المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

وفي المبتدأة والمضطربة تردّد ، والاحتياط للعبادة أولى حتّى يتيقّن الحيض.

وذات العادة مع الدم تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين ، ثمَّ تعمل ما تعمله المستحاضة ، فإن استمرّ ، وإلّا قضت الصوم.

وأقل الطهر عشرة أيّام ولا حدّ لأكثره.

وأمّا الأحكام

فلا ينعقد لها صلاة ولا صوم ، ولا طواف ، ولا يرتفع لها حدث. ويحرم عليها دخول المساجد إلّا اجتيازا عدا المسجدين.

______________________________________________________

وقال في النهاية : تعمل على التمييز (١) وبه قال : في المبسوط (٢) ، والخلاف (٣) ، وقال فيهما : ولو قلنا بالرجوع إلى العادة كان قويّا (٤).

قال طاب ثراه : وفي المبتدأة والمضطربة تردّد ، والاحتياط للعبادة أولى حتى يتيقّن الحيض.

أقول : قال الشيخ رحمه الله المبتدأة تترك العبادة بنفس رؤية الدم ، كذات

__________________

(١) النهاية : كتاب الطهارة ، ص ٢٤ ، س ٥ ، قال : «والصفرة في أيّام الحيض حيض ، وفي أيّام الطهر طهر» إلخ.

(٢) المبسوط : ج ١ ، كتاب الطهارة ، فصل في ذكر الاستحاضة وأحكامها ص ٤٨ ، س ١٩ ، قال : «وأمّا القسم الثاني وهي التي لها عادة وتمييز» إلى أن قال : ص ٤٩ ، س ٧ ، «ولو قلنا في هذه المسائل أنها تعمل على العادة دون التمييز لما روي عنهم (عليهم السلام) ان المستحاضة ترجع الى عادتها ، ولم يفصّلوا ، كان قويا».

(٣) الخلاف : كتاب الحيض ، ج ١ ، ص ٦٩ ، مسألة ١٧ ، قال : «إذا اجتمع لامرأة واحدة عادة وتمييز ، كان الاعتبار بالتمييز دون العادة». الى ان قال : ص ٧٠ ، س ٢ «ولو قلنا بقول أبي حنيفة (ان الاعتبار بالعادة) كان قويا».

(٤) تقدم آنفا.

١٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

العادة (١). واختاره العلّامة في المختلف (٢) ، محتجّا برواية معاوية بن عمّار الصحيحة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إنّ دم المستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان ، إنّ دم الاستحاضة بارد ، وإنّ دم الحيض حارّ (٣) وجه الاستدلال : انّه (عليه السلام) وصف دم الحيض بما ذكره ليحكم به حيضا وقد علم تحريم الصلاة والصوم على الحائض.

وبحسنة حفص بن البختري قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) امرأة سألته عن المرأة يستمرّ بها الدم فلا تدري حيض هو أو غيره؟ قال : فقال لها : انّ دم الحيض حارّ عبيط أسود ، له دفع وحرارة. ودم الاستحاضة أصفر بارد. فاذا كان للدم حرارة ودفع وسواد ، فلتدع الصلاة. قال : فخرجت وهي تقول : والله لو كان امرأة ما زاد على هذا (٤).

لا يقال : السؤال وقع عن الدم المستمرّ ، ونحن نقول به ، فاذا استمرّ ثلاثة وجب ترك العبادة.

لأنّا نقول : العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب. سلّمنا ، لكن تقييد الاستمرار بالثلاثة غير مستفاد من النص ، فلا بدّ له من دليل ، ولم يثبت ، فيحمل على

__________________

(١) المبسوط : ج ١ كتاب الطهارة ، فصل في ذكر الحيض والاستحاضة ، ص ٤٢ ، س ١٠ ، قال : «فاذا ثبت هذا فأول ما ترى المرأة الدم ينبغي أن تمتنع من الصوم والصلاة». الى آخره.

(٢) المختلف : في أحكام الحيض ، ص ٣٧ ، س ٢٤ ، قال : «مسألة : قال الشيخ : المبتدأة تترك الصلاة والصوم إذا رأت الدم ، ثمَّ نقل ما خالفه السيد ، وقال : الوجه عندي الأول».

(٣) الكافي : ج ٣ ، ص ٩١ ، كتاب الحيض ، باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة ، حديث ٢ ، وفيه «من مكان واحد».

(٤) الكافي : ج ٣ ، ص ٩١ ، كتاب الحيض ، باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة حديث ١ ، وفيه «والله ان لو كان امرأة».

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

مفهومه ، وهو يصدق باليوم الواحد ، ولانّه دم يمكن ان يكون حيضا ، فيجب أن يكون حيضا كذات العادة. ثمَّ قال : احتجّ المخالف. بان الاحتياط للعبادة أولى ، فيحرم ترك الصلاة والصوم بمجرد رؤية الدم. ولأنّ الأصل عدم الحيض.

والجواب عن الأوّل. انّ الاحتياط لو كان معتبرا هناك ، لكان معتبرا في ذات العادة ، والتالي باطل إجماعا إذ يجب على ذات العادة ترك العبادة بمجرّد رؤية الدم ، فالمقدّم مثله.

بيان الشرطيّة. ان المقتضى للاحتياط هنا إنّما هو عموم الأمر بالعبادة مع عدم تيقّن الحيض ، وهذا المعنى ثابت في ذات العادة.

لا يقال : الفرق ثابت ، فان الظن حاصل في ذات العادة دون المبتدأة.

لأنّا نقول : إن عنيت الظن المطلق فهو ثابت في صورة النزاع ، لأنّها رأت دما بصفة دم الحيض في وقت إمكانه ، فغلب على الظن كونه حيضا. وإن عنيت ظنا خاصا ، وجب بيانه وإقامة الدليل على اعتباره ، ثمَّ يعارض الاحتياط بمثله ، فإن الحائض يحرم عليه أشياء ، كما انّ الظاهر يجب عليه أشياء. هذا آخر كلامه في المختلف (١).

