المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

والنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إنّما يأمر بالطهارة ، بالمؤثّر في الطهارة ، لا بما يزيد في التنجيس ، فيلزم طهارة الماء أيضا. ومنعه المصنّف (١) ، والعلّامة (٢) ، لأنّه ماء قليل لاقى نجاسة ، فانفعل بها ، فلا يطهر المحل. والحديث ليس من طريقنا ، مع معارضته بما رواه ابن معقل : أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : خذوا ما بال عليه من التراب ، وأهريقوا على مكانه ماء (٣).

فان قالوا : هو مرسل.

قلنا : أبو حنيفة يعمل بالمرسل. وأيضا فهي مؤثّرة في الظنّ ، ومع ظنّ وجود المعارض لا يبقى حديثهم سليما.

وذكر بعض الجمهور : أنّ الأمر بذلك كان بعد يبوسة الأرض بالشمس ، ومع هذا يحتمل وجوها :

(ألف) : أن يكون الذنوب كثيرا (كبيرا) يسع كرّا.

(ب) : أن يكون المراد إذهاب رائحة البول.

(ج) : أن يكون المراد إماطة اللّون المكتسب من البول ، وإزالة تنفّر النفس بمشاهدته ، كما أمر بصبغ ثوب الحيض بالمشق (٤).

(د) : أن يكون البول قد يبس بالهواء ، وأراد (عليه السلام) تطهير المحل بعد رجوع الرطوبة عليه بإلقاء الذنوب عليه. وهذه الاحتمالات ، وان كان بعضها

__________________

(١) المعتبر : ص ١٢٤ ، س ٣٢ ، كتاب الطهارة.

(٢) المختلف : ص ٦٢ ، س ٣١ ، كتاب الطهارة ، باب النجاسات ، قال بعد نقل قول الشيخ : «ونحن منعنا ذلك في كتبنا ، لنا : انه ماء قليل لاقى نجاسة فانفعل بها» الى آخره.

(٣) المعتبر : ص ١٢٤ ، س ٣٢ ، كتاب الطهارة.

(٤) لاحظ الوسائل : ج ٢ ، ص ١٠٣٣ ، حديث ١ ، كتاب الطهارة ، باب ٢٥ ، من أبواب النجاسات.

٢٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

بعيدا ، يقرّبه كون الخبر حكاية حال ، وحكاية الحال لا توجب العموم (١).

تنبيه

بل تطهر الأرض إذا نجست بأحد أمور أربعة :

(ألف) : إجراء الماء الجاري عليها حتّى يستهلك النجاسة.

(ب) : وقوع الغيث عليها ، كذلك.

(ج) : إلقاء كرّ عليها دفعة مع زوال عين النجاسة عنها.

(د) : طلوع الشمس عليها حتّى تجفّ بها.

قال المصنّف : أو تغسل بماء يغمرها ، فتجري إلى موضع آخر ، فيكون ما انتهى إليه نجسا (٢) وفيه إشكال. إلّا أن تكون الأرض حجرا صلدا ، أو الملقى عليها كرّا. لأنّ المطهر بالغسل ، إنّما هو ما يمكن انفصال الماء المغسول به عن المحل المغسول.

وهنا طريق آخر الى تطهيرها. وهو اقتلاع النجاسة من الأرض وإزالة عينها منها ، كما تلقى النجاسة وما يكتنفها من الدّبس أو السّمن الجامدين. وكذا تطيينها بالطين الطاهر الثخين الذي لا تصل النجاسة من باطنه المجاور لها إلى ظاهره ، وتستعمل الطاهر.

وهذان الطريقان ليسا بمطهّرين في الحقيقة ، بل مسوّغان للانتفاع بالأرض. وكذا لو جعل منها موضع محصور كالحوض وجعل فيه من الماء ما يكون قدره كرّا فصاعدا ، ثمَّ يرفع الطين من الأرض ، ليقع الماء الكثير على الأرض النجسة ، فيطهّرها. وهذا حيلة تسقط كلفة الإتيان بالكر في حوض ، ويقتصر على تحصيل الماء واجتماعه على الأرض ولو في دفعات.

__________________

(١) الاحتمالات المذكورة إلى قوله : «لا توجب العموم». من كلام العلّامة في المختلف. راجع ص ٦٢ ، س ٣٥.

(٢) المعتبر : ص ١٢٥ ، س ٢ ، كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، مع اختلاف يسير في العبارة.

٢٦٢

وفي المفضّض قولان : أشبههما الكراهية.

وأواني المشركين طاهرة ما لم يعلم نجاستها بمباشرتهم ، أو بملاقاة نجاسة. ولا يستعمل من الجلود إلّا ما كان طاهرا في حال حياته مذكّى.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي المفضض قولان : أشبههما الكراهية.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(ألف) : لم يفرّق الشيخ في الخلاف بين كونها فضّة أو مفضّضة. وقال : يكره (١) ، والظاهر أنّ مراده التحريم.

