النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

حيث الجملة الفعلية (ما تصبو) فى محلّ نصب على الحالية ، وتلحظ أن فعلها مضارع منفى بـ (ما).

ملحوظة :

يختلف النحاة فيما بينهم فى ذكر الواو رابطا إذا كانت جملة الحال فعلية فعلها مضارع منفىّ بين الأوجه الآتية :

 ـ ويذهب قوم إلى جواز الربط بالواو أو الضمير أو هما معا ، من هؤلاء ابن الحاجب. فتقول : جاء زيد وما يتكلم غلامه ، وجاء زيد ما يتكلم غلامه ، وجاء زيد وما يتكلم عمرو.

ويذكر أن الإتيان بالواو مع (ما) أكثر منه مع (لا) ، حيث إن المضارع مع (لا) كالمضارع مجردا ، والدليل على ذلك استعمالهما فى جملة جواب الشرط فيكونان غير مقترنين بالفاء ، وليس كذلك المضارع المنفى بما ؛ حيث وجوب اقترانه بالواو.

 ـ ويذهب آخرون إلى أن المضارع المنفىّ كالمضارع المثبت ، يجوز فيه الإتيان بالواو إذا كانت جملة الحال مشتملة على الضمير العائد على صاحب الحال ، فإن لم تكن مشتملة عليه فإنه لا بد من ذكر الواو. وعلى رأس هؤلاء ابن عصفور (١).

 ـ ويذهب آخرون إلى أن المنفية بـ (لا) يكثر مجيئها بالضمير مع ترك الواو ، وإن كان النافى (لم) كثر إفراد الضمير ، والاستغناء عنه بالواو ، والجمع بينهما ، وعلى رأس هؤلاء ابن مالك وابنه (٢).

__________________

المخاطب مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (ما تصبو) ما حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب ، تصبو فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، والجملة الفعلية فى محل نصب على الحالية. (وفيك) الواو للابتداء أو واو الحال حرف مبنى ، فى حرف جر مبنى ، ضمير المخاطب مبنى فى محل جر بفى ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (شبيبة) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل نصب على الحال من فاعل تصبو.

(فما) الفاء تعقيبية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، ما اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ.

(لك) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ. (بعد الشيب) ظرف ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالمحذوف فى شبه الجملة. (صبا) حال منصوبة من ضمير المخاطب ، والعامل فيها الاستفهام التعظيمى بما فى معناه. (متيما) حال ثانية منصوبة.

 (١) المقرب ١ ـ ١٥٤.

(٢) شرح ابن الناظم ٣٣٩.

٦١

والنفى بـ (لمّا) كالنفى بـ (لم).

 ـ والأكثر فى الجملة الحالية المنفية بـ (ليس) اقترانها بالواو والضمير معا ، لكنها قد ترتبط بالواو وحدها ، أو بالضمير بمفرده (١).

من أمثلة ارتباطها بالواو والضمير معا قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) [البقرة ٢٦٧](٢). حيث الجملة الفعلية المحولة (ولستم بآخذيه) فى محل نصب ، على الحالية من الفاعل (واو الجماعة) ، وقد ارتبطت بالواو وضمير المخاطبين فى (لستم).

وقول امرئ القيس :

وقد علمت سلمى وإن كان بعلها

بأنّ الفتى يهذى وليس بفعّال (٣)

(وليس بفعال) جملة فى محل نصب ، حال من الفاعل الضمير المستتر فى (يهذى) ، وقد ارتبطت بالواو والضمير معا.

__________________

(١) ينظر : عمدة الحافظ ٣٤٣.

(٢) (لا) حرف نهى مبنى لا محل له من الإعراب. (تيمموا) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (الخبيث) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (منه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالإنفاق. (تنفقون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل نصب ، حال من الفاعل واو الجماعة فى تيمموا. (ولستم) الواو واو الابتداء أو الحال ، ليس فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل رفع ، اسم ليس. (بآخذيه) الباء حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. آخذيه ، خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الياء المقدرة منع من ظهورها ياء حرف الجر الزائد ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (أن) حرف مصدرى ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب.

(تغمضوا) فعل مضارع منصوب بعد أن ، وعلامة نصبه حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والمصدر المؤول فى محل نصب على نزع الخافض ، ويمكن أن تجعلها فى محل جر بتقدير وجود حرف الجر المحذوف ، والتقدير : إلا بأن تغمضوا فيه ، وتكون متعلقة باسم الفاعل (آخذيه).

(٣) (سلمى) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر. (بعلها) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (بأن) الباء حرف جر مبنى ، أن : حرف توكيد ونصب مبنى. (الفتى) اسم أن منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر. (يهذى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر أن. والمصدر المؤول فى محل جر بالباء ، وشبه الجملة متعلقة بالعلم.

٦٢

وقول الشاعر :

أعن سيّئ تنهى ولست بمنته

وتوصى بخير أنت عنه بمعزل (١)

جملة (ولست بمنته) فى محلّ نصب ، حال من الفاعل المستتر فى (تنهى).

وقد ارتبطت بصاحبها بالواو وضمير المخاطب فى (لست).

ومن أمثلة ارتباطها بواسطة الواو بمفردها قول امرئ القيس :

تسلّت عمايات الرجال عن الصّبا

وليس فؤادى عن هواها بمنسل (٢)

جملة (وليس فؤادى بمنسل) فى محل نصب ، حال من (عمايات الرجال) ، وقد ارتبطت به بواسطة الواو التى تصدرتها.

