تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

[المنقري ، نا الأصمعي قال : ولّى عبد الملك بن مروان ـ يعني ـ](١) البصرة بعد قتل مصعب خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ثم عزله وولّى بشر بن مروان فضم البصرة إليه وكان على الكوفة فلم يمكث إلّا قليلا حتى مات فدفن إلى جنب قبر سالم بن زياد بين دار عيسى بن سليمان ودار إسحاق بن سليمان فلما مات بشر ولّى عبد الملك الحجّاج العراق.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف (٢) ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عنه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الرّزّاق بن أحمد بن عبد الحميد ، حدّثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن ورد (٣) ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري القاضي ، حدّثني العباس بن الفرج أبو الفضل الرّيّاشي ، حدّثني الأصمعي قال : قال حمّاد بن سلمة قال علي بن زيد بن جدعان قال الحسن : قدم علينا بشر بن مروان البصرة وهو أبيض بضّ أخو خليفة وابن خليفة ، وولي على العراق فأتيت داره ، فلما نظر إليّ الحاجب قال : يا شيخ من أنت؟ قلت : الحسن البصري ، قال : فادخل إلى (٤) الأمير وإياك أن تطيل الحديث معه ، واجعل الكلام الذي يسود بينك وبينه جوابا ولا تملّنه من المجالسة فتثقل عليه قال : فدخلت وإذ بشر على سرير عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها ، وإذا رجل متكئ على سيف قائم على رأسه فسلّمت عليه فقال : من أنت يا شيخ أعرفك؟ قلت : الحسن البصري الفقيه ، قال : أفقيه هذه المدرة؟ قال : قلت : نعم أيها الأمير ، قال : فاجلس ، ثم قال لي : ما تقول في زكاة أموالنا أندفعها إلى السلطان أم إلى الفقراء؟ قلت : أي ذلك فعلت أجزأ عنك ، قال : فتبسم ثم رفع رأسه إلى [من] كان على رأسه ، فقال : لشيء ما يسود؟ ثم جعل يديم النظر إليّ فإذا أملت طرفي إليه صرف بصره عني وإذا أطرقت أبد فيّ نظره ، قال : ثم قلت : فاستأذنت في الانصراف فقال لي : مصاحبا محفوظا. قال : ثم عدت بالعشي وإذا هو قد انحدر من سريره إلى صحن مجلسه ، وإذا الأطباء حواليه وإذا هو يتململ تململ التسليم (٥) فقلت : ما للأمير؟ قالوا : محموم ثم عدت من غد ، وإذا

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٢) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار ١ / ٣٤٢.

(٣) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٩ وبالأصل «جعفر» كررت مرتين.

(٤) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.

(٥) في المطبوعة : السليم.

٢٦١

الناعية تنعاه ، وإذا الدوابّ قد جزّوا نواصيها ، قلت ما للأمير؟ قالوا : مات فحمل ودفن في جانب الصحراء ، فجاء الفرزدق ووقف على قبره فقال (١) :

أعينيّ إلّا تسعداني ألمكما

فما بعد بشر من عزاء ولا صبر

ألم تر إلى الأرض بكت (٢) جبالها

وان نجوم الليل بعدك لا تسري

سقاني أمير المؤمنين مصيبة

وتمضي (٣) إلى عبد العزيز إلى مصر

بأن أبا مروان بشرا أخاكما

ثوى غير متبوع بمنّ ولا غدر

وقد كان حيّات العراق يخفنه

وحيّات ما بين المدينة (٤) فالقهر (٥)

قال : فما بقي أحد كان على القبر إلّا خرّ باكيا قال : ثم انصرفت فصلّيت في جانب الصحراء ما قدّر لي ثم عدت إلى القبر فإذا قد أتي بعبد أسود فدفن إلى جانبه ، فو الله ما فصلت بين القبرين حتى قلت : أيهما قبر بشر بن مروان.

أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان ، أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عتّاب بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب بن محمد العبدي ـ قراءة عليه ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصا ـ إجازة ـ حدّثنا أبو عبيد الله معاوية بن صالح قال : كتب إليّ سليمان بن أبي شيخ عن محمد بن الحكم عن عوانة ح ، قال ابن جوصا : وحدّثني أبو طاهر أحمد بن بشر ، حدّثنا سليمان بن أبي شيخ عن محمد بن الحكم ، عن عوانة ، قال : لما قتل عبد الملك مصعب بن الزّبير ، ودخل الكوفة ، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنّي قد استعملت عليكم رجلا من أهل بيت لم يزل الله عزوجل يحسن إليهم في ولايتهم ، أمرته بالشدة والغلظة على أهل المعصية ، وباللين على أهل الطاعة فاسمعوا له واطيعوا ، وهو بشر بن مروان ، وخلّفت معه أربعة آلاف من أهل الشام ، منهم روح بن زنباع الجذامي ، ورجاء بن حيوة الكندي.

__________________

(١) ديوانه ط بيروت ١ / ٢١٧.

(٢) الديوان : «هدّت جبالها» وفي المطبوعة «دكت».

(٣) في الديوان : سيأتي أمير المؤمنين نعيّه وينمي.

(٤) في الديوان : اليمامة.

(٥) بالأصل «فالفهر» ولم نجد موضعا بهذا الاسم ، فأثبتنا ما في الديوان : فالقهر بالقاف ، وهو أسافل الحجاز مما يلي نجدا من قبل الطائف (معجم البلدان).

وقوله : الحيات : يعني الرجال الأقوياء الأشداء.

٢٦٢

وكان بشر يشرب بالليل وينادم قوما من أهل الكوفة. فقال لندمائه ليلة : إن هذا الجذامي يمنعني من أشياء أريد أن أعطيكموها. فقال رجل مولى لبني تميم : أنا أكفيكه ، فكتب على باب القصر ليلا :

إنّ ابن مروان قد حانت منيّته

فاحتل لنفسك يا روح بن زنباع

إنّ الدنانير لا تغني مكانكم

إذا نعاك لأهل الرّملة النّاعي

فلما أصبحوا قرأ ذلك الناس ، فبلغ ذلك روحا ، فجاء إلى بشر فقال : ائذن لي ، فإن أهل العراق أصحاب توثّب ، فجعل بشر يتمنع عليه ، وهو يشتهي أن يخرج فأذن له ، فلما قدم على عبد الملك جعل يخبره عن أهل العراق ، فيقول له عبد الملك : هذا من خبثك (١) يا أبا زرعة فاستخلف عبد الملك على البصرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ، ثم عزله وولّى بشر بن مروان البصرة مع الكوفة فأتاه الكتاب بولاية البصرة وهو يشرب الدواء الكبير ، فقال له الأطباء : إنّ هذا دواء نريد أن تودع نفسك بعده ، فلا تخرج بعده ، فأبى فلما دنا من البصرة تلقاه فيمن [لقيه الحكم بن الجارود ، فقال له : مرحبا وجعله عن يمينه ثم](٢) لقيه الهذيل بن عمران البرجمي فرحب به [وجعله](٣) عن يساره ، ثم لقيه المهلّب ، فلما رآه بشر بينهما قال : هذان شاهدان ، وأميرنا صاحب شراب ، فلم يلبث بالبصرة إلّا أشهرا حتى مات ، فضرّه ذلك الدواء.

وقد روي في موت بشر حكاية غير هذه على وجه آخر.

أنبأنا بها أبو القاسم [العلوي] وأبو الوحش المقرئ ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأنا محمد بن القاسم بن الحسين بن محمد المعافري ، أخبرنا أبوا الحسين أحمد بن بهزاد بن مهران ، حدّثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي ، حدّثني الهيثم بن مروان ، حدّثنا أبو مسهر ، حدّثنا الحكم بن هشام قال : ولّى عبد الملك بن مروان أخاه بشر بن مروان العراقين قال : فكتب إليه بشر حين [وصل](٤) : أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك اشغلت إحدى يديّ وهي اليسرى ، وبقيت اليمنى فارغة لا شيء فيها. قال : فكتب إليه فإن أمير المؤمنين قد أشغل يمينك بمكة والمدينة والحجاز واليمن ، قال : فما بلغه الكتاب حتى

__________________

(١) إعجامها غير واضح بالأصل ولعل الصواب ما أثبت وفي م والمختصر والمطبوعة ١٠ / ١٢٦ «جبنك».

