المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

وفي وجوب الزكاة في غلات الطفل روايتان ، أحوطهما : الوجوب. وقيل : تجب في مواشيهم ، بمعتمد ، ولا تجب في مال المجنون ، صامتا كان أو غيره. وقيل : حكمه حكم الطفل ، والأول أصح.

______________________________________________________

واخرج خمسة من المسجد وقال : لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكون» (١).

ولما بعث معاذا إلى اليمن قال : «وأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم» (٢).

وقال الصادق (عليه السلام) : «وضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الزكاة في تسعة أشياء الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والذهب والفضّة ، والإبل والبقر والغنم» (٣).

أمّا الإجماع : فمن كافة علماء الإسلام في جميع الأعصار (٤) ، فمن استحلّ تركها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين ، فهو مرتدّ يقتل ولا يستتاب ، ولو تاب لم يسقط عنه القتل. وإن لم يكن عن فطرة ، بل أسلم عن كفر استتيب ، فان تاب وإلّا قتل ، إن كان قد عرف وجوبها. وإن لم يعرف وجوبها بأن كان قريب العهد بالإسلام ، أو نشأ في بادية ، لم يكفر وعرف وجوبها.

قال طاب ثراه : وفي وجوب الزكاة في غلّات الطفل روايتان ، أحوطهما الوجوب ، وقيل : تجب في مواشيهم ، وليس بمعتمد. ولا تجب في مال المجنون صامتا كان أو غيره ، وقيل : حكمه حكم الطفل ، والأوّل أصح.

__________________

(١) الفقيه : ج ٢ ، ص ٧ ، باب ٢ ، ما جاء في مانع الزكاة ، حديث ١١.

(٢) سنن ابن ماجه : ج ١ ، كتاب الزكاة ، ص ٥٦٨ ، باب ١ ، فرض الزكاة ، الحديث ١٧٨٣ ، وفيه : «فأعلمهم. صدقة في أموالهم».

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ٣ ، باب ١ ، ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ٦ ، مع اختلاف يسير في العبارة ، وتمامه (وعفا عمّا سوى ذلك).

(٤) التذكرة : ج ١ ، ص ٢٠٠ ، س ١١ ، قال : (وأجمع المسلمون كافّة على وجوبها في جميع الأعصار».

٥٠١

والحريّة معتبرة في الأجناس كلّها. وكذا التمكّن من التصرّف ، فلا تجب في مال الغائب إذا لم يكن صاحبه متمكّنا منه ، ولو عاد اعتبر الحول بعد عوده ، ولو مضت عليه أحوال زكّاه لسنة استحبابا.

______________________________________________________

أقول : هنا ثلاث مسائل :

الاولى : غلّات الطفل هل يجب فيها الزكاة؟ قال الشيخان (١) ، وابن حمزة (٢) ، والتقي (٣) ، والقاضي (٤) : نعم.

وظاهر المرتضى (٥) ، والفقيه (٦) ، وأبي على (٧) ، عدم الوجوب. واختاره ابن إدريس ، ونقله عن الحسن (٨) ، وظاهر سلّار الاستحباب (٩).

__________________

(١) المقنعة : باب زكاة أموال الأطفال ، ص ٣٩ ، س ١٤ ، قال : «وعلى غلاتهم وأنعامهم الزكاة» وفي المبسوط ، ج ١ ، فصل : في مال الأطفال والمجانين ، ص ٢٣٤ ، س ١٢ ، قال : «فالأوّل (أي يجب فيه الزكاة) الغلات والمواشي».

(٢) المختلف : كتاب الزكاة ، ص ١٧٢ ، س ٢ ، قال : «وأوجب ابن حمزة الزكاة في مال الصبي».

(٣) الكافي في الفقه : ص ١٦٥ ، فصل في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها ، س ١٥ ، قال : «ان يخرج منه أو وليّه».

(٤) المهذب : ج ١ ، ص ١٦٨ ، باب زكاة الغلات الأربع ، س ٨ ، قال : «فاما ما عدى أموالهم الصامتة ـ من المواشي والغلات ـ فان كان الزكاة واجبة فيها».

(٥) جمل العلم والعمل : فصل في شروط الزكاة ، ص ١١٩ ، قال : «الزكاة تجب على الأحرار البالغين».

(٦) المقنع : باب ١٠ ، زكاة مال التيمم ، ص ٥١ ، قال : «اعلم انه ليس على مال اليتيم زكاة».

(٧) المختلف : كتاب الزكاة ، ص ١٧٢ ، س ٥ ، قال : «وقال ابن الجنيد : ظاهر الخطاب يدل على ان الفرض على من عقله من البالغين».

(٨) السرائر : كتاب الزكاة ، ص ٩٩ ، س ٣ ، قال : «والصحيح من المذهب الذي تشهد بصحّته أصول الفقه والشريعة أن كمال الشرط شرط في الأجناس التسعة» الى آخره.

(٩) المراسم : كتاب الزكاة ، ص ١٢٨ ، س ٢ ، قال : «فان صحت الرواية بوجوب الزكاة في أموال الأطفال ، حملناها على الندب».

٥٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

واختاره المصنّف (١) ، والعلّامة (٢).

احتجّ الموجبون : بعموم الأمر بالزكاة ، كقوله (عليه السلام) : فيما سقت السماء العشر (٣).

وبرواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) انّهما قالا : مال : اليتيم ليس عليه في العين والصامت شي‌ء ، وأمّا الغلّات فإنّ عليها الصدقة واجبة (٤) ، وحملها المصنّف (٥) ، والعلّامة (٦) ، على الاستحباب.

الثانية : مواشي الطفل ، وبالوجوب قال الشيخان (٧) ، والتقى (٨) ، والقاضي (٩).

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، كتاب الزكاة ، ص ١٤٠ ، قال : «ويستحب الزكاة في غلات الطفل ومواشيه».