وكذلك قول الشاعر :

دهم الشتاء ولست أملك عدة

والصبر فى السبرات غير مطيّع (٣)

__________________

(١) (أعن) الهمزة للاستفهام حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، عن حرف جر مبنى ، (سيئ) اسم مجرور بعد (عن) ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالنهى. (تنهى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (ولست بمنته) الواو واو الابتداء أو الحال ، (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، وضمير المخاطب مبنى فى محل رفع ، اسم ليس ، الباء حرف جر زائد مبنى لا محل له ، منته : خبر ليس منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد ، والجملة فى محل نصب ، حال من فاعل تنهى. (أنت عنه بمعزل) شبه جملة عنه متعلقة بمعزل ، والجملة الاسمية فى محل جر ، صفة لخير.

(٢) (تسلت) فعل ماضى مبنى على الفتح ، والتاء حرف تأنيث مبنى ، لا محل له من الإعراب. (عمايات) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف و (الرجال) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، (عن الصبا) جار مبنى ومجرور بكسرة مقدرة للتعذر ، وشبه الجملة متعلقة بالتسلى. (وليس) الواو حرف استئناف مبنى. ليس : فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (فؤادى) اسم ليس منصوب بالفتحة المقدرة ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة. (عن هواها) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بمنسل. (بمنسل) الباء حرف جر زائد مبنى. منسل : خبر ليس منصوب بالفتحة المقدرة.

(٣) (دهم) فعل ماض مبنى على الفتح. (الشتاء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ولست) الواو واو الحال ، ليس فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على السكون ، تاء المتلكم ضمير مبنى فى محل رفع ، اسم ليس. (أملك) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله مستتر تقديره : أنا ، والجملة الفعلية فى محل نصب ، خبر ليس ، وجملة (لست أملك) فى محل نصب ، حال. (عدة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (والصبر) الواو استئنافية حرف مبنى لا محل له من الإعراب ، الصبر مبتدأ ـ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (فى السيرات) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالصبر. (غير) خبر المبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مطيع) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.

٦٣

(ولست أملك عدة) جملة حالية من (الشتاء) ، والرابط واو الحال بمفردها.

ومن أمثلة ارتباطها بالضمير بمفرده قول الشاعر :

إذا جرى فى كفّه الرّشاء

جرىّ القليب ليس فيه ماء (١)

جملة (ليس فيه ماء) فى محل نصب ، حال من (القليب) وهو البئر ، وقد ارتبطت به بالضمير العائد عليه ، وهو ضمير الغائب فى (فيه).

من الشواهد التى ذكرها النحاة لجملة الحال الفعلية ذات الفعل المضارع المنفى.

قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) [آل عمران : ١٧٤].

الجملة الفعلية (لم يمسسهم سوء) فى محل نصب على الحالية ، وفعلها مضارع منفىّ بـ (لم) ، وتلحظ أن الرابط الضمير فقط.

قول زهير بن أبى سلمى :

كأنّ فتات العهن فى كلّ منزل

نزلن به حبّ الفنا لم يحطم (٢)

جملة (لم يحطم) حال ، وهى منفية بـ (لم) ، والرابط الضمير وحده.

__________________

(١) (إذا) اسم شرط غير جازم مبنى فى محل نصب على الظرفية ، ومضاف إلى ما بعده ، منصوب بالجواب (جرى) فعل الشرط ماض مبنى على الفتح المقدر. (فى كفه) جار ومجرور ومضاف إليه مبنى ، وشبه الجملة متعلقة بالجرى. (الرشاء) فاعل جرى مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (جرى) فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح المقدر. (القليب) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (فيه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ليس ، أو متعلقة بخبر ليس المحذوف. (ماء) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وجملة (ليس فيه ماء) فى محل نصب على الحالية من (القليب).

(٢) شرح ابن الناظم ٣٩٩ / شواهد العينى ٣ ـ ١٩٤ / الأشمونى ٢ ـ ١٩١.

العهن : ما تناثر من قطن أو صوف ، حب الفنا : عنب الذئب.

(كأن) حرف تشبيه ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (فتات) اسم كأن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (العهن) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فى كل) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من فتات. (منزل) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (نزلن) فعل ماض مبنى على السكون ، ونون النسوة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لمنزل

٦٤

قول عنترة العبسى :

ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن

للحرب دائرة على ابنى ضمضم (١)

(ولم تكن للحرب دائرة) جملة فعلية فى محل نصب على الحالية ، وفعلها مضارع منفى بـ (لم) ، والرابط الواو وحدها.

قوله تعالى : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) [الأنعام : ٩٣]. (ولم يوح إليه شىء) جملة فعلية فى محل نصب على الحالية ، وفعلها مضارع منفىّ بـ (لم) ، والرابط الضمير فى (إليه) والواو معا.

قول النابغة الذبيانى :

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه

فتناولته واتّقتنا باليد (٢)

(ولم ترد إسقاطه) جملة فعلية ، فعلها مضارع منفى بـ (لم) ، وهى فى محل نصب على الحالية ، وتلحظ أن الرابط هو الضمير المستتر فى (ترد) ، والواو فى بداية الجملة.

قول الشاعر :

فقالت له العينان : سمعا وطاعة

وحدّرتا كالدّرّ لمّا يثقّب (٣)

__________________

 (به) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالنزول. (حب) خبر كأن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (الفنا) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة المقدرة. (لم) حرف نفى وجزم وقلب. (يحطم) فعل مضارع مجزوم بعد لم مبنى للمجهول ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر من أجل الروى ، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : (هو) ، والجملة الفعلية فى محل نصب حال ، من (حب الفنا).

 (١) شرح ابن الناظم ٣٤٠ / شواهد العينى ٣ ـ ١٩٨ / الأشمونى ٢ ـ ١٩١.

(لقد) اللام موطئة للقسم ، وجواب القسم خشيت بأن أموت. (بأن أموت) الباء حرف جر زائد ، والمصدر المؤول فى محل نصب ، مفعول به لخشيت. (تكن) فعل مضارع ناقص ناسخ مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه السكون. (للحرب) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر تكون. (دائرة) اسم تكون مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (على ابنى ضمضم) شبه جملة متعلقة بدائرة.

