النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

الصفة المشبهة باسم الفاعل (١)

حقّ الصفة المشبهة أنها اسم وصف مشتق من مصدر لازم ، أو فعل لازم ، بقصد نسبة الحدثية إلى الموصوف على جهة الثبوت دون إفادة الحدوث. ومعنى الثبوت يكون فى لزوم الأفعال ؛ لذا فحقها أن تكتفى بمرفوعها دون حاجتها إلى منصوب لموازاتها الفعل اللازم.

فالصفة المشبهة ما دلّ على حدثية وموصوف بها ملازم لها ، ثابت معناها فيه ، أو فى السببى المذكور المنتمى إليه ، دون إفادة الحدوث.

وخاصتها أنها الصفة المشتقة التى يستحسن فيها أن تضاف لما هو مرفوع بها فى المعنى ، أى : فاعلها.

وما جاز من الصفات أن يسند إلى ضمير موصوفه فإضافته حسنة ، وما لا يجوز فيه ذلك فإنه لا يضاف إلى مرفوعه (٢).

فإذا قلت : زيد حسن الوجه ؛ فإن الصفة (حسن) يجوز إسنادها إلى ضمير (زيد) ، لذا ؛ فإنه حسن إضافة الحسن إلى الوجه.

وحقّ الصفة المشبهة أن ترتبط بالموصوف الذى ارتبطت به وقد سبقها ، ويكون ذلك من طريقين :

أولهما : تضمنها ضميرا مستترا يعود عليه. كأن تقول : محمد حسن ، ومررت بامرأة حسنة ، فتؤنث. فيكون فى (حسن) ضمير مستتر ، تقديره : هو. ويكون فى (حسنة) ضمير مستتر ، تقديره : هى.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٩٤ ، ٢٠٦ / ٤ ـ ٢٦ ، ٣٦ / المقتضب ٤ ـ ١٥٨ ، ١٦٤ / المقتصد في شرح الإيضاح / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨١ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٩٥ / التسهيل ١٣٩ / شرح التسهيل ٣ ـ ٨٩ / شرح ابن الناظم ٤٤٤ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٢١٠ / شرح التصريح ٢ ـ ٨٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٢

(٢) شرح التصريح ٢ ـ ٨١.

٥٢١

والآخر : تضمن المعمول السببى للصفة ـ وهو الاسم الظاهر المنتمى إلى الموصوف بكيفية ما ـ ضميرا يعود على الموصوف ، ويطابقه فى النوع والعدد.

فتقول : محمد حسن وجهه ، والمرأة كريم خلقها ، وأعجبت بطالبين رائع أسلوبهما ، وبرجال كريم آباؤهم ، وبنساء عذب حديثهن.

وقد يغنى التعريف بأل عن ذكر الضمير ، عند من يجيزه. فتقول : إنه جميل الخطّ ، أى : الخطّ منه.

ومنهم من يلزم الجرّ فى مثل هذا التركيب ، ليكون الفاعل ضميرا مستترا يعود على الموصوف ، فإذا أضيف إليها قدّر ضمير مستتر يعود على الموصوف ، ويقدر فى الصفة ، كأن تقول : مررت برجل حسن الوجه ، حيث فى (حسن) ضمير مستتر يعود على رجل ، وهو الفاعل ، فكأنّ الحسن قد شمل جميع محمد.

الدليل على ذلك أنك تقول : مررت بامرأة حسنة ، ومررت بامرأة حسنة الوجه ، حيث أنّثت ، وهذا يدلّ على أن الصفة جرت على الموصوف المؤنث ؛ لذلك فقد أنّثت ، وتتضمن ضمير الموصوف المؤنث.

لذلك فإننا سنجد أن قسما من النحاة يجعل المعمول السببى الظاهر المرفوع بدلا من الفاعل الضمير المستتر.

بين الصفة المشبهة واسم الفاعل :

لما كانت الصفة المشبهة مشبهة باسم الفاعل ، وهى فرع له ، ومحمولة عليه ، كانت أقلّ من منزلته فى الإعمال ، ونقص تصرفها فى الكلام عن تصرفه ، كما نقصت مرتبة اسم الفاعل عن الفعل.

لذا كان بين الصفة المشبهة واسم الفاعل أوجه اتفاق ، وأوجه اختلاف ، ينتج عنهما أوجه خلاف فى الإعمال ، ودرجته.

ذلك على النحو الآتى :

أوجه اتفاقها مع اسم الفاعل :

تشارك الصفة المشبهة اسم الفاعل فى جوانب ، وهى :

٥٢٢

١ ـ الدلالة على الحدثية ومن وقع منه الحدث ، فكلّ منهما دالّ على المصدر والذات.

ففاهم (اسم فاعل) دال على ذات وفهم ، وظريف (صفة مشبهة) دالة على ذات وظرف. وشريف (صفة مشبهة) دالة على ذات وشرف.

٢ ـ قبولها التثنية والجمع ، والتذكير والتأنيث. فتقول : حسن وحسنة ، وحسنان وحسنتان ، وحسنون وحسنات.

٣ ـ دخول (أل) المعرّفة على كل منهما ، فتقول : الفاهم ، والمستفهمة ، كما تقول : الحسن والجميلة.

