النحو العربي - ج ٣

إبراهيم إبراهيم بركات

النحو العربي - ج ٣

المؤلف:

إبراهيم إبراهيم بركات


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨

فإن يكن النكاح أحلّ شىء

فإن نكاحها مطر حرام (١)

حيث يجرّ (مطر) ، مما يدلّ على نصب الضمير ، مع اتصاله بالمضاف ، وجمهور النحاة لا يجيزون ذلك.

وإن قرنت الصفة بأل ؛ واتصل بها الضمير ؛ تعيّن الحكم بالنصب ، نحو :مررت بالغلام الحسن الوجه الأحمره. ويجيز الفراء الجرّ ، ويرجح النصب.

فإن انفصل الضمير عن الصفة بضمير آخر تعين النصب ، نحو : قريش نجباء الناس ذرية وكرامهموها. هم أحسن الناس وجوها وأنضر هموها.

وأرى أنه يجب أن نحترز من كون الصفة مثناة أو مجموعة حيث تتأثر لفظيا أو بنيويا بين إعمالها الجرّ والنصب ، ففى حال إعمالها الجرّ تحذف النون منها ، وفى حال إعمالها النصب تثبت النون.

تقول : مررت بالرجلين الحسنين وجهاهما الجميليهما. فيكون الجر. والجميلين إياهما فيكون النصب.

سواء كان الضمير المعمول للصفة المشبهة فى محل نصب ، أم كان فى محلّ جر ؛ فإنه لا يتأثر نطقيا ، أو لفظيا.

أما المتأثر بين احتساب الجرّ والنصب فإنه الصفة المشبهة إذا كانت ممنوعة من الصرف غير مقرونة بأل ، وغير مضافة ، وفى موقع الجر.

مثال ذلك : أعجبت برجل جميل الوجه أحمره ، حيث الصفة المشبهة (أحمر) مجرورة ، فإن احتسبت مضافة إلى معمولها الضمير ؛ لأنه يكون فى محل جر ؛ فإنها تجرّ بالكسرة ، وإن احتسب المعمول منصوبا فإن الصفة تجرّ بالفتحة نيابة عن الكسرة ، هذا غير ما تكون الصفة مضافة أو معرفة ، حيث جرّها بالكسرة فى حالى إعمالها الجرّ والنصب ، وغير ما تكون الصفة مصروفة حيث إن علامة إعرابها لا تتأثر بين إعمالها النصب والجر.

__________________

(١) ديوانه ١٨٣ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٣ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٧٩.

٥٤١

الاحتمالات البنيوية للصفة المشبهة ومعمولها :

أ ـ تستخدم الصفة المشبهة مترددة بين اقترانها بأداة التعريف (أل) ، وتجردها منها. فهاتان حالتان.

ب ـ أما معمولها فإنه يتردّد بين :

 ـ الاقتران بـ (أل) ، والإضافة إلى ما فيه (أل).

 ـ الإضافة إلى مضمر ، والإضافة إلى ما إلى أضيف إلى مضمر.

 ـ التجرد من (أل) والإضافة ، والإضافة إلى مجرد منهما.

فهذه ستّ صور.

ج ـ ويأتى المعمول ـ كذلك ـ إما مرفوعا ، وإمّا منصوبا ، وإما مجرورا.

بالجمع بين (أ) و (ب) نحصل على اثنتى عشرة صورة.

وبإضافة (ج) إليهما ، حيث يكون فى كل صورة مما سبق أحوال الرفع والنصب الجر ، نحصل على ستّ وثلاثين صورة.

فإذا تذكرنا أن من هذه الصور أربعا لا تجوز ، تتمثل فى امتناع جرّ المعمول إذا كانت الصفة مقرونة بـ (أل) ، وهى غير مثنّاة ولا مجموعة جمع مذكر سالما ، والمعمول يكون مجردا من (أل) ، أو مضافا إلى مجرد منها ، أو مضافا إلى ضمير ، أو إلى ما أضيف إلى ضمير ، فإن الجائز منها يكون اثنتين وثلاثين صورة.

وبذلك لا يجوز القول :

الحسن وجه. الحسن وجه أب ، الحسن وجهه ، الحسن وجه أبيه.

والجواز فى هذه الصور الاثنتين والثلاثين على مراتب ، تجمع بين القبح والضعف والحسن (١).

__________________

(١) شرح ابن الناظم ٤٤٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٨٤.

٥٤٢

فأما القبيح منها فأربع صور ، وهى :

أن يرفع المعمول : والصفة مقرونة بـ (أل) ، أو مجردة منها ، والمعمول مجرد منها ومن الإضافة إلى الضمير ، أو مضاف إلى مجرد منها.

نحو : الحسن وجه ، الحسن وجه أب ، حسن وجه ، حسن وجه أب.

ويذكرون دليلا على أحوال الجواز فى صور القبح قول الراجز :

ببهمة منيت شهم قلب

منجّذ لاذى كهام ينبو (١)

حيث الصفة المشبّهة (شهم) ، وهى مجردة من أداة التعريف ، رفعت معمولها المجرد من (أل) والإضافة (قلب) وهو مثل ما ذكر من جواز : حسن وجه ، مع القبح.

ويذكر ابن الناظم : «والمجوّز لهذه الصورة مجوز لنظائرها» (٢).

