المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ابن إدريس (١) ، وسلّار (٢) ، والعلّامة في المختلف (٣).

احتجّ : بأن الذّمة مشغولة بالصلاة قطعا ، فلا يخرج المكلّف عن العهدة إلّا بيقين ، ولم يثبت هنا.

وبما رواه ابن بكير في الموثّق قال : سأل زرارة أبا عبد الله (عليه السّلام) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر؟ فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله). انّ الصلاة في وبر كلّ شي‌ء حرام أكله ، فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكلّ شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتّى تصلّي في غيره مما أحل الله أكله. ثمَّ قال : يا زرارة هذا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاحفظ ذلك يا زرارة. فإن كان ممّا يؤكل لحمه ، فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شي‌ء منه جائز إذا علمت أنّه ذكّي قد ذكّاه الذبح. وإن كان غير ذلك ممّا قد نهيت عن أكله ، أو حرّم عليك أكله ، فالصلاة في كلّ شي‌ء منه فاسدة ، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه (٤) وهو المعتمد.

والجواب : عن حجّة الأوّلين.

أمّا عن الأوّل : فإن الأصل يصار عنه للدليل ، وقد بيّنّاه.

__________________

(١) السرائر : كتاب الصلاة ، باب القول في لباس المصلي ، ص ٥٦ ، س ١٣ ، قال : «فعلى هذا لا يجوز الصلاة في السمور والسنجاب والفنك والثعالب والأرانب». الى آخره.

(٢) المراسم : ذكر احكام ما يصلى فيه ، ص ٦٣ ، س ٩ ، قال : «فاما اللباس فعلى ثلاثة أضرب ، الى ان قال : ومنه ما تحرم الصلاة فيه ، فجعل الصلاة في السمور والفنك والسنجاب منه».

(٣) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ، ص ٧٩ ، س ١٨ ، قال : وكذا أطلق السيد المرتضى في الجمل ، فقال : ولا تجوز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، وكذا ابن زهرة» الى ان قال س ٢٢ : «والوجه عندي المنع».

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٠٩ ، باب ١١ ، في ما يجوز الصلاة فيه من اللباس ، حديث ٢٦ ، وفيه «كل شي‌ء منه فاسدة لا تقبل».

٣٢١

وفي الثعالب والأرانب روايتان ، أشهرهما ، المنع.

ولا يجوز الصلاة في الحرير المحض للرجال إلّا مع الضرورة ، أو في الحرب.

______________________________________________________

وعن الروايتين : بضعف التمسّك بهما.

أمّا الأولى : فلاشتمالها على تسويغ الصلاة في الفنك ، فتسقط الاحتجاج بها رأسا ، لأنّهم غير قائلين به ، ولجواز حملها على حالة الضرورة.

وأمّا الثانية : فضعفها من وجهين.

(ألف) : من مقاتل ، فإنّه واقفي خبيث.

(ب) : أنّها مرسلة ، لأن أصلها محمّد بن يعقوب ، عن عبد الله بن إسحاق ، عن مقاتل بن مقاتل ، الخبر.

قال طاب ثراه : وفي الثعالب والأرانب روايتان أشهرهما المنع.

أقول : أمّا رواية الجواز في الثعالب : فهي ما رواه ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : سألته عن الصلاة في جلود الثعالب؟ فقال : إذا كانت ذكيّة فلا بأس (١).

وفي معناها رواية جميل ، عن الحسن بن شهاب ، عنه (عليه السّلام) (٢).

واما في الأرانب : فما رواه محمد بن إبراهيم قال : كتبت إليه أسأله عن الصلاة في جلود الأرانب؟ فكتب مكروهة (٣) وهي مقطوعة ، ومشتملة على المكاتبة ، فتحمل على

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٠٦ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ١٧ ، وليس في طريق الحديث (ابن أبي عمير).

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٦٧ ، باب ١٧ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز ، حديث ٥٩.

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٠٥ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ١٢.

٣٢٢

وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان : أظهرهما الجواز.

______________________________________________________

التقيّة. مع أنّه لا دلالة فيها ، لأنّ الحرام مكروه قطعا.

وما رواه محمّد بن عبد الجبّار قال : كتبت إلى أبي محمّد (عليه السّلام) أسأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير محض ، أو تكّة من وبر الأرانب؟ فكتب : لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض ، وإن كان الوبر ذكيّا حلّت الصلاة فيه إن شاء الله تعالى (١).

وهي ضعيفة باشتمالها على المكاتبة ، فتحمل على التقيّة ، ولا أعلم قائلا من الأصحاب بجواز الأرانب والثعالب ، بل الاختلاف في الروايات ، وقد عرفت المتضمّن للجواز ، وأمّا روايات المنع فكثيرة ، وقد مرّ بعضها.

قال طاب ثراه : وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان : أظهرهما الجواز.

أقول : منع الصدوق من صلاة المرأة في الحرير المحض (٢) ، وأجازه الباقون.

احتجّ الصدوق : بوجوه.

(ألف) : ورود النهي مطلقا ، فيتناول المرأة. كرواية محمد بن عبد الجبّار قال : كتبت إلى أبي محمد (عليه السّلام) أسأله هل يصلّى في قلنسوة حرير محض ، أو قلنسوة ديباج؟ فكتب لا تحلّ الصلاة في حرير محض (٣).