أوجه افتراقها عن اسم الفاعل :

وإذا كانت هذه الصفة مشبهة باسم الفاعل ؛ فإن النحاة يذكرون أوجها تفارق بها اسم الفاعل (١) ، وهى :

١ ـ أنها تكون للزمن المستمر ، أى : تجمع بين الأزمنة الثلاثة ؛ لأنها صفة ثابتة دائمة ، والثبوت والدّوام يتطلبان استمرارية الصفة والزمن ؛ لذا فهى دالة على ماض مستمر ، أى : يتصل بالحاضر ، ويستمر.

أما اسم الفاعل فإنه يكون لأحد الأزمنة الثلاثة : الماضى ، أو الحال ، أو الاستقبال.

ولهذا فإن الصفة المشبهة تعمل عمل فعلها مطلقا دون اشتراط زمان معين.

وإذا كان اسم الفاعل لا يعمل إذا دلّ زمنه على الماضى ؛ فإن الصفة المشبهة تعمل ؛ وإن كانت من أفعال ماضية ؛ لأن المعنى الذى دلّت عليه أمر مستقرّ ثابت متصل بالزمن الحالى.

تقول : هذا حسن وجهه ، جميل خطّه ، فدل ذلك على ثبوت الصفة ، واستمرارها إلى زمن الحديث ، فإذا أردت تحديد الزمن بالحال أو الاستقبال ؛ فأردت بذلك

__________________

(١) ينظر فى ذلك : التسهيل ١٣٩ / مغنى اللبيب ٢ ـ ٤٥٨ / شرح الشذور ٣٩٧ / ضياء السالك ٣ ـ ٦٣ ، ٦٥ / شرح التصريح ٢ ـ ٨٢ ، ٨٣.

٥٢٣

إحداث الفعل ؛ ... جئت باسم الفاعل لا الصفة المشبهة ، فتقول : هذا حاسن وجهه ، وجامل خطه.

ومنه قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ، حيث عدل عن (ضيق) إلى (ضائق).

٢ ـ كما ذكر ؛ تدلّ الصفة المشبهة على لزوم الصفة وثبوتها ، أما اسم الفاعل فإنه يدلّ على التجدد والحدوث. تقول : حسن وشريف وعفيف ، صفات مشبهة تدل على ثبوت الحدث ، فإذا أردت التجدد والحدوث جئت باسم الفاعل ، فتقول :

حاسن ، وشارف ، وعافّ.

ولهذا فإنه لا يشترط لإعمالها زمن معين ، حيث دلالتها على الثبوت ، فلا معنى لاشتراط الزمن فيها (١) ، بخلاف اسم الفاعل ، حيث يشترط فيه زمن معين.

٣ ـ لا يكون معمولها إلا سببيا (٢) ، ويقصد بالسببى : اسم ظاهر يتصل بضمير الموصوف لفظا أو تقديرا.

أى : أن معمولها يكون معنى أو ذاتا يمتّ إلى الموصوف بصلة ما ، وينسب إليه بإضافته إلى الضمير الذى يعود عليه.

أما اسم الفاعل فمعموله يكون سببيا وأجنبيا فتقول : علىّ كبير عقله. علىّ كبير العقل. (أى : العقل منه).

فيكون المعمول (العقل) سببيا ، ويتصل بضمير الموصوف ـ إن لفظا ، وإن تقديرا ـ لأن الصفة (كبير) صفة مشبهة باسم الفاعل.

ولا يقال : على كبير محمودا.

لأن محمودا ليس سببيا بالنسبة للموصوف ، بل هو أجنبى. حيث الصفة المشبهة لا يكون معمولها أجنبيا.

__________________

(١) الفوائد الضيائية ٢٠٤.

(٢) المقتضب ٢ ـ ١١٧ ، ٤ ـ ١٥٨ ، ١٦٤.

٥٢٤

ولكن تقول : على محترم محمودا حيث (محترم) اسم فاعل ، فعمل فى الأجنبى.

وتقول : علىّ مرتفعة درجاته. حيث (مرتفعة) اسم فاعل ، عمل فى السببى (درجات) ، ولذا أضيف إلى ضمير الموصوف.

وتقول : المنتبه فاهم درسه والقصة. ولكن لا تقول إلا : محمد حسن وجهه ، أو : الوجه ، أى : الوجه منه.

ولذلك فإن الصفة المشبهة يجوز أن تجرى على المعمول السببى ، لا على موصوفها المذكور سابقا ؛ لأنها معنى تكون صفة للسببى ، فتؤنث له ، وتثنى وتجمع وتفرد له ، دون مراعاة الموصوف السابق عليها فى ذلك.

تقول : أعجبت برجل كريم أبوه ، وكريم أبواه ، وكريم آباؤه ، وبرجل حسنة شمائله ، وطويلة يداه. ذلك لأنها تكون بمنزلة فعل متقدم على مرفوعه ، حيث يلزم الإفراد ، وتلحقه علامة التأنيث لتأنيث فاعله. ولا يلحقه ما يدل على التثنية أو الجمع ، إلا فى لغة قوم ، وهى ما تسمى بلغة (أكلونى البراغيث).

٤ ـ يجوز فى مرفوعها الظاهر النصب والجرّ ، ولا يجوز فى مرفوع اسم الفاعل إلا الرفع. فتقول : الطالب جميل خطّه.

برفع (خط) على الفاعلية ، أو البدلية من الفاعل الضمير المستتر فى الصفة.

