تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

الكشوري (١) ، حدّثني محمد بن يوسف ، أنبأنا بكر بن عبد الله بن الشرور ، أخبرني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهبا يقول : قاتل فرعون من الفراعنة أمة موسى بعده فلم يستطعهم ، فبعث إلى السحرة والكهنة فقال : دلوني على أمر أقوى عليهم. قالوا : فيهم إرث من علم ، وهم أمية أمة موسى ولا يقوى عليهم إلّا بلعام منهم ، فبعث إلى بلعم بن باعوراء وهو الذي قال الله (آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) .. (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ) قال : ركن إلى الدنيا فخرج إليه فأجابه فركب (٢) أتانا ، وكانت الأنبياء تركب الأتن فسار حتى إذا كان في بعض الطريق ربضت ، فضربها وأخلف عليها بالضرب ، فالتفتت إليه فقالت : من ألجأك إلى هذا؟ أترى ما بين يديك؟ فنظر فإذا جبريل عليه‌السلام فقال : ما كان ينبغي لك أن تخرج المخرج الذي خرجته ، فإذا فعلت فقل حقا تقدم عليه ، فأمر له بالفرش والخدم والمال ، فأخذ وقال : ادع لي على عدوّي هؤلاء دعوة أنصر عليهم ، قال : غدا ، فلما التفت (٣) الفتيان قال بنو إسرائيل : وأمة موسى مباركة ومبارك من بارك عليهم ، وملعون من لعنهم ، فقال صاحبه الذي بعثه له : ما زدتنا إلّا خبالا قال : غدا ، فلما تراءت الفئتان قال مثل الذي فعاتبه فقال له كما قال فما استطعت إلّا ما رأيت ، ولكني أدلك على شيء إن فعلته وأصابوه نصرت عليهم. [قال : وما هو قال](٤) تقصد إلى نساء شباب حسان ، فنحمل عليهن الحلي والعطر ثم تبثهن في العسكر فإن أصابوهن خذلوا ، ففعل فما تعرض لهن إلّا رجل واحد بواحدة حبسها في خيمته ، فجاشهم الموت جوشة أذهب ثلثهم [ففزعوا لذلك وقالوا : لقد أحدثنا حدثا ، ففتشوا المنازل فوجدوه على بطنها](٥) فشكوهما بالحربة وقتلوهما ، فرفع الموت عنهم.

أنبأنا أبو محمد الأكفاني ، أنبأنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا [أبو] محمد بن أبي نصر قال : وحدّثنا عبد العزيز ، أنبا عبد الوهاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر ، قالا : أنبأنا العابد أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني ، أخبرنا محمد بن جرير الطبري (٦) :

__________________

(١) رسمها مضطرب بالأصل ، والمثبت والضبط عن الأنساب ، هذه النسبة إلى كشور قرية من قرى صنعاء اليمن.

ذكره السمعاني : عبيد الله.

(٢) بالأصل : تركب.

(٣) في المطبوعة ١٠ / ٢٦٩ التقت الفئتان.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن المطبوعة ١٠ / ٢٦٩.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن المطبوعة ١٠ / ٢٦٩.

(٦) تاريخ الطبري ١ / ٤٣٧ و ٤٣٨.

٤٠١

حدّثنا ابن حميد ، حدّثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن سالم أبي النّضر أنه حدّث أن موسى لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام ، وكان بلعم ببالعة ـ قرية من قرى البلقاء ـ فلما نزل موسى ـ عليه‌السلام ـ ببني إسرائيل ذلك المنزل ، أتت قوم بلعم فقالوا له : يا بلعم ، هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا ، ويقتلنا ويحلها بنو إسرائيل ، ويسكنها ، وإنّا قومك وليس لنا منزل ، وأنت رجل [مجاب الدعوة ،](١) فاخرج فادع الله عليهم ، فقال : ويلكم! نبي الله معه الملائكة والمؤمنون! كيف [أذهب أدعو](٢) عليهم ، وأنا أعلم من الله ما أعلم! قالوا : ما لنا من منزل ، فلم يزالوا به يرفقونه (٣) ، ويتضرعون إليه حتى فتنوه ، فانفتن فركب حمارا متوجها إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل ، وهو جبل حسبان ، فما سار عليها غير كثير ، حتى ربضت به ، فنزل عنها فضربها حتى إذا أذلقها قامت فركبها ، فلم تسر به حتى ربضت فضربها حتى [إذا](٤) أذلقها أذن الله لها فكلّمته حجة عليه ، فقالت : ويحك يا بلعام (٥) ، أين تذهب ، ألا ترى الملائكة أمامي تردني [عن وجهي هذا ، أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم ، فلم ينزع عنها يضربها](٦) فخلّى الله سبيلها حين فعل بها ذلك ، فانطلقت حتى إذا أشرفت به على رأس جبل حسبان ، على عسكر موسى وبني إسرائيل ، جعل يدعو عليهم ، فلا يدعو عليهم بشيء إلّا صرف به لسانه إلى قومه ، ولا يدعو لقومه بخير إلّا صرف لسانه لبني إسرائيل. فقال له قومه : ما تدري يا بلعم ما تصنع ، إنما تدعو لهم وتدعو علينا. قال : فهذا ما لا أملك ، هذا شيء قد غلب الله عليه ، واندلع لسانه فوقع على صدره ، فقال لهم : قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ، فلم يبق إلّا المكر والحيلة ، فسأمكر وأحتال ، جمّلوا النساء وأعطوهن السلع ، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها فيه ، ومروهن فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها ؛ فإنه إن زنى رجل واحد منهم كفيتموهم (٧) ، ففعلوا ، فلما دخل النساء العسكر مرت امرأة من الكنعانيين اسمها كيسى (٨) برجل من عظماء بني إسرائيل ، وهو زمري بن شلوم ، رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فقام إليها

__________________

(١) ما بين معكوفتين مكانه مطموس بالأصل والمثبت عن م ، وانظر.

(٢) الطبري : «يرققونه» وبهامشه عن نسخة يرفقونه كالأصل.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.

(٤) الطبري : بلعم.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.

(٦) بالأصل «كفيتموه» والمثبت عن الطبري.

(٧) الطبري : بلعم.