(٢) شرح ابن الناظم ٣٤٠ / شواهد العينى ٣ ـ ٢٠١ / الأشمونى ٢ ـ ١٩١.

(٣) (قالت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء للتأنيث حرف مبنى. (له) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (العينان) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الألف ؛ لأنه مثنى. (سمعا) مفعول مطلق

٦٥

حيث الجملة الفعلية (لمّا يثقّب) فى محل نصب على الحالية من (الدر) ، وهى منفية بـ (لما) ، وارتبطت مع صاحبها بوساطة الضمير دون الواو.

وذكر أبو حيان قول عبد الله بن محمد بن أبى عيينة :

أبعد بلائى إذ وجدته

طريحا كنصل السيف لمّا يركّب

وقوله أيضا :

وفللت منه حدّه وتركته

كهدبة ثوب الخزّ لما يهذّب (١)

رابعا : أن تكون جملة الحال معطوفة على حال سابقة دون جمعهما :

إذا كانت الحال جملة معطوفة على حال سابقة عليها فإنها لا ترتبط بصاحبها بالواو ، حتى لا يتوالى حرفان : أولهما عاطف ، والآخر شبيه بالعاطف ، ذلك نحو قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف : ٤]. حيث الجملة الاسمية (هم قائلون) فى محلّ نصب على الحالية ، بالعطف على الحال السابقة عليها (بياتا) ، فلم يجمع بين واو الحال وحرف العطف ، ولم يقل : أووهم ...

* ملحوظة :

يلحظ أن العاطف بين جملتى الحال إذا كان الواو فإن الواو لا تكون واو الحال أو الابتداء ، وبذلك فإنها لا تحتسب رابطا ، كأن تقول : «جاء محمد يجرى ويلهث» ، فجملة (يجرى) فى محل نصب ، حال ، وقد عطف عليها الجملة الحالية (يلهث) ، وحرف العطف هو الواو ، والرابط فيهما هو الضمير المستتر فى الفعل ، فليست الواو واو الحال ، وليست رابطة بين الحال وصاحبها.

__________________

منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وفعله محذوف. (وطاعة) الواو حرف عطف مبنى لا محل له ، (طاعة) منصوب على المصدرية لفعل محذوف. (وحدرتا) الواو عاطفة. حدرتا : فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء للتأنيث ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (كالدر) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب على الحالية. (لما) حرف نفى وجزم وقلب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يثقب) فعل مضارع مجزوم بعد لما ، وعلامة جزمه السكون ، وحرك بالكسر من أجل الروى ، وهو مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل نصب على الحالية.

 (١) ارتشاف الضرب ٢ ـ ٣٦٨.

٦٦

خامسا : أن تكون جملة الحال جملة فعلية فعلها ماض واقع بعد (أو) العاطفة على جملة حالية سابقة :

فى مثل هذا التركيب تلمس فى الحالين معنى الشرط ، فإذا قلت : لأفهمنّ الدرس شرح أو أهمل ، فإنك تلمس أن الجملة الفعلية (شرح) فى محلّ نصب على الحالية ، وقد عطف عليها بواسطة (أو) الجملة الفعلية (أهمل) ، والرابط فيهما الضمير المستتر فى الفعلين ، وهو فى محلّ رفع ، نائب فاعل عائد على (الدرس) ، وتقدير المعنى : لأفهمنّ الدرس إن شرح وإن أهمل.

ومن ذلك قول الشاعر :

كن للخليل نصيرا جار أو عدلا

ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا (١)

عدم ربط الحال بصاحبها بالواو يتمثل فى الجملتين الحاليتين الواقعتين بعد (أو) ، وهما : (عدلا ، وبخلا).

سادسا : أن تكون الحال جملة فعلية فعلها ماض واقع بعد (إلا):

تمتنع الواو رابطا إذا كانت الحال مستثناة بـ (إلا) ، وهى جملة فعلية فعلها ماض ، كما ورد فى قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الحجر : ١١]. الجملة الفعلية المحولة (كانوا به يستهزئون) فى محل نصب على الحالية من (رسول) ، أو من ضمير الغائبين فى (يأتيهم) ، والرابط الضمير فى (به) ، أو فى : (كانوا) ، ولم تذكر الواو رابطا لأن الجملة الحالية مصدرة بفعل ماض واقع بعد (إلّا).

__________________

(١) (كن) فعل أمر مبنى على السكون ناقص ناسخ ، واسمه ضمير مستتر تقديره : أنت. (للخليل) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بنصير. (نصيرا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (جار) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية فى محل نصب على الحالية.

(أو) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (عدلا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والألف للإطلاق ، والجملة فى محل نصب بالعطف على الجملة الحالية. (الواو) حرف عطف مبنى لا محل له. (لا) حرف نهى مبنى لا محل له. (تشح) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية ، وعلامة جزمه السكون ، وحرّك بالفتح لالتقاء الساكنين ، وأصله : ولا تشحح. (عليه) شبه جملة متعلقة بتشح. (جاد) جملة فعلية فى محل نصب على الحالية. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له.

(بخلا) جملة فعلية فى محل نصب بالعطف على الجملة الحالية ، والألف للإطلاق.

٦٧

ومثله قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الزخرف : ٧].

ومن النحاة من يرى جواز الربط فى مثل هذا التركيب بالواو ، ويستشهدون لذلك بقول الشاعر :

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا (١)

الجملة الفعلية المحولة (كان لمرتاع بها وزرا) فى محلّ نصب على الحالية من (نائبة) ، والرابط ضمير الغائبة فى (بها) ، وكذلك الواو فى صدر جملة الحال ، مع أنها جملة فعلية فعلها ماض واقع بعد (إلّا).