أما قولنا : الطالب مرتفعة درجاته. فلا يجوز فى (درجات) إلا الرفع على الفاعلية لاسم الفاعل (مرتفعة).

فإذا كان معمول اسم الفاعل مفعولا فإنه يجوز فيه النصب والجرّ فقط ، حيث تقول : أعجبت بمتقن العمل. (بتنوين متقن ، ونصب العمل ، أو عدم تنوينه ، وجرّ العمل).

٥ ـ الصفة المشبهة تنصب مع قصور فعلها ، فتقول : محمد جميل خلقه.

(بنصب خلق) بالصفة المشبهة (جميل) ، وهى من الفعل القاصر (جمل).

٥٢٥

أما اسم الفاعل لا ينصب إلا إذا كان فعله متعديا. فتقول : محمد كاتب درسه. حيث اسم الفاعل (كاتب) من الفعل المتعدى (كتب).

٦ ـ منصوبها المعرفة مشبه بالمفعول به ، أما منصوب اسم الفاعل فإنه مفعول به. ذلك لأن الإخبار بها لا يعنى أن فعلا قد أحدثه الضمير المرفوع فى معمولها المنصوب ، وإنما هو إخبار عن صفة فى موصوفها ، وهو الرافع عن طريق ضميره المستتر فيها. كأن تقول : زيد حسن الوجه ، فزيد لم يفعل شيئا بالوجه ، بل إن الوجه فاعل فى المعنى ، فهو الحسن. وإنما هو صفة لزيد فى وجهه الذى حسن.

أما اسم الفاعل فهو الذى يدلّ على إحداثه الفعل الدالّ عليه لفظه ، فوقع بمعموله المنصوب ، فإذا قلت : محمد مخرج الصدقة ، فإن اسم الفاعل (مخرج) يدل على من أحدث الإخراج الذى وقع على المنصوب (الصدقة). كما يدل على إحداث الإخراج.

٧ ـ معمولها لا يتقدم عليها ، بل يجب تأخيره (١) ما لم يكن جارا ومجرورا ـ على الأرجح ـ ، نحو : زيد فرح بك ، ويجوز : زيد بك فرح.

ذلك لأنها فرع اسم الفاعل فى عمله.

أما اسم الفاعل فإن معموله يجوز أن يتأخر عنه ، وأن يتقدم. فتقول : أفاهم الدرس؟ ، أالدرس فاهم؟

٨ ـ لا تتعرف بالإضافة مطلقا ، أما اسم الفاعل فإنه يتعرف إذا كان بمعنى الماضى ، أو أريد به الاستمرار.

٩ ـ يرى بعض النحاة أن معمول الصفة المشبهة لا يجوز إتباعه بالنعت.

أما اسم الفاعل فإنه يجوز إتباع معموله بجميع التوابع ، فتقول : محمد فاهم الدرس الأول كلّه ، والثانى درس الصفة المشبهة.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٠٥ / المقتضب ٤ ـ ١٦٤.

٥٢٦

١٠ ـ يجوز إتباع مجرور اسم الفاعل على المحل ، ويكون منه قوله تعالى : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) [الأنعام : ٩٦](١). بنصب (الشمس) على محل (الليل) ، وهو النصب ، عند كثير من النحاة.

ولا يجوز ذلك مع الصفة المشبهة.

١١ ـ يقبح حذف موصوف الصفة المشبهة ، وإضافتها إلى ما أضيف إلى ضميره ، فلا يجوز : أعجبت بجميل وجهه.

لكن لا يقبح ذلك فى اسم الفاعل ، فيقال : أعجبت بفاهم درسه.

١٢ ـ تصاغ من اللازم دون المتعدى (٢) ، نحو : حسن من (حسن) ، وجميل من (جمل).

أما اسم الفاعل فإنه يصاغ منهما ، نحو : قائم ، من (قام) ، وفاهم من (فهم).

١٣ ـ اسم الفاعل يكون على عدد حركات الفعل المضارع وسكناته.

أما الصفة المشبهة فقد تكون مجارية له ، وقد تكون غير مجارية ـ كما ذكرنا ـ.

١٤ ـ لا يفصل بينها وبين معمولها بظرف أو عديله عند الجمهور.

ويجوز ذلك فى اسم الفاعل ، فيقال : محمد كاتب الآن درسه. أفاهم فى القاعة محمد الدرس؟

أما قوله ، وهو الحطيئة :

سيرى أمام فإن الأكثرين حصى

الطيبون إذا ما ينسبون أبا (٣)

حيث فصل بين الصفة المشبهة (الطيبون) ومعمولها المنصوب (أبا) بالظرف (إذا) ؛ فإنه للضرورة. ومنصوبها (أبا) تمييز.

١٥ ـ (أل) الداخلة عليها حرف تعريف ، أما الداخلة على اسم الفاعل فإنها اسم موصول على الأصح.

__________________

(١) قرأ الكوفيون (جعل) فعلا ماضيا ، والباقون بصيغة اسم الفاعل (جاعل). الدر المصون ٣ ـ ١٣٣.

(٢) الكتاب ٤ ـ ٢٦ : ٣٠.

(٣) المساعد ٢ ـ ٢٢٥ / الدرر ٢ ـ ٢٣١.

