المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

ولبول الصبي سبع ، وفي رواية ثلاث. ولو كان رضيعا فدلو واحد. وكذا في العصفور وشبهه.

______________________________________________________

وقال ابن إدريس : حد تفسّخها انتفاخها (١) وغلّطه المصنّف (٢)

واعلم : أنّ الروايات خالية من لفظ (الانتفاخ) وانما هو شي‌ء ذكره المفيد (٣) وتبعه الآخرون.

وقال المصنّف : ولم أقف به على شاهد (٤).

قال طاب ثراه : ولبول الصبي سبع ، وفي رواية ثلاث.

أقول : البول على ثلاثة أقسام.

الأوّل : بول الرّجل وفيه روايات.

(ألف) : الماء كلّه : وهو في رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في البئر يبول فيها الصبي ، أو يصبّ فيها بول أو خمر؟ قال : ينزح الماء كلّه (٥).

(ب) : أربعون : وهو فتوى الجمهور من الأصحاب ، ومستنده رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر؟

__________________

(١) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ١١ ، س ٣٦ ، ولفظه : (وينزح للفأرة إذا تفسخت ، وحد تفسخها انتفاخها ، سبع دلاء).

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة ، في المنزوحات ، ص ١٧ ، س ١٨ ، ولفظه : (وقال بعض المتأخرين تفسخها ، انتفاخها ، وهو غلط).

(٣) المقنعة : باب تطهير المياه من النجاسات ، ص ٩ ، س ١٩ ، قال : (فان تفسخت فيها ، أو انتفخت) إلخ.

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة ، في المنزوحات ، ص ١٧ ، س ٢٤ ، قال : (واما الانتفاخ فشي‌ء ذكره المفيد رحمه الله وتبعه الآخرون ولم أقف له على شاهد).

(٥) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤١ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٢٧ ، وفيه «فقال».

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

فقال : دلو واحد. قلت : بول الرجل؟ قال : ينزح منها أربعون دلوا (١).

(ج) : ثلاثون : وهي رواية كردويه المتقدّمة (٢).

الثاني : بول الصبي ، وفيه روايات.

(ألف) : الكل ، وهو في رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة (٣).

(ب) : سبع دلاء : وهو مذهب الشيخ (٤) ، وتبعه القاضي (٥) ، وابن حمزة وابن زهرة (٦) ، وهو في رواية سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم قال : حدثني عدّة من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ينزح منها سبع دلاء إذا بال فيه الصبي ، أو وقعت فيها فأرة أو نحوها (٧).

(ج) : ثلاث دلاء ، وهو اختيار المرتضى ، وابني بابويه (٨).

الثالث : بول الرضيع ، وهو المعبّر عنه بالفطيم! في الروايات ، وفيه أقوال :

(ألف) : ثلاث دلاء : وهو قول أبي الصلاح (٩) وابن زهرة (١٠)

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤٣ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٣١.

(٢) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤١ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٢٩.

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤١ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٢٧.

(٤) قال في النهاية : ص ٧ ، س ٥ ، «وإذا بال فيها رجل نزح منها أربعون دلوا ، فان بال فيها صبي نزح منها سبع دلاء».

(٥) المهذب : مياه الابار ، ص ٢٢ ، س ١٢ ، قال : «واما السبع» الى ان قال : «وبول كل صبي أكل الطعام».

(٦) المختلف : باب المياه ، ص ٧ ، س ٣٦ ، قال : «فان كان صبيا قد أكل الطعام قال الشيخان ، وأبو الصلاح ، وابن زهرة ، وابن البراج : ينزح منها سبع دلاء».

(٧) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤٣ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٣٢.

(٨) المختلف : في الفصل الثالث من باب المياه من كتاب الطهارة ، ص ٧ ، س ٣٦ ، ولفظه : (وقال ابنا بابويه : ثلاثة دلاء ، وهو اختيار السيد المرتضى).

(٩) الكافي في الفقه لأبي الصلاح : ص ١٣٠ ، س ١٦ ، قال : «ولبول الصبي الرضيع ثلاث دلاء».

(١٠) المختلف : باب المياه ، ص ٧ ، س ٣٧ ، قال : «وقال أبو الصلاح وابن زهرة لبول الصبي الرضيع ثلاث دلاء».

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) : دلو واحد : وهو مذهب الشيخين (١) ، وتبعهما القاضي (٢).

(ج) : قال سلّار : لبول الصبي سبع دلاء ، ولم يفصّل. ولعلّه تمسّك برواية سيف (٣).

تنبيه

المراد بالرضيع : من لم يغتذّ بالطعام ، سواء نقص عن الحولين أو بلغهما. ومن اغتذى بالطعام نزح لبوله سبع ، سواء كان في الحولين أو بعدهما.

وقال ابن إدريس : المراد بالرّضيع من كان في الحولين وإن اغتذى بالطعام.

ومن جاوز الحولين ينزح لبوله سبع وان لم يغتذّ بالطعام (٤).

فرع

لا تفصيل في بول النساء بين الصغيرة والكبيرة. وما ذا يجب له؟ ثلاث احتمالات :

(ألف) : الكل : لعدم النص عليه تعيينا ، ولدخوله في عموم رواية معاوية بن

__________________

(١) اي المفيد في المقنعة : باب تطهير المياه من النجاسات ، ص ٩ ، س ٢٢ ، قال : «فان بال فيها رضيع لم يأكل الطعام بعد ، نزح منها دلو واحد» ، والطوسي في النهاية : باب المياه وأحكامها ، ص ٧ ، س ٦ ، قال : «فان كان رضيعا لم يأكل الطعام نزح منها دلو واحد».

