المهذّب البارع - ج ١

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي

المهذّب البارع - ج ١

المؤلف:

الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن فهد الحلّي


المحقق: الحاج آقا مجتبى الطهراني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

كتابي الشرائع (١) ، والنافع (٢). ويؤيّده الاحتياط.

وما رواه هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن التسبيح في الركوع والسجود؟ فقال : تقول في الركوع (سبحان ربي العظيم) وفي السجود (سبحان ربي الأعلى) الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنّة ثلاث والفضل سبع (٣).

فاستفيد من هذا الحديث حكمان. بيان الواجب ، وتخصيصه بالتسبيح. وبيان المفروض منه ، وهو مرّة. والسنّة ، وهو المؤكّد الذي يكره للمختار تركه ، وهو ثلاث ، والفضل في سبع. ويجوز الزيادة عليها إذا كان له انشراح وإقبال ، فيأتي بما يتّسع له العزم.

روى أبو بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : تقول : (سبحان الله العظيم وبحمده) ثلاثا في الركوع وثلاثا في السجود ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبّح فلا صلاة له (٤).

روى أبان بن تغلب قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السّلام) وهو يصلّي فعددت له في الركوع والسجود ستّين تسبيحة (٥).

__________________

(١) الشرائع : ج ١ ، ص ٨٥ ، واجبات الركوع : الخامس : التسبيح ، قيل : يكفي الذكر ولو كان تكبيرا أو تهليلا ، وفيه تردّد.

(٢) كما تقدّم في المتن.

(٣) التهذيب : ج ٢ ، ص ٧٦ ، باب ٨ ، كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة وترتيبها والقراءة فيها ، حديث ٥ ، وفيه : «تسبيحة واحدة والسنة ثلاث والفضل في سبع».

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ٨٠ ، باب ٨ ، كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة وترتيبها والقراءة فيها ، حديث ٦٨. وفيه : «سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا في الركوع ، وسبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا في السجود».

(٥) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٩٩ ، باب ١٥ ، كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ٦١.

٣٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الجماعة ، الأفضل التخفيف ، لئلّا يلحق السأم بالمصلّين ، إلّا أن يعلم منهم الانشراح لذلك ، قال حمزة بن حمران : كنّا نصلّي مع أبي عبد الله (عليه السّلام) فعددت له في ركوعه (سبحان ربّي العظيم) أربعا أو ثلاث وثلاثين تسبيحة (١).

البحث الثاني : في كميّة التسبيح على تقدير وجوبه عينا ، وفيه ثلاثة أقوال :

(ألف) : واحدة كبرى ، صورتها (سبحان ربّي العظيم) أو ثلاث صغّر صورتها (سبحان الله) وهو ظاهر الصدوقين (٢) ، ومذهب المصنّف (٣).

(ب) : ثلاث كبّر على المختار وواحدة على المضطر ، وهو مذهب الحسن (٤) ، والتقي (٥) ، تمسّكا برواية محمد بن يعقوب عن الصادق (عليه السّلام) أنّه كان يجمع نساءه وخدمه ، ويقول : اتّقين الله أن تقلن في ركوعكن وسجودكنّ أقل من ثلاث تسبيحات (٦).

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٠٠ ، باب ١٥ ، كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ٦٦ ، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

(٢) المقنع : أبواب الصلاة ، باب الأذان والإقامة في الصلاة ، ص ٢٨ ، س ١٥ ، قال : «ثمَّ قل سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات ، إلى أن قال : ويجزيك ان تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله».

(٣) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٨٠ ، س ١٢ ، قال : «مسألة ، وتسبيحة واحدة كبرى مجزية ، وصورتها سبحان ربي العظيم ، أو سبحان الله ثلاثا».

(٤) المعتبر : كتاب الصلاة ، الخامس الركوع ، ص ١٨٠ ، س ١٣ ، قال : «وقال أبو الصلاح : لا يجزي أقل من ثلاث اختيارا ، وبه قال ابن أبي عقيل».

(٥) الكافي في الفقه : الصلاة ، ص ١١٨ ، س ٢١ ، قال : «والفرض الخامس ثلاث تسبيحات على المختار وتسبيحة على المضطر» الى آخره.

(٦) لم نعثر على حديث بهذه العبارة في الكافي وفي المستدرك ، ج ١ ، ص ٣٢٢ ، كتاب الصلاة ، باب ٥ ، من أبواب الركوع حديث ١ ، ولفظه «سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار من كتاب المحاسن عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يعظ اهله ونساءه وهو يقول لهن : لا تقلن في ركوعكن وسجودكن أقل من ثلاث تسبيحات ، فانّكن ان فعلتن لم يكن أحسن عملا منكن».

٣٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

(ج) : إجزاء مطلق التسبيح ، وهو قول السيد في الانتصار (١).

فروع

(ألف) : يكفي (سبحان ربّي العظيم ، ولو قال : (وبحمده) أعتقد وجوبه إجماعا ، وهل يجب وبحمده؟ نصّ العلّامة في التذكرة على عدمه (٢) ، وكذا ظاهر المصنّف في النافع (٣).

وقال في المعتبر : يجوز أن يقول وبحمده (٤) وأكثر القائلين بالتسبيح قالوا : (وبحمده).

احتجّ الأوّلون : برواية هشام بن سالم وقد تقدّمت (٥).

واحتجّ الآخرون : بما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : يقول (سبحان ربّي العظيم وبحمده) (٦) (٧).