٥٢٧

اختصاصها (١) :

تختصّ الصفة المشبهة بأمور منها :

أ ـ دلالتها على استمرار ثبوت الصفة ـ كما ذكر.

ب ـ لا تعمل محذوفة :

ج ـ استحسان إضافتها إلى فاعليها.

د ـ يقبح حذف موصوفها ، وإضافتها إلى ما أضيف إلى ضمير موصوفها ، نحو : مررت بحسن وجهه.

ه ـ قد تؤنث بالألف ، نحو : حمراء الوجه.

و ـ لا يراعى لمعمولها محلّ بالإتباع على الأصح.

وأجاز الفراء أن يتبع مجرورها بالرفع ، نحو : هذا الرجل الحسن وجهه نفسه.

وهو قوىّ اليد والرجل.

وأجاز البغداديون الجرّ فى المعطوف على المنصوب ، نحو : هو حسن وجها ويد.

مبناها :

يذكر ابن مالك : «إذا كانت الصفة المشبهة مصوغة من فعل ثلاثى فالغالب كونها غير موازنة للفعل المضارع ، كضخم الجثة ، وليّن العريكة ، وعظيم القدر ، وحسن السيرة ، وخشن البشرة ، ويقظان القلب ، وألمى الشفة.

وقد توازن المضارع ، كضامر البطن ، وساهم الوجه ، وخامل الذكر ، وحائل اللون ، وظاهر الفاقة ، وطاهر العرض.

وإذا كانت مصوغة من غير ثلاثى فلا بدّ من موازنتها المضارع ، كمنطلق اللسان ، ومطمئن القلب ، ومستسلم النفس ، ومغدودن الشّعر ، ومتناسب الشمائل» (٢).

__________________

(١) شرح التصريح ٢ ـ ٨٣.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٨٩.

٥٢٨

ومما جاء منها موازنة للفعل المضارع من الثلاثى قول عدى بن زيد العبادى النصرانى :

من حبيب أو أخى ثقة

أو عدوّ شاحط دارا (١)

فقد اتفقوا على أن شاحطا صفة مشبهة. وهى على وزن اسم الفاعل من الثلاثى شحط.

ومما جاء منها موازنة للمضارع من غير الثلاثى ، فكان لازما ، قول جرير :

ومن يك منحلّ العزائم تابعا

هواه فإنّ الرّشد منه بعيد (٢)

حيث (منحلّ) صفة مشبهة من الفعل غير الثلاثى (انحلّ).

الصيغ التى تأتى عليها الصفة المشبهة :

١ ـ فعيل ـ بفتح فكسر طويل :

تأتى من الأفعال التى على مثال :

 ـ فعل ـ بضم العين : وتكثر الصفة المشبهة منه على صيغة فعيل ، نحو : كرم فهو كريم ، عظم فهو عظيم ، فقه فهو فقيه ، ظرف فهو ظريف ، نبه فهو نبيه ، شرف فهو شريف ، جمل فهو جميل.

وكذلك : قبيح ، دميم ، صغير ، كبير ، قصير ، طويل ، ضعيف.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٩٨ / المساعد ٢ ـ ٢١١ / مغنى اللبيب ٢ ـ ٤٥٩ / العينى ٣ ـ ٦٢١ / شرح التصريح ٢ ـ ٨٢. وفيه رواية : من صديق. الشاحط : البعيد.

(٢) ديوانه ١٦٧ / شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٤ / المساعد ٢ ـ ٢١١.

(من) اسم شرط جازم مبنى ، مبتدأ مرفوع محلا. (يك) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة. واسمها ضمير مستتر تقديره : هو يعود على اسم الشرط. (منحل) خبر يكون منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، و (العزائم) مضاف إليه مجرور. (تابعا) خبر ثان ليكون منصوب ، وفيه ضمير مستتر تقديره : هو ، فاعله. (هواه) مفعول به لتابع منصوب مقدرا ، وهو مضاف ، وضمير الغائب فى محل جر ، مضاف إليه.

(فإن) الفاء واقعة فى جواب الشرط حرف رابط مبنى. إن : حرف توكيد ونصب مبنى. (الرشد) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (منه) شبه جملة متعلقة ببعيد. (بعيد) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة من إن ومعموليها جواب الشرط فى محل جزم.

٥٢٩

 ـ فعل ـ بكسر العين : نحو : سقم فهو سقيم ، مرض فهو مريض ، سلم فهو سليم.

وكذلك : حزين ، صحيح ، سعيد ، بخيل ، نشيط.

 ـ المضعف الثلاثى : نحو طبّ فهو طبيب ، صح فهو صحيح ، عفّ فهو عفيف.

وكذلك : لبيب ، خسيس ، ذليل ، خفيف ، سديد ، شديد. عزيز ، عليل.

 ـ يائى اللام : نحو : تقى فهو تقى ، قوى فهو قوىّ ، غبى فهو غبىّ.

وكذلك : شقىّ ، ولىّ ، نقىّ ، عيىّ ، أبىّ ...

 ـ فعل : بفتح ففتح ، وهو قليل ، ومنه : حرص فهو حريص ، ضيّق ، حريض (فاسد ، أذابه الحزن والعشق).