(٨) وفي الطبري : «كستى» وبهامشه عن نسخة : «كسى» وفي المطبوعة ١٠ / ٢٧٠ «كسبى».

٤٠٢

فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها ، ثم أقبل حتى وقف بها على موسى فقال : إني أظنك ستقول : هذه حرام عليك! قال رجل : هي حرام عليك لا تقربها ، قال : فو الله لا نطيعك في هذا ، ثم دخل بها قبته فوقع عليها ، فأرسل الله الطاعون على بني إسرائيل ، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى ، وكان رجلا قد أعطي بسطة في الخلق ، وقوة في البطش ، وكان غائبا حين صنع زمري بن شلوم ما صنع ، فجاء والطاعون يحوس في بني إسرائيل. فأخبر الخبر فأخذ حربته ـ وكانت من حديد كلها ـ ثم دخل عليهما القبة وهما متضاجعان فانتظمهما بحربته ، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء ، والحربة قد أخذها بذراعه ، واعتمد بمرفقه على خاصرته ، وأسند الحربة إلى لحيته ـ وكان بكر العيزار ـ فجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك ، ورفع الطاعون فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون ـ فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص ـ فوجدوه قد هلك منهم سبعون ألفا ، والمقلّ عليهم يقول : عشرون ألفا في ساعة من النهار ، فمن هنالك يعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص بن العيزار بن هارون من كلّ ذبيحة ذبحها القبّة والذراع واللّحي ، لاعتماده بالحربة على خاصرته ، وأخذه إيّاها بذراعه ، وإسناده إياها إلى لحيته ، والبكر من كل أموالهم وأنفسهم ، لأنه كان بكر العيزار ، ففي بلعم بن باعورا أنزل الله تعالى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) يعني بلعم (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) ـ إلى قوله ـ (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(١) [يعني بني إسرائيل ، إني قد جئتهم بخبر ما كان فيهم مما يخفون عليك](٢) فيعرفون أنه لم يأت بهذا الخبر عما مضى فيهم إلّا نبي يأتيه خبر السماء.

أخبرنا أبو الوحش سبيع بن المسلّم ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين ـ إذنا ـ قالا : حدّثنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أبو الحسن بن رزقويه أنبأنا أحمد بن سندي ، حدّثنا الحسن بن علي القطّان ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، حدّثنا أبو حذيفة عن مقاتل بن سليمان قال : سمعت من حدّثني عن كعب الحبر وعبد الله بن زياد بن سمعان ، ومحمد بن إسحاق ، عن سالم أبي النّضر ، وعن عثمان بن الساج عن الكلبي عن أبي صالح وأبي إلياس ، عن وهب بن منبه كلّ هؤلاء يحدثون عن قصة بلعم بن باعوراء فزاد بعضهم

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٥ إلى ١٧٦.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن تاريخ الطبري ١ / ٤٣٩.

٤٠٣

على بعض قالوا : إنّ بلعم بن باعوراء كان ينزل قرية من قرى البلقاء ، وكان يحسن اسم الله الأعظم ، وكان متمسكا بالدين ، وإن موسى لما نزل أرض كنعان من الشام بين أريحاة وبين الأردن ، وجبل البلقاء والتّيه ، فيما بين هذه المواضع ، قال : فأرسل إليه بالق الملك فقال : إنّا قد رهبنا من هؤلاء القوم ـ يعني موسى بن عمران ـ وإنه قد جاز البحر ليخرجنا من بلادنا وينزلها بني إسرائيل ، ونحن قومك وليس لك بقاء بعدنا ، ولا خير لك في الحياة بعدنا ، وأنت رجل مجاب الدعوة فاخرج فادع عليهم ، فقال بلعم : ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون ، كيف أدعو الله عزوجل عليهم ، وأنا أعلم من الله ما أعلم ، وإني لا أدخل في شيء من أموركم فاعذروني. فقالوا : ما لنا من منزل (١) في هذه الحال ، فلم يزالوا يترفقون به ويتضرعون إليه. قال بعض هؤلاء المسلمين باسنادهم أنه كانت له امرأة أنسب منها يحبّها ويطيعها وينقاد لها [فدسّوا لها](٢) هدايا فقبلتها ، ثم أتوها فقالوا لها : قد نزل بنا ما ترين ، فنحب أن تكلمي بلعام فإنه مجاب الدعوة فيدعو الله عزوجل ، فإنه لا خير فيه بعدنا ، فقالت لبلعم إن لهؤلاء القوم حقا وجوارا وحرمة ، وليس مثلك أسلم جيرانه عند الشدائد ، وقد كانوا مجملين في أمرك وأنت جدير أن تكافئهم وتهتم بأمرهم ؛ فقال لها : لو لا أني أعلم أن هذا الأمر من الله عزوجل لأجبتهم [إلى مرادهم](٣) فقالت : انظر في أمرهم ولينفعهم جوارك ، فلم تزل به حتى ضلّ وغوى ، وكان الله عزوجل عزم له في أول مرة على الرشد ففتنته فافتتن ، فركب حمارة فوجّهها إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل ، فلما سار غير بعيد ربضت به حمارته فنزل عنها فضربها حتى أذلقها فقامت فلم تسر إلّا قليلا حتى ربضت ففعل بها مثل ذلك ، فقامت فلم تسر إلّا قليلا حتى ربضت ، فضربها حتى أذلقها فقامت فأذن لها فكلّمته فقالت : يا بلعم إني مأمورة فلا تظلمني ، فقال لها : ومن أمرك؟ قالت : الله عزوجل أمرني ، انظر إلى ما بين يديك ألا ترى إلى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا يقولون : أتذهبين إلى نبي الله والمؤمنين يدعو عليهم بلعم؟

وقال بعض هؤلاء المسمين : إن الحمارة قالت ألا ترى الوادي أمامي قد اضطرم نارا؟ قال : فخلّى سبيلها ثم انطلق حتى أشرف على رأس جبل يطل على بني إسرائيل ،

__________________

(١) في الأصل والمختصر : «مترك» ولعل الصواب ما أثبت قياسا إلى الرواية السابقة.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور ٥ / ٢٤٨.

(٣) الزيادة عن المطبوعة.