__________________

(١) الانتصار : ص ٤٥ ، كتاب الصلاة ، قال : «مسألة ، ومما ظن الانفراد الإماميّة به ، القول بإيجاب التسبيح في الركوع والسجود».

(٢) التذكرة : كتاب الصلاة ، البحث الخامس في الركوع ، ص ١١٩ ، س ١٣ ، قال : (ب) إذا قال سبحان ربي العظيم ، استحب ان يقول وبحمده.

(٣) تقدم عبارة النافع فتأمل فيه».

(٤) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٨٠ ، س ٢٣ ، قال بعد ما نقل إجزاء تسبيحة واحدة كبرى وصورتها سبحان ربي العظيم : «ويجوز ان يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده».

(٥) التهذيب : ج ٢ ، ص ٧٦ ، باب ٨ ، كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة وترتيبها والقراءة فيها والتسبيح في ركوعها وسجودها ، حديث ٥٠.

(٦) لم نعثر على رواية من زرارة بهذه العبارة ، والظاهر انه من أبي بكر الحضرمي ، لاحظ التهذيب : ج ٢ ، ص ٨٠ ، باب ٨ ، كيفية الصلاة وصفتها ، حديث ٦٨.

(٧) من قوله (إجماعا) إلى هنا موجود في نسخة (ج)

٣٨٣

الثامن : التسليم : وهو واجب في أصحّ القولين.

وصورته : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أو السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّا.

والسنّة فيه : أن يسلّم المنفرد تسليمة إلى القبلة ، ويومي بمؤخّر عينيه إلى يمنية ، والإمام بصفحة وجهه. والمأموم تسليمتين يمينا وشمالا.

______________________________________________________

(ب) : على القول بإجزاء مطلق الذكر ، يكفي الواحدة الصغرى ، لأنّها ذكر. ويعتقد وجوب الكبرى لو أتى بها.

(ج) : يجب على هذا القول مراعاة الثناء مع ذكر الله ، ولا يجزي قوله (الله) ويجزي (الله الرحيم) كما يجزي (الله أكبر).

(د) : لو قال ما زاد على الواحدة ، كان الواجب واحدة والباقي ندب ، ويتخيّر في تعيين الواجبة ، ولو لم يعيّن مع اعتقاده وجوب الواحدة واستحباب الزائد الظاهر جوازه.

قال طاب ثراه : الثامن : التسليم : وهو واجب في أصح القولين.

أقول : هنا بحثان :

البحث الأوّل

هل التسليم واجب أو مندوب؟

وبالأوّل : قال التقي (١) ، والحسن (٢) ، والمرتضى في المسائل المصريّة. والمحمديّة (٣) ، وسلّار (٤) ، وابن زهرة (٥).

__________________

(١) الكافي في الفقه : الصلاة ، ص ١٢٤ ، س ١١ ، قال : «ثمَّ تسلّم التسليم الواجب».

(٢) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع ، ص ٩٧ ، س ١٠ ، قال : «مسألة ، أوجب السيد المرتضى في المسائل الناصرية وفي المسائل المحمدية التسليم ، وبه قال أبو الصلاح وسلار وابن أبي عقيل وابن زهرة».

(٣) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع ، ص ٩٧ ، س ١٠ ، قال : «مسألة ، أوجب السيد المرتضى في المسائل الناصرية وفي المسائل المحمدية التسليم ، وبه قال أبو الصلاح وسلار وابن أبي عقيل وابن زهرة».

(٤) المراسم : ذكر كيفية الصلاة ، ص ٦٩ ، س ١٤ ، فإنه بعد نقل واجبات الصلاة ، قال : «وفي أصحابنا من الحق به». الى ان قال : «والتسليم ، وهو الأصح عندي».

(٢) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع ، ص ٩٧ ، س ١٠ ، قال : «مسألة ، أوجب السيد المرتضى في المسائل الناصرية وفي المسائل المحمدية التسليم ، وبه قال أبو الصلاح وسلار وابن أبي عقيل وابن زهرة».

٣٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

واختاره المصنّف (١) ، والعلّامة في منتهى المطلب (٢).

وبالثاني : قال الشيخان (٣) ، والقاضي (٤) ، وابن إدريس (٥) ، واختاره العلامة في باقي كتبه (٦).

احتجّ الأوّلون : بوجوه :

(ألف) : ما روي من قوله (عليه السّلام) : (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم (٧) فكما إنّ التكبير واجب فكذا التسليم.

(ب) : فعله (عليه السّلام) ومواظبته عليه ، وكذا الصحابة والتابعين.

(ج) : الاحتياط.

واحتجّ الآخرون : بوجوه :

(ألف) : أصالة البراءة.

__________________

(١) المعتبر : كتاب الصلاة ، في التسليم ، ص ١٩٠ ، س ٣ ، قال : «مسألة ، التسليم واجب في الصلاة» الى آخره.

(٢) المنتهى : كتاب الصلاة ، البحث الثامن في التسليم ، ص ٢٩٥ ، س ٢٦ ، قال : «والأقرب عندي الوجوب».

(٣) اي الشيخ المفيد في المقنعة : باب تفصيل احكام ما تقدّم ذكره في الصلاة ، ص ٢٣ ، س ١ ، قال : «والسّلام في الصلاة سنة». والشيخ الطوسي في النهاية : ص ٨٩ ، س ٩ ، كتاب الصلاة باب فرائض الصلاة وسننها ، قال : «والتسليم سنة وليس بفرض».