وأما الضعيف منها فستّ صور ، وهى :

أن ينصب المعمول :

والصفة مجردة من (أل) ، والمعمول معرف بها ، أو مضاف إلى معرف بالأداة ، أو مضاف إلى ضمير الموصوف ، أو مضاف إلى ما أضيف إلى الضمير.

نحو : حسن الوجه ، حسن وجه الأب ، حسن وجهه ، حسن وجه أبيه.

وأن يجرّ المعمول :

والصفة مجردة من (أل) ، والمعمول مضاف إلى ضمير الموصوف ، أو مضاف إلى ما أضيف إلى ضميره.

نحو : حسن وجهه ، حسن وجه أبيه.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٦ / شرح ابن الناظم ٤٤٨ / العينى ٣ ـ ٥٧٧ / الأشمونى ٣ ـ ١٠ ، ١٤.

البهمة : الفارس الشديد البأس لا يدرى من أين يوتى ، منى : ابتلى ، منجّد : مجرب محنّك ، كهام : كليل ، ينبو : يتجافى.

(٢) شرح ابن الناظم ٤٤٩.

٥٤٣

وأوجه الخلاف فى هذه الصور التى تقبح أو تقلّ تتركز فى ثلاثة :

أ ـ مذهب الكوفيين : وهو الجواز مطلقا.

ب ـ الجواز فى الشعر ، والمنع فى النثر ، ويعبرون عن ذلك بالقبح ، أو القلة.

ج ـ من النحاة من يذهب إلى المنع مطلقا ، وعلى رأسهم المبرد.

ومنه قول النابغة :

ونأخذ بعده بذ ناب عيش

أجبّ الظهر ليس له سنام (١)

حيث يروى بنصب (الظهر) على التشبيه بالمفعول به ، أو على التمييز على رأى الكوفيين ، لكنه ممتنع عند الجمهور ، وهو معرف بالأداة ، ويروى بالجرّ على الإضافة ، ويروى بالرفع على الفاعلية.

ذلك على مثال : حسن الوجه ، بنصب (الوجه).

وقول الراجز عمرو بن لجأ ، وينسب إلى عمرو بن لحى التميمى :

أنعتها إنّى من نعّاتها

كوم الذّرى وادقة سرّاتها (٢)

حيث نصبت الصفة المشبهة (وادقة) معمولها (سرّات) ، وهو مضاف إلى ضمير الموصوف ، حيث الضمير يعود إلى النّوق ، وعلامة النصب الكسرة.

وفيه دليل على جواز : زيد حسن وجهه. بنصب (وجه).

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٩٦ / المقتضب ٢ ـ ١٧٩ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ١٤٣ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ٥٧٩ ، ٤ ـ ٥٣٤ ، ٦ ـ ٨٣ ، ٨٥ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٦ / شرح ابن الناظم ٤٤٩ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١. الذناب : العقب ، أجب الظهر : مقطوع السنام.

(أجبّ) يروى بالجر نعتا لعيش مجرورا. وبالنصب على الحالية ، وبالرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف.

(٢) المفصل ٢٣٢ / المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٥١ / شرح ابن معطى ٢ ـ ٩٩٨ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨٣ ، ٨٨ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٦ وروايته فى بيتين / العينى ٣ ـ ٥٨٣ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١. أنعتها : أصفها ، كوم : جمع كوماء ، وهى الناقة العظيمة السنام ، الذرى : جمع ذروة ، وهى السنام ، وادقة : دانية من الأرض ، سرّاتها : جمع سرّة.

٥٤٤

كما يذكر منه قول عمر بن لجأ التميمى :

لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها

لما بدت مجلوة وجناتها (١)

بنصب (وجنات) على التشبيه بالمفعول به ، وعلامة جرها الكسرة ، وذلك أن اسم المفعول (مجلوة) أريد به الثبوت ، فأصبح صفة مشبّهة. رفع الضمير المستتر ، ونصب المعمول السببى الظاهر.

مثل : حسن وجهه ، بنصب وجه.

ومنه قراءة ابن عبلة : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة : ٢٨٣] ، بنصب (قلب) ، ويخرج النصب على أحد وجهين (٢) :

إما على البدلية من اسم (إن) ، وإما على التشبيه بالمفعول به ، والعامل الصفة المشبهة (آثم) ، وفاعلها ضمير مستتر.

وقد يخرج على التمييز عند الكوفيين ، لكنه ممتنع عند الجمهور ؛ لأن التمييز لا يكون إلا نكرة عندهم.

أما قول الشماخ :

أمن دمنتين عرّس الركب فيهما

حقل الرّخامى قد عفا طللاهما

أقامت على ربعيهما جارتا صفا

كميتا الأعالى جونتا مصطلاهما (٣)

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / المساعد ٢ ـ ٢١٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

(٢) الدر المصون ١ ـ ٦٨٩.

(٣) الكتاب ١ ـ ١٩٩ / الخصائص ٢ ـ ٤٢٠ / المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٤٩ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٩٨ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨٦ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٩ / شرح ابن الناظم ٤٥٠ / شرح التصريح ٢ ـ ١٢٢ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١ / ديوانه ٨٦.

