أفضل رجل ، أشجع محارب ، أقوى حيوان ، أحسن خطّ.

يلزم هذا التركيب :

 ـ أن يلزم اسم التفضيل الدلالة على الإفراد والتذكير.

 ـ أن يطابق المضاف إلى اسم التفضيل المفضّل الموصوف فى النوع والعدد ، وبخاصة الاسم الجامد.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٥٤ / المساعد ٢ ـ ١٦٩ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤٦. ويروى : على خمر.

موهبة : غدير ماء صغير ، جمعه : مواهب.

(لفوك أطيب) لام الابتداء ومبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ، وضمير المخاطبة مضاف إليه فى محل جر ، وأطيب : خبر المبتدإ مرفوع. (على خمر) شبه جملة صفة لماء فى محل جر.

(٢) المساعد ٢ ـ ١٦٩ / الدر ٢ ـ ١٢٨.

(نلق) فعل مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة.

وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : نحن. (يا فرزدق) حرف نداء ، ومنادى مبنى على الضم ، فى محل نصب.

ليلا تمييز منصوب.

٥٧٧

 ـ أن يكون المضاف إلى اسم التفضيل مطابقا للمفضّل فى جنسه من العقل وعدمه ، أى : أن يكون شيئا المفضل بعض منه ، أما غير ذلك فلا يصح (١).

ذلك نحو : علىّ أشجع رجل.

العليّان أشجع رجلين.

العليّون أشجع رجال.

سعاد أنصت فتاة.

السعادان أنصت فتاتين.

السعادات أنصت فتيات.

ومعنى التركيب : على أشجع من كل واحد ، والعليان أشجع من كل رجلين. قيس فضلهما بفضلهما ، والعليون أشجع من كل رجلين. قيس فضلهم بفضلهم ، ...

وهكذا. فحذف (من كل) ، وأضيف اسم التفضيل إلى ما كان مضافا إليه (٢).

وتقول : زيد أفضل رجل ، أحمد أتقى رجل ، الزيدان أفضل رجلين ، هما أكرما رجلين ، الزيدون أفضل رجال ، هم أتقى رجال ، هند أفضل امرأة ، إنها أعفّ امرأة ، الهندان أعقل امرأتين ، هما أطيب امرأتين ، الزينبات أكمل نسوة ، هنّ أتقى نسوة ، إجابتك أدقّ إجابة ، خطّه أجمل خط ...

فإذا كان المضاف اسم التفضيل مشتقا فإنه يجوز إفراده ، دون النظر إلى تثنية المفضّل أو جمعه ، والجمهور يوجبون المطابقة.

وقد ورد الوجهان فى قول الشاعر ، وقد أنشده الفرّاء (٣) :

وإذا هم طعموا فألأم طاعم

وإذا هم جاعوا فشرّ جياع (٤)

__________________

(١) المقتضب ٣ ـ ٣٨.

(٢) ينظر : شرح التسهيل ٣ ـ ٦٢.

(٣) معانى القرآن للفراء ١ ـ ٣٣. وينظر : الطبرى ١ ـ ٥٦٢ / البحر المحيط ١ ـ ١٧٧.

(٤) المواضع السابقة / شرح التسهيل ٣ ـ ٦٢ / المساعد ٢ ـ ١١٨.

٥٧٨

فالنكرة (طاعم) المضافة إلى اسم التفضيل (الأم) فى الشطر الأول دالة على الإفراد ، مع أن المفضّل (هم) جمع.

أما النكرة (جياع) فى الشطر الثانى وهى مضافة إلى اسم التفضيل (شر) فإنها جمع ، فطابقت المفضل.

ولأن جمهور النحاة يوجبون الإفراد ؛ فإنهم يؤولون كلّ ما جاء على غيره ، حيث يقدرون محذوفا قبل النكرة المضافة تكون مطابقة فى العدد للموصوف المفضل ، أو يقدرون المحذوف قبل الموصوف يطابق النكرة فى العدد.

فى البيت السابق يقدرون ألأم طاعم ، بالقول : ألأم فريق طاعم.

وفى قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) [البقرة ٤١] ؛ نجد أن ما أضيف إلى اسم التفضيل من نكرة مفرد ، والمفضّل جمع ، ويؤولون ذلك على النحو الآتى (١) :

 ـ أن (الأول) مضاف لاسم دال على الجمع ، و (كافر) صفته ، فحذف الاسم ، وبقيت صفته قائمة مقامه ، والتقدير : ولا تكونوا أول فريق كافر به ، وهذا الرأى هو الأظهر.

 ـ وقيل : التقدير : أول من كفر به.

 ـ وقيل : التقدير : إنه فى معنى : لا يكن كلّ واحد منكم أول كافر به.

 ـ وقيل : التقدير : ولا تكونوا أول كافر به ، ولا آخر كافر به ، وذكر الأول ، واقتصر عليه ، لأنه أفحش.

ملحوظة :

إذا عطفت على اسم التفضيل المضاف إلى نكرة مضافا إلى الضمير لعائد عليها جاز فى الضمير المطابقة وعدم المطابقة. والمطابقة أرجح وأوقع وأكثر قبولا. نحو :محمد أفضل رجل ، وأعقله.

المحمدان أفضل رجلين ، وأشجعه ، وأشجعهما.

__________________

(١) الدر المصون ١ ـ ٢٠٦.

٥٧٩

المحمدون أفضل رجال ، وأقواه ، وأقواهم.

هند أحسن فتاة ، وأكمله ، وأكملها.

الهندان أجمل فتاتين ، وأعقله ، وأعقلهما.

الهندات أكمل فتيات ، وألزمه ، وألزمهن.

الصورة الرابعة : أن يكون مضافا إلى معرفة :

نحو : أفضل القوم ، أحسن الخطّ ، أجمل الوجه ، أشجع المحاربين.

يلتزم البصريون أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه ، وأجازه الكوفيون.

وفى هذا التركيب يجوز الوجهان السابقان :المطابقة ، وعدم المطابقة ، وعدم المطابقة أرجح (١) ، فيقال :محمد أكرم الناس.

المحمدان أكرم الناس. أو : أكرما الناس.

المحمدون أكرم الناس. أو : أكرمو الناس ، وأكارمو الناس.

وفاء أفضل الفتيات. أو : فضلى الفتيات.

الوفاءان أفضل الفتيات. أو : فضليا الفتيات.

الوفاءات أفضل الفتيات. أو : فضلى الفتيات.

ومنه قوله تعالى :

(وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ ..) [هود : ٢٧](٢).

__________________

(١) التسهيل ١٣٤ / شرح الشذور ٤١٧ / شرح التصريح ٢ ـ ١٠٥.

(٢) (نرى) قد تكون قلبية ، وقد تكون بصرية ، فعل مضارع مرفوع مقدرا. و (الكاف) مفعول به فى محل نصب.

وجملة (اتبعك) مفعول به ثان منصوب محلا مع القلبية. وحال فى محل نصب مع البصرية. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ؛ لأنه فاعل. (هم أراذل) مبتدأ وخبر ، والجملة الاسمية صلة الموصول. (بادى) منصوب على الظرفية الزمانية. أو : على الحالية من كاف المخاطب ، أو على حرف نداء محذوف.

٥٨٠