(٤) المهذب : ج ١ ، ص ٩٩ ، س ٣ ، باب تفصيل الأحكام المقارنة للصلاة ، قال في بيان المندوبات : «والتسليم ان كان إماما أو منفردا».

(٥) السرائر : كتاب الصلاة ، ص ٤٨ ، س ٣٢ ، قال : «والتسليم الأظهر انه مستحب».

(٦) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل الرابع ، ص ٩٧ ، س ١١ ، قال : «وقال الشيخان : انه مستحب وهو اختيار ابن البراج» الى ان قال س ١٢ : «وهو الأقوى عندي».

(٧) لاحظ كتاب عوالي اللئالي : ج ١ ، ص ٤١٦ ، حديث ٩١ ، وما علقناه عليه هناك.

٣٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

(ب) : أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لم يعلّمه عليّا (عليه السّلام) في صلاته ، ولو كان واجبا لبينه له ، لمنع تأخير البيان عن وقت الحاجة.

(ج) : قوله (عليه السّلام) : (إنّما صلاتنا هذه تكبير وقراءة وركوع وسجود) (١) ولم يذكر التسليم.

(د) : إنّه لو كان واجبا لبطلت الصلاة بحصول الحدث قبله ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله ، والملازمة ظاهرة ، لأنّ الحدث إذا وقع في الصلاة أبطلها إجماعا. وأمّا بيان اللازم فلما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر (عليه السّلام) قال : سألته عن الرجل يصلّي ثمَّ يجلس فيحدث قبل أن يسلّم؟ قال : تمّت صلاته (٢).

(ه) : أنّه لو كان واجبا لأعاد من صلّى خمسا وجلس بعد الرابعة بقدر التشهّد ، والتالي باطل فكذا المقدّم. وبيان الشرطيّة ، إنّ الزيادة مبطلة للصلاة ، ولما رواه زرارة وبكير في الحسن عن الباقر (عليه السّلام) قال : إذا استيقن بأنّه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا (٣).

وبيان بطلان التالي ما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر (عليه السّلام) قال : سألته عن رجل صلّى خمسا؟ فقال : إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمّت صلاته (٤).

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ٩٤ ، حديث ١٠٤ ، لاحظ ما علقناه عليه هناك.

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٢٠ ، باب ١٥ ، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، قطعة من حديث ١٦٢.

(٣) الكافي : ج ٣ ، ص ٣٥٤ ، كتاب الصلاة ، باب من سها في الأربع والخمس ولم يدر زاد أو نقص أو استيقن انه زاد ، حديث ٢ ، وفيه : «أنّه زاد».

(٤) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٩٤ ، باب ١٠ ، باب احكام السهو في الصلاة وما يجب منه اعادة الصلاة ، حديث ٦٧ ، وليس فيه لفظ «قد».

٣٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والجواب عن الأوّل : انّه معارض بالاحتياط. وأيضا البراءة تنفي جميع الأحكام.

وعن الثاني : انّه شهادة نفي ، فلا يكون مقبولا.

وعن الثالث : انّ المراد أغلبيّة أفعال الصلاة لخروج ما هو واجب عن المعدودات كتسبيح الركوع والسجود.

وعن الرابع : انّه محمول على من سهى عن التسليم وظنّ انّه فعله ثمَّ أحدث بعد ما مضى من الزمان قدر التسليم ، ولهذا قال : نصلّي ثمَّ نجلس ، وثمَّ للتراخي ، فيكون الجلوس حاصلا بعد تماميّة الصلاة. وأيضا إنّما يلزم بطلان الصلاة بحصول الحدث قبله إذا كان جزء ، ولا يلزم من كونه ليس بجزء أن يكون مندوبا.

وعن الخامس : بمنع دلالته على المطلوب ، لأنّ القائل بوجوبه لا يقول بركنيّته حتّى تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا.

وفيه نظر : لأنّه اشترط في الحدث جلوسه قدر التشهد ، فدلّ على خروجه بالتشهّد ، وذلك يدلّ على عدم وجوب التسليم. ولمانع أن يقول : بل يدلّ على عدم جزئيّته ، ولا يلزم منه عدم وجوبه. والأولى التمسّك في الوجوب بمواظبته (عليه السّلام) عليه. وقال (عليه السّلام) : صلّوا كما رأيتموني أصلّي (١). وللاحتياط ، فإنّ الصلاة لمّا كانت أهمّ العبادات في نظر الشرع وجب الأخذ فيها بالأحزم فالأحزم.

البحث الثاني

في صيغة التسليم المخرجة.

وفيها ثلاثة أقوال

(ألف) : أوجب الشيخ في المبسوط : «السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ١ ، ص ١٩٧ ، ذيل حديث ٨.

٣٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وجعل «السّلام عليكم» مستحبّا (١).

(ب) : قال المرتضى (٢) ، وأبو الصلاح (٣) تتعيّن «السّلام عليكم ورحمة الله». وأجزأ ابن الجنيد (٤) ، والمصنّف في النافع والمعتبر (٥) بقوله «السّلام عليكم».

(ج) : المشهور انّه يخرج من الصلاة بإحدى العبارتين ، وهو اختيار المصنّف في كتبه (٦) وفخر المحقّقين (٧) لقوله (عليه السّلام) «وتحليلها التسليم» وهو يقع على كلّ واحد منهما.