(٢) المهذب : ج ١ ، ص ٢٢ ، س ١٨ ، قال : «واما الدلو الواحد» إلى أن قال : «وبول كل صبي لم يأكل الطعام».

(٣) المراسم : ذكر ما يتطهر به وهو المياه ، ص ٣٦ ، س ٣ ، قال : «ولبول الصبي فيها».

(٤) السرائر : في مياه الابار ، ص ١٢ ، س ٥ ، نقلا بالمعنى.

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

عمّار (١).

(ب) : أربعون : قاله ابن إدريس (٢).

(ج) : ثلاثون : قاله المصنّف في المعتبر (٣) لرواية كردويه عن أبي الحسن (عليه السلام) في البئر يقع فيها دم ، أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر؟ قال : ينزح منها ثلاثون دلوا (٤).

واعلم : أنّ ما لم يرد فيه تعيين ، لأصحابنا فيه قولان :

أحدهما : وجوب نزح الكل ، وهو الذي قوّاه الشيخ في المبسوط (٥) ، وهو مذهب ابن إدريس (٦) ، واختاره المصنّف (٧).

والثاني : وجوب أربعين ، وهو اختيار ابن حمزة (٨).

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤١ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٢٧.

(٢) السرائر : في مياه الابار ، ص ١٢ ، س ٧ ، قال : «فاما بول النساء فقسم واحد ، سواء كن كبائر أو صغائر ، رضائع أو فطائم» انتهى.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ١٦ ، س ٢٠ ، قال : «ولا تفصيل في بول النساء ، بل بول الصغيرة والكبيرة سواء يجب منه ثلاثون دلوا ، لرواية كردويه».

(٤) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤١ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٢٩ ، وفيه : «يقع فيها قطرة دم».

(٥) المبسوط : كتاب الطهارة ، ص ١٢ ، س ١٠ ، «وكل نجاسة تقع في البئر وليس فيها مقدر منصوص فالاحتياط يقتضي نزح جميع الماء ، وان قلنا بجواز أربعين دلوا منها» إلخ.

(٦) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ١٣ ، س ١.

(٧) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الخامس من المنزوحات ، ص ١٩ ، س ١١ ، وقال في آخر الفرع : «فالأولى نزح مائها أجمع».

(٨) المختلف : الفصل الثالث من باب المياه من كتاب الطهارة ، ص ٩ ، س ٢٦ ، في مسألة النجاسة التي لم يرد فيها نص ، قال : (وقال ابن حمزة : ينزح منها أربعون دلوا).

١٠٤

ولو غيّرت النجاسة مائها ، تنزح كلّها ولو غلب الماء ، فالأولى أن تنزح حتّى يزول التغيّر ، ويستوفي المقدّر.

______________________________________________________

فبول المرأة لم يرد فيه نصّ على التعيين ، فبعضهم أوجب له الكلّ ، وبعضهم أربعين. فابن إدريس والمصنّف جعلاه من باب المنصوص ، لكن اختلفا. فالمصنّف جعله من قبيل البول مطلقا وأوجب له ثلاثين لرواية كردويه ، واستحب نزح الجميع لرواية معاوية وقد تقدمتا (١).

وابن إدريس جعله من قبيل تناول النصّ العام له ، فإن المرأة إنسان ، والحكم متعلّق ببول الإنسان (٢).

وهو ضعيف ، لأنّ الروايات خالية من ذكر الإنسان ، بل وعبارات الأصحاب أيضا ، وانّما علّقوا الحكم ببول الرجل أو الصبي ، وفي بعض الروايات والفطيم ، وهي خالية من ذكر الرضيع ، بل هو في عبارات الأصحاب. ولا فرق بين بول المسلم والكافر.

قال طاب ثراه : ولو غيّرت النجاسة مائها تنزح كلّها ، ولو غلب الماء فالأولى ان تنزح حتّى يزول التغيّر ويستوفي المقدّر (٣).

أقول : اختلف الأصحاب هنا على خمسة أقوال :

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ١٦ ، س ٢١ و ٢٢ ، ثمَّ قال : «وقال بعض المتأخرين : ينزح لبول المرأة أربعون لأنها إنسان. ونحن نسلم أنها إنسان ونطالبه اين وجد الأربعين معلّقة على بول الإنسان. ولا ريب انه وهم».

(٢) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ١٢ ، ص ٩ ، نقلا بالمعنى.

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة. ولكن عبارة المعتبر ، ص ١٨ ، س ٢٤ ، هكذا (ولو غيرت النجاسة مائها ، نزح. ولو غلب فالأولى حتى يزول التغيّر ويستوفي المقدر).

ثمَّ قال في توجيه العبارة : س ٢٥ ، «فاعل (غلب) مضمر ، وهو عائد على الماء. و (الأولى) مبتدأ وخبره محذوف ، تقديره فالأولى النزح» الى آخره.

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ألف) : نزح الماء كلّه : فان تعذّر لغزارته ، تراوح عليها أربعة رجال يوما. وهو اختيار الصدوق (١) ، والمرتضى ، وسلّار (٢).

(ب) : نزح الماء : فان تعذّر ، نزح حتى يطيب ، وهو اختيار الشيخ في النهاية والمبسوط (٣).

(ج) : نزحها حتى يزول التغيير ، من غير تعرّض لنزح الكلّ ، قاله التقي ، والحسن ومن قال بمقاله (٤).

(د) : التفصيل : وهو أنّ النجاسة إن كانت منصوصة المقدّر ، نزح المقدّر ، فان زال التغير ، وإلّا نزح حتى يزول. وإن لم تكن منصوصة المقدّر ، نزحت أجمع ، فإن تعذّر تراوح عليها أربعة يوما ، وهو اختيار ابن إدريس (٥).