وقال المرتضى (٢) ، وابن إدريس (٣) : لا تترك العبادة حتى يمضي ثلاثة أيام. واختاره المصنّف ، قال : لأن مقتضى الدليل لزوم العبادة حتى يتيقن المسقط ، ولا

__________________

(١) المختلف : كتاب الطهارة ، ص ٣٧ ، س ٢٤ ، في غسل الحيض وأحكامه قال : «مسألة قال الشيخ (رحمه الله) : المبتدأة تترك الصلاة والصوم إذا رأت الدم» الى آخره.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٥٦ ، س ٣٥ ، ولفظه : قال علم الهدى في المصباح : «والجارية التي يبتدئ بها الحيض ولا عادة لها لا تترك الصلاة حتى تستمر لها ثلاثة أيام».

(٣) السرائر : كتاب الطهارة ، باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس ، ص ٢٩ ، س ٩ ، قال : «ومن لم تكن لها عادة ورأت الدم اليوم واليومين ، فلا يجوز لها ترك الصلاة والصيام» انتهى.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

يقين بدون الثلاثة ،

ولو قيل : لو لزم ما ذكرته قبل الثلاثة ، لزم بعدها ، لجواز أن ترى ما هو أسود ويتجاوز فيكون هو حيضها ، لا الثلاثة.

قلنا : الفرق انّ اليوم واليومين ليسا حيضا حتى تستكمل ثلاثة ، والأصل عدم التتمّة حتى يتحقّق وأمّا إذا استمر ثلاثا فقد كمل ما يصلح أن يكون حيضا ولا يبطل هذا الا مع التجاوز ، والأصل عدمه حتى يتحقّق (١).

أقول : قد ظهر من تقرير العلّامة فيما تلونا عليك من كلامه ، أنّ موضع المسألة انّما هو على تقدير كون الموجود بصفة دم الحيض ، حيث قال : في أوّل البحث لأنّه (عليه السلام) وصف دم الحيض بما ذكره ليحكم به حيضا ، وفي آخره ، لأنّها رأت دما بصفة دم الحيض في وقت إمكانه ، فغلب على الظن كونه حيضا. ومن تقرير المصنّف أعمّ من ذلك ، وانّه قد يكون بصفة دم الاستحاضة ، حيث قال : لجواز أن ترى ما هو أسود وتتجاوز ، فيكون هو حيضها لا الثلاثة.

وجه الدلالة : أنّ ما تراه في الثلاثة لو كان بصفة دم الحيض ، لزم الترجيح بلا مرجّح.

والحق : انّه إن قلنا : بترك العبادة بنفس رؤية الدم ، كالشيخ ، لا بد من القيد الذي شرطه العلّامة من كون الدم الحاصل بصفة دم الحيض ، لا مطلقا.

ثمَّ قال المصنّف في المعتبر : ولو احتجّ الشيخ بما رواه محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في المرأة ترى الدم في أوّل النهار في شهر رمضان ، أتفطر أم تصوم؟ قال : تفطر ، انّما فطرها من الدم (٢).

وكذا ما روي من طرق : إنّ المرأة إذا طمثت في رمضان قبل أن تغيب الشمس تفطر (٣).

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٥٧ ، س ٢.

(٢) التهذيب : ج ١ ، ص ١٥٣ ، باب ٧ حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك ، قطعة من ح ٧.

(٣) الوسائل : ج ٢ ، ص ٦٠١ ، حديث ١ ، كتاب الطهارة ، باب ٥٠ ، من أبواب الحيض. فلاحظ.

١٦٤

ووضع شي‌ء فيها على الأظهر ، وقراءة العزائم ، ومسّ كتابة القرآن. ويحرم على زوجها وطؤها موضع الدم ، ولا يصحّ طلاقها مع دخوله بها وحضوره ، ويجب عليها الغسل مع النقاء ، وقضاء الصوم دون الصلاة.

______________________________________________________

وعن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أيّ ساعة رأت الصائمة الدم تفطر (١).

قلنا : الحكم بالإفطار عند الدم مطلقا غير مراد ، فينصرف إلى المعهود ، وهو دم الحيض ، ولا يحكم بأنّه حيض إلّا إذا كان في العادة ، فيحمل على ذلك. وأمّا الأخبار التي تضمّنت ذكر الطمث فلا تتناول موضع النزاع ، لأنّا لا نحكم بأنّه طمث إلّا إذا كان في زمان العادة ، أو باستمراره ثلاثة أيّام بلياليها. هذا آخر كلام المصنّف (٢).

ولقادح أن يقول : فيه نظر ، لان قوله : (ولا يحكم بأنه حيض إلّا إذا كان في زمان العادة).

قلنا : إن أردت «لا يحكم بأنّه حيض هنا» ، فهو ممنوع ، لجواز انقطاعه قبل الثلاثة.

وان أردت بأنه يكون حيضا ظنا غالبا ، فقد وافقت في ترك العبادة المتيقّنة بظن السبب المبيح للترك.

قال طاب ثراه : ووضع شي‌ء فيها على الأظهر.

أقول : مذهب سلّار الكراهية في الوضع والدخول (٣). وباقي الأصحاب على التحريم (٤).

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ، س ٣٩٤ ، باب ١٩ ، الحيض والاستحاضة والنفاس من الزيادات ، حديث ٤١ ، وفي ألفاظ الحديث فيما رواه في المعتبر والتهذيب اختلاف يسير ، فلاحظ.

(٢) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٥٧ ، س ٦ و ٨.

(٣) المراسم : ذكر غسل الجنابة وما يوجبه ، ص ٤٢ ، س ١٤ ، قال : «والندب الى ان قال : ولا يقرب المساجد الا عابر سبيل ولا يترك شيئا فيها».

(٤) المعتبر : ص ٥٩ ، س ١٥ و ١٦ ، قال : «مسألة : ولا تضع الحائض في المسجد شيئا ، ولها ان تأخذ مما

١٦٥

وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الأشبه نعم.

