النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

(غفر) جمع صيغة المبالغة (غفور) ، وقد نصبت المفعول به (ذنب) ، و (غفر) خبر (أن) مرفوع.

ومنه قول أبى كبير الهذلى :

ممّن حملن به وهنّ عواقد

حبك النّطاق فعاش غير مهبّل (١)

حيث أعمل (عواقد) ، وهو جمع اسم الفاعل (عاقد) ، فنصب المفعول به (حبك).

ومن أمثلة سيبويه (٢) : هنّ حواجّ بيت الله. (بضم حواج مع التنوين ، مع نصب بيت على المفعولية لحواج).

وقول العجّاج :أوالفا مكة من ورق الحمى (٣)

بنصب (مكة) على أنه مفعول به لجمع اسم الفاعل (آلفة) ، وذكره فى موضع آخر : قواطنا مكة.

ومن أمثلته : قطان مكة ، وسكان البلد الحرام.

بتنوين كل من : (قطان ، وسكان) ، ونصب كل من : (مكة وسكان) ؛ لأن كلا منهما مفعول به لجمع اسم الفاعل الذى يسبقه.

__________________

شرح ابن يعيش / ٦ ـ ٧٤ / شرح التسهيل ٣ ـ ٨٠ / شرح ابن الناظم ٤٢٩ / شواهد العينى ٣ ـ ٥٤ / شرح التصريح ٢ ـ ٦٩ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٩٩. وفيه رواية (غير فجر).

 (١) ينظر المواضع السابقة ... حبك : أطراف. واحدة حباك ، النطاق ـ إزار تشده المرأة فى وسطها ، مهبل :

المعتوه ، أو كثير اللحم. البينت يعنى أن ممدوح الشاعر قد حملت أمه به ، وهى مكرهة غضبى ، فكان ذكرا نجيبا ، وكانت العرب تزعم ذلك. (وهن عواقد) جملة اسمية حال فى محل نصب ، وعواقد ممنوعة من الصرف ؛ لأنه منتهى الجموع ، ونون للضرورة الشعرية. (غير) حال منصوبة. وهو مضاف ، و (مهبل) مضاف إليه مجرور.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٠٩ ، ١١٠.

(٣) الكتاب : ١ ـ ١١٠ ، ١ ـ ٢٦ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٩٣ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٧٥. ورق :جمع ورقاء ، وهى التى فى لونها بياض إلى سواد. الحمى : الحمام ، حذفت الألف ، وأبدلت الميم الثانية ياء ، أو : حذفت الميم الأخيرة ، وقلبت الألف إلى ياء من أجل القافية ، وكسر ما قبلها للمناسبة.

٥٠١

ومنه قراءة أبى عمرو : (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) [الزمر : ٣٨].

بتنوين (كاشفات) و (ممسكات) ، ونصب (ضر) و (رحمة) (١) ، على أنهما مفعول به لاسم الفاعل المجموع جمعا سالما قبل كل منهما.

وقول زيد الخيل ، أو : زيد الخير ـ كما سماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

أتانى أنّهم مزقون عرضى

جحاش الكرملين لها فديد (٢)

(عرض) مفعول به منصوب مقدرا بجمع صيغة المبالغة (مزق) ، وهو جمع مذكر سالم. وصيغة المبالغة (مزقون) خبر أن مرفوع ، وعلامة رفعه الواو.

رابعا : صور اسم الفاعل المعرف بالأداة ، وهو مثنى أو مجموع :

إذا كان اسم الفاعل مثنى أو مجموعا ، وهو مقرون بأداة التعريف ؛ فإنه يجوز فيه ثلاثة أوجه (٣) :

أ ـ إثبات النون فى اسم الفاعل مع نصب المعمول ؛ لتعذر الإضافة. نحو :

المعطيان الفقير صدقة محسنان ، المثبتون أقوالهم صادقون.

ومنه قول القطامى :

الضاربون عميرا عن بيوتهم

بالليل يوم عمير ظالم عاد (٤)

__________________

(١) الدر المصون ٦ ـ ١٨.

(٢) شرح ابن يعيش ٦ ـ ٧٣ / شرح التسهيل ٣ ـ ٨١ / شرح ابن الناظم ٤٢٨ / المساعد ٢ ـ ١٩٣ / المقرب ١ ـ ١٢٨ / أوضح المسالك رقم ٣٧٥ / شرح الشذور ٣٩٤ / شرح التصريح ٢ ـ ٦٨ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ١٩٨. جحاش : جمع جحش ، الكرملين : اسم موضع ماء ، فديد : صوت. (أتانى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (أنهم مزقون) حرف توكيد ونصب ، وضمير الغائبين اسمه فى محل نصب ، ومزقون خبره. والمصدر المؤول فاعل فى محل رفع. (عرضى) مفعول به ، ومضاف إليه. (جحاش) خبر لمبتدإ محذوف مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والتقدير : هم جحاش. (الكرملين) مضاف إلى جحاش مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه مثنى. (لها فديد) جملة اسمية من خبر مقدم ، ومبتدإ مؤخر ، وهى حال فى محل نصب.

(٣) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٨٤.