(ب) : قال في المبسوط : بوجوب اجتناب موضع الفضّة ، واستعمال ما عداه (٢) ، واختاره فخر المحقّقين لانّه لو لا ذلك لزم إباحة آنية الذهب والفضّة.

ولصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال : لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضّض ، وأعزل فاك عن موضع الفضّة (٣). والأمر للوجوب (٤).

(ج) : كراهيّة المفضّض. وهو مذهب المصنّف (٥).

واحتجّ الشيخ : على فتوى الخلاف : برواية الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام)

__________________

(١) الخلاف : ج ١ ، ص ٧ ، كتاب الطهارة ، مسألة ١٥ ، قال : «يكره استعمال أواني الذهب والفضّة ، وكذلك المفضض منها».

(٢) المبسوط : ج ١ ، ص ١٣ ، كتاب الطهارة ، باب حكم الأواني والأوعية والظروف إذا حصل فيها نجاسة ، س ١٧ ، قال : «والمفضض لا يجوز ان يشرب أو يؤكل من الموضع المفضّض ، ويستعمل غير ذلك. الموضع».

(٣) التهذيب : ج ٩ ، ص ٩١ ، باب ٢ الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ، حديث ١٢٧ ، وفيه «واعزل فمك».

(٤) إيضاح الفوائد : ج ١ ، ص ٣٢ ، كتاب الطهارة ، كلام في الآنية ، س ٢٣ ، قال بعد نقل كلام الشيخ في المبسوط : «وهو الأصح عندي ، والا لزم جواز استعمال الذهب والفضّة» ، إلى قوله : «والأمر للوجوب».

(٥) المعتبر : ص ١٢٦ ، س ٢٤ ، كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، قال : «وأمّا المفضض ففيه قولان : الى ان قال : س ٢٥ ، والوجه الكراهية».

٢٦٣

ويكره ممّا لا يؤكل لحمه حتّى يدبغ على الأشبه ، وكذا يكره من أواني الخمر ما كان خشبا أو قرعا.

______________________________________________________

قال : لا تأكلوا في آنية من فضّة ولا في آنية مفضّضة (١).

واحتجّ المصنّف : بأنّ قدح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) انكسر ، فاتّخذ مكان الشعب سلسلة من فضّة (٢).

وبرواية بريد عن الصادق (عليه السلام) أنه كره الشرب في آنية الفضّة ، وفي القداح المفضّضة (٣).

والجواب : المراد بالكراهيّة : التحريم.

قال طاب ثراه : ويكره ممّا لا يؤكل لحمه حتّى يدبغ على الأشبه.

أقول : هنا مذهبان :

(ألف) : التحريم حتّى الدّباغ. قاله الشيخ (٤) ، والمرتضى (٥) ، لوقوع الإجماع

__________________

(١) التهذيب : ج ٩ ، ص ٩٠ ، باب ٢ الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ، حديث ١٢١ ، وفيه «لا تأكل».

(٢) المعتبر : ص ١٢٧ ، س ١١ ، كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، قال : «روي انه كان للنبي (صلّى الله عليه وآله) قصعة لها حلقة من فضّة» وفي عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ٦٢ ، حديث ١٨٣ ، راجع هامشه.

(٣) التهذيب : ج ٩ ، ص ٩٠ ، باب ٢ الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه ، حديث ١٢٢ ، وليس منه لفظ : «آنية».

(٤) المبسوط : ج ١ ، ص ٨٢ ، كتاب الصلاة ، فصل فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس ، س ١٨ ، قال : «وما لا يؤكل لحمه لا يجوز الصلاة في جلده ذكّي أو لم يذك دبغ أو لم يدبغ ، ويجوز استعماله ولبسه في غير الصلاة إذا ذكّي ودبغ» الى آخره.

(٥) المختلف : كتاب الطهارة ، في الأواني والجلود ، ص ٦٥ ، س ١٠ ، قال : «مسألة جلد ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في حياته كالسباع يطهر بالتذكية ، ويجوز استعماله قبل الدبغ على كراهيّة ، وقال الشيخ والسيد المرتضى رحمهما الله تعالى : انه لا يجوز استعماله قبل الدبغ».

٢٦٤

ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا ، أولاهنّ بالتراب على الأظهر.

______________________________________________________

على جواز الاستعمال بعد الدباغ ، ولا دليل على جوازه قبله.

وأجيب : بالمنع من نفي الدليل ، وسيأتي.

(ب) : الإباحة مذهب المصنّف (١) ، والعلّامة (٢) ، لأنه مذكّى ، والتذكية مطهّرة. ولما رواه سماعة قال : سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال : أما لحوم السباع من الطير والدواب فانّا نكرهه. وأما الجلود ، فاركبوا عليها ، ولا تلبسوا منها شيئا تصلّون فيه (٣).

