النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

ملحوظة :

فى الدلالة على عدد المثنى المؤنث (اثنتان وثنتان) ، والتاء فيهما مبدلة من واو الكلمة.

ضرورة شعرية :

من الضرورات الشعرية إضافة التمييز إلى اثنين ، كما ذكر فى قول خطام المجاشعى أو غيره :

كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (١)

حيث أضاف الشاعر (حنظلا) مفردا إلى العدد (اثنتين) ، وهو ضرورة شعرية ، والتركيب أن يكتفى بتثنية حنظل ، فيقول : (حنظلتان) ، أو أن يؤكدهما بالعدد (ثنتان).

الأعداد من (٣ ـ ٩):

يكون تمييزها مخالفا لمعدوده فى الجنس (التذكير والتأنيث) ؛ كما أنه يكون جمعا مجرورا بالإضافة ، فتقول : هؤلاء ثلاثة رجال ، وسبع نساء ، فتحت ستّ نوافذ ، وخمسة أبواب. (رجال) تمييز للعدد (ثلاثة) ، فكان جمعا مجرورا بالإضافة إليه ، كما تخالفا فى الجنس. وتلحظ ذلك في التمييز : (نساء ، ونوافذ ، وأبواب) مع المعدودات : (سبع ، وست ، وخمسة).

فى قوله تعالى : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١٠](٢). (ليال) جمع مجرور بالإضافة ، ويختلفان فى التذكير (ثلاث) ، والتأنيث (ليال) أما

__________________

(١) (كأن) حرف تشبيه ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب. (خصييه) اسم كأن منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه مثنى ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة إليه. (من التدلل) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من الخصيين. (ظرف) خبر كأن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عجوز) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فيه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (ثنتا) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنّه مثنى ، وحذفت النون للإضافة. والجملة فى محل رفع صفة لظرف ، وجاز أن تكون فى محل نصب ، حال له ؛ لأنه خصص بالإضافة. (حنظل) مضاف إليه (ثنتا) مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٢) (آية) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره المصدر المؤول (ألا تكلم). (ثلاث) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (سويا) حال من فاعل (تكلم) ، وقيل : إنها نعت لثلاث ، والتقدير : ثلاثا كاملات. ويجوز لذلك أن تكون حالا من ثلاث ؛ لأنها نكرة مخصصة.

٣٢١

قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) [البقرة : ٢٢٦](١) ، ففيه (أشهر) جمع مجرور بالإضافة إليه العدد (أربعة) ، ويختلفان بين التذكير وبالتأنيث.

ومن ذلك قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحاقة : ٧]. حيث (ليالى) تمييز للعدد (سبع) ، فجاء جمعا مجرورا بالإضافة إليه ، واختلف معه فى التذكير والتأنيث ، وتلحظ ذلك فى (أيام) ، وهو تمييز للعدد (ثمانية).

وقوله تعالى : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) [آل عمران : ٤١](٢).

وقوله تعالى : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [لقمان : ٢٧]. فكل من :

(أيام وأبحر) جمع مجرور بالإضافة (إلى ثلاثة وسبعة).

وقوله تعالى : (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ) [يوسف : ٤٣](٣).

__________________

(١) (تربص) مبتدأ مؤخر ، خبره المقدم شبه الجملة (للذين). والجملة الفعلية (يؤلون) صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. وشبه الجملة (من نسائهم) متعلقة بيؤلون ـ على الأرجح.

(٢) (قال) فعل ماض مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (آيتك) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تكلم) فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، والمصدر المؤول فى محل رفع ، خبر المبتدإ : آية.

(الناس) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ثلاثة) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أيام) مضاف إليه ثلاثة مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (رمزا) مستثنى من ثلاثة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٣) (قال) فعل ماض مبنى على الفتح. (الملك) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إنى) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (أرى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، وفاعله مستتر تقديره : أنا ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر إن ، وجملة إن مع معموليها فى محل نصب ، مقول القول. (سبع) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (بقرات) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (سمان) صفة لبقرات مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة. (يأكلهن) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبات مبنى فى محل نصب مفعول به. (سبع) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة فى محل نصب ، حال من سبع

٣٢٢

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨](١).

(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [النور : ٨](٢).

(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الحجر : ٤٤](٣). (سبعة) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره شبه الجملة المقدمة (لها).

(قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) [يوسف ٤٧](٤).

(فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) [المائدة : ٨٩](٥).

(فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ...) [التوبة : ٢].

__________________

بقرات. (عجاف) صفة لسبع مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة. (وسبع) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. سبع : معطوف على سبع الأولى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (سنبلات) مضاف مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (خضر) صفة لسنبلات مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة. (وأخر) الواو حرف عطف مبنى لا محل له. أخر : معطوف على سبع الأولى منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (يابسات) صفة لأخر منصوبة ، وعلامة نصبها الكسرة ؛ لأنه مجموع بالألف والتاء المزيدتين.

 (١) (المطلقات) مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (يتربصن). (ثلاثة) منصوب على الظرفية ، فيكون مفعول يتربص محذوفا ، تقديره : الأزواج ، أو التزويج. وقد تجعل (ثلاثة) هو المفعول به ، والتقدير : ينتظرن مضى ثلاثة قروء. (بأنفسهن) شبه جملة متعلقة بالتربص ، أو مؤكد لنون النسوة بالنفس ، مع جعل الباء زائدة ـ وهذا على رأى مجموعة من النحاة.