(ب) : وروده صريحا. كرواية زرارة عن الباقر (عليه السّلام) انّه سمعه ينهى

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٠٧ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ١٨ ، وليس فيه لفظ «محض».

(٢) الفقيه : ج ١ ، ص ١٧١ ، باب ٣٩ ، ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع ، قال بعد نقل حديث ٥٨ ، ما لفظه : «ووردت الرخصة في لبس ذلك (اي الحرير) للنساء ولم يرد بجواز صلاتهن فيه ، فالنهي عن الصلاة في الإبريسم المحض على العموم للرجال والنساء».

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٠٧ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه ، من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ٢٠.

٣٢٣

وفي التكّة والقلنسوة من الحرير تردّد ، أظهره الجواز مع الكراهية.

______________________________________________________

عن لباس الحرير للرجال والنساء ، إلّا ما كان من حرير مخلوطا بخزّ ، لحمته أو سداه خزّ أو كتّان أو قطن ، وانّما يكره الحرير المحض للرجال والنساء (١).

ولا يجوز أن يراد بالكراهة هنا مفهومها الحقيقي ، ليناولها الرجال. ولا الكراهة والتحريم معا ، لمنع استعمال المشترك في معنييه.

فان قيل : ورود الرخصة لهنّ بلبسه يسوّغ صلاتهنّ فيه.

أجاب : بعدم الملازمة ، فإنّ أكثر الفراء كذلك.

(ج) : طريقة الاحتياط.

احتجّ المسوّغون : بأصالة الجواز ، وبإطلاق الأمر بالصلاة ، خرج عنه التقييد بالمنع للرجال فيبقى الإطلاق في حقّ النساء ثابتا.

وأجابوا : عمّا تمسّك به الصدوق.

أمّا الرواية الأولى : فظاهرها يقتضي انصرافه إلى الرجل ، لكون السؤال عن القلنسوة ، وهي من ملابس الرجال.

وأمّا الثانية : ففي طريقها موسى بن بكر ، وهو واقفي ، وبجواز إرادة المعنيين معا ، ويصار إليه للضرورة.

قال طاب ثراه : وفي التكّة والقلنسوة من الحرير تردّد ، أظهره الجواز.

أقول : الجواز مختار الشيخ (٢) ، وأبي الصلاح (٣).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٦٧ ، باب ١٧ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز ، حديث ٥٦ ، وفيه : «من حرير مخلوط».

(٢) النهاية : كتاب الصلاة ، باب ما يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان وما لا يجوز ، ص ٩٨ ، س ١٧ ، قال : «ويكره الصلاة فيهما إذا عملا من حرير محض.

(٣) الكافي في الفقه : ص ١٤٠ ، كتاب الصلاة ، الشرط الثامن طهارة اللباس ، س ٨ ، قال : «ومعفو عن الصلاة في القلنسوة والتكة والجورب إلى ان قال : وان كان نجسا أو حريرا».

٣٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وابن إدريس (١) ، واختاره المصنّف (٢).

والمنع : مذهب الصدوق (٣) ، وأبي علي (٤) ، وظاهر المفيد (٥) ، وقوّاه العلامة في المختلف (٦) ، واختاره فخر المحقّقين (٧).

احتجّ الأوّلون : بوجوه.

(ألف) : أصالة عدم التحريم.

(ب) : إنّ جواز الصلاة فيهما مع النجاسة وإخراجهما عن حكم الثياب في ذلك ، يستلزم إباحة الصلاة فيهما إذا كانا من إبريسم محض ، لاشتراكهما في الغاية المطلوبة منهما ، وهو الاستعانة بهما في الملابس ، وليسا بلباس تام ، لعدم جواز الصلاة فيهما على الانفراد ، فكان وجودهما كعدمهما.

(ج) : روى الحلبي عن الصادق (عليه السّلام) قال : كلّما لا تجوز الصلاة فيه

__________________

(١) السرائر : كتاب الصلاة ، باب القول في لباس المصلي ، ص ٥٨ ، س ٤ ، قال : «ويكره الصلاة فيهما (أي القلنسوة والتكة) إذا عملا من حرير محض».

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة ، في لباس المصلي ، ص ١٥١ ، س ٨ ، قال : «وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد ، أظهره الجواز مع الكراهية».

(٣) الفقيه : ج ١ ، ص ١٧٢ ، باب ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع ، قال بعد حديث ٦١ ، «ولا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم».

(٤) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ، ص ٨٠ ، س ١٤ ، قال : «ولم يستثن المفيد ولا ابن بابويه ولا ابن الجنيد شيئا ، والظاهر من مذهبهم عموم المنع».

(٥) المقنعة : باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه من ذلك. ص ٢٥ ، س ٤ ، قال : «ولا يجوز للرجال الصلاة في الإبريسم المحض مع الاختيار».

وإنّما قال المصنّف (وظاهر المفيد) لأنه لم يستثن التكة والقلنسوة في ذلك.