تذنيبات

(ألف) : إذا جمع بين الصيغتين ، اعتقد وجوب الاولى واستحباب الثانية ، ولو عكس بطلت الصلاة.

(ب) : إذا أتى بـ (السّلام عليكم) وجب أن تأتي بصورتها المنقولة ، فلو ترجمها لم يجز.

وهل يجوز الاقتصار على ذلك؟ أو يجب (السّلام عليكم ورحمة الله) مقتصرا ، أو

__________________

(١) المبسوط : ج ١ ، كتاب الصلاة ، ص ١١٦ ، س ٢١.

(٢) جمل العلم والعمل : فصل في كيفية أفعال الصلاة ، ص ٦٢ ، س ٦ ، قال : «ثمَّ تسلّم تسليمة واحدة مستقبل القبلة».

(٣) الكافي في الفقه : باب تفصيل أحكام الصلاة الخمس ، ص ١١٩ ، س ٢١ ، قال : «والفرض الحادي عشر ، السّلام عليكم ورحمة الله».

(٤) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩١ ، س ١ ، قال : «فإنه يجزي ان يقول : السّلام عليكم» الى ان قال. س ٢ : «وبما قلناه قال ابن الجنيد».

(٥) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩١ ، س ١ ، قال : «فإنه يجزي ان يقول : السّلام عليكم» الى ان قال. س ٢ : «وبما قلناه قال ابن الجنيد».

(٦) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩١ ، س ١٣ ، وكتاب الشرائع : ج ١ ، ص ٨٩ ، الركن الثاني في أفعال الصلاة الثامن من الواجبات التسليم ، وفي مختصر النافع : ص ٣٣.

(٧) مفتاح الكرامة : ج ٢ ، كتاب الصلاة ، ص ٤٨١ ، س ١٨.

٣٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

إضافة للبركات؟ بالأوّل قال المصنّف (١) ، وأبو علي (٢) ، وهو المشهور في الروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السّلام) (٣) ، ويؤيّدها أصالة البراءة ، وهو مذهب الصدوق (٤).

وبالثاني قال التقي (٥) ، والشيخ في المبسوط (٦) ، وبالثالث قال الشهيد (٧).

(ج) : لو قال : سلام عليكم هل يجزي؟ قال المصنّف : نعم ، لوقوع اسم التسليم عليه (٨) ، وورود القران بصورته (٩) والأقوى المنع ، وقوفا على صورة النصّ كمذهب الشهيد (١٠).

(د) : هل يجب أن ينوي به الخروج من الصلاة؟ احتمالان.

نعم : لانّ الخروج من الصلاة لا تتحقّق إلّا به ، وهو عمل واجب ، فيجب

__________________

(١) تقدم آنفا ما نقلناه عن المصنّف وابن الجنيد.

(٢) تقدم آنفا ما نقلناه عن المصنّف وابن الجنيد.

(٣) الفقيه : ج ١ ، ص ٢١٠ ، باب ٤٥ ، وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها ، ص ٢١٠ ، قال : «إذا صليت وحدك قل السّلام عليكم مرة واحدة».

(٤) المقنع : أبواب الصلاة ، باب الأذان والإقامة في الصلاة ، ص ٢٩ ، س ١٥.

(٥) الكافي في الفقه : باب تفصيل أحكام الصلاة الخمس ، ص ١١٩ ، س ٢١ ، قال : والفرض الحادي عشر : «السّلام عليكم ورحمة الله».

(٦) لم نعثر عليه.

(٧) الدروس : كتاب الصلاة ، ص ٤٠ ، س ٥ ، قال : «وبعضهم أضاف ورحمة الله وبركاته. وهو أولى».

(٨) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩١ ، س ٧ ، قال : «ولو قال : سلام عليكم ، ناويا به الخروج ، فالأشبه أنّه يجزي».

(٩) سورة الانعام : ٥٦ ، سورة الأعراف : ٤٦ ، سورة الرعد : ٢٤ ، سورة القصص : ٥٥ ، سورة الزمر : ٧٣

(١٠) الدروس : كتاب الصلاة ، ص ٤٠ ، س ٥.

٣٨٩

ومندوبات الصلاة

خمسة

الأوّل : التوجّه بسبع تكبيرات ، واحدة منها الواجبة ، بينها ثلاثة أدعية ، يكبّر ثلاثا ثمَّ يدعو ، واثنتين ثمَّ يدعو ، ثمَّ اثنتين ويتوجّه.

الثاني : القنوت في كلّ ثانية قبل الركوع إلّا في الجمعة ، فإنّه في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده ، ولو نسي القنوت قضاه بعد الركوع.

الثالث : نظره قائما إلى موضع سجوده ، وقانتا إلى باطن كفّيه ، وراكعا إلى ما بين رجليه ، وساجدا إلى طرف أنفه ، ومتشهدا إلى حجره.

الرابع : وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه ، وقانتا تلقاء وجهه ، وراكعا على ركبتيه ، وساجدا بحذاء أذنيه ، ومتشهدا على فخذيه.

الخامس : التعقيب ، ولا حصر له ، وأفضله تسبيح الزهراء (عليها السّلام).

______________________________________________________

فيه النيّة ، لعموم (إنّما الأعمال بالنيّات) (١).

ولا : لاندراجه تحت نيّة الصلاة ، ولا يجب بعد نيّة الصلاة النيّة لكلّ فعل فعل ، وهو مخرج بنفسه ، ولهذا لو قدّم المستحبّ من الصيغتين بطلت ، وهو المعتمد.