٤٠٤

فجعل يدعو عليهم ، فلا يدعو بشيء من سوء إلّا صرف الله لسانه إلى قومه ، ولا يدعو لقومه بخير إلّا صرف الله عزوجل لسانه إلى بني إسرائيل ، وجعل يترحم على بني إسرائيل ويصلّي على موسى. فقال له قومه : يا بلعم أتدري ما تصنع إنما تدعو لهم ، فقال : هذا ما لا أملك ، وهذا شيء قد غلب الله عزوجل عليه ، وأدلع لسانه. فقال بعض هؤلاء المسلمين جاءته لمعة فذهبت ببصره فعمي ، فقال لهم : قد ذهبت الدنيا والآخرة مني ، ولم يبق إلّا المكر والحيلة ، وليس إليهم سبيل وسأمكر لكم واحتال لهم. اعلموا أنهم قوم إذا أذنب مذنبهم ولم تغيّر عامّتهم عمّهم البلاء فقالوا له : كيف لنا بشيء يدخل عليهم منه ذنب يعمهم من أجله العذاب؟ قال : تدسّون في عسكركم النساء ، فإني لا أعلم فتنة أوشك صرعة للرجل من المرأة ، فانظروا نساء لهن جمال ، فأعطوهن السلع ثم أرسلوهن إلى العسكر تبيعها فيه ، ومروهنّ فلا تمنع امرأة نفسها من رجل إذا أرادها ، فإنهم إن زنى رجل منهم كفيتموهم ، ففعلوا ذلك ، فلما دخل النساء العسكر مرّت امرأة من الكنعانيين بنت صوريا برأس سبط بن شمعون بن يعقوب ـ وهو زمري شلوم (١) ـ فقام إليها فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها ، ثم أقبل بها حتى وقف بها على موسى فقال : إني لأظنك يا موسى ستقول هذه حرام عليك! فقال موسى : أجل إنها حرام فلا تقربها ، فقال : والله لا أطيعك في هذا ، ثم دخل بها قبّته فوقع عليها ، فأرسل الله عزوجل الطاعون في بني إسرائيل ، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون ، وهو صاحب أمر موسى ، وكان رجلا قد أتي بسطة في الخلق ، وقوة في البطش ، وكان غائبا حين صنع زمري بن شلوم ما صنع ، فجاء والطاعون قد وقع في بني إسرائيل ، فأخبر الخبر فأخذ حربته ـ وكانت حربته من حديد كلّها ـ فدخل عليهما القبة وهما مضطجعان فانتظمهما بحربته ثم خرج بهما وقد رفعهما إلى السماء بحربته قد أخذها بذراعيه واعتمد بمرفقيه على خاصرته وأسند الحربة إلى لحيته فجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن عصاك فرفع الله عزوجل الطاعون عنهم. فحسب من هلك منهم في الطاعون سبعون ألفا من بني إسرائيل. فمن هنالك يعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص من كل ذبيحة يذبحونها القبّة والذّراع واللّحي لاعتماده بالحربة على خاصرته وأخذه إياها إلى لحيته ، والبكر من أموالهم وأنفسهم لأنه كان البكر من ولد هارون.

فقال بعض هؤلاء المسمين عن وهب بن منبه : أن بلعم أخذ أسيرا فأتي به موسى

__________________

(١) في المطبوعة هنا : شولوا» وقد تقدم الاسم بالأصل وفي المطبوعة في رواية سابقة «شلوم».

٤٠٥

ـ عليه‌السلام ـ فقتله ، وهكذا كانت سنتهم ، وفيه نزلت : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ) يعني حديث (الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) إلى آخر الآية ، يعني فانسلخ منها يقول : الاسم الذي أعطاه الله عزوجل ، وما كان يجاب إذا دعاه.

قال : وأخبرنا إسحاق عن محمد بن إسحاق ، عن الزّهري ، عن سعيد بن المسيّب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ـ إن كان قاله ـ «كان مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل مثل أمية بن أبي الصّلت في هذه الأمة» [٢٦٠١].

ذكر من اسمه بنان

٩٦٦ ـ بنان بن حازم

أبو عبد السلام

حدّث ببعلبك (١) عن ثور بن يزيد الكلاعي (٢).

روى عنه : أبو أحمد حاجب بن الوليد الأعور.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، حدّثنا حاجب بن الوليد ، حدّثنا بنان بن حازم ببعلبك ، ـ يقال له أبو عبد السلام ـ حدّثنا ثور بن يزيد ، عن مدرك بن عبد الله الكلاعي ، عن كعب ، قال : إن خيار هذه الأمة خيار الأولين والآخرين [إنّ] من هذه الأمة رجالا إنّ أحدهم ليخرّ ساجدا لا يرفع رأسه حتى يغفر لمن خلفه فضلا عنه. وكان كعب يتحرّى الصفوف المؤخّرة رجاء أن يكون من أولئك.

لم أجد هذا الاسم في شيء من كتب المختلف والمؤتلف ولا في غيرها.

ذكر من اسمه بندار

٩٦٧ ـ بندار بن عبد الله الهمذاني (٣) الصوفي

حدّث بدمشق عن القاضي أبي الحسن عبد العزيز بن محمد العكاوي.

__________________

(١) رسمها غير واضح بالأصل وم والمثبت عن مختصر ابن منظور ٥ / ٢٥٠ والمطبوعة ١٠ / ٢٧٤.

(٢) زيد في المطبوعة : وسعيد بن عروبة.

(٣) بالأصل «الهمداني» بالدال المهملة ، والمثبت عن مختصر ابن منظور والمطبوعة.

٤٠٦

كتب عنه نجا بن أحمد الشاهد.

قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد بن عمرو ، وأنبأنيه أبو الحسن علي بن مسلّم عنه ، وأنبأنيه أبو الفرج غيث بن علي ، أنبأنا بندار بن عبد الله الهمذاني (١) الصوفي ـ قدم علينا ـ أنبأنا القاضي أبو الحسن عبد العزيز بن محمد بن داود ـ بعكا (٢) ـ أنبأنا القاضي أبو أحمد محمد بن داود بن أحمد بن سليمان بن الربيع بن مصحح ، أخبرني أبي (٣) داود بن أحمد بن سليمان ـ بعسقلان في المسجد الجامع ـ حدّثنا أبو عبد الله محمد بن حمّاد الطّهراني (٤) ، حدّثنا عبد الرّزّاق عن معمر ، عن الزّهري ، عن عروة ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله عزوجل لا ينزع العلم من الناس بعد أن يعطيهم إياه ، ولكن يذهب بالعلماء ، كلما أذهب (٥) بعالم أذهب بما معه من العلم حتى لا يبقى من لا يعلم فيضلّوا» [٢٦٠٢].