(٦) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ، ص ٨٠ ، س ٣٤ ، قال : «والأقوى الأول : أي عدم جواز الصلاة فيهما».

(٧) لم نعثر على مختاره.

٣٢٥

وهل يجوز الركوب عليه والافتراش له؟ المروي نعم ، ولا بأس بثوب مكفوف به ، ولا يجوز في ثوب مغصوب مع العلم ، ولا فيما يستر ظهر القدم ما لم يكن له ساق كالخف.

ويستحب في النعل العربيّة ،

ويكره في الثياب السود ، ما عدا العمامة والخف ، وفي الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب ، أو فوقه ، وفي ثوب واحد للرجال ، ولو حكى ما تحته لم يجز ، وأن يأتزر فوق القميص ، وأن يشتمل الصّماء ، وفي عمامة لا حنك لها ، وأن يؤمّ بغير رداء ، وأن يصحب معه حديدا ظاهرا ، وفي ثوب يتّهم صاحبه ، وفي قباء فيه تماثيل ، أو خاتم فيه صورة.

ويكره للمرأة أن تصلي في خلخال له صوت ، أو متنقّبة.

ويكره للرجال اللثام ،

______________________________________________________

وحده ، فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكّة الإبريسم ، والقلنسوة ، والخفيّن ، والزنّار يكون في السراويل ويصلّى فيه (١).

وأجيب عن الأول : بمعارضته بطريق الاحتياط.

وعن الثاني : بالفرق ، فانّ المانع في النجس عارض ، وفي الإبريسم ذاتي.

وعن الثالث : بانّ في الطريق أحمد بن هلال ، وهو غال.

قال طاب ثراه : وهل يجوز الركوب عليه (٢) ، والافتراش له؟ المروي : نعم.

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٥٧ ، باب ١٧ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز ، حديث ١٠ ، وفيه : «القلنسوة والخف».

(٢) في النسخة المخطوطة والمطبوعة من مختصر النافع هكذا ، وفي النسخ المخطوطة من الشرح (الوقوف عليه) بدل (الركوب عليه).

٣٢٦

وقيل : يكره في قباء مشدود إلّا في الحرب.

______________________________________________________

أقول : الجواز مذهب الأكثر. ومستنده الأصل ، ورواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السّلام) قال : سألته عن فراش حرير ومثله من الديباج يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال : يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه (١).

والمنع للشيخ في المبسوط (٢) ، وكذا حرم الستور المعلّقة منه. للاحتياط ، ولعموم النهي عن الحرير للرجل ، وهو مخصوص باللبس عند المصنّف (٣) ، والعلامة (٤) ، عملا بالأصل السالم عن معارضة كون هذا الاستعمال لبسا ، والتحريم انّما ورد فيه.

قال طاب ثراه : وقيل : يكره في قباء مشدود إلّا في الحرب.

أقول : الكراهية مذهب الأكثر. للأصل. وقال صاحب الوسيلة : بالتحريم (٥) ، وبه قال المفيد : إلّا في حال الحرب ، فلا يتمكّن من حلّه ، ويجوز ذلك للاضطرار (٦).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، س ٣٧٣ ، باب ١٧ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز ، قطعة من حديث ٨٥ وفيه : «والصلاة عليه».

(٢) لم أعثر على فتواه في المبسوط ، ولكن نقله عنه في الجواهر ، قال : نقلا عن الوسيلة : «وما يحرم عليه لبسه يحرم فرشه والتدثر به والاتكاء عليه وأسباله سترا ، ثمَّ قال : بل عن المبسوط مثل ذلك أيضا». لاحظ الجواهر. المجلد الثامن من الطبعة الحديثة ، ص ١٢٧.

(٣) المعتبر : كتاب الصلاة ، في لباس المصلي ، ص ١٥٠ ، س ٢٠ ، قال : «اما تحريم لبسه للرجال فعليه علماء الإسلام».

(٤) التذكرة : كتاب الصلاة ، ص ٩٥ ، س ٣٩ ، قال في الفرع السابع من فروع لبس الحرير ما لفظه : «(ز) الأقرب جواز افتراش الحرير المحض والوقوف عليه والنوم للرجال. لوجود المقتضي ، وهو أصالة الإباحة السالم عن معارضة النهي المختص باللبس ، لانتفاء اللبس هنا».

(٥) الوسيلة : كتاب الصلاة ، فصل في بيان ما تجوز فيه الصلاة ، ثمَّ قسم اللباس ثلاثة أقسام ، والثالث ما لا يجوز فيه الصلاة ، قال : «والقباء المشدود إلا في حال الحرب».

(٦) المقنعة : باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه من ذلك ، ص ٢٥ ، س ١٩ ، قال : «ولا يجوز لأحد أن يصلي وعليه قباء مشدود» الى آخره.

٣٢٧

مسائل ثلاث :

الاولى : ما يصحّ فيه الصلاة يشترط فيه الطهارة ، وأن يكون مملوكا أو مأذونا فيه.

الثانية : يجب للرجل ستر قبله ودبره ، وستر ما بين السرّة والركبة أفضل ، وستر جسده كلّه مع الرداء أكمل.

ولا تصلّي الحرّة إلّا في درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفّين.