وتسويغ الركوب مطلقا ، يستلزم تسويغه من غير دبغ ، وتسويغ غير الركوب ما عدا اللبس حالة الصلاة.

قال طاب ثراه : ويغسل الإناء من الولوغ (٤) ثلاثا ، أولاهنّ بالتراب على الأظهر.

أقول : التحقيق أنّ الإناء ينقسم إلى قسمين :

الأوّل : ما يراعى فيه العدد إجماعا ، وهو إناء الولوغ ، أعني ولوغ الكلب. والنظر فيه يقع في أمور.

(ألف) : العدد. والمشهور انّه ثلاث ، وبالسبع قال أبو علي (٥).

__________________

(١) المعتبر : ص ١٢٩ ، س ٢٧ ، كتاب الطهارة ، في حكم الجلود وطهرها بالدباغ وعدمه ، قال : «البحث الثالث. ما لا يؤكل لحمه من السباع إذا ذبح جاز استعماله وان لم يدبغ». انتهى

(٢) المختلف : كتاب الطهارة ، في الأواني والجلود ، ص ٦٥ ، س ١٠ ، قال : «مسألة جلد ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في حياته كالسباع يطهر بالتذكية ، ويجوز استعماله قبل الدبغ على كراهيّة ، وقال الشيخ والسيد المرتضى رحمهما الله تعالى : انه لا يجوز استعماله قبل الدبغ».

(٣) التهذيب : ج ٩ ، ص ٧٩ ، باب ٢ الذبائح والأطعمة ، وما يحل من ذلك وما يحرم منه ، حديث ٧٣ ، وفيه «لحوم السباع والسباع من الطير. لا تلبسوا شيئا منها».

(٤) هكذا في الأصل : ولكن في المتن «من ولوغ الكلب» فراجع.

(٥) المختلف : ص ٦٣ ، كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، س ٢٩ ، قال : «وقال ابن الجنيد يغسّل سبع مرات».

٢٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) : في كيفيّة. والمشهور أنّ التعفير بالأولى ، وبالوسطى قال المفيد (١).

(ج) : لا يمزج التراب بالماء ، وبمزجه قال ابن إدريس (٢).

(د) : لا يجزي غير التراب مع القدرة ، وقال أبو علي : بالتراب أو ما يقوم مقامه (٣).

(ه) : يجزي مع تعذّره ما أشبهه ، كالأشنان والدقيق ، وترددّ المصنّف ، من حيث اختصاص التعبّد بالتراب ، وعدم العلم بحصول المصلحة المرادة منه في غيره ، على أنّه لو صحّ ذلك لجاز مع وجوده (٤).

(و) : الحكم يختصّ بالولوغ ، وهو عبارة عن شرب الكلب ممّا فيه بطرف لسانه ، قاله الجوهري (٥).

فلو باشره بأحد أعضائه ، كيده ، كان كغيره من النجاسات.

وسوّى الصدوق بين ولوغه ووقوعه (٦).

__________________

(١) المقنعة : ص ٩ ، باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به منها وما لا يجوز ، س ٩ ، قال «ومرّة بالتراب تكون في أوسط الغسلات الثلاث»

(٢) السرائر : ص ١٥ ، كتاب الطهارة ، س ١٩ ، قال : «وكيفيّة ذلك ان يجعل الماء فيه وينزل فيه التراب» الى آخره.

(٣) المختلف : كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، ص ٦٤ ، س ٧ ، قال : «وقال ابن الجنيد : بالتراب أو ما يقوم مقامه» انتهى.

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، ص ١٢٧ ، س ٢٧ ، قال في الفرع الأول من فروغ غسل الإناء : من ولوغ الكلب «وفيه تردد منشأه اختصاص التعبد بالتراب» الى آخره.

(٥) الصحاح : ج ٤ ، ص ١٣٢٩ ، وفيه «أي شرب ما فيه بأطراف لسانه».

(٦) المقنع : باب ما يقع في البئر والأواني من الناس والبهائم والطير ، ص ١٢ ، س ٦ ، قال : «فان وقع كلب في إناء أو شرب منه» انتهى.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا المفيد (١) ، حتّى لو خالطه ببعض أعضاءه. أهريق الماء وغسل ثلاثا ، والأوّل هو المشهور.

(ز) : لو وقع الإناء في كثير ، لم يتغيّر الحكم على ظاهر المعتبر (٢) ، وحصل بغسلة عند المفيد (٣) ، ونقل العلّامة عن الشيخ مثله (٤) ، وطهر جملة عند العلّامة. لأنّه حال وقوعه في الكر ، لا يمكن القول بنجاسته حينئذ ، لزوال عين النجاسة ، إذ التقدير ذلك ، والحكم زال بملاقاة الماء الكثير (٥) ، واشترط المصنّف تقدّم غسله بالتراب ، ومرور جريان عليه يقوم مقام غسلتين (٦).