(٤) المقتضب ٤ ـ ١٤٥ / أمالى الشجرى ١ ـ ١٣٢ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٨٥.

٥٠٢

ب ـ حذف النون ، مع جرّ المعمول بالإضافة ، ومنه قوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) [الحج : ٣٥].

ومنه قول رجل من بنى ضبّة :

الفارجى باب الأمير المبهم (١)

ج ـ حذف النون مع النصب. ومنه قول رجل من الأنصار :

الحافظو عورة العشيرة لا

يأتيهم من ورائنا نطف (٢)

حذفت النون ، وكان يجب إثباتها لنصب المعمول ، وذلك للتخفيف ؛ لطول الاسم بالصلة لا للإضافة ، فاسم الفاعل بمثابة الصلة للألف واللام.

خامسا : اسم الفاعل العامل الذى يحتاج إلى مفعولين ينصب الثانى بالضرورة (٣) :

إذا كان اسم الفاعل غير عامل ، أى : لا تتوافر فيه شروط إعماله ، وفعله ينصب مفعولين أو أكثر ، فإنه يضاف إلى المفعول الأول ، ثم يجب أن ينصب المفعول الثانى ، والمفعول الثالث ، ذلك لأن اسم الفاعل ـ وهو غير عامل ـ قد أضيف إلى معموله الأول ، فأصبح اسما تامّا مؤهلا إلى عمل النصب فى معمولاته الأخرى.

تقول : هذا معطى محمد صدقة أمس.

اسم الفاعل (معطى) قد فقد الإعمال ؛ لأنه دالّ على الماضى ، بوجود القرينة الدالة (أمس) ، وهو يحتاج إلى معمولين ، فأضيف إلى معموله. الأول (محمد) ، فأصبح اسما تاما غير قابل للإضافة ، فيجب نصب المفعول الثانى.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٨٥ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٨٥.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٨٦ / المقتضب ٤ ـ ١٤٥ / المنصف ١ ـ ٧٦ / جمهرة أشعار العرب ١٢٧ الإيضاح ١٤٩ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٨٥.

(٣) شرح ابن الناظم ٤٣١.

٥٠٣

وتقول : هو منبئك عليّا حاضرا أمس.

إنّه معلم أخيه أباه مريضا الأسبوع الماضى.

تلحظ إضافة اسم الفاعل إلى معموله الأول (كاف المخاطب ، أخ) ، ونصب مفعوليه الثانى والثالث ، وهما (عليا ، وحاضرا) فى الأول ، و (أبا ، ومريضا) فى الثانى.

سادسا : معمول اسم الفاعل ضمير :

إذا كان معمول اسم الفاعل ضميرا متصلا فإنه لا يثبت فيه تنوين ، ولا نون جمع ، ولا نون مثنى ، ويكون فى صورتين :

أولاهما : أن يتصل الضمير باسم الفاعل بلا فاصل بينهما ، وحينئذ يكون فى محلّ جرّ بالإضافة إلى اسم الفاعل ، وهذا على رأى جمهور النحاة ، لكن الأخفش وهشاما يجعلونه فى محلّ نصب.

مثل ذلك أن تقول : هذا مكرمك ، هذان مكرماك ، هؤلاء مكرموك.

يذكر سيبويه : «وإذا قلت : هم الضاربوك ، وهما الضارباك ، فالوجه فيه الجرّ ؛ لأنك إذا كففت النون من هذه الأسماء فى المظهر كان الوجه الجرّ» (١).

والأخرى : أن يكون هناك فاصل بين اسم الفاعل والضمير ، وحينئذ يكون الضمير فى محلّ نصب ، وذلك وارد فى قول الشاعر :

لا ترج أو تخش غير الله إنّ أذى

واقيكه الله لا ينفكّ مأمونا (٢)

فالضمير هاء الغائب فى محل نصب ، حيث إن اسم الفاعل (واقى) قد فصل بينه وبين الهاء بالكاف ، أما الكاف فإنها تكون فى محلّ جر بالإضافة.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٨٧.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٤ / المساعد ٢ ـ ٢٠١ / العينى ١ ـ ٣٠٨ / شرح التصريح ١ ـ ١٠٧.

(غير) مفعول به منصوب. (واقيكه الله) صفة لأذى فى محل نصب ، (مأمونا) خبر لا ينفك منصوب ، جملة (لا ينفك مأمونا) خبر إن فى محل رفع.

٥٠٤

تلحظ أن اسم الفاعل قد أضيف إلى الكاف فأصبح تاما ، حيث ينصب معموله الثانى ؛ لأنه لا تجوز إضافته إلى ما قبله ، فلا يضاف الضمير إلى الضمير.

وقد تثبت النون فى اسم الفاعل المثنى والمجموع حال اتصال الضمير به ، ويكون ذلك فى الضرورة الشعرية.

ومن ذلك قول الشاعر :

ولم يرتفق والناس محتضرونه

جميعا وأيدى المعتفين رواهقه (١)

وقول الشاعر :

هم القائلون الخير والآمرونه

إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما (٢)

تلحظ إثبات النون فى كل من اسمى الفاعل (محتضرون ، والآمرون) ، وقد اتصل بهما ضمير الغائب.

