النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

القول : ما جاءنى غير زيد أحد غير عمرو أحد. يذكر الخفاف أنك تنصبهما جميعا مع التقديم ، ولا يجوز ذلك مع التأخير (١). ولكننى أرى أن ذلك يجوز مع التأخير ، طبقا للتحليل فى المثل السابق.

ما جاءنى غير زيد غير عمرو. ترفع أحدهما خاصة (٢).

ما أكل أحد غير الخبز غير زيد. تنصب الاثنتين (٣) ، نصب الأولى على المفعولية ، فالاستثناء بالنسبة إليها مفرغ ، أما الثانية فتنصب على الاستثناء ، وأرى أنه يجوز فيها الرفع على البدلية ؛ لأن الاستثناء بالنسبة إليها تام منفى متصل غير مفرغ ، والمستثنى منه قد تقدم.

تقول : عندى عشرة غير خمسة غير اثنين غير واحد. الاستثناء من الاستثناء ، فتكون الأرقام المذكورة فردية فى الترتيب بالموجب ، أما المذكورة زوجية فى الترتيب فإنها تكون بالسالب ، وعلى هذا فقد أقر الناطق للسامع بستة ، حيث : ١٠ ـ ٥+ ٢ ـ ١ ٦.

ولو أنك استثنيت الأخير مما سبقه ، والباقى مما سبقه ، إلى أن تصل إلى المستثنى منه الأول لكانت النتيجة نفسها. فتستثنى الواحد من الاثنين فينتج واحد ، ثم تستثنى الواحد من الخمسة ، فينتج أربعة ثم تستثنى الأربعة من العشرة ، فيكون الناتج النهائى ستة.

تنوع (غير) فى التركيب :

الأصل فى (غير) فى التركيب أن تكون صفة ، لكنك قد تجدها فى أربع صور :

أولاها : وهى الأصل ، أن تكون صفة ، فتتبع ما قبلها من موصوفها فى الإعراب ، كقولك :

اشتريت كتابا غير حديث. (غير : صفة لكتاب منصوبة وعلامة نصبها الفتحة).

__________________

(١) الموضع السابق.

(٢ ، ٣) الموضع السابق.

٢٢١

استمعت إلى حديث غير ممل. (غير : صفة لحديث مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة).

جاءنا رجل غير مهمل. (غير : صفة لرجل مرفوعة ، وعلامة رفعها الضمة).

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧].

وكذلك قوله تعالى : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) [هود : ٤٦]. حيث (غير) ؛ مرفوعة لأنها نعت لخبر (إن) المرفوع (عمل). وقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦].

وقد يوصف بها شبه النكرة ، ومن ذلك قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٦ ، ٧](١). وفيه إذا وقعت (غير) بين ضدّين ضعف إبهامها ، حيث وقعت بين ضدّين هما : المنعم عليهم ، والمغضوب عليهم.

ثانيتها : أن يحذف موصوفها ، وتظلّ فى التركيب ، فتحلّ محله ، وتأخذ حكمه الإعرابىّ ، نحو :حضر غير المهمل. (غير : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة).

مشيت فى غير متعرج. (غير : اسم مجرور بعد (فى) ، وعلامة جره الكسرة).

كافأنا غير الكاذب. (غير : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة).

__________________

(١) (اهدنا) فعل أمر مبنى على حذف حرف العلة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (الصراط) منصوب على التوسع ، أو على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة. (المستقيم) صفة للصراط منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (صراط) بدل من الصراط منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة. (أنعمت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (عليهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإنعام. (غير) صفة للاسم الموصول مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (المغضوب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (عليهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالغضب.

٢٢٢

منه قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) [الأنعام : ٩٣](١) حيث (غير) تنصب من وجهين :

أ ـ : أنها مفعول به للقول.

ب ـ : أنها نعت مصدر محذوف ، والتقدير : تقولون القول غير الحق.

وتقول : قام غير محمد ، فتكون هنا وصفا لا غير ، ولا تكون بمعنى الاستثناء ، حتى لا يفسد المعنى ، والتقدير : قام أحد غير محمد ، وتأخذ (غير) حكم الموصوف المحذوف ، وهو الرفع على الفاعلية.

ثالثتها : أن تكون مع ما أضيف إليها بمثابة الصفة المشتقّة المنفية ، أى : صفة مشتقة يناقض معناها معنى (غير) مع ما أضيفت إليه ، فتعرب حسب موقعها فى الكلام ، فتأخذ إعراب ما بعدها فى غير وجودها ، وأذكرك بأن المضاف والمضاف إليه بمثابة الكلمة الواحدة. فتقول : أقبلت غير متكاسل. (غير) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة ، والتقدير : أقبلت نشيطا. ومنه قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) [النساء : ٢٤](٢) حيث (غير) حال ثانية من الضمير الفاعل واو الجماعة فى (تبتغوا) ، أو : حال من الضمير فى (محصنين).