سابعا : أن تكون جملة الحال فعلية فعلها مضارع مثبت خال من

(قد):

إذا كانت الحال جملة فعلية فعلها مضارع مثبت غير مسبوق بـ (قد) فإنه يمتنع فيها الواو رابطا ، بل يكتفى بذكر الضمير رابطا ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر : ٦]. الجملة الفعلية ذات الفعل المضارع المثبت الخالى من (قد) (تستكثر) فى محلّ نصب على الحالية من ضمير المخاطب المستتر فى (تمنن) ، والرابط ضمير المخاطب المستتر فى (تستكثر) ، ويمتنع الواو رابطا حيث إن الفعل المضارع شبيه باسم الفاعل زنة ومعنى ، ولا تدخل الواو على اسم الفاعل.

ومثل ذلك قوله تعالى : (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) [الملك ٧ ، ٨].

__________________

(١) (نعم) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر مبهم تقديره : هو. (امرأ) تمييز للضمير المبهم منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر مقدم ، أو لا محل لها من الإعراب. (هرم) هو المخصوص بالمدح ، فهو : مبتدأ مؤخر خبره المقدم جملة المدح ، أو مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : هرم الممدوح ، أو خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هو هرم ، وهو مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (لم) حرف نفى وجزم وقلب مبنى لا محل له. (تعر) فعل مضارع مجزوم بعد لم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. (نائبة) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إلا) حرف استثناء مبنى ، لا محل له إعرابيا. (وكان) الواو : واو الابتداء أو واو الحال. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح ، واسمه ضمير مستتر تقديره : هو. (لمرتاع) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بوزر. (بها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بمرتاع. (وزرا) خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وجملة كان مع معموليها فى محل نصب على الحالية.

٦٨

الجملة الفعلية المحولة (تكاد تميز) فى محل نصب على الحالية من الفاعل المستتر فى (تفور) ، والرابط الضمير المستتر فى (تكاد) ، ولم تذكر الواو رابطا.

أما قول الشاعر :

علّقتها عرضا وأقتل قومها

زعما لعمر أبيك ليس بمزعم

فإن فيه جملة : (وأقتل قومها) فعلية فعلها مضارع ، وبها ضميران يعودان على نائب الفاعل (تاء الفاعل) والمفعول به الثانى (ضمير الغائبة) فى (علّقتها) فى الجملة السابقة عليها ، ومعناها يصلح للحالية من أحد الاسمين (نائب الفاعل ، والمفعول به الثانى) فى الجملة (علقتها) ، إلا أن تصدرها بالواو قبل الفعل المضارع المثبت يجعل النحاة يخرجونها على عدة أوجه :

 ـ منهم من يرى أن الجملة فى محلّ نصب على الحالية ، والواو ضرورة.

 ـ ومنهم من يرى أن الواو للعطف ، والجملة معطوفة على سابقتها ، والفعل المضارع يؤول بالماضى ، فيكون التقدير : وقتلت قومها.

 ـ ومنهم من يرى أن الواو واو الحال ، وجملة الحال اسمية محذوفة المبتدإ ، والتقدير : وأنا أقتل ...

ملحوظة :

لا يمتنع ذكر الواو رابطا بين جملة الحال وصاحبها إذا كانت اسمية ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤].

الجملة الاسمية (لها كتاب) فى محل نصب على الحالية من (قرية) ، والرابط ضمير الغائبة فى (لها) ، وكذلك واو الحال فى صدر الجملة ، وقد سبقت جملة الحال بأداة الاستثناء (إلا).

ويجدر القول بأنه يكثر ربط الجملة الاسمية الحالية بصاحبها بواسطة الرابط الواو ، وبعضهم يرى أن ترك الواو حينئذ يعدّ شذوذا ، لكنه لا يستطيع أن يتجاوز القول بالجواز فى هذا الموضع (١) ، ويذكر الفراء أنه لو لم يكن فيه الواو كان صوابا (٢).

__________________

(١) ينظر : الكشاف ١ ـ ٥١١ / الدر المصون ٦ ـ ٢١.

(٢) معانى القرآن : ٢ ـ ٨٣.

٦٩

وقد وردت أمثلة كثيرة لترك الواو فى مثل هذا التركيب.

مثال ربط الحال الجملة الاسمية وصاحبها بالضمير دون ذكر الواو ، قوله تعالى : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [البقرة ٣٦](١). الجملة الاسمية (بعضكم لبعض عدو) فى محل نصب على الحالية من الفاعل (واو الجماعة) فى (اهبطوا) ، والرابط بينها وبين صاحبها ضمير المخاطبين فى (بعضكم) الراجع إلى صاحب الحال ، ولا داعى للقول بأن واو الحال الرابطة محذوفة ؛ لأن الضمير رابط ، وإن كانت الواو فى الحال الجملة الاسمية أكثر ربطا.

قد تحتسب الجملة الاسمية فى هذا الموضع استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.

 ـ فى قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠]. الجملة الاسمية (وجوههم مسودّة) فيها قراءتان (٢) :

أولاهما : برفع الجزأين ، وفيها وجهان إعرابيان :

أ ـ أنها فى محلّ نصب على الحالية من الاسم الموصول (الذين) ، حيث إن الرؤية بصرية ، ومن النحاة من يرى أن حذف واو الحال هنا حسن كراهة اجتماع الواوين. وذهب آخرون ـ منهم الزجاج وابن عصفور ـ إلى أنه لا يشترط فيها الواو ، والربط بالضمير هنا يكون كافيا ، وأنت فى الإتيان بها وتركها بالخيار ، فتقول : جاءنى زيد وأبوه قائم ، أو : بترك الواو (٣).

ب ـ أن تكون فى محلّ نصب على أنها مفعول به ثان للرؤية ، حيث إنها قلبية.

__________________

(١) (اهبطوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (بعضكم) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (لبعض) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بعدو. (عدو) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية.