وفي القدمين تردّد ، أشبهه الجواز.

والأمة والصبيّة تجتزئان بستر الجسد ، وستر الرأس مع ذلك أفضل.

الثالثة : يجوز الاستتار في الصلاة بكلّ ما يستر العورة كالحشيش وورق الشجر والطين. ولو لم يجد ساترا صلّى عريانا قائما موميا إذا أمن المطّلع ، ومع وجوده يصلّي جالسا موميا للركوع والسجود.

______________________________________________________

والحقّ الأوّل. لأصالة التسويغ ، وعدم التحريم.

قال الشيخ رحمه الله ، لمّا حكى قول المفيد : ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه ، وسمعناها من الشيوخ مذاكرة ، ولم أجد به خبرا مسندا (١).

قال طاب ثراه : وفي القدمين تردّد أشبهه الجواز.

أقول : الستر شرط في الصلاة ، سواء كان هناك ناظر أو لا ، ولا يكفي إحاطة الفسطاط والخيمة والخزانة الضيّقة به. لان ذلك لا يسمّى لباسا. نعم لا يشترط

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٣٢ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، ذيل حديث ١٢١ ، وفيه «ولم اعرف به».

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الستر من تحت ، قاله الشهيد (١) وقال العلّامة في التذكرة : لو كان على سطح يرى عورته من أسفل لم تصحّ صلاته لعدم الستر ، وقال الشافعي : تصحّ ، لان الستر انّما يلزمه من الجهة التي يعتاد النظر منه إليها ، والنظر من الأسفل لا يعتاد ، قال : والمقدّمتان ممنوعتان (٢).

والكلام فيما يجب ستره على المصلّي يقع في فصلين.

الأوّل : الرجل وفي عورته ثلاثة أقوال.

(ألف) : القبل والدبر ، وهو قول الأكثر.

(ب) : من السرّة إلى الرّكبة ، وهو مذهب القاضي (٣) ، والتقي (٤). قال التقي : ولا يتمّ ذلك إلّا بساتر من السرّة إلى نصف الساق ، ليصحّ سترها في حال الركوع والسجود.

(ج) : القبل والدبر مع التنصيص ، وهو مروي عن الصادق (عليه السّلام) ، عورة

__________________

(١) الذكرى : ص ١٤١ ، س ٣١ ، كتاب الصلاة ، الباب الرابع في الستر ، المسألة الرابعة من مسائل الستر ، قال : «الرابعة. الستر يراعى من الجوانب ومن فوق ، ولا يراعى من تحت ، فلو كان على طرف سطح يرى عورته من تحته أمكن الاكتفاء لان الستر انما يلزم من الجهة التي جرت العادة بالنظر منها وعدمه».

وانما نقلنا كلام الشهيد برمته لكي يظهر ان الذي نقله العلامة من قول الشافعي قد استدل به الشهيد أيضا.

(٢) التذكرة : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع في اللباس ، ص ٩٤ ، س ٢٩ ، قال : (ري) لو كان على سطح» انتهى.

(٣) المهذب : باب ستر العورة ، ص ٨٣ ، س ٢٢ ، قال : «فأما عورة الرجال فهي من السرة إلى الركبتين».

(٤) الكافي في الفقه : ص ١٣٩ ، كتاب الصلاة ، س ١٠ ، قال : «الشرط السادس : ستر العورة شرط في صحة الصلاة ، وعورة الرجل» الى آخره.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المؤمن قبله ودبره ، والدبر مستور بالأليتين ، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة (١) وهو المعتمد.

قال العلّامة في التحرير : وهل البيضتان من العورة؟ ، ثمَّ حكى لفظ الرواية ولم يختر شيئا (٢) ، وفي غيره من كتبه العورة السوئتان ، كمقالة المصنّف (٣).

الثاني : المرأة ، وفيها ثلاثة أقوال.

(ألف) : الجسد ، دون الرأس ، إلّا ان يكون هناك ناظر ليس بمحرم ، وهو قول أبي علي (٤).

واحتجاجه : برواية عبد الله بن بكير عن الصادق (عليه السّلام) قال : لا بأس بالمرأة المسلمة أن تصلّي مكشوفة الرأس (٥) وبأصالة الصحّة ، وبراءة الذمّة من وجوب الزائد عمّا وقع عليه الإجماع.

مندفع ، بضعف السند ، والمعارضة بتيقّن شغل الذمّة ، والاحتياط.

(ب) : أنّه الجسد مع الرأس ، دون الوجه والكفّين والقدمين. وهو قول الشيخ في المبسوط (٦).

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، ص ٣٧٤ ، باب ١٨ ، باب دخول الحمام وآدابه وسننه ، حديث ٩ ، والحديث عن أبي الحسن الماضي (عليه السّلام) ، وصدره قال : «العورة عورتان ، القبل والدبر ، الحديث».

(٢) التحرير : كتاب الصلاة ، المطلب الثالث في ستر العورة ، ص ٣١ ، س ٢٠.

(٣) التذكرة : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع في اللباس ، ص ٩٢ ، س ٢٩.

وفي المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ص ٨٣ ، س ٦.