__________________

(١) (اليوم) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو متعلق بتجزون. (تجزون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (عذاب) منصوب على نزع الخافض ، وعلامة نصبه الفتحة. (الهون) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (بما) الباء : حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : حرف مصدرى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كنتم) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، اسم كان. (تقولون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر كان ، والمصدر المؤول فى محل جر بالباء ، وشبه الجملة : (بما كنتم) متعلقة بالجزاء. (على الله) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (غير) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الحق) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

(٢) (أحل) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. (لكم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بأحل. (ما) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (وراء) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو صلة الموصول ، لا محل له من الإعراب ، أو : متعلق بجملة الصلة المحذوفة. (ذلكم) اسم إشارة خطابى مبنى ، فى محل جر بالإضافة إليه. (أن تبتغوا) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل

٢٢٣

وقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل : ١١٥](١).

وقوله تعالى : (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) [المعارج : ٢٨].

وقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) [التين : ٦].

رابعتها : أن تدخل فى باب (إلا) :

إذا دخلت (غير) فى التركيب مثل (إلا) فى بابها ، أى : باب الاستثناء ، فإنها تكون فى معنى الاستثناء ، أى : إخراج ما أضيف إليها من ما سبقها ، وهو المستثنى منه ، أو الحكم السابق عليها ، وتعرب إعراب الاسم الواقع بعد (إلا) فى كل صوره المذكورة فى حكم المستثنى بـ (غير وسوى).

الفرق بين (غير) فى الاستثناء و (غير) فى النعت أن (غيرا) الاستثنائية تخرج حكم المجرور بها من حكم ما قبلها ، أو : تخالف بين حكم المستثنى بها وحكم المستثنى منه الذى يسبقها ، أما هى فى النعت فإنها لا تعرض هذه المخالفة فى الحكم ؛ وإنما تكون للمخالفة بين الموصوف الذى يسبقها وما هو مجرور بها من ذات أو صفة.

__________________

له من الإعراب. تبتغوا : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والمصدر المؤول فى محل رفع ، بدل من الاسم الموصول (ما) ، أو فى محل نصب على نزع الخافض ، والتقدير : بأن تبتغوا ... (بأموالكم) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بتبتغوا. (محصنين) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الياء لأنه جمع مذكر سالم. (غير) حال ثانية منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (مسافحين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر سالم.

 (١) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره جملتا الشرط والجواب ، أو جملة الجواب. (اضطر) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو. (غير) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (باغ) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (ولا) الواو : حرف عطف. لا : حرف نفى زائد لتأكيد النفى ، وكلاهما مبنى لا محل له من الإعراب. (عاد) معطوف على باغ مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (الفاء) : رابط بين الشرط وجوابه حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غفور) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (رحيم) خبر ثان لإن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وجملة جواب الشرط فى محل جزم ، وجملتا الشرط والجواب فى محل رفع ، خبر المبتدإ.

٢٢٤

فإذا قلت : جاء القوم غير محمود. فإن (غيرا) هنا تعطى معنى المخالفة ، فهى استثنائية ، حيث خالفت بين حكم القوم فى مجيئهم ، وحكم محمود فى عدم مجيئه. أما إذا قلت : جاء قوم غير محمود. فإن (غيرا) خالفت بين (قوم) وهو الموصوف ، و (محمود) وهو مع (غير) الصفة. فـ (غير) الاستثنائية مخالفة فى الحكم ، أما الوصفية فهى مخالفة بين ذاتين ، أو ذات وصفة. ومخالفة (غير) الوصفية بين الذات والصفة كأن تقول : حضر أناس غير آمنين ، أو : حضر الأناس غير الآمنين ، والتقدير : حضر أناس مخالفون للآمنين ، أى : حضر أناس فزعون. أو : حضر الأناس الفزعون.

* من أمثلة (غير):

 ـ قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) [الأنعام : ٦٨](١). (غير) صفة لحديث مجرورة ، وعلامة جرّها الكسرة.

__________________

(١) (إذا) اسم شرط مبنى على السكون فى محل نصب على الظرفية ، وهو مضاف إليه وهو متعلق بالإعراض. (رأيت) فعل الشرط ماض مبنى على السكون ، وتاء المتكلم ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة فى محل جر بالإضافة إليه (إذا). (الذين) اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (يخوضون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. (فى آياتنا) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، آيات : اسم مجرور بفى ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بالإضافة إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالخوض. (فأعرض) الفاء : رابطة للشرط بجوابه ، حرف مبنى لا محل له من الإعراب. أعرض : فعل أمر مبنى على السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، والجملة الفعلية جواب الشرط ، لا محل لها من الإعراب. (عنهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإعراض. (حتى) حرف غاية وجر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، (يخوضوا) فعل مضارع منصوب بعد أن المحذوفة بعد حتى ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل جر بحتى ، وشبه الجملة متعلقة بالإعراض. (فى حديث) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالخوض. (غيره) صفة لحديث مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة إليه ، وهذا الضمير إما عائد على الحديث ، وإما عائد على الخوض.

٢٢٥

 ـ قوله تعالى : (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) [التوبة : ٣٩](١). (غيركم) صفة للمفعول به المنصوب (قوما).