الدمنة : ما بقى من الآثار ، فيهما : أى : عليهما ، على : أى : فى ، حقل الرخامى : موضع ، عفا طللاهما :

اندرس آثارهما ، الصفا ـ الجبل ، جارتا صفا ـ أراد بهما الأثفيتين ، كميتا الأعالى ـ شديدتا الحمرة ، جونتا مصطلاهما : أى : أساقلهما مسودة ، المصطلى : موضع النار.

(عرس الركب) جملة فى محل رفع ، نعت لدمنتين. (بحقل) شبه الجملة حال فى محل نصب. (قد عفا طللاهما) جملة فعلية ، حال من الدمنتين فى محل نصب. (جارتا) فاعل أقامت مرفوع ، وهو مضاف. و (صفا) مضاف إليه. (كميتا) صفة (جارتا) مرفوعة ، وعلامة رفعها الألف.

وهى مضاف ، والأعالى مضاف إليه. (جونتا) صفة ثانية لجارتا.

٥٤٥

ففيه أضاف الصفة المشبهة المثناة (جونتا) إلى معمولها (مصطلاهما) ، وهو مشتمل على ضمير الموصوف ، مثل : حسنة وجهها ، بجر (وجه) ، ويذكر سيبويه أن هذا ردىء (١).

ومنه قول الشاعر :

على أننى مطروف عينيه كلّما

تصدّى من البيض الحسان قبيل (٢)

وفى الحديث فى صفة الدجّال : «أعور عينه اليمنى» (٣).

أما قول الشاعر :

بثوب ودينار وشاة ودرهم

فهل أنت مرفوع بما ها هنا راس (٤)

ففيه اسم الفاعل (مرفوع) أريد به الثبوت ، فأصبح صفة مشبهة ، رفعت معمولها (راس) ، وهما مجردان. ويقدر : رأس منك ، مثل : حسن وجهه. برفع (وجه).

وأما الحسن فاثنتان وعشرون صورة ، وهى :

أ ـ الصفة المجردة من (أل) :

أن يرفع المعمول :

والصفة مجردة من (أل) ، والمعمول معرف بهما ، أو مضاف إلى المعرف بالأداة ، أو مضاف إلى ما أضيف إلى الضمير.

نحو : حسن الوجه ، حسن وجه الأب ، حسن الوجه ، حسن وجه أبيه.

والمعمول يرفع على البدلية من الفاعل الضمير المستتر فى الصفة ، وإما على الفاعلية ، وهو قبيح لعدم وجود الضمير العائد فى الصفة.

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٩٩.

(٢) المساعد ٢ ـ ٢١٧.

(٣) صحيح البخارى : لباس ٦٨ ، فتن ٣٦ / صحيح مسلم : إيمان ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، ٢٧٧ / سنن الترمذى : فتن ٦٠.

(٤) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٦ / المساعد ٢ ـ ٢١٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

٥٤٦

أن ينصب المعمول :

والصفة مجردة من أداة التعريف ، والمعمول مجرد منها ومن الإضافة ، أو مضاف إلى مجرد منها.

نحو : حسن وجها ، حسن وجه أب.

ومنه جاء قول أبى زبيد بن حرملة الطائى :

هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة

محطوطة جدلت شنباء أنيابا (١)

حيث (شنباء) صفة مشبهة مجردة من (أل) نصبت معمولها المجرد من (أل) والإضافة (أنيابا). وهو مثل : حسن وجها. ويكون نصبه على التمييز ؛ لأنه نكرة.

أن يجرّ المعمول :

والصفة مجردة من الأداة ، والمعمول معرف بها ، أو مضاف إلى المعرف بها ، أو مجرد من أداة التعريف والإضافة ، أو مضاف إلى المجرد منهما.

نحو : حسن الوجه ، حسن وجه الأب.

حسن وجه ، حسن وجه أب.

ومنه قول عمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة الأسدى :

ألكنى إلى قومى السّلام رسالة

بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا

ولا سيّئى زىّ إذا ما تلبّسوا إلى

حاجة يوما مخيّسة بزلا (٢)

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ١٩٨ / الخصائص ٣ ـ ٢٤٧ / شرح ابن الناظم ٤٥١ / العينى ٣ ـ ٥٩٦ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٣ / ديوانه ٣٦.

هيفاء : مضمرة. عجزاء : كبيرة العجز. محطوطة : ملساء الظهر. جدلت : أحسن خلقها. شنباء : من الشنب ، وهو بريق الثغر وطيبه ، أو رقة الأسنان وصفاؤها.

(هيفاء) خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هى هيفاء. (مقبلة) حال من الضمير فى هيفاء منصوبة. (مدبرة) حال من الضمير فى عجزاء. (أنيابا) منصوب على التشبيه بالمفعول ، أو على التمييز.

(٢) الكتاب ١ ـ ١٩٧ / التبصرة ١ ـ ٢٣٢ / الخصائص ٣ ـ ٢٤٧ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٧ / شرح ابن الناظم ٤٥١ / العينى ٣ ـ ٥٩٦ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٣

٥٤٧

فقد أضيفت الصفة المشبهة (سيّئى) ، وهى مجردة من (أل) ، إلى معمولها المجرد من (أل) والإضافة (زىّ) ، وذلك مثل القول : حسن وجه.