ويذكر سيبويه فى الشاهد الثانى : «وزعموا أنه مصنوع» (٣). ومنهم من يجعل الهاء فى مثل هذه المواضع للسكت ، ومنهم من يجعله شاذا (٤).

سابعا : إضافة اسم الفاعل المقرون بالألف واللام :

نعلم أن الإضافة و (أل) لا يجتمعان ، أى : أن الجزء الأول من الإضافة ـ وهو المضاف ـ لا يعرف بأل.

لكن ذلك يجوز فى خمسة مواضع ، يشترط فى كلّ منها شرطان :

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٨٨ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٢٥ / شرح التسهيل ٣ ـ ٨٤ / المساعد ٢ ـ ٢٠١ / العينى ١ ـ ٣٠٨ / شرح التصريح ١ ـ ١٠٧. يرتفق : يتكئ على المرفق ، محتضرونه : حاضروه ، المعتفون : الذين يطلبون معروفا وإحسانا ، رواهق : جمع راهقة ، وهى الغاشية المتعبة.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٨٨ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٢٤ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٢٥ / شرح التسهيل ٣ ـ ٨٤ / المقرب ١ ـ ١٢٥.

(٣) الكتاب ١ ـ ١٨٨.

(٤) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٨٤.

٥٠٥

أولهما : شرط مشترك بينها جميعا ، وهو : أن يكون الجزء الأول من الإضافة صفة مشتقة عاملة فيما بعدهما ، وينحصر ذلك فى : اسم الفاعل وصيغ المبالغة ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة.

والآخر : يتوزع بين جزأى الإضافة فى المواضع الخمسة ، وهو :

١ ـ أن يكون الجزء الأول مثنى ، وهو الصفة المشتقة : نحو : الراكبا فرسيهما مقبلان ، أو : الراكبا الفرس. أو : فرس الصديق ، أو : فرسين ...

(الراكبا) اسم فاعل مثنى عامل فيما بعده ، فجاز أن يضاف ، وهو معرف بالأداة ؛ ولذلك فإن (فرسى ، والفرس) مضاف إليه ، وقد حذفت النون من اسم الفاعل.

ومنه قول الشاعر :

إن يغنيا عنّى المستوطنا عدن

فإننى لست يوما عنهما بغنى (١)

(عدن) مضاف إليه اسم الفاعل المثنى المعرف بالأداة (المستوطنا) ؛ لذلك حذفت منه نون التثنية.

وقول الآخر :

الشاتمى عرضى ولم أشتمهما

والناذرين إذا لم ألقهما دمى (٢)

(الشاتمى) اسم فاعل معرف بالأداة مثنى مضاف إلى معموله (عرض) ، حذفت منه نون التثنية.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٥ / المساعد ٢ ـ ٢٠٢ / العينى ٣ ـ ٣٩٣ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٤٦. يغنى : مضارع (غنى) بكسر النون ، أى : استغنى. (يغنيا) ثبت الألف فى الفعل على لغة : أكلونى الراغيث ، حيث إنه سبق فاعله (المستوطنا) ، فيجب فيه الدلالة على المفرد. (فإننى لست) جملة جواب الشرط فى محل جزم. جملة (لست بغنى) خبر إن فى محل رفع. (يوما) منصوب على الظرفية. شبه الجملة (عنهما) متعلقة بغنى. (بغنى) الباء : حرف جر زائد مؤكد مبنى. غنى : خبر ليس منصوب محلا ، مجرور لفظا بحرف الجر الزائد.

(٢) المساعد على التسهيل ٢ ـ ١٩٩ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ١٩٩.

٥٠٦

تلحظ أن الناذرين اسم فاعل معرف بالأداة ، وهو مثنى ، ثبتت فيه النون ؛ ولذلك نصب معموله (دم).

٢ ـ أن يكون الجزء الأول ـ وهو الصفة المشتقة ـ مجموعا جمع مذكر سالما ، نحو : الراكبو أفراسهم مقبلون ، أو : الراكبو الأفراس ... ، أو : الراكبو أفراس ...أفراس الأصدقاء.

وتلحظ حذف النون منه للإضافة.

ومنه قول الشاعر :

ليس الأخلّاء بالمصغى مسامعهم

إلى الوشاة ولو كانوا ذوى رحم (١)

(المصغى) اسم فاعل جمع مذكر سالم معرف بالألف واللام ، حذفت منه النون ؛ لأنه مضاف إلى معموله (مسامع).

ملحوظة :

الموضعان السابقان يعبر عنهما بالفكرة :

أن تكون الصفة المشتقة العاملة معربة بالحروف ، وهو المثنى ، وجمع المذكر السالم.

٣ ـ أن يكون الجزء الثانى من الإضافة ـ وهو المعمول ـ معرفا بالأداة.

نحو : الراكب الفرس مقبل. الراكبات الأفراس مقبلات. الركاب الأفراس مقبلون.

(الراكب) اسم فاعل معرف بالأداة ، ومعموله (الفرس) معرف بالأداة ، فجاز إضافته إليه.