 ـ ومثله قوله تعالى : (قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) [الشعراء : ٢٩](٢).

 ـ وقوله تعالى : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [محمد : ٣٨].

 ـ إذا قلت : ما قام أحد غير محمد ، فإنك ترفع (غير) على وجهين :البدلية من أحد. والوصفية لأحد ، وكل منهما مرفوع.

وتنصبها من وجه واحد وهو الاستثناء.

__________________

(١) (إلا) إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون ، لا محل له من الإعراب. لا : حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (تنفروا) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (يعذبكم) فعل جواب الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (عذابا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهو مبين لنوع الفعل. (أليما) نعت لعذاب منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (ويستبدل) الواو : حرف عطف مبنى. يستبدل : فعل مضارع مجزوم بالعطف على يعذب ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (قوما) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غيركم) غير : صفة لقوم منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به.

(٢) (قال) فعل ماض مبنى على الفتح. (لئن) اللام للقسم ، أو موطئة للقسم حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. إن : حرف شرط جازم مبنى على السكون لا محل له. (اتخذت) فعل الشرط ماض مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، فاعل. (إلها) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (غيرى) صفة لإله منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، والياء : ضمير مبنى فى محل جر بالإضافة. (لأجعلنك) اللام للتوكيد حرف مبنى لا محل له. أجعل : فعل مضارع مبنى على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة فى محل رفع. وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. والنون للتوكيد حرف مبنى لا محل له من الإعراب. وضمير المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. والجملة ـ على رأى جمهور النحاة ـ جواب القسم لا محل لها من الإعراب. وجملة جواب الشرط محذوفة دل عليها جملة جواب القسم. ففى رأيهم : إذا اجتمع الشرط والقسم فجملة الجواب المذكورة للأسبق منهما. (من المسجونين) جار ومجرور وعلامة جره الياء ، وشبه الجملة متعلقة بجعل.

٢٢٦

ومثل ذلك لو قلت : هل جاء أحد غير محمد؟

 ـ تقول : كلّ أحد يقول ذلك غير علىّ. بنصب (غير) على الاستثناء ، وبرفعها على النعت لـ (كل) ، وبجرها على النعت لـ (أحد).

 ـ القول : جاءنى القوم غير زيد (١). يجوز فى (غير) أن تنصب على الاستثناء ، ويكون المقصود استثناء (زيد). كما يجوز أن ترفع على النعت للقوم ، والمقصود :

الذين هم ليسوا بزيد.

 ـ فى قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) [النساء : ٩٥]. قرئت (غير) بالرفع والنصب والجرّ :

الرفع على أنها صفة لـ (القاعدون). أو بدل منها.

الجر على أنها صفة لـ (المؤمنين).

النصب على الاستثناء. إما من (القاعدون) ، وإما من (المؤمنين) ، وقد يكون نصبها على الحالية.

 ـ فى قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف : ٥٩]. فى (غير) ثلاث قراءات :

أولاها : قرأ الكسائى بخفض الراء على أنها نعت لإله ، أو على البدلية من لفظ (إله).

ثانيتها : قرأ عيسى بن عمر بالنصب ، ووجهه أنه مستثنى منصوب ، وهو استثناء تام منفى متصل أو منقطع ، غير مفرغ.

ثالثتها : قرأ الباقون بالرفع ، وذلك على النعت أو البدل من موضع (إله) ، وهو الرفع على الابتدائية ؛ لأن (من) زائدة.

__________________

(١) ينظر : المقتضب ٤ ـ ٤٢٢ ، ٤٢٣ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٨٢ / الكافية الشافية ٢ ـ ٧١٤ / المنتخب الأكمل ١٠٧ ، ١٠٩ / المساعد ١ ـ ٥٩٢.

٢٢٧

العطف على مجرور (غير):

إذا عطف على المضاف إلى (غير) وهو المستثنى بها فإنه يجوز فى المعطوف أن يعرب على اللفظ أو على المحلّ ، ويعنى بالمحل هنا أنه كما لو كان مستثنى بـ (إلا). فتقول : حضر الجميع غير محمود وعلىّ وعليّا. بجر (على) على لفظ (محمود) ، وبنصبه على محلّه ، حيث إن تقدير : (غير زيد) إلا زيدا).

وتقول : ما حضر الطلاب غير ثلاثة طلاب وخمس طالبات. بجر (خمس) بالعطف على لفظ (ثلاثة) ، وبرفع (خمس) على المحل باعتبار البدلية ، وبنصب (خمس) على المحل كذلك باعتبار الاستثناء ، حيث تقدير : (غير ثلاثة) ، (إلا ثلاثة). فيلتمس فيه الرفع بالإتباع على البدلية من المستثنى منه (الطلاب) ، كما يلتمس فيه النصب على الاستثناء.

فى القولين : ما جاءنى غير زيد وعمرو ، وجاء القوم غير زيد وعمرو ، لا بدّ من الجرّ فى (زيد) ، بالإضافة إلى غير ، لكن (عمرا) يجوز فيها وجهان :

أ ـ الجر بالعطف على (زيد) فى الموضعين.