(٢) المختلف : كتاب الزكاة ، ص ١٧٢ ، س ٩ ، قال : «وقال ابن إدريس لا زكاة على الأطفال والمجانين ، وهو الأقرب».

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ١٧ ، باب ٤ ، زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، الحديث ٩ ، وفيه : «العشر فيما سقت السماء».

(٤) التهذيب : ج ٤ ، باب ٨ ، زكاة أموال الأطفال والمجانين ، ص ٢٩ ، الحديث ١٣ وسند الحديث عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) انّهما قالا الحديث.

(٥) المعتبر : كتاب الزكاة ، ص ٢٥٦ ، س ٢٤ ، قال بعد نقل القول بالوجوب : «والأخرى الاستحباب».

(٦) المختلف : كتاب الزكاة ، ص ١٧٢ ، س ٦ ، قال : «والجواب : بحمل الوجوب على الاستحباب عملا بالبراءة الأصليّة».

(٧) المقنعة : باب زكاة أموال الأطفال ، ص ٣٩ ، س ١٤ ، قال : «وعلى غلّاتهم وأنعامهم الزكاة» وفي المبسوط : فصل في مال الأطفال والمجانين ، ص ٢٣٤ ، س ١٢ ، قال : «الغلات والمواشي فإن حكم جميع ذلك حكم أموال البالغين على السواء».

(٨) الكافي في الفقه : ص ١٦٦ ، فصل في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها ، س ١٣ ، قال : «واما فرض زكاة الأنعام فمتعين على كل مالك أو وليّه».

(٩) المهذب : ج ١ ، ص ١٦٨ ، باب حقوق الأموال ، س ٨ «قال : فاما ما عدا أموالهم الصامتة من المواشي والغلات فان كان الزكاة واجبة فيها وعلى وليّهم إخراجها».

٥٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وبعدمه قال السيد (١) ، والفقيه (٢) ، وأبو على (٣).

والمصنّف استحبّها في غلّاته دون مواشيه (٤) ، لأن الأصل براءة الذمّة ، وأيضا الزكاة تكليف وليس الصبي بمكلّف ، والدليل الذي ذكروه من رواية محمد بن مسلم تدلّ على الغلات لا المواشي ، فلهذا جعل المصنّف القول بالتسوية بينهما في الحكم غير معتمد ولقول الصادق (عليه السلام) : «ليس على مال اليتيم زكاة» (٥) ، وهو يعمّ العين وغيره.

الثالثة : المجنون ، هل حكمه حكم الطفل فيما تقدّم؟ قال الشيخان (٦) ، والتقي (٧) ، والقاضي (٨) ، نعم ، ولم يذكر ابن حمزة المجنون ، واستضعف المصنّف دخول المجنون في

__________________

(١) جمل العلم والعمل : في شروط وجوب الزكاة ، ص ١١٩ ، س ٣ ، قال : الزكاة تجب على الأحرار البالغين».

(٢) المقنع : ص ٥١ ، باب ١٠ ، زكاة مال اليتيم ، قال : «اعلم انه ليس على مال اليتيم زكاة». انتهى

(٣) المختلف : ص ١٧٢ ، كتاب الزكاة ، س ٥ ، قال : «وقال ابن الجنيد : ظاهر الخطاب يدل على ان الفرض على من عقله من البالغين»

(٤) المعتبر : كتاب الزكاة ، ص ٢٥٦ ، س ٢٩ ، قال : «والاولى انه لا زكاة في مواشيهم».

(٥) الكافي : ج ٣ ، ص ٥٤١ ، باب زكاة المال اليتيم ، قطعة من حديث ٤.

(٦) المقنعة : ص ٣٩ ، باب زكاة أموال الأطفال والمجانين ، ص ٣٩ ، س ١٤ ، قال : «وعلى غلّاتهم وأنعامهم الزكاة».

والمبسوط : ص ٢٣٤ ، فصل في مال الأطفال والمجانين ، س ١٢ ، قال : «فالأول ، الغلات والمواشي فإنّ حكم جميع ذلك حكم أموال البالغين على السواء».

(٧) الكافي في الفقه : ص ١٦٥ ، كتاب الزكاة ، س ١٢ ، قال : «واما فرض زكاة الحرث» الى ان قال : س ١٥ ، «ان يخرج منه أو وليّه».

(٨) المهذب : ج ١ ، ص ١٦٧ ، س ٢١ ، كتاب الزكاة ، قال : «وأمّا مال الأطفال والمجانين» الى ان قال : ص ١٦٨ ، س ١ ، «وعلى وليّهم إخراجها».

٥٠٤

ولا في الدين ، وفي رواية إلّا أن يكون صاحبه هو الذي يؤخّره.

وزكاة القرض على المقترض إن تركه بحاله حولا ، ولو اتّجر به استحب.

الثاني : فيما تجب فيه وما يستحب.

تجب في الأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم. وفي الذهب والفضّة. وفي الغلات الأربع : الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، ولا تجب فيما عداها.

ويستحبّ في كل ما تنبته الأرض ممّا يكال أو يوزن عدا الخضر

______________________________________________________

قسم الأطفال (١) ، أمّا أولا فلأصالة البراءة ، وأمّا ثانيا فلخلو النصوص عنه ، ورواية محمد بن مسلم (٢) ، لم يذكر فيه إلّا اليتيم وهو الطفل ، لقوله (عليه السلام) : «لا يتم بعد احتلام» (٣).

ويمكن الفرق بينهما ، بان لبلوغ الطفل غاية محقّقة مرتقبة ، فجاز وجوب الزكاة في ماله ، لانتهاء غاية الحجر ، بخلاف المجنون ، ومع الفرق يمكن استناد الحكم إلى الفارق.

قال طاب ثراه : ولا في الدين ، وفي رواية إلّا أن يكون صاحبه هو الذي يؤخّره.