أخبرناه عاليا أبو القاسم بن الحصين ، حدّثنا أبو علي بن المذهب ، أخبرنا أبو بكر بن مالك ، حدّثنا عبد الله بن أحمد (٦) ، حدّثني أبي ، حدّثنا عبد الرّزّاق ، أخبرنا معمر ، عن الزّهري ، عن عروة عن (٧) عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله عزوجل لا ينزع العلم من الناس بعد أن يعطيهم إياه ، ولكن يذهب بالعلماء ، كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى يبقى من لا يعلم (٨) فيضلّوا ويضلّوا» [٢٦٠٣].

٩٦٨ ـ بندار بن عمر بن محمد بن أحمد

أبو سعيد التّميمي الرّوياني

قدم دمشق ونزل مسجد أبي (٩) صالح. وحدّث بها وبغيرها عن : أبي مطيع مكحول بن علي بن موسى الخراساني ، وأبي منصور المظفّر بن محمد بن أحمد النحوي

__________________

(١) بالأصل : «الهمداني».

(٢) عكا : بلد على ساحل بحر الشام من عمل الأردن ، (معجم البلدان).

(٣) بالأصل «أبو».

(٤) بالأصل «الظهراني» والصواب ما أثبت بالطاء المهملة ، والضبط عن الأنساب.

(٥) كذا ، وفي المختصر والمطبوعة : ذهب.

(٦) مسند الإمام أحمد ٢ / ٢٠٣.

(٧) بالأصل «بن» والمثبت عن مسند أحمد.

(٨) زيد هنا في المسند : «فيتخذ الناس رؤساء جهالا فيستفتوا فيفتوا بغير علم ...».

(٩) انظر الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي ٢ / ٢٦٣.

٤٠٧

الدّينوري ، وأبي محمد عبد الله بن جعفر الخبّازي ، الحافظ ، وعلي بن شجاع بن محمد المصقلي ، وأبي صالح شعيب بن صالح.

روى عنه : الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد ، وأبو الفرج سهل بن بشر (١) ، وأبو طالب عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن الشيرازي ، ومكي بن عبد السلام المقدسي ، وأبو الحسن علي بن طاهر النحوي.

[أخبرنا] أبو الفتح نصر الله بن محمد ، حدّثنا نصر بن إبراهيم ، أنبأنا أبو سعيد بندار بن عمر الرّوياني ، أنبأنا أبو محمد [عبد الله بن جعفر الخبازي أنبأ أبو علي الحسن بن علي بن محمّد](٢) بن بشار الزاهد ـ بهمذان ، قراءة عليه من أصل سماعه ـ أنبأنا علي بن محمد القزويني ، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني ، حدّثنا عبد القدوس ، حدّثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي قعنب ، عن أبي أمامة الباهلي ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خمس ليال لا تردّ فيهن الدعوة : أول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة الجمعة ، وليلة الفطر ، وليلة النحر» [٢٦٠٤].

قرأت بخط أبي الفرج عبد بن علي ، حدّثني أبو الفرج الإسفرايني وقد جرى ذكر بندار الرّوياني قال : قال لي عبد العزيز النخشبي ـ وأردت أسمع منه شيئا ـ لا تسمع منه فإنه كذاب ، أو كما قال.

٩٦٩ ـ بندار بن محمد أبو القاسم الفارسي الصوفي

سمع بمصر ، أبا إبراهيم أحمد بن القاسم بن الميمون الحسني (٣).

وحدّث بصور فسمع منه غيث بن علي ، ثم وصل إلى دمشق صحبة العالمة (٤) ملكة (٥) ، وتوفي بدمشق بعد الثمانين وأربعمائة.

__________________

(١) بالأصل «بشير» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ١٦٢.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م وانظر المطبوعة ١٠ / ٢٧٥.

(٣) المطبوعة : «الحسيني».

(٤) رسمها غير واضح بالأصل وم والمثبت عن المطبوعة ١٠ / ٢٧٦.

(٥) هي ملكة بنت داود بن محمد بن سعيد القرطكي العالمة الصوفية ، ترجم لها ابن عساكر (انظر المطبوعة : تراجم النساء ص ٣٩٣).

٤٠٨

ذكر من اسمه بندقة

٩٧٠ ـ بندقة بن كمشيجور

أحد القواد الذين وجههم المكتفي إلى مصر لمحاربة آل طولون فقدم دمشق مع محمد بن سليمان.

ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن الفوارس أن بندقة بن كمشجور مات يوم الأحد لأربع بقين من شوال سنة أربع وتسعين ومائتين.

ذكر من اسمه بوري

٩٧١ ـ بوري بن طغتكين

أبو سعيد المعروف بتاج الملوك

ولد في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وأربع مائة ، وولي إمرة دمشق بعد موت أبيه طغتكين في السابع من صفر من سنة اثنتين (١) وعشرين وخمسمائة. وكانت سيرته [سيرة] قريبة ، وكان فيه حلم وسماحة. وقتل أبا علي المردعاني فوثبت العامة على من كان بدمشق من الإسماعيلية فقتلوهم ، لما قتل الوزير لأنه كان يشتد بهم ويقوّي أمرهم ، ولم يزل واليا بدمشق حتى وثب عليه أعجميان من الباطنية يوم الخميس لخمس خلون من جمادى الآخرة ، وقيل يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين فجرحاه من جراحات أثخنته وقتلا وبقي مجروحا إلى أن مات يوم الاثنين حادي وعشرين رجب سنة ست وعشرين وخمسمائة (٢).

__________________

(١) بالأصل : اثنين.

(٢) انظر الوافي بالوفيات ١٠ / ٣٢٢.