(٢ و ٣) ما بين معكوفتين في الموضعين زيادة عن مختصر ابن منظور ٥ / ٢١٥ والمطبوعة ١٠ / ١٢٦.

(٤) زيادة للإيضاح عن م.

٢٦٣

بلغت القرحة في يمينه ، فقيل [له](١) : نقطعها من مفصل الكف ، فجزع ، فما أمسى حتى بلغت المرفق ، فأصبح وقد بلغت الكتف ، وأمسى وقد خلط الجوف. قال : فكتب إليه : أما بعد يا أمير المؤمنين فإنّي كتبت إليك وأيامي أول يوم من أيام الآخرة ، وآخر يوم من أيام الدنيا وقال :

شكوت إلى الله الذي قد أصابني

من الضّرّ لما لم أجد لي مداويا

فؤاد ضعيف مستكين لما به

وعظم بدا خلوا من اللّحم عاريا

فإن (٢) متّ يا خير البرية فالتمس

أخا لك يغني عنك مثل غنائيا

يواسيك في السّراء والضّرّ جهده

إذا لم تجد عند البلاء مواسيا

قال : فجزع عليه ، وأمر الشعراء يرثوه.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أخبرنا محمد بن علي السّيرافي ، أخبرنا أحمد بن إسحاق النّهاوندي ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى بن زكريا ، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (٣) : حدّثني الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن جده قال : ولي بشر بن مروان العراق سنة أربع وسبعين ، ومات في أول سنة خمس وسبعين وكانت ولايته على الكوفة إلى أن جمعت له العراق بعد قتل مصعب نحو من شهرين وذلك في سنة أربع وسبعين ومات بشر بالبصرة سنة خمس وسبعين وهو ابن نيف وأربعين سنة ، وهو أول أمير مات بالبصرة. قال خليفة : ثم لم يمت بها أمير حتى مات سوار بن عبد الله بن هو أمير قاضي في سنة ست وخمسين ومائة ، ثم لم يمت أمير حتى مات محمد بن سليمان سنة ثلاث وسبعين ومائة ، ثم لم يمت أمير حتى مات عبد الله بن جعفر بن سليمان سنة سبع ومائتين (٤).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو بكر الطّبري ، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، قال : بشر بن

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) هذا البيت والذي يليه في الوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٢ باختلاف الرواية ، وبعدهما فيه بيتان آخران :

سويحان أولى من سواد وحمرة

تبدلته من واضح كان صافيا

فكم من رسول قد أتاني بعتبه

إليّ ورسلي يكتمونك ما بيا

(٣) تاريخ خليفة بن خياط ص ٢٧٣.

(٤) لم يذكره خليفة في وفيات سنة ٢٠٧ (انظر تاريخ خليفة في منوات مختلفة ولم أجد الخبر فيه بهذا التسلسل).

٢٦٤

مروان بن الحكم مات أميرا بالبصرة.

أنبأنا أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرئ عن رشا بن نظيف ، أخبرنا أبو شعيب المكتب وأبو محمد بن عبد الرّحمن ، قالا : أخبرنا الحسن بن رشيق ، أخبرنا أبو بشر الدّولابي ، حدّثني جعفر بن علي الهاشمي ، حدّثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، قال : ثم كانت سنة خمس وسبعين ففيها مات بشر بن مروان بن الحكم بالبصرة ، وقدم الحجّاج بن يوسف من مكة واليا على العراق فقتل عبد الله بن المنذر بن الجارود.

[أخبرنا] أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو بكر اللّالكائي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو علي بن صفوان ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني سلمة بن شبيب ، حدّثنا سهل بن عاصم ، عن شيخ له ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : لما احتضر بشر بن مروان قال : والله لوددت أنّي كنت عبدا حبشيا لأسوأ أهل البادية ملكة أرعى عليهم غنمهم ، وأنّي لم أكن فيما كنت فيه. فقال شقيق : الحمد لله الذي جعلهم يفرّون إلينا ولا نفرّ إليهم ، إنهم ليرون فينا (١) غيرا وإنّا لنرى فيهم عبرا.