______________________________________________________

والمراد : الوضع المستلزم للبثّ أو الدخول. أمّا الأوّل فلا شكّ في تحريمه على المشهور. وأما الثاني فلأنّ الإجماع ، الّا من سلّار ، على تحريم دخولها إلّا عابرة سبيل ، فيكون دخولها لغيره محرما.

أمّا لو وضعت فيه شيئا ولم تدخل ، كما لو ألقته من وراء جدار ، أو حذفته من الباب مثلا لم يحرم.

قال طاب ثراه : وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الأشبه ، نعم.

أقول : سجود العزائم واجب على القاري والمستمع. ويستحب للسامع طاهرا كان أو جنبا ، أو كانت المرأة حائضا. لورود الأمر بالسجود مطلقا ، فاشتراط الطهارة ينافيه.

ولصحيحة علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الطامث تسمع السجدة؟ قال : إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها (١).

وقد يستدلّ بهذا الحديث على الوجوب للسامع ، لأنّ الأمر للوجوب. وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٢).

ومنع في النهاية (٣) واحتجّ بقوله (عليه السلام) : «لا صلاة إلّا بطهور» (٤).

__________________

فيه ، قاله الأصحاب».

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ١٠٦ ، كتاب الحيض ، باب ١٨ ، الحائض والنفساء تقرآن القرآن ، حديث ٣.

(٢) المبسوط : ج ١ ، كتاب الصلاة ، فصل في ذكر الركوع والسجود وأحكامهما ، ص ١١٤ ، س ١٢ و ١٣ قال : «ويجوز للحائض والجنب ان يسجدا للعزائم وان لم يجز لهما قرائته ، ويجوز لهما تركه».

(٣) النهاية : كتاب الطهارة ، ص ٢٥ ، س ١٧ ـ ١٨ ، قال : «وان سمعت (أي الحائض) سجدة القرآن ، لا يجوز لها ان تسجد».

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ٢٢ ، باب وقت وجوب الطهور ، حديث ١ ، والحديث عن أبي جعفر

١٦٦

وفي وجوب الكفارة بوطئها على الزوج روايتان ، أحوطهما الوجوب.

وهي ، أي الكفارة دينار في أوّله ، ونصف في وسطه وربع في آخره.

ويستحب لها الوضوء لوقت كل فريضة ، وذكر الله تعالى في مصلّاها بقدر صلاتها.

ويكره لها الخضاب ، وقراءة ما عدا العزائم ، وحمل المصحف ، ولمس هامشه ، والاستمتاع منها بما بين السرّة والركبة ، ووطؤها قبل الغسل.

______________________________________________________

والسجدة جزء الصلاة.

وبما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد السجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : تقرأ ولا تسجد (١)

والجواب عن الأول : المنع من كونها جزء الصلاة ، وإن تناولها في الهيئة ، وعلى تسليمه. المنع من الجميع لا يستلزم المنع من الأجزاء.

وعن الثاني : بالمنع من صحّة السند ، ولو سلّم كان محمولا على المنع من قراءة العزائم. فكأنه (عليه السلام) قال : «تقرأ القرآن ولا تسجد» أي ولا تقرأ العزيمة التي تسجد فيها ، وإطلاق السبب على المسبّب مجازا جائز.

قال طاب ثراه : وفي وجوب الكفارة على الزوج (٢) بوطئها روايتان ، أحوطهما الوجوب.

أقول : البحث هنا في مقامين.

(ألف) : في وجوب الكفارة واستحبابها. والأول مذهب الشيخ في الجمل (٣) ،

__________________

(عليه السلام) ولفظه «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ، ولا صلاة إلا بطهور».

وسنن أبي داود : ج ١ ، ص ١٦ ، باب فرض الوضوء ، حديث ٥٩ ، ولفظه «لا يقبل الله عز وجل صدقة من غلول ، ولا صلاة بغير طهور».

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٩٢ ، باب ١٥ كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ٢٨.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في المتن تقديم وتأخير فراجع.

(٣) الجمل : فصل في ذكر الحيض والاستحاضة والنفاس ، ص ٩ ، س ١٤.

١٦٧

وإذا حاضت بعد دخول الوقت ، فلم تصلّ مع الإمكان ، قضت. وكذا لو أدركت من آخر الوقت قدر الطهارة والصلاة ، وجبت أداء ، ومع الإهمال قضاء.

وتغتسل كاغتسال الجنب ، لكن لا بد معه من الوضوء.

______________________________________________________

والمبسوط (١). وبه قال الصدوق (٢) ، والسيد (٣) ، والمفيد (٤) ، والقاضي (٥) ، وابن حمزة (٦) ، وابن إدريس (٧).

والثاني : مذهب الشيخ في النهاية (٨) ، واختاره المصنّف (٩) ، والعلّامة (١٠) وفي الخلاف ، إن كان جاهلا بالحيض أو التحريم لم يكن عليه شي‌ء ، وانّما تجب

__________________

(١) المبسوط : ج ١ ، كتاب الطهارة ، فصل في ذكر الحيض والاستحاضة ، ص ٤١ ، س ١٠.

(٢) الفقيه : ج ١ ، ص ٥٣ ، باب ٢٠ ، غسل الحيض والنفاس ، ذيل حديث ٨ ، قال : «ومتى جامعها وهي حائض في أول الحيض فعليه ان يتصدّق» انتهى.

(٣) قال في المختلف : في غسل الحيض واحكامه ، ص ٣٥ ، س ١٢ ، ما لفظه : «وبه (اي بوجوب الكفارة) قال : المفيد ، وابن بابويه ، والسيد المرتضى ، وابن البراج ، وابن إدريس ، وابن حمزة».

(٤) المقنعة : باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، ص ٧ ، س ٨ ، قال : «ومن وطئ امرأته وهي حائض على علم بحالها اثم ووجب ان يكفّر».