(٤) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ، ص ٨٣ ، س ١٠ ، قال : «وقال ابن الجنيد : لا بأس ان تصلي المرأة الحرة وغيرها وهي مكشوفة الرأس».

(٥) الاستبصار : ج ١ ، ص ٣٨٩ ، باب ٢٢٨ ، حديث ٤ ، وفيه «المسلمة الحرّة ان تصلّي وهي».

(٦) المبسوط : ج ١ ، كتاب الصلاة ، فصل في ستر العورة ، ص ٨٧ ، س ١٧ ، قال : «فأما المرأة الحرة فإنه يجب عليها ستر رأسها وبدنها من قرنها ، الى قدمها ، ولا يجب عليها ستر الوجه والكفين وظهور القدمين».

٣٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

واختاره ابن إدريس (١) ، والمصنّف (٢) ، والعلّامة (٣).

(ج) : أنّه جميع البدن ما عدا الوجه فقط ، وهو قول الشيخ في الاقتصاد (٤).

احتجّ العلّامة : بأنّ الكفين ليسا من العورة ، إذا الغالب كشفهما دائما ، لإمساس الحاجة إليه للأخذ والعطاء وقضاء المهامّ ، وكذا الرجلان ، بل كشفهما أغلب في العادة (٥) ، ولو كانا من العورة ، لنقل ، لعموم البلوى به ، فتتوفّر الدواعي على نقله ، فعدم اشتهاره يدلّ على انّه لم ينقل ، فيكون مندرجا تحت عموم الإباحة ، وبصحيحة محمد بن مسلم ، عن الباقر (عليه السّلام) قال : المرأة تصلّي في الدرع والمقنعة (٦).

والدرع : هو القميص ، والمقنعة تزاد للرأس ، والقميص لا يستر القدمين غالبا.

فروع

(ألف) : لو انكشفت عورته في الصلاة. فان لم يعلم حتّى فرغ ، صحّت صلاته ، سواء طالت المدّة أو قصرت ، قليلا كان المنكشف أو كثيرا. لسقوط التكليف مع عدم العلم ، ولما رواه علي بن جعفر عن أخيه (عليه السّلام) قال : سألته عن الرجل

__________________

(١) السرائر : كتاب الصلاة ، باب القول في لباس المصلى ، ص ٥٥ ، س ٣٤.

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة ، في لباس المصلي ، ص ١٥٤ ، س ٧.

(٣) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في اللباس ، ص ٨٣ ، س ٢٢ ، قال : «والوجه ما قاله الشيخ في المبسوط».

(٤) الاقتصاد : كتاب الصلاة ، فصل في ستر العورة ، ص ٢٥٨ ، س ٦ ، قال : «وأما المرأة الحرّة فإن جميع بدنها عورة» الى أن قال : «ولا تكشف غير الوجه».

(٥) الى هنا كلام العلّامة ، مع اختلاف يسير ، راجع المختلف ، كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في لباس المصلي ، ص ٨٣ ، س ٢٤.

(٦) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٤٣ ، باب ٥٤ ، باب آداب المرأة في الصلاة ، حديث ١ ، وإليك تمام الحديث «إذا كان كثيفا ، يعني ستيرا».

٣٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

يصلّي وفرجه خارج لا يعلم به ، هل عليه إعادة ، أو ما حاله؟ قال : لا إعادة عليه وقد تمّت صلاته (١).

وإن علم في الأثناء : قال في المبسوط : لا تبطل (٢) ، واختاره المصنّف (٣) ، والشهيد (٤).

بل يجب عليه المبادرة إلى الستر.

وقال العلّامة : يبطل ، لأنّ الستر شرط وقد فات (٥). وعلى القول بالبطلان يحكم به من حين الرؤية ، فتصح صلاة المأموم إذا نوى الانفراد حينئذ.

(ب) : لو صلّى عاريا تأسيّا فأقوى الاحتمالين الإعادة مع بقاء الوقت وخروجه.

(ج) : لو كان في ثوبه خرق فجمعه وأمسكه بيده ، صحّت صلاته. ولو وضع يده على موضع الخرق وستره بيده احتمل ضعيفا الصحّة ، لحصول الستر ، وقويّا البطلان ، لأن إطلاق الستر ينصرف إلى ما تغطي العورة من غير البدن.

(د) : لو ظنّ العاري وجود الساتر في الوقت ، وجب التأخير. وإن لم يتوقّع وجوده

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢١٦ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة ، فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ٥٩ ، وفيه : «عن الرجل صلّى وفرجه».

(٢) المبسوط : ج ١ ، ص ٨٧ ، كتاب الصلاة ، فصل في ستر العورة ، س ٨ ، قال : «فان انكشف عورتاه في الصلاة وجب عليه سترهما ولا تبطل صلاته».

(٣) المعتبر : كتاب الصلاة ، في لباس المصلي ، ص ١٥٤ ، س ١٩ ، قال : «ولا تبطل صلاته مع عدم العلم».

(٤) الذكرى : ص ١٤١ ، س ٥ ، كتاب الصلاة ، الباب الرابع في الستر ، قال في المسألة السادسة : «والمصلي مستورا ويعرض له التكشف في الأثناء بغير قصد لا يعيد مطلقا».