(ه) : ازالة التغيير أولا وإخراج المقدّر بعده ، إن كان لها مقدّر. وإن لم يكن لها مقدّر وتعذّر استيعاب مائها ، ينزح حتى تطيب ، وهو اختيار المصنّف في المعتبر (٦) وفي الشرائع رجّح التراوح (٧).

واحتجّ على الأوّل : بأنّ المقدّر يجب إخراجه وان لم يتغيّر الماء ، فمع التغير لا

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ، ص ١٣ ، باب ١ ، المياه وطهرها ونجاستها ، ذيل حديث ٢٤.

(٢) المختلف : الفصل الثاني من باب المياه من كتاب الطهارة ، ص ٥ ، س ٧.

(٣) المبسوط : ج ١ ، ص ١١ ، كتاب الطهارة ، س ١٠ ، نقلا بالمضمون.

والنهاية : كتاب الطهارة ، ص ٧ ، س ١٥ ، ولفظ الثاني : (ومتى وقع شي‌ء من النجاسة في البئر ، أو مات فيها شي‌ء من الحيوان ، فغير لونه أو طعمه أو رائحته وجب نزح جميع ما فيها من الماء ، فان تعذر ذلك ، نزح منها الى ان يرجع الى حال الطهارة).

(٤) المختلف : الفصل الثاني من باب المياه ، من كتاب الطهارة ، ص ٥ ، س ٨ ، نقلا بالمضمون.

(٥) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ١٠ ، س ٧ ، نقلا بالمعنى.

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ١٨ ، س ٢٤ ، الى قوله : فروع.

(٧) الشرائع : كتاب الطهارة ، في الفرع الثالث من فروع ماء البئر ، ج ١ ، ص ١٤.

١٠٦

ولا ينجس البئر بالبالوعة وان تقاربتا ما لم تتّصل نجاستها ، لكن يستحب تباعدهما قدر خمسة أذرع إن كانت الأرض صلبة ، أو كانت البئر فوقها ، وإلّا فسبع.

وأمّا المضاف : فهو ما لا يتناوله الاسم بإطلاقه ، ويصحّ سلبه عنه ، كالمعتصر من الأجسام والمصعّد ، والممزوج بما يسلبه الإطلاق. وكلّه طاهر ، لكن لا يرفع حدثا.

______________________________________________________

يسقط. ومقدّر التغيّر زواله ، بان يطيب الماء فيجب المقدّران ، لأصالة عدم التداخل. ولأنه تمسّك بظاهر الروايات الموجبة للتقدير ، والتغيّر لا ينافيه ، فلا يسقط حكمهما.

وعلى الثاني : بأن تغيّر الماء يدلّ على غلبة النجاسة عليه وقهرها لما فيه من قوّة التطهير فلا تطهر بإخراج بعضه ، فيجب نزحه أجمع مع إمكانه ، لما رواه معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام). فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر (١)

ومع تعذّره ينزح حتّى يطيب ، لما رواه ابن بزيع عن الرضا (عليه السلام) قال : ماء البئر واسع لا يفسده شي‌ء إلّا أن يتغيّر ريحه أو طعمه فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه لأنّ له مادّة (٢).

وروى سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : وإن أنتن حتّى يوجد ريح النتن في الماء نزحت البئر حتّى يذهب النتن من الماء (٣).

قال طاب ثراه : ولا ينجس البئر بالبالوعة وان تقاربتا إلخ.

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٣٢ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ١.

(٢) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٣٤ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، حديث ٧ ، وفيه : «فينزح منه حتى يذهب».

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٣٦ ، باب ١١ ، تطهير المياه من النجاسات ، قطعة من حديث ١٢.

١٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : القدر الّذي ذكره من التباعد هو المشهور بين الأصحاب. وذهب أبو علي إلى التباعد بسبع أذرع إذا كانت البئر فوق البالوعة ، أو كانت الأرض صلبة. ومع الضّد باثني عشر ذراعا.

وهنا مسائل تسع : لأنّ امتداد البئر والبالوعة إمّا أن يكون في جهة الشمال والجنوب ، أو فيما بين المشرق والمغرب.

القسم الأوّل : ومسائله خمس :

(ألف) : أن تكون الأرض صلبة : فالتباعد بخمس مطلقا.

(ب) : أن تكون رخوة ويتساوى قرارهما ، والبئر في جهة الشمال : فالتباعد بخمس.

(ج) : العكس ، أعني كون البئر في جهة الجنوب : فالتباعد بسبع.

(د) : أن لا يتساوى القراران ، فان كان قرار البالوعة أعلى ، بأن يكون نزولها مثلا قامة ونزول البئر قامتين : فالتباعد بسبع.

(ه) : العكس ، بأن يكون قرار البئر أعلى وقرار البالوعة أسفل ، بأن يكون الماء في البئر حاصلا من عين مرتفعة : فالتباعد بخمس.

الثاني : أن يكون امتدادهما فيما بين المشرق والمغرب ، ومسائله أربع.

(ألف) : أن تكون الأرض صلبة : فالتّباعد بخمس مطلقا.

(ب) : أن تكون رخوة ويعتدل القراران ، أي منتزع ماء البئر وقرار ماء البالوعة : فالتباعد بسبع.

(ج) : أن تكون البالوعة أعلى : فالتباعد بسبع.

(د) : العكس بأن يكون منتزع ماء البئر من مرتفع عن قرار البالوعة : فالتباعد بخمس. فالساقط من مسائل القسم الأوّل واحدة. وهو اعتدال القرارين مع رخاوة الأرض وكون البئر في جهة الشمال.

١٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فاعلم ذلك فإنّه من خواص هذا الكتاب.

