المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

وقيل : في الركوع إذا ذكر وهو راكع أرسل نفسه ، ومنهم من خصّه بالأخيرتين ، والأشبه البطلان ، ولو لم يرفع رأسه. ولو كان بعد انتقاله مضى في صلاته ركنا كان أو غيره.

فان حصل الأوليين من الرباعيّة عددا وشك في الزائد. فإن غلب بنى على ظنّه ، وإن تساوى الاحتمالين فصوره أربع :

أن يشك بين الاثنين والثلاث ، أو بين الثلاث والأربع ، أو بين الاثنين والأربع ، أو بين الاثنين والثلاث والأربع.

______________________________________________________

وقال العلّامة في المختلف : والأقرب عندي التفصيل ، فان خرج عن كونه مصلّيا ، بأن يذهب ويجي‌ء أعاد ، وإلّا فلا ، جمعا بين الأخبار (١).

قال طاب ثراه : وقيل في الركوع : إذا ذكر وهو راكع أرسل نفسه ، ومنهم من خصّه بالأخيرتين ، والأشبه البطلان.

أقول : إذا شك المصلّي في شي‌ء من أفعال الصلاة وقد انتقل عن محلّه ، لم يلتفت. وإن كان في موضعه أتى به. فلو شك في الركوع وهو قائم وجب عليه الركوع. فان ذكر انّه كان قد ركع ، قيل فيه ثلاثة أقوال :

(ألف) : صحّة الصلاة وإرسال نفسه من غير رفع مطلقا ، قاله الشيخ في الجمل (٢) ، والمبسوط (٣).

(ب) : تقييد الصحّة في الحكم المذكور بكون الشك في الأخيرتين ، وبطلان

__________________

(١) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٦ ، س ١٣.

(٢) الجمل والعقود : فصل فيما يقطع الصلاة ، ص ٣٥ ، س ١ ، قال : «فان ذكر انه كان ركع أرسل نفسه ولا يرفع رأسه».

(٣) المبسوط : ج ١ ، ص ١٢٢ ، فصل في أحكام السهو والشك في الصلاة ، س ١٦ ، قال : «فان ذكر انه كان ركع أرسل نفسه إرسالا».

٤٤١

ففي الأوّل : بنى على الأكثر ، ويتمّ ثمَّ يحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما على رواية. وفي الثاني : كذلك ،

______________________________________________________

الصلاة إن وقع في الأولتين ، قاله الشيخ في النهاية (١) ، وعلم الهدى (٢) ، وتبعهما التقي (٣) ، وابن إدريس (٤). والدليل أن الانحناء لا بدّ منه ، فلا يكون مبطلا.

وأجيب بأنّ : الانحناء بنيّة الركوع غير الانحناء بنيّة السجود ، فإنّ الأوّل مبطل بخلاف الثاني ، لكن بشرط أن يصل إلى حدّ الراكع ، ولو لم يبلغه فالظاهر الصحّة.

(ج) : البطلان : ظاهر الحسن (٥) ، واختاره المصنّف (٦) ، والعلّامة في كتبه (٧) ، لرواية منصور عن الصادق (عليه السّلام) «لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ركعة» (٨).

قال طاب ثراه : ففي الأوّل يتمّ ويحتاط بركعتين جالسا ، أو ركعة قائما على رواية. وفي الثاني كذلك.

أقول : هنا مسألتان :

__________________

(١) النهاية : ج ١ ، ص ٩٢ ، باب السهو في الصلاة واحكامه ، س ١٠ ، قال : «ومن شك في الركوع أو السجود في الركعتين الأوليين أعاد الصلاة فإن كان شكه في الركوع في الثالثة أو الرابعة». انتهى

(٢ و ٣ و ٤) الذي يظهر من كلماتهم عدم الفرق بين الركعتين الأوليين والأخيرتين. قال في السرائر : باب احكام السهو والشك ، ص ٥٣ ، س ٢٣ ، ما لفظه : «فان ركع ثمَّ ذكر وهو في حال الركوع انه كان ركع فعليه أن يرسل نفسه للسجود» الى ان قال س ٢٥ : «وسواء كان هذا الحكم في الركعتين الأوليين أو الركعتين الأخريين على الصحيح من الأقوال وهذا مذهب السيد المرتضى». انتهى. وكذا في الكافي في الفقه : ص ١١٨ ، باب تفصيل أحكام الصلاة الخمس ، س ١٥.

(٥ و ٧) المختلف : في السهو ، ص ١٢٩ ، س ٢٣ ، قال : «مسألة لو سهى عن الركوع حتى سجد أعاد الصلاة» الى ان قال : س ٢٣ : «وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل». انتهى

(٦) الشرائع : ج ١ ، ص ١١٤ ، الفصل الأوّل من الركن الرابع في الخلل الواقع في الصلاة ، قال : «وقيل لو شك في الركوع» الى ان قال : «والأشبه البطلان».

(٨) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٥٦ ، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون ، قطعة من ح ٦٨.

٤٤٢

وفي الثالث : بركعتين من قيام.

وفي الرابع : بركعتين من قيام ، ثمَّ بركعتين من جلوس. كلّ ذلك بعد التسليم.

ولا سهو على من كثر سهوه ، ولا على من سهى في سهو ، ولا على المأموم ، ولا على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه. ولو سهى في النافلة تخيّر في البناء.

وتجب سجدة السهو على من تكلّم ناسيا ، ومن شكّ بين الأربع والخمس ، ومن سلّم قبل إكمال الركعات.

______________________________________________________

الاولى : أن يشك بين الاثنين والثلاث ، وفيها شعبتان.