القسم الثاني : ما يعتبر فيه العدد على خلاف. وهو ضروب :

(ألف) : إناء ولوغ الخنزير ، فالمصنّف لم يعتبر فيه العدد كسائر النجاسات (٧) ،

__________________

(١) المقنعة : ص ٩ ، س ٢٨ ، باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به منها وما لا يجوز ، قال : «وقد بيّنا حكمه إذا شرب منه كلب أو ماسّة ببعض أعضائه». الى آخره.

(٢) المعتبر : ص ١٢٨ ، س ٦ ، كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، قال في الفرع السادس من فروع غسل الإناء من ولوغ الكلب : «ولو وقع في كثير لم ينجس ويحصل له غسلة واحدة ، ان لم نشترط تقديم التراب» الى آخره.

(٣) ظاهره الاستدلال بإطلاقات كلام المفيد. ولم نظفر على تصريح بذلك منه ، فراجع.

(٤) المختلف : ص ٦٤ ، س ١١ ، كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، قال : «مسألة ، قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : إذا ولغ الكلب في الإناء ثمَّ وقع ذلك الإناء في الماء الكثير الذي بلغ كرا فما زاد لا ينجس الماء ويحصل بذلك غسلة من جملة الغسلات» الى ان قال : س ١٣ ، «والوجه عندي طهارة الإناء بذلك».

(٥) المختلف : ص ٦٤ ، س ١١ ، كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، قال : «مسألة ، قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : إذا ولغ الكلب في الإناء ثمَّ وقع ذلك الإناء في الماء الكثير الذي بلغ كرا فما زاد لا ينجس الماء ويحصل بذلك غسلة من جملة الغسلات» الى ان قال : س ١٣ ، «والوجه عندي طهارة الإناء بذلك».

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، ص ١٢٨ ، س ٧ ، قال في الفرع السادس من فروع غسل الإناء من ولوغ الكلب : «ولو وقع في جار ومرّ عليه جريات الى ان قال : س ٨ لكن لو غسل مرة بالتراب وتعاقب عليه جريات كانت الطهارة أشبه».

(٧) المعتبر : ص ١٢٧ ، س ٣٣ ، في الفرع الرابع من فروع ولوغ الكلب ، قال : «الرابع. ليس الخنزير كالكلب في الولوغ» الى آخره.

٢٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والشيخ اعتبر ثلاثا بالماء (١) ، والعلّامة سبعا (٢).

احتجّ العلّامة : بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : سألته عن خنزير شرب في إناء كيف يصنع به؟ قال : يغسل سبع مرّات (٣).

وحملها المصنّف : على الاستحباب (٤).

واحتجّ الشيخ : بأنّه يسمّى كلبا لغة. وبأنّ النجاسات يجب غسل الإناء منها ثلاثا (٥).

ومنعهما المصنّف ، قال : ولو سمّي كلبا كان على سبيل المجاز (٦).

(ب) : إناء الخمر. والمشهور غسله ثلاثا ، وهو اختيار المصنّف في كتابيه (٧) ، والعلّامة في القواعد (٨).

__________________

(١) المبسوط : ج ١ ، ص ١٥ ، باب حكم الأواني والأوعية والظروف إذا حصل فيها نجاسة ، س ٤ ، قال : «وما ولغ فيه الخنزير حكمه حكم الكلب سواء لأنه يسمى كلبا ، ولأن أحدا لم يفرّق بينهما».

(٢) التذكرة : ج ١ ، في أحكام النجاسات ، ص ٩ ، س ٢٣ ، قال : «واما الخنزير فقال الشيخ : انه كالكلب» الى قوله : س ٢٤ «والأجود انه يغسل سبع مرات».

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٦١ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات قطعة من حديث ٤٧ ، وفيه : «من إناء».

(٤) المعتبر : ص ١٢٨ ، س ٤ ، في الفرع الرابع من فروع ولوغ الكلب ، قال : «ونحن نحمله على الاستحباب».

(٥) نقلناه آنفا عن المبسوط.

(٦) المعتبر : ص ١٢٨ ، س ٢ ، في الفرع الرابع من فروع ولوغ الكلب ، قال : «ولو سمّي كان مجازا».

(٧) المعتبر : ص ١٢٨ ، س ٩ ، في أحكام الأواني ، قال : «مسألة. يغسل الإناء من الخمر ثلاثا والسبع أفضل». والشرائع : ج ١ ، ص ٥٦ ، القول في الآنية ، قال : «ويغسل الإناء ، إلى قوله : ومن الخمر والجرذ ثلاثا بالماء والسبع أفضل».