فروع

(ألف) : لو جفّت البئر سقط النزح ، لتعلّقه بالماء الذاهب والعائد متجدّد ، فيكون على أصل الطهارة.

(ب) : لو جرى إليها الماء المتّصل بالجاري ، لم تطهر عند المصنّف. لان الحكم متعلّق ، بالنزح ولم يحصل (١) ، وبالطهارة.

قال العلّامة ، وفي اشتراط اعتدال السطوح قولان ، وكذا لو وقع عليها ماء الغيث ساكبا ، أو القي عليها كر ، طهرت على الأقوى ، وتقييد الأصحاب والنصوص بالنزح لان ذلك هو الأغلب. إذا البئر غالبا إنّما يكون في البيوت وتحت السقوف ومضيق البنيان ، ويتعسّر إلقاء الكر ، أو الاتّصال بالجاري ، ويعزّ وجود الغيث في كلّ وقت ، والنزح أسهل ، وعند المصنّف لا تطهر إلّا بالنزح فقط (٢).

(ج) : لا ينجس جوانب البئر بما يستقى من ماء النزح ، للحرج وتعسّر الاحتراز.

(د) : هل يغسل الدلو بعد النزح؟ قال المصنّف : الأشبه لا. لأنه لو كان نجسا لم يسكت عنه الشرع. ولأنّ الاستحباب في النزح يدلّ عليه ، وإلّا لوجب نجاسة ماء البئر عند الزيادة عليه قبل غسلها ، والمعلوم من عادة الشرع خلافه (٣).

ومعنى قوله : «الاستحباب في النزح يدلّ عليه» إشارة إلى ما ورد من النزح المستحبّ في قولهم : «من ثلاثين إلى أربعين» وحمل الثلاثين على الإجزاء والأربعين على الاستحباب. فلو وجب غسل الدلو بعد النزح لكان بعد الثلاثين منجّسا للماء

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الثامن من فروعات المنزوحات. ص ١٩ ، س ١٦.

(٢) أوردناه فيما تقدم.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع التاسع من فروعات المنزوحات. ص ١٩ ، س ١٧.

١٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بملاقاة الدلو قبل غسلها ، فيكون بالزيادة والاستظهار محدثا لنجاسة البئر ، لا فاعلا مستحبّا ، هذا خلف.

(ه) : تطهر عند مفارقة آخر الدلاء لوجه الماء. لأنّ الطهارة بالنزح ، وقد حصل عند مفارقة الماء ، فلا أثر لخروج الدلو من البئر.

(و) : المتقاطر عفو.

(ز) : هل يجزئ النساء والصبيان في التراوح؟ قال المصنّف : إن اعتبرنا القوم أجزأ ، وإن اعتبرنا الرجال لم يجز (١).

وقطع الشهيد في الذكرى بالإجزاء (٢) وكذا العلّامة في التذكرة (٣).

(ح) : لو نزح اثنان نزحا متواليا يوما قال المصنّف : فيه تردّد ، أشبهه أنّه لا يجزئ (٤) واستقرب العلّامة الإجزاء (٥).

(ط) : لو اتخذ آلة عظيمة تسع العدد ، لم يجز. لأن تكرار الاستقاء واضطراب الأرشية ربّما كان له مدخل في التطهير بتموّج الماء واستهلاكه النجاسة الشائعة فيه. واختاره المصنّف لأنّ الحكمة تعلّقت بالعدد ، ولا يعلم حصولها مع عدمه (٦) ، و

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الثاني من فروع المنزوحات ، ص ١٩ ، س ٢.

(٢) الذكرى : في الفرع الخامس من فروع العارض الثالث ، ص ١٠ ، س ١٠ ، ولفظه (لا يعتبر في النازح الإسلام ولا البلوغ ، ولا الذكورية ، إلّا في التراوح. للفظ القوم ، الى ان قال : بل ولا الإنسانية ، فيكفي القرب إلخ).

(٣) تذكرة الفقهاء : ج ١ ، كتاب الطهارة ، في الفرع الرابع من فروعات منزوحات البئر ، ص ٤ ، س ٣٦.

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الثاني من فروع المنزوحات ، ص ١٩ ، س ٣.

(٥) تذكرة الفقهاء : ج ١ ، كتاب الطهارة ، في الفرع الرابع من فروعات منزوحات البئر ص ٤ ، س ٣٦ ، ولفظه (ولا بد من اثنين اثنين. ولو نهض القويان بعمل الأربعة فالأقرب الإجزاء)

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الأول من فروع المنزوحات ، ص ١٩ س ١.

١١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

استقرب العلّامة في القواعد الإجزاء (١) ، وفي التحرير عدمه (٢).

(ى) : لا يجب غسل الدلو قبل النزح ، إلّا أن ينجس بملاقاة خارج.

(يا) : تجزئ مسمّى اليوم وإن قصر ، ولا يجب تحرّي الأطول.

(يب) : يجوز لهم الصلاة جماعة ، والاجتماع في الأكل ، لأنّهما مستثنيان عرفا.

(يج) الخفّاش داخل في قسم الطير لشمول اللّفظ له ، ويسمّى الوطواط.

(يد) : الثّماد حكمه حكم البئر ، ويحتمل حكم الكثير ، وهو أقوى ، ولا ينجس ما لم يتغيّر ، للقطع باتصاله ، فهو كالجاري.

(يه) : المواضع المستقلّة حكمها حكم الغدير.

(يو) : اختلف ألفاظ الأصحاب في تحديد اليوم. فقال المفيد : من أوّل النّهار إلى آخره (٣) وقال ابن بابويه ، والمرتضى : من غدوة إلى الليل (٤) ، وقال الشيخ : من غدوة إلى العشيّ (٥).