(٥) التحرير : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع في لباس المصلي ، المطلب الثالث في ستر العورة ، ص ٣٢ ، س ٢.

٣٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لم يجب التأخير عند الشيخ (١) تحصيلا لفضيلة أوّل الوقت ، وحذرا من حصول المسقط. واختاره العلّامة (٢) ، ويجب مطلقا لجواز الحصول ، عند المرتضى (٣) ، وسلّار ، بناء على أصلهما في أصحاب الأعذار (٤).

(ه): قال المصنّف في النافع : يجوز الاستتار بكلّ ما يستر العورة كالحشيش وورق الشجر (٥) ، وهذه العبارة يعطي جواز الاستتار بالورق مع الاختيار.

وفي الشرائع : ولو لم يجد ثوبا سترهما بما وجده ولو بورق الشجر (٦) ، وكذا العلّامة في كتبه جعل مرتبة الورق عند فقدان الثوب (٧) ، وكذا الشيخ في المبسوط (٨) ، وابن إدريس (٩).

والتحقيق : انّه إن فرض من ورق الشجر والحشيش ما يستر به العورة وتتمكّن من الركوع والسجود فيه ، مع أمنه من تمزّقه ، جاز اختيارا ، والثوب أفضل ، لزيادة الاستظهار به. وإن لم يأمن تمزّقه وتناثره لم يجز اختيارا.

(و) : ولو لم يجد ساترا ووجد طينا ، وجب عليه أن يطيّن عورته. قال الصادق

__________________

(١) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في الساتر ، ص ٨٤ ، س ١١ ، نقلا عن النهاية.

(٢) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في الساتر ، ص ٨٤ ، س ١٢.

(٣) نقله في المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في الساتر ، ص ٨٤ ، س ٩.

(٤) نقله في المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الثالث في الساتر ، ص ٨٤ ، س ٩.

(٥) نقلناه آنفا في المتن.

(٦) الشرائع : ج ١ ، ص ٧٠ ، المقدمة الرابعة في لباس المصلي ، قال في المسألة السابعة : «وإذا لم يجد ثوبا سترهما بما وجده ولو بورق الشجر».

(٧) التذكرة : ج ١ ، ص ٩٣ ، س ٣٤ ، الفصل الرابع في اللباس ، قال : «فان وجد ورق الشجر وتمكّن من الستر به ، وجب. وكذا في التحرير ، ص ٣١ ، س ٣١.

(٨) المبسوط : ج ١ ، ص ٨٧ ، كتاب الصلاة ، فصل في ستر العورة ، س ٩ ، قال : «فاما العريان فان قدر على ما يستر به عورته من خرق أو ورق أو طين يطلي به ، وجب عليه ان يستره».

(٩) السرائر : كتاب الصلاة ، باب القول في لباس المصلي ، ص ٥٥ ، س ٣٢.

٣٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

(عليه السّلام) : «النورة سترة» (١) ، ويجب في الستر بالطين مواراة اللون والحجم مع المكنة ، فإن تعذّر اكتفى بستر اللون. قاله الشهيد (٢) ، وهو أحوط.

ويحتمل : الاكتفاء بستر اللون دون الحجم. أمّا الثوب فلا يشترط فيه ستر الحجم ، بل لون البشرة ، فلا يحكيها ، لان الحجم يحكي من تحت الصفيق. ولو وجد وحلا أو ماء كدرا يستر عورته لو نزله ، وأمن الضرر ، وجب نزوله. ولو وجد حفيرة دخلها وصلّى قائما مع أمن المطّلع. وهل يركع ويسجد؟ قال العلّامة : نعم (٣). لرواية أيّوب بن نوح ، عن الصادق (عليه السّلام) : العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة دخلها ، فيسجد فيها ويركع (٤).

وذهب بعضهم إلى الإيماء.

ولو وجد الجميع ، قدّم الحشيش وورق الشجر ، ثمَّ الحفرة ، ثمَّ الماء ، ثمَّ الطين. ويومي في الأخيرين.

(ز) : لو لم يجد سوى الحرير ، صلّى عاريا. لفقدان الساتر ، والنهي عن هذه السترة ، ولو اضطرّ إلى الاستتار بالحرير ، أو غير المأكول ، قدّم الحرير ، ويقدّم النجس عليهما.

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ، ص ٦٥ ، باب ٢٢ ، غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في التنظيف والزينة ، قطعة من حديث ٢٦ ، والحديث عن ابي جعفر (عليه السّلام).

(٢) الدروس : كتاب الصلاة ، درس يجب ستر العورة في الصلاة ، ص ٢٦ ، س ٥ ، قال : «ولو بقي الحجم وستر اللون أجزأ مع التعذّر».

(٣) التحرير : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع في اللباس ، ص ٣٢ ، س ٢ ، قال : «(و) لو وجد حفيرة دخلها وصلّى قائما بركوع وسجود».

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٦٥ ، باب ١٧ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز ، حديث ٤٩.

٣٣٤

الخامسة

في مكان المصلّي

يصلّي في كلّ مكان إذا كان مملوكا أو مأذونا فيه ، ولا يصحّ في المكان المغصوب مع العلم.

وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلّي قولان :

أحدهما : المنع سواء صلّت بصلاته أو منفردة ، محرما كانت أو أجنبيّة.

والآخر : الجواز على كراهيّة.

ولو كان بينهما حائل ، أو تباعدت عشرة أذرع فصاعدا ، أو كانت متأخّرة عنه ولو بمسقط الجسد ، صحّت صلاتهما ، ولو كانا في مكان لا يمكن فيه التباعد صلّى الرجل أوّلا ثمَّ المرأة.

ولا يشترط طهارة موضع الصلاة إذا لم تتعدّ نجاسته ، ولا طهارة موضع السجدة عدا موضع الجبهة.

ويستحبّ صلاة الفريضة في المسجد إلّا في الكعبة ، والنافلة في المنزل.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلّي قولان.

أقول : للأصحاب هنا قولان :

(ألف) : التحريم في التقدّم والمحاذاة ، وهو مذهب الشيخين (١) ، والتقي (٢) ، و

__________________

(١) اي المفيد في المقنعة : باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه من ذلك ، ص ٢٥ ، س ١٧ ، قال : «ولا يجوز للرجل أن يصلّي وامرأة تصلي إلى جانبه : والطوسي في النهاية ، باب ما يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان وما لا يجوز ، ص ١٠٠ ، س ١٨ ، قال : «ولا يجوز للرجل الصلاة إذا كان إلى جنبه أو بين يديه امرأة تصلّي».

(٢) الكافي في الفقه : ص ١٢٠ ، في الواجب تركه في الصلاة ، س ٨ ، قال : «وصلاة الرجل إلى جانب

٣٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ابن حمزة (١) ، والصدوق في المقنع (٢) ، للاحتياط ، ولرواية عمّار ، عن أبي عبد الله (عليه السّلام) انّه سئل عن الرجل له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال : لا حتّى تجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع. وإن كانت عن يمينه أو عن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك ، فان كانت تصلّي خلفه فلا بأس (٣).

والسند ضعيف.

(ب) : الكراهة فيهما ، وهو مذهب المرتضى في المصباح (٤) ، واختاره المصنّف (٥) ، والعلّامة (٦) ، للأصل ، ولرواية جميل عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الرجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه؟ قال : لا بأس (٧).

فرع

لو شرع أحدهما في الصلاة قبل صاحبه ثمَّ أحرم الآخر ، قال الشهيد : الأقرب

__________________

المرأة ، والمرأة إلى جانب الرجل».

(١) المختلف : في المكان ، ص ٨٥ ، س ٣٦ ، قال : «وكذا إن تقدّمته ، وهو اختيار ابن حمزة».

(٢) المقنع : باب ما يصلى فيه من الثياب وما لا يصلى فيه وغير ذلك ، ص ٢٥ ، س ٤ ، قال : «ولا تصل وبين يديك امرأة».

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٣١ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ١١٩. مع اختلاف يسير في العبارة.

(٤) المختلف : ص ٨٥ ، س ٣٧ ، قال : «وقال المرتضى في المصباح : انه مكروه إلى أن قال : «وهو الأقوى عندي».

(٥) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقدمة الخامسة في المكان ، ص ١٥٦ ، س ٢٩ ، قال : «والثاني (أي الجواز على كراهية) مذهب علم الهدى في المصباح ، وهو أولى».

(٦) المختلف : ص ٨٥ ، س ٣٧ ، قال : «وقال المرتضى في المصباح : انه مكروه إلى أن قال : «وهو الأقوى عندي».

(٧) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٣٢ ، باب ١١ ، ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه من ذلك ، حديث ١٢٠.

٣٣٦

ويكره الصلاة في الحمام ، وبيوت الغائط ، ومبارك الإبل ، ومساكن النمل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير ، وبطون الأودية ، وأرض السبخة والثلج إذا لم تتمكّن جبهته من السجود ، وبين المقابر إلّا مع حائل ، وفي بيوت المجوس والنيران والخمور ، وفي جواد الطرق ، وأن يكون بين يديه نار مضرمة ، أو مصحف مفتوح ، أو حائط ينز من بالوعة ، ولا بأس بالبيع والكنائس ومرابض الغنم.

______________________________________________________

بطلانهما (١) ولعلّه استند إلى عموم النص مع ندور الاقتران.

قال : وفي رواية. لو صلّت حيال الامام السابق عليها أعادت وحدها (٢).

قلت : ويؤيّد هذه الرواية ، اختصاصها بالنهي ، لوجود المنافي منها. ولان الترك المبطل هو المستند إلى فعل المكلف ، وليس هذا مستندا إليه ، ولم يعهد مثله في الشرع ، لأنّا لا نعلم مكلّفا يتسلّط على إبطال عبادة غيره. أو أنّ إنسانا يبطل عبادته بوجود أمر خوطب بتركه غيره.

قال الشيخ : ولو صلّت إلى جانب الامام ، تبطل صلاته وصلاة المأمومين في الصفّ دون باقي الصفوف (٣).

ولعلّ نظره إلى حصول الحيلولة بالصفّ الأوّل.