أقول : هنا قولان :

__________________

(١) المعتبر : ص ٢٥٦ ، فيمن يجب عليه الزكاة ، س ٣١ ، قال : «ويجب التوقف في ذلك». الى ان قال : س ٣٢ ، «فانا لا نرى وجوب الزكاة على مجنون».

(٢) الكافي : ج ٣ ، ص ٥٤١ ، باب زكاة مال اليتيم قطعة من حديث ٤.

(٣) الفقيه : ج ٤ ، ص ٢٠٦ ، باب ١٧٦ ، النوادر وهو آخر أبواب الكتاب ، وقبله : «يا على لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد احتلام».

وفي سنن ابى داود : ج ٣ ، ص ١١٥ ، كتاب الوصايا ، باب ما جاء متى ينقطع اليتم ، الحديث ٢٨٧٣ ، ولفظ الحديث : «قال على بن ابى طالب : حفظت عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم الى الليل». وفي عوالي اللئالى : ج ٣ ، ص ١١٥ ، الحديث ١٠.

٥٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ألف) : الوجوب إذا كان تأخّره من جهة مالكه ، بأن يكون على ملّى باذل ، اختاره الشيخان (١).

والمستند عموم قوله (عليه السلام) : هاتوا ربع عشر أموالكم (٢) ورواية درست عن الصادق (عليه السلام) : ليس في الدين زكاة ، إلّا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخّره ، فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه (٣).

(ب) : عدمه ، اختاره ابن إدريس (٤) ، والمصنّف (٥) ، والعلّامة (٦) ، لعدم الملك ، ولعدم الانتفاع ، ولرواية إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) : الدين عليه زكاة؟ قال : لا ، حتّى يقبضه ، قلت : فاذا قبضه عليه زكاة؟ قال : لا ، حتّى يحول عليه الحول (٧).

__________________

(١) اى المفيد في المقنعة : ص ٣٩ ، باب زكاة مال الغائب والدين والقرض ، س ١٦ ، قال : «ولا زكاة في الدين الا ان يكون تأخيره من جهة مالكه». انتهى والطوسي في الجمل والعقود : ص ٥١ ، س ١ ، فصل في ذكر مال الدين قال س ٣ : «أن يكون تأخيره من جهة صاحبه فهذا يلزمه زكاته والآخر». انتهى

(٢) عوالي اللئالى : ج ٣ ، ص ١١٥ ، باب الزكاة ، الحديث ١١ ، وفيه : هاتوا ربع عشر أموالكم. وفي سنن الدار قطني : ج ٢ ، ص ٩٢ ، باب وجوب زكاة الذهب والفضة والماشية والثمار والحبوب ، الحديث ٣.

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ٣٢ ، باب ٩ ، زكاة مال الغائب والدين والقرض ، الحديث ٥.

(٤) السرائر : ص ٩٨ ، كتاب الزكاة ، س ٣٦ ، قال : «ولا زكاة في الدين إلّا أن يكون تأخر قبضه من جهة مالكه».

(٥) الشرائع : ج ١ ، ص ١٤٢ ، كتاب الزكاة ، النظر الأوّل فيمن تجب عليه ، قال : «ولا الدين حتّى يقبضه».

(٦) المختلف : ص ١٧٤ ، كتاب الزكاة ، س ١٤ ، قال : «والأقرب انه لا زكاة على المالك وتجب على المديون».

(٧) التهذيب : ج ٤ ، ص ٣٤ ، باب ٩ ، زكاة مال الغائب والدين والقرض ، الحديث ١١ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

٥٠٦

وفي مال التجارة قولان ، أصحّهما الاستحباب.

وفي الخيل الإناث ، ولا تستحب في غير ذلك ، كالبغال والحمير والرقيق ، ولنذكر ما يختصّ كل جنس إن شاء الله.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي مال التجارة قولان : أصحّهما الاستحباب.

أقول : جمهور الأصحاب على استحباب زكاة التجارة لأصالة البراءة. ولأنّه (عليه السلام) أوجبها في تسعة أشياء وعفى عمّا سواها (١) وهو يعمّ التجارة وغيرها ، قال زرارة : كنت قاعدا عند أبي جعفر (عليه السلام) وليس عنده غير ابنه جعفر ، فقال يا زرارة : إنّ أبا ذر وعثمان تنازعا على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (٢) كلّ مال من ذهب أو فضّة يدار ويعمل به ويتّجر به ، ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول؟ فقال أبو ذر : أمّا ما اتّجر به أو دير أو عمل به فليس فيه زكاة ، إنّما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا فاذا حال عليه الحول فعليه الزكاة ، فاختصما في ذلك إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : القول ما قال أبو ذر (٣).

وقال الفقيهان : بالوجوب (٤) ولعلّ تمسكهما بعموم الأمر ، وبرواية أبي الربيع الشامي عن الصادق (عليه السلام) : في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه وقد كان زكّى ماله قبل أن يشترى به ، هل عليه زكاة؟ أو حتّى يبيعه؟ قال : إن أمسكه لالتماس الفضل على رأس ماله فعليه الزكاة (٥) وحملت على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ ، ص ٢ ، باب ١ ، ما تجب فيه الزكاة ، فلاحظ.

(٢) في نسخة (ج) فقال عثمان كل مال الى آخره.

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ٧٠ ، باب ٢٠ ، حكم أمتعة التجارات في الزكاة ، الحديث ٨.

(٤) المقنع : أبواب الزكاة ، ص ٥٢ ، باب ١٦ ، زكاة المال إذا كان في تجارة ، قال : «إذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك» الى ان قال : «فعليك زكاته إذا حال عليه الحول».

وفي الفقيه : ج ٢ ، ص ١١ ، بعين تلك الألفاظ.