قال : وحدّثني أبو زيد النّميري ، حدّثنا بكر بن عبد الله ، عن مالك بن دينار قال : مات بشر بن مروان فدفن ، ثم مات أسود فدفن إلى جنبه ، فمررت بقبريهما بعد ثلاثة أيام فلم أعرف قبر أحدهما من قبر صاحبه ، فذكرت قول الشاعر :

والعطيات (٢) خشاش بينهم

فسواء قبر مثر ومقلّ

[أخبرنا] أبو الحسين محمد بن كامل بن ديسم المقدسي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد بن المسلمة ـ فيما كتب إليّ ـ أخبرنا محمد بن عمران بن موسى ـ إجازة ـ أخبرني عبيد الله بن الحسن بن سفيان ، أخبرنا محمد بن موسى البريدي (٣) ، أنشدنا سليمان بن أبي شيخ ، أنشدني يحيى بن سعيد الأموي للفرزدق يرثي ابن مروان (٤) :

أعينيّ إلّا تسعداني ألمكما

وهل بعد بشر من عزاء ومن صبر

وقلّ عناء عبرة ترزقانها

على أنها تشفي الحرارة في الصّدر

__________________

(١) الغير : أحداث الدهر المغيّرة.

(٢) كذا ، وصوبها محقق المطبوعة ١٠ / ١٢٨ «والعظيات ..».

(٣) في المطبوعة : الغنوي.

(٤) الأبيات في الديوان ط بيروت ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨.

٢٦٥

ولو أن قوما قاتلوا الموت قبلنا

بشيء لقاتلنا المنيّة عن بشر

ولكن فجعنا والرزيّة مثله

بأبيض ميمون النقيبة والأمر

فإن لا تكن هند بكته ، فقد بكت

عليه الثّريّا في كواكبها الزهر

أغرّ أبو العاصي أبوه ، كأنّما

تفرّجت الأبواب عن قمر بدر

نمته الروابي من قريش ، ولم تكن

له من كليب ذات قربى ولا صهر

ألم تر أن الأرض هدّت جبالها

وأن نجوم الليل بعدك لا تسري

وما احد ذو فاقة كان مثلنا

إليه ، ولكن لا بقية للدّهر

[قرأت] علي أبي محمد السّلمي عن أبي محمد التميمي ، أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر ، أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال : وفيها يعني سنة ثلاث وسبعين مات بشر بن مروان بالبصرة ، وكذا ذكر الواقدي.

٩٠٢ ـ بشر بن معاوية بن مروان

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي له ذكر.

٩٠٣ ـ بشر بن مقاتل بن إسماعيل بن مقاتل

أبو [القاسم](٢) السّمرقندي الحمصي

ساكن طبرية (٣) ، قدم دمشق وحدّث بها عن أبيه ، كتب عنه أبو الحسين الرازي.

قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد ، وذكر انه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق من الغرباء : أبو القاسم بشر بن مقاتل العبدي ، وكان أصله من حمص ، وسكن طبرية (٤) ، ثم قدم دمشق وأقام بها مدة ، ثم خرج عنها.

٩٠٤ ـ بشر بن المنذر أبو المنذر الرّملي (٥)

حدّث عن محمد بن مسلم الطائفي ، وعبد الله بن لهيعة ، والليث بن سعد ، وشعيب بن رزيق.

__________________

(١) في الديوان : وقلّ جداء عبرة تسفحانها.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل والصواب ما أثبت عن المطبوعة ١٠ / ١٣٠.

(٤) رسمها غير واضح بالأصل والصواب ما أثبت عن المطبوعة ١٠ / ١٣٠.

(٥) سقطت هذه الترجمة والتي قبلها من مختصر ابن منظور ، التراجم الثلاث التي ستليها أيضا.

٢٦٦

روى عنه : موسى بن سهل الرّملي ، ومحمد بن عوف الحمصي.

وسكن المصّيصة (١) واجتاز بدمشق أو بأعمالها عند ذهابه إليها.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ، أنبأنا عبد الرّحمن بن مندة ، أنبأنا أحمد بن عبد الله ـ إجازة ـ قال : وأخبرنا ابن مندة ، أخبرنا أبو طاهر بن سلمة ، أنبأنا علي بن محمد ، قالا : أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (٢) : سمعت أبي يقول : أتيته ـ يعني بشر بن المنذر ـ بالمصّيصة فأعنفنا عليه في دقّ الباب فحلف أن لا يحدّثنا ولم نرجع (٣) إليه وكان صدوقا.