(٢) فاعل (يدرأ) هو المصدر المؤول (أن تشهد). (أربع) نائب عن المفعول المطلق ، منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (شهادات) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٣) شبة الجملة (منهم) فى محل نصب حال من (جزء) ؛ لأنها صفته التى تقدمت عليه. شبه الجملة (لكل باب) فى محل نصب ، خبر مقدم للمبتدأ المؤخر (جزء).

(٤) (سبع) منصوب على الظرفية ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف ، و (سنين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. (دأبا) منصوب إما على المصدرية لفعل محذوف من لفظه ، والتقدير : تدأبون دأبا. وتكون الجملة فى محل نصب ، حال ، وإما يكون منصوبا على الحالية ، حيث إنه مصدر واقع موقع الحال.

(٥) (كفارة) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. خبره المرفوع (إطعام) ، أما (عشرة) فهو مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو المفعول به للمصدر. و (مساكين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جرة الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف.

٣٢٣

واحتساب التذكير والتأنيث يكون بالنظر إلى مفرد التمييز ، فتقول : ثلاثة حمّامات ، وأربعة إسطبلات ؛ لأن المفرد (حمام ؛ وإسطبل) ، وهما مذكران ، وإن كان الجمع قد ختم بالألف والتاء كجمع المؤنث السالم ، وذلك خلافا للبغداديين ، حيث يذكرون العدد فى مثل هذا التركيب خاليا من التاء.

ومثل ذلك : أنفقت اليوم خمسة جنيهات ، وسبعة ريالات. بالقاعة سبع نوافذ ، وخمسة مقاعد ، وثلاثة أبواب.

ملحوظة :

الأصل فى (ثلاثمائة وتسعمائة) وما بينهما من المئات أنها ثلاث وتسع وما بينهما مميزة بالمائة ، وتمييز هذه الأعداد يجب أن يكون جمعا مضافا إليها ، لكنه استغنى فيها عن لفظ الجمع بلفظ المفرد ـ فى الأعرف ـ تخفيفا لثقلها بالتأنيث ، كما أنها تحتاج إلى تمييز آخر بعدها ؛ لذا استخدمت بالإفراد تخفيفا. وربما استعملت بلفظ الجمع ، فيقال : ثلاث مئات ، وثلاث مئين ، ومنه قول الفرزدق :

ثلاث مئين للملوك وفى بها

ردائى وجلّت عن وجوه الأهاتم (١)

حيث ميز (ثلاثا) بالمائة فجمع جمع مذكر سالما (مئين) ، والأعرف استعمال لفظ المفرد. (ثلاثمائة) ، ويرى أن هذا شاذّ.

__________________

(١) ديوانه ، ط بيروت ٢ ـ ٣١٠ ، ط الصاوى ٢ ـ ٨٥٣ / المقتضب ٢ ـ ١٧٠ / المفصل ٢١٣ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٢١ / شرح ابن الناظم ٧٢٧ / الخزانة ٣ ـ ٣٠٢. ردائى : أراد السيف ، الأهاتم : جمع أهتم ، وأراد به بنى الأهتم ، والهتم : كسر الثنايا من أصلها. (ثلاث) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مئين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء. (للملوك) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نعت لثلاث. (وفى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. (بها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالوفاء. (ردائى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (وجلت) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. جل : فعل ماض مبنى على الفتح. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. والتاء : حرف للتأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. والجملة فى محل رفع بالعطف على جملة : وفى ردائى. (عن وجوه) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بجلّ. (الأهاتم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٣٢٤

العدد (١٠):

يعامل العدد عشرة فى تركيبين تعاملا مختلفا :

 ـ فإذا كانت مفردة فإنها تعامل معاملة الأعداد من (٣ ـ ٩) ، حيث يكون تمييزها جمعا مجرورا بالإضافة ، مخالفا للمعدود فى التذكير والتأنيث. فتقول : عشرة كتب ، وعشر كراسات ، عشر صور ، وعشرة أقلام. ومنه أن تقول : أجبت اليوم عن عشرة أسئلة ، ولم أترك إلّا عشر كلمات.

 ـ وإذا كانت مركبة ، أى : مذكورة فى الأعداد المركبة من (١١ ـ ١٩) فإنها توافق المعدود تذكيرا وتأنيثا ، فتقول : أحد عشر رجلا ، واثنتى عشرة امرأة ، وسبع عشرة برتقالة ، وتسعة عشر رغيفا.

ملحوظة فى الشين من (عشرة) :

الشين من (عشرة) يختلف النطق بحركتها بين التذكير والتأنيث ، والأكثر شيوعا هو :

 ـ تسكين الشين من (عشرة) فى التذكير والتأنيث إذا كانت مفردة. فتقول :رأيت عشرة رجال ، وعشر نساء ، بتسكين الشين فى الموضعين.

 ـ تحريك الشين بالفتح فى التذكير ، وتسكينها فى التأنيث إذا كانت الأعداد مركبة. فتقول : حضر اليوم ستة عشر طالبا. (بفتح الشين) ، وأربع عشرة طالبة. (بسكون الشين).

وتقول (بفتح الشين) : تحدث فى الندوة سبعة عشر عالما ، وعقّب تسعة عشر مستمعا. شرحنا خمسة عشر موضوعا ، ويتبقّى لنا أحد عشر موضوعا.

وتقول (بسكون الشين) : حضر الندوة اليوم ستّ عشرة عالمة ، وعقّب منهن إحدى عشرة عالمة ، أعجبنا بتسع عشرة صورة ، وأدهشنا ثلاث عشرة منها.

 ـ وبنو تميم يكسرون الشين من (عشرة) فى حال التأنيث عند التركيب ، احترازا من توالى أربع حركات بالفتحة أو خمس ، والحجازيون يسكنون الشين حينئذ.