٤٠٩

ذكر من اسمه بلال

٩٧٢ ـ بلال بن جرير بن عطية بن الخطفى

واسمه (١) حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب

ابن يربوع بن حنظلة التميميّ اليربوعي الكلبي

من أهل البصرة ، شاعر ابن شاعر وفد على بعض خلفاء بني أمية.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني (٢) ، أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي ، حدّثنا أبو سعيد السكري ، عن محمد بن حبيب ، عن ابن الأعرابي قال : أراد جرير أن يوجّه ابنه بلال بن جرير إلى الشام في بعض أموره ، فأتى يحيى بن أبي حفصة فأودعه إيّاه ، ثم بلغ بلالا (٣) أن بعض بني أمية يريد الخروج ، فقال لأبيه : لو كلّفت هذا القرشي أمري ، فقال جرير :

أزادا سوى يحيى تريد وصاحبا

ألا إنّ يحيى نعم زاد المسافر

وما تأمن الوجناء وقعة سيفه

إذا أنفضوا أو قلّ ما في الغرائر (٤)

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة.

أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدّثنا الزّبير بن

__________________

(١) يعني اسم الخطفى.

(٢) الخبر والبيتان في الأغاني ١٠ / ٧٤ في أخبار مروان بن أبي حفصة.

(٣) بالأصل : بلال.

(٤) الوجناء : الناقة الشديدة ، وأنفض القوم : أرملوا ، وقيل انفضوا إذا هلكت أموالهم وفني زادهم.

٤١٠

بكار ، قال : وقال بلال بن جرير بن الخطفى يمدح (١) عبد الله بن مصعب يعني ابن ثابت بن عبد الله بن الزّبير :

مدّ الزبير أبوك إذ يبنى العلا

كفّيك حتى طالت العيّوقا (٢)

ولو أن عبد الله فاضل من مشى

فضل البرية عزة ومسوقا (٣)

قوم إذا ما كان يوم نفوره

جمع الزبير عليك والصّدّيقا

ولئن مساعي ثابت أو مصعب

بلغت سنا أعلى المكارم فوقا

لو شئت ما فاتوك إذ حاربتهم

ولكنت بالسبق المبرّ حقيقا

لكن أتيت مصلّيا برّا بهم

ولقد ترى ونرى لديك طريقا

ألقت إليك بنو قصيّ مجدهم

فورثت أكرمها سنا وعروقا

[أخبرنا] أبو العز بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأ أبو علي الجازري ، أنبأنا المعافى بن زكريا (٤) ، حدّثنا محمد بن مرثد البوشنجي ، حدّثنا الزّبير ، حدّثني عمي ، عن معافى بن نعيم أن واليا على اليمامة ولّى بلال بن جرير بعض أعماله فجلس يوما يحكم والخصوم جلوس إذ تمثل أحدهم :

وابن المراغة حابس أعياره

مرمى القصية ما يذقن بلالا (٥)

ولا يشعر أنه من ذلك سبيل قال : فقال : أين هذا الرواية قال ها أنا أصلحك الله قال :

__________________

(١) في الكامل للمبرد ٢ / ٦٦٠ «يمدح عبد الله بن الزبير» كذا! وبلال لم يلحقه وإن صح ، فقد يكون مدحه ميتا. وذكر الأبيات.

(٢) روايته عند المبرد :

مد الزبير عليك إذ يبني العلا

كفّيه حتى نالتا العيوقا

(٣) روايته عند المبرد :

ولو أن عبد الله فاخر من ترى

فات البرية عزة وسموقا

(٤) لم أجده في القسم المطبوع من الجليس الصالح ، والخبر والبيت في الكامل للمبرد ٣ / ١٠٧٥ باختلاف الرواية.

(٥) البيت في المبرد منسوبا للأخطل ، وهو في ديوانه ط بيروت ص ٢٥٣ وعجزه فيه : قذف الغريبة ما يذقن بلالا.

وابن المراغة : جرير ، كانت أمه تلقب بالمراغة ، وهي الأتان التي يرتادها الفحول ولا تمنع عنها. والبلال :

الماء القليل الذي يبل الريق.

وفي البيت تحقير لجرير ، وانحطاط شأنه بين الناس.

٤١١

ادن أنت وخصمك فدنوا قال : هلمّ أعد البيت ، فغمزه (١) إنسان فقال : أصلحك الله وإن هو إلّا شيء جرى على لساني وما أردت بذلك مكروها فقال : هو أشهر من ذلك ، هلم فاحتجا.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أخبرني أبو الحسن عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ ، أنبأنا أبو الطّيّب أحمد بن سليمان الحريري (٢) ، حدّثنا أبو عبيد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأطروش المادرائي ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد ، حدّثنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير قال : ولي جدي بلال بن جرير السعاية على تيم والرباب ، فمرّ بمنازل بني تيم بن عبد مناة بن أدّ ، قال : فلبس النساء بتوتهنّ (٣) ورفعن سجوفهن ، وتزيّنّ جهدهنّ ، وقلن : مرحبا بابن جرير ، انزل فلك ما شئت من شواء وأقط وتمر وسمن فأما الطحين فلا طحين ـ تردن بذلك ما قال بذلك ما قال فيهن جرير (٤) :

إذا أخذت تيمية هادي الرّحا

تنفّس قنباها فطار طحينها

قال : فاستحيا بلال ، فعدل عنهن وبه حاجة إلى النزول عندهن.

٩٧٣ ـ بلال بن الحارث بن عكم بن سعد

ابن قرّة بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور

ويقال : بلال بن الحارث بن عاصم بن سعيد

أبو عبد الرحمن المزني (٥)

صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل بادية المدينة شهد الفتح ، وكان يحمل أحد ألوية

__________________

(١) رسمها مضطرب بالأصل والمثبت عن م وانظر المبرد.

(٢) ضبطت عن الأنساب ، وقد وقعت اللفظة فيه عن الجريري خطأ ، وعلى كل حال فقد نبه السمعاني : ويقال له : الحريري بالحاء ، اجتمع فيه النسبتان ، فمن قال له الحريري فينسبه إلى بيع الحرير ، ومن قال الجريري فلأجل تفقهه على مذهب محمد بن جرير الطبري (كذا) وفي المطبوعة ١٠ / ٢٧٩ الجزيري.

(٣) بالأصل والمطبوعة ١٠ / ٢٧٩ «بيوتهن» والمثبت عن المختصر ٥ / ٢٥١ والبتوت جمع بت وهو الكساء الغليظ ، مربع ، وقيل هو من وبر الصوف (لسان).