٩٠٥ ـ بشر بن نصر بن مسعود العراقي

حكى عن : أبي سعيد محمد بن عقيل الفارابي الفقيه نزيل مصر.

حكى عنه : أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحداد المصري الفقيه.

٩٠٦ ـ بشر بن النكث ، ويقال : بشير (٤) ـ اليربوعي ، ويقال : الثقفي

شاعر وفد على بعض خلفاء بني أمية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو محمد بن عثمان ، وأبو القاسم بن السّري (٥) ، قالوا : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المجبّر (٦) ، حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشّار الأنباري ، حدّثني أبي ، حدّثنا أبو عكرمة ـ يعني الضّبّي ـ حدّثنا مسعود بن بشر ، عن أبي عبيدة قال : خرج بشر بن النكث الثّقفي إلى الشام قاصدا بعض بني مروان فأخفق بكلتي يديه ـ يعني بأخفق : خاب ولم يصب ما يريد ـ فمضى إلى حيّ تغلب ، فقالوا له لو أذنت لنا زوجنا بعض [بنات] قبيلتنا فسقطت عنك مئونة ، وأخصب رحلك ، وصلحت معيشتك فأنشأ يقول :

__________________

(١) المصيصة بالفتح ثم الكسر والتشديد مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس. (معجم البلدان).

(٢) الجرح والتعديل ١ / ١ / ٣٦٧.

(٣) عن الجرح والتعديل وبالأصل : ولم يرجع.

(٤) المؤتلف للآمدي ٦١ والإكمال لابن ماكولا ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

(٥) كذا رسمها بالأصل ، وفي المطبوعة ١٠ / ١٣١ التستري والصواب : البسري.

(٦) إعجامها غير واضح بالأصل ، والمثبت والضبط عن الأنساب.

٢٦٧

يقولون صاهر بن تغلب تستعن

بمال [و] تجبر بالختونة والصهر

وإني لقاء الرأي أنّ تغلب أشرت

مفداة مني [في] محاذرة الفقر

ألا ليت شعري إن سليمة خانها

بي الموت ما تلقى من الناس والدهر

إن أظلموها حقها وتظافروا

عليها وعيّت بالخصومة والأمر

أتدعو أباها والصفائح دونه

ولبيك لو أني أجيب من الغير

قرأت على أبي محمد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال في باب بشير ـ بضم الباء المعجمة وفتح الشين المعجمة ـ قال : وبشير بن النكث اليربوعي ، ويقال بشير من بني كليب بن يربوع شاعر راجز ، كان يهاجي نوحا وبلالا ابني جرير. قاله المرزباني (١).

٩٠٧ ـ بشر بن الوليد بن عبد الملك (٢)

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي ، ولّاه أبوه الموسم والغزو ، وذكر إبراهيم بن محمد بن عرفة أنه كان يقال لبشر : هذا عالم بني مروان.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدّثنا حدّثنا الزّبير بن بكّار قال في تسمية ولد الوليد بن عبد الملك : وبشر ، وذكر جماعة لأمهات أولاد.

أخبرتنا أم البهاء [فاطمة] بنت محمد ، قالت : أخبرنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا أبو الطّيّب محمد بن جعفر الزّرّاد المنبجي ، حدّثنا عبيد الله بن سعد الزّهري ، قال : قال أبي (٣) سعد بن إبراهيم حجّ بالناس بشر بن الوليد سنة خمس وتسعين.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن (٤) ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق

__________________

(١) الاكمال لابن ماكولا ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ولم يرد في معجم الشعراء المطبوع للمرزباني ، وورد بالأصل «في باب بشر» خطأ.

(٢) الوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٧.

(٣) بالأصل «أبو» خطأ والصواب ما أثبت.

(٤) بالأصل «الحسين» خطأ والصواب عن فهارس شيوخ ابن عساكر المطبوعة ٧ / ٤٣٩ واسمه محمد بن الحسن بن علي بن الحسين بن زوران.