ومنه قول الفرزدق :

أبأنا بها قتلى وما فى دمائها

شفاء وهنّ الشّافيات الحوائم (٢)

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٥ / العينى ٣ ـ ٣٩٤.

(بالمصغى) الباء : حرف جر زائد مؤكد. المصغى : خبر ليس منصوب محلا ، مجرور لفظا. (ذوى) خبر كان منصوب وعلامة نصبه الياء.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٥ / العينى ٣ ـ ٣٨٩ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٤٥. ـ باء بها : قتل بها. الحوائم : جمع حائمة ، وهى العطشى التى تحوم حول الماء. هن : المقصود السيوف.

٥٠٧

(الشافيات الحوائم) جمع اسم فاعل جمعا مؤنثا سالما معرف بالأداة ، أضيف إلى معموله ، وجاز الإضافة مع تعريفه بالأداة ؛ لأن المعمول (الحوائم) معرف بالأداة.

٤ ـ أن يكون الجزء الثانى من الإضافة ـ وهو المعمول ـ مضافا إلى المعرف بالأداة.

نحو : الرجل الراكب فرس الصديق مقبل. الراكبات أفراس الصديقات مقبلات. الركاب أفراس الأصدقاء ...

ومنه المثل الذى ذكره ابن مالك فى ألفيته : زيد الضارب رأس الجانى (١)

ومنه قول الشاعر :

لقد ظفر الزّوّار أقفية العدا

بما جاوز الآمال م القتل والأسر (٢)

(الزوار) جمع اسم فاعل جمع تكسير ، معرف بالأداة ، وقد ذكر مضافا إلى معموله (أقفية) ، وجاز ذلك ـ أى : اجتماع أل مع الإضافة فى المضاف ـ لأن المعمول ـ وهو الجزء الثانى من الإضافة ـ مضاف إلى ما فيه (أل).

٥ ـ أن يكون الجزء الثانى من الإضافة ـ وهو المعمول ـ مضافا إلى ضمير المعرف بالأداة.

نحو : الرجل الراكب فرسه مقبل. الراكبات أفراسهن مقبلات ، الركّاب أفراسهن مقبلون.

ومنه قول الشاعر :

الودّ أنت المستحقة صفوه

منّى وإن لم أرج منك نوالا (٣)

__________________

(١) باب الإضافة.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٦ / العينى ٣ ـ ٣٩١ / العينى على الأشمونى والصبان ٢ ـ ٢٤٥.

أقفية : جمع قفا. م الأسر : من الأسر على لغة أهل اليمن.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٦ / المساعد ٢ ـ ٢٠٣ / العينى ٣ ـ ٣٩٣ / الأشمونى ٢ ـ ١٨٥ / العينى على الأشمونى والصبان ٢ ـ ٢٤٦. ـ (الود) مبتدأ مرفوع ، خبره الجملة الاسمية (أنت المستحقة).

٥٠٨

(المستحقة) اسم فاعل معرف بالإداة ، وقد أضيف إلى معموله (صفو) ، وجاز ذلك لأن المعمول قد أضيف إلى ضمير ما هو معرف بالأداة ، حيث ضمير الغائب فى صفوه يعود على (الود).

ومنع المبرد هذا ، لكن الشواهد تجيزه ، والأفصح النصب ، وبخاصة النصب فى المواضع الثلاثة الأخيرة.

ثامنا : تابع معمول اسم الفاعل :

تابع معمول اسم الفاعل يتنوع بين النعت والتوكيد وعطف البيان من جانب ، والبدل وعطف النسق من جانب آخر ، حيث إن التوابع الثلاثة الأولى يكونان مع المتبوع ككلمة واحدة ، أو : إن أىّ تابع منها لا يجوز أن يمثل جملة ، فالتابع والمتبوع بمثابة جملة واحدة ، أما الأخيران ـ البدل وعطف النسق ـ فإن كلا منهما يمثل جملة غير جملة المتبوع.

والمعمول قد يكون منصوبا ، وقد يكون مجرورا بالإضافة إلى عامله الصفة العاملة.

وقد يكون العامل ، وهو الصفة المشتقة ، مقرونا بأداة التعريف ، وقد يكون مجردا منها. تفصيل ذلك على النحو الآتى :

أ ـ اسم الفاعل المقرون بأداة التعريف :

لأداة التعريف الداخلة على اسم الفاعل العامل أثرها فى تابع معموله ، ويتباين ذلك العمل بين كون معمول اسم الفاعل منصوبا أو مجرورا على النحو الآتى :

١ ـ المعمول المتبوع منصوب ، والعامل مقرون بأداة التعريف :

إذا كان معمول اسم الفاعل العامل منصوبا فإن تابعه يكون منصوبا كذلك.

فتقول : هو مشتر الكتاب المطلوب. بتنوين اسم الفاعل (مشتر) ، ونصب كلّ من :

٥٠٩

المفعول به (الكتاب) ، ونعته (المطلوب).

وتقول : هم الفاتحون الباب المغلق نفسه. بإثبات النون فى اسم الفاعل (الفاتحون) ، ونصب كلّ من : مفعوله (الباب) ، ونعته (المغلق) ، وتوكيده (نفس).