ب ـ لرفع فى الأول ، والنصب فى الثانى بالعطف على الموضع ، (موضع غير مع زيد) ، وهو الرفع فى الأول ، والنصبّ فى الثانى ، والشلوبين يرى أن العطف على التوهم.

تعريف (غير) وتنكيرها :

للنحاة ثلاثة آراء فى تعريف (غير) :

أولها : أنها لا تتعرف مطلقا :

وعليه فإن (غيرا) فى قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧]. تكون بدل نكرة من معرفة.

ثانيها : أنها تتعرف مطلقا :

وعليه فإن (غيرا) فى الآية السابقة تكون صفة.

٢٢٨

ثالثها : أنها تتعرف إذا وقعت بين ضدّين :

وعليه فإن (غيرا) فى الآية السابقة تكون صفة.

سوى

أما (سوى) فقد اختلف فيها ، حيث :

 ـ يذهب جمهور النحاة إلى أنها ظرف بدليل وصلها بالموصول ، فيقال : جاء الذى سواك.

 ـ أما ابن مالك ومن تبعه فإنهم يرون أنها كـ (غير) فى المعنى والإعراب ، فتخرج إلى الرفع والجرّ ، ويؤيد ذلك قول الفرّاء : أتانى سواك. وقول الشاعر (ابن المولى محمد بن عبد الله بن مسلم) :

وإذا تباع كريمة أو تشترى

فسواك بائعها وأنت المشترى (١)

حيث (سوى) مرفوعة على الابتدائية. وقوله :

أأترك ليلى ليس بينى وبينها

سوى ليلة إنّى إذا لصبور (٢)

حيث (سوى) مرفوعة على أنها اسم (ليس) الفعل الناسخ.

__________________

(١) (الواو) بحسب ما قبلها حرف مبنى لا محل له. (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية ، وهو مضاف. (تباع) فعل الشرط مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كريمة) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة فى محل جر بالإضافة. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له.

(تشترى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة فى محل جر بالعطف على سابقتها. (فسواك) الفاء : واقع فى جواب الشرط ليربطه بشرطه حرف مبنى. سواك : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة. بائعها : خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة ، والجملة الاسمية جواب الشرط ، لا محل لها من الإعراب. (وأنت) الواو : حرف عطف مبنى. أنت : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (المشترى) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر. والجملة معطوفة على سابقتها ، لا محل لها من الإعراب.

(٢) (أأترك) الهمزة للاستفهام حرف مبنى لا محل له. أترك : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله مستتر تقديره : أنا. (ليلى) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (بينى) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه

٢٢٩

وقول الشاعر :

لديك كفيل بالمنى لمؤمّل

وإنّ سواك من يؤمّله يشقى (١)

حيث نصب (سوى) ، لأنها اسم (إن).

بيد

تساوى (بيد) غيرا فى الاستثناء المنقطع فقط ، وتكون لازمة النصب ، مضافة إلى مصدر مؤول من (أنّ) المشددة النون ومعموليها ، فيقال : هو غزير العلم بيد أنّه لا ينتفع به. ومنهم من يرى أنها بمعنى (على). ومن أمثلة (بيد) أن تقول :إنه فقير بيد أنه كريم.

__________________

الفتحة المقدرة. وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة إليه ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ليس مقدم. (وبينها) الواو : حرف عطف مبنى. بين : ظرف مكان منصوب ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة فى محل نصب معطوف على بينى. (سوى) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. (ليلة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إنى) حرف توكيد ونصب مبنى ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (إذا) حرف جزاء وجواب مبنى ، لا محل له. (لصبور) اللام : للتوكيد أو الابتداء أو اللام المزحلقة حرف مبنى لا محل له. صبور : خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وجملة (إن) استنتاجية تذييلية لا محل لها من الإعراب.

 (١) (لديك) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة إليه ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (كفيل) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (بالمنى) الباء : حرف جر مبنى لا محل له. المنى : اسم مجرور بالباء ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر ، وشبه الجملة متعلقة بكفيل. (لمؤمل) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال. (وإن) الواو : حرف استئناف مبنى لا محل له. إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له. (سواك) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، وضمير المخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يؤمله) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة الفعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (يشقى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ الاسم الموصول ، والجملة الاسمية فى محل رفع ، خبر إن.

٢٣٠

ذاكرت الدرس كثيرا بيد أننى لم أفهمه.

استمعت فى إنصات بيد أننى شارد الذهن.

سمير غنى بيد أنه بخيل.

عدا ، وخلا ، وحاشا

يلحظ ما يأتى (١) :

أ ـ (عدا وخلا وحاشا) ألفاظ تتردد فى الاستثناء بين كونها فعلا ، وكونها حرف جرّ ، على اختلاف بين النحاة فى كلّ واحد منها.

ب ـ لذلك فإن ما بعدها من مستثنى يجوز أن ينصب على المفعولية باحتسابها أفعالا ، ويجوز أن يجرّ بها باحتسابها حروفا خافضة.