قال المصنّف : ومعاني هذه الألفاظ متقاربة فيكون النزح من طلوع الفجر إلى غروب الشمس أحوط ، لأنه يأتي على الأقوال (٦).

__________________

(١) القواعد : كتاب الطهارة ، في الفرع الثالث من الفصل الرابع في تطهير المياه النجسة ، ص ٦ ، س ١٣ ، وفيه (الحوالة في الدلو على المعتاد ، فلو اتخذ آلة تسع العدد فالأقرب الاكتفاء).

(٢) التحرير : كتاب الطهارة ، في الفرع السادس من المقصد الأول من المياه ، ص ٥ ، س ٩ ، وفيه (فلو اتخذ دلوا عظيما تسع العدد ، فالأقرب عدم الاكتفاء به).

(٣) المقنعة : باب تطهير المياه من النجاسات ، ص ٩ ، س ٢٠.

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ١٣ ، باب المياه ، وطهرها ونجاستها ، ذيل حديث ٢٤ ، وفيه «من الغدو الى الليل» وفي المعتبر ، كتاب الطهارة ص ١٤ ، س ١٧ ، نقلا عن ابن بابويه وعلم الهدى.

(٥) النهاية : كتاب الطهارة ، ص ٦ ، س ١٥ ، وفيه (من الغداة إلى العشي)

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ، في المنزوحات ، ص ١٤ ، س ١٧.

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

(يز) : قال الصهرشتي (١) شارح كتاب النهاية : كلّ طائر في حال صغره ينزح له دلو واحد ، كالفرخ. لانّه يشابه العصفور (٢) ، والمشهور عدم الفرق بين الصغير والكبير. وقال الراوندي : يشترط أن يكون ـ صغير الطير الّذي يجب له دلو ـ مأكول اللحم ، احترازا عن الخفّاش فإنّه نجس (٣) والكبرى ممنوعة ، ولا شاهد له على الصغرى.

(يح) : لو صبّ الدلو الأوّل في البئر ، أو الأوسط ، لم يحسب من العدد. ولو صبّ الأخير ، قال العلّامة في التحرير : الأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ ، إن زاد على الأربعين (٤). ولم يفرّق الشهيد في الذكرى بين الأوّل والأخير ، للأصل (٥).

(يط) : انّما يعتبر الدلو في النزح المعدود ، دون المزيل للتغيّر ، حيث لا مقدّر ، أو كان وأسقطنا اعتباره. وكذا لا يعتبر النازح ، فيجزئ النساء والصبيان ، والنزح ليلا ، وإن كان واحدا ضعيفا لانّ المقصود حينئذ هو زوال التغيّر.

تنبيه

اعلم أنّ ماء البئر قد امتاز عن غيره من المياه بخاصّتين :

(ألف) : أنّه لا يعتبر فيه القلّة والكثرة عند الفريقين.

(ب) : أنّه عند الحكم بنجاسته يطهر بالتقليل منه ، وغيره بالتكثير عليه.

__________________

(١) الشيخ نظام الدين ابي الحسن سليمان بن الحسن بن سليمان الصهرشتي ، من تلامذة الشيخ الطوسي وله تصانيف.

(٢) نقله عنه في المعتبر : كتاب الطهارة ، في المنزوحات ، ص ١٨ ، س ٢.

(٣) نقله عنه في المعتبر : كتاب الطهارة ، في المنزوحات ، ص ١٨ ، س ٣ ، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٤) التحرير : في الفرع الثالث عشر من فروعات المقصد الأول في المياه ، ص ٥ ، س ١٤.

(٥) الذكرى : في الفرع السادس عشر من فروع العارض الثالث ، ص ١٠ ، س ٢٣.

١١٢

وفي طهارة محل الخبث به قولان : أصحّهما المنع ، وينجس بالملاقاة وإن كثر.

وكلّ ما يمازج المطلق ولم يسلبه الإطلاق لا يخرج عن إفادة التطهير ، وإن غيّر أحد أوصافه.

وما يرفع به الحدث الأصغر طاهر ومطهّر.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي طهارة محلّ الخبث به قولان : أصحّهما المنع.

أقول : ذهب المرتضى في شرح الرسالة إلى جواز إزالة النجاسة بالمائع الطاهر غير الماء (١) ومثله قال المفيد : في المسائل الخلافيّة (٢) ومنع منه الشيخ وأكثر أصحابنا (٣) ، واختاره المصنّف (٤) ، والعلّامة (٥) ، لما رواه الحسين بن أبي العلاء (٦) وأبي إسحاق ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في البول يصيب الجسد؟ قال : يصبّ عليه الماء مرّتين (٧) ، وروى الحلبي عنه (عليه السلام) في بول الصبي؟ قال : تصبّ عليه الماء (٨). فلو جاز إزالته بغير الماء ، لكان التقييد تضييقا ، لما فيه من الحرج.

__________________

(١) قال في المعتبر : كتاب الطهارة ، في الماء المضاف ، ص ٢٠ ، س ٢٠ ، ما لفظه (وقال علم الهدى رضي الله عنه في شرح الرسالة : يجوز عندنا إزالة النجاسة بالمائع الطاهر غير الماء. وبمثله قال المفيد في المسائل الخلافية).

(٢) قال في المعتبر : كتاب الطهارة ، في الماء المضاف ، ص ٢٠ ، س ٢٠ ، ما لفظه (وقال علم الهدى رضي الله عنه في شرح الرسالة : يجوز عندنا إزالة النجاسة بالمائع الطاهر غير الماء. وبمثله قال المفيد في المسائل الخلافية).