(ألف) : على ما ذا يبني؟ والمشهور على الثلاث. وقال الفقيه : يتخيّر بين البناء على الأقل وتأتي بباقي الصلاة ، وبين البناء على الأكثر (١) ، والحق الثاني ، وهو مذهب الشيخين (٢) ، وسلّار (٣) ، والتقي (٤) ، والقاضي (٥).

(ب) : انّه مع البناء على الأكثر يتخيّر بين ركعتين من جلوس وركعة من قيام ،

__________________

(١) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٣ ، س ١ ، قال : «وقال علي بن بابويه» الى ان س ٣ ، قال : «فان اعتدل وهمك فأنت بالخيار».

(٢) ليس في المقنعة صورة الشك بين الاثنين والثلاث ، ولكن بما انّه مساو للشك بين الثلاث والأربع والحكم ثابت فيه فكذا هنا. وفيه البناء على الأكثر والتخيير بين ركعة عن قيام أو ركعتين جالسا ، راجع المقنعة : باب احكام السهو في الصلاة ، ص ٢٤ ، س ١١.

وفي النهاية : ص ٩١ ، باب السهو في الصلاة واحكامه ، س ٨ ، قال : «فان شك فلم يدر أصلي ركعتين أم ثلاثا وتساوى فظنونه بنى على الثلاث» الى آخره.

(٣) المراسم : ذكر ما يلزم المفرط في الصلاة ، ص ٨٩ ، س ١٦ ، قال : «فان اعتدل الظن الى ان قال :

فان الواجب البناء على الأكثر» الى آخره.

(٤) الكافي في الفقه : ص ١٤٨ ، فصل في حكم السهو في عدد الركعات ، س ٧.

(٥) المهذب : ص ١٥٥ ، س ١٨ ، باب السهو في الصلاة ، قال : «فليس على الثلاث ويتم الصلاة».

٤٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو رواية جميل بن دراج (١) وهو مذهب الشيخين (٢) ، وأبي على (٣) ، والقاضي (٤) ، وعلم الهدى (٥) ، وقال الحسن : يصلي ركعتين من جلوس (٦) ولم يذكر التخيير ، والفقيه على تقدير البناء على الأكثر ، قال : تصلّي ركعة من قيام (٧).

الثانية : الشك بين الثلاث والأربع.

وفيها أيضا شعبتان

(ألف) : في البناء. والمشهور ، كمختار الثلاثة (٨) ، والقاضي (٩) ، وابن إدريس (١٠) ، والمصنّف (١١) ، والعلّامة في كتبه (١٢) ، وهو البناء على الأربع. وقال الصدوق (١٣) ، وأبو علي (١٤) ، ويتخيّر بين ذلك وبين البناء على الأقل ، ولا شي‌ء.

(ب) : مع البناء على الأكثر ، المشهور التخيير في الاحتياط بركعة من قيام ، أو

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٨٤ ، باب ١٠ ، احكام السهو في الصلاة ، حديث ٣٥.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) تقدم ما يدل على مذاهبهم.

(٦ و ٧) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٣ ، س ٢٥ ، قال : «وقال ابن ابي عقيل : انه يصلي ركعتين من جلوس ولم يذكر التخيير ، وعلى بن بابويه قال في الأولى بالتخيير» الى ان قال س ٢٦ : «وصلاة ركعة أخرى من قيام».

(٨) اي المفيد في المقنعة : ص ٢٤ ، باب أحكام السهو ، س ١٢.

والطوسي في النهاية : ص ٩١ ، باب السهو في الصلاة ، س ١٢.

والسيد نقلا عنه في المختلف : ص ١٣٣ ، في السهو والشك ، س ١٠.

(٩ و ١٠ و ١١ و ١٢) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٣ ، س ٩ ، قال بعد نقل صورة المسألة وهي الشك بين الثلاث والأربع والبناء على الأكثر وصلاة ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، ما لفظه : «ذهب اليه الشيخان والسيد المرتضى وأبو الصلاح وابن البراج» الى ان قال : س ١٠ ، «وقال ابن الجنيد يتخير بين البناء على الأقل ولا شي‌ء عليه» الى ان قال : س ١١ ، «وهو اختيار أبو جعفر بن بابويه».

(١٣) السرائر : باب احكام السهو والشك في الصلاة ، ص ٥٤ ، س ١٢.

(١٤) الشرائع : ج ١ ، ص ١١٧ ، في الخلل الواقع في الصلاة ، في المسألة الثانية من مسائل الشكوك.

٤٤٤

وقيل : لكلّ زيادة ونقصان ، وللقعود في موضع قيام ، وللقيام في موضع قعود.

______________________________________________________

ركعتين من جلوس. ولم يذكر الحسن سوى الركعتين من جلوس (١).

قال طاب ثراه : وقيل لكلّ زيادة ونقصان ، وللقعود في موضع قيام ، وللقيام في موضع قعود.

أقول : اختلف الأصحاب فيما يوجب سجود السهو على أقوال :

(ألف) : انّما يوجبه أمران : الكلام ساهيا ، ودخول الشك عليه في أربع ركعات أو خمس فما عداها ، قاله الحسن (٢).

(ب) : يوجبه ثلاثة أشياء ، السهو عن سجدة حتّى يفوت محلّها ، ونسيان التشهّد حتّى يركع ، والكلام ناسيا قاله المفيد (٣).

(ج) : توجبه خمسة أشياء : الكلام ناسيا ، ونسيان التشهّد ، والسّلام في الأوّليين ، وترك سجدة حتّى يركع ، والشك بين الأربع والخمس قاله الشيخ في المبسوط (٤).