(٥) قال في المختلف : في غسل الحيض واحكامه ، ص ٣٥ ، س ١٢ ، ما لفظه : وبه (اي بوجوب الكفارة) قال : المفيد ، وابن بابويه ، والسيد المرتضى ، وابن البراج ، وابن إدريس ، وابن حمزة».

(٦) قال في المختلف : في غسل الحيض واحكامه ، ص ٣٥ ، س ١٢ ، ما لفظه : وبه (اي بوجوب الكفارة) قال : المفيد ، وابن بابويه ، والسيد المرتضى ، وابن البراج ، وابن إدريس ، وابن حمزة».

(٧) السرائر : كتاب الطهارة ، باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس ، ص ٢٨ ، س ٤ ، قال : «ويجب عليه إذا وطئها متعمدا الكفارة».

(٨) النهاية : باب حكم الحائض والمستحاضة والنفساء واغسالهن ، ص ٢٦ ، س ١٥ ، قال بعد ذكر الكفارة : «كل ذلك ندبا واستحبابا».

(٩) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٦١ ، س ٣٣ و ٣٤ ، قال : والوجه الاستحباب تمسّكا بالبراءة الأصلية.

(١٠) المختلف : في غسل الحيض وأحكامه ، ص ٣٥ ، س ١٣.

١٦٨

الثالث

غسل الاستحاضة

ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق. لكن ما تراه بعد عادتها مستمرّا ، أو بعد غاية النفاس وبعد اليأس ، وقبل البلوغ ،

ومع الحمل على الأشهر فهو استحاضة ، ولو كان عبيطا.

ويجب اعتباره. فان لطخ باطن القطنة لزمها إبدالها ، والوضوء لكلّ صلاة ، وان غمسها ولم يسل لزمها مع ذلك تغيير الخرقة وغسل للغداة ، وإن سال لزمها مع ذلك غسلان ، غسل للظهر والعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما. وكذا تجمع بين صلاة الليل والصبح بغسل واحد ، إن كانت متنفّلة. وإذا فعلت ذلك صارت طاهرا.

ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد ، وعليها الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الإمكان ، وكذا يلزم من به السلس والبطن.

______________________________________________________

على العالم بهما (١).

(ب) : في صفتها. وأطبق الأصحاب أنها دينار في أوّله ونصفه في أوسطه وربعه في آخره.

وقال الصدوق في المقنع : تتصدّق على مسكين بقدر شبعه (٢).

قال طاب ثراه : ومع الحمل على الأشهر.

أقول : تقدّم البحث في هذه المسألة.

__________________

(١) الخلاف : ج ١ ، ص ٦٣ ، كتاب الحيض ، مسألة ١ ، قال : فإن وطئها جاهلا بأنها حائض أو جاهلا بتحريم ذلك فلا شي‌ء عليه ، وان كان عالما بهما اثم».

(٢) المقنع : كتاب الطهارة ، باب الحائض والمستحاضة والنفساء ورؤيتهنّ الدم وغسلهنّ ، ص ١٦ ، س ١٣.

١٦٩

الرابع

غسل النفاس

ولا يكون نفاس إلّا مع الدم ، ولو ولدت تامّا ، ثمَّ لا يكون الدم نفاسا حتى تراه بعد الولادة أو معها.

ولا حدّ لأقلّه ، وفي أكثره روايات ، أشهرها أنّه لا يزيد عن أكثر الحيض.

وتعتبر حالها عند انقطاعه قبل العشرة ، فإن خرجت القطنة نقيّة اغتسلت ، وإلّا توقّعت النقاء ، أو انقضاء العشرة ، ولو رأت بعدها دما فهو استحاضة.

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي أكثره روايات ، أشهرها أنّه لا يزيد عن أكثر الحيض.

أقول : للأصحاب هنا خمسة أقوال.

(ألف) : أنه عشرة أيّام قاله الفقيه (١) ، وبه قال الشيخ (٢) ، والقاضي (٣) ، والتقي (٤) ، وابن إدريس (٥) ، واختاره المصنّف (٦) ، والعلّامة في أكثر كتبه (٧).

__________________

(١) المقنع : كتاب الطهارة ، باب الحائض والمستحاضة والنفساء ورؤيتهنّ الدم وغسلهنّ ، ص ١٦ ، س ٨ ، ولا يخفى من الاختلاف بين ما قاله في المقنع وما قاله في الفقيه. لاحظ الفقيه : ج ١ ص ٥٥ ، باب ٢٠ غسل الحيض والنفاس ، ذيل حديث ١٨.

(٢) النهاية : كتاب الطهارة ، ص ٢٩ ، س ١٧.

(٣) المهذب : ج ١ ، باب النفاس ، ص ٣٩ ، س ١٤ ، قال : «وأكثر النفاس كأكثر أيام الحيض عشرة أيام».

(٤) الكافي في الفقه : في تعيين شروط الصلاة ، ص ١٢٩ ، س ١٢ ، قال : «وان استمر بها صبرت عشرا».

(٥) السرائر : باب احكام الحيض والاستحاضة والنفاس ، ص ٣٠ ، س ٢١ و ٢٢.

(٦) المعتبر : كتاب الطهارة ، الرابع غسل النفاس ، ص ٦٧ ، س ٢٦.

(٧) المختلف : في النفاس ، ص ٤١ ، س ٢٥ ، قال : «والذي اخترناه نحن في أكثر كتبنا : ان المرأة ان كانت مبتدأة في الحيض تنفست بعشرة أيّام» الى آخره.

١٧٠

والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره ، وغسل كغسلها في الكيفيّة. وفي استحباب تقديم الوضوء على الغسل ، وجواز تأخيره عنه.

______________________________________________________

احتجّ المصنّف : بأنّ مقتضى الدليل لزوم العبادة ، ترك العمل به في العشرة إجماعا ، فيعمل به فيما زاد. ولانّ النفاس حيضة حبسها الاحتياج إلى غذاء الولد ، فانطلاقها باستغنائه عنها ، وأقصى الحيضة عشرة (١).