(٢) ينظر : الدر المصون : ٦ ـ ٢١.

(٣) ينظر : المقرب ١ ـ ٥٣ / شرح القمولى للكافية ٢٢١.

٧٠

ثانيتهما : بنصب الجزأين ، وفيها وجهان :

أ ـ أن يكون (وجوه) بدل بعض من كل من الاسم الموصول ، أما (مسودة) فتكون بالنصب على الحالية ، على أن الرؤية بصرية.

ب ـ إذا عدّت الرؤية قلبية ؛ فإن وجوها تكون بدلا من الاسم الموصول بدل بعض من كل ، وتعرب (مسودة) مفعولا به ثانيا.

 ـ وقد يربط بين الحال الجملة الاسمية المنسوخة وصاحبها بالضمير دون الواو ، كما فى قوله تعالى : (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٠١](١). الجملة الاسمية المنسوخة (كأنهم لا يعلمون) فى محل نصب على الحالية من (فريق) ، وهو نكرة تخصصت بالصفة فى شبه الجملة (من الذين ...) ، وقد ربطت الحال بصاحبها بضمير الغائبين فى (كأنهم).

ومثل ذلك فى قوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) [الرعد : ٤١]. الجملة الاسمية المنسوخة (لا معقب لحكمه) فى محل نصب على الحالية من الفاعل الضمير المستتر فى (يحكم) ، والرابط بينها وبين صاحبها ضمير الغائب فى (حكمه) العائد على صاحب الحال ، ولم تذكر الواو رابطا.

 ـ كما يجوز ترك الواو رابطا والاكتفاء بالضمير فيما إذا كانت الحال جملة اسمية تقدم فيها الخبر على المبتدإ ، كما فى قول بشر بن مروان :

__________________

(١) (فريق) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. (من) حرف جر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الذين) اسم موصول مبنى فى محل جر بمن ، وشبه الجملة فى محل رفع ، نعت لفريق ، أو متعلقة بنعت محذوف.

(أوتوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وهو مبنى للمجهول ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، نائب فاعل. (الكتاب) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (كتاب) مفعول به لنبذ منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الله) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وراء) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بنبذ. (ظهورهم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (كأنهم) حرف تشبيه ونصب ناسخ مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، اسم كأن ، (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (يعلمون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. والجملة الفعلية في محل رفع ، خبر كأن ، والجملة الاسمية المنسوخة فى محل نصب على الحالية.

٧١

إذا أتيت أبا مروان تسأله

وجدته حاضراه الجود والكرم (١)

الجملة الاسمية (حاضراه الجود والكرم) فى محلّ نصب على الحالية من ضمير الغائب المفعول به فى (وجدته) ، وتلحظ أن الرابط هو ضمير الغائب فى (حاضراه) ، وهو راجع إلى صاحب الحال ، ولم تذكر الواو رابطا حيث تقدم الخبر فى الجملة الاسمية الحالية على المبتدإ فيها ، وإن كان الأكثر أن تذكر الواو رابطا فى الجملة الاسمية.

 ـ يذكر النحاة أنه إن كانت الحال جملة اسمية خبرها شبه جملة وهو متقدم على المبتدإ فإن حذف الواو أفضل ، كما جاء فى قول بشّار :

إذا أنكرتنى بلدة أو نكرتها

خرجت مع البازى علىّ سواد (٢)

الجملة الاسمية (علىّ سواد) فى محلّ نصب على الحالية من تاء الفاعل فى (خرجت) ، والرابط بينها وبين صاحبها ضمير المتكلم فى (علىّ) ، وهو راجع إلى صاحب الحال ، وحسن عدم ذكر الواو رابطا ؛ لأن الجملة الاسمية الحالية خبرها شبه جملة تقدم على المبتدإ فيها.

التركيب الشرطى وموقع الحالية :

أجاز الزمخشرى وقوع التركيب الشرطىّ حالا ، وأوله بالتركيب الخبرىّ ، ففى قوله تعالى : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) [الأعراف : ١٧٦] ذكر الزمخشرى أن الشرط (إن تحمل عليه يلهث) فى موقع الحال ، كأنه قيل : كمثل الكلب ذليلا دائم الذلالة (٣).

__________________

(١) شرح الرضى ١ ـ ٢١١ / شرح القمولى للكافية ٢٢٢ / وهو فى طبقات فحول الشعراء : ١ ـ ٥٠٠.

(أبا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة. (مروان) مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (تسأله) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنت ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب ، مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل نصب على الحالية من تاء المخاطب فى (أتيت) ، أو من أبى مروان. جملتا الشرط والجواب لإذا هما : أتيت ، وجدت.

(٢) ديوانه ٣ ـ ٤٩ / شرح الرضى ١ ـ ٢١١ / شرح القمولى للكافية ٢٢٢. البازى : نوع من الصقور.

(٣) الكشاف ١ ـ ١٣١.

٧٢

كما جعل التركيب الشرطىّ المقرون بهمزة الاستفهام حالا فى قوله تعالى : (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة : ١٧٠].

حيث يذكر : «الواو واو الحال ، والهمزة بمعنى الردّ والتعجيب ، معناه : أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من الدين ، ولا يهتدون للصواب» (١).

وبين المتقدمين خلاف فى هذه الواو الواقعة فى مثل هذا الموقع بعد همزة الاستفهام ، ويمثله وجهان :

أولهما : ما ذهب إليه الزمخشرى من أنها واو الحال (٢).

والآخر : ما ذكره ابن عطية من أنها واو العطف (٣).