(د) : توجبه أربعة أشياء بإسقاط التشهّد ممّا عدّه في المبسوط قاله في الجمل (٥).

(ه) : توجبه خمسة أشياء : وابدال السّلام في الأوليين بالقيام في قعود أو عكسه ، قاله السيد (٦).

(و) : قال الصدوق : لا يجبان إلّا على من قعد في حال قيام أو عكس ، أو ترك التشهّد ، أو لم يدر زاد أو نقص (٧).

__________________

(١) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٣ ، س ٢٥.

(٢) المختلف : في الشك والسهو ، ص ١٤٠ ، س ٦.

(٣) المقنعة : باب احكام السهو في الصلاة ، ص ٢٤ ، س ٢٤ ، الى ٢٨.

(٤) المبسوط : ص ١٢٣ ، فصل في أحكام الشك والسهو في الصلاة ، س ١٠ الى ١٤.

(٥) الجمل والعقود : فصل في السهو واحكامه ، ص ٣٦ ، س ٣ الى ٨.

(٦) جمل العلم والعمل : فصل في أحكام السهو ، ص ٦٦ ، س ١.

(٧) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، قاله بعد نقل حديث ١٠.

٤٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ثمَّ قال في موضع آخر : فان تكلّمت ناسيا ، فقلت : أقيموا صفوفكم ، فأتمّ صلاتك واسجد سجدتي السهو (١).

(ز) : نقل الشيخ (٢) ، والمصنّف (٣) ، والعلّامة (٤) : وجوبهما لكلّ زيادة ونقيصة ، ولم يذكروا القائل.

والمأخذ ما رواه سفيان بن السمط عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : يسجد للسهو في كلّ زيادة ونقصان (٥).

وما رواه عبيد الله بن على الحلبي في الصحيح عن الصادق (عليه السّلام) إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا أو زدت أو نقصت فتشهّد وسلّم ، واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة ، يتشهّد فيها تشهّدا خفيفا (٦).

وهي محتملة لكون الشك في زيادة الفعل ونقصانه ، كما هو في عبارة الصدوق (٧).

ويدلّ على أولويّة الوجوب في المدّعى. لأنّ ما دلّت عليه الرواية هو الشك في حصول الزيادة ، فإذا وجب الجبران لتجويز الزيادة فمع تيقّنها أولى ، وتنزيلها على

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٣١ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، قاله بعد نقل حديث ٤٥.

(٢) المبسوط : ج ١ ، ص ١٢٤ ، فصل في أحكام السهو والشك في الصلاة ، س ٢٣.

(٣) الشرائع : ج ١ ، ص ١١٦ ، في الخلل الواقع في الصلاة ، خاتمة في سجدتي السهو.

(٤) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٣ ، س ٢٩ ـ ٣٠.

(٥) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٥٥ ، باب ٩ ، تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون حديث ٦٦ ، وفيه اختلاف وإليك نصه : «قال : تسجد سجدتي السهو في كلّ زيادة تدخل عليك أو نقصان».

(٦) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٦ ، باب ١٠ ، أحكام السهو في الصلاة ، حديث ٧٣ ، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

(٧) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، باب ٤٩ ، أحكام السهو في الصلاة ، قال بعد نقل حديث ١٠ : «أو لم يدر زاد أو نقص».

٤٤٦

وهما بعد التسليم على الأشهر عقيبهما تشهّد خفيف وتسليم

______________________________________________________

حصول الزيادة والنقيصة أولى ، لكونه تأسيسا.

وما ذهب إليه الصدوق بعيد ، لرفع حكم السهو في السهو. ويجعل قوله : «إذا لم تدر صلّيت أربعا أو خمسا» كلاما تامّا ، وقوله بعد ذلك «أو زدت أو نقصت» تقديره أو حصل منك زيادة أو نقصان ، ويكون هو المدعى بعينه.

واعلم : أنّ هذا الحكم مقيّد بكون الزيادة والنقيصة غير مبطلة. وهذا أقرب الأقوال إلى الاحتياط.

ونقل العلّامة في التذكرة : وجوبهما لكلّ سهو يلحق الإنسان وإن كان كيفيّة ، كالجهر والإخفات (١).

قال طاب ثراه : وهما بعد التسليم على الأشهر.

أقول : في محلّ سجود السهو للأصحاب أربعة مذاهب :

(ألف) : بعد التسليم مطلقا ، ذكره الثلاثة (٢) ، والفقيه (٣) ، والتقي (٤) ،

__________________

(١) التذكرة : ج ١ ، ص ١٤٠ ، كتاب الصلاة ، البحث الخامس في سجدتي السهو ، س ٣٤ ، قال : «والوجه وجوبهما في كلّ زيادة ونقصان» إلى أن قال س ٤١ : «وأمّا الهيئات فإن ترك دعاء الافتتاح والتعوّذ والجهر فيما يسرّ به وبالعكس». الى آخره.

(٢) وهو المفيد في المقنعة : ص ٢٤ ، باب أحكام السهو في الصلاة ، س ٢٨ ، «وسجدتا السهو بعد التسليم».

والطوسي في النهاية : ص ٩٣ ، باب السهو في الصلاة وأحكامه ، س ١٥ ، قال : «وسجدتا السهو يكونان بعد التسليم».

والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل : ص ٦٦ ، فصل في أحكام السهو ، س ٩ ، قال : «وهما سجدتان بعد التسليم».

(٣) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، باب ٤٩ ، أحكام السهو في الصلاة ، قال بعد نقل حديث ١٠ : «وهما بعد التسليم بالزيادة والنقصان».