وتقول : إنّهما القارئان الدرس الجديد عينه درس الاستثناء. بإثبات النون فى اسم الفاعل (القارئان) ، ونصب كلّ من : مفعوله (الدرس) ، ونعت المفعول (الجديد) ، وتوكيده (عين) ، وعطف البيان أو البدل (درس الاستثناء).

٢ ـ المعمول المتبوع مجرور ، والعمل معرف بالأداة :

إذا كان العامل مقرونا بأداة التعريف ، وهو صالح للعمل ، والمعمول مضاف إليه ؛ حيث توافر فيه صحة اجتماع (أل) مع الإضافة ؛ فإن تابع المعمول ينصب مطلقا ، وإذا صلح أن يقع التابع موقع المعمول ، أى : إذا صحّ أن يحلّ محلّه فإنه يجوز فيه الجر (١).

ويبدو ذلك واضحا فى عطف النسق والبدل.

تقول : جاء الضارب الغلام والجارية (٢).

(الغلام) مضاف إليه اسم الفاعل (الضارب) ؛ لأنه معموله ، وجاء معرفا بالأداة ، فجاز فيه الجرّ بالإضافة.

(الجارية) معطوف على المعمول المجرور (الغلام) ، وجاز وضعه موضعه ؛ حيث إنه معرف بالأداة ، فيجوز أن يجرّ ، إلى جانب الأصل ، وهو النصب.

ومنه :

جاء الطالب العلم وأدب الأبرار

جاء المشترى الناقة وفصيلها (٣)

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٦ / المقرب ١ ـ ١٢٥ / المساعد ٢ ـ ٢٠٧ / ضياء السالك ٣ ـ ٢٢.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٦ ، ٨٧.

(٣) الموضع السابق.

٥١٠

حيث يجوز وقوع كلّ من (أدب ، وفصيل) موضع المعطوف عليه.

ومنه قول الأعشى :

الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا تزجّى بينها أطفالها (١)

فجاز العطف بالجر ؛ لأنه بمنزلة الواهب المائة وعبد المائة.

ومن أمثلة سيبويه : هو الضارب الرجل وعبد الله (٢).

لكنه لا يجوز أن تجرّ زيدا فى القول : هذا الضارب الرجل وزيدا ؛ لأن زيدا لا يجوز أن يوضع موضع المعمول المجرور (الرجل).

ومن أمثلتهم (٣) : جاء الضارب الغلام وجارية المرأة.

جاء الضارب المرأة وغلامها.

وتقول : هذا الضارب الرجل أخاك وزيدا. بالنصب ؛ لأنه لا يوضع (أخاك وزيدا) موضع الرجل.

وفيه آراء أخرى تجيز الجرّ بالعطف على اللفظ ، وتجيز النصب فيما موضعه الجرّ (٤).

ب ـ اسم الفاعل غير المقرون بأداة التعريف (٥) :

إذا كان اسم الفاعل غير مقرون بأداة التعريف ، وهو صالح للعمل ، فإن معموله إما أن يكون منصوبا ، وإمّا أن يكون مجرورا ، ويعامل تابعه طبقا لحالته النطقية بين النصب والجرّ ، وذلك على النحو الآتى :

__________________

(١) ديوانة ٢٥ / الكتاب ١ ـ ١٨٣ / الأصول ١ ـ ١٣٤ / شرح التسهيل ٣ ـ ٧٨ / المساعد ٢ ـ ٢٠٥.

الهجان : الإبل البيض ، العوذ : جمع عائذ ، الناقة الحديثة النتاج. تزجى : تسوق.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٨٢.

(٣) المساعد ٢ ـ ٢٠٤.

(٤) المساعد ٢ ـ ٢٠٧.

(٥) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٢٠٦ ، ٢٠٧.

٥١١

١ ـ المعمول المتبوع منصوب ، والعامل غير معرف بالأداة :

اسم الفاعل غير المقرون بأداة التعريف الصالح للعمل ؛ إذا كان معموله منصوبا ؛ فإن تابع المعمول يكون منصوبا عند الجمهور.

فتقول : هذا كاتب درسا وخطابا. (درسا) مفعول به منصوب لاسم الفاعل العامل المنوّن (كاتب) ، فيكون المعطوف عليه منصوبا.

ويرى الكوفيون والأخفش جواز الجرّ ، ويستدلون بقول امرئ القيس :

فظلّ طهاة اللحم ما بين منضج

صفيف شواء أو قدير معجّل (١)

قالوا : جرّ (قدير) عطفا على موضع (صفيف). ولكنّه يخرّج على تقدير :منضج ، أى : أو منضج قدير ، و (أو) بمعنى الواو لأجل (بين) (٢). ثم حذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه.

وتقول : هو فاهم الموضوع المثار نفسه ، موضوع النحو ، وفكرته.

اسم الفاعل (فاهم) غير مقرون بأداة التعريف ، منون ، فهو عامل ، نصب مفعوله (الموضوع) ، فنصب توابعه : النعت (المثار) ، والمؤكد (نفس) ، والبدل أو عطف البيان (موضوع) ، والمعطوف (فكرة).