(٨) القواعد : ص ٩ ، س ١٣ ، في القسم الثالث من الأواني قال : «ومن الخمر والجرذ ثلاث مرات ، ويستحب السبع».

٢٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الشيخان سبعا (١) ، وقال العلّامة في المختلف واحدة كسائر النجاسات (٢) ، وهو مذهب المصنّف في المعتبر (٣).

(ج) : إناء الجرذ وهو ضرب من الفار (٤) ، لا فرق بينهما في كلّ الأحكام.

فالشيخ في النهاية قال : بالسبع (٥) ، وفي كتابي الفروع قال بالثلاث (٦).

__________________

(١) اي الشيخ المفيد في المقنعة : ص ١٠ ، س ٣١ ، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، قال : «وأواني الخمر والأشربة المسكرة كلّها نجسة ، لا تستعمل حتى يهرق ما فيها منها ويغسل سبع مرات بالماء ، والشيخ الطوسي في المبسوط : ج ١ ، ص ١٥ ، كتاب الطهارة ، باب حكم الأواني والأوعية والظروف إذا حصل فيها نجاسة ، س ٦ ، قال : «ويغسل من الخمر والأشربة المسكرة سبع مرات».

(٢) المختلف : ص ٦٤ ، س ٢٤ ، في الأواني والجلود ، قال بعد نقل فتوى المفيد : «والأقرب عندي ان الواجب بعد إزالة العين غسله مرة واحدة في الجميع الا الولوغ ، لكن يستحب السبع في الخمر والأشربة وفي الجرذ والفارة».

(٣) الظاهر ان المراد ان غسل الإناء من سائر النجاسات مرة واحدة ، هو مذهب المصنّف في المعتبر ، والا قد قدّمنا ان مذهب المصنّف في الشرائع والمعتبر في إناء الخمر غسله ثلاثا ، ويؤيد ذلك ما في المعتبر : ص ١٢٨ ، س ١٨ ، كتاب الطهارة ، حيث قال : «مسألة ويغسل الإناء من سائر النجاسات مرة والثلاث أحوط».

(٤) جرذ كعمر ، هو الذكر من الفيران ويكون في الفلوات. وعن الجاحظ. الفرق بين الجرذ والفأر كالفرق بين الجواميس والبقر. مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ١٧٩.

(٥) النهاية : باب المياه وأحكامها ، ص ٥ ، س ٢٠ ، قال : «والفأرة إذا ماتت في الإناء وجب اهراق ما فيها وغسل الإناء سبع مرات».

(٦) المبسوط : ج ١ ، ص ١٥ ، باب حكم الأواني والأوعية والظروف إذا حصل فيها نجاسة ، س ٥ ، قال : «ويغسل الإناء من سائر النجاسات ثلاث مرات» الى آخره. وفي الخلاف : ج ١ ، ص ٤٥ ، كتاب الطهارة ، مسألة ١٣٨ ، قال : «يغسل الإناء من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلاث مرات».

٢٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

واختاره المصنّف في الكتابين (١) ، والعلامة في القواعد (٢).

وظاهر المفيد (٣) ، وتلميذه (٤) ، وابن إدريس (٥) : الاكتفاء بالمرّة ، حيث قالوا : والواجب في غسل النجاسات كلّها مرّة إلّا الولوغ والمسكر.

وهو صريح المصنّف في المعتبر (٦) ، والعلّامة في المختلف (٧).

(د) : مطلق النجاسة : فالأكثر على الاكتفاء بالمرّة ، وهو قول المفيد (٨) ، وسلّار (٩) ، وابن إدريس (١٠) ، والمصنّف (١١) ، والعلّامة (١٢) وقال الشيخ (١٣) ، وأبو علي (١٤) ، بالثلاث.

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، ص ٥٦ ، الركن الرابع في النجاسات ، القول في الآنية ، قال : «ومن الخمر والجرذ ثلاثا بالماء».

وفي المعتبر : ص ١٢٨ ، س ١٣ ، كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، قال : «مسألة ، ويغسل لموت الجرذ ثلاثا والسبع أفضل».

(٢) تقدم آنفا.

(٣) المقنعة : ص ٩ ، س ٣٠ ، باب المياه وأحكامها ، قال : «وليس حكم غير الكلب كذلك ، بل يهرق ما فيه ويغسل مرة واحدة بالماء».

(٤) المراسم : ص ٣٦ ، س ١٥ ، ذكر ما يتطهر به وهو المياه ، قال : «ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات الى ان قال : ويغسل من غير ذلك مرة واحدة».

(٥) السرائر : ص ١٥ ، س ٣٤ ، قال في سائر النجاسات : «والذي عليه الاتفاق والإجماع مرة واحدة مع إزالة عين النجاسة».