٢٦٨

النهاوندي ، حدّثنا أحمد بن عمران الأشناني (١) ، حدّثنا موسى بن زكريا ، حدّثنا خليفة بن خيّاط ، قال (٢) : وأقام الحج يعني سنة خمس وتسعين : بشر بن الوليد بن عبد الملك ، قال : وغزا بشر بن الوليد يعني سنة خمس (٣) وتسعين فقفل (٤) وقد توفي الوليد.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو بكر بن الطبري ، أخبرنا محمد بن الحسين ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، قال : قال ابن بكير : قال ابن الليث بن سعد وحج عامئذ يعني سنة خمس وتسعين بالناس بشر بن الوليد أمير المؤمنين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر الخطيب ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله الجواليقي التّميمي بالكوفة.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أخبرنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، وأبو طاهر أحمد بن علي بن سواد قالا : أخبرنا أبو الفرج الحسين بن علي الطّناجيري ، قالا : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي بن مروان الأنصاري ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد الشيباني ، حدّثنا أبو بشر هارون بن حاتم ، حدّثنا أبو بكر بن عياش قال : ثم حج بالناس بشر بن الوليد بن عبد الملك سنة خمس وتسعين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أخبرنا أبو بكر بن الطبري ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب ، قال : قال ابن بكير ، قال الليث : وفي سنة أربع وتسعين قدم بشر بن أمير المؤمنين بأهل الشام إلى مصر [ليغزو بهم مع أهل مصر](٥) البحر ، على أهل مصر عبد الله بن مالك بن الأبجر ، ودخل بشر مصر يوم الاثنين في رجب فسار حتى بلغوا أدرنة (٦) ، ثم لم تطب لهم الريح ، فرجعوا إلى الإسكندرية. فجاءهم إذنهم وهم بها فقفلوا.

__________________

(١) بدون نقط بالأصل ، والصواب ما أثبت.

(٢) تاريخ خليفة ص ٣٠٩.

(٣) كذا ، وقد ذكر الخبر في تاريخ خليفة في حوادث سنة ٩٦ ص ٣١٣.

(٤) عن خليفة وبالأصل «ففتل».

(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن م.

(٦) كذا بالأصل ، في معجم البلدان «درنه» موضع بالمغرب قرب انطابلس.

٢٦٩

أخبرنا عن أبي منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري وأبي جعفر بن المسلمة ، قالا : أجاز لنا أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني في كتاب معجم الشعراء (١) قال : بشر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم يقول لما قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك (٢) :

عجب لا ينقضي (٣)

عجب قتل الوليد

سما (٤) الملك له

زال فأمسى ليزيد

أسلمته عبد شمس

والبقايا من ثمود

قال يوم الدار لما

مسّه حرّ الحديد

اتّقوا الله وكفّوا

أين عقدي وعهودي

قتلوه ثم قالوا

هالك غير فقيد

٩٠٨ ـ [بشر] بن وهب

أبو مروان [السّرّاج]

حدّث عن الهيثم بن عمران العبسي ، روى عنه أحمد بن [أبي](٥) الحواري.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر ، أخبرنا أبو الحسن بن حبيب ، حدّثنا أبو الحسين محمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدّثنا أبو مروان بشر بن وهب السّراج ، حدّثنا الهيثم بن عمران ، عن أبيه عن مكحول ، قال : إيّاك وطلبات الحوائج من الناس ، فإنه فقر حاضر ، وعليك بالإياس فإنه الغنى ؛ ودع من الكلام ما يعتذر منه ، وتكلّم بما سواه ، وإذا صلّيت فصلّ صلاة مودّع.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ، أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنبأنا علي بن محمد ح.

__________________

(١) كذا ، ولم يرد له أي ذكر في معجم الشعراء المطبوع.

(٢) الأبيات في الوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٧.

(٣) الوافي : لا يتولّى.

(٤) الوافي : «بينما» وهي الأظهر للوزن.

(٥) سقطت من الأصل وم ، والصواب ما أثبت عن الجرح والتعديل.

٢٧٠

قال : وأنبأنا أحمد بن عبد الله ـ إجازة ـ قالا : أنبأنا أبو محمد بن أبي حاتم قال (١) : بشر بن وهب أبو مروان الدمشقي ، روى عن الهيثم بن عمران (٢) روى عنه أحمد بن أبي الحواري.