(٥) التهذيب : ج ٤ ، ص ٦٨ ، باب ٢٠ ، حكم أمتعة التجارات في الزكاة ، الحديث ١.

٥٠٧

القول في زكاة الأنعام

والنظر في الشرائط واللواحق.

والشرائط أربعة

الأوّل : في النصب.

وهي في الإبل اثنا عشر نصابا : خمسة كل واحد خمس ، وفي كلّ واحد شاة ، فإذا بلغت ستّا وعشرين ففيها بنت مخاض ، فاذا بلغت ستّا وثلاثين ففيها بنت لبون ، فاذا بلغت ستّا وأربعين ففيها حقّة ، فإذا بلغت احدى وستّين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستّا وسبعين ففيها بنتا لبون ، فاذا بلغت احدى وتسعين ففيها حقتان. ثمَّ ليس في الزائد شي‌ء حتى يبلغ مائة واحدى وعشرين ، ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون دائما.

وفي البقر نصابان : ثلاثون ، وفيها تبيع أو تبيعة. وأربعون ، وفيها مسنّة.

وفي الغنم خمسة نصب : أربعون ، وفيها شاة ، ثمَّ مائة واحدى وعشرون ، وفيها شاتان ، ثمَّ مائتان وواحدة ففيها ثلاث شياه.

فاذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروايتان ، أشهرهما أنّ فيها أربع شياه حتّى تبلغ أربعمائة فصاعدا ، ففي كلّ مائة شاة وما نقص فعفو.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : فاذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروايتان ، أشهرهما أنّ فيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة فصاعدا ، ففي كل مائة شاة.

أقول : اعلم أنّ الغنم إذا بلغت مائتين وواحدة ، وهو النصاب الثالث ، كان فيها ثلاث شياه إجماعا ، فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة ، وهو النصاب الرابع ، هل يتغيّر

٥٠٨

وتجب الفريضة في كلّ واحد من النصب ، ولا يتعلّق بما زاد ، وقد جرت العادة بتسمية ما لا يتعلّق به الزكاة من الإبل شنقا ، ومن البقر وقصا ، ومن الغنم عفوا.

الشرط الثاني : السوم ، فلا تجب في المعلوفة ولو في بعض الحول.

الثالث : الحول ، وهو اثنا عشر هلالا ، وإن لم يكمل أيّامه ، وليس حول الأمهات حول السخال ، بل يعتبر فيها الحول كما في الأمهات. ولو تمَّ ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه.

ولو ملك مالا آخر كان له حول بانفراده. ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب ، وان قصد الفرار ـ ولو كان بعد الحول ـ لم يسقط.

الرابع : ألّا تكون عوامل.

______________________________________________________

الفرض ، ويجب فيها أربع شياه؟ أو يجب الثلاث خاصة ويكون قد سقط الاعتبار حينئذ ، ويؤخذ من كل مائة شاة بالغا ما بلغ؟

فيه مذهبان

فالأوّل : مذهب الشيخ (١) ، وأبي علي (٢) ، والقاضي (٣) ، والتقي (٤) ، والمفيد

__________________

(١) النهاية : ص ١٨١ ، كتاب الزكاة ، باب المقادير التي تجب فيها الزكاة وكميّة ما تجب ، س ١٣ ، قال : «فاذا بلغت ذلك (اى ثلاثمائة) وزادت واحدة كان فيها اربع شياه».

(٢) المختلف : ص ١٧٧ ، في زكاة الأنعام ، س ٢٦ ، قال : «والذي اختاره الشيخ هو مذهب ابي على بن الجنيد».

(٣) المهذب : ج ١ ، ص ١٦٤ ، باب زكاة الغنم ، س ٩ ، قال : «حتى تبلغ ثلاثمائة وواحدة ، فيكون فيها أربع شياه».

(٤) الكافي في الفقه : ص ١٦٧ ، في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها ، س ١٩ ، قال : «فإذا زادت عليها (اى ثلاثمائة) واحدة ففيها أربع شياه».

٥٠٩

وأمّا اللواحق فمسائل

الأولى : الشاة المأخوذة في الزكاة ، أقلها الجذع من الضأن ، أو الثني من المعز ، ويجزي الذكر والأنثى. وبنت المخاض هي التي دخلت في الثانية. وبنت اللبون ، هي التي دخلت في الثالثة. والحقّة ، هي التي دخلت في الرابعة. والجذعة ، هي التي دخلت في الخامسة والتبيع من البقر ، هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية. والمسنّة ، هي التي تدخل في الثالثة. ولا تؤخذ الربي ، ولا المريضة ، ولا الهرمة ، ولا ذات العوار ، ولا تعدّ الأكولة ، ولا فحل الضراب.

الثانية : من وجب عليه سن من الإبل وليست عنده ، وعنده أعلى منها بسن دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما. ولو كان عنده الأدون دفعها ومعها شاتان أو عشرين درهما ، ويجزئ ابن اللبون الذكر ، عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر. ويجوز أن يدفع عمّا يجب في النصاب من الأنعام وغيرها من غير الجنس بالقيمة السوقيّة ، والجنس أفضل ، ويتأكّد في النعم.

______________________________________________________

في المقنعة (١) ، والمصنّف (٢) ، والعلّامة (٣) ، وإنّما يسقط الاعتبار عند بلوغها أربعمائة ، فالنصب عندهم خمسة.

__________________

(١) المقنعة : ص ٣٩ ، باب زكاة الغنم ، س ١١ ، قال : «فاذا بلغت ذلك (ثلاثمائة) تركت هذه العبرة واخرج من كل مائة شاة» ولا يخفى انه موافق للمذهب الثاني كما هو واضح.

(٢) الشرائع : ج ١ ، ص ١٤٣ ، كتاب الزكاة ، النظر الثاني في بيان ما تجب فيه القول في شرائط زكاة الأنعام قال : «ثمَّ ثلاثمائة وواحدة الى ان قال : وقيل بل تجب اربع شياه وهو الأشهر».