أما قول عروة بن الورد :

وما طالب الأوتار إلا ابن حرّة

طويل نجاد السيف عارى الأشاجع (١)

ففيه (طويل) صفة مشبهة مجردة من (أل) ، أضيفت إلى معمولها المضاف إلى ما فيه (أل) ، وهو (نجاد السيف) ، فجرّته ، نظير (حسن وجه الأب) ، بجر (وجه).

ومثله قول الفرزدق :

أأطعمت العراق ورافديه

فزاريّا أخذّ يد القميص (٢)

وموضع الشاهد : أخذّ يد القميص.

وممّا يحتمل الأوجه الثلاثة : قول الأغلب العجلى :

ليست بكرواء ولا بمدحدح

ولا من السّود القصار الزّمّح

بّاء غرثى موضع الموشّح (٣)

(غرثى) دقيقة الخصر ، فهى صفة مشبهة مجردة من (أل) ، ومعمولها (موضع) مضاف إلى معرف بالأداة ، فجاز فيه الرفع على الفاعلية ، مثل : حسن وجه الأب ، برفع وجه ، كما جاز النصب على التشبيه بالمفعول به ، مثل : حسن وجه الأب ، بنصب وجه ، وجاز الجرّ على الإضافة ، ونظيره : حسن وجه الأب ، بجر وجه.

__________________

ألكنى : أبلغ عنى. آية : علامة. عزلا : لا سلاح معهم. زى : ناقة مذللة. بزل : مسنة ، جمع بازل. (مخيسة) حال منصوبة من بزل.

 (١) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٨.

الوتر : الثأر. النجاد : حمالة السيف ، طويل نجاد السيف : كناية عن الطول. الأشاجع : جمع الأشجع ، وهو أصول الأصابع التى تتصل بالكف.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٢. أخذ يد القميص : كناية عن السارق.

(٣) التسهيل : ٣ ـ ٩٧.

كرواء : دقيقة الساقين. مدحدح : قصير الزّمّج : الأسود القبيح. قبّاء : ضامرة البطن دقيقة الخصر. غرثى : دقيقة الخصر.

٥٤٨

ومثله قول الشاعر :

ومهمه أعور إحدى العينين

بصير أخرى وأصمّ الأذنين (١)

(أعور) صفة مشبهة ممنوعة من الصرف ، من كسر راءها أضاف إلى إحدى وأصبح معمولها مجرورا ، مثيل : حسن وجه الأب ، بجر (وجه) ، من فتح راء (أعور) أخرجها من الإضافة ، وجاز رفع معمولها (إحدى) على الفاعلية ، كما جاز نصبها على التشبيه بالمفعول به. وذلك نظير :

حسن وجه الأب. برفع (وجه) ونصبه. وفيه كذلك : (بصير أخرى) نظير (حسن وجه) ، و (أصمّ الأذنين) نظير (حسن وجه).

ب ـ الصفة المشبهة مقرونة بأل :

أن يرفع المعمول :

والصفة مقرونة بأداة التعريف ، والمعمول معرف بالأداة ، أو مضاف إلى معرف بالأداة ، أو مضاف إلى ضمير الموصوف ، أو مضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف.

نحو : الحسن الوجه ، الحسن وجه الأب ، الحسن وجهه ، الحسن وجه أبيه.

أن ينصب المعمول :

والصفة مقرونة بأداة التعريف ، والمعمول معرف بالأداة ، أو مضاف إلى ضمير الموصوف ، أو مجرد من الأداة والإضافة ، أو مضاف إلى المجرد من الأداة والإضافة ، أو مضاف إلى المجرد منهما.

نحو : الحسن الوجه ، الحسن وجه الأب ، الحسن وجهه ، الحسن وجه أبيه ، الحسن وجها ، الحسن وجه أب.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٧ / شرح الكافية الشافية ٢ ـ ١٠٦٧ / الخزانة ٧ ـ ٥٥٠ : وفى البيت رواية منهل مكان مهمه.

٥٤٩

ومنه قول الحارث بن ظالم فى إحدى روايتيه اللتين ذكرهما سيبويه :

فما قومى بثعلبة بن سعد

ولا بفزارة الشّعر الرّقابا (١)

الصفة المشبهة (الشّعر) معرفة بالأداة قد نصبت معمولها المعرف بالأداة (الرقابا) ، الصفة المشبهة (الشّعر) معرفة بالأداة قد نصبت معمولها المعرف بالأداة (الرقابا) ، وهذا على حدّ القول : الحسن الوجه ، بالنصب على التشبيه بالمفعول به.

وقول رؤبة :

فذاك وخم لا يبالى السّبا

الحزن بابا والعقور كلبا (٢)

الصفتان المشبهتان المعرفتان بأل (الحزن والعقور) نصبتا المعمولين المجردين (بابا وكلبا) ، وذلك على التمييز ، أو التشبيه بالمفعول به. وهذا يماثل القول : الحسن وجها.

ممّا يحتمل الأوجه الثلاثة : قول الكميت بن زيد الأسدى :

لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى

تزجّجها من حالك واكتحالها (٣)

الصفة المشبهة المعرفة بالأداة (الأيقاظ) نصبت معمولها المضاف إلى المعرف بأل (أخفية) ، وذلك على التشبيه بالمفعول به ، مثل : الحسن وجه الأب ، ومن رفع جعله مثل : الحسن وجه الأب ، ومن جرّ جعله مثيل : الحسن وجه الأب.(بالجر).