٩٠٩ ـ بشر بن هلباء الكلبي ثم العامريّ (٣)

ممن شهد قتل الوليد بن يزيد ، حكى عنه دكين بن شمّاخ الكلبيّ.

أخبرنا على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين بن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا عبد الوهاب الميداني ، أنبأنا [أبو] سليمان بن زبر ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، حدّثني أبو جعفر الطبري (٤) ، حدّثني أحمد بن زهير ، عن أبي محمد ، عن عمرو (٥) بن مروان الكلبيّ ، حدّثني دكين بن شمّاخ الكلبيّ ثم العامريّ ، قال : رأيت بشر بن هلباء العامريّ يوم قتل الوليد ضرب باب البخراء (٦) بالسيف وهو يقول :

سنبكي خالدا بمهنّدات

ولا تذهب صنائعه ضلالا

يعني خالد القشيري ، وهذا البيت لعمران بن هلباء أخي بشر ، وسيأتي في أبيات في ترجمة عمران.

٩١٠ ـ بشر وهو الحتات بن يزيد بن علقمة (٧)

ابن حويّ بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد [مناة] بن تميم وفد (٨) مع جماعة من أشرافهم وآخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين معاوية.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أخبرنا أبو الحسين بن النّقّور ، أخبرنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا رضوان بن أحمد بن جالينوس ، أخبرنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار ،

__________________

(١) الجرح والتعديل ١ / ١ / ٣٦٩.

(٢) بالأصل «مروان» والصواب ما أثبت عن الجرح والتعديل.

(٣) سقطت الترجمة من مختصر ابن منظور ، وقد ورد بالأصل «بشير» والمثبت عن تاريخ الطبري ٧ / ٢٥١.

(٤) الخبر والبيت في تاريخ الطبري ٧ / ٢٥١.

(٥) بالأصل «عمر» والمثبت عن تاريخ الطبري.

(٦) عن الطبري ، وبالأصل «البحر».

(٧) أسد الغابة ١ / ٤٥٤ الإصابة ١ / ٣١١ الاستيعاب ١ / ٣٩٦ هامش الإصابة الوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٨.

(٨) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.

٢٧١

حدّثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (١) : قدمت وفود العرب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي في أشراف من بني تميم فيهم الأقرع بن حابس والزّبرقان بن بدر ، وعمرو (٢) بن الأهتم ، والحتات ، ونعيم بن زيد ، وقيس بن الحارث ، وقيس بن عاصم في وفد عظيم من بني تميم معهم عيينة بن حصن الفزاري (٣) وكان الأقرع بن حابس وعيينة شهدا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا والفتح والطائف ، فلما قدم وفد بني تميم دخلوا معهم ، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء الحجرات أن أخرج إلينا يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا فقال : «نعم فقد أذنت لخطيبكم فليقم» فقام عطارد بن حاجب فقال :

الحمد لله الذي جعلنا ملوكا ، الذي له الفضل علينا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزاء أهل المشرق وأكثره عددا وأيسره عدة ، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا رءوس الناس؟ وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعد مثل ما عدّدنا ، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ، ولكنا نستحي من الإكثار لما أعطانا أقول هذا لئن تأتوا بمثل قولنا ، وأمر أفضل من أمرنا ثم جلس.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن الشماس (٤) : «قم فأجبه» ، [فقام](٥) فقال :

الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يكن شيء قط إلّا من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثا وأفضله حسبا ، فأنزل الله عليه كتابه وائتمنه على خلقه ، وكان خيرة الله من العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان به ، فآمن به المهاجرون من قومه وذوو رحمه أكرم الناس أحسابا ، وأحسنه وجوها ، وخير الناس فعلا ثم كان أول الخلق إجابة واستجاب لله حين دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنصار الله ووزراء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نقاتل الناس حتى يؤمنوا فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا وكان قتله علينا يسيرا. أقول قولي هذا واستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم.

__________________

(١) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٦.

(٢) عن ابن هشام وبالأصل «وعمر».

(٣) بالأصل : «عتبة بن حفص الفزاري» والمثبت عن ابن هشام ٤ / ٢٠٧.

(٤) رسمها «السمسار» بالأصل ، والمثبت عن ابن هشام.

(٥) الزيادة عن ابن هشام.