(ه) : لو ترك التسليم ناسيا وانصرف من صلاته ظانّا انّه سلّم ، فان فعل المنافي عمدا وسهوا كالحدث استأنف ، لتحقّق وقوعه في الصلاة. وان لم يبطل إلّا مع التعمّد كالكلام ، سلّم وسجد للسهو إن لم يطل الزمان ، وإن طال بطلت.

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ١ ، ص ٣٨٠ ، حديث ٢ ، وص ٨١ ، حديث ٣ ، وج ٢ ، ص ١١ ، حديث ١٩ ، وص ١٩٠ ، حديث ٧٩.

٣٩٠

خاتمة

يقطع الصلاة ما يبطل الطهارة ولو كان سهوا ، والالتفات دبرا ، والكلام بحرفين فصاعدا عمدا ، وكذا القهقهة ، والفعل الكثير الخارج عن الصلاة ، والبكاء لأمور الدنيا.

وفي وضع اليمين على الشمال قولان : أظهرهما الإبطال.

ويحرم قطع الصلاة إلا لخوف ضرر ، مثل فوات غريم ، أو تردّي طفل

______________________________________________________

قال طاب ثراه : وفي وضع اليمين على الشمال قولان : أظهرهما الإبطال.

أقول : المشهور تحريم التكفير. وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى في حال القراءة. ولا فرق بين وضع اليمين على الشمال وبالعكس. وكذا لا فرق بين وضع الكفّ على السّاعد أو بالعكس ، ولا بين وضع الكفّ على الكفّ أو السّاعد على السّاعد. وكذا لا فرق بين أن يكون بين العضوين حاجز من ثوب أو لا يكون ، وتبطل الصلاة به. وذهب أبو الصلاح إلى كراهيّته (١) واختاره المصنّف في المعتبر (٢) ، وجعل أبو علي تركه مستحبّا (٣) ، والباقون على التحريم ، واختاره العلّامة (٤). وهو ظاهر المصنّف في النافع ، وتردّد في الشرائع (٥) وادعى السيد الإجماع على إبطال الصلاة به (٦) ويؤيّده رواية محمد بن مسلم عن أحدهما

__________________

(١) الكافي في الفقه : الصلاة ، ص ١٢٥ ، س ١٢ ، قال : «المكروه فعله». الى ان قال س ١٤ : «ووضع اليمين على الشمال».

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة ، في قواطع الصلاة ، ص ١٩٦ ، س ٧ ، قال : «والوجه عندي الكراهية».

(٣) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل السادس في التروك ، ص ١٠٠ ، س ١٥ ، قال : «وجعل ابن الجنيد تركه مستحبا وجعله الشيخ حراما» إلى أن قال س ١٧ : «والحق عندي اختيار الشيخ».

(٤) المختلف : كتاب الصلاة ، الفصل السادس في التروك ، ص ١٠٠ ، س ١٥ ، قال : «وجعل ابن الجنيد تركه مستحبا وجعله الشيخ حراما» إلى أن قال س ١٧ : «والحق عندي اختيار الشيخ».

(٥) الشرائع : ج ١ ، ص ٩١ ، كتاب الصلاة ، خاتمة قواطع الصلاة قسمان ، قال : «الثاني ما لا يبطلها الا عمدا وهو وضع اليمين على الشمال وفيه تردّد».

(٦) الانتصار : كتاب الصلاة ، ص ٤١ ، قال : «مسألة. ومما ظن انفراد الإماميّة به المنع من وضع اليمين على الشمال».

٣٩١

وقيل : يقطعها الأكل والشرب إلّا في الوتر لمن عزم على الصوم ولحقه عطش.

______________________________________________________

(عليهما السّلام) قال : قلت له : الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى؟ فقال : ذلك التكفير ، لا تفعله (١) ولانّه (عليه السّلام) لم يفعله ، وإلّا لوجب ، لقوله (صلّى الله عليه وآله) : صلّوا كما رأيتموني أصلّي (٢).

ولأنّه (عليه السّلام) لم يعلمه الأعرابي (٣) ولا يقله أبو حميد في حكايته صفة صلاته (عليه السّلام) (٤).

وقال أبو حنيفة ، وأحمد ، والشافعي : باستحبابه. ومالك استحب الإرسال إلّا مع طول النافلة ، ثمَّ اختلف الشافعي ، وأبي حنيفة في كيفيّته ، فالشافعي فوق السّرة وأبو حنيفة تحتها (٥).

قال طاب ثراه : وقيل : يقطعها الأكل والشرب إلّا في الوتر.

أقول : الأكل والشرب يقطعان الصلاة إن بلغا الكثرة عند المصنّف (٦) ، والعلّامة

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٨٤ ، باب كيفيّة الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة ، حديث ٧٨ ، وفيه : «الصلاة وحكي».

(٢) عوالي اللئالي : ج ١ ، ص ١٩٧ ، ذيل حديث ٨.

(٣) صحيح البخاري : ج ١ ، ص ١٩٢ ، كتاب الصلاة ، باب وجوب القراءة للإمام ، حديث ٣ ، وصحيح مسلم : كتاب الصلاة ، باب ١١ ، باب وجوب القراءة في كل ركعة ، حديث ٤٥ ، والحديث طويل.

(٤) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩٦ ، س ١٨ ، قال : «ويؤيّد ما ذكرناه ان النبي لم يأمر به الأعرابي وكذا رواية أبي حميد حكاية صلاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)».