(٦) المعتبر : ص ١٢٨ ، س ١٨ ، كتاب الطهارة ، في أحكام الأواني ، قال : مسألة «ويغسل الإناء من سائر النجاسات مرة ، والثلاث أحوط»

(٧) المختلف : ص ٦٤ ، س ٢٤ ، كتاب الطهارة ، في أحكام النجاسات ، قال بعد نقل قول الشيخ : «والأقرب عندي ان الواجب بعد إزالة العين غسله مرة واحدة في الجميع».

(٨ و ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣ و ١٤) تقدم كل ذلك آنفا مع الاستناد بكلماتهم قدس الله أسرارهم.

٢٧٠

ومن الخمر والفأرة ثلاثا ، والسبع أفضل.

ومن غير ذلك مرّة ، والثلاث أحوط.

______________________________________________________

احتجّ الأوّلون : بان الأمر بالغسل مطلق ، فيكفي فيه المرّة ، ولأنّ المقتضي للطهارة موجود والمانع منتف فيجب القول بالطهارة. أما وجود المقتضي فهو زوال عين النجاسة ، لأنّا نتكلم على تقديره. وأما انتفاء المانع ، فلأنّ المانع من الاستعمال انّما هو النجاسة ، وقد زالت بالغسل. ولما رواه عمّار بن موسى عن الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن الدن (١) ، يكون فيه الخمر ، هل يصحّ أن يكون فيه الخل أو الكامخ (٢) أو زيتون أو يكون فيه ماء؟ قال : إن غسل فلا بأس (٣)

احتجّ الشيخ : بما رواه عمّار الساباطي عن الصادق (عليه السلام) قال : سئل عن الإناء والكوز تكون قذرا كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟ قال : ثلاث مرّات ، يصبّ فيه الماء ويحرّك ، ثمَّ يفرغ ، ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك ، ثمَّ يفرغ ، ثمَّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك ، ثمَّ يفرغ ، وقد طهر (٤).

وأجيب : بضعف السند.

قال طاب ثراه : ومن غير ذلك مرّة واحدة. (٥) والثلاث أحوط.

أقول : تقدّم البحث في هذه المسألة بلا فصل.

__________________

(١) الدن : واحد الدنان ، وهي الحباب. مجمع البحرين : ج ٦ ، ص ٢٤٨.

(٢) الكامخ بفتح الميم وربما كسرت : الذي يؤتدم به ، معرب ، والجمع كوامخ ، مجمع البحرين : ج ٢ ص ٤٤١.

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٨٣ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، حديث ١١٧.

(٤) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٨٤ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، حديث ١١٩ ، وفيه : اختلاف يسير في العبارة.

(٥) هكذا في الأصل : ولكن في المتن بدون كلمة «واحدة» فراجع.

٢٧١
٢٧٢

كتاب الصلاة

٢٧٣
٢٧٤

كتاب الصلاة

والنظر في المقدّمات والمقاصد

والمقدّمات سبع :

الاولى في الأعداد والواجبات تسع : الصلوات الخمس ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه. وما سواه مسنون.

والصلوات الخمس : سبع عشرة ركعة في الحضر ، وإحدى عشرة ركعة في السفر.

______________________________________________________

بسم الله الرّحمن الرحيم

كتاب الصلاة

الصلاة لغة : الدعاء ، قال الله سبحانه (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (١) أي : وادع لهم ، وفي الحديث «من دعي إلى طعام فليجب ، ومن كان صائما فليصلّ» (٢) أي فليدع لأهل الطعام.

وقال الشاعر :

__________________

(١) سورة التوبة : ١٠٣.

(٢) عوالي اللئالي : ج ٤ ، ص ٣٧ ، ح ١٢٤ ، شطر منه فقط.

٢٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

عليك مثل الذي صلّيت فاغتمضى

نوما فإنّ بجنب المرء مضطجعا (١)

وتسمّى السبحة ، بضم السين المهملة وفتح الباء المنقّطة بواحدة من تحت.

واستعمالها في النافلة أظهر من استعمالها في الفريضة ، روى منصور بن حازم عن الصادق (عليه السلام) إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ، إلّا أنّ بين يديها سبحة (٢).

وشرعا : أذكار معهودة ، مقترنة بحركات وسكنات معيّنة ، مشروطة بالطهارة والقربة. فخرج الطواف وقراءة القران مطلقا ومعيّنا ، وصلاة الجنازة ، ودخلت النافلة. وهذا التعريف لصلاة المختار التي هي الأصل.

وقد يكون ذكرا محضا كصلاة المطاردة والمستلقي ، إذا كان رمد العين.

وقد يكون فعلا محضا كصلاة الأخرس.

وقد يجمعهما كصلاة الصحيح.

وهي : واجبة بالكتاب والسنة والإجماع.

اما الكتاب : فقوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (٣) (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (٤) (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) (٥) (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) (٦) فقرن الأمر بها مع الأمر بالإيمان.