(٣) المختلف : ص ١٧٧ ، في زكاة الأنعام ، س ٢٨ ، قال : «والمعتمد اختيار الشيخ».

٥١٠

الثالثة : إذا كانت النعم مراضا لم يكلّف صحيحة. ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد ولو كانت أدون.

الرابعة : لا يجمع بين متفرّق في الملك ، ولا يفرّق بين مجتمع فيه ، ولا اعتبار بالخلطة

______________________________________________________

والثاني : مذهب الصدوقين (١) ، والسيد (٢) ، والحسن (٣) ، وابن حمزة (٤) ، وسلار (٥) ، وابن إدريس (٦).

احتجّ الأوّلون : بالاحتياط ، وبرواية زرارة ، ومحمد بن مسلم وبريد وأبى بصير والفضيل عنهما (عليهما السلام) ، ثمَّ ليس فيها شي‌ء أكثر من ذلك حتّى تبلغ ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتّى تبلغ أربعمائة ، فإذا بلغت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة وسقط الأمر الأوّل (٧).

احتجّ الآخرون بأصالة البراءة. وبقوله تعالى (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) (٨).

__________________

(١) المقنع : ص ٥٠ ، باب ٦ ، زكاة الغنم ، س ١٠ ، قال : «فاذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه الى ثلاثمائة ، فاذا أكثر الغنم يخرج من كل مائة شاة». وفي الفقيه : ج ٢ ، ص ١٤ ، كذلك بعين العبارة.

(٢) جمل العلم والعمل : ص ١٢٣ ، فصل في زكاة الغنم ، قال : «فاذا زادت واحدة ففيها شاتان الى ثلاثمائة ، فان كثرت» الى آخره.

(٣) المختلف : ص ١٧٧ ، في زكاة الأنعام ، س ٢٧ ، قال : «ومذهب السيد المرتضى هو اختيار ابن أبى عقيل وابن حمزة».

(٤) المختلف : ص ١٧٧ ، في زكاة الأنعام ، س ٢٧ ، قال : «ومذهب السيد المرتضى هو اختيار ابن أبى عقيل وابن حمزة».

(٥) المراسم : كتاب الزكاة ، ص ١٢٩ ، س ٦ ، قال : «وفي الغنم أربعة نصب أولها أربعون إلى أن قال : «إلى ثلاثمائة وواحدة».

(٦) السرائر : ص ١٠٠ ، فصل في الأصناف التي تجب فيها الزكاة على الجملة ، س ٣٣ ، قال : «فاذا زادت على ذلك (أي ثلاثمائة) أسقط هذا الاعتبار واخرج من كل مائة شاة بالغا ما بلغت الغنم».

(٧) الكافي : ج ٣ ، ص ٥٣٤ ، باب صدقة الغنم ، قطعة من حديث ١ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٨) سورة محمد : الآية ٣٦.

٥١١

.................................................................................................

______________________________________________________

وبرواية محمد بن قيس ، عن الصادق (عليه السلام) قال : ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‌ء فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة (١).

وأجاب الأوّلون : بمعارضة البراءة بالاحتياط ، وعدم دلالة الآية على المطلوب ، ومحمد بن قيس مجهول ، مع قبول روايته للتأويل ، لجواز حمل الزيادة على بلوغ الأربعمائة جمعا بين الأدلّة.

فوائد

(ألف) : على القول الأوّل يكون لزيادة الغنم على المائتين وواحدة ، إلى ثلاثمائة وواحدة فائدة ، وهو وجوب الرابعة وصيرورتها نصابا رابعا ، وعلى الثاني لا يكون لزيادة الغنم على النصاب الثالث فائدة في زيادة الفرض ، بل في تسميته نصابا رابعا.

(ب) : نصب الغنم خمسة على الأوّل وأربعة على الثاني. وتظهر فائدته فيما لو نذر أن يتصدّق عن كلّ نصاب يملكه بدرهم ، وجب عليه خمسة على الأوّل وأربعة على الثاني.

(ج) : الواحدة الزائدة على الثلاثمائة لها مدخل في الوجوب ، وهي جزء من محل الفرض على الأوّل دون الثاني فعلى هذا لو تلف منه شاة بعد الحول وقبل إمكان الأداء بسطت الشاة التالفة على مجموع النصاب ، فيقسّم على ثلاثمائة وواحدة ، فيكون الساقط عنه أربعة أجزاء ، لأنّ كلّ شاة ينتقص كان جزء ، فيبقى الواجب عليه ثلاث شياه ومائتا جزء وسبعة وتسعون جزء من ثلاثمائة جزء ، وجزء من مجموع شاة على الأوّل ، وعلى الثاني لا يسقط من الفريضة شي‌ء ، لأنّ الواحدة شرط في تعيين الفرض ، وليست جزء من محل الوجوب ، لتصريح الرواية بأنّ في كلّ مائة

__________________

(١) التهذيب : ج ٤ ، ص ٢٥ ، باب ٧ ، زكاة الغنم ، الحديث ٢.

٥١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

شاة ، فلم يتعلق الواجب بشي‌ء من الزائد. وفي الرواية الأولى تعلّق الفرض بالجميع.

والضابط : إنّ التالف متى كان زائدا عن محل الواجب لا يسقط بتلفه شي‌ء من الفريضة ، وان كان التالف من محل الفرض ، قسّط التالف على مجموع النصاب وأخذ الفرض الواجب ناقصا بقسطه من التالف المبسوط.