٣٢٥

ملحوظة :

الأحكام السابقة للأعداد من (٣ ـ ١٠) ثلاثة وعشرة ، وما بينهما ، تكون حال سبق العدد لمعدوده المذكور ، فإذا سبق المعدود عدده فإن العدد يكون.

صفة له ، ويجوز فيه التأنيث والتذكير ، على معنى الجمعية ومعنى الجمع.

فتقول : استمعت إلى رجال ثلاثة ، أو ثلاث ، قرأت ورقات أربع ، أو أربعة.

ومنه قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [لواقعة : ٧].

(وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ) [الفجر : ١ ، ٢].

الأعداد من (١١ ـ ٩٩)

يكون تمييز الأعداد من (١١ ـ ٩٩) مفردا منصوبا ، أما من حيث التذكير والتأنيث فإنّ ألفاظ العقود لا تتأثر بها ، أما سائر الأعداد فإنها تلزم قواعد التذكير والتأنيث الخاصة بها ، حيث يتفق العددان (١ ، ٢) واحد واثنان ، وكذلك العدد عشرة فى حال التركيب مع المعدود فى التذكير والتأنيث ، أما الأعداد من (٣ ـ ١٠) ـ ثلاثة حتى عشرة ـ فإنها تتخالف مع المعدود تذكيرا وتأنيثا.

فى قوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [التوبة : ٣٦]. العدد (اثنا عشر) فاعل مرفوع وعلامة رفع اثنى الألف لأنه ملحق بالمثنى ، و (عشر) مبنى على الفتح فى محلّ جر بالإضافة ، و (شهرا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، ونلحظ أن التمييز مفرد منصوب ، وهو مذكر فكان (اثنا) مذكرا ، أما (عشر) فهى موافقة للتمييز فى التذكير.

فى قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) ([الأعراف : ١٦٠](١).

__________________

(١) (قطعناهم) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به أول. (اثنتى) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى. (عشرة) مضاف إليه مبنى على الفتح فى محل جر ، والتمييز محذوف تقديره : فرقة. (أسباطا) بدل من التمييز المحذوف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (أمما) نعت لأسباط منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وقد يحتسب بدلا من أسباط منصوب.

٣٢٦

والتقدير : اثنتى عشرة فرقة ، فاتفق العدد بجزأيه مع التمييز فى التأنيث ؛ لأن التمييز (فرقة) مؤنث ، فيتفق معه الجزء الأول (اثنتا) ، وكذلك الجزء الثانى (عشرة).

 ـ (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤]. التمييز (كوكبا) مذكر ، فاتفق مع (أحد) و (عشر) فى التذكير ، وورد مفردا منصوبا ، و (أحد عشر) مفعول به لرأيت ، مبنى على فتح الجزأين فى محل نصب.

(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) [ص : ٢٣](١).

بالحديقة خمسة عشر حوضا ، وسبع عشرة شجرة.

(وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : ١٤٢](٢).

__________________

(١) (إن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (أخى) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعة الضمة المقدرة ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة ، أو يعرب (أخ) على أنه بدل ، أو عطف بيان لاسم الإشارة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحه المقدرة. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع خبر مقدم. (تسع) مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والجملة فى محل رفع ، خبر ثان لإن ، أو فى محل رفع خبر إن. (وتسعون) الواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. تسعون : معطوف على تسع مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. (نعجة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ولى) الواو حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لى : جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (نعجة) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل رفع بالعطف على جملة (له تسع). (واحدة) صفة لنعجة مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة.

(٢) (واعدنا) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل رفع ، فاعل. (موسى) مفعول به أول منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة. (ثلاثين) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. (ليلة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وأتممناها) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له. أتم : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة معطوفة على سابقتها. (بعشر) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالإتمام. وتمييز عشر محذوف دل عليه ما سبق. (فتم) الفاء : حرف عطف مبنى لا محل له. تم فعل ماض مبنى على الفتح. (ميقات) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (ربه) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة إلى رب. (أربعين) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. وذلك بتضمين تم

٣٢٧

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ...) [النور : ٤](١).

(إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠](٢).

(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥](٣).

الأعداد : مائة ، وألف ، ومليون ومضاعفاتها :

تمييز الأعداد (١٠٠ ، ١٠٠٠ ، ١٠٠٠٠٠٠) ومضاعفاتها يكون مفردا مجرورا بالإضافة ، ولا تتأثر هذه الأعداد بالتذكير والتأنيث ، ففى قوله تعالى : بث (فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) [العنكبوت : ١٤](٤). العدد (١٠٠٠) ألف مميز بسنة ، ولذا جاء مفردا مضافا إلى العدد مجرورا بالكسرة. وفيه كذلك العدد خمسون مميز بالمفرد المنصوب (عاما).

وفى قوله تعالى : (قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) [البقرة : ٢٥٩]. (عام) تمييز لمائة ، فجاء مفردا مضافا إليه.

__________________

معنى بلغ. وقد ينصب على الحالية من ميقات ، وذلك بتقدير محذوف ؛ أى : بالغا أربعين. (ليلة) تمييز لأربعين منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (١) (اجلدوهم) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وفاعله واو الجماعة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ثمانين) نائب عن المفعول المطلق منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

(٢) (تستغفره) فعل جملة الشرط مضارع ، مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت. (لهم) شبه جملة متعلقة بالاستغفار. (سبعين) منصوب على المصدرية ؛ لأنه نائب عن المفعول المطلق ، مبين لعدد مرات الفعل ، والتقدير : سبعين استغفارة. وإما على الظرفية الزمانية ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، (مرة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ...