ج ـ إذا احتسبت أفعالا فإن الاستثناء بها يجب أن يكون تاما متصلا ، فإن أفعال الاستثناء لا تكون للاستثناء المفرغ ولا للمنقطع.

د ـ إذا كانت أفعالا فإن فاعلها يكون محذوفا ، ويقدر بـ (بعضهم) ، وضمير الغائبين يعود على المستثنى منه ، أى : جاوز ، أو : تعدى أو فارق ، أو : تحاشى بعض المستثنى منه المستثنى ، وما دام بعضهم جاوزه فسائرهم قد تجاوز كذلك.

ويرى البصريون أن الفاعل مضمر يعود على (بعضهم) المفهوم من الكلام ، وهو عند البصريين مضمر يعود على (فعلهم) المفهوم من الفعل السابق.

وأرى ـ على غير ما فسر به النحاة ـ أن الفاعل المضمر لهذه الأفعال إنما يقدر بما يعود على المصدر المفهوم من الفعل المذكور. فإذا قلت : جاء الطلاب عدا محمودا ، يكون التقدير : .... عدا المجىء محمودا ، أى : تجاوز مجيئهم محمودا. (جاء) فعل ماض مبنى على الفتح. (الطلاب) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عدا) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، وفاعله محذوف ، تقديره :

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٣٤٩ / المقتضب ٤ ـ ٤٢٦ ـ ٤٢٧ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ٧٨ / شرح ألفية ابن معطى ١ ـ ٦١٣ / شرح الكافية للرضى ١ ـ ٣٤٤.

٢٣١

بعضهم ، (محمودا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والجملة الفعلية فى محل نصب على الحالية ـ على الوجه الأرجح.

أما الإعراب باحتسابها حرف جر فإنه : (عدا) حرف جر مبنى ، لا محلّ له من الإعراب. (محمود) اسم مجرور بعد عدا ، وعلامة جرّه الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بالمجىء.

وأنوه إلى أن سيبويه يجعل (حاشا) حرفا على الإطلاق ، حيث لم يسمع فيها إلا الخفض بها لما بعدها ، ويشبهها بحتى حيث تجرّ ما بعدها ، مع إفادة (حاشا) معنى الاستثناء (١) ، وهى مع ما بعدها فى موضع نصب بما قبلها.

منه قول ابن جميح ، وقيل لسبرة بن عمرو الأسدى :

حاشا أبى ثوبان إن أبا

ثوبان ليس ببكمة فدم (٢)

ولكن المبرد يجعلها مثل (خلا) (٣) ، فتتردد بين الحرفية والفعلية ، وحكى عن أبى زيد القول : اللهم اغفر لى ولمن سمعنى حاشا الشيطان وأبا الإصبع (٤) ، فجعلها فعلا ينصب ما بعده على المفعولية (الشيطان وأبا الإصبع) ، وإذا قلت :جاءنى القوم حاشا زيدا ، فالتقدير : فارق بعضهم زيدا.

__________________

(١) الكتاب ٢ ، ٤٦.

(٢) (حاشا) حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. (أبى) اسم مجرور بعد حاشا وعلامة جره الياء ، لأنه من الأسماء الستة. (ثوبان) مضاف إلى أبى مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. (إن) حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (أبا) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة. (ثوبان) مضاف إلى (أب) مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. واسمه ضمير مستتر تقديره هو. (ببكمة) الباء : حرف جر زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (بكمة) خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (فدم) صفة لبكمة مجرورة على اللفظ فى محل نصب.

(٣) المقتضب : ٤ ـ ، ٣٩١

(٤) ينظر : الأصول : ١ ـ ٢٨٨ / المقرب : ١ ـ ١٦٦ / شرح ألفية ابن معطى : ١ ـ ٦١١ / شرح التصريح : ١ ـ ٣٦٥.

٢٣٢

ويذهب الفراء إلى أن (حاشا) فعل لا فاعل له ، فالقول : حاشا زيد ؛ أصله : حاشا لزيد ، ثم حذف حرف الجرّ لكثرة الاستعمال ، فخفضت ما بعدها.

أما المازنى والكسائىّ فيذهبان إلى أن (حاشا) فعل لا غير ، واحتجّا بأنها

تتصرف تصرف الأفعال.

ملحوظة :

القول : حاشا (لِلَّهِ) [يوسف : ٥١]. تعبير للتنزيه والبراءة ، وفيه لا تكون (حاشا) حرفا ، كما أنها لا تكون فعلا إلا عند المبرد ، ولكنها تكون ـ حينئذ ـ اسما منتصبا انتصاب المصادر الواقعة بدلا من فعلها ، ويكون كما يقال : تنزيها لله ، وفيه ثلاث قراءات (١) :

الأولى : بدون تنوين ولا إضافة ، وتكون (حاشا) فيه مبنية لشبهها بالحرفية لفظا ومعنى.

الثانية : بالتنوين ، وقد فسرت سابقا.

الثالثة : بالإضافة (حاشا الله) ، على نحو : سبحان الله.

ما خلا وما عدا

يلحظ ما يأتى :

أ ـ تكون (ما) مع (خلا أو عدا) مصدرية ، فتكوّن مع أىّ منهما مصدرا مؤولا يكون فى موضع الحال ، و (ما) حرف مصدرى مبنى لا محل له من الإعراب.