(٣) قال في النهاية : كتاب الطهارة ، ص ٥٢ ، س ٣ ، «وكل هذه النجاسات التي ذكرناها ، فإنه يجب إزالتها بالماء المطلق ، ولا يجوز بغيره» إلخ.

(٤) قال في المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٢٠ ، س ١٨ ، «مسألة وفي طهارة محل الخبث به قولان : أصحّهما المنع».

(٥) وفي المختلف : قال : في الفصل الرابع من باب المياه من كتاب الطهارة ص ١٠ ، س ٢٤ ، مسألة : «اختلف علمائنا في المضاف هل تزول به النجاسة مع اتفاقهم إلّا من شذّ على انه لا يرتفع حدثا. فمنع منه الشيخان ، وسلّار ، وأبو الصلاح إلى ان قال : وهو المشهور من قول علمائنا ، الى ان قال : والحق عندي ما ذهب إليه الأكثر».

(٦) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤٩ ، باب ١٢ تطهير الثياب وغيرها من النجاسات حديث ١ و ٣ وفيهما «صب عليه الماء».

(٧) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤٩ ، باب ١٢ تطهير الثياب وغيرها من النجاسات حديث ١ و ٣ وفيهما «صب عليه الماء».

(٨) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٤٩ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، قطعة من حديث ٢.

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

احتجّ السيد : بما روي عن الصادق (عليه السلام) في المني : إنّ عرفت مكانه فاغسله ، وإلّا فاغسل الثوب (١). فذكر الغسل ولم يذكر الماء. ثمَّ الأصل جواز الإزالة بكلّ مزيل للعين ، فيجب عند الأمر المطلق جوازه ، تمسّكا بالأصل. ثمَّ الغرض إزالة عين النجاسة ، يشهد بذلك ما رواه حكم بن حكيم الصيرفي عن الصادق (عليه السلام) قلت : لا أصيب الماء ، وقد أصاب يدي البول فأمسحه بالحائط أو التراب ، ثمَّ تعرق يدي وأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال : لا بأس به (٢).

وعن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن عليّ (عليه السلام) قال : لا بأس أن يغسل الدم بالبزاق (٣).

والجواب : قوله : (اقتصر على الغسل) (٤) قلنا : يكفي في دلالته على الماء ، لأنّه المعروف عند الإطلاق ، قوله : (والأصل جواز الإزالة) قلنا : حقّ ، كما أنّ الحقّ أن لا منع. فلمّا منع الشرع من الدخول في الصلاة ، توقّف الدخول على إذنه.

وأمّا خبر حكم بن حكيم ، فإنّه مطروح ، لأنّ البول لا يزول عن الجسد بالتراب بالاتّفاق.

وأمّا خبر غياث ، فمتروك ، لان غياث بتري (٥) ضعيف الرواية ، فلا يعمل

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٥١ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، حديث ١٢ ، وفيه (فان خفي عليك مكانه فاغسله كله).

(٢) التهذيب : ج ١ ص ٢٥٠ ، باب ١٢ ، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ، ح ٧ ، وفيه «فأمسّ».

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٤٢٥ ، باب ٢٢ ، باب تطهير البدن والثياب من النجاسات ، حديث ٢٣.

(٤) هكذا في النسخ التي عندي ، والصواب : (فذكر الغسل ولم يذكر الماء).

(٥) قال العلّامة المامقاني في مقباس الهداية في شرح المذاهب الفاسدة ، ص ٨٥ ، ما هذا لفظه : (ومنها البترية بضم الباء الموحدة. وقيل بكسرها ، ثمَّ سكون التاء المثناة من فوق ، فرق من الزيديّة). ثمَّ إنّه بعد

١١٤

وما يرفع به الحدث الأكبر طاهر ، وفي رفع الحدث به ثانيا قولان : المروي : المنع.

______________________________________________________

على ما ينفرد به. ولو صحّت نزلت علي جواز الاستعانة في غسله بالبصاق ، لا لتطهير المحل به منفردا ، فانّ جواز غسله به لا يقتضي طهارة المحل ، ولم يتضمّن ذلك ، والبحث ليس إلّا فيه.

قال طاب ثراه : ما يرفع به الحدث الأكبر طاهر. وفي رفع الحدث به ثانيا؟ قولان : المروي : المنع.

أقول : المنع مذهب الشيخ (١) ، والفقيهين (٢) ، واختاره المصنّف (٣).

احتجّوا : بأنّ الإنسان مكلّف بالطهارة بالمتيقّن طهارته ، المقطوع على استباحة الصلاة باستعماله ، والمستعمل في غسل الجنابة ليس كذلك ، لانّه مشكوك فيه ، فلا يخرج باستعماله عن العهدة ، ولا معنى لعدم الإجزاء إلّا ذلك.

والجواز : مذهب المرتضى (٤) ، وابن إدريس (٥) ، وهو اختيار العلّامة في

__________________

نقل نسبتهم ووجه تسميتهم قال : (ثانيهما : إنّه بتقديم التاء المثناة من فوق على الباء الموحدة ، وهو الذي اختاره الفاضل الكاظمي في تكملة النقد) إلخ.

ولا يخفى انّه «قدّس سرّه» في المجلد الثاني من كتابه تنقيح المقال : ص ٣٦٦ ، تحت رقم ٩٣٨٠ في شرح حال غياث بن إبراهيم ، بالغ في توثيقه ومدحه ، فراجع.

(١) النهاية : كتاب الطهارة ، باب المياه وأحكامها ، ص ٤ ، ص ١٣ ، قال ما لفظه : (فلا بأس باستعمال المياه وان كانت قد استعملت مرة أخرى في الطهارة ، الا ان يكون استعمالها في الغسل من الجنابة أو الحيض).