وإن شئت فأسقط من الواجب بقدر ما تلف من النصاب ، مثلا إذا كان التالف نصف النصاب ، بقي عليه نصف الواجب. وإن كان التالف ربعه ، سقط ربعه ، مثلا إذا كان عنده أربعون وتلف منها عشره ، يلزمه ثلاثة أرباع شاة ويسقط عنه ربع ، وإن تلف عشرون لزمه نصف شاة ، وإن تلفت واحدة سقط عنه ربع عشر الواجب ، ولو تلف الكلّ سقطت الشاة الواجبة. وعلى الأوّل لو كان التالف شاة واحدة ، بقي الواجب عليه شاة إلّا جزء من أربعين جزء من شاة ، وإذا تلف واحدة من ثلاثمائة وواحدة ، كما إنّ الواجب عليه أربع شياه ، يسقط عنه أربعة أجزاء. ولو تلف عشر شياه ، سقط عنه أربعون جزء من ثلاثمائة جزء وجزء فيبقى عليه مائتا جزء واحد وستون جزء من ثلاثمائة جزء وجزء.

فقد ظهر لك ممّا ذكرنا معنى قول المصنّف في شرائعه ، وتظهر الفائدة في الوجوب وفي الضمان (١) فهذا معنى الضمان ، وأمّا في الوجوب فظاهر ، لأنّ على الأوّل يجب أربع ، وعلى الثاني ثلاث. وذكرنا فائدة ثالثة بالنسبة إلى تعدّد النصب في النذر.

(د) : لو كان عنده أربعمائة فتلفت واحدة ، سقط عنه أربعة أجزاء ، لأنّ محل الفرض الجميع. ولو كان عنده ثلاثمائة وتسعة وتسعون ، لم يسقط بتلف ما زاد على ثلاثمائة وواحدة شي‌ء ، لأن الزائد عليها ليس محل الفرض ، فلا يسقط بتلفه شي‌ء.

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، ص ١٤٣ ، القول في شرائط وجوب زكاة الأنعام ، في بيان ما يجب فيه ، قال : «وتظهر الفائدة في الوجوب وفي الضمان».

٥١٣

القول في زكاة الذهب والفضّة

ويشترط في الوجوب النصاب ، والحول ، وكونهما منقوشين بسكة المعاملة.

وفي قدر النصاب الأوّل من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون دينارا ، ففيها عشرة قراريط ، ثمَّ كلّما زاد أربعة ففيها قيراطان. وليس فيما نقص عن أربعة زكاة. ونصاب الفضّة الأوّل مائتا درهم ، ففيها خمسة دراهم ، ثمَّ كلّما زاد أربعون ففيها درهم ، وليس فيما نقص عن أربعين زكاة والدرهم ستّة دوانيق ، والدانق ثماني حبّات من الشعير يكون قدر العشرة سبعة مثاقيل. ولا زكاة في السبائك ، ولا في الحلي وزكاته إعارته. ولو قصد بالسبك الفرار قبل الحول لم تجب الزكاة ، ولو كان بعد الحول لم تسقط. ومن خلّف لعياله نفقة قدر النصاب فزائدا ، لمدّة وحال عليها الحول وجبت عليه زكاتها لو كان شاهدا ، ولم تجب لو كان غائبا.

ولا يجبر الجنس بالجنس الآخر.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي قدر النصاب الأوّل من الذهب روايتان ، أشهرهما عشرون دينارا ففيها عشرة قراريط.

أقول : هذا هو المشهور عند أصحابنا ، وقال الفقيه : «ليس فيه شي‌ء حتّى يبلغ أربعين مثقالا ، ففيه مثقال» (١).

احتجّ الأوّلون : بعموم الأمر بإيتاء الزكاة في الآية ، وفي قوله (عليه السلام) : هاتوا ربع عشر أموالكم (٢).

__________________

(١) المختلف : ص ١٧٨ ، في باقي الأصناف ، س ٦ ، قال : «وقال الشيخ علي بن بابويه : ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ أربعين مثقالا ، وفيه مثقال».

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ١١٥ ، باب الزكاة ، الحديث ١١.

٥١٤

القول في زكاة الغلات

لا تجب الزكاة في شي‌ء من الغلات الأربع حتّى تبلغ نصابا. وهو خمسة أوسق ، وكلّ وسق ستّون صاعا ، يكون بالعراقي ألفين وسبعمائة رطل. ولا تقدير فيما زاد ، بل تجب فيه وإن قلّ.

ويتعلّق به الزكاة عند التسمية حنطة أو شعيرا أو زبيبا أو تمرا ، وقيل : إذا احمرّ ثمر النخل أو اصفرّ ، أو انعقد الحصرم ، ووقت الإخراج إذا صفّت الغلّة ، وجمعت الثمرة ، ولا تجب في الغلّات إلّا إذا نمت في الملك. لا ما يبتاع حبّا ، أو يستوهب ، وما يسقى سيحا أو بعلا أو عذيا ففيه العشر ،

______________________________________________________

وبرواية يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : في عشرين دينارا نصف مثقال (١).

احتجّ الفقيه ، بأصالة البراءة ، وبما رواه محمد بن مسلم ، وأبو بصير ، وبريد والفضيل ، عنهما (عليهما السلام) قالا : في الذهب في كلّ أربعين مثقالا مثقال ، وليس في أقلّ من أربعين مثقالا شي‌ء (٢).

قال طاب ثراه : ويتعلّق به الزكاة عند تسميته حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا. وقيل : إذا احمرّ ثمر النخل أو اصفر أو انعقد الحصرم ، ووقت الإخراج إذا صفّت الغلّة وجمعت الثمرة.

أقول : اختلف الأصحاب في وقت تعلّق الوجوب بالغلّات على قولين.

__________________

وفي سنن الدار قطني : ج ٢ ، ص ٩٢ ، باب وجوب زكاة الذهب والفضة والماشية والثمار والحبوب ، الحديث ٣ ، نحوه.

(١) التهذيب : ج ٤ ، ص ٦ ، باب ٢ ، زكاة الذهب ، الحديث ٢ ، وفيه (نصف دينار) بدل نصف مثقال.