(٣) (حمل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، (ثلاثون) خبر المبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (شهرا) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(٤) (لبث) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : هو. (فيهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة باللبث. (ألف) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (سنة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (خمسين) مستثنى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عاما) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

٣٢٨

وفى قوله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج : ٤](١). (ألف) تمييز (خمسين) ، فجاء مفردا منصوبا ، ولم ينوّن للإضافة ، وتمييز (ألف) (سنة) ، فجاء مفردا مجرورا بالإضافة إليه.

وتقول : ظلّت الدولة الأموية قرابة مائة عام ، أو سنة. أما الدولة العباسية فقد ظلت أكثر من خمسمائة عام ، أو سنة.

موجز ما سبق :

 ـ أن العددين (١ ، ٢) ـ واحدا واثنين ـ يستخدمان صفة لمعدودهما ، أو يخلفانه بعد حذفه.

 ـ أن الأعداد من (١١ ـ ٩٩) يكون تمييزها مفردا منصوبا.

 ـ ما قبل العدد (١١) يكون جمعا مجرورا بالإضافة ، وما بعد العدد (٩٩) يكون مفردا مجرورا بالإضافة.

 ـ الأعداد التى تتأثر بالتذكير والتأنيث هى الأعداد من (١ ـ ١٠) ، حيث :

(١ ، ٢) يتفقان مع المعدود تذكيرا وتأنيثا. (٣ ـ ٩) تختلف مع المعدود تذكيرا وتأنيثا. (١٠) مفردة تختلف مع المعدود فى التذكير والتأنيث ، ومركبة تتفق.

 ـ الاعتبار أو الاحتساب للعدد المنطوق أخيرا فى الأعداد المعطوفة ، أو المضافة.

فتقول : فى القاعة مائة وأربع طالبات ، أو : أربع ومائة طالبة. كما أن بها مائتين وأربعة عشر طالبا ، أو : أربعة عشر ومائتى طالب ، وتقول : بقريتنا ستة وعشرون ألفا ومائتان وسبعة وثمانون فردا. أو : سبعة وثمانون ومائتان وستة وعشرون ألف

__________________

(١) (تعرج) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (الملائكة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(والروح) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. الروح : معطوف على الملائكة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إليه) شبه جملة متعلقة بتعرج. (فى يوم) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالعروج. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (مقداره) اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والهاء : ضمير مبنى فى محل جر بالإضافة. (خمسين) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. وجملة كان مع اسمها وخبرها فى محل جر ، نعت ليوم. (ألف) تمييز لخمسين منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مضاف. (سنة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٣٢٩

فرد. فإذا جعلت مكان الفرد (نسمة) ، فإنه لا يتغير إلا العدد سبعة ؛ حيث تصبح (سبعا) لتختلف مع (نسمة) فى التأنيث.

ملحوظات فى التذكير والتأنيث

مع الأعداد (٣ ـ ١٠)

أولا : التذكير والتأنيث بين اللفظ والمعنى :

تأنيث العدد وتذكيره يعتمد على أسس معنوية يؤديها اللفظ الذى يميزه من خلال سياق الجملة متكاملة ، فإن لم توجد هذه الأسس فإنه ينظر إلى ما هو منطوق فى الجملة ، وذلك على النحو الآتى :

أ ـ إذا كان المميّز اسما وليس له مفهوم دلالىّ محدد من حيث التذكير والتأنيث يريده المتحدث. حيث يطلق لفظه للمذكر والمؤنث ، فإنه ينظر إلى لفظه ـ إن مذكرا وإن مؤنثا ـ ويعامل العدد على هذا الاعتبار ، ذلك لأنه لا يوجد ما يتعلق بالمميز ، ويكون محدد التذكير أو التأنيث. فتقول : ناقشت ثلاثة أشخص (وأنت تعنى النساء) ، حيث التمييز (أشخص) جمع (شخص) مذكر ، فأنثت العدد لذلك. وتقول : لم يحضر ثلاث أعين ، وأنت تعنى الرجال ، حيث التمييز (أعين) جمع (عين) مؤنث ، فذكرت العدد.

وإن كان فى اللفظ لغتا التذكير والتأنيث ، فإنهما يراعيان فى العدد ، فتقول : له ثلاثة أحوال ، وثلاث أحوال ؛ لأن الحال تذكر وتؤنث.

ب ـ فإن وجد فى الكلام متعلق بالتمييز واضح الدلالة من حيث التذكير والتأنيث ، جاز اعتبار المعنى واعتبار اللفظ.

ومن النظر إلى المعنى لوجود المتعلق بالتمييز الدالّ دلالة واضحة قول عمر ابن أبى ربيعة :

فكان مجنّى دون من كنت أتّقى

ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (١)

__________________

(١) الكتاب ٢ ـ ١٧٥ / المقتضب ٢ ـ ١٤٨ / الخصائص ٢ ـ ٤١٧ / شرح ابن الناظم ٧٢٩ / المقرب ٦٧ / الخزانة ٣ ـ ٣١٢ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٧١ ، ٢٧٥. المجن : الترس.

٣٣٠

حيث جعل الشاعر العدد (ثلاثا) مذكرا ، مع أن تمييزه المضاف إليه (شخوصا) مذكر ، فكان حقّه التأنيث ، لكن المقصود عند الشاعر بالتمييز التأنيث ، فالشخص يكون دلاليا للذكر والأنثى ، وقد قوى اتجاه المعنى للتأنيث بالتصريح بالمؤنثين (كاعبان ومعصر) ، فلذلك ذكّر العدد.