ويؤيّد ذلك ما رواه الفضيل ، وزرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال :

النفساء تكفّ عن الصلاة أيّام أقرائها التي كانت تمكث فيها ، ثمَّ تغتسل وتعمل ما تعمله المستحاضة (٢).

واعلم : أنّ المستفاد من هذه الرواية ليس إلّا مكث ذات العادة قدر عادتها ، وليس فيها ما يدلّ على حكم المبتدأة والمضطربة ، ولا على كون ذات العادة تصبر عشرة إذا لم تكن عادتها. ففي الاستدلال بها على مطلوبه إذا نظر.

(ب) : أنّه ثمانية عشر يوما ، قاله المرتضى (٣) ، وهو مذهب الصدوق (٤) ، وأبي علي (٥).

(ج) : أنّه عشرة للمبتدأة والمضطربة. ولمستقيمة الحيض عادتها. وهو مذهب العلّامة في القواعد (٦).

__________________

(١) المعتبر : كتاب الطهارة ، الرابع غسل النفاس ، ص ٦٧ ، س ٣٤ و ٣٥.

(٢) الكافي : ج ٣ ، باب النفساء ، ص ٩٧ ، حديث ١ وفيه «وتعمل كما تعمل المستحاضة».

(٣) رسائل الشريف المرتضى ، جوابات المسائل الموصليات الثالثة ، ص ٢١٧ ، المسألة الخامسة ، أكثر أيّام النفاس ثمانية عشر يوما».

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ٥٥ ، باب غسل الحيض والنفاس ، ذيل حديث ١٨ ، قال : «فان استمر بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشر يوما».

(٥) المختلف : في النفاس ، ص ٤١ ، س ٢٤ ، قال بعد نقل قول السيد : «وهو اختيار ابن الجنيد».

(٦) القواعد : كتاب الطهارة ، ص ١٦ ، س ١٩ ، في النفاس ، قال : «وأكثره للمبتدأة ومضطربة الحيض عشرة أيام ومستقيمته ترجع الى عادتها في الحيض».

١٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

(د) : أنّه لمستقيمة الحيض عادتها ، وللمبتدأة ثمانية عشر يوما. اختاره العلّامة في المختلف (١). ولم يذكر حكم المضطربة.

(ه) : أنّه أحد عشر يوما. قاله الحسن (٢).

قال المرتضى في مسائل خلافه : وقد روي في أكثره خمسة عشر يوما ، روى ذلك عنه ابن إدريس (٣).

قال المصنّف في المعتبر : قول ابن أبي عقيل متروك ، والرواية به نادرة ، وكذا ما تضمّنه بعض الأحاديث من ثلاثين يوما وأربعين يوما وخمسين ، فإنّه متروك لا عمل عليه (٤).

احتجّ العلّامة : على مطلوبه في المختلف : بصحيحة زرارة ، قال : قلت له : النفساء متى تصلّي؟ قال : تقعد بقدر حيضها ، وتستظهر بيومين ، فان انقطع الدّم ، وإلّا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت. ثمَّ ذكر حكم المستحاضة ، ثمَّ قال : قلت فالحائض؟ قال : مثل ذلك سواء (٥).

وبصحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن النفساء ، كم تقعد؟ قال : إنّ أسماء بنت عميس أمرها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ان تغتسل في ثماني عشرة ، فلا بأس أن تستظهر بيوم أو يومين (٦).

__________________

(١) المختلف : في النفاس ، ص ٤١ ، س ٢٧ ، قال : «والذي نختاره هنا انها ترجع إلى عادتها في الحيض الى ان قال : س ٢٨ : وان كانت مبتدأة صبرت ثمانية عشر يوما».

(٢) أي ابن ابي عقيل ، نقله عنه في المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٦٧ ، س ٣٠.

(٣) السرائر : كتاب الطهارة ، ص ٣٠ ، ص ٢٤ ، قال : «عاد السيد عن ذلك في مسائل خلافه الى ان قال س ٢٥ : «وروي في أكثره خمسة عشر يوما».

(٤) المعتبر : كتاب الطهارة ، ص ٦٨ ، س ٩.

(٥) الكافي : ج ٣ ، ص ٩٩ ، باب النفساء ، قطعة من حديث ٤.

(٦) التهذيب : ج ١ ، ص ١٨٠ ، باب ٧ حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك حديث ٨٧ وفيه : «ان أسماء بنت عميس نفست فأمرها رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

١٧٢

الخامس

غسل الأموات

والنظر في أمور أربعة

الأوّل

الاحتضار

والفرض فيه : استقبال الميّت بالقبلة على أحوط القولين ، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها.

والمسنون : نقله إلى مصلّاه ، وتلقينه الشهادتين ، والإقرار بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وبالأئمة (عليهم السلام) ، وكلمات الفرج ، وأن تغمّض عيناه ويطبق فوه ، وتمدّ يداه إلى جنبيه ، ويغطى بثوب ، وأن يقرأ عنده القرآن ، ويسرج عنده إن مات ليلا ، ويعلم المؤمنون بموته ، ويعجّل تجهيزه إلّا مع الاشتباه. ولو كان مصلوبا لا يترك أزيد من ثلاثة أيّام.

ويكره أن يحضره جنب أو حائض.

______________________________________________________

فحمل الرواية الأولى على ذات العادة والثانية على المبتدأة (١).

قال طاب ثراه : والفرض فيه استقبال الميّت بالقبلة على أحوط القولين.

أقول : الوجوب مذهب المفيد (٢) ، وتلميذه (٣) ، وبه قال الشيخ في موضع

__________________

(١) المختلف : في النفاس ، ص ٤١ ، س ٣٩.

(٢) المقنعة : باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال ، ص ١٠ ، س ٣٢ ، قال : «وإذا حضر العبد المسلم الوفاة فالواجب على من يحضره من أهل الإسلام ان يوجهه إلى القبلة». انتهى.

(٣) المراسم : ذكر تغسيل الميت واحكامه ، ص ٤٧ ، س ٣ ، قال : «فالواجب توجيهه إلى القبلة».