٢ ـ فعل ـ بفتح فكسر :

تأتى من الأفعال التى على مثال :

 ـ فعل ـ بفتح فكسر : ويكون من معانى :

الأدواء الباطنة ، والأمراض كثيرا ، نحو : وجع ، فهو وجع ، لوى (أصيب بوجع فى المعدة) ، فهو لو ، دوى (مرض) فهو دو ، حبط (انتفاخ بطن الدابة) ، فهو حبط.

ومنه : وجى فهو وج (شدة رقة القدم أو الحافر أو الخفّ من كثرة المشى) ويقال لعمىّ القلب : عم.

المشاعر الباطنة : نكد فهو نكد ، عسر فهو عسر ، لحز فهو لحز. (شحّ وبخل ، أو ضاقت نفسه).

ومنه : لحج (ضاق) ، نزق (من الخفة والطيش) ، ملق. (من الضعف) ، قلق ، سلس (سهل الانقياد) شكس ، لقس (الذى لا يستقيم على وجه ـ يسخر من الناس ...) ، لقص (سريع إلى الشر).

٥٣٠

ومنه : بطر ، أشر ، جذل ، فرح ، أرج (من توهج ريح الطيب وانتشارها) ، جو (شديد الوجد وحرقته).

ومنه : فزع فهو فزع ، وجل فهو وجل ، فرق ... ومنه : قرم. (شدّة الشهوة إلى اللحم).

ومنه ما يتغير ، قالوا : سهك (رائحته كريهة من تغيره) شعث ، (من التغير وتلبد الشعر واتساخه).

 ـ فعل ـ بفتح فضم : ويأتى منه قليلا ، نحو : نجس ، خشم (أصيب بداء فى أنفه). من : نجس ، وخشم.

 ـ أفعل ـ بفتح فسكون ففتح :تأتى من الأفعال التى على مثال :

٣ ـ فعل ـ بضم العين نحو :

صهب فهو أصهب. (اللون الأصفر إلى حمرة مع بياض) ، أكهب (ذو غبرة مشربة سوادا) ، آدم (لون مشرب سوادا وبياضا).

ومنه : خشن فهو أخشن ملح فهو أملح.

٤ ـ فعل ـ بكسر العين ويأتى فى معانى : العيوب الظاهرة ، نحو : أعور ، أعمى ، أحول.

ومنه : أقطع (مقطوع اليد) ، أجذم (مقطوع اليد ، أو مصاب بالجذام) ، أعرج.

ومنه : أعشى ، أجرب ، أقعس (من خرج صدره ، ودخل ظهره خلقة) ، أحمق ، أبله.

ومنه : أجرد (قصر الشعر ، وهو عيب فى الدواب ، وورم فى مؤخر عرقوب الفرس ، يمنعه من المشى).

أزبّ (كثرة الوبر ، أو الشعر ، وطوله) ، أغمّ (كثرة الشعر فى الوجه والقفا).

٥٣١

ومنه كذلك : أشتر. (انقلب جفن عينه ، أو شقّت شفته السفلى) ، أصلع ، أوقص (قصير العنق) ، أصيد (مائل العنق) ، أميل (مائل خلقة) ، أشيب.

الألوان : نحو : أسود ، أبيض ، أصفر ، أشهب ، أشقر. وما ذكر سابقا.

فتقول : مررت برجل أسود أبوه ، وامرأة أحمر غلامها.

الحلى : نحو : أهضم (خميص البطن) ، ويقال : بطن هضيم ، ومهضوم وأهضم. وأجيد (طول العنق وحسنه). ألمى ، (سمرة فى الشفة تستحسن).

ملحوظة :

الصفات المشبهة المذكورة على مثال (أفعل) للمذكر مؤنثها يكون على مثال :علاء ، نحو : عوراء ، عمياء. جرباء ، حمقاء ... جرداء ، صلعاء ، شيباء ...

سوداء ، بيضاء ... هضماء ، جيداء ... لمياء.

٥ ـ فعال ـ بضم ففتح طويل :

تأتى للمبالغة فى وزن فعيل ، نحو : طوال (من طويل) ، شجاع (من شجيع) ، عجاب (من عجيب).

٦ ـ فعّال ـ بضم ففتح مشدد طول :

تأتى للمبالغة فى فعال ، نحو : طوّال ، شجّاع ...

٧ ـ فعلان ـ بفتح فسكون ففتح طويل :

تأتى من الفعل الذى يكون على مثال :

 ـ فعل ـ بفتح فكسر : فى معانى الامتلاء ونقيضه ، نحو : شبعان ، ريّان ، ظمآن ، غرثان (للجوع) ، صديان ، هيمان ، سكران عطشان ، غضبان ، لهفان ، ثكلان.

وقالوا : قدح قربان ، وجمجمة قربى (قارب الامتلاء) ، وقدح نصفان ، وجمجمة نصفى ، (انتصف). ومنه : خزيان.

٥٣٢

٨ ـ فعل ـ بفتح ففتح :

تأتى من : فعل ـ بفتح فضم : نحو : حسن فهو حسن ، بطل ...

٩ ـ فعل ـ بفتح فسكون :

تأتى من : فعل ، بفتح فضم ، نحو : صعب فهو : صعب ، عذب فهو عذب ، وكذلك : ضخم ، سمع ، شهم ...

١٠ ـ فعل ـ بضم فسكون :

تأتى من : فعل : بفتح فضم ، نحو : صلب ، حرّ.