ومثله قول النوّاح الكلبى :

وإنّ كلابا هذه عشر أبطن

وأنت برىء من قبائلها العشر (١)

(أبطن) تمييز مذكر للعدد (عشر) المذكر ، ذلك لأن التمييز قد فصّل بقوله :(قبائلها العشر) ، والقبائل مؤنثة ، فجاء العدد مذكرا لهذا التفصيل.

ومثل ذلك أن يكون اللفظ مؤنثا علما ومدلوله مذكر ، أو نقيض ذلك ، فيكون الاحتساب للمدلول ، فتقول : أربعة من الطلحات ، وست من الهنود.

قد يغلب الاستعمال المعنوىّ الاجتماعى من حيث تذكير اللفظ وتأنيثه ، وإن لم يوجد متعلق يقويه ، ففى قول الحطيئة :

ثلاثة أنفس وثلاث ذود

لقد جار الزمان على عيالى (٢)

أنث الشاعر العدد (ثلاثة) مع أن تمييزه (أنفسا) جمع (نفس) مؤنث ، فكان حقّ العدد التذكير ، لكنه أنث العدد على الاستعمال الشائع لنفس ، وهو إنسان ، والإنسان مذكر ، أو حملا لها على معنى : شخص ، وقد يقال : ثلاث أنفس ، فتسقط التاء مراعاة للّفظ.

__________________

(١) الكتاب ٢ ـ ١٧٤ / المقتضب ٢ ـ ١٤٨ / الخصائص ٢ ـ ٤١٧ / شرح ابن الناظم ٧٢٩. (الواو) بحسب ما قبلها. (إن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كلابا) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (هذه) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، صفة لكلاب. (عشر) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أبطن) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الواو) استئنافية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أنت) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (برىء) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (من قبائلها) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالبراءة. (العشر) صفة لقبائل مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة.

(٢) الكتاب ٢ ـ ١٧٥ / الخصائص ٢ ـ ٢١٤ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٧٠ / الهمع ١ ـ ٢٥٣ ، ٢ ـ ٢٤٩ / الخزانة ٣ ـ ٣٠١.

٣٣١

ثانيا : تمييز الأعداد من (٣ ـ ١٠) باسم الجنس أو اسم الجمع :

إذا كان معدود الأعداد من (٣ ـ ١٠) ـ ثلاثة إلى عشرة ـ اسم جنس ، نحو :شجر ، وتمر ، ونخل ، وثمر ، وروم ، وزنج ، وجند ، وماء ، ... أو اسم جمع ، نحو : سفر ، قوم ، ورهط ، ونفر ، ركب ، طير ، فإنه يخفض بـ (من). فتقول :

أكلت ثلاثا من التمر ، أثمرت أربع من النّخل ، ومنه قوله تعالى : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [البقرة : ٢٦٠].

ويجوز أن يخفض اسم الجمع أو اسم الجنس المعدود بالإضافة إليه ، كما جاء فى قوله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) [النمل : ٤٨](١). حيث (رهط) اسم جمع ، والتقدير : تسعة رجال ، ومميّز به العدد (تسعة) ، وخفض بالإضافة إليه. ومنه قول الحطيئة :

ثلاثة أنفس وثلاث ذود

لقد جار الزمان على عيالى

حيث أضيف اسم الجمع (ذود) إلى عدده (ثلاث) ، والتمييز اسم جمع يدل على مجموعة الإبل من ثلاثة إلى عشرة.

ثالثا : قضية التأنيث والتذكير فى التمييز باسم الجنس واسم الجمع :

ذكرنا أن التمييز إذا كان اسم جنس أو اسم جمع فإنه يجوز أن يرد فى تركيبين :

أحدهما : أن يكون مجرورا بـ (من).

__________________

(١) (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (فى المدينة) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر كان مقدم. (تسعة) اسم كان مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (رهط) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (يفسدون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية نعت لرهط فى محل جر ، أو نعت لتسعة فى محل رفع. (فى الأرض) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالفساد. (ولا يصلحون) الواو : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. يصلحون : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة (يفسدون) فى محل جر ، أو فى محل رفع.

٣٣٢

والآخر : أن يكون مجرورا بالإضافة.

وقضية التأنيث والتذكير من حيث العلاقة بين العدد ثلاثة وعشرة وما بينهما وبين مميّزه اسم الجنس واسم الجمع ترتبط بنوع التركيب ، ذلك على النحو الآتى :

 ـ إذا كان التمييز اسم جنس أو اسم جمع مجرورا بـ (من) : فإن الاعتبار يكون للفظ التمييز ، ويعرف ذلك من خلال عود الضمير عليهما ، تذكيرا أو تأنيثا ، ويكون التمييز مخالفا للعدد ـ حينئذ ـ فى التذكير والتأنيث. فيقال : عندى ثلاثة من الغنم ؛ لأن الغنم يكون مذكر الصفة ، فتقول : عندى غنم كثير ، ومثله أن تقول : زارنا أربعة من القوم ، لأنك تقول : قوم كثير.

وتقول : عندى أربع من البقر ، وأربعة ؛ لأن البقر يذكر ويؤنث ، حيث يقال :

بقر كثير وكثيرة ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) [البقرة : ٧٠] ، وفيه قراءة : تشابهت ، فذكّر البقر وأنّث. وتقول : فى فناء الدار سبع من البطّ ؛ لأن البطّ يؤنث ، فيقال : بط كثيرة.

فلو أنه ذكر فى مثل هذا التركيب ما يدلّ على التأنيث أو التذكير فإنه يجب اعتبار معنى هذا اللفظ دون النظر إلى ما يستخدم له اسم الجنس أو اسم الجمع فى اللغة من التذكير أو التأنيث. فتقول : فى فناء الدار ثلاثة ذكور من البطّ ، وثلاث إناث من البط. فكان العدد مؤنثا ؛ لأن البطّ خصص بالمذكر ، وكان مذكرا عند ما اختص البطّ بالمؤنث. كما تقول : اشتريت خمسة من الغنم خرافا ، وثمانى من الغنم إناثا.