(٤) شرح ديوان جرير ط بيروت ص ٤٤٥ وصدره فيه :

إذا حركت تيمية بعد جثها

(٥) ترجمته في الاستيعاب ١ / ١٤٥ هامش الإصابة ، أسد الغابة ١ / ٢٤٢ والإصابة ١ / ١٦٤ وتهذيب التهذيب ١ / ٣١٥.

٤١٢

مزينة وكان فيمن غزا دومة الجندل مع خالد بن الوليد ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث.

روى عنه ابنه الحارث بن بلال. وعلقمة بن وقّاص الليثي (١).

أخبرنا أبو محمد السندي وأبو المظفّر بن القشيري ، قال : أنبأنا أبو عثمان البحيري ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الصمد ، حدّثنا أبو مصعب ح.

وأخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أخبرنا [أبو] عثمان بن البحيري ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد الماسرجسي ـ إملاء ـ حدّثنا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف الحافظ ، حدّثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدّثنا مالك ، عن محمد [بن] عمرو (٢) بن علقمة ، عن أبيه ، عن بلال بن الحارث المزني ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقال أبو مصعب : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظنّ أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له» ـ زاد أبو مصعب : «بها» وقالا : «رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه» [٢٦٠٥].

هكذا رواه مالك بن أنس عن محمد بن عمرو ، وتابعه محمد بن عجلان عن محمد بن عمرو. ورواه موسى بن عقبة ، عن محمد ، فاختلف عنه فيه ، فرواه إبراهيم بن طهمان عن موسى ، عن محمد ، عن جده ، عن بلال ولم يذكر أباه ، ورواه عبد الله بن المبارك عن موسى بن (٣) عقبة ، عن علقمة بن (٤) وقاص ، عن بلال ، ولم يذكر محمدا ولا أباه. ورواه حمّاد بن سلمة عن محمد بن عمرو ، عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة ، عن بلال.

فأما حديث ابن عجلان : فحدّثناه أبو عبد الله بن البنّا ـ لفظا ـ وأبو القاسم بن السّمرقندي ـ قراءة ـ قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا يحيى بن محمد ، حدّثنا أبو خيثمة علي بن عمرو الحرّاني ـ بمصر ـ حدّثنا أبي ، حدّثنا أبو لهيعة عن محمد بن عجلان ، عن محمد بن عمرو (٥) بن علقمة ، عن أبيه ، عن بلال بن

__________________

(١) زيد في تهذيب التهذيب : وعمرو بن عوف ، والمغيرة بن عبد الله اليشكري.

(٢) بالأصل «عمر» والمثبت والزيادة عن م وانظر أسد الغابة ١ / ٢٤٢.

(٣) بالأصل «عن».

(٤) بالأصل «عن».

(٥) بالأصل «عمر» والمثبت والزيادة عن م وانظر أسد الغابة ١ / ٢٤٢.

٤١٣

الحارث المزني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الرجل ليقول الكلمة من رضوان الله ما يظنّ أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنه ليقول الكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ فيكتب الله بها بسخطه إلى يوم يلقاه» وهكذا رواه الليث عن ابن عجلان ، أنبأناه أبو علي الحداد وجماعة ، قالوا : أخبرنا أبو بكر بن ريذة (١) ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدّثني الليث ، عن محمد بن عجلان فذكر معناه [٢٦٠٦].

وأما حديث إبراهيم ، عن موسى فأخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن موسى ، أنبأنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن عبدة السّليطي ، أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي الحافظ ، حدّثنا محمد بن عقيل ، حدّثنا حفص بن عبد الله ، قال : وحدّثنا أحمد بن حفص ، حدّثنا أبي حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص الليثي ، عن جده علقمة بن وقّاص أنه قال : سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في حديث يحدّثه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من الخير ما يعلم مبلغها يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه» [٢٦٠٧].

قال أبو حامد لم يقم بهذا (٢) الإسناد مالك بن أنس ولا موسى بن عقبة ترك أحدهما إياه والآخر جدّه ، وأقامه سفيان الثوري فقال : عن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن بلال.

وأما حديث ابن المبارك عن موسى : فأخبرناه أبو غالب بن البنّا ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا موسى ، عن علقمة بن وقّاص الليثي أن بلال بن الحارث المزني قال له : إنّي رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء تغشاهم فانظر ما ذا تحاضرهم به ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الرجل ليتكلّم بالكلمة من الخير ما لم يعلم مبلغها فيكتب الله له بها [رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من الشر ، ما يعلم مبلغها ، فيكتب الله بها](٣) عليه سخطه إلى يوم يلقاه» [٢٦٠٨] فكان علقمة

__________________

(١) بالأصل والمطبوعة : «ريدة» بالدال المهملة.

(٢) بالأصل «هذا».

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م وانظر المطبوعة ١٠ / ٤٧٦.

٤١٤

يقول رب حديث قد حال بيني وبينه ما سمعت من بلال.

وأما حديث حمّاد بن سلمة : فأخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، أنبأنا إبراهيم بن منصور ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو يعلى ، حدّثنا إبراهيم الشامي ، حدّثنا حمّاد ، حدّثنا محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم أنه قيل لعلقمة بن وقّاص ما لك لا تدخل على الأمراء؟ قال : يمنعني حديث حدّثنيه بلال بن الحارث المزني قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن بلغت ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن بلغت ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة» فهذا الذي منعني من الدخول عليهم تابعه حجّاج بن المنهال عن حمّاد [٢٦٠٩].

هذه الأسانيد كلها فيها خلل ، والصواب : رواية محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه ، عن جده عن بلال ، كذلك رواه سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة وأبو ضمرة أنس بن عياض ، ويزيد بن هارون ، وأبو معاوية ، وإسماعيل بن جعفر ، ويعلى بن عبيد وسعيد بن عامر ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وعبد العزيز بن محمد الدّراوردي.

فأما حديث الثوري : فأخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل ، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه ، حدّثنا أبو الفضل هارون بن محمد بن أحمد بن هارون ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا عبد الله بن الحسن الحرّاني ، حدّثنا جدي أحمد بن أبي شعيب حدّثنا موسى بن أعين ، عن سفيان ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص اللّيثي عن أبيه عن جده أن بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبيه : إذا حضرتم عند ذي سلطان فأحسنوا المحضر ، فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله يكتب الله عزوجل بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله عزوجل يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه» [٢٦١٠].