٢ ـ المعمول المتبوع مجرور ، والعامل غير معرف بالأداة :

إذا كان العامل (اسم الفاعل) غير مقرون بأل ، وهو صالح للعمل ، ومعموله مجرور ، فإن تابعه يعامل تبعا لنوعه ، وذلك كما يأتى :

 ـ إذا كان التابع نعتا أو عطف بيان أو توكيد فإنه يجب أن يجرّ تبعا للمعمول المجرور.

فتقول : هذا كاتب الدرس الجديد ، درس النحو نفسه.

__________________

(١) المساعد ٢ ـ ٢٠٦ / مغنى اللبيب ٢ ـ ٥٣٢ / العينى على الأشمونى والصبان ٣ ـ ١٠٧. وفيه أوجه أخرى لجرّه ، حيث يخرج على أنه عطف على صفيف ، ولكن خفض على الجوار ، أو على توهم أن الصفيف مجرور بالإضافة ، أى مجرور على التوهم.

(٢) ينظر : مغنى اللبيب ٢ ـ ٥٣٢.

٥١٢

حيث جرّ النعت (الجديد) ، وعطف البيان (درس) ، والتوكيد (نفس) وقيل :ينصب أيضا.

 ـ إذا كان التابع بدلا أو عطف نسق ، والمتبوع مجرور بالإضافة إلى عامله (اسم الفاعل) ، والعامل غير مقرون بأل ؛ فإن التابع يجب جرّه ، فتقول : هذا محترم محمود أخيك وصديقه. بجر (محمود) بالإضافة إلى عامله اسم الفاعل (محترم) ، وجرّ البدل منه (أخى) ، وجرّ المعطوف (صديق).

فإن نصب التابع فى العطف أضمر له عامل.

فإذا قلت : هذا سابق محمود وعلىّ ، أو (عليّا) فالجرّ على احتساب اللفظ ، وهو الأرجح.

وإن نصبت فإنه يخرّج على احتساب وصف مقدر منون ؛ كى يكون عاملا ، أو تقدير فعل محذوف ؛ ليكون ناصبا ، أو على العطف على المحلّ عند بعضهم (١).

__________________

(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٢٧.

٥١٣

اسم المفعول

اسم المفعول : ما دلّ على حدثيّة ومن وقعت عليه ، مع الدلالة على الحدوث.

ويكون ذلك باستخدام السوابق والحشايا فى مبنى المصدر أو الفعل لأداء هذه الدلالة.

حيث يبنى اسم المفعول من الفعل الثلاثى ، أو المصدر الثلاثى على مثال (مفعول). نحو : مضروب من ضرب ، ومفهوم من فهم ، ومسموع من سمع.

وقد تحدث به بعض التغيرات الصرفية الناتجة من قوانين الإعلال والإبدال.

نحو : مقول من قال ، ومبيع من باع ، ومحشوّ من حشا ، ومهدىّ من هدى.

أما من غير الثلاثى فإنه يبنى على مثال الفعل المضارع الذى لم يسمّ فاعله (المبنى للمجهول) ، مع قلب حرف المضارعة إلى ميم مضمومة. نحو :

مخرج من يخرج ، مضارع أخرج.

ومستمع من يستمع ، مضارع استمع.

ومستعمل من يستعمل ، مضارع استعمل.

وقد تراعى بعض التغيرات الصرفية أو البنيوية الناتجة من قوانين الإعلال والإبدال. نحو :

معاد من يعاد ، مضارع أعاد.

مجرى من يجرى ، مضارع جرى.

مربّى من يربّى ، مضارع ربّى.

مقاوم من يقاوم ، مضارع قاوم.

مقتاد من يقتاد ، مضارع اقتاد.

مستعاد من يستعاد ، مضارع استعاد.

٥١٤

مستهدى من يستهدى ، مضارع استهدى.

تلحظ أن بناء اسم المفعول من غير الثلاثى كبناء اسم الفاعل منه ، إلا أن ما قبل الأخير يكون مفتوحا فى الأول ، ويكون مكسورا فى الثانى.

عمله :

يعمل اسم المفعول عمل الفعل المبنى للمجهول بالشروط المذكورة فى اسم الفاعل وصيغ المبالغة (١). وذلك على النحو الآتى :

أ ـ إن كان اسم المفعول مقرونا بأداة التعريف فإنه يعمل مطلقا :

نحو : الأستاذ مفهوم شرحه.

(مفهوم) اسم مفعول من (فهم) ، و (شرح) نائب فاعل مرفوع. وكأنك قلت :الأستاذ فهم شرحه.

ومنه : الشراب مستساغ مذاقه. أى : استسيغ مذاقه. فيكون (مذاق). نائب فاعل مرفوعا.

هذه الكلمة منّون آخرها ، وليس معرّفة بنيتها.

أما هذه الجملة فإنها مؤكّدة دلالتها ، ومنسّقة كلماتها.

تلحظ أن كلا من : (منوّن ، معرّفة ، مؤكدة ، منسّقة) اسم مفعول ، أما نائب الفاعل لكل منها فهو على الترتيب : (آخر ، بنية ، دلالة ، كلمات).