وفيه نظر : لانّ بطلان صلاة الإمام يستلزم بطلان صلاة المأموم ، اللهم إلّا

__________________

(١) الدروس : كتاب الصلاة ، ص ٢٨ ، س ٢ ، قال : «وعلى المنع ، الى ان قال : فالأقرب بطلانهما».

(٢) الدروس : كتاب الصلاة ، ص ٢٨ ، س ٣.

(٣) المبسوط : كتاب الصلاة ، فصل في ذكر ما يجوز الصلاة فيه من المكان وما لا يجوز ، ص ٨٦ ، س ١٩ ، قال : «وان صلت بجنب الامام بطلت صلاتها وصلاة الامام ولا تبطل صلاة المأمومين الذين هم وراء الصف الأول».

٣٣٧

وقيل : يكره إلى باب مفتوح أو إنسان مواجه.

______________________________________________________

يجدّدوا نيّة الانفراد حينئذ.

قال الشهيد : إن علموا بطلت صلاة الجميع ، وإن جهلوا بطلت صلاتها وصلاة الامام (١) ، وينبغي تقييد الأوّل بالبقاء على الايتمام ، أو سبق العلم ، أما لو نووا الانفراد ، فالأشبه الصحّة.

قال طاب ثراه : وقيل : يكره الى باب مفتوح أو إنسان مواجه.

أقول : هذا قول التقي : (٢) ، قال المصنّف وهو أحد الأعيان ، فلا بأس باتّباع فتواه (٣) ، ويحتمل العدم لأصالة براءة الذمّة من اشتغالها بواجب أو ندب ، وأيضا الكراهة حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعيّة ، وليس في الكتاب والسنّة ما يدلّ على ذلك. والأكثرون على الأوّل.

__________________

(١) الدروس : كتاب الصلاة ، ص ٢٨ ، س ٤ ، قال : «ولو حازت الامام وعلم المأمومون بطلت صلاة الجميع. ولو جهلوا بطلت صلاتها وصلاة الإمام».

(٢) الكافي في الفقه : كتاب الصلاة ، ص ١٤١ ، الشرط العاشر ، من شروط الصلاة ، س ١٠ ، قال في بيان المكروهات : «ومقابلة وجه الإنسان».

(٣) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقدّمة الخامسة في المكان ، ص ١٥٨ ، س ١٨.

٣٣٨

السادسة

فيما يسجد عليه

لا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود والصوف ، ولا ما يخرج باستحالته عن اسم الأرض كالمعادن ، ويجوز على الأرض وما ينبت منها ما لم يكن مأكولا بالعادة.

وفي الكتّان والقطن روايتان ، أشهرهما المنع ، إلّا مع الضرورة.

ولا يسجد على شي‌ء من بدنه ، فان منعه الحر سجد على ثوبه ، ويجوز السجود على الثلج والقير وغيره مع عدم الأرض وما ينبت منها ، فان لم يكن فعلى كفّه. ولا بأس بالقرطاس ، ويكره منه ما فيه كتابة. ويراعى فيه أن يكون مملوكا أو مأذونا فيه ، خاليا من نجاسة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي الكتّان والقطن روايتان ، أشهرهما المنع إلّا مع الضرورة.

أقول : الجواز مذهب المرتضى في المسائل الموصليّة ، والمسائل المصريّة الثانية (١) مستندا إلى رواية ياسر الخادم قال : مرّ بي أبو الحسن (عليه السّلام) وأنا أصلّي على الطبري ، وقد ألقيت عليه شيئا أسجد عليه ، فقال لي : ما لك لا تسجد عليه؟ أليس هو من نبات الأرض؟ (٢).

وأجيب : بعد تسليم السند ، بحمله على التقيّة.

__________________

(١) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقدمة السادسة ، ص ١٥٨ ، س ٣٥ ، قال : «مسألة ، وفي القطن والكتّان روايتان ، أشهرهما المنع. اما المبيحة فاختيار علم الهدى في المسائل الموصليّة ، قال : يكره السجود على الثوب المنسوج من قطن أو كتان ، كراهية تنزه وطلب فضل ، لا انه محظور ومحرم».

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ، باب ١٥ ، كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ١٠٥.

٣٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فان قيل : رواية داود الصرمي قال : سألت أبا الحسن الثالث (عليه السّلام) هل يجوز السجود على القطن والكتّان من غير تقيّة؟ فقال : جائز (١) ، يمنع ما ذكرتم من التأويل.

قلنا : بعد المنع من صحّة السند ، جاز استناد هذه الفتيا أيضا إلى التقيّة.

قال الشيخ : إذا لم يكن تقيّة ، وكان هناك عذر من حرّ أو برد ، جاز (٢).

والتحريم : مذهب المرتضى في غير المسائل المتقدّمة ، ومذهب الأصحاب ، وبه تظافرت الروايات (٣).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٠٧ ، باب ١٥ ، كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ١٠٢.

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ، باب ١٥ ، كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، ذيل حديث ١٠٢ ، نقلا بالمضمون.

(٣) لاحظ الوسائل : ج ٣ ، ص ٥٩٤ ، كتاب الصلاة ، باب ٢ ، من أبواب ما يسجد عليه.

٣٤٠