وأما حديث ابن عيينة : فحدّثناه أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ـ لفظا ـ وأبو القاسم بن السّمرقندي ـ قراءة ـ قالا : أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحسين ، حدّثنا يحيى بن محمد ، حدّثنا الحسين المروزي ، حدّثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت بلال بن

٤١٥

الحارث يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها بلغت فكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» هكذا حدّثناه به مختصرا هكذا.

وأخبرناه بتمامه أبو غالب [وأبو عبد الله ابنا البنّا ، أنبأ أبو الحسين بن الآبنوسي ، أخبرنا عثمان](١) بن عمر بن محمد بن المساب (٢) ، حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت بلال بن الحارث يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها بلغت [ما بلغت](٣) فكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها بلغت ما بلغت فكتب الله بها عزوجل بها سخطه إلى يوم يلقاه» [٢٦١١].

وأمّا حديث أبي ضمرة ويزيد : فأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا أحمد بن إسماعيل العسكري ، حدّثنا يونس بن عبد الله ، حدّثنا أبو ضمرة ح.

قال : وأخبرنا ابن مندة ، حدّثنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدّثنا أبو مسعود يزيد بن هارون وسعيد بن عامر ويعلى فيما يحسب عن : محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا معه جلوسا في السوق ، فمرّ به رجل من أهل المدينة فقال له علقمة : هلم يا ابن أخي إني قد رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء فتتكلّم (٤) عندهم بما شاء الله أن تتكلم وأن بلال بن الحارث المزني أخبرني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما يرى أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يرى أن تبلغ حيث بلغت يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» فانظر ويحك ما ذا تتكلم (٥) به وما ذا تقول ، فربّ كلام قد منعني ما سمعت من بلال بن الحارث [٢٦١٢].

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، فاضطرب السند ، والمستدرك عن م وانظر المطبوعة ١٠ / ٢٨٢.

(٢) كذا رسمت بالأصل ، ولعل الصواب «المنتاب» وهو عثمان بن عمرو بن محمد بن المنتاب أبو الطيب الدقاق ، كما في ترجمته في تاريخ بغداد ١١ / ٣١٠ وفيها : حدث عن يحيى بن صاعد وفي م : الساب.

(٣) استدركت على هامش الأصل.

(٤) بالأصل : فتكلم.

(٥) بالأصل : «تكلم ... يقول».

٤١٦

وأما حديث أبي معاوية ، فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو علي بن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا محمد بن عمرو بن علقمة اللّيثي عن أبيه عن جده علقمة ، عن بلال بن الحارث المزني ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ (٢) ما بلغت يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه (٣) ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ (٤) ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم القيامة» قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث [٢٦١٣].

وأما حديث إسماعيل : فأخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي (٥) ، أنبأنا أبو طاهر بن خزيمة أخبرنا جديّ أبو بكر علي بن حجر ، حدّثنا إسماعيل ، حدّثنا محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده [عن](٦) بلال بن الحارث المزني أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ أحدكم ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله فما يظن أن تبلغ (٧) ما بلغت فيكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ أحدكم ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ (٨) ما بلغت فيكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه» [٢٦١٤].

وأما حديث يعلى : فأخبرناه أبو (٩) محمد الحسن بن أبي بكر ، أنبأنا الفضيل (١٠) بن يحيى ، أنبأنا أبو محمد (١١) بن أبي شريح ، حدّثنا محمد بن عقيل بن الأزهر ، حدّثنا محمد بن بدوية أبو عبد الرحمن ، حدّثنا يعلى (١٢) بن عبيد ، حدّثنا محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده قال : مرّ عليه رجل له شرف فقال : يا هذا إنّك تدخل على هؤلاء وتقول وتقول ويكلم ، وإني سمعت بلال بن الحارث يزعم أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

__________________

(١) مسند الإمام أحمد ٣ / ٤٦٩.

(٢) بالأصل «يبلغ» والمثبت عن مسند أحمد.

(٣) مسند أحمد : يوم القيامة.

(٤) بالأصل «يبلغ» والمثبت عن مسند أحمد.

(٥) رسمها في الأصل وم : «الخزروردي» والصواب ما أثبت.

(٦) سقطت من الأصل وزيادتها ضرورية.

(٧) بالأصل : «يبلغ» والصواب مما سبق من روايات.

(٨) بالأصل : «يبلغ» والصواب مما سبق من روايات.

(٩) بالأصل : «ابن» والصواب ما أثبت ، وسيرد قريبا صوابا.

(١٠) بالأصل «الفضل» والصواب ما أثبت انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٩٧ وسيأتي صوابا.

(١١) كرر الاسم بالأصل والمثبت يوافق عبارة م.

(١٢) بالأصل «ييى» والصواب ما أثبت انظر ترجمته في سير الأعلام ٩ / ٤٧٦.

٤١٧

«إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب له [الله] رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل يتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله سخطه إلى يوم يلقاه» فانظر ما ذا تقول وما ذا تكلّم ، فربّ كلام قد منعني ما قال بلال بن الحارث [٢٦١٥].

وأخبرناه أبو عبد الله الفراوي وأبو المظفّر القشيري ، قالا : أخبرنا محمد بن علي بن محمد الخشاب ، أنبأنا أبو بكر الجوزقي ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدّغولي ، حدّثنا محمد بن المهلّب ، حدّثنا يعلى بن عبيد ، حدّثنا محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده قال : مرّ عليه رجل له شرف فقال : يا فلان إنّ لك رحما وإنك تدخل على هؤلاء فتقول وتكلم ، إني سمعت بلال بن الحارث المزني يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ أحدكم ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه». فانظر ما ذا تقول ، وما ذا تتكلم ، فربّ كلام منعني ما قال بلال [٢٦١٦].

وأما حديث سعيد : فأخبرناه أبو محمد بن طاوس ، أنبأنا عاصم بن الحسن ، أنبأنا أبو عمرو بن مهدي ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري ، حدّثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدّثنا سعيد بن عامر الضّبعي ، حدّثنا محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده علقمة بن وقاص قال : كان رجل بطّال وكان يدخل على الأمراء فيضحكهم.

وأخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أخبرنا أبو بكر البيهقي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي ـ بمرو ـ وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن مخلد الجوهري ـ ببغداد ـ قالا : أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ، حدّثنا سعد بن تمام الضّبعي ، حدّثنا محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده علقمة بن وقاص قال : كان رجل بطّال يدخل على الأمراء فيضحكهم ، فقال له علقمة بن وقاص : ويحك يا فلان إنّك تدخل على هؤلاء ـ زاد ابن طاوس : الأمراء ـ فتضحكهم ، وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحدّث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيرضى الله عزوجل بها عنه إلى يوم يلقاه ، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ (١) ما بلغت سخط الله بها عليه إلى يوم يلقاه» [٢٦١٧].

__________________

(١) بالأصل «يبلغ».

٤١٨

وأما حديث يحيى بن زكريا والدّراوردي : فأخبرناه أبو محمد الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الفضيل بن يحيى ، أنبأنا أبو محمد بن أبي شريح ، أنبأنا محمد بن عقيل بن الأزهري ، حدّثنا أبو بكر محمد بن عيسى الطّرسوسي ، حدّثنا سهل بن عثمان ، حدّثنا ابن أبي زائدة ، عن محمد بن عمرو (١) ، عن أبيه ، عن جده [عن](٢) بلال بن الحارث المزني قال : قال لي : أراك تدخل على هؤلاء السلطان وتتكلم عندهم ، وإني سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «[إن](٣) العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله يكتب الله له به رضوانه [إلى](٤) يوم يلقاه وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله يكتب الله سخطه إلى يوم يلقاه» فكم من كلمة منعني أن أتكلم بها حديث بلال بن الحارث [٢٦١٨].

قال : وحدّثنا أبو بكر ، حدّثنا إبراهيم بن حمزة [حدّثنا](٥) الدّراوردي عن محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده ، عن بلال بن الحارث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فذكر هذا الحديث.

وكذا رواه محمد بن عبيد أخو يعلى بن عبيد ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفيان ، ويحيى بن سعيد ، ومعاذ بن معاذ البصريان (٦) عن محمد بن عمرو. وهو محفوظ من حديث علقمة بن وقاص عن بلال. كذلك رواه مالك بن أبي عامر الأصبحي جد مالك بن أنس ، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن علقمة.

فأما حديث مالك : فأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أخبرنا خيثمة ، حدّثنا ابن أبي ميسرة ، حدّثنا أحمد بن محمد الأزرقي ، عن عبد الله بن عبد العزيز اللّيثي ، عن أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، عن علقمة بن وقاص اللّيثي ، قال : أقبلت راكبا فناداني بلال بن الحارث فوقفت له ، جاءني فقال : حدّثنا علقمة إنك أصبحت اليوم وجها من وجوه المهاجرين ، وإنّك تدخل على هذا الإنسان ـ يعني مروان ـ وإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «يكون بعدي أمراء من دخل

__________________

(١) بالأصل «عمر» والصواب عن م.

(٢) سقطت من الأصل وم وزيادتها لازمة.

(٣) سقطت من الأصل ، واستدركت عن م.

(٤) سقطت من الأصل وزيادتها لازمة ، انظر ترجمة الدراوردي ، واسمه عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي في تهذيب التهذيب ٣ / ٤٧١.

(٥) سقطت من الأصل وزيادتها لازمة ، انظر ترجمة الدراوردي ، واسمه عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي في تهذيب التهذيب ٣ / ٤٧١.

(٦) بالأصل : «النضريّان» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمة معاذ بن معاذ في سير أعلام النبلاء ٩ / ٥٤ ويحيى بن سعيد بن فروخ في سير الأعلام أيضا ٩ / ١٧٥.

٤١٩

عليهم فليقل حقا ، وإنّ أحدكم ليتكلّم بالكلمة يرضي بها السلطان فيهوي بها أبعد من السماء» [٢٦١٩].

وأما حديث محمد بن إبراهيم : فأخبرناه أبو الحسن الموازيني وأبو طاهر بن الحنّائي (١) ـ في كتابيهما ـ ثم أخبرنا أبو الحسن علي بن يحيى بن رافع النّابلسي عنهما قالا : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن سعدان ـ قراءة عليه ـ حدّثنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي (٢) ـ إملاء ـ أخبرنا محمد بن الحسين بن قتيبة ، حدّثني أبي ، حدّثنا مؤمّل ، عن سفيان ، وحمّاد بن سلمة وحمّاد بن زيد ، قالوا : حدّثنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التّيمي عن علقمة بن وقاص اللّيثي ، حدّثني بلال بن الحارث أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها بلغت الذي بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه» قال علقمة بن وقاص : فكم من كلام منعني أتكلم به حديث بلال بن الحارث [٢٦٢٠].

وأخبرناه أبو القاسم الواسطي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أخبرنا علي بن أبي علي البصري ، حدّثنا محمد بن المظفّر ، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحارث بن عبد الوارث ، حدّثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن سلم السبحي (٣) ، حدّثنا مؤمّل ، حدّثنا حمّاد وحمّاد وسفيان عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص ، حدّثني بلال بن الحارث أنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله لا يظن أنها بلغت الذي بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلّم بالكلمة من سخط الله ما يلقي بها بالا فيكتب الله بها إلى يوم يلقاه سخط الله» قال علقمة بن وقاص : كم من كلام قد منعني أتكلم به حديث بلال بن الحارث [٢٦٢١].

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيّوية ، أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أخبرنا محمد بن شجاع البلخي ، أخبرنا محمد بن عمر

__________________

(١) بالأصل «الحبابي» والصواب ما أثبت ، انظر فهارس شيوخ ابن عساكر (المطبوعة ٧ / ٤١٩).

(٢) بالأصل «المنابحى» كذا ، والصواب ما أثبت وهذه النسبة إلى ميانج موضع بدمشق.

(٣) «عبد الرحمن بن سلم السبحي» أثبت عن الأنساب ، وبالأصل : «عبد السلام بن مسلم السجي» قال السمعاني : هذه النسبة أظن أنها إلى السبحة وهي الخرز المنظومة التي يسبّحون بها ويعدونها عند الذكر.

٤٢٠