(٥) لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري : ج ١ ، كتاب الصلاة ، ص ٢٥١ ، وهامشه.

(٦) المعتبر : كتاب الصلاة ، ص ١٩٦ ، س ٣٤.

٣٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

في المختلف (١) ، فرضا كانت الصلاة أو نقلا ، لأصالة الصحة ، وبراءة الذمّة من وجوب الإعادة ، ولأنّه لا يريد على العبث وقتل الحيّة وغسل الرعاف. وقال الشيخ في النهاية : إن كان في دعاء ولم يرد قطعه ، ولحقه العطش ، وبين يديه ماء ، جاز أن يتقدّم فيشرب الماء ثمَّ يرجع إلى مكانه ، فيتم صلاته من غير أن يستدبر (٢).

وهذا الإطلاق منه وان كان يشمل الفريضة والنافلة ، لكن مراده النافلة ، لأنّه قال في المبسوط : الأكل والشرب يفسدان الصلاة ، وروى جواز شرب الماء في النافلة وما لا يمكن التحرّز منه مثل ما يخرج من بين الأسنان ، فإنّه لا يفسد الصلاة ازدراده (٣).

وهذا الإطلاق يعطي إبطال الفريضة به مطلقا.

وقال ابن إدريس : بجوازه في الوتر بشرط لحوق العطش وعزم الصوم (٤).

احتجّ المسوّغ : برواية سعيد الأعرج قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) : إنّني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش. فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب ، وأكره أن أصبح وأنا عطشان ، وبين يديّ قلّة ، وبيني وبينها خطوتان أو ثلاثة؟

قال : تسعى إليها وتشرب منها حاجتك ، وتعود في الدعاء (٥).

__________________

(١) المختلف : في التروك ، ص ١٠٣ ، س ٥.

(٢) النهاية : كتاب الصلاة ، باب النوافل وأحكامها ، ص ١٢١ ، س ١٩ ولكن لا يخفى ان عبارة النهاية هكذا (من كان في دعاء الوتر) وعليه لا يبقى لما عن المصنّف قدس سره من قوله (وهذا الإطلاق منه وان كان يشمل الفريضة والنافلة) الى آخره.

(٣) المبسوط : كتاب الصلاة ، فصل في ذكر تروك الصلاة وما يقطعها ، ص ١١٨ ، س ١٢.

(٤) السرائر : كتاب الصلاة ، باب النوافل المرتبة في اليوم والليلة ، ص ٦٨ ، س ١٣.

(٥) التهذيب : ج ٢ ، ص ٣٢٩ ، باب ١٥ ، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون ، حديث ٢١٠ ، وفيه «وأمامي قلّة».

٣٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والتحقيق في البحث أن نقول : فساد الصّلاة بالأكل والشرب هل هو لكونهما ليسا من أفعال الصلاة ، أو لخصوصيّتهما؟ فهما منافيان كالكلام والاستدبار.

فالمصنّف والعلّامة في المختلف على الأوّل ، فيشترط في إبطال الصلاة بهما بلوغ الكثرة (١) والشيخ في المبسوط على الثاني بالنسبة إلى الفريضة (٢). ويعضد الأوّل ما تقدّم. ويعضد الثاني انّه تأسيس والأوّل تأكيد ، والتأسيس خير منه.

والحق : انّ الصلاة إنّما فسدت بهما ، لمنافاتهما الخشوع ، كالقهقهة والتصفيق بباطن اليدين وإن كان لغرض ، فما لا يكون منافيا للخشوع كازدراد ما بين الأسنان ، لا تفسد الصلاة ، كالتبسّم ، لأصالة الصحّة وعدم المعارض الشرعي. وما كان منه منافيا للخشوع ، كأكل اللقمة تبطل ، وإن لم يكن كثيرا.

فالمذاهب إذن ثلاثة :

(ألف) : كونه منافيا لخصوصيّة ، فتبطل الصلاة منه ما يبطل الصوم.

(ب) : كونه منافيا لكثرته ، فلا يبطل الصلاة فيه ما لا يبلغ الكثرة ، كاللقمة الصغيرة.

(ج) : كونه منافيا للخشوع ، فيبطل منه مثل اللقمة وإن لم يكن فعلا كثيرا ، دون ما لا ينافيه ، كازدراد ما بين الأسنان ، وهو ما اخترناه ، ولا فصل بين الفريضة والنافلة إلّا ما أخرجته الرواية ، بشرط.

(ألف) : أن يكون صلاة الوتر دون غيرها من النوافل.

(ب) : أن يكون عازما على الصوم.

(ج) : أن يلحقه العطش ، فلو أراد الشرب استظهارا من غير عطش حاضر لم يجز.

__________________

(١) تقدم آنفا مختارهم قدس الله أسرارهم.

(٢) تقدم آنفا مختارهم قدس الله أسرارهم.

٣٩٤

وفي جواز الصلاة بشعر معقوص قولان : أشبههما الكراهية.

ويكره الالتفات يمينا وشمالا ، والتثاؤب ، والتمطيّ ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخّم ، والبصاق ، وفرقعة الأصابع والتأوّه بحرف ، ومدافعة الأخبثين ، ولبس الخفّ ضيّقا.

ويجوز للمصلّي تشميت العاطس ، وردّ السلام ، مثل قوله : السلام عليكم ، والدعاء في أحوال الصلاة بسؤال المباح دون المحرّم.

______________________________________________________

(د) : أن يكون في قنوت الوتر ، لقوله : فأكره أن أقطع الدعاء.