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٠١ / المقتضب ٤ ـ ١٦١ / ابن الشجرى ٢ ـ ١٤٣ / شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨٩ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٨ / شرح ابن الناظم ٤٥٣ / العينى ٣ ـ ١٠٩ ، ٦٠٩ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٣. ثعلبة وفزارة : قبيلتان. الشعر : بضم الشين وسكون العين جمع أشعر ، وهو كثير الشعر فى القفا ومقدم الرأس ، وهو عندهم مما يتشاءمون به. ويروى : الشعرى ، بألف التأنيث المقصورة ، وهو مؤنث الأشعر.

(٢) ديوانه ١٥ / الكتاب ١ ـ ٢٠٠ / شرح ابن الناظم ٤٥٣ / العينى ٣ ـ ٦١٧ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٣. وخم : ثقيل. السبا : السباب. الحزن : ضد السهل ، أى : بابه مغلق دون الأضياف ، فهو ذم ، ولذلك فإن كلبه عقور.

(٣) المحتسب ٢ ـ ٤٧ / ابن الشجرى ١ ـ ١٠٦ / شرح ابن يعيش ٥ ـ ٢٧ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٧ / شرح ابن الناظم ٤٥٣ / العينى ٢ ـ ٦١٢ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٣.

الأيقاظ : جمع يقظ. الأخفية : جمع خفى ، والمراد بها : أجفان العيون. الكرى : النوم.

٥٥٠

أن يجرّ المعمول :

والصفة مقرونة بالأداة ، والمعمول مقرون بالأداة ، أو مضاف إلى مقرون بها.

نحو الحسن الوجه ، والحسن وجه الأب.

وقد روى قول امرئ القيس :

كبكر المقاناة البياض بصفرة

غذاها نمير الماء غير محلّل (١)

على ثلاثة أوجه فى الصفة المشبهة (المقاناة) ، وهى معرفة بأل ، ومعمولها (البياض) معرف بـ (أل). فيه الجرّ على الإضافة ، والنصب على التشبيه بالمفعول به ، والرفع على الفاعلية ، أو البدلية منه على نحو ما ذكر فى : الحسن الوجه.

__________________

(١) شرح ابن يعيش ٦ ـ ٩١.

٥٥١

قضية المطابقة فى الصفة المشبهة :

الصفة المشبهة تكون واسطة بين موصوف لفظى يسبقها ، وموصوف معنوى يلحقها ، وهو المعمول السّببى ، أو غيره مما ذكر.

والصفة المشبهة بين هذين تطابق أحدهما أو الآخر ، طبقا لعلاقتها الدلالية بأى منهما. ذلك على النحو الآتى :

أولا : مطابقتها لسابقها :

تطابق الصفة المشبهة موصوفها اللفظى ، وهو الموصوف الذى يسبقها ، فيما يأتى :

أ ـ إذا كانت الصفة معناها لسابقها ، أى : لا يوجد معمول سببى ، وإنما يقصد بمدلولها كلّ الموصوف السابق عليها ، نحو : أعجبت برجل حسن ، وبرجلين حسنان ، وبرجال حسنين ، وبامرأة حسنة ، وبامرأتين حسنتين ، وبنساء حسنات أو حسان.

وأنت ترى أن الصفة المشبهة فيما سبق إنما هى نعت حقيقى لما سبقها ، ولذلك فإنها طابقته فى الجوانب الأربعة : العدد ، والنوع ، والتعيين (التعريف والتنكير) ، والإعراب.

وتنوى ضمائر فى هذه الصفات تعود على الموصوف ، وتطابقه فى النوع والعدد ، وهى فاعل كل منها.

يحترز فى ذلك من مانع يمنع المطابقة ، من نحو (١) :

١ ـ الصفات التى يشترك فيها المذكر والمؤنث ، نحو : ربعة ، ثيّب (٢) علامة ، نسّابة ...

ومثله : جنب ، فهى صفة تستعمل بلفظ الإفراد حال اختلاف العدد أو الجنس ، ومن العرب من يثنّيه ، ويجمعه.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٠.

(٢) الثيب : المرأة فارقت زوجها ، أو دخل بها ، والرجل دخل به.

٥٥٢

ويدخل فيها الصفات التى لا تدخلها تاء التأنيث ، وهى ما جاء على مثال :

 ـ فعول ، بمعنى فاعل ، نحو : صبور ، وشكور ...

 ـ فعيل ، بمعنى مفعول ، نحو : جريح ، قتيل ، أسير ...

 ـ مفعال ، نحو : مهذار ، منحار ...

 ـ مفعل ، نحو : مغشم ...

 ـ مفعيل ، نحو : منطيق ، معطير ...

وهذه الصفات تستعمل للمذكر والمؤنث دون علامة تأنيث ، فإذا أفادت الثبوت لا الحدوث ، كانت صفة مشبهة ، ولا تدخلها علامة التأنيث.

٣ ـ ما صلح صفة لهما لفظا لا معنى ، نحو : أتوم ، وهى المرأة التى التقى مسلكاها عند الافتضاض ، وإن كانت لفظا صالحة للمذكر والمؤنث ؛ فإنه لا نصيب للمذكر فى معناها ؛ لأنها صفة خاصة بالأنثى ، ووزن فعول صالح للمذكر والمؤنث.