والخلاف بينهم قائم كذلك فى الموضع اللفظىّ للهمزة الموجودة ، بين ما ذهب إليه الزمخشرى من أنه يقدر بعدها جملة ، وهى مذكورة فى المنقول السابق ، وبين ما ذهب إليه ابن عطية من النية بها التأخير عن حرف العطف ، ولكن أبا حيان قد جمع بين الرأيين (٤) ، حيث يجعل الواو عاطفة على حال مقدرة ، والمعطوف على الحال حال ، فصحّ أن يقال إنها للحال من حيث عطفها جملة حالية على حال مقدرة ، وصحّ أن تكون للعطف من حيث هذا العطف.

وأنت ترى أن التركيب الشرطى فى محل نصب ، حال فى كل وجه ، فيذكر ابن عطية : «أن غاية الفساد فى الالتزام أن يقولوا : نتّبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون ، فقرّروا على التزامهم هذا ، إذ هذه حال آبائهم» (٥).

ويؤكد أبو حيان أن الجملة المصحوبة بـ (لو) فى مثل هذا السياق جملة شرطية ، «فإذا قال : اضرب زيدا ولو أحسن إليك ، فالمعنى : وإن أحسن ، وكذلك : «أعطوا

__________________

(١) المرجع السابق ١ ـ ٨٣.

(٢) المرجع السابق.

(٣) المحرر الوجيز ٢ ـ ٦٣.

(٤) البحر المحيط ٢ ـ ١٠٤.

(٥) المحرر الوجيز ٢ ـ ٦٣.

٧٣

السائل ولو جاء على فرس» (١) ، «ردّوا السائل ولو بشقّ تمرة» (٢). المعنى فيهما : (وإن) ، وتجىء (لو) هنا تنبيها على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبلها ، لكنها جاءت لاستقصاء الأحوال التى يقع فيها الفعل ، ولتدلّ على أن المراد بذلك وجود الفعل فى كلّ حال ، حتى فى هذه الحال التى لا تناسب الفعل ، ولذلك لا يجوز : اضرب زيدا ولو أساء إليك ، ولا : أعطوا السائل ولو كان محتاجا ، ولا : ردوا السائل ولو بمائة دينار ، فإذا تقرر هذا فالواو فى (ولو) فى المثل التى ذكرناها عاطفة على حال مقدرة» (٣).

ونجد أن أبا حيان يؤكد على ذكر الواو فى مثل هذا الموضع وإن كانت الجملة الواقعة حالا فيها ضمير يعود على صاحب الحال ؛ لأن حذفها يؤذن بتقييد الجملة السابقة عليها ، كما أنها دليل على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبله ، والفرق واضح بين القول : «أكرم زيدا لو جفاك ، أى : إن جفاك ، وبين : أكرم زيدا ولو جفاك» (٤).

ومنهم من يرى أن التركيب الشرطىّ لا يكاد يقع بتمامه موقع الحال ، وإنما الطريق إلى ذلك أن تجعل التركيب الشرطىّ خبرا عن ضمير ما تريد أن تجعل الحال منه ، ففى القول : جاء زيد إن يسأل يعط ؛ تقول فيه كى تجعل الشرط حالا : جاء زيد وهو إن يسأل يعط ، ويكون الحال شاملا الجملة الاسمية التى خبرها التركيب الشرطىّ.

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [التوبة : ٣٨]. التركيب الشرطى (إذا قيل اثاقلتم) بعد السؤال الإنكارى التوبيخى أو التقريعى (ما لكم) يكون حالا ، والتقدير : ما لكم تتثاقلون إذا قيل لكم انفروا (٥).

__________________

(١) حديث شريف أخرجه مالك فى الموطأ : (٢ ـ ٩٩٦) بذكر (إن) مكان (لو) ، وفى مسند أحمد (١ ـ ٢٠١) ، وسنن أبى داود (١٦٦٥) ، والكبير للطبرانى : (٢٨٩٣) نصه : «للسائل حق وإن جاء على فرس».

(٢) حديث شريف أخرجه أحمد فى مسنده : ١ ـ ٣٨٨.

(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ ـ ١٠٣ / الدر المصون ١ ـ ٤٣٦.

(٤) الموضع السابق.

(٥) ينظر : الكشاف ١ ـ ٣٩٣ / البحر المحيط ٥ ـ ٤١٩ / الدر المصون ٣ ـ ٤٦٤.

٧٤

وفى المساعد يذكر ابن عقيل : «ودخل فى قوله : خبرية جملة الشرط ، وفى البسيط : تقع جملة الشرط حالا ، نحو : افعل هذا إن جاء زيد ، وقيل : لا ، وهو قول ابن جنى» (١).

ومنه نلمس أن كلا من ابن جنى وصاحب البسيط وابن عقيل يرون أن التركيب الشرطىّ يصح أن يقع حالا ، ولا أرى ما يمنع ذلك.

بين جملة الحال والجمل الاعتراضية :

يميّز بين جملة الحال والجملة الاعتراضية بفروق معنوية وأخرى لفظية ، نوجزها فى :

 ـ جملة الحال تبين هيئة صاحبها أثناء إحداث حدث ما. فعلاقتها بما قبلها بيان هيئة ، فوجودها مقصود فى إنشاء الجملة التى وردت فيها.

أما الاعتراضية فإنه يؤتى بها لبيان معنى ليس مقصودا فى إنشاء الجملة ، وإنما تكون لمعنى تقوية ما جاءت فيه ، أو لتأكيده ، أو لمعنى آخر غير المعنى المقصود فى الجملة ، كمعنى التعظيم ، والفخر ، والتفسير ، والشكّ ... إلخ.

 ـ الأصل فى جملة الحال أن تذكر بعد صاحبها وعاملها ، لا تتقدم عليهما ، دون النظر إلى آراء بعض النحاة فى هذه القضية.

لكن الجملة الاعتراضية تذكر بين أجزاء الجملة معترضة إياها ، سواء أكان مبتدأ وخبرا ، أم موصولا وصلته ، أم فعلا وفاعلا أو مفعولا به ، أم أجزاء التركيب الشرطى ، أم قسما وجوابه ، أم إن وخبرها ، أم كان واسمها ، أم المضاف والمضاف إليه ، أم غير ذلك.