 ـ فعال ـ بفتح ففتح طويل :

تأتى من فعل ، بفتح فضم ، نحو : جبن فهو جبان ، ومنه : امرأة حصان.

١١ ـ فعول ـ بفتح فضم طويل :

تأتى من : فعل ، بفتح فضم ، نحو : وقر فهو وقور ، طمح فهو طموح.

ومنه خجول. من الفعل خجل ، بكسر العين.

١٢ ـ فعل ـ بضم فضم :

تأتى من : فعل ، بفتح فضم ، نحو : جنب فهو جنب.

١٣ ـ فيعل ـ بفتح فسكون ففتح :

لا تأتى إلا من صحيح العين ، نحو : صيرف (النّقّاد).

١٤ ـ فيعل ـ بفتح فسكون فكسر :

لا تأتى إلا من الأجوف ، نحو : جيّد ، بيّن ، سيّد ، هيّن.

١٥ ـ أسماء الفاعلين والمفعولين :

كلّ ما كان على مثال صيغ اسم الفاعل أو اسم المفعول ؛ ودلّ على الثبوت واللزوم ، دون الحدوث والتجدد ؛ فإنه يكون صفة مشبّهة باسم الفاعل. ذلك

٥٣٣

نحو : هو محمود الخلق ، ومحترم الشخصية ، ومهذّب التعامل ، وطاهر القلب ، وثابت الجنان ... هو بارّ بوالديه.

ومنه : عالم ، جاهل ...

ومثل ذلك ما جاء على مثال صيغ المبالغة ، واسم التفضيل ، نحو : سميع ، عليم ، غفور ، شكور ، أحكم الحاكمين ، أعلم ...

ومنه : أحمق ...

ومنه ما جاء على مثال (فاعل) فيما كان متداخلا ، نحو : حامض من حمض (بضم الميم وفتحها) ، خاثر من خثر (بتثليث الثاء) ، عازم من عزم (بضم الزاى وفتحها) ، ماكث من (مكث ، بضم الكاف وفتحها).

ملحوظة :

نجد أنّ دلالة الصفة المشبهة ربما تأتى على أكثر من صيغة ، حيث تشترك بعض الصفات التى تأتى فى صيغتين مختلفتين فى دلالة واحدة ، من ذلك ما جاء على مثال :

 ـ أفعل وفعل (بفتح فكسر) :

حيث يشتركان فيما دلّ على العيوب الظاهرة ، نحو : أشعث وشعث (ما يتغير لونه ويسودّ) ، وأحدب وحدب ، وأقعس وقعس (دخول الظهر ، وخروج البطن والصدر) ، وأكدر وكدر (لون بين السواد والغبرة).

ويشتركان كذلك فى العيوب الباطنة ، قالوا : أوجر ووجر (دائم الخوف) ، وأحمق وحمق.

 ـ فعل (بفتح فكسر) ، وفعلان (بفتح فسكون) :

نحو : جذل وجذلان ، أشر وأشران ، غرث وغرثان (من الجوع) وللأنثى :غرثى ، وغرثانة.

٥٣٤

ومنهما : صد وصديان ، عطش وعطشان ، عجل وعجلان (من السرعة والطيش) ، سكر وسكران ، وللأنثى : صديى ، عطشى ، عجلى ، سكرى.

 ـ فعل (بفتح فكسر) ومفعال (بكسر فسكون) :

نحو : قلق ومقلاق ، وللأنثى : قلقة ومقلاق.

 ـ فعلان (بفتح فسكون) ، وفاعل :

نحو : ثكلان وثاكل ، وللمرأة : ثكلى وثكول وثاكلة.

 ـ أفعل (بفتح فسكون ففتح) ، وفعلان (بفتح فسكون) :

نحو : أهيم وهيمان. (اشتداد العطش بسبب الحمّى) ، وللأنثى : هيمى ، وهيماء.

عمل الصفة المشبّهة :

حيث إن الصفة المشبهة مباينة للفعل بدلالتها على الثبوت دون الحدوث ، وهى مأخوذة من الفعل القاصر ، كان لها أن تعمل عمل الفعل القاصر ، فترفع دون أن تنصب ؛ لكننا لا بد أن نستحضر أنها مشابهة لاسم الفاعل ، لذلك جاز لها أن تعمل عمل اسم الفاعل المتعدى لواحد ، أدنى درجات التعدى.

ونستحضر ـ مرة أخرى ـ أنها اسم ، وهو قابل للإضافة ، فيجرّ ما بعده.

لذلك فإنه يمكن القول إن الصفة المشبهة تعمل على ضربين :

إما لما فيها من معنى الفعل ، وهذه تعمل فى الظرف ، والجار والمجرور ، والحال ، والتمييز ... وغيرها من الفضلات التى ينصبها الفعل اللازم والمتعدى ، على حد سواء ، وهذه المعمولات يجوز تأخيرها وتقديمها على الصفة المشبهة ، على الوجه الأرجح ، عدا المفعول المطلق فإنه يجب تأخيره ، وقيل : إنها لا تعمل فى المفعول المطلق (١).

تقول : هو حسن وجها ، وكريم يدا ، وسعيد حظا ، وملتزم خلقا.

__________________

(١) يس على شرح التصريح ٢ ـ ٨٣ / حاشية الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٤.

٥٣٥

إنه جميل فى شمائله ، وفيّاض فى عطائه.