٢٧٢

ثم قال : ائذن يا محمد لشاعرنا فقال : «نعم» فقام (١) الزّبرقان بن بدر فقال :

نحن الملوك فلا حيّ يعادلنا

فينا الملوك وفينا ينصب الرّبع (٢)

وكم قسرنا من الأحياء كلهم

عند النهاب وفضل العزّ يتّبع

ونحن نطعم عند القحط ما أكلوا

من الشّواء إذا لم يؤنس القزع

ثم ترى الناس تأتينا سراتهم

من كل أوب هوينا (٣) ثم نتّبع

وننحر الكوم عبطا في أرومتنا

للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا

ولا ترانا إذا حي تفاخرنا

إلّا استفادوا وكان اليأس يقتطع

فمن يعادلنا في ذاك نعرفه

فيرجع القول والأخبار تستمع

إنّا أبينا ولم يأب (٤) لنا أحد

إنّا كذلك عند الفخر نرتفع

وكان حسان غائبا فبعث إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال حسان : جاءني الرسول فأخبرني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّما دعاني لأجيب شاعر بني تميم فخرجت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا أقول (٥) :

منعنا رسول الله إذ حلّ وسطنا

على أنف راض من معدّ وراغم

منعناه لمّا حلّ بين بيوتنا

بأسيافنا من كل باغ وظالم

ببيت حريد (٦) عزّه وثرائه

بجابية الجولان وسط الأعاجم

هل المجد إلّا السؤدد العود والندى

وجاه الملوك واحتمال العظائم

فلما انتهيت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقام شاعر القوم فقال ما قال عرضت في قوله ، فقلت نحوا مما قال فلما فرغ الزّبرقان من قوله قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قم يا حسان فأجبه فيما قال» فقال حسان (٧) :

__________________

(١) بالأصل «فقال» والصواب ما أثبت انظر ابن هشام ٤ / ٢٠٨.

(٢) في ابن هشام : نحن الكرام ... منا الملوك وفينا تنصب البيع.

وفي الاستيعاب ١ / ٣٤٢ في ترجمة حسان بن ثابت :

فينا العلاء وفينا تنصب البيع

(٣) كذا ، وفي ابن هشام : من كل أرض هويّا.

(٤) بالأصل : «ولم يأبا» وفي ابن هشام : «ولا يأبى».

(٥) ديوان حسان بن ثابت ط بيروت ص ١٤٤ ، و ٢٢٩ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٩.

(٦) بالأصل : «عزير» والمثبت عن الديوان وابن هشام ، وفي الديوان : بحي حريد أصله وذماره.

والبيت الحريد : الفريد الذي لا يختلط بغيره لعزته.

(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٤٥ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢١٠.

٢٧٣

إنّ الذؤابة من نهر وإخوتها

قد بيّنوا سنّة لله (١) تتّبع

يرضى بها كل من كانت سريرته

تقوى (٢) الإله وبالأمر الذي شرعوا

قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوهم

أو حاولوا (٣) النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك منهم غير محدثة

إن الخلائق فاعلم شرّها البدع

لا يرقع الناس ما أوهت أكفّهم

عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا

إن كان في الناس سابقون بعدهم

فكل سبق لادنى سبقهم تبع

ولا يضنّون عن جار بفضلهم

ولا يرى (٤) منهم في مطمع طمع

أعفة ذكرت في الوحي عفّتهم

لا يطمعون ولا يرديهم الطمع

فلما فرغ حسان من قوله ، قال الأقرع بن حابس : إن هذا الرجل لمؤتى له ، خطيبه أخطب من خطيبنا. وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا. فلما فرغوا أجازهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأحسن جوائزهم. وكان عمرو (٥) بن الأهتم قد خلّفه القوم في ظهرهم وكان من أحدثهم سنا ، فقال قيس بن عاصم ـ وكان يبغض ابن الأهتم ـ يا رسول الله إنّي قد كان غلام منّا في رحالنا ، وهو غلام حدث ، وزرى به ، فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل ما أعطى القوم ، فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه ذلك من قول قيس يهجوه فقال :

ظللت تغتابني سرّا وتشبعني (٦)

عند الرسول فلم تصدق ولم تصب

سدناكم سؤددا بهرا وسؤددكم