(٢) المراد بهما الصدوق وأبوه ، قال في الفقيه : ج ١ ، ص ١٠ ، باب ١ ، باب المياه وطهرها ونجاستها ، ذيل حديث ١٧ ، ما هذا لفظه : (فاما الماء الذي يغسل به الثوب ، أو يغتسل به من الجنابة ، أو تزال به نجاسة ، فلا يتوضأ به).

(٣) إشارة الى ما ذكره ، من قوله : «المروي المنع».

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٢١ ، س ١٧ ، قال : «وقال علم الهدى (رضي الله عنه) : هو باق على تطهيره».

(٥) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ٧ ، س ٢٤ ، قال ما لفظه : «والماء المستعمل في تطهير الأعضاء والبدن

١١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

كتبه (١).

احتجّوا : بأنّه ماء مطلق طاهر ، فجاز التطهير به ، لقولهم (عليهم السلام) : «الماء يطهر ولا يطهّر» (٢) علّق الطهوريّة على مطلق الماء والحقيقة ثابتة هنا. ولكلّ من الفريقين روايات تمسّك بها ، أضربنا عنها خوف الإطالة.

فرع

لو بلغ المستعمل ، كرا في مرّات ، قطع الشيخ في المبسوط بزوال المنع (٣) ، وتردّد في الخلاف (٤) ، ومنع منه المصنّف (٥) ، لان ثبوت المنع معلوم شرعا ، فيقف ارتفاعه على وجود الدّلالة. وقال العلّامة في المنتهى : بمقالة المبسوط ، قال : والذي أختاره تفريعا على القول بالمنع ، زوال المنع هنا. لأنّ بلوغ الكريّة موجب لعدم انفعال الماء عن الملاقي ، وما ذلك إلّا لقوّته فكيف يبقى انفعاله عن ارتفاع الحدث الّذي لو كان نجاسة ، لكانت تقديريّة؟ ولأنّه لو اغتسل في كر ، لما نفي انفعاله ، فكذلك المجتمع.

ثمَّ اعترض على نفسه بأنّه يرد عليه مثل ذلك في غسل النجاسة العينيّة.

__________________

الذي لا نجاسة عليه إذا جمع في إناء نظيف كان طاهرا مطهرا ، سواء كان مستعملا في الطهارة الكبرى أو الصغرى على الصحيح من المذهب» إلخ.

(١) المختلف : باب المياه ، ص ١٢ ، س ٣٣.

(٢) الفقيه : ج ١ ، ص ٦ ، باب (١) المياه وطهرها ونجاستها ، حديث ٢.

(٣) المبسوط : ج ١ ، كتاب الطهارة ، أقسام الماء المستعمل ، ص ١١ ، س ٤ ، قال : «فان بلغ ذلك كرا زال حكم المنع من رفع الحدث به لأنه قد بلغ حدا لا يحتمل النجاسة».

(٤) الخلاف : ج ١ ، ص ٤٢ ، كتاب الطهارة مسألة ١٢٧.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الفرع الثاني من فروع مسألة الماء المستعمل في الحدث الأكبر ، ص ٢٢ ، س ١٧.

١١٦

وفيما يزال به الخبث إذا لم تغيّره النجاسة قولان : أشبههما ، التنجيس ، عدا ماء الاستنجاء.

ولا يغتسل بغسالة الحمّام إلّا أن يعلم خلوّها من النجاسة ،

وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية ، وبما أسخن بالنار في غسل الأموات.

وأما الأسآر : فكلّها طاهرة عدا سؤر الكلب والخنزير والكافر.

______________________________________________________

وأجاب عنه : فقال : لا يقال : يرد ذلك في غسل النجاسة العينيّة. لأنّا نقول هناك : إنّما حكمنا بعدم الزوال لارتفاع قوّة الطهارة بخلاف المتنازع (١).

وحاصله : الفرق بين الصورتين ، فانّ في النجاسة ترتفع قوّة الطهارة ، وفي صورة النزاع ترتفع الطهوريّة ، والطهارة باقية بالإجماع.

تنبيه

المراد بالحدث الأكبر هنا ، ما عدا غسل الأموات. لنجاسة الماء القليل بملاقاة الميّت ، وابن إدريس لم يستثن وقال : بطهارة الجميع (١) وهو ضعيف.

قال طاب ثراه : وفيما يزال به الخبث إذا لم تغيّره النجاسة. قولان : أصحّهما (٣) التنجيس ، عدا ماء الاستنجاء.

أقول : البحث هنا يقع في مقامين :

__________________

(١) الى هنا كلام المنتهى ، كتاب الطهارة ، في المياه وما يتعلق بها ، في الفرع الرابع من فروع المقام الثاني ، ص ٢٣ ، س ٢٦.

(٢) لم نظفر على تصريح من ابن إدريس بالعموم ، اللهم الا ان يستفاد من إطلاق كلامه. راجع السرائر : ص ٧ ، س ٢٤.

(٣) هكذا في النسخ الخطية : ولكن في المختصر النافع المطبوع ، ص ٤ ، طبع مؤسسة البعثة (إيران): أشبههما كما في المتن.

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المقام الأوّل

في المستعمل في تطهير الثياب وغيرها

وفيه للأصحاب أربعة أقوال :

(ألف) : حكم المنفصل عن المغسول ، حكم المحلّ بعد الغسل ، فيكون طاهرا ، سواء كان في الغسلة الأولى أو الثانية أو الثالثة ، وهو اختيار السيد (١) ، والشيخ في باب تطهير الثياب من المبسوط (٢).

احتجّ السيد : بانّا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة ، لأدّى ذلك إلى أنّ الثوب لا يطهر إلّا بإيراد كرّ من الماء عليه ، واللازم باطل للمشقّة المنفيّة بالآية والرواية ، فالملزوم مثله.