أما جملة التفسير فتذكر تالية لما تفسره مما يحتاج إلى كشف حقيقته ، التى تتمثل فى معنى الجملة المفسر بها.

 ـ يجوز أن تقيم مفردا مقام جملة الحال ، ولا يجوز ذلك مع الجملة الاعتراضية.

__________________

(١) المساعد ٢ ـ ٤٣.

٧٥

 ـ يجوز أن تقترن الجملة الاعتراضية بالفاء ، أو لن ، أو السين ، أو سوف.

أما جملة الحال فإنه لا يجوز قرنها إلا بالواو ، وبأو فى تركيب معين ، وتمتنع من استقبالها فلا يجوز قرنها بحرف التنفيس أو بلن أو غيرها مما يعطى معنى الاستقبال.

 ـ قد تكون الجملة الاعتراضية طلبية ، لكن جملة الحال لا تكون إلا خبرية.

والجمل التى لا محلّ لها من الإعراب ـ فى عجالة فى هذا الموضع ـ هى (١) :

 ـ الجملة الابتدائية.

 ـ الجمل الواقعة بعد أدوات الابتداء : الحروف المكفوفة (إنما وأخواتها ...) ، إذا الفجائية ، هل ، بل ، لكن ، إلا ، إما ، (ما) التميمية.

 ـ بعد أدوات التحضيض : ألا ، هلا ، أما ، لولا.

 ـ بعد أدوات التعليق غير العاملة : لولا ، لو ، لما ، كلما.

 ـ الواقعة جوابا لأدوات الشرط غير الجازمة إذا كان مقرونا بالفاء.

 ـ الواقعة صلة للأسماء الموصولة أو الحروف.

 ـ الجمل الاعتراضية.

 ـ الجمل التفسيرية ـ على رأى.

 ـ الواقعة جوابا للقسم.

 ـ الجمل المؤكدة لجمل لا محل لها من الإعراب.

 ـ الجمل المعطوفة على ما لا محل له من الإعراب.

 ـ التركيب الشرطىّ الذى تقدم جوابه عليه.

__________________

(١) ينظر : ارتشاف الضرب ٢ ـ ٣٧٥.

٧٦

الحال المركبة :

قد ترد الحال فى الجملة العربية مركبة ، أى : تركب حالان مع بعضهما تركيب خمسة عشر ، وتصيران اسما واحدا ، فتكونان مبنيّتين على فتح الجزأين ، ومثال ذلك (١) : هو جارى بيت بيت ، أى : ملاصقا ، حيث (بيت بيت) حال مبنية على فتح الجزأين فى محلّ نصب.

وللنحاة فى هذه الأحوال المركبة مذهبان :

أحدهما : أنها مركبة تركيب خمسة عشر ، حيث تبنى على فتح الجزأين.

ثانيهما : أنهما مركبان تركيب الإضافة ، حيث يحذف التنوين من الثانى للإتباع ، فيشبهان بخمسة عشر ، فيفترقان فى أصالة البناء.

كما أن هذه الأحوال المركبة قد يفسر أصلها التركيبى على نحوين :

الأول : ما أصله حرف العطف ، ومنه :

 ـ تفرقوا شغر بغر ، أى : فى كل وجه لا اجتماع معه (٢) والأصل فيهما : شغرا وبغرا ، فركبتا معا بحذف الحرف العاطف ، فبنيتا على الفتح.

 ـ ومثله : تفرقوا شذر مذر. أى : شذرا ومذرا (٣) وفيه : تفرقوا شذر بذر.

 ـ ومثله : تفرقوا خذع مذع ، أى : خذعا ومذعا (٤).

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٣٠٣ / شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ١١٨ / ارتشاف الضرب ٣٧٠ / شرح شذور الذهب : ٧٥.

(٢) اشتغر فى البلاد : إذا أبعد فيها ، أو من شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول فباعدها من الأخرى.

بغر النجم : سقط وهاج بالمطر ، أو البغر هو العطش ، يأخذ الإبل فلا تروى ، وربما ماتت به.

(٣) الشذر : الذهب يلقط من المعدن ، فهو متفرق فيه متبدد ، أو صغار اللؤلؤ. مذرت البيضة فسدت وأبعدت ، أو من البذر ، وهو تفريق الحب.

(٤) الخذع : القطع ، لحم مجذع ، أى : مقطع. مذع السر : أفشاه ، فكأنه فرقه.

٧٧

 ـ تركوا البلاد حيث بيث ، وحاث باث ، وحوث بوث (١) ، أى : تفرقوا وتبدّدوا ، وأصلها بحرف العطف.

 ـ تساقطوا أخول أخول. أى : متفرقين ، وأصلها بحرف العطف الفاء ، أى : أخول فأخول ، ويعنى به : شيئا فشيئا.

يساقط عنه روقه ضارياتها

سقاط شرار القين أخول أخولا (٢)

ومنه قول ضابئ البرجمى :

وفيه (أخول أخول) حالان ركبا معا ، وكانا كالكلمة الواحدة ، فبنيتا على فتح الجزأين ، وهما فى محلّ نصب على الحالية.

الثانى : ما أصله النسبة ، نسبة أحدهما إلى الآخر ، سواء أقدّرت بحرف الجر ، أم قدرت بالإضافة ، ومن ذلك :

 ـ هو جارى بيت بيت ، أى : ملاصقا. والأصل ، بيتا لبيت ، فحذف حرف الجر ، فركب الاسمان ، وأصبحا حالا مبنية على فتح الجزأين فى محل نصب.

وقد ينطقان بالإضافة : بيت بيت.

 ـ لقيته كفة كفة ، أى : مواجهة. والأصل كفة لكفة ، وقد ينطقان بالإضافة : كفة كفة ، وقد يفصلان بحرف الجر (عن) ، كفة عن كفة.