(٤) الكافي في الفقه : ص ١٤٨ ، فصل في حكم السهو في عدد الركعات ، س ١٦ ، قال : «ويسجد بعد

٤٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وسلّار (١) ، والحسن (٢) واختاره ابن إدريس (٣) ، والمصنّف (٤) ، والعلّامة (٥). وهو مذهب أصحاب الرأي ، والنخعي ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، وأحد قولي الشافعي (٦).

ويؤيّده قول علي (عليه السّلام) : «سجدتا السهو بعد السّلام وقبل الكلام» (٧).

(ب) : قبل التسليم مطلقا ، نقله المصنّف (٨) ، والعلّامة في التذكرة عن بعض علماءنا (٩) ، وهو قول الزهري ، وأبي سعيد الخدري ، وسعيد بن المسيّب ، والليث بن سعد (١٠)

__________________

التسليم سجدتي السهو».

(١) المراسم : ذكر ما يلزم المفرط في الصلاة ، ص ٩٠ ، س ١١ ، قال : «وسجدتا السهو تكونان بعد التسليم».

(٢) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٢ ، س ١٧ ، قال : «سجدتا السهو بعد الصلاة» ، الى أن قال : «وهو اختيار ابن أبي عقيل».

(٣) السرائر : باب احكام السهو والشك في الصلاة ، ص ٥٥ ، س ١٦ ، قال : «وهما سجدتان بعد التسليم».

(٤) المعتبر : في أحكام الخلل ، ص ٢٣٣ ، س ٣٢ ، قال : «مسألة سجدتا السهو بعد التسليم».

(٥) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٢ ، س ١٧ ، قال : «سجدتا السهو بعد الصلاة والخروج منها».

(٦) نيل الأوطار في شرح منتقى الاخبار : ج ٣ ، ص ١٣٥ ، في شرح قول المصنّف (ثمَّ سلّم ثمَّ كبّر وسجد) ونقله في التذكرة كتاب الصلاة ، في سجدتي السهو ، ص ١٤١ ، س ٢٩.

(٧) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، حديث ١١. وفيه : «بعد التسليم».

(٨) الشرائع : ج ١ ، ص ١١٩ ، كتاب الصلاة ، في الخلل الواقع في الصلاة ، قال : خاتمة في سجدتي السهو ، الى ان قال : «وموضعها بعد التسليم للزيادة والنقصان وقيل : قبله».

(٩) التذكرة : في سجدتي السهو ، ص ١٤١ ، س ٣١ ، قال : «وقال بعض علماءنا : انهما قبل التسليم».

(١٠) نيل الأوطار : ج ٣ ، ص ١٣٥ ونقله في التذكرة ، في سجدتي السهو ، ص ١٤١ ، س ٣٢.

٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ويؤيّده قول الصادق (عليه السّلام) : «وهما قبل التسليم ، فاذا سلّمت ذهبت حرمة صلاتك» (١).

(ج) : التفصيل ، وهو فعله قبل التسليم إن كان للنقصان ، وإن كان للزيادة فبعده ، وهو مذهب أبي علي (٢) ، وبه قال مالك ، والمزني ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وهو قول الشافعي في القديم (٣). ويؤيّده قول الرضا (عليه السّلام) : «إذا نقّصت قبل التسليم وإذا زدت فبعده» (٤).

(د) : العمل بهذا التفصيل في حال التقيّة ، وهو مذهب الصدوق (٥) ، ووجهه الجمع بين الأخبار.

تنبيه

وإذا جعل قبل التسليم ، كان محلّه بعد التشهد ، فإذا سجدهما تشهّد بعدهما ، ثمَّ سلّم.

فرع

لو نسي السهو فسلم ثمَّ ذكر ، وجب لذلك سجود السهو ، لوجود المقتضي وهو ترك واجب حتّى جاوز محلّه.

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٥ ، في أحكام السهو في الصلاة ، حديث ٧١ ، والحديث عن أبي جعفر (عليه السّلام) مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

(٢) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٢ ، س ٢١ ، قال : «وقال ابن الجنيد : ان كان السهو للزيادة كان محلها بعد التسليم». الى آخره.

(٣) نيل الأوطار : ج ٣ ، ص ١٣٥ ، ونقله في التذكرة ، في سجدتي السهو ، ص ١٤١ ، س ٣٥.

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٥ ، في أحكام السهو في الصلاة ، حديث ٧٠.

(٥) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، ذيل حديث ١٢ ، قال : «فإني افتي به في حال التقية».

٤٤٩

ولا يجب فيهما ذكر. وفي رواية الحلبي : أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول فيهما : باسم الله وبالله وصلّى الله على محمد وآله. وسمعه مرة أخرى يقول : باسم الله وبالله ، السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته. والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : ولا يجب فيهما ذكر. وفي رواية الحلبي أنّه سمع أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول فيهما : باسم الله وبالله وصلّى الله على محمد وآله. وسمعته (١) مرّة أخرى يقول : باسم الله وبالله السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته. والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة.

أقول : الواجب في سجود السهو ستّة أشياء.

النيّة ، لأنّهما عبادة ، والفصل بينهما بجلسة تامّة ، لأنّ التعدّد في صلب الصلاة إنّما يحصل بذلك ، فكذا هنا ، والسجود على الأعضاء السبعة ، والطمأنينة فيهما ، لأنّه المتبادر في عرف الشرع ، والتشهّد لرواية الحلبي (٢) وقد تقدمت ، والتسليم لرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا ، فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ، ثمَّ سلّم بعدهما (٣).

وهل تجب الطهارة والاستقبال؟ قال العلّامة في النهاية : نعم (٤). وهو مذهب

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وفي التهذيب : ج ٢ ص ١٦٩ حديث ٧٤ ولكن في المتن : وسمعه.