ب ـ إن كان اسم المفعول مجردا من أداة التعريف فإنه يعمل حال اجتماع الشروط الآتية :

١ ـ أن يكون للحال أو الاستقبال ، لا للماضى.

٢ ـ أن يكون معتمدا على واحد من :

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٠٨ / المقتضب ٢ ـ ١١٩ / التسهيل ١٣٨ / شرح الشذور ٣٩٦.

٥١٥

 ـ الاستفهام :

نحو : أمفهوم هذا الشرح؟

(مفهوم) اسم مفعول اعتمد على همزة الاستفهام ، وهو خال من أداة التعريف ، فكان عاملا فى نائب الفاعل اسم الإشارة.

ومنه : أمستعاد كتابه؟ أمطرود الاحتلال؟ أم متروك جنوده يعبثون؟

 ـ النفى :

نحو : ما محترم الإنسان الذى يهمل حقوق الآخرين. (الإنسان) نائب فاعل مرفوع لاسم المفعول (محترم) الخالى من أداة التعريف ؛ ذلك لأنه اعتمد على النفى (ما).

ومنه : ليس ما هو منصوب آخره مع التنوين يكون فاعلا ..

ما مكرم أخوه من أهانه.

 ـ الابتداء :

نحو : الفتيات مزيّن خلقهن بالحياء.

(مزيّن) اسم مفعول مجرد من أداة التعريف ، وقد وقع خبرا ، فاعتمد على ابتداء ، لذلك فقد عمل نحويا ، حيث رفع نائب الفاعل (خلق).

ومنه : الصادق مسموع كلامه. والكاذب مجتنبة أقواله.

 ـ الموصوف :

إما من طريق النعت ، نحو : استمعت إلى خطبة منسّقة أفكارها.

(منسقة) اسم مفعول نعت لخطبة ، فاعتمد على موصوف ؛ لذلك فقد رفع نائب الفاعل (أفكار).

وتقول : صاحبت صديقا مهذبا خلقه. أعجبت برجل صادق قوله.

٥١٦

وإما من طريق الحال ؛ نحو : صاحبت الصديق مهذّبا خلقه. (مهذبا) اسم مفعول حال ، فاعتمد على صاحب الحال ، لذلك فإنه قد رفع نائب الفاعل (خلق).

وتقول : استمعت إلى الخطبة منسّقة أفكارها. أعجبنى الرجل صادقا قوله.

 ـ ألّا يكون مصغّرا.

 ـ ألّا يكون موصوفا.

اسم المفعول المتعدى إلى أكثر من مفعول واحد :

إذا كان اسم المفعول مصوغا من متعدّ إلى أكثر من واحد ؛ فإنه يرفع واحدا منها ، وينصب وجوبا ما سواه (١).

ويمثّل لذلك بالأمثلة :

 ـ هذا معطى أبوه درهما.

(معطى) اسم مفعول خبر المبتدإ ، (أبو) نائب فاعل لاسم المفعول ، مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ، وكان المفعول به الأول أثناء البناء للمعلوم. (درهما) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.

 ـ هذا معلم أخوه بشرا فاضلا.

(أخو) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ، أما (بشرا) و (فاضلا) فهما المفعولان الثانى والثالث لاسم المفعول (معلم). ومنه : زيد معلم أبوه عمرا قائما.

ومنه أن تقول :

 ـ الممنوح درجة أعلى يحصل على جائزة.

 ـ هذا هو المكسوّ ثوبا أمس ، أو الآن ، أو غدا.

__________________

(١) شرح ابن الناظم ٤٣٣.

٥١٧

فى كل من (الممنوح والمكسو) ضمير نائب فاعل ، أما (درجة وثوبا) فكلّ منهما مفعول به ثان ؛ لأن كلّا من (الممنوح والمكسو) يتعدى إلى اثنين.

 ـ إنّه المخبر أبوه صديقه مهذبا.

 ـ إنّ المنبّأ أخوه رجلا عالما فرح بذلك.

(المخبر) اسم مفعول ، نائب الفاعل له (أبوه) ، أما (صديقا ومهذبا) فهما المفعولان الثانى والثالث.

تستطيع أن تلمس مثل ذلك فى اسم المفعول الثانى (المنبّأ) ، ونائب الفاعل (أخوه) ، والمفعول الثانى (رجلا) ، والمفعول الثالث (عالما) ؛ لأن كلا من (المخبر والمنبّأ) يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل.

وتقول : أمسمىّ أخوك محمدا؟

أمكنّى أبوك أبا على؟

الملقّب خاله المكرّم محمود.

إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه :

يفترق اسم المفعول عن اسم الفاعل فى جواز إضافة اسم المفعول المتعدى إلى واحد إلى مرفوعه ، ويجرى فى ذلك مجرى الصفة المشبهة ، ويتمّ تحويل الإسناد عنه إلى ضمير راجع للموصوف (١).

يقال : الساعى فى الخير محمود هدفه. برفع (هدفه) ؛ لأنه نائب فاعل لاسم المفعول (محمود). ولأنه يجرى مجرى الصفة المشبهة باسم الفاعل ؛ فإن النحاة يجعلون السببى المرفوع هنا مرفوعا على الفاعلية.