ويجوز القول : إنه كريم كرما واسعا.

وإما لشبهها باسم الفاعل المتعدى إلى موصوفها ، فتنصب مرفوعها المعمول ، وتعمل ذلك بالشروط المذكورة فى اسم الفاعل ، أى : يجب أن تعتمد على استفهام أو نفى أو ابتداء ، أو منعوت ، أو صاحب حال ، وأن يكون معمولها سببيّا مذكورا بعدها.

وهى من هذا الجانب تجرّ معمولها إذا صلح للإضافة إليها.

فالصفة المشبهة يجوز لها أن ترفع ، وأن تنصب ، وأن تجرّ معمولها.

هذا إلى جانب أثرها فيما عدا معمولها المباشر ، من مثل : التمييز ، والظرف ، والحال ... إلخ.

فتقول :

أكريم أخواك؟ حيث الاعتماد على الاستفهام.

ما قبيح خلق أخويك. حيث الاعتماد على النفى.

أعجبت برجل كريم خلقه. اعتمدت على موصوف.

أعجبت بالرجل كريما خلقه. اعتمدت على صاحب حال.

الرجلان كريم خلقهم. اعتمدت على المبتدإ.

ومنه (١) :

جاءنى زيد حسنا ثيابه. مررت برجل حسن غلاماه.

زيد حسن غلامه. هذا عمرو قويا غلاماه.

ما حسن غلاماك. أحسن غلاماك؟

__________________

(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ٢ ـ ٥٣٩.

٥٣٦

أوجه إعراب معمول الصفة المشبّهة :

معمول الصفة المشبهة ـ فى المقام الأول ـ هو مرفوعها ، وقد ذكرنا أنه من أوجه الافتراق بينها وبين اسم الفاعل أن مرفوعها يجوز فيه النصب والجرّ ؛ لذلك فإن لمعمولها ثلاث حالات إعرابية ، وهى :

أ ـ الرفع :

على أنه فاعل ، وهذا هو الأصل ؛ كى يراد به الثبوت والدوام ؛ حيث إنه فاعل فى المعنى.

فعندما يقال : زيد حسن وجهه ، فإن الحسن فى الحقيقة إنما هو للوجه ؛ ولذا يكون فاعلا.

وقد يحسب الرفع على البدلية من ضمير (زيد) ، وهو ضمير مستتر فى الصفة (حسن) ، حيث أردت المبالغة ، فحولت الإسناد إلى ضمير (زيد) ، فجعلت زيدا نفسه حسنا (١) ، وجعلت الوجه بدلا منه بدل بعض من كل.

ووجه الرفع مطلق فى معمول الصفة المشبهة ، حيث جوازه فى حال اقتران المعمول بـ (أل) ، أو إضافته لما فيه (أل) ، أو إضافته إلى مضمر ، أو لما أضيف إلى مضمر ، أو تجريده من (أل) والإضافة ، أو إضافة المعمول لمجرد منهما ، سواء أكانت الصفة مقترنة بـ (أل) ، أم مجردة منها.

فيقال ـ مع تجرد الصفة المشبهة من (أل) :

محمد كريم الخلق. (المعمول مقرون بأل).

محمد كريم خلق الأب. (المعمول مضاف لما فيه أل).

محمد كريم خلقه. (المعمول مضاف إلى ضمير).

محمد كريم خلق أبيه. (المعمول مضاف إلى ما أضيف إلى مضمر).

محمد كريم خلق. (المعمول مجرد من أل والإضافة).

__________________

(١) ينظر : شرح الشذور ٣٩٧ ، ٣٩٨.

٥٣٧

محمد خلق أب. (المعمول مضاف إلى مجرد منهما).

ومع اقتران الصفة المشبهة بـ (أل) يقال مثل ما سبق ، مع سبق (أل) للصفة ، وذلك على مثال :

محمد الكريم خلق الأب ... إلخ.

ب ـ النصب :

ذكرنا أنه يجوز فى مرفوع الصفة المشبهة النصب ، ويختلف توجيه النصب طبقا لمبنى المعمول ، فإنه إن كان معرفة كان نصبه على التشبيه بالمفعول به ، وإن كان المعمول نكرة كان نصبه على التمييز ، أو على التشبيه بالمفعول به (١). ذلك لأن التميز لا يكون إلا نكرة.

وإذا كان النحاة يختلفون فى أوجه النصب ، فإنها تتردد بين الوجهين السابقين.

ونصب معمول الصفة المشبّهة جائز مطلقا مع كلّ المبانى المذكورة سابقا فى وجه الرفع.

والصفة المشبهة تنصب معمولها على التشبيه لا على الحقيقة ؛ لأنك «إذا قلت :

زيد ضارب عمرا فالمعنى أن الضرب وقع بعمرو ، وإذا قلت : زيد حسن الوجه فلست تخبر أنّ زيدا فعل بالوجه شيئا ؛ بل الوجه فاعل فى المعنى ؛ لأنه هو الذى حسن» (٢). فأنت لم توقع فعلا ، وإنما أخبرت عن زيد بالحسن الذى

للوجه ، كما قد تصفه بذلك إذا قلت : مررت برجل حسن الوجه.