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٦ ، باب احكام السهو في الصلاة ، حديث ٧٣.

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٥ ، باب احكام السهو في الصلاة ، حديث ٦٨ وفيه : «إذا كنت لا تدري أربعا».

(٤) لم نظفر به.

٤٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الشهيد (١) ، وشرط ابن إدريس الطهارة (٢) ، وأسقطهما المصنّف في المعتبر من الواجبات ولم يتعرّض لهما في الكتابين بنفي ولا إثبات (٣) ، وكذا العلّامة في المعتمد (٤). وذلك يعطي عدم اعتبار الشرطين ، والروايات خالية من التعرّض لذلك أيضا.

اما الذكر : ففيه ثلاثة أقوال :

(ألف) : عدم الوجوب لأصالة البراءة. وهو اختيار المصنّف (٥) ، والعلّامة في المختلف (٦) لرواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : سألته عن سجدتي السهو ، هل فيهما تسبيح أو تكبير؟ قال : لا ، إنّما هما سجدتان فقط. فان كان

__________________

(١) الذكرى ص ٢٢٩ ، س ٣٢ ، قال في البحث الرابع من مباحث سجود السهو : «يجب فيهما النيّة لأنّهما عبادة وتعيين السبب ، وجميع ما يعتبر في سجود الصلاة».

(٢) السرائر : باب احكام السهو والشك في الصلاة ، ص ٥٥ ، س ٢٠ ، قال : «ولا بد من الكون على طهارة إذا فعلهما».

(٣) راجع الشرائع : ج ١ ، ص ١١٩ ، في خاتمة أحكام الخلل ، والمعتبر في أحكام الخلل ، ص ٢٣٣ ، في مسألة أن سجود السهو بعد التسليم ، حيث انه تعرّض لما يجب فيهما وما يستحب ولم يتعرض فيهما بوجوب الطهارة والاستقبال في سجدتي السهو.

(٤) قال في التذكرة : في سجدتي السهو ، ص ١٤٢ ، س ٢٤ : «وهل تجب فيهما الطهارة والاستقبال؟ ان قلنا بوقوعهما في الصلاة وجب والا فإشكال» ولا يخفى انه قدس سرّه يقول : «بأنّ سجدتا السهو بعد التسليم ، فعلى هذا لا يجب فيهما الطهارة والاستقبال» ، والظاهر ان هذا هو المراد من قول الشارح (وكذا العلّامة في المعتمد).

(٥) الشرائع : ج ١ ، ص ١١٩ ، قال في الخاتمة من الخلل : «وهل يجب فيهما الذكر؟ فيه تردد ، ولو وجب هل يتعين بلفظ؟ الأشبه لا».

(٦) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٣ ، س ٢ ، قال بعد عدّ ما في سجود السهو : «والأقرب عندي ان ذلك كلّه للاستحباب».

٤٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الذي سها هو الإمام كبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه ليعلم من خلفه انّه سها ، وليس عليك أن تسبّح فيهما ، ولا فيهما تشهّد بعد السجدتين (١).

(ب) : وجوب مطلق الذكر ، وهو ظاهر المبسوط حيث قال : «إذا أراد أن يسجد سجدتي السهو ، استفتح بالتكبير ويسجد عقبيه ويرفع رأسه ثمَّ يعود إلى السجدة الثانية ، وتقول فيهما : بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، وغير ذلك من الأذكار» (٢).

(ج) : وجوب بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، أو بسم الله وبالله اللهم صلّ على محمد وآل محمد وهو قول المفيد (٣) ، والسيد (٤) ، والصدوق (٥) ، والتقي (٦) ، وسلّار (٧) ، وابن إدريس (٨) ، والعلامة في المعتمد (٩) ،

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٦ ، باب ١٠ ، احكام السهو في الصلاة ، حديث ٧٢. مع اختلاف يسير في العبارة.

(٢) المبسوط : ج ١ ، ص ١٢٥ ، فصل في أحكام السهو والشك في الصلاة ، س ٦.

(٣) المقنعة : با احكام السهو في الصلاة ، ص ٢٤ ، س ٢٩ ، قال : «يقول في سجوده : بسم الله». انتهى

(٤) جمل العلم والعمل : فصل في أحكام السهو ، ص ٦٦ ، س ٩ ، قال : «يقول في كل واحدة منهما : بسم الله». انتهى

(٥) المقنع : باب السهو في الصلاة ، ص ٣٣ ، س ١٤ ، قال : «فقل فيهما بسم الله». انتهى

(٦) الكافي في الفقه : ص ١٤٨ ، فصل في حكم السهو ، س ١٩ ، قال : «ويقول في كل واحد منهما بسم الله». انتهى

(٧) المراسم : ذكر ما يلزم المفرط في الصلاة ، ص ٩٠ ، س ١١ ، قال : «يقول في كل واحدة منهما بسم الله». انتهى

(٨) السرائر : باب احكام السهو والشك في الصلاة ، ص ٥٥ ، س ١٨ ، قال : «والذي يقال في كل واحدة منهما». انتهى

(٩) تقدم آنفا المختلف : ص ١٤٣ ، قوله : «والأقرب عندي ان ذلك كله للاستحباب».

٤٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والشهيد (١).

احتجّوا : بما رواه عبيد الله الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في سجدتي السهو : بسم الله وبالله وصلّى الله على محمد وآل محمد ، قال : وسمعته مرّة أخرى يقول فيهما : بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته (٢).

قال المصنّف : وهي منافية للمذهب ، لرفع منصب الإمامة عن السهو (٣).