ب ـ أما (خلا وعدا) فهما فعلان ماضيان ، ويلزم فعليتهما إذا سبقا بما المصدرية ، لأن المصدرية لا يليها إلا الفعل.

ج ـ أما فاعلهما فإنه يكون محذوفا يدلّ عليه قرينة الحال ، وليكن : (بعضهم) وضمير الغائبين فى المقدّر يعود على المستثنى منه ؛ لأن هذين الفعلين فعلان تامان ، فإن المستثنى بهما يكون منصوبا دائما على المفعولية.

__________________

(١) ينظر : المساعد : ١ ـ ٥٨٥.

٢٣٣

د ـ الاستثناء بهما يجب أن يكون تاما متصلا.

بمراعاة مجموع النقاط السابقة فإنه يمكن تحليل القول : جاء الجميع ما عدا محمودا ، أو : ما خلا محمودا ، على تقدير : جاء الجميع مجاوزا بعضهم محمودا ، أو : خاليا بعضهم من محمود ، ويكون الإعراب على النحو الآتى :

(جاء) فعل ماض مبنى على الفتح. (الجميع) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ما خلا) ما : حرف مصدرى مبنى لا محل له من الإعراب. خلا : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر ، والفاعل محذوف تقديره :

بعضهم ، والمصدر المؤول فى محل نصب على الحالية. (محمودا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. ومثل (ما خلا محمودا) يكون إعراب (ما عدا محمودا) ، والمصدر المؤول فى محلّ نصب على الحالية ـ على الأرجح.

روى الجرمى عن بعض العرب جرّ ما استثنى بـ (ما عدا وما خلا) (١).

والوجه فيه أن يجعل (ما) زائدة ، فيكون كلّ من (عدا وخلا) حرف جرّ.

ينوّه إلى أن النحاة (٢) يختلفون فيما بينهم فى موقع جملة (ما خلا وما عدا وما حاشا) ، فبالإضافة إلى ما شاع من رأى للسيرافى ؛ وهو ما ذكرناه سابقا من النصب على الحالية ؛ يذكر أن ابن خروف كان يذهب إلى نصبها على الاستثناء كانتصاب (غير) فى القول : جاء القوم غير زيد.

أما ابن الضائع فإنه كان يرى نصبها على الظرفية ، فالتقدير عنده فى القول : قام القوم ما خلا زيدا ، هو : فى وقت مجاوزتهم زيدا ، أو : قاموا مدة مجاوزتهم زيدا.

منه قول لبيد :

ألا كلّ شىء ما خلا الله باطل

وكلّ نعيم لا محالة زائل (٣)

__________________

(١) ينظر : شرح ابن الناظم : ٣٠٨.

(٢) المساعد : ١ ـ ٥٨٤.

(٣) (ألا) حرف استفتاح أو تنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. (كل) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

٢٣٤

حيث نصب المستثنى (الله) بالفعل (خلا) المسبوق بـ (ما) المصدرية.

وكذلك قول الشاعر :

تملّ الندامى ما عدانى فإننى

بكلّ الذى يهوى نديمى مولع (١)

حيث نصب المستثنى (ضمير المتكلم) بالفعل (عدا) المسبوق بـ (ما) المصدرية.

المثل : كلّ شىء مهه ما النّساء وذكرهن (٢). بنصب (النساء) على حذف (عدا ، أو خلا) بعد (ما) المصدرية ، فيكون (النساء) منصوبا على المفعولية.

ومن النحاة من يؤول (ما) بـ (إلا) ، ومنهم ـ السهيلى ـ من يجعلها بمعنى ليس ، ويكون التقدير : ليس النساء وذكرهن ، ومنهم من يزعم أن العرب تستثنى بـ (ما) ، كما فى هذا المثل.

__________________

 ـ (شىء) مضاف إلى كل مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ما خلا) ما : حرف مصدرى مبنى لا محل له من الإعراب ، خلا : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، وفاعله محذوف تقديره : بعضهم ، والمصدر فى محل نصب حال. (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (باطل) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (وكل) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. كل : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (نعيم) مضاف إلى كل مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (لا محالة) لا : حرف ناف للجنس مبنى لا محل له من الإعراب. محالة : اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح فى محل نصب ، وخبر لا النافية للجنس محذوف تقديره : ثابت أو غير ذلك. (زائل) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

 (١) (تملّ) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. (الندامى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. (ما عدانى) ما : حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. عدا : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، فاعله محذوف تقديره : بعضهم ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب مفعول به ، وجملة الاستثناء فى محل نصب حال. (فإننى) الفاء : تعقيبية حرف مبنى لا محل له من الإعراب. إن : حرف توكيد ونصب مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب اسم إن. (بكل) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، كل : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة ، وشبه الجملة متعلقة بمولع. (الذى) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة إلى كل. (يهوى) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (نديمى) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة المناسبة لضمير المتكلم ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة إلى نديم. والجملة الفعلية (يهوى نديمى) صلة الموصول مبينة لا محل لها من الإعراب (مولع) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.