وقد يقصد بها : المرأة الصغيرة الفرج.

ومن ذلك : حائض وخصىّ ، حيث إن فاعلا وفعيلا صالحان للمذكر والمؤنث.

٤ ـ ما كان صفة خاصة بأحد الجنسين لفظا ومعنى ، نحو أكمر ، وهو الرجل الكبير الكمرة ، وهى خاصة بالذكر.

ونحو : عفلاء ، وهى المرأة التى فى رحمها صلابة مانعة من الجماع ، فتسمى عفلة ، وهى صفة خاصة بالأنثى.

فيقال : مررت بامرأة عجزاء أمتها ، أتوم جاريتها ، عفلاء كنّتها (١).

فتكون صفات خاصة بالأنثى.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ٩٠. الكنة : امرأة الأخ أو الابن.

٥٥٣

ومنه : آدر للرجل ، وهو المنتفخ الخصية. فهى صفة خاصة بالذكر.

ومنه : رتقاء ، وهى المرأة التى لا يستطاع جماعها لارتتاق ذلك الموضع ، فهى خاصة بالأنثى.

وتقول : مررت برجل آلىّ ، وبامرأة عجزاء البنت ، وبرجل خصيّ الابن ، وبامرأة حائض البنت. ورجل آدر الابن ، وامرأة رتقاء البنت.

ب ـ إذا رفعت الصفة المشبهة ضمير ما قبلها ، وإن كان معناها لما بعدها ، فهى ـ حينئذ ـ تجرى مجرى ما قبلها ومعنى ، حيث أسندت إلى الضمير العائد ، فتطابقه. فتقول :

أعجبت برجل حسن الخط. ، أو : حسن خطّا.

وبرجلين حسنى الخط ، أو : حسنين خطا.

وبرجال حسنى الخط ، أو حسنين خطا ، أو حسان الخط ، أو : حسان خطا.

وبامرأة حسنة الخلق ، أو : حسنة خلقا وبامرأتين حسنتى الخلق ، أو : حسنتين خلقا.

وبنساء حسنات الخلق ، أو : حسنات خلقا ، أو : حسان خلقا ، أو : حسان الخلق.

ثانيا : مطابقتها لما بعدها :

تطابق الصفة المشبهة ما بعدها من معمول فى التذكير والتأنيث إذا رفعته ، وحينئذ لا تطابق ما قبلها ، حيث إنها أسندت لما بعدها ، فتجرى مجراه من الجنس فقط ؛ لأنها تعطى ما يعطى الفعل الذى يؤدى معناها إذا وقع موقعها ، وإذا سبق الفعل الفاعل فإنه يلزم الدلالة على الإسناد إلى المفرد ، حيث لا يلحقه ما يدلّ على التثنية أو الجمع ، لكن يلحق به ما يدلّ على التأنيث.

فتقول : مررت بامرأة حسن غلامها ، وبرجل حسنة جاريته. (برفع غلام وجارية). وكأنك قلت : حسن غلامها ، وحسنت جاريته.

٥٥٤

وتقول : مررت برجلين حسن غلاماهما ، وحسنة جاريتاهما. أى : حسن غلاماهما ، وحسنت جاريتاهما.

وتقول : مررت برجال حسنة جواريهنّ ، وبنساء حسن غلمانهن.

ملحوظتان :

 ـ الأفضل فيما فاعلها جمع أن يكون جمع تكسير ، نحو : حسان ، جملاء ، عظماء ، شهام وشهوم ...

 ـ من لغته أن يلحق بالفاعل علامة تثنية أو جمع قبل الفاعل فإنه يثنى ويجمع على لغته ، فيقول : مررت برجلين حسنين غلاماهما ، وبرجال حسان غلمانهم.

أفكار أخرى فى الصفة المشبهة :

أولا : إعراب المعمول مع تثنية الصفة وجمعها :

إذا ثنّيت الصفة المشبهة أو جمعت جمع مذكر سالما فإنها تذكر فى صورتين :

أولاهما : أن تثبت النون فيها ، وحينئذ يجب أن ينصب معمولها ، أو يرفع.

من ذلك : هم الطيبون الأخبار ، وهما الحسنان الوجوه (١). كلّ من (الأخبار والوجوه) منصوب على التشبيه بالمفعول.

ومنه قوله تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) [الكهف : ١٠٣]. حيث (أعمالا) تمييز منصوب.

ومنه قول الحطيئة :

سيرى أمام فإن الأكثرين حصى

والطيّبون إذا ما ينسبون أبا (٢)

حيث الصفة المشبهة (الطيبون) مجموعة جمع مذكر سالما ، وقد ثبتت فيها نون الجمع ، فنصبت التمييز (أبا).

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٠١.

(٢) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٢٢٥ / الدرر ٢ ـ ١٣١.

٥٥٥

ومنه قول خرنق بنت هفان ، من بنى قيس بن ثعلبة :

لا يبعدن قومى الذين همو

سمّ العداة وآفة الجزر

النازلون بكلّ معترك

والطيبون معاقد الأزر (١)

الصفة المشبهة (الطيبون) معرفة بأل ، ومثبت فيها النون ؛ لذا فقد جاء معمولها (معاقد) منصوبا ، وذلك على التشبيه بالمفعول به.