وأجاب العلامة : بعدم المنافاة بين الرواية والمذهب ، لأنّ الحديث لا يدلّ على سهو الامام ، بل معناه إنّه سمعه يقول ذلك على سبيل الإفتاء في سجدتي السهو. وكذا لا يدلّ على أنّه قد كان ساجدا وسمعه في سجوده ، بل على أنّه قال (عليه السلام) : «كذا في سجدتي السهو» (٤) كما يقال : سمعته يقول : «في النفس المؤمنة مائة إبل» أي يجب في دية النفس مائة من الإبل ، فكذا هنا ، فيكون معناه : إنّ حكم حكم به أبو عبد الله (عليه السلام) وأوجب أن يقال في سجود السهو : هذا الكلام.

وقوله : «والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة» هذا قدح من المصنّف في الرواية وردّ لها ، قال : ولو سلّمناه لما وجب فيهما ما سمعه ، لاحتمال أن يكون قاله على وجه الجواز ، لا اللزوم (٥) ، وفيه أيضا ردّ على الصدوق حيث يجوّز السهو

__________________

(١) الذكرى : ص ٢٢٩ ، س ٣٣ ، قال في البحث الرابع مباحث سجود السهو : «فإنه يقول فيهما : بسم الله». انتهى

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٦ ، باب ١٠ ، احكام السهو في الصلاة ، حديث ٧٤.

(٣) تقدم نقل قول المصنّف في المتن.

(٤) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٤٣ ، س ٦ ، قال : «لا يقال : هذا الحديث لا يصح الاستدلال به فإن الإمام لا يجوز عليه السهو». انتهى

(٥) قاله في المعتبر ، لاحظ ، في أحكام الخلل ، ص ٢٣٤ ، س ١٩.

٤٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

على المعصوم في العبادة (١).

والحقّ مذهب المصنّف ، وتحقيق ذلك مذكور في الكتب الكلاميّة.

تذنيبان

(ألف) : لا سهو على من كثر سهوه ، لما في وجوب تداركه من الحرج المنفيّ بالآية (٢) ، والرواية (٣) ، ولقوله الباقر (عليه السلام) : «إذا كثر عليك الشك فامض على صلاتك فإنّه يوشك أن يدعك فإنّما هو الشيطان لعنه الله» (٤).

واختلف في كثير السهو ، فالمحقّقون على أن المرجع فيه إلى العرف ، إذ عادة الشرع ردّ الناس إلى عرفهم فيما لم ينصّ عليه ، كالقبض في المبيع ، والإحياء في الأموات ، اختاره المصنّف (٥) ، والعلّامة (٦).

وقال ابن إدريس : حدّه أن يسهو في شي‌ء واحد أو في فريضة واحدة ثلاث

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٣٤ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، س ٢ ، قال بعد نقل حديث ٤٨ ، ما نصه «قال مصنف هذا الكتاب : ان الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)». انتهى

(٢) قوله تعالى (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج ـ ٧٨.

(٣) مثل قوله صلّى الله عليه وآله : «بعثت بالحنيفيّة السمحة» وقوله (صلّى الله عليه وآله) «انّ الدين يسر» وأمثال ذلك.

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٣٤ ، باب ١٦ ، أحكام السهو ، حديث ١٢ ، وفيه : «إذا كثر عليك السهو». «انما هو من الشيطان».

(٥) المعتبر : في أحكام الخلل ، ص ٢٣٢ ، س ١٥ ، قال : «ولا تقدير للكثرة شرعا فيرجع الى ما يسمى في العادة كثرة».

(٦) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٦ ، س ٢٧ ، قال : «والأقرب عندي ما يسمى كثيرا عادة».

٤٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

مرّات ، فيسقط بعد ذلك حكمه ، أو يسهو في أكثر الخمس أعنى ثلاث صلوات من الخمس ، كلّ منهنّ قام إليها فسها فيها ، فيسقط بعد ذلك حكم السهو ، ولا يلتفت إلى سهوه في الفريضة الرابعة (١).

وقال ابن حمزة : لا حكم له إذا سها ثلاث مرّات متواليات وأطلق (٢) ، ولم يعين في فريضة أو فرائض ، وجزم به الشهيد (٣).

وقد روى الصدوق عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة أنّ الصادق (عليه السلام) قال : إذا كان الرجل ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن يكثر عليه السهو (٤).

والتحديد حسن لدلالة ظاهر الرواية عليه ، ومهما أمكن العمل بالنصّ فالاعتماد عليه خير من الاجتهاد.

إذا عرفت هذا ، فمعنى قولنا : «انّه لا حكم له» إنّه يبني على وقوع ما شك فيه ، مثلا شك بين الثنتين والثلاث بنى على الثلاث ، فلو بنى على الثنتين بطلت.

__________________

(١) السرائر : باب احكام السهو والشك ، ص ٥٢ ، س ٢٦ ، قال : «وحدّه ان يسهو في شي‌ء واحد». انتهى.

(٢) المختلف : في السهو والشك ، ص ١٣٦ ، س ٢٦ ، قال : «وقال ابن حمزة : لا حكم له إذا سها ثلاث مرات». انتهى

(٣) الذكرى : ص ٢٢٢ ، س ٣٨ ، قال في المسألة الثانية من مسائل الشكوك بعد نقل حديث محمد بن حمزة : «والعرف قاض بذلك».

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢٤ ، باب ٤٩ ، احكام السهو في الصلاة ، حديث ٧. وفيه : «ممّن كثر عليه السهو».