رابعا : مراعاة التمييز الموصوف المحذوف :

إذا كان التمييز صفة فاحتساب حال التأنيث والتذكير يكون للفظ موصوفها المحذوف لا للفظها. فتقول : زارنا ثلاث ربعات. (إن كان المقصود نساء) ، حيث يكون التقدير : ثلاث نساء ربعات. ولكنك تقول : زارنا ثلاثة ربعات. إن كان المقصود رجالا.

٣٣٣

وهذا مثل قولك : عندنا ثلاثة دوابّ. إن كانت ذكورا ، وثلاث دوابّ ، إن كانت إناثا. (دواب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف (منتهى الجموع).

من ذلك قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠](١).

لأن الأصل : فله عشر حسنات أمثالها ، حيث التمييز (حسنات) وهى مؤنثة موصوفة بالصفة المذكرة (أمثال) ، فجاء العدد مذكرا ، وحذف التمييز الموصوف (حسنات) ، وأقيمت صفته المذكرة (أمثالها) مقامه ، فكان اعتبار التذكير والتأنيث للتمييز الموصوف المحذوف.

ومنه القول : أعجبت بثلاثة نسّابات ، إذ المقصود ثلاثة رجال نسابات ، فأنث العدد (ثلاثة) تبعا لتذكير التمييز الموصوف المحذوف ، وإقامة الصفة المؤنثة (نسابات) مقامه.

وكذلك القول : بعائلتك ثلاثة علّامات. إذ المقصود بهم الرجال العلماء من عائلتك. فإذا قلت : ثلاث علّامات ، كان المقصود أن المحذوف نساء.

خامسا : العدد المميّز بتمييزين :

إذا ميّز العدد بتمييزين يشتركان فى مجموع العدد فإنه يراعى القواعد الآتية من حيث التذكير والتأنيث (٢) :

 ـ إذا كان العدد مفردا فإنه يراعى المعدود أو التمييز السابق مطلقا. فيقال :عندى ثمانية أعبد وإماء ، فتؤنث العدد ؛ لأن التمييز المذكور أولا (أعبد) جمع

__________________

(١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (جاء) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (بالحسنة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالمجىء. (فله) الفاء : حرف واقع فى جواب الشرط رابط له بشرطه مبنى ، لا محل له من الإعراب. اللام : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (عشر) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل جزم جواب الشرط. وجملة الشرط وجوابه فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (أمثالها) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة.

(٢) ينظر : الصبان على الأشمونى على الألفية ، باب العدد ٤ ـ ٧٠.

٣٣٤

(عبد) ، وهو مذكر. ويقال : عندى ثمانى إماء وأعبد ، فتذكر العدد ؛ لأن التمييز المذكور أولا (إماء) جمع (أمة) مؤنث.

 ـ إذا كان العدد مركبا والتمييز لعاقل كان تبعا للمذكر ، سواء تقدم أم تأخر.

فتقول : عندى خمسة عشر عبدا وأمة ، أو : أمة وعبدا ، فتؤنث (خمسة) وتذكر (عشرا) ؛ لأن التمييز المعطوف يتضمن مذكرا.

 ـ إذا كان العدد مركبا والتمييز غير عاقل كان التذكير والتأنيث تبعا للمتقدم بشرط الاتصال. فتقول : عندى ستة عشر جملا وناقة ، وسبع عشرة شاة وخروفا.

فتؤنث (ستة) وتذكّر (عشرا) ؛ لأن الأسبق فى التمييز (جمل) ، وهو مذكر غير عاقل ، ولم يفصل بينه وبين العدد ، وتذكّر (سبعة) وتؤنث (عشرة) ؛ لأن الأسبق فى التمييز (شاة) مؤنث غير عاقل ، ولم يفصل بينه وبين العدد. فإذا فصل بينهما كان تذكير العدد وتأنيثه طبقا للمؤنث ، فتقول : عندى ستّ عشرة ما بين ناقة وجمل ، أو : ما بين جمل وناقة ، حيث يوجد فى التمييز المعطوف (ناقة) وهو مؤنث ، وقد فصل بين التمييز والعدد بالفاصل (ما) ، فتذكّر (ستا) ، وتؤنث (عشرة) تبعا للتمييز (ناقة).

ياء الثمانية

تعامل (ثمانية) (١) معاملة خاصة من حيث ياؤها : حذفها ، وإثباتها ، فبنيتها تشابهت مع بنية الجمع المتناهى ، وهى منقوصة ، والعرب تعامل مثل هذه البنى معاملات مختلفة فيما بينهم.

أما (ثمانية) فإنها تستخدم على التفصيل الآتى :

أولا : إذا كانت مؤنثة :

إذا كان معدودها مذكرا ؛ فإنها تكون مؤنثة ، أى : تنتهى بتاء التأنيث ، وحينئذ تحمل التاء علامة الإعراب حال إفرادها أو إضافتها ، وتحمل فتحة البناء حال

__________________

(١) ينظر فى ذلك : شرح التسهيل لابن مالك ٢ ـ ٤٠٣ / الأشمونى على الصبان ٤ ـ ٧٢ / المساعد على تسهيل الفوائد ٢ ـ ٨٢ ، ٨٣ / النحو الوافى ٤ ـ ٥٣٧ ، ٥٤٧.