(٢) التهذيب : ج ٤ ، ص ١١ ، باب ٢ ، زكاة الذهب ، الحديث ١٧.

٥١٥

وما يسقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر. ولو اجتمع الأمران حكم للأغلب ، ولو تساويا أخذ من نصفه العشر ، ومن نصفه نصف العشر ، والزكاة بعد المئونة.

______________________________________________________

أحدهما : انه وقت تسميته حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا ، وهو قول المصنّف (١) ، وفاقا لأبي علي (٢).

والثاني : عند احمرار الثمرة أو اصفرارها أو اشتداد الحب وانعقاد الحصرم ، وهو الذي عليه الأصحاب.

احتجّ المصنّف بأصالة براءة الذمّة من الوجوب إلّا مع تحقّق السبب ، ولا يقين قبل كونه تمرا ، لتعلّق الوجوب بما يسمّى تمرا ، لا بما يسمّى بسرا.

احتج الباقون : بعموم قوله (عليه السلام) : فيما سقت السّماء العشر (٣).

ولأنّ اللغة نصّوا على أنّ البسر نوع من التمر ، ومن أوجب في الثمرة أوجبها في الحبّ.

وتظهر الفائدة في مسائل.

(ألف) : لو مات بعد بدوّ الصلاح وعليه دين مستغرق ، فلا زكاة على الأوّل ، ويجب على الثاني ، ويقسّط التركة على الدين والزكاة لتساويهما ، وقيل : بل يقدّم الزكاة لتعلّقها بالعين قبل تعلّق الدين بها ، ولقوله (عليه السلام) : «لدين الله أحق أن يقضى» (٤).

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، ص ١٥٣ ، القول في زكاة الغلات ، قال : «والحد الذي تتعلق به الزكاة من الأجناس ان يسمّى حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا».

(٢) المختلف : ص ٧ ، في باقي الأصناف ، س ٣٠ ، قال : «واختاره ابن الجنيد» أقول : «أي عند التسمية».

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ١٧ ، باب ٤ ، باب زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، الحديث ٩ ، ولفظه : «العشر فيما سقت السماء».

(٤) مسند احمد بن حنبل : ج ١ ، ص ٢٢٤ و ٢٢٧ و ٢٥٨.

وفي صحيح مسلم : ج ٢ ، كتاب الصيام. باب ٢٧ ، قضاء الصيام عن الميت ، حديث ١٥٥.

٥١٦

القول فيما تستحبّ فيه الزكاة

يشترط في مال التجارة الحول ، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة في الحول كلّه ، وأن يكون قيمته نصابا فصاعدا ، فيخرج الزكاة حينئذ عن قيمته دراهم أو دنانير. ويشترط في الخيل حؤول الحول ، والسوم ، وكونها إناثا ، فيخرج عن العتيق ديناران وعن البرذون دينار.

وما يخرج من الأرض مما تستحبّ فيه الزكاة ، حكمه حكم الأجناس الأربعة في اعتبار السقي وقدر النصب وكميّة الواجب.

______________________________________________________

(ب) : لو نقلها إلى غيره ببيع أو هبة بعد الاحمرار ، فالزكاة على المنقول إليه على الأوّل وعلى الناقل على الثاني.

(ج) : لو أكلها أو أتلفها ضمن على الثاني دون الأوّل ، كما لو أكل السائمة قبل الحول.

واعلم : أنّ للغلّات خواص لا يشاركها فيها غيرها من النصب الزكاتيّة.

(ألف) : وحدة النصاب والعفو ، بخلاف باقي النصب فإنّها متعدّدة.

(ب) : عدم تكرار الزكاة فيها بتكرّر الأحوال ، بخلاف غيرها ، فإنّها تتعدّد الأحوال

(ج) : عدم اعتبار الحول فيه ، بخلاف باقي النصب الواجبة.

(د) : خصوص ملكيّتها ، بان تملك بالزراعة لا بغيرها من سائر أنواع التمليكات ، بخلاف الباقي.

فرع

عامل المزارعة تجب في نصيبه إذا بلغ نصابا ، وقال ابن زهرة : لا يجب ، لأنّه يأخذها أجرة (١).

__________________

(١) المختلف : ص ٢٧٩ ، في باقي الأصناف ، س ٢٨ ، قال : «مسألة ، قال السيد ابن زهرة : لا زكاة على العامل في المزارعة والمساقاة ، لأن الحصة التي يأخذها كالأجرة من عمله». انتهى

٥١٧

الركن الثالث

في وقت الوجوب

إذا أهلّ الثاني عشر وجبت الزكاة وتعتبر شرائط الوجوب فيه كلّه ، وعند الوجوب يتعيّن دفع الواجب.

ولا يجوز تأخيره إلّا لعذر كانتظار المستحق وشبهه ، وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين ، والأشبه : إن جواز التأخير مشروط بالعذر ، فلا يتقدّر بغير زواله ، ولو أخّر مع إمكان التسليم ضمن

______________________________________________________

وكذا لو كان البذر من العامل فلا زكاة على رب الأرض ، وهو ضعيف. هذا إذا كانت المزارعة صحيحة ، ولو كانت فاسدة وكان ما وصل إليه بقدر أجرة المثل ، لم تجب الزكاة ، وإن كان أكثر ممّا يستحقّ وكان المال عالما بفساد العقد وأن الواصل أكثر ممّا يستحقّ ، فان علم أن المالك لا يخرج الزكاة عن الزائد قطعا ، وجب عليه إخراج الزكاة الفاضل عن المستحق من اجرة المثل.

(ه) : إنّ له حالات ثلاثة.

(ألف) : حالة وجوب ، وإخراج ، وضمان. وهو عند تصفية الغلّة وجداد الثمرة ، بالجيم المفتوحة والدالين المهملتين ، ووجود المستحق.