(ه) : أن لا يكون الوقت متّسعا لاستدراك ذلك بعد الفراغ.

(و) : اختصاص الرخصة بالشرب ، دون الأكل.

(ز) : أن لا يفعل بسبب الشرب مناف للصلاة ، كالاستدبار أو حمل نجس. ويغتفر الفعل الكثير بالشرب نفسه ، فإنّه لا يبطل وإن طال زمانه. والمشي ، لجواز التخطّي ثلاثا ، وهي فعل كثير.

فرع

وإذا جاز ذلك في الوتر بالشروط المذكورة ، شمل الوتر المندوب والواجب بالنذر وشبهه.

قال طاب ثراه : وفي جواز الصلاة (١) والشعر معقوص قولان.

أقول : التحريم مذهب الشيخ في النهاية (٢) والمبسوط (٣) والخلاف (٤) ويجب

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في مختصر النافع : «بشعر معقوص» فراجع المتن.

(٢) النهاية : كتاب الصلاة ، باب السهو في الصلاة واحكامه ، ص ٩٥ ، س ١٨.

(٣) المبسوط : كتاب الصلاة ، فصل في ذكر تروك الصلاة وما يقطعها ، ص ١١٩ ، س ٨.

(٤) الخلاف : ج ١ ، ص ١٧٧ ، كتاب الصلاة ، مسألة ٢٥٥.

٣٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إعادة الصلاة. ومستنده رواية مصادف عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في رجل صلّى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر؟ قال : يعيد صلاته (١).

ومصادف ضعيف.

والكراهية مذهب المفيد (٢) وتلميذه (٣) والتقي (٤) وابن إدريس (٥) واختاره المصنّف (٦) والعلّامة في أكثر كتبه (٧).

وقال في التحرير عند ما أورد قول الشيخ بالتحريم : وفيه نظر ، أقربه الكراهية قال في الصحاح : عقص الشعر ظفره وليّه على الرأس كالكبّة في مقدّم الرأس على الجبهة ، وعلى هذا إن منع من السجود فالحقّ ما قاله الشيخ ، وإلّا فلا (٨). هذا آخر كلامه رحمه الله.

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٣٢ ، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة فيه ، حديث ١٢٢.

(٢) المقنعة : باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز الصلاة فيه ، ص ٢٥ ، س ٢٠.

(٣) المراسم : ذكر احكام ما يصلى فيه ، ص ٦٤ ، س ٢ ، قال : «وتكره الصلاة» الى ان قال : «أو شعر معقوص».

(٤) الكافي في الفقه : الصلاة ، ص ١٢٥ ، س ١٢ ، قال : «المكروه فعله» الى ان قال س ١٦ : «ومعقوص الشعر».

(٥) السرائر : كتاب الصلاة ، باب القول في لباس المصلي ، ص ٥٨ ، س ٢٣ ، قال : «ويكره للإنسان الصلاة وهو معقوص الشعر» انتهى.

(٦) المعتبر : كتاب الصلاة ، في قواطع الصلاة ، ص ١٩٧ ، س ٩ ، قال : «وقال المفيد بالكراهيّة وهو الوجه».

(٧) التذكرة : كتاب الصلاة ، البحث الثالث فيما يكره فيه الصلاة ، ص ٩٩ ، س ٣٣.

(٨) التحرير : كتاب الصلاة ، المطلب الثاني فيما يجوز الصلاة فيه ، ص ٣١ ، س ١٥ ، قال : «(كج) قال الشيخ لا يجوز» الى آخره.

٣٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال المصنّف قدس الله روحه : عقص الشعر جمعه وسط الرأس وشدّه (١) وهذا التفسير هو الأليق بمحلّ الخلاف لما قيل : انّه من فعل اليهود ، وقد ورد النهي عن التشبّه بهم في كثير من العادات كالطواف بالبرطلة (٢).

فوجه الاشكال فيه ، احتمال التحريم من حيث اشتماله على التشبّه بهم وقد أمر (عليه السّلام) بمخالفتهم. واحتمال الكراهية لأصالة الصحّة ، وضعف سند المنع.

__________________

(١) المعتبر : كتاب الصلاة ، في قواطع الصلاة ، ص ١٩٧ ، س ٨.

(٢) الوسائل : كتاب الحج ، ج ٩ ، ص ٤٧٧ ، باب ٦٧ ، من أبواب الطواف ، حديث ٢ ، وفيه : «لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زي اليهود».

٣٩٧

المقصد الثاني

في بقيّة الصلوات

وهي : واجبة ومندوبة.

فالواجبات

منها :

الجمعة

وهي : ركعتان يسقط معها الظهر. ووقتها ما بين الزوال حتّى يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، وتسقط بالفوات وتقضى ظهرا.

ولو لم يدرك الخطبتين أجزأته الصلاة. وكذا لو أدرك مع الإمام الركوع ، ولو في الثانية.

______________________________________________________

المقصد الثاني

في

بقيّة الصلوات

قال طاب ثراه : وتسقط بالفوات ويقضى ظهرا.

أقول : هنا سؤال يورد ، وتقريره انّ القضاء تابع لأصله ، لقوله (عليه السّلام) : «من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته» (١) والجمعة ركعتان فكيف تقضى أربعا؟

وجوابه : انّ معنى قوله (يقضي) اي يفعل ، والضمير في قوله (يقضي) ليس راجعا

__________________

(١) عوالي اللئالي : ج ٣ ، ص ١٠٧ ، حديث ١٥٠ ، وقريب منه ما في الوسائل : ج ٥ ، ص ٣٥٩ ، باب ٦ ، وجوب قضاء ما فات كما فات ، حديث ١ قال : «يقضي ما فاته كما فاته».