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

من النهاية (١) ، وتبعه القاضي (٢) ، وابن إدريس (٣) ، واختار الشهيد (٤) ، وفخر المحققين (٥) ، وهو أحد قولي العلّامة (٦).

والاستحباب : مذهب الشيخ في كتاب الفروع (٧) ، وموضع من النهاية (٨) ، والمفيد في المسائل الغريّة (٩) ، واختاره المصنّف (١٠) ، والعلّامة في المختلف (١١).

__________________

(١) النهاية : كتاب الصلاة ، باب معرفة القبلة وأحكامها ، ص ٦٢ ، س ١٤ ، قال : «معرفة القبلة واجبة للتوجّه إليها في الصلوات واستقبالها عند الذبيحة وعند احتضار الأموات ودفنهم» الى آخره.

(٢) المهذب : ج ١ ، ص ٥٣ ، س ١٤ ، قال : «إذا حضر الإنسان الوفاة فيجب ان يوجّه إلى القبلة».

(٣) الذي يظهر من كلامه في السرائر : هو الاستحباب ، لاحظ باب غسل الأموات ، ص ٣١ ، س ٢٠ ، قال : «ويستحب ان يوجه إلى القبلة» انتهى الا ان العلّامة في المختلف نقل عنه الوجوب ، راجع ص ٤٢ ، س ٢ ، قال بعد نقل قول المفيد : «وبه قال سلّار ، وابن البراج ، وابن إدريس».

(٤) اللمعة : ص ٢٢ ، القول في أحكام الأموات ، قال : «ويجب توجيهه إلى القبلة».

(٥) إيضاح الفوائد : ج ١ ، ص ٥٨ ، س ١٨ ، قال : «والأقوى عندي الأول ، أي القول بالوجوب».

(٦) التحرير : في غسل الأموات ، ص ١٧ ، س ٢ ، قال : «(ب) يجب في الاحتضار شي‌ء واحد على الكفاية ، وهو استقبال القبلة بالميت».

(٧) المبسوط : ج ١ ، كتاب الجنائز ، ص ١٧٤ ، س ٤ ، قال : «فاما الغسل فيتقدم ذلك آداب وسنن الى ان قال : س ٥ ، استقبل بوجهه القبلة».

(٨) النهاية : باب تغسيل الأموات ، ص ٣٠ ، س ٩ ، قال بمثل ما في المبسوط.

(٩) المختلف : في غسل الأموات ، ص ٤٢ ، س ٣ ، قال : «وهو (اي الاستحباب) قول المفيد في الرسالة الغرية».

(١٠) المعتبر : كتاب الطهارة ، الخامس في غسل الأموات ، ص ٦٩ ، س ١٧ ، قال : «واعلم ان ما استدللنا به على الوجوب ضعيف» الى آخره.

(١١) لا يخفى ان الذي يظهر من كلامه في المختلف ان استقبال الميت بالقبلة حال الاحتضار واجب ، وفي حال التغسيل مستحب. راجع الفصل السادس من كتاب الطهارة في غسل الأموات ص ٤٢ س ٨ و ١٠.

١٧٤

وقيل : يكره أن يجعل على بطنه حديد.

______________________________________________________

احتجّ الموجبون : بما رواه معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الميّت؟ فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة (١).

والأمر يقتضي الوجوب. وفي معناها روايات أخر ، كرواية سليمان بن خالد عنه (عليه السلام) قال : إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسل (٢).

وبما روي عن علي (عليه السلام) قال : دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق (٣) وقد وجّه إلى غير القبلة! فقال : وجّهوه إلى القبلة ، فإنّكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة (٤).

احتجّ الآخرون : بأصالة براءة الذمّة. قال المصنّف في المعتبر : والتعليل في الرواية كالقرينة الدالّة على الفضيلة ، فالاستدلال به على الوجوب ضعيف ، مع أنّه أمر في واقعة معيّنة فلا يدلّ على العموم ، والأخبار الأخر ضعيفة السند لا تبلغ أن تكون حجة في الوجوب (٥)

قال طاب ثراه : وقيل يكره أن يجعل على بطنه حديد.

أقول : هذا مذهب الشيخين وأكثر علماءنا ، قال الشيخ في التهذيب : سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخ رحمهم الله تعالى (٦).

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ١٢٧ ، كتاب الجنائز ، باب توجيه الميت إلى القبلة ، حديث ٢.

(٢) الكافي : ج ٣ ، ص ١٢٧ ، كتاب الجنائز ، باب توجيه الميت إلى القبلة ، حديث ٣.

(٣) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ، ص ٤٢٤ ، وفيه «دخل سعيد على عثمان وهو في السوق أي في النزع ، كأن روحه تساق لتخرج من بدنه. ويقال له السياق أيضا وأصله سواق ، فقلبت الواو ياء لكسرة السين. وهما مصدران من ساق يسوق».

(٤) الفقيه : ج ١ ، ص ٧٩ ، باب غسل الميت ، حديث ٧.

(٥) المعتبر : كتاب الطهارة ، في الأمر الأول من غسل الأموات ، في الاحتضار ، ص ٦٩ ، س ١٨ و ١٩ ،

(٦) التهذيب : ج ١ ، ص ٢٩٠ ، باب ١٣ ، تلقين المحتضرين ، وتوجيههم عند الوفاة ، ذيل حديث ١٢ ، ولفظه : «قال الشيخ أيّده الله تعالى : ولا يترك على بطنه حديدة ، كما تفعل ذلك العامة. ثمَّ قال : سمعنا ذلك مذاكرة» الى آخره.

١٧٥

الثاني

الغسل

وفروضه : إزالة النجاسة عنه ، وتغسيله بماء السّدر ، ثمَّ بماء الكافور ، ثمَّ بالقراح ، مرتّبا ، كغسل الجنابة. ولو تعذّر السدر والكافور ، كفت المرّة بالقراح.

وفي وجوب الوضوء قولان : والاستحباب أشبه.

ولو خيف من تغسيله تناثر جسده ، ييمّم.