٣٣٥

تركيبها ، فتكون كغيرها من الأعداد المماثلة لها فى الاستعمال ، وهى ثلاثة وتسعة ، وما بينهما ، وتنطق الياء بكيفية نطقها فى (ثمانية) ، وهو الحركة بالفتحة.

من ذلك قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الأنعام : ١٤٣].

(ثمانية) منصوب على البدلية من (حمولة وفرشا) ، أو على المفعولية للفعل (كلوا) المذكور قبله. وفيه أوجه أخرى.

فتقول استلمت ثمانية كتب ، واشتريت ثمانية عشر قلما. استمعنا إلى بطولة المحاربين من الضباط ، وكان عددهم ثمانية ، وكان يجالسنا من الجنود ثمانية عشر.

بهذا الكتاب ثمانية فصول ، وفى كل صفحة ثمانية عشر سطرا.

(وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ١٧].

(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ...) [الحاقة : ٧].

ثانيا : إذا كانت مذكرة :

إذا كانت (ثمانية) مذكرة ، أى : تكون خالية من تاء التأنيث ، ويكون معدودها مؤنثا ـ حينئذ ـ ، فإنها تعامل كما يأتى :

أ ـ إن كانت مضافة ، فإن الأرجح والأفصح أن تثبت ياؤها ، وتعرب إعراب المنقوص ، أى : بالضمة المقدرة حال الرفع ، وبالكسرة المقدرة حال الجر ، وبالفتحة الظاهرة حال النصب ، وكلها على الياء المثبتة.

فتقول : ثمانى طالبات حضرن اليوم. (ثمانى) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة.

استمعنا إلى إجابة ثمانى طالبات. (ثمانى) مضاف إليه ، مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة.

كافأنا ثمانى مجتهدات. (ثمانى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

٣٣٦

ومنه قوله تعالى : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) [القصص : ٢٧]. (ثمانى) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

ب ـ إن كانت مركبة ؛ أى : مع العدد (عشرة) فإنه يجوز فيها أربعة أوجه (١).

١ ـ فتح الياء ، وهو الأرجح ؛ لأن ذلك يتلاءم مع صدر الأعداد المركبة ، حيث البناء على الفتح ، فتقول : ثمانى عشرة ، كما تقول : أحد عشر.

٢ ـ إسكان الياء ، فتقول : ثمانى عشرة ، بإسكان الياء ، كما هو فى ياء معدى كرب.

٣ ـ حذفها ، مع كسر النون قبلها ، حيث إنها ياء زائدة ، وتكون الكسرة دليلا عليها.

٤ ـ حذفها ، مع فتح النون قبلها ، حيث إن آخرها يكون النون ، فجعلت عليه الفتحة فتحة بناء التركيب.

ج ـ إن أفردت ، أى : لم تكن مضافة ولا مركبة ، فإن فيها الأوجه الآتية :

١ ـ أن تعامل معاملة الجمع الممنوع من الصرف المقصور الذى يكون على مثال (مفاعل) ، وذلك بأن تحذف الياء فى حال الرفع والجر ، ويعوض عنها بتنوين الكسرة للنون ، وبالفتحة غير المنونة فى حال النصب على الياء ، فتقول : حضر إلينا ثمان من الفتيات. اهتدينا إلى ثمان من الأوجه الإعرابية.

فتحنا ثمانى من النوافذ.

وهذا رأى جمهور النحاة.

٢ ـ قد تنون ياؤها بالفتحة حال النصب ، فتقول : فتحنا ثمانيا من النوافذ.

٣ ـ بعض العرب يعربونها بالحركات على النون بعد حذف الياء ، فيقولون :

ثمان ، ثمان ، ثمانا. ومنه قول الشاعر :

لها ثنايا أربع حسان

وأربع فثغرها ثمان (٢)

وهو قليل.

__________________

(١) يرجع إلى : المساعد على تسهيل الفوائد ٢ ـ ٨٢.

(٢) ينظر : شرح التسهيل لابن مالك ٢ ـ ٤٠٣ / الأشمونى على الصبان ٤ ـ ٧ / المساعد على تسهيل الفوائد ٢ ـ ٨٣.

٣٣٧

صوغ العدد على وزن (فاعل)

لا يصاغ من الأعداد على مثال (فاعل) إلّا واحد وعشرة وما بينهما ، ويكون ذلك على النحو الآتى :

العدد (١) واحد :

العدد (واحد) مصوغ فى كلّ أشكاله البنيوية على مثال (فاعل) ، سواء أكان واحدا وواحدة ، أم حاديا ، وحادية ، هذا عدا أحد وإحدى ، أما (واحد) فهو على مثال (فاعل) ، لكن حاديا على مثال عالف ، حيث إنه مقلوب واحد ، فتأخرت فاء الكلمة ، فصار إلى (حادو) ، على مثال (عالف) ، وقلبت الواو إلى ياء لتطرفها ، وكسر ما قبلها ، صار إلى (حادى).

ويستعمل (واحد) للمذكر ، و (واحدة) للمؤنث صفة ، سواء أكانت الصفة ملفوظة أم مقدرة. فتقول : زارنا ضيف واحد ، وابنة واحدة له. كما تقول : أقبل علينا واحد من المدعوّين ، وواحدة من أخواته ، أى : مدعو واحد ، وأخت واحدة.

ولا يستعمل (حادى وحادية) إلا فى العدد المركب (١١) أحد عشر ، وألفاظ العقود (٢٠ ، ٣٠ ، ...) ، (عشرين ، ثلاثين ، ...) ، وهو صفة لفظا أو تقديرا.