٤٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

فرع

وإذا ثبت كونه كثير السهو ، متى ينتقل عنه؟

فاعلم : أنه ينتقل عنه بصلاة واحدة يصلّيها خالية عن الشك ، فان عرض له بعدها في صلاة أخرى شكّ ، تداركه ، ويرجع إلى كثير السهو في الرابعة على قول ابن إدريس.

(ب) : لا حكم للسهو في السهو ، لأنّه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانيا ، ويدوم التدارك ، فيكون مشقّة عظيمة ، فيكون منفيّا ، ولقول الصادق (عليه السلام) : «ليس على السهو سهو ولا على الإعادة إعادة» (١) ولأنّه شرّع لإزالة السهو فلا يكون سببا في زيادته ، بل يبني على وقوع ما شك فيه.

وفسّر على أنحاء :

(ألف) : أن يسهو في السهو ، فيقول : لا أدري سهوت أم لا.

(ب) : انّ يسهو فيما أوجبه السهو ، كما لو شكّ هل أتى بسجدة من سجدتي السهو ، أو سها في شي‌ء من أفعالها.

(ج) : إجراؤه على عمومه ، أي ما وجب بسبب السهو والشك ، سواء كان سجودا أو غيره ، كالاحتياط ، بأن يشكّ في عدده ، فإنّه يبني على وقوع ما شكّ فيه. أمّا لو ترك شيئا من أفعاله كسجدة منه ، أو تشهّد ، فإنّه يقضيه بعد التسليم ، ولا يسجد عنه. وكذا لو تلا في السجدة المنسيّة فشكّ في شي‌ء من أفعالها ، فإنّه يبني على وقوعه ، ولو سها عن تسبيحها أو عن بعض الأعضاء لم يسجد للسهو عنه. أمّا لو تيقّن ترك ركن من الاحتياط ، فالأقرب البطلان.

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٣٥٩ ، باب من شك في صلاته كلها ولم يدر زاد أو نقص ، ومن كثر عليه السهو ، شطر من حديث ٧.

٤٥٦

الثاني

في القضاء

من أخلّ بالصلاة عمدا أو سهوا ، أو فاتته بنوم أو سكر ، مع بلوغه وعقله وإسلامه ، وجب القضاء عدا ما استثني.

ولا قضاء مع الإغماء المستوعب للوقت ، إلّا أن يدرك الطهارة والصلاة ولو بركعة ، وفي قضاء الفائت لعدم ما يتطهّر به تردّد ، أحوطه : القضاء.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي قضاء الفائت لعدم ما يتطهّر به تردّد أحوطه : القضاء.

أقول : هنا ثلاثة أقوال :

(ألف) : سقوط الصلاة أداء وقضاء.

أمّا الأوّل : فقضيّة لشرطيّة الطهارة ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، وإلّا خرج عن كونه شرطا.

وأما الثاني : فلأنّ القضاء إنّما يجب بأمر جديد ، وليس ، ولأنّه فرع الأداء وليس واجبا ، وهو اختيار المصنّف (١) ، والعلّامة (٢) ، وفخر المحقّقين (٣).

(ب) : عليه أن يذكر الله تعالى في أوقات الصلوات بقدر صلاته ، وليس عليه قضاء ، وهو مذهب المفيد في رسالته إلى ولده (٤).

__________________

(١) المعتبر : في قضاء الصلاة ، ص ٢٣٥ ، س ١٦ ، قال : «وفي وجوب القضاء قولان» : الى ان قال : «والآخر السقوط ، وهو أشبه».

(٢) المختلف : في قضاء الفوائت ، ص ١٤٩ ، س ٢٩ ، قال : «لو تعذّر ما يتطهر به من الماء والتراب سقطت الصلاة أداء وقضاء».

(٣) إيضاح الفوائد : ج ١ ، كتاب الطهارة ، فيما يتيمم به ، ص ٦٨ ، في شرح قول المصنّف : «ولو لم يجد ماء ولا ترابا طاهرا فالأقوى سقوط الصلاة أداء وقضاء».

(٤) لم نظفر على هذه الرسالة ، ولكن نقل المذهب في المختلف ، لاحظ ص ١٤٩ ، س ٢٩ ، في قضاء الفوائت.

٤٥٧

وتترتّب الفوائت كالحواضر ، والفائتة على الحاضرة. وفي وجوب ترتيب الفوائت على الحاضرة تردّد أشبهه الاستحباب ، ولو قدّم الحاضرة مع سعة وقتها ذاكر أعاد ، ولا يعيد لو سها. ويعدل عن الحاضرة إلى الفائتة لو ذكر بعد التلبّس ، ولو تلبّس بنافلة ثمَّ ذكر فريضة أبطلها واستأنف الفريضة. ويقضى ما فات سفرا قصرا ، ولو كان حاضرا. وما فات حضرا تماما ، ولو كان مسافرا ، ويقضي المرتدّ زمان ردّته. ومن فاتته فريضة من يوم ولا يعلمها ، صلّى اثنين وثلاثا وأربعا. ولو فاته ما لم يحصه ، قضى حتّى يغلب الوفاء.

______________________________________________________

وله قول آخر فيمن وجد الثلج وخاف على نفسه منه أخّر الصلاة حتّى يتمكّن من الطهارة بالماء ، أو يفقده ويجد التراب فيستعمله ويقضي ما فاته (١) وجاز أن يكون خاصّا بواجد الثلج وأخر للمشقة ، فيناسبه العقوبة بالقضاء ، وليس عاما لمن كان مقيّدا أو مسلوبا أو محبوسا في موضع نجس.

(ج) : سقوطها أداء ووجوب قضائها ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٢) ، والسيد (٣) ، وابن إدريس (٤).