وسننه : أن يوضع على مرتفع ، موجها إلى القبلة ، مظلّلا ، ويفتق جيبه ، وينزع ثوبه من تحته ، وتستر عورته ، وتليّن أصابعه برفق ، ويغسل رأسه وجسده برغوة السّدر ، ويغسل فرجه بالحرض. ويبدأ بغسل يديه ، ثمَّ بشقّ رأسه الأيمن ، ويغسل كلّ عضو منه ثلاثا في كلّ غسلة ، ويمسح بطنه في الأوّليين إلّا الحامل.

______________________________________________________

واستدلّ في الخلاف بإجماع الفرقة (١) ، وقال أبو علي : إذا حلّ به الموت غمّض وليّه عينيه ، إلى أن قال : ووضع على بطنه شيئا يمنع من ربوها (٢).

قال العلّامة في المختلف : ولم أقف لعلمائنا على قول وافق ذلك ، والأصل براءة الذمّة من واجب أو ندب (٣).

قال طاب ثراه : وفي وجوب الوضوء قولان : والاستحباب أشبه.

أقول : للأصحاب هنا أربعة أقوال.

(ألف) : الوجوب ، وهو ظاهر عبارة التقي ، حيث قال حين عدّ الأغسال الواجبة :

__________________

(١) كتاب الخلاف : ج ١ ، ص ٢٥٣ ، كتاب الجنائز ، مسألة ٢.

(٢) المختلف : في غسل الأموات ، ص ٤٣ ، س ١٢ ، نقل أولا قول ابن الجنيد ، ثمَّ قال : «ولم أقف لعلمائنا على قول يوافق ذلك» الى آخره.

(٣) المختلف : في غسل الأموات ، ص ٤٣ ، س ١٢ ، نقل أولا قول ابن الجنيد ، ثمَّ قال : «ولم أقف لعلمائنا على قول يوافق ذلك» الى آخره.

١٧٦

ويقف الغاسل عن يمنية ، ويحفر للماء حفيرة ، وينشف بثوب.

ويكره إقعاده ، وقص أظفاره ، وترجيل شعره ، وجعله بين رجلي الغاسل ، وإرسال الماء في الكنيف ، ولا بأس بالبالوعة.

______________________________________________________

وغسل الميّت. وجهة وجوبه مصلحة الحي وتكرمة الميّت. وصفته أن يبدأ الغاسل فينحّي الميّت ، ثمَّ يوضّيه وضوء الصلاة ، ثمَّ يغسل رأسه ، إلى آخره (١).

(ب) : استحبابه. وهو مذهب الشيخ في الاستبصار (٢) ، واختاره المصنّف (٣) ، والعلّامة (٤).

(ج) : نفي الوضوء وجوبا واستحبابا ، وهو قول الشيخ في الخلاف : لأنّ غسل الميّت كغسل الجنب ليس فيه وضوء ، وفي أصحابنا من قال : يستحب فيه الوضوء (٥)

(د) : كراهيّته. وهو الظاهر من عبارة الشيخ في المبسوط ، حيث قال : وقد روي أنّه يوضّأ الميّت قبل غسله ، فمن عمل بها كان جائزا ، غير انّ عمل الطائفة على ترك العمل بذلك. لان غسل الميّت كغسل الجنب ، ولا وضوء في غسل الجنابة (٦) وقال سلّار : ومن أصحابنا من يوضّأ الميّت ، وما كان شيخنا رضي الله عنه يري ذلك وجوبا (٧).

وقال ابن إدريس : وقد روي انه يوضّأ الميّت ، وهو شاذ ، والصحيح خلافه.

__________________

(١) الكافي في الفقه : الفصل الثالث من تعيين شروط الصلاة ، في الأغسال ، ص ١٣٤ ، س ٩ ، وفيه : «وتكرمة المسلم .. ويوضّيه».

(٢) (الاستبصار : ج ١ ، ص ٢٠٨ ، باب ١٢٠ ، تقديم الوضوء على غسل الميّت ، ذيل حديث ٦.

(٣) المعتبر : كتاب الطهارة ، في أحكام الأموات ، ص ٧١ ، س ٢٩ ، قال : «مسألة : وفي وجوب الوضوء قولان : والاستحباب أشبه».

(٤) المختلف : في غسل الأموات ، ص ٤٢ ، س ٢٤ ، قال : «والوجه عندي انه يستحب».

(٥) كتاب الخلاف : كتاب الجنائز ، مسألة ٧.

(٦) المبسوط : ج ١ ، كتاب الجنائز ، ص ١٧٨ ، س ٢٢ ، وفيه «كغسل الجنابة».

(٧) المراسم : ذكر تغسيل الميت واحكامه ، ص ٤٨ ، س ١٦.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وإذا كان الشيخ قال في المبسوط : إنّ عمل الطائفة على ترك العمل بذلك ، لم يجز العمل بالرواية ، لأنّ العمل بها يكون مخالفا للطائفة (١).

احتجّ المصنّف : بما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز قال : أخبرني أبو عبد الله (عليه السلام) قال : الميّت يبدأ بفرجه ثمَّ يوضّأ وضوء الصلاة (٢).

وعن أبي خيثمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يبدأ بغسل يديه ، ثمَّ يوضّيه وضوء الصلاة (٣).

احتجّ أبو الصلاح : بقوله (عليه السلام) : في كل غسل وضوء إلّا في الجنابة (٤).

والجواب : أنّه كما يحتمل الوجوب يحتمل الاستحباب.

احتجّ المانعون : بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : غسل الميّت مثل غسل الجنب (٥). والحكم بالمماثلة يستدعي المنع من الوضوء ، كما في المماثل.