__________________

(١) الشعر للأعشى ، والظاهر انه أعشى قيس ويقال له : الأعشى الكبير ، وكان من شعراء الجاهليّة وفحولهم. وقبله :

تقول بنتي وقد قيضيت مرتحلا

يا رب جنّب أبي الأوصاب والوجعا

(٢) الكافي : ج ٣ ، ص ٢٧٦ ، كتاب الصلاة ، باب وقت الظهر والعصر ، قطعة من حديث ٤.

(٣) سورة البقرة : ٤٣ و ١١٠.

(٤) سورة البقرة : ٤٥.

(٥) سورة البقرة : ٢٣٨.

(٦) سورة البيّنة : ٥.

٢٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

واما السنّة : فكقول النبي (صلّى الله عليه وآله) : «انّما مثل الصلاة من الدين مثل العمود من الفسطاط ، إذا قام العمود نفعت الأطناب والأوتاد ، وإذا سقط العمود لم تنفع الأطناب والأوتاد» (١).

وقال (عليه السلام) «بني الإسلام على خمس الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية» (٢).

وقال (عليه السلام) : «خمس صلوات افترضهنّ الله على عباده ، فمن جاء بهنّ لم ينتقص منهنّ شيئا ، جعل الله له عهدا يوم القيامة أن يدخله الجنّة» (٣).

وقال (عليه السلام) : «ليس منّي من استخفّ بصلاته ، لا يرد علي الحوض ، لا والله ، لا والله ، ليس منّي من شرب مسكرا ، لا يرد علي الحوض ، لا والله ، لا والله (٤).

وقال (عليه السلام) : «أوّل ما ينظر في عمل العبد يوم القيامة في صلاته ، فان قبلت نظر في غيرها من عمله ، وإن لم يقبل لم ينظر من عمله في شي‌ء» (٥).

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ٦٤ ، حديث ١ ، وفيه «ارتفعت الأطناب. ولم تنفع الأوتاد». وقريب منه ما ورد في الفقيه : ج ١ ص ١٣٦ حديث ١٨ ، باب فضل الصلاة.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١ ، حديث ٨ ، باب دعائم الإسلام ، وهكذا حديث ٣ و ٥ و ١ ، وتمام الحديث : «ولم يناد بشي‌ء كما نودي بالولاية».

(٣) سنن البيهقي : ج ١ ، باب فرائض الخمس ، ص ٣٦١ ، ولفظ الحديث «خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على عباده فمن وافى بهن ولم يضيعهن كان له عند الله عهدا ان يغفر له وان يدخله الجنة. ومن لم يواف بهن استخفافا بحقهن ، فليس له عند الله عهد ، ان شاء عذبه وان شاء غفر له» ورواه في عوالي اللئالي ، ج ٣ ، باب الصلاة ، ص ٦٤ ، حديث ٣ ، كما في المتن.

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ١٣٢ ، باب فرض الصلاة ، حديث ١٨ ، وفيه جملة (لا والله) مرة واحدة.

(٥) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، أبواب الزيادات ، باب فضل الصلاة والمفروض منها والمسنون ، قطعة من حديث ٥ ، بتفاوت يسير في العبارة.

٢٧٧

ونوافلها : أربع وثلاثون ركعة على الأشهر في الحضر.

ثمان : للظهر قبلها ، وكذا العصر ، وأربع للمغرب بعدها ، وبعد العشاء ركعتان من جلوس تعدّان بواحدة ، وثمان للّيل ، وركعتان للشفع ، وركعة للوتر ، وركعتان للغداة. ويسقط في السفر نوافل الظهرين ،

______________________________________________________

وقال الصادق (عليه السلام) (شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة) (١).

وأمّا الإجماع : فمن سائر المسلمين ، حتّى أن مستحلّ تركها كافر.

قال طاب ثراه : ونوافلها أربع وثلاثون ركعة على الأشهر.

أقول : أطبق الأصحاب على أنّ الفرض والنفل في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة. وبه روايات كثيرة إجمالا وتفصيلا.

فمن الأوّل : روايات :

(ألف) : رواية الفضيل بن يسار ، والفضل بن عبد الملك ، وبكير قالوا : سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يصلّي من التطوّع مثلي الفريضة ، ويصوم من التطوّع مثلي الفريضة (٢).

(ب) : رواية إسماعيل بن سعد الأحوص القمّي قال : قلت للرضا (عليه السلام) : كم الصلاة من ركعة؟ قال : أحد وخمسون ركعة (٣).

(ج) : رواية الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : الفريضة والنافلة أحد وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة ، والنافلة أربع وثلاثون (٤).

ومن الثاني : روايات كثيرة لا نطول بذكرها الكتاب ، وهي مختلفة في التسمية

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ، ص ١٣٣ ، باب ٢٩ ، فرض الصلاة ، حديث ١٩ ، وفيه : «انّ شفاعتنا».