(٢) مهه : يسير ، أى : يحتمل الرجل كل شىء إلا ذكر حرمه.

٢٣٥

ليس ، ولا يكون

يلحظ ما يلى أثناء إعراب هذين التركيبين :

أ ـ الفعلان (ليس ويكون) فعلان ناقصان ، يحتاج كلّ منهما إلى اسم وخبر.

ب ـ اسمهما يكون محذوفا ، ويقدر بـ (بعضهم) ، وضمير الغائبين يعود على المستثنى منه. أو يكون مضمرا تقديره : (هو) ، يعود على بعضهم المفهوم من التركيب عند البصريين ، ولا يطرد هذا التقدير عند الكوفيين ، ولكنهم يجعلونه عائدا على الفعل المفهوم ، والتقدير لديهم : ليس فعلهم فعل ...

ج ـ خبرهما المنصوب يكون المستثنى بهما ، ويعرب كذلك.

د ـ تنفى (يكون) بـ (لا) النافية بخاصة دون غيرها.

ه ـ الاستثناء بهما يجب أن يكون تامّا متّصلا.

فإذا قلت : حضر الجميع ليس عليّا ، أو : لا يكون عليّا ؛ كان التقدير : حضر الجميع ليس بعضهم عليا ، أو : لا يكون بعضهم عليا ، وكان الإعراب كما يأتى :

(حضر) فعل ماض مبنى على الفتح. (الجميع) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، واسمه محذوف تقديره :

(بعضهم) ، أو مضمر يعود على بعضهم ، أو على فعلهم. (عليا) خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

(لا يكون) حرف نفى مبنى ، وفعل مضارع ناقص ناسخ مرفوع ، واسمه محذوف تقديره : بعضهم. (عليا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

 ـ أما موضع جملتى (ليس ، ولا يكون) من الإعراب فإنه يكون على وجهين :

أحدهما : ألا يكون لهما محلّ من الإعراب ، باحتسابهما جملتين مستأنفتين.

ثانيهما : أن يكونا في موضع نصب على الحالية. ويكون التقدير : حضر الجميع خالين من علىّ.

٢٣٦

ملحوظة :

قد يقال : قابلت محمدا ليس إلّا ، فتحذف ما بعد (إلا) ، فيكون فيه تقديران :

أولهما : أن تجعل الواقع بعد (إلا) الخبر ، فيكون التقدير : ليس المقابل إلا إياه.

ثانيهما : أن تجعل الواقع بعد (إلا) الاسم ، فيكون التقدير : ليس المقابل إلا هو.

إلا أن يكون

يلحظ فى هذا التركيب ما يأتى :

أ ـ الاستثناء فى هذا التركيب يكون باستخدام (إلّا).

ب ـ ما بعد (إلا) مصدر مؤول من (أن) والفعل المضارع (يكون) ، والمصدر المؤول له موقعه الإعرابىّ موقع الاسم ، وهو المستثنى ، ويكون فى محل نصب.

ج ـ (يكون) فى هذا التركيب فعل تامّ ـ على الأغلب ـ فإذا احتسبت الفعل ناقصا ، فإن ما بعد المصدر المؤول يكون خبر (كان).

د ـ الاستثناء فى مثل هذا التركيب يجب أن يكون تاما متصلا. فإذا قلت :

فهمت جميع الدروس إلا أن يكون الأخير ، فإن التقدير : فهمت جميع الدروس إلا فهم الأخير ، أو : إلا أن يكون بعضها الأخير. ويكون الإعراب كما يأتى :

على التقدير الأول : (فهمت) فعل ماض مبنى على السكون ، لإسناده إلى ضمير المتكلم ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع فاعل. (جميع) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الدروس) مضاف إلي جميع مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى لا محل له من الإعراب. (يكون) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه الفتحة. (الأخير) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والمصدر المؤول (أن يكون الأخير) مستثنى فى محل نصب.

٢٣٧

وعلى التقدير الثانى : (على أن يكون بعضهم الأخير) ، فإنك تجعل اسم كان محذوفا تقديره (بعض) ، و (الأخير) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والمصدر المؤول فى محل نصب على الاستثناء.

ملحوظة :

القول : «ما قام إخوتك ليس بكرا وما خلا عمرا ولا يكون زيدا» (١). هذه استثناءات بعد النفى ، فيكون المعنى : انتفاء عدم القيام عن بكر ، وعن عمرو ، وعن زيد ، وكل منهم بالاستثناء الذى ذكر بعده : (ليس ، ما خلا ، لا يكون) ، وقد فصل بين الاستثناءات بحرف العطف (الواو).

 ـ القول : ما أحد يقول ذلك إلا محمد. يجوز فى محمد ثلاثة أوجه :

الرفع على أنه بدل من (أحد).

الرفع على أنه بدل من الفاعل المستتر فى (يقول).

النصب على الاستثناء.

 ـ وكذلك القول : ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا محمود. ينصب من وجهين ، ويرفع من وجه واحد.