وتقول : الساعى فى الخير محمود الهدف. بجر الهدف على الإضافة إلى اسم المفعول (محمود).

__________________

(١) ضياء السالك ٣ ـ ٢٦ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

٥١٨

وتقول : الساعى فى الخير محمود الهدف. بتنوين (محمود) ، ونصب (الهدف) ، وإضمار نائب فاعل فى (محمود).

يذكر ابن الناظم : «يصحّ فى اسم المفعول أن يضاف إلى مرفوعه معنى ؛ إذا أزيلت النسبة إليه ، تقول : زيد مضروب عبده ، ترفع العبد لإسناد مضروب إليه ، وتقول : زيد. مضروب العبد ، بالإضافة ، فتجر ؛ لأنك أسندت اسم المفعول إلى ضمير زيد ، فبقى العبد فضلة ، فإن شئت نصبته على التشبيه بالمفعول به ، فقلت :زيد مضروب العبد ، وإن شئت خفضت اللفظ ، فقلت : مضروب العبد ، ومثله :محمود المقاصد الورع ، أى : الورع محمود المقاصد (١).

وممّا جاء من ذلك مرفوعا قوله :

بثوب ودينار وشاة ودرهم

فهل أنت مرفوع بما ههنا راس (٢)

(مرفوع) اسم مفعول متعد إلى واحد ، أجرى مجرى الصفة المشبهة ، ورفع (رأس) بعده ، مع احتسابه خاليا من الضمير. والتقدير مرفوع رأس منك.

ومما جاء منه منصوبا قول عمرو بن لجأ التميمى :

لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها

لمّا بدت مجلوة وجناتها (٣)

(مجلوة) اسم مفعول أجرى مجرى الصفة المشبّهة ، فنصب به المعمول (وجنات) بالكسرة على المفعولية ؛ لأنه جمع مؤنث سالم. وذلك بعد تحويل الإسناد عن المعمول المذكور إلى ضمير راجع للموصوف باسم المفعول

ومما جاء منه مجرورا قوله :

تمنّى لقائى الجون مغرور نفسه

فلما رآنى ارتاع ثمت عرّدا (٤)

__________________

(١) شرح ابن الناظم ٤٣٣.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٦ ، ١٠٥ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢ / الدرر ٢ ـ ١٣٤.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / المساعد ٢ ـ ٢١٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢ / الدرر ٢ ـ ١٣٥.

وجنات : جمع وجنة ، ما ارتفع من الخد.

(٤) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / الدرر ٢ ـ ١٣٥ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

الجون : علم على شخص ، وهو فاعل تمنى ، ويطلق على الأبيض والأسود. عرد : فرّ وهرب.

٥١٩

(مغرور) اسم مفعول أجرى مجرى الصفة المشبهة ، وأضافه إلى معموله المضاف إلى ضمير الموصوف (نفسه).

لكنه يلحظ أن اسم الفاعل إذا كان غير متعدّ وقصد ثبوت معناه عومل معاملة الصفة المشبهة ، وساغت إضافته إلى مرفوعه ، فتقول : زيد قائم الأب ، برفع الأب ، ونصبه ، وجرّه (١).

وهو طاهر الثوب ، ومستقيم العود.

صيغ غير قياسية تؤدى معنى اسم المفعول :

ينوب فى الدلالة عن اسم المفعول الصيغ الآتية (٢) :

 ـ فعل : بكسر فسكون ، نحو : ذبح ، وطرح ، وطحن ، بمعنى : مذبوح ، ومطروح ، ومطحون.

 ـ فعل : بفتح فسكون ، نحو : لفظ ، ولقط ، ونفض ، وقبض ، بمعنى : ملفوط ، وملقوط ، منفوض ، ومقبوض.

 ـ فعلة : بضمّ فسكون ففتح ، نحو : لقمة ، ومضغة ، وأكلة ، وغرفة ، وحرقة ، بمعنى : ملقوم ، وممضوع ، ومأكول ، ومغروف ، ومحروق.

 ـ فعيل : بفتح فكسر طويل ، نحو : أجير ، صريع ، قتيل ، أسير ، ذبيح ، خضيب ، دهين ، لديغ ، غسيل ، دقيق ، خبىء ، كليم ، أخيذ ، بمعنى : مأجور ، مصروع ، مقتول ، مأسور ، مذبوح ، مخضوب ، مدهون ، ملدوغ ، مغسول ، مدقوق ، مخبوء ، مكلوم ، مأخوذ.

وبعضهم يجعل هذا الوزن على كثرته مقصورا على السماع ، وأجاز بعضهم القياس على ما هو مسموع ، بشرط ألّا يكون له فعيل بمعنى فاعل.

ما جاء على هذه الأوزان من اسم المفعول لا يعمل ، وأجاز بعضهم إعمال ما جاء على وزن (فعيل) ، وعليه يجوز القول : مررت برجل جريح أبوه.

__________________

(١) الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٣٠٣.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٨ / المساعد ٢ ـ ٢٠٨.

٥٢٠