بيان الملازمة : أن الملاقي للثوب ماء قليل ، فلو تنجّس حال الملاقاة لم يطهر المحل ، لأنّ النجس لا يطهّر غيره (٣) وهو اختيار ابن إدريس (٤) ، ومذهب الحسن بن أبي عقيل.

وأجيب : بأنّا نحكم بتطهير الثوب والنجاسة في الماء بعد انفصاله عن المحل ، ونفرّق بين المتّصل والمنفصل ، للزوم المشقّة بتنجيس المتّصل دون المنفصل.

ولما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : الماء الذي يغسل

__________________

(١) الناصريّات ، المسألة الثالثة.

(٢) المبسوط : ج ١ ، في تطهير الثياب والأبدان من النجاسات ، ص ٣٦ ، س ١٩.

(٣) الى هنا احتجاج السيد ، لاحظ الناصريات ، المسألة الثالثة.

(٤) السرائر : باب تطهير الثياب من النجاسات ، ص ٣٦ ، س ٢٥ ، قال : «وما قوي في نفس السيد صحيح مستمر على أصل المذهب».

١١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

به الثوب ، أو يغتسل به من الجنابة لا تتوضّأ به (١)

(ب) : حكم الماء المنفصل عن المحل ، حكمه بعد الغسلة. ويلزم منه طهارة المنفصل في الثانية ، دون الاولى فيما يغسل مرّتين ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف (٢) ، وله في الخلاف قول آخر. وهو أنّه لا يغسل الثوب ولا الجسد بما يغسل به الولوغ ، سواء كان في المرتبة الأولى أو الثانية (٣) ، ولابن إدريس أيضا قول بنجاسة الاولى من الولوغ دون الثانية والثالثة (٤).

(ج) : حكم المنفصل ، حكم المحل قبل الغسل ، ويلزم منه نجاسة المنفصل ولو زادت المرّات عن الواجب ، وهو اختيار المصنّف (٥) ، والعلّامة (٦) ، وفخر المحقّقين (٧). رضوان الله عليهم.

(د) : حكم المنفصل عن المحل حكمه قبل الغسلة. ويلزم منه طهارة المنفصل إذا

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٢١ ، باب ١٠ ، المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز ، قطعة من ح ١٣ ، وفيه : «أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه وأشباهه».

(٢) الخلاف : ج ١ ، ص ٤٤ ، كتاب الطهارة ، مسألة ١٣٥.

(٣) الخلاف : ج ١ ، ص ٤٤ ، كتاب الطهارة ، مسألة ١٣٧.

(٤) السرائر : كتاب الطهارة ، باب تطهير الثياب من النجاسات ، ص ٣٦ ، س ٢٠.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٢٢ ، س ٢٦ ، قال : «في مبحث الغسالة ، بعد ما نقل عن الشيخ في الخلاف بنجاسة الاولى وطهارة الغسلة الثانية ، ما لفظه : «والقول بنجاستهما اولى ، طهر محل النجاسة أو لم يطهر».

(٦) المختلف : باب المياه ، ص ١٣ ، س ٢٧ ، قال : «فالأقوى فيه عندي التنجيس سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية ، وسواء بقي على المغسول أثر النجاسة أولا».

(٧) إيضاح الفوائد : كتاب الطهارة ، الفصل الثالث في المستعمل ، ص ١٩ ، س ٦ ، قال : «والمتخلّف في الثوب بعد عصره طاهر ، فان انفصل فهو نجس. ولم يعلق فخر المحققين قدّس سرّه على هذا الكلام شي‌ء ، والظاهر تسليمه للفتوى».

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

كان قد ورد على محل حكم بطهارته ، فإن كان المحل ممّا يغسل مرّتين كالبول ، طهر المنفصل في الثالثة. وان كان ثلاثا كالجرد ، حكم بطهارة الرابعة ، أو سبعا كالخمر طهر في الثامنة ، وهو اختيار الشهيد في دروسه (١) وهو حسن ، لما فيه من الجمع ودفع العسر.

فرع

هل يكفي التقدير في الغسلات ، أو يشترط الانفصال؟ الأقرب : الأوّل ، لحصول المقصود ، وذهب ابن الجنيد إلى الثاني. وقال العلّامة في منتهى المطلب : إن كان المغسول ممّا يعتبر فيه العصر كالثوب لم يكف التقدير ، بل لا بدّ من الانفصال. وإن لم يعتبر فيه العصر كالجسد أو الخشب لم يعتبر الانفصال (٢) واختاره الشهيد (٣) ، وهو المعتمد ، لأنّ ما يعتبر فيه العصر يلزم منه الإخلال بواجب من واجبات الغسل ، وهو العصر المتخلّل للغسلات المعتبرة ، وهو ركن معتبر في حصول التطهير ، ولهذا أوجبه الشارع وأسقطه فيما خفت نجاسته ، كبول الرضيع.

المقام الثاني

ماء الاستنجاء

قال المرتضى في المصباح : لا بأس بما ينضح من ماء الاستنجاء على الثوب

__________________

(١) الدروس : كتاب الطهارة ، ص ١٦ ، س ٩ ، قال قدّس سرّه : (والاولى ان ماء الغسلة كمغسولها قبلها).

(٢) لم نعثر عليه في مظانه.

(٣) الذكرى : كتاب الصلاة ، ص ١٤ ، س ٣٦ ، قال قدّس سرّه : (الثاني : انما يطهر بالغسل العددي ما يمكن فصل الغسالة عنه كالثوب) فيفهم منه ان ما لا يمكن فصل الغسالة عنه يكفي فيه الغسل التقديري.

١٢٠