ج ـ الجر :

يجوز جرّ معمول الصفة المشبهة على الإضافة إلى الصفة ، ولا يكون جرّ المعمول فى كل الصور السابقة ؛ إذ تراعى فى ذلك قواعد صحة الإضافة ، فيمتنع الجرّ فيما إذا كانت الصفة مقرونة بـ (أل) ، وكان المعمول مجرّدا منها ، أو كان مجردا من الإضافة إلى مقرون بـ (أل) ؛ لأن إضافة الصفة المقرونة بأل يكون إلى ما فيه (أل) ، أو المضاف إلى ما فيه (أل) ، أو إلى ضمير ما فيه (أل).

__________________

(١) المقتضب ٤ ـ ١٦١ ، ١٦٢ / التسهيل ١٣٩ ، ١٤٠ / شرح الشذور ٣٩٨.

(٢) شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨٢.

٥٣٨

لكن الصفة المشبهة المثناة والمجموعة جمع مذكر سالما يجوز إضافتها مطلقا.

لذا يمتنع الجرّ فى : زيد الحسن وجهه ، والحسن وجه أبيه ، والحسن وجها ، والحسن وجه أب (١). ولكن يجوز فى المعمول الرفع والنصب.

وجرّ معمول الصفة المشبهة ناشئ ـ على الأصح ـ عن النصب ، لا عن الرفع ، أى : نشأ بعد تحويل إسناد الصفة إلى ضمير مستتر يعود على موصوفها عند ما أريد المبالغة ، فنصب المعمول ، وعند الجرّ أضيفت الصفة إلى منصوبها ، لا إلى مرفوعها ، وذلك كى لا يضاف الشىء إلى نفسه ؛ لأن الصفة هى عين مرفوعها ، وهى غير منصوبها.

ملحوظات :

أولا : لما كانت الصفة المشبهة دالة على حدث وموصوفه الملازم له ، وهى من فعل لازم ، كان رفعها لفاعل ظاهر فيه قبح ، حيث إنه يجب استتاره ؛ لأنها تتضمنه ، وقد ظهر.

كما أن نصبها لمعموليها فيه تجوز ؛ لأنه لا ينصب إلا ما كان متعديا. ولذلك خلص من الحالتين بالإضافة ، فالإضافة تمنع القبح حال رفعها معموليها ، وتزيل التجوز حال نصبها له ، وكلّ جائز مع الصفة المشبهة ومعمولها ، حيث يجوز رفعه ، ونصبه ، وجره.

ثانيا : المعمول سببى موصول أو موصوف (٢) :

إذا ورد بعد الصفة المشبهة معمول سببى موصول أو موصوف فإنها تعمل فيه الرفع والنصب مطلقا ، أى : سواء أكانت مقرونة بأل ، أم غير مقرونة بهما ، من ذلك قول الشاعر :

إن رمت أمنا وعزّة وغنى

فاقصد يزيد العزيز من قصده (٣)

__________________

(١) شرح الشذور ٣٩٨.

(٢) ينظر : التسهيل ٣ ـ ٩٤ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٢١٤.

(٣) الموضعان السابقان. ـ (رمت) فعل وفاعل ، والجملة جملة الشرط. (أمنا) مفعول به. (فاقصد) جملة جواب الشرط ، فى محل جزم. (يزيد) مفعول به منصوب. (العزيز) صفة له منصوب. (قصده) جملة فعلية صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب.

٥٣٩

الصفة المشبهة (العزيز) مقرونة بأل ، ومعمولها الاسم الموصول (من) ، فجاز أن يرفع على الفاعلية ، وأن ينصب على التشبه بالمفعول به.

ومنه : رأيت الرجل الجميل ما اشتملت عليه ثيابه ، الطويل رمح يطعن به.

رأيت رجلا جميلا ما اشتملت عليه ثيابه ، طويلا رمح يطعن به.

يجوز فى (رمح) الرفع والنصب.

ومنه قول الشاعر :

عزّ امرؤ بطل من كان معتصما

به ولو أنه من أضعف البشر (١)

حيث الصفة المشبهة (بطل) مجردة من (أل) ، ومعمولها الموصول (من) ، فجاز فيه الرفع على الفاعلية ، والنصب على التشبيه بالمفعول به.

فإذا خلت الصفة المشبهة من أل ، وقصدت الإضافة ؛ جاز لها أن تجرّ معمولها الموصول أو الموصوف. فتقول : رأيت رجلا جميل ما اشتملت عليه ثيابه ، طويل رمح يطعن به (٢). حيث جواز جرّ الاسم الموصول (ما) ، والمعمول الموصوف (رمح).

ثالثا : اتصال الضمير بالصفة المشبهة :

إذا اتصل الضمير بالصفة المشبهة فإنه يكون على تقديرين (٣) :

أولهما : أن تقصد الإضافة ، فتحكم عليه بالجر.

والآخر : ألا تقصد الإضافة ، فتحكم عليه بالنصب على التشبيه بالمفعول به.

وإذا كانت الصفة غير متعرفة ، نحو : رأيت غلاما حسن الوجه أحمره ؛ فإنه يحكم على الهاء بالجر بالإضافة ، ويجيز الكسائى النصب على التشبيه بالمفعول به ، ويختاره ابن مالك ، ويستشهد لذلك بقول الأحوص :

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٤.

(٢) المساعد ٢ ـ ٢١٦ ، ٢١٧.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٣.

٥٤٠