٣٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى الجمعة ، بل إلى محذوف ، تقديره وظيفة الوقت ، أي ويقضي وظيفة الوقت ظهرا.

والأصل في هذا البحث : أنّ وظيفة الوقت يوم الجمعة هل هو الظهر ويسقط بالجمعة ، أو الجمعة ، وله إسقاطها بالظهر؟

بالأوّل قال أبو حنيفة ، لقوله عليه السّلام : (أول وقت الظهر حين تزول الشمس) (١) ، وهو عام ، فيتناول يوم الجمعة كغيره (٢).

وقال صاحبه محمد بن الحسن الشيباني : الفرض هو الجمعة وله إسقاطها بالظهر (٣). وللشافعي كالقولين (٤).

وعندنا أنّ الوظيفة هي الجمعة وليس له إسقاطها بغيره ، لأنه مأمور بالجمعة ومنهيّ عن الظهر ، فلا يكون المنهيّ عنه فرضا ، لقوله (عليه السّلام) «ان الله كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة إلى يوم القيامة» (٥). وظاهره الوجوب.

إذا تقرّر هذا فنقول : مع الفوات (أى مع فوات الجمعة) إمّا أن يكون وقت الظهر باقيا أو خارجا ، فان كان باقيا صلّاها أربعا بنيّة الأداء ، لسقوط الجمعة.

وإن كان خارجا ، كان الواجب بعد فوات الجمعة هو الظهر ، بانتقال الوجوب إليه ، فتقضي أربعا بنيّة القضاء عن الظهر. ففي الصورة الثانية لفظ القضاء جار على حقيقته. وفي الصورة الاولى يكون معنى القضاء فعل الواجب ، كقوله تعالى (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) (٦) (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) (٧) (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا

__________________

(١) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقصد الثاني في بقيّة الصلوات منها الجمعة ص ٢٠١ ، س ٢٢ ـ ٢٣.

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقصد الثاني في بقيّة الصلوات منها الجمعة ص ٢٠١ ، س ٢٢ ـ ٢٣.

(٣) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقصد الثاني في بقيّة الصلوات منها الجمعة ص ٢٠١ ، س ٢٢ ـ ٢٣.

(٤) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقصد الثاني في بقيّة الصلوات منها الجمعة ص ٢٠١ ، س ٢٢ ـ ٢٣.

(٥) المعتبر : كتاب الصلاة ، المقصد الثاني في بقية الصلوات ، منها الجمعة ، ص ٢٠١ ، س ٢٤ ، ورواه في الوسائل ، باب ١ ، من أبواب صلاة الجمعة ، حديث ٢٢ ، نقلا عن المعتبر.

(٦) سورة البقرة : ٢٠٠.

(٧) سورة النساء : ١٠٣.

٣٩٩

وتدرك الجمعة بإدراكه راكعا على الأشهر.

ثمَّ النظر في شروطها ، ومن تجب عليه ، ولواحقها ، وسننها

والشروط خمسة

الأوّل : السلطان العادل.

______________________________________________________

فِي الْأَرْضِ) (١) اي ويفعل وظيفة الوقت المستقلّة عن الجمعة ظهرا.

قال طاب ثراه : وتدرك الجمعة بإدراكه راكعا على الأشهر.

أقول : إذا أدرك المأموم الركوع مع الإمام قبل رفع رأسه ، اجتزأ به عند السيد (٢) ، والشيخ في أحد قوليه (٣). وشرط في النهاية (٤). والاستبصار (٥) ، إدراك تكبيرة الركوع.

وبالوجهين روايات (٦) والأوّل أرجح لوجوه :

(ألف) : أصالة صحّة الصلاة الواقعة على ذلك الوجه ، وبراءة الذمة من وجوب إعادتها.

(ب) : أن تكبير الركوع ليس من واجباته حتّى يكون لفواته أثر في صحّة القدوة.

(ج) : أنّ روايات الصحّة أكثر ، فيكون أرجح ، ولهذا قال : على الأشهر.

فرع

يكفي في إدراك الركعة وصوله إلى حدّ الراكع قبل أن يرفع الإمام رأسه ، وإن لم

__________________

(١) سورة الجمعة : ١٠.

(٢) المعتبر : في بقية الصلوات ، منها الجمعة ، ص ٢٠١ ، س ٢٨ ، قال : «وكذا (أي أدرك الجمعة) لو أدرك ركعة وأدرك الإمام راكعا في الثانية ، قاله الشيخ (ره) في الخلاف وعلم الهدى».

(٣) الخلاف : ج ١ ، ص ٢٢٥ ، كتاب الجمعة ، مسألة ٣٨.

(٤) النهاية : كتاب الصلاة ، باب الجمعة وأحكامها ، ص ١٠٥ ، س ١٤ ، ولفظه : «فان وجد الامام قد ركع في الثانية فقد فاتته الجمعة».

(٥) الاستبصار : ج ١ ، ص ٤٢١ ، باب ٢٥٥ ، من لم يدرك الخطبتين ، فلاحظ.

(٦) لاحظ الوسائل : كتاب الصلاة ، ج ٥ ، ص ٤٠ ، باب ٢٦ ، من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.

٤٠٠