 ـ لقيته صحرة بحرة ، أى : منكشفا. إذا لقيته وليس بينك وبينه ساتر ، واستعملا بالإضافة ، صحرة بحرة.

__________________

(١) استحاث الشىء : تطلبه وقد ضاع فى التراب ، وباث : بحث عن الشىء بعد ضياعه.

(٢) الروق : القرن / ضارياتها : أراد بها الكلاب / القين : الحداد.

(يساقط) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عنه) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بيساقط ، (روقه) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة.

(ضارياتها) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الكسرة ، لأنه مجموع بالألف والتاء المزيدتين ، وضمير الغائبة مبنى فى محل جر بالإضافة. (سقاط) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (شرار) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (القين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أخول أخول) حالان مركبان مبنيان على الفتح فى محل نصب من واو الجماعة. والألف للإطلاق.

٧٨

 ـ افعل هذا بادى بدا ، أى : أول كلّ شىء. وأصله : بادئ بداء ، بالإضافة ، فخففت الهمزة من الأول بقلبها ياء ، وحذفت من الثانى فقصر ، أى : أصبح مقصورا ، وأصبحا اسمين مركبين فبنيا ، على فتح الجزأين لحاليتهما ، بعد أن حذف التنوين من الثانى ، وفيه : بادى بدء ، وبادى بدئ.

وقد يؤولان بحرف العطف : بادئ وبداء.

 ـ ذهبوا أيدى سبا ، وأيادى سبا ، أى : متفرقين متبددين. والأصل : أيدى سبإ ، أو : أيادى سبإ ، وسبإ علم حذف منه التنوين ، فركبا ، فصارا بالتركيب اسما واحدا مركبا مبنيا على فتح الجزأين ؛ لأنهما حال مركبة.

وقد زالت العلمية بالتركيب عن (سبا) ، وهو (سبأ) بعد تخفيف الهمزة.

ملحوظة :

قد يكون الظرف المركب مبنيّا على فتح الجزأين ، وشبه جملته فى محل نصب على الحالية ، أو متعلقة بحال محذوفة ، كما هو فى قول عبيد بن الأبرص :

نحمى حقيقتنا وبعض ال

قوم يسقط بين بينا (١)

(بين بينا) ظرفان مركبان مبنيان على فتح الجزأين ، والألف للإطلاق ، وشبه الجملة فى محل نصب على الحالية ، أو متعلقة بمحذوف ، حال.

تعدد الحال

ينقسم النحاة إزاء قضية تعدد الحال لصاحب واحد لعامل واحد انقسامهم إزاء تعدد الخبر لمبتدإ واحد ، وذلك على النحو الآتى :

__________________

(١) (نحمى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة للثقل ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : (نحن).

(حقيقتنا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بالإضافة.

(وبعض) الواو واو الحال حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب ، بعض : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف. (القوم) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (يسقط) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : (هو) ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية. (بين بين) ظرفا مكان مركبان مبنيان على الفتح ، وشبه الجملة فى محل نصب على الحالية ، أو متعلقة بمحذوف حال.

٧٩

 ـ يرى كثير من النحاة ـ وعلى رأسهم الفارسىّ ـ أن العامل الواحد لا يعمل فى حالين لصاحب واحد إلا بالعطف بين الحالين ، فالقول : (جاء زيد ضاحكا مسرعا) صحته فى مذهبهم : جاء زيد ضاحكا ومسرعا.

ويستثنى هؤلاء من ذلك أفعل التفضيل إذا كان عاملا فى الحال ، نحو : زيد راكبا أحسن منه ماشيا ، لنيابة أفعل التفضيل مناب عاملين ، وكل من (راكبا ، وماشيا) حال منصوب لزيد ، والعامل اسم التفضيل (أحسن).

 ـ ولكن ابن جنى يذهب إلى جواز تعدد الحال لعامل واحد ومن صاحب واحد بدون عاطف ، فتقول : مررت بزيد جالسا متكئا ضاحكا ، وإن شئت أن تأتى بعشر أحوال إلى أضعاف ذلك لجاز وحسن ، كما لك أن تأتى للمبتدإ من الأخبار بما شئت ، كقولك : زيد عالم جميل جواد فارس مصرىّ بزاز ، ونحو ذلك (١).

ويأخذ بهذا الرأى كثير من النحاة واللغويين والمفسرين ، وعلى رأسهم ابن مالك (٢).

ففى قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [الواقعة : ١ ـ ٣]. حيث قراءة (خافضة رافعة) بالنصب (٣) ، على أنهما حالان من (الواقعة) ، وكذلك : الجملة الفعلية المحولة (ليس لوقعتها كاذبة) حال من الواقعة ، فهذه ثلاث أحوال الصاحب واحد.

لكننا قد أدركنا من قبل الدائرة المعنوية الواحدة التى تجمع كلا من الخبر و

النعت والحال ، وعلاقة كلّ منها بالمبتدإ والمنعوت وصاحب الحال ، ولما جاز أن ينعت الواحد بعدة نعوت فى وقت واحد جاز أن يخبر عن المبتدإ الواحد بعدة أخبار فى وقت واحد ، وحقيقة الإخبار والهدف من الكلام يجيز ذلك ؛ لذا جاز أن يكون

__________________

(١) المحتسب ٢ ـ ٣٠٧.

(٢) الشافية الكافية ٢ ـ ٧٥٤ ، ٧٥٥.

(٣) قراءة زيد بن على وعيسى والحسن وأبى حيوة وابن مقسم واليزيدى ، ومعهم ابن أبى عبلة والزعفرانى. المحتسب ٢ ـ ٣٠٧ / البحر المحيط ١٠ ـ ٧٧ / الدر المصون ٦ ـ ٢٥٣.

٨٠