فتقول : فتحنا الصفحة الحادية عشرة ، وقرأنا فيها السطر الحادى والعشرين. كما تقول : أجبت عن الحادى عشر من الأسئلة ، وأخرجت الحادى والثلاثين من الطلاب ، أى : السؤال الحادى عشر ، والطالب الحادى والثلاثين.

الأعداد (٢ ـ ١٠) اثنان إلى عشرة :

تصاغ الأعداد : اثنان ، ثلاثة .. إلى عشرة على مثال فاعل ، كما يصاغ من (فعل) ثلاثيا ، فيقال : ثان ، وثالث ، ورابع ، وخامس ، وسادس ، وسابع ، وثامن ، وتاسع ، وعاشر ، وذلك فى أى تركيب ترد فيه : مفردة ، أو مركبة ، أو معطوفة ، ويستثنى منها (عاشر) ، فإنه لا يستخدم إلا مفردا ، حيث لا يرد معطوفا ولا مركبا ، وكلها تكون صفة ملفوظة أو مقدرة ، مذكرة أو مؤنثة. فتقول : دخل

٣٣٨

الطالب الثانى ، وخرجت الطالبة السابعة ، انتهينا من الدرس فى الدقيقة الثامنة والسبعين ، كما شرحنا السادس والعشرين من الأبيات ، أى : البيت السادس والعشرين.

يلحظ أن العدد إذا وقع صفة لمقدّر فإنه يتّخذ الموقع الإعرابىّ لموصوفه ، فإذا قلت : حضر السابع والثلاثون من المشاهدين ، أى : المشاهد السابع والثلاثون ، فإن السابع يعرب فاعلا مرفوعا وعلامة رفعه الضمة ، والثلاثون معطوف على السابع مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

استعمال اسم الفاعل من العدد فى التركيب :

لك فى اسم الفاعل من الأعداد السابقة أن تستعمله فى التركيب بحسب المعنى الذى تريده على الأوجه الآتية :

أولا : الأعداد المفردة فى اللفظ :

يصاغ العدد (٢ ـ ١٠) اثنان وعشرة وما بينهما على مثال فاعل ، فيستعمل ـ تركيبيا ودلاليا ـ مع الأعداد المفردة فى اللفظ اثنين وعشرة وما بينهما على النحو الآتى :

أ ـ أن يستعمل بمفرده فى اللفظ ليفيد مجرد الاتصاف بمعناه ، كأن تقول : لم أجد المجلد الخامس. الجزء الثامن فيه ما تسأل عنه ، وفى هذا التركيب محافظة على الرتبة العددية ، كلّ من (الخامس والثامن) صفة لما قبلها (المجلد والجزء).

وإذا أردت الترتيب من العدد (واحد) فإنك تقول الأول ، نحو : حضر الطالب الأول ، والطالبة الأولى ؛ لأن الواحد يطلق على كل المعدودات دون إرادة الترتيب.

وتقول : محمد سادس طالب حضر ، حيث (سادس) اسم فاعل من العدد (ستة) ، وهو خبر للمبتدإ (محمد). ومنه قول النابغة الذبيانى :

توهّمت آيات لها فعرفتها

لستّة أعوام وذا العام سابع (١)

__________________

(١) شرح التصريح : ٢ ـ ٢٧٦. (توهمت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل. (آيات) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ؛ لأنه مجموع بالألف والتاء المزيدتين. (لها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه

٣٣٩

ب ـ أن يستعمل مع أصل العدد الذى اشتقّ منه ، مضافا إليه ، ليدلّ التركيب على أن الأول بعض الثانى ، أو منحصر فيه فى جماعة محددة ، مثل : ثانى اثنين ، وثانية اثنتين ، وثالث ثلاثة ، وثالثة ثلاث ، وسابعة سبع ، وثامن ثمانية ، وتاسع تسعة ، وعاشرة عشر.

وتلحظ أن الجزأين من العدد (اثنين) متفقان فى التذكير والتأنيث ، وفى الأعداد من (٣ ـ ١٠) ، (ثلاثة وعشرة وما بينهما) يكون الجزء الأول متفقا مع المتصف فى التذكير والتأنيث ، أما الجزء الثانى فإنه يكون مخالفا ، كقاعدة هذه الأعداد مع تمييزها. والمراد من مثل هذا التركيب أنه : أحد اثنين ، أو : إحدى اثنتين ، أو : أحد ثلاثة ، أو : إحدى ثلاث ، أو : إحدى سبع ، أو : أحد ثمانية ... إلخ.

من ذلك قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣].

(ثالث) اسم فاعل من (ثلاثة) ، وهو مذكر ليتلاءم مع لفظ الجلالة. أمّا ما أضيف إليه من العدد (ثلاثة) فهو مؤنث للمخالفة فى الجنس.

ومنه قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠](١). إذ أضيف اسم

__________________

الجملة فى محل نصب ، صفة لآيات. (فعرفتها) الفاء : حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. عرفت : فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائبة مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة معطوفة على سابقتها لا محل لها. (لستة) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالمعرفة. (أعوام) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وذا) الواو ابتدائية لا محل لها. ذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (العام) بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (سابع) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

 (١) (إن) حرف شرط جازم مبنى ، لا محل له من الإعراب. (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تنصروه) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، أما جواب الشرط فمحذوف تقديره : فسوف ينصره الله ، دل عليه القول : فقد نصره الله. وهناك رأى يذهب إلى أن المذكور «فقد نصره الله» جواب الشرط ، ويرد عليه بأن الماضى لا يترتب على المستقبل. ويجوز ذلك على سبيل التوكيد. (إذ) ظرف زمان مبنى على السكون فى محل نصب بنصر. (أخرجه) فعل ماض مبنى على الفتح ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ،

٣٤٠