والأخرى : أن تحذف النون ، وحينئذ يجرّ المعمول ، نحو : هم الطيّبو أخبار ، وهما الكاتبا درس.

ثانيا : صوغ الصفة المشبهة على وزن فاعل إذا أريد بها الاستقبال ، أو الحدوث :

الصفة المشبهة يكون زمنها للحال ؛ ليراد بها الثبوت ، ويستمر زمنها ، ولا تقتصر على زمن ماض أو حاضر أو مستقبل ، وإنما تشمل الثلاثة مجتمعة ، مع دلالتها على ثبوت الحال.

تقول : ميّت ، وسيّد ، وشريف ، وضيق ، ... فتكون صفات مشبهة ؛ لأنها دالة على الثبوت.

فإذا قصدت بمعانيها الاستقبال فإنك تصوغها على وزن (فاعل) (٢) ، فتقول :مائت ، لمن لم يمت ، وإنما (ميّت) تقال لمن قد مات.

وتقول : (سيّد) لمن هو سيّد قومه أثناء كلامك ، فإذا أخبرت أنه سيسودهم قلت : هو سائد قومه.

وعلى هذا قراءة ابن محيصن وابن أبى عبلة واليمانى قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠].

__________________

(١) الكتاب ١ ـ ٢٠٢ / ابن الشجرى ١ ـ ٣٤٤ / شرح التسهيل ٣ ـ ٩٨ / شرح ابن الناظم ٤٥٢ / العينى ٣ ـ ٦٠٢. لا يبعدن : لا يهلكن. الجزر : جمع جزور. معترك : موضع ازدحام القوم للحرب. الأزر : جمع إزار ، ما يستر النصف الأسفل من البدن.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٣.

٥٥٦

فتكون صفة مشعرة بحدوثها دون ميّت (١).

والمعنى على قراءة الجماعة : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ،) «إنك وإيّاهم ، وإن كنتم أحياء فإنكم فى عداد الموتى ؛ لأن ما هو كائن فكأن قد كان» (٢).

ومنه قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ، حيث (ضائق) معدول عن (ضيّق) ، وإن كان أكثر منه فى المعنى ، وإنما عدل عنه ليدلّ على الحدوث ، أى أنه حدث عارض غير ثابت (٣).

وكذلك إذا قصد بالصفة الحادثة معنى الحدوث ؛ فإنها تحول إلى بناء اسم الفاعل ، وتؤدى معناه ودلالته. فتقول : زيد فارح أمس ، وجازع غدا (٤) ؛ حيث قيّد الزمن بالمضى ، أو الاستقبال ، كما أريد بالصفة معنى إحداث الفرح ، أو الجزع ، فحول البناء إلى مبنى اسم الفاعل (فارح ، وجازع).

ومنه جاء قول أشجع السلمى :

وما أنا من رزء وإن جلّ جازع

ولا بسرور بعد موتك فارح (٥)

ومثله : سيّد وجواد ، كلّ منهما صفة مشبهة تدلّ على الثبوت والدوام ، فإذا أردت الحدوث وأنه معنى حادث عارض غير ثابت قلت : سائد ، وجائد.

وتقول فى الصفات المشبهة : حسن ، وثقيل ، وسمين للدلالة على الحدوث والمعنى العارض : حاسن ، وثاقل ، وسامن (٦).

ومنه قول الشاعر :

بمنزلة أمّا اللّئيم فسامن بها

وكرام الناس باد شحوبها (٧)

__________________

(١) الإتحاف ٣٧٥ / الدر المصون ٦ ـ ١٥.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٣.

(٣) الدر المصون ٤ ـ ٨٢.

(٤) شرح ابن الناظم ٤٤٤.

(٥) الحماسة ٥٨٩ / شواهد العينى ٣ ـ ٥٧٤ / شرح ابن الناظم ٤٤٤.

(٦) البحر المحيط ٥ ـ ٢٠٦.

(٧) البحر المحيط ٥ ـ ٢٠٧ / الدر المصون ٤ ـ ٨٣ / روح المعانى ١٢ ـ ١٩.

٥٥٧

حيث دلّ اسم الفاعل (سامن) على الحدوث العارض غير الثابت.

ومنه قول الحكم بن صخر :

أرى الناس مثل السفر والموت

منهل له كلّ يوم وارد ثم وارد

إلى حيث يشفى الله من كان شافيا

ويسعد من فى علمه هو ساعد (١)

الأصل : هو سعيد على الثبوت ، فلما أراد الشاعر الاستقبال والحدوث عدل إلى صيغة اسم الفاعل ، فقال : ساعد.

ومثله قول قيس بن العيزارة :

فقلت لكم شاة رعيت وجامل

فكلكم من ذلك المال شابع (٢)

أي : تحصلون على الشبع فى مستقبل أيامكم من مالى.

ثالثا : إجراء اسم الفاعل مجرى الصفة المشبهة :

يجرى اسم الفاعل مجرى الصفة المشبهة إذا قصد ثبوت معناه ، حيث يضاف ـ حينئذ ـ إلى ما هو فاعل فى المعنى ، وينصب معموله على التشبيه بالمفعول به إذا كان معرفة ، وعلى التمييز إن كان نكرة ، وذلك بعد إسناده إلى ضمير موصوفه بشرط أمن اللبس.