(ب) : حالة وجوب وإخراج ولا ضمان ، وهو عند التصفية مع فقد المستحق.

(ج) : حالة وجوب ولا إخراج ولا ضمان ، وهو عند بدوّ الصلاح خاصة ، نعم يجوز الإخراج حينئذ ، فيجوز إخراجه بسرا ، بل يجوز أن يقاسم مع الفقراء أو الساعي على رؤوس النخل ، ولا يجوز له التصرّف إلّا مع الخرص ، ليعرف قدر ما يتلف من الثمرة ليحسب عليه.

قال طاب ثراه : ولا يجوز تأخيره إلّا لعذر ، كانتظار المستحقّ وشبهه ، وقيل : إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين ، والأشبه : ان جواز التأخير مشروط بالعذر فلا

٥١٨

______________________________________________________

يتقدّر بغير زواله.

أقول : قال الشيخ في النهاية : وإذا عزل ما يجب عليه ، فلا بأس ان يفرّقه ما بينه وبين شهر وشهرين ، ولا يجعل ذلك أكثر منه ، وما روي عنهم (عليهم السلام) من جواز تقديم الزكاة وتأخيرها ، فالوجه أن ما يقدّم يجعل قرضا ، وما يؤخر فلانتظار المستحق فأمّا مع وجوده فالأفضل إخراجها على البدار (١).

وكذا قال المفيد في المقنعة (٢). لأن في ذلك إرفاقا بالفقراء في بسطه عليهم.

والباقون على المنع إلّا مع العذر ، فلا يتقدّر التأخير بوقت ، بل يكون موقوفا على زوال العذر ، لان مع زواله يكون مأمورا بالتسليم ، والمستحق مطالب ، فلا يجوز التأخير.

وقال المفيد : الأصل في إخراج الزكاة عند حلول وقتها دون تقديمها عليه ، وتأخيرها عنه كالصلاة ، وقد جاء عن الصادقين (عليهم السلام) رخّص في تقديمها بشهرين قبل محلّها وتأخيرها بشهرين عنه ، وجاء ثلاثة أشهر أيضا ، وأربعة عند الحاجة إلى ذلك وما يعرض من الأسباب. والذي أعمل عليه هو الأصل المستفيض عن آل محمّد (عليهم السلام) من لزوم الوقت (٣).

واختاره الشيخ (٤) ، والمرتضى (٥).

__________________

(١) الى هنا كلام الشيخ في النهاية : ص ١٨٣ ، باب الوقت الذي تجب فيه الزكاة ، س ١٥.

(٢) المقنعة : ص ٣٩ ، باب تعجيل الزكاة وتأخيره ، س ٢١.

(٣) من قوله : «وقال المفيد إلى هنا» كلامه في المقنعة ، لاحظ ص ٣٩ ، س ٢١.

(٤) النهاية : ص ١٨٢ ، باب الوقت الذي تجب فيها الزكاة ، س ١٨ ، قال : «واما الحنطة والشعير والتمر والزبيب فوقت الزكاة فيها حين حصولها» الى ان قال بعد أسطر ، ص ١٨٣ ، س ١٥ ، «وإذا عزل ما يجب عليه من الزكاة فلا بأس ان يفرّقه ما بين شهر وشهرين».

(٥) جمل العلم والعمل : فصل في تعجيل الزكاة ، ص ١٢٤ ، قال : «الواجب إخراج الزكاة في وقت وجوبها» الى ان قال : «وقد روى جواز التقديم بشهرين أو ثلاثة والأول أثبت».

٥١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والمصنّف (١) ، والعلّامة (٢).

احتجّ الأوّلون : بما رواه حماد بن عيسى ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : لا بأس بتعجيل الزكاة بشهرين وتأخيرها بشهرين (٣).

وفي صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له :

الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرّم؟ قال : لا بأس ، قلت : فإنّها لا تحلّ عليه إلّا في المحرّم فيعجّلها في شهر رمضان؟ قال : لا بأس (٤).

وروى يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : إذا حال الحول فأخرجها من مالك ، ولا تخلّطها بشي‌ء وأعطها كيف شئت (٥).

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يعجّل زكاته قبل المحل؟ فقال : إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس (٦).

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، ص ١٦٧ ، القول في وقت التسليم ، قال : «ولا يجوز التأخير إلّا لمانع أو لانتظار من له قبضها ، وإذا عزلها جاز تأخيرها إلى شهر أو شهرين».

(٢) المختلف : ص ١٨٨ ، س ١٥ ، في كيفية الإخراج ، ص ١٧ ، قال بعد نقل الاختلاف في جواز التقديم أو التأخير ، ما لفظه : «لنا انه عبادة موقتة فلا يجوز فعلها قبل وقتها».

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ٤٤ ، باب ١١ ، تعجيل الزكاة ، وتأخيرها عمّا تجب فيه من الأوقات ، الحديث ٥ ، وسند الحديث كما في التهذيب هكذا : (سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن محمد بن يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

(٤) التهذيب : ج ٤ ، ص ٤٤ ، باب ١١ ، تعجيل الزكاة وتأخيرها عمّا تجب فيه من الأوقات ، الحديث ٣ ، مع اختلاف يسير.

(٥) التهذيب : ج ٤ ، ص ٤٥ ، باب ١١ ، تعجيل الزكاة وتأخيرها عمّا تجب فيه من الأوقات قطعة من حديث ١٠.

(٦) التهذيب : ج ٤ ، ص ٤٤ ، باب ١١ ، تعجيل الزكاة وتأخيرها عمّا تجب فيه من الأوقات الحديث ٦ وفيه (إذا مضت ثمانية أشهر) وفي الحاشية منه : «إذا مضت خمسة أشهر» نسخة بدل.

٥٢٠