قال طاب ثراه : وفي وجوب ترتيب الفوائت على الحاضرة تردّد أشبهه الاستحباب.

أقول : هنا مسائل :

__________________

(١) المقنعة : باب التيمم واحكامه ، ص ٨ ، س ٩.

(٢) المبسوط : ج ١ ، ص ٣١ ، فصل في ذكر التيمم واحكامه ، س ٢٢ ، قال : «وكان عليه الإعادة لأنه صلّى بلا طهارة ولا تيمم».

(٣) الناصريات : ص ١٣ ، مسألة ٥٥ ، قال : «ويقوى في نفسي انه إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا ، فإنّ الصلاة لا تجب عليه». انتهى

(٤) السرائر : باب التيمم وأحكامه ، ص ٢٦ ، س ٣٤ ، قال : «فاذا فقدنا ما تيمم به فقد سقط تكليفنا الان بالصلاة». الى آخره

٤٥٨

ويستحبّ قضاء النوافل الموقّتة. ولو فاتته بمرض لم يتأكّد القضاء. ويستحبّ الصدقة عن كلّ ركعتين بمدّ ، فان لم يتمكّن ، فعن كل يوم بمدّ.

______________________________________________________

الأولى : الترتيب بين الفوائت غير اليوميّة مع أنفسها ، وهو منفي إجماعا.

وكذا حواضرها ، فلو اجتمع عيد وآية وجنازة ، تخيّر الإتيان ، إلّا أن يحصل عارض يعيّن أحدها ، كما لو كان هناك ميّت وكسوف يضيق وقتها. ولو اتّسع وخيف على الميّت ، فإنّه يقدّم الكسوف في الأوّل ويؤخّر في الثاني ، ويقع مع المخالفة موقفه ، وإن أثم ، ويقضي الفائت. ولو خاف خروج وقت العيد قدّم صلاته وأخّر خطبته حتّى يصلّي الكسوف. ولو ضاق وقت الكلّ ، تخيّر. ويحتمل قويّا تقديم الميّت ، ولا يجب قضاء الفائت إلّا أن يفرّط بالتأخير.

الثاني : الترتيب بينها وبين الحواضر اليوميّة ، وهو منفي إلّا في صورتين :

(ألف) : التضيق ، فيبدأ بالمضيّقة منهما ، ومع تضيّقهما يقدّم الحاضرة وجوبا إجماعا.

(ب) : الاتّساع لهما ، فيتقدّم الحاضرة استحبابا على الأصحّ.

ويتشعّب من هذا التحرير ثلاث مسائل :

(ألف) : فائتة اليوميّة مع فائتة غيرها ، ولا ترتيب فيها قطعا ، لانتفائه مع أدائهما إذا اتّسعا ، والقضاء متّسع ، ولو فرضنا تضيق العمر إلّا عن أحدهما قدّم اليوميّة ، كما تقدّم في الأداء.

(ب) : فائتة اليوميّة مع حاضرة غيرها ، فيقدّم الحاضرة لأنّها صاحبة الوقت وإن ضاق العمر إلّا عنها.

(ج) : فائتة غير اليوميّة مع حاضرة اليوميّة ، ولا إشكال في تقديم اليوميّة هنا ، لأنّه مع اتّساعهما في الأداء يبدأ باليوميّة ، فأولى في القضاء. والتقديم في هذا القسم على الاستحباب على الأصحّ.

الثالثة : ترتب الفوائت اليوميّة مع أنفسها.

٤٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فنقول : القضاء تابع للأداء ، فكما (١) يجب فيها أداء يجب في قضائها ، لقوله (عليه السلام) : «من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (٢).

وقال الشافعي : الأولى الترتيب ، فإن قضاها بغير ترتيب أجزأه ، لأنّ كلّ صلاة مستقلّة بنفسها منفردة بحكمها ، وإنّما يترتّب في الأداء لترتّب أوقاتها ، فالترتيب في الأداء لضرورة الوقت ، ومع الفوات يصير دينا في ذمّته لا يتوقّف البراءة من بعضه على بعض كالدين وقضاء رمضان (٣).

وعندنا إنّها لذات الفعل ، لكن لنا فيه قولان :

أحدهما : وجوبه مطلقا.

والآخر : وجوبه مع الذكر دون النسيان ، وهو المعتمد لنفي الحرج.

الرابعة : الترتيب بين فوائت اليوميّة وحواضرها.

وفيه أربعة أقوال :

(ألف) : عدمه مطلقا ، وهو القول بالمواسعة ، وهو مذهب الفقيهين ، قال الصدوق : فان نمت عن الغداة حتّى طلعت الشمس فصلّ الركعتين ، ثمَّ صلّ الغداة (٤) ، فقد أجاز قضاء النافلة مقدّما على قضاء الفريضة.

(ب) : الترتيب مطلقا ، وهو القول بالمضايقة. وهو مذهب الثلاثة (٥) ،

__________________

(١) هكذا في الأصل ، والصحيح أن يقال : «فكلما».

(٢) عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ١٠٧ ، حديث ١٠٥ ، ويؤيده ما ورد في التهذيب : ج ٣ ، ص ١٦٢ ، باب ١٠ ، أحكام فوائت الصلاة ، حديث ١١ : «يقضي ما فاته كما فات».

(٣) لم نعثر عليه في كتاب الأم للشافعي.

(٤) المقنع : باب السهو في الصلاة ، ص ٣٣ ، س ٣.

(٥) اي المفيد في المقنعة : باب تفصيل احكام ما تقدم ذكره في الصلاة ، ص ٢٣ ، س ٣٣ ، قال : «من

٤٦٠