فيقال : زيد ظالم العبيد خاذلهم ، راحم الأبناء ناصرهم. إذا كان له عبيد ظالمون خاذلون ، وأبناء راحمون ناصرون (٣).

ومنه قول أبى رواحة الأنصارى ـ رضى الله عنه :

تباركت إنى من عذابك خائف

وإنى إليك تائب النفس باخع (٤)

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٣.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٣. جامل : قطيع من الإبل برعاتها وأصحابها.

(٣) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٤.

(٤) شرح التسهيل ٣ ـ ٩١ ، ١٠٤ / شرح التصريح ٢ ـ ٧١. وفيه رواية (ضارع) ، وأخرى (راجع).

٥٥٨

فقد جعل معنى ما جاء على صوغ (فاعل) وهو : (خائف ، تائب ، باخع) دائم الثبوت واللزوم ، فخرج بمعنى صيغة اسم الفاعل إلى معنى الصفة المشبهة

وقول رجل من طيئ :

ومن يك منحلّ العزائم تابعا

هواه فإن الرشد منه بعيد (١)

خرج بتابع على وزن فاعل إلى معنى الصفة المشبهة ؛ لأنه أراد الثبوت واللزوم.

وكذلك قول الشاعر :

ما الراحم القلب ظلّاما وإن ظلما

ولا الكريم بمنّاع وإن حرما (٢)

(الراحم) على مثال (فاعل) صفة مشبهة ، حيث أريد به معنى الثبوت ، لا الحدوث. وتلحظ أنها من فعل متعد.

لذلك تقول : هذه امرأة قائمة الأب ، فيكون فى (قائمة) ضمير مستتر مرتفع.

به ، ويعود إلى الموصوف (امرأة) ، حيث نقلت الصفة ، أو الفعل منها إلى الموصوف ، ثم تضيفها إلى ما كان فاعلا.

وقد قالوا : امرأة جائلة الوشاح ، أى : جائل وشاحها (٣). لكن أقيم اسم الفاعل على امرأة. حيث احتسابه صفة مشبهة ، فأسندت الصفة إلى ضمير الموصوف المقددر.

وقد يقال : هذه امرأة ضامر البطن ، وكان ينبغى أن يقال : ضامرة البطن ؛ ولكنهم جاءوا بذلك على سبيل النسب ، كقولهم : تامر ، ولابن ، وامرأة حائض (٤). أى : ذات بطن ضامر.

رابعا : إجراء اسم المفعول مجرى الصفة المشبهة :

يجرى اسم المفعول مجرى الصفة المشبهة «مطلقا إن كان مصوغا من متعد إلى واحد ، نحو : مضروب ، ومرهوب ، ومرفوع ، ومجموع.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٤ / المساعد ٢ ـ ، ٢١١

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٤ / المساعد ٢ ـ ٢٢١ / شرح التصريح ٢ ـ ٧١.

(٣) شرح ابن يعيش ٦ ـ ٨٣.

(٤) الموضع السابق.

٥٥٩

فيقال : هذا مضروب العبد ، ومرهوب قوم ، ومرفوع قدرا ، وهو مجموع الأمر ، وأمره ، وأمر ، ومجموع الأمر ، وأمره ، كما يقال : هو حسن الوجه ، وحسن وجه ، وحسن وجها ، وحسن الوجه ، وحسن وجهه ، وحسن وجه ، والوجه ، ووجهه» (١).

وقد جاءت الصفة المشبهة الأقلّ استعمالا فى تراكيبها من اسم المفعول ، وقد ذكرنا شواهد منها فيما سبق.

فنظير (حسن وجهه) قول الشاعر :

تمنّى لقائى الجون مغرور نفسه

ولما رآنى ارتاع ثمت عرّدا (٢)

حيث أجرى اسم المفعول (مغرور) مجرى الصفة المشبهة ، وأضافه إلى معموله المضاف إلى ضمير الموصوف ، فهو مجرور.

ونظير (حسن وجهه) قول عمرو بن لجأ التميمى المذكور سابقا :

لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها

لمّا بدت مجلوّة وجناتها

فقد أجرى اسم المفعول (مجلوة) مجرى الصفة المشبهة ، ونصب بها معمولها (وجناتها) ، وهو مضاف إلى الضمير ، فأراد بها معنى الثبوت.

ونظير (حسن وجه) قول الشاعر المذكور سابقا :

بثوب ودينار وشاة ودرهم

فهل أنت مرفوع بماها هنا راس

حيث أجرى (مرفوع) ، وهو على وزن (مفعول) مجرى الصفة المشبهة ، ورفع بها معمولها (راس) ، وهو خال من الضمير. وقد أراد بالصيغة هنا الثبوت والدوام ، لا الحدوث.

__________________

(١) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٤ ، وانظر : المساعد ٢ ـ ٢٢٣ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١٠٥ / شرح التصريح ٢ ـ ٧٢.

الجون : علم على شخص ، وهو فى اللغة يطلق على الأبيض والأسود. فهو من الأضداد. عرد : فرّ.

(الجون) فاعل تمنى. (مغرور) نعت له.

٥٦٠