__________________

(١) هكذا نقل العلامة في المختلف عن ابن إدريس. راجع المختلف : ص ٤٢ ، س ٢١. ولكن عبارة السرائر يوهم خلاف ذلك. قال : «وقد روي انه يوضأ الميت قبل غسله ، فمن عمل بها كان جائزا ، غير ان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك ، لان غسل الميت كغسل الجنابة ، ولا وضوء في غسل الجنابة. قال محمد بن إدريس ، س ٢٣ : فاذا كان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك ، فاذن لا يجوز العمل بالرواية ، لأن العامل بذلك يكون مخالفا للطائفة. وفيه ما فيه». راجع السرائر : كتاب الطهارة ، باب غسل الأموات ، ص ٣١ ، س ٢٩ ويحتمل ان يكون غلطا من النساخ.

(٢) التهذيب : ج ١ ، ص ٣٠٢ ، باب ١٣ ، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة ، حديث ٤٧.

(٣) التهذيب : ج ١ ، ص ٣٠٣ ، باب ١٣ ، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة ، قطعة من حديث ٥١ ، وفيه قال : «تبدأ فتغسل يديه ثمَّ توضيه».

(٤) التهذيب : ج ١ ، ص ٣٠٣ ، باب ١٣ ، تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة ، حديث ٤٩ ، بدون حرف «في».

(٥) التهذيب ، ج ١ ، ص ٤٤٧ ، أبواب الزيادات في أبواب كتاب الطهارة باب ٢٣ ، تلقين المحتضرين ، قطعة من حديث ٩٢.

١٧٨

الثالث

في الكفن

والواجب منه : مئزر وقميص وإزار ممّا تجوز الصلاة فيه للرجال. ومع الضرورة تجزئ اللفّافة ، وإمساس مساجده بالكافور وإن قلّ.

والسنن : أن يغتسل قبل تكفينه أو يتوضّأ. وأن يزاد للرجل حبرة يمنيّة عبريّة ، غير مطرّزة بالذهب ، وخرقة لفخذيه ، وعمامة تثني عليه محنكا ، ويخرج طرفا العمامة من الحنك ويلقيان على صدره ، ويكون الكفن قطنا ، وتطيب بالذريرة ، ويكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين : فلان يشهد أن لا إله إلّا الله ، ويجعل بين إليتيه قطنا ، وتزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها ونمطا ، وتبدل بالعمامة قناعا.

ويسحق الكافور باليد ، وإن فضل عن المساجد ألقي على صدره ، وأن يكون درهما ، أو أربعة دراهم ، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثا.

ويجعل معه جريدتان إحداهما من جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره ، والأخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده ، وتكونان من النخل.

وقيل : فان فقد فمن السدر ، وإلّا فمن الخلاف ، وإلّا فمن غيره من الشجر.

______________________________________________________

والجواب : منع المماثلة من كلّ وجه وإلّا لزم الاتّحاد ، ومع الاتحاد تنتفي المماثلة. فكل حكم يؤدّى ثبوته إلى نفيه يكون محالا ، وإذا وجب حملها على البعض لم يتمّ الاستدلال ، لأنّا نمنع مماثلتهما في إسقاط الوضوء.

قال طاب ثراه : وقيل : فان فقد فمن السدر.

أقول : في تعيين الجريدتين اختيارا أو اضطرارا ، خمسة أوجه.

١٧٩

ويكره : بلّ الخيوط بالريق ، وأن يعمل لما يبتدئ من الأكفان أكمام ، وأن يكفّن في السواد. وتجمير الأكفان ، أو تطييب بغير الكافور ، والذريرة ، ويكتب عليه بالسّواد ، وأن يجعل في سمع الميّت أو بصره شي‌ء من الكافور.

______________________________________________________

(ألف) : ما ذكره المصنّف في المتن ، وهو المذكور في النهاية (١).

(ب) : قول المفيد : وهو تقديم الخلاف على السدر (٢).

(ج) : قال في الخلاف : يستحب أن يوضع مع الميّت جريدتان خضراوان من النخل أو من غيرها من الأشجار (٣) وكذا قال ابن إدريس (٤).

(د) : الخيار مع فقد النخل بين السدر والخلاف ، وهو قول القاضي حيث قال : فان لم يوجد جريدة النخل جاز أن يجعل عوضه من الشجر الأخضر ، مثل السّدر والخلاف (٥).

(ه) : روى علي بن إبراهيم ، يجعل عوضها عود الرمان ، (٦) وفي رواية أخرى عود رطب (٧)

__________________

(١) النهاية : كتاب الطهارة ، باب تغسيل الأموات وتكفينهم وتحنيطهم وإسكانهم الاحداث ، ص ٣٢ ، س ١٩ ، قال ما لفظه : «وتؤخذ أيضا جريدتان خضرا وان من النخل ان وجد منه ، وان لم يوجد فمن السدر ، فان لم يوجد فمن الخلاف ، فان لم يوجد فمن غيره من الشجر الرطب» الى آخره.

(٢) المقنعة : باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال ، ص ١١ ، س ٦ ، قال : «وليستعد جريدتان من النخل خضراوان» الى ان قال : «فان لم يوجد من النخل الجريد يعوض عنه بالخلاف ، فان لم يوجد الخلاف يعوض عنه بالسدر» الى آخره.

(٣) الخلاف : ج ١ ، ص ٢٥٨ ، كتاب الجنائز ، مسألة ٣٤ ، وفيه «أو غيرها من الأشجار».

(٤) السرائر : كتاب الطهارة ، باب غسل الأموات ، ص ٣٢ ، س ٣٤ ، قال : «ويترك معه جريدتين رطبتين من النخل ان وجدا ومن الشجر الرطب». الى آخره.

(٥) المهذب : باب الأكفان والتكفين ، ص ٦١ ، س ١٤ ، وفيه «فان لم يجد جريدة. أو الخلاف».

(٦) الكافي : ج ٣ ، ص ١٥٤ ، كتاب الجنائز ، باب الجريدة ، حديث ١٢ ، وفيه «يجعل بدلها عود الرمان».

(٧) الكافي : ج ٣ ، ص ١٥٢ ، كتاب الجنائز ، باب الجريدة ، حديث ٣ ، وفيه : «تؤخذ جريدة رطبة»

١٨٠