(٢) الكافي : ج ٣ ، ص ٤٤٣ ، كتاب الصلاة ، باب صلاة النوافل ، حديث ٣.

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣ ، باب المسنون من الصلاة ، حديث ١.

(٤) الكافي : ج ٣ ، ص ٤٤٣ ، كتاب الصلاة ، باب صلاة النوافل ، قطعة من حديث ٢ ، وفيه : «وهو قائم».

٢٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

على ثلاثة أنحاء

(ألف) : الذي عليه عمل الطائفة ، وهو ما رواه الحارث بن المغيرة النصري قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : صلاة النهار ست عشرة ركعة ، ثمان إذا زالت الشمس ، وثمان بعد الظهر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، يا حارث لا تدعهنّ في سفر ولا حضر ، وركعتان بعد العشاء الآخرة ، كان أبي يصلّيهما وهو قاعد ، وأنا أصلّيهما وأنا قائم ، وكان يصلّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثلاث عشر ركعة من الليل (١).

(ب) : قال أبو علي بن الجنيد : ثمان قبل الظهر وست بعدها ، وركعتان قبل الصلاة (٢) ، وساق الكلام وهو رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر ، وست ركعات بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا ، والقيام أفضل ، ولا تعدّهما من الخمسين ، وثمان ركعات من آخر الليل ، تقرأ في صلاة الليل بـ (قل هو الله أحد) و (قُلْ يا أيُّهَا الكافِرُون) في الركعتين الأوّلتين ، وتقرأ في سائرها ما أحببت من القرآن ، ثمَّ الوتر ثلاث ركعات تقرأ فيها قل هو الله أحد وتفصل بينهنّ بتسليم ، ثمَّ الركعتان اللتان قبل الفجر ، تقرأ في الأولى منهما (قل يا أيّها الكافرون) وفي الثانية (قل هو الله أحد) (٣).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٤ ، باب ١ ، المسنون من الصلاة ، حديث ٥.

(٢) ما نقله في المختلف عن ابن الجنيد هكذا : وقال ابن الجنيد : يصلى قبل الظهر بعد الزوال ثمان ركعات ، وثمان ركعات بعدها منها ركعتان نافلة العصر» الى آخره لاحظ المختلف ، باب باقي الصلوات ، ص ١٢٣ ، س ٣٣.

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٥ ، كتاب الصلاة ، باب ١ ، المسنون من الصلوات ، حديث ٨.

٢٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) : ما رواه البزنطي أحمد بن محمد بن نصر قال : قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إنّ أصحابنا يختلفون في صلاة التطوّع ، بعضهم يصلّي أربعا وأربعين ، وبعضهم يصلّي خمسين ، فأخبرني بالذي تعمل به أنت حتى أعمل بمثله؟

فقال : أصلّي واحدة وخمسين ركعة ، ثمَّ قال : أمسك ، وعقد بيده الزوال ثمانيا ، وأربعا بعد الظهر ، وأربعا قبل العصر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين قبل عشاء الآخرة ، وركعتين بعد العشاء من قعود تعدّان بركعة من قيام ، وثمان صلاة الليل ، والوتر ثلاثا ، وركعتي الفجر. والفرائض سبع عشرة فذلك أحد وخمسون ركعة (١).

فقد اشتركت هذه الروايات الثلاثة في الدلالة على اتّحاد العدد والوضع ، واختلفت على ثلاثة أنحاء كما رأيت.

ويظهر الفرق بين النحو الأوّل والأخيرين في فصلين.

(ألف) : في النذر ، فانّ الإنسان إذ أنذر أن يصلّي نافلة العصر ، وجب على الأوّل ثمان ركعات ، وعلى الثاني ركعتان ، وعلى الثالث أربع ، وكذا لو نذر نافلة المغرب وجب على الأوّل والثاني أربع ، وعلى الثالث ركعتان.

(ب) : في مزاحمة الأوقات. فإن نافلة العصر إلى أربعة أقدام ، أو صيرورة الظلّ مثليه على الخلاف ، فاذا بلغ ذلك القدر ولم يكن تلبّس بركعة ، قضى بعد العصر ثمانيا على الأوّل واثنتين على الثاني ، وأربعا على الثالث. وكذا الكلام في نافلة المغرب ، فانّ وقتها قبل ذهاب الشفق إجماعا ، فمتى بلغ ذلك ولم يكن صلّاها فقضاها بعد العشاء ، فقضى أربعا على الأوّل والثاني ، وركعتين على الثالث ، ويصلّي ركعتين قبل العشاء مطلقا.

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٤٤٤ ، كتاب الصلاة ، باب صلاة النوافل ، حديث ٨ ، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

٢٨٠