إعراب المستثنى

بعد العرض السابق لأدوات الاستثناء يمكن أن نوجز إعراب المستثنى بعد أدوات الاستثناء بصفة عامة فى ستة أقسام :

القسم الأول : المستثنى المنصوب دائما :

يكون المستثنى منصوبا دائما فى الأحوال الآتية :

أ ـ المستثنى بـ (إلا):

إذا كان الكلام تامّا موجبا ، (بوجود المستثنى منه ، وعدم وجود أداة نفى).

نحو : قرأت جميع الصفحات إلا ثلاثا. حضر كلّ المدعوين إلا عليّا ومحمودا.

أعجبت بإجابات الطلاب إلا طالبا.

__________________

(١) الجمل ٢٣٣ / المنتخب ١ ـ ١١٦.

٢٣٨

 ـ يلحظ أن (غيرا وسوى) يأخذان حكم المستثنى بـ (إلا) إعرابيا ، فإذا كان الكلام تاما موجبا فإنهما ينصبان ، نحو : قرأت جميع الصفحات غير ثلاث ، أو سوى ثلاث.

 ـ المستثنى فى الاستثناء المنقطع الموجب الذى لا يمكن فيه تسلط العامل على المستثنى. نحو : ما نقص المال بالإنفاق إلا ما زاد. فالمستثنى (ما زاد) مبنى فى محلّ نصب على الاستثناء.

 ـ المستثنى المكرّر : حيث يجب نصب المستثنيات التى تكرر ، دون واحد منها ، فهو الذى تطبق عليه قوانين التركيب الاستثنائية ، من وجوب للنصب ، أو ترجيح للإتباع ، أو جواز للنصب ، أو إعرابه حسب الموقع الإعرابى ، وحسبما يتطلبه العامل الذى يطلبه ، ولكن سائر المستثنيات المكررة يجب نصبها. نحو : قام الطلاب فأجابوا إلا أحمد إلا إسماعيل إلا عليا. (بنصب الجميع).

ما قام الطلاب ليجيبوا إلا أحمد إلا عليا إلا محمودا ، برفع أحد المستثنيات ، ونصب الآخرين.

ما قام إلا أحمد إلا عليا إلا سميرا ، برفع أحدها ، ونصب الآخرين.

ب ـ المستثنى المقدم :

إذا تقدم المستثنى على المستثني منه فى باب (إلا) ؛ فإن نصبه واجب ، ذلك أن التأخير فى التركيب المحتمل المجوّز وجها إعرابيا آخر غير النصب ، وهو الكلام التامّ المنفىّ ، يجيز الإتباع على البدلية وهو الأرجح ، والبدل ينتقض بالتقديم ؛ لذا وجب النصب مع كونه المرجوح أولا.

فتقول : ما خرج إلا محمدا الطلاب. لم يتبق إلا عليا الأصدقاء. كل من (محمدا ، وعليا) مستثنى بوساطة (إلا) ، وقد تقدم على المستثنى منه (الطلاب ، والأصدقاء) ، ولذلك وجب نصب كلّ منهما.

٢٣٩

وتقول : ما حضر إلا محمدا المدعوون. ـ ما معى إلا جنيها أموال.

ج ـ المستثنى بـ (ما عدا وما خلا):

نحو : فهمت الدروس ما عدا درسين. أخذت الدواء ما خلا نوعين.

د ـ المستثنى بـ (ليس ولا يكون):

نحو : قبلت أعذار الجميع ليس عذر محمد. أثمرت الأشجار كلّها لا تكون أشجار النخيل.

القسم الثانى : المستثنى المجرور دائما :

يكون المستثنى مجرورا دائما فى موضع واحد :إذا كان المستثنى بغير وسوى فإنه يكون مجرورا دائما بالإضافة إليهما. تقول :حصلت على أعلى الدرجات فى الموادّ غير مادتين. اخضرّت الأشجار سوى أربع. أقبل جميع الرجال غير رجلين متأخرين. ما أعجبت بغير إجابتين.

القسم الثالث : المستثنى الذى يجوز فيه النصب والجرّ :

يجوز أن ينصب المستثنى وأن يجرّ إذا كان الاستثناء بعدا وخلا وحاشا ، تبعا لما تحتسبه لها من حرفية أو فعلية. فتقول : تدور المراوح عدا مروحة. (بنصب مروحة وبجرها). بريت الأقلام عدا خمسة (بنصب خمسة وبجرها). غضبت من الذين أجابوا حاشا محمودا. (بنصب محمود وبجره).

القسم الرابع : المستثنى الذى يجوز أن ينصب ، وأن يكون تابعا : وهو قسمان :

أولهما : يجوز أن تنصب المستثنى على الاستثناء ، كما يجوز لك أن تعربه على البدل من المستثنى منه إذا كان أسلوب الاستثناء تاما منفيا متصلا بوجود المستثنى منه منفيا حكمه ، أو منهيا عنه ، أو مستفهما عنه استفهاما يخرج إلى معنى النفى ، وذلك بعد (إلا) بخاصة مع تأخر المستثنى عن المستثنى منه. فتقول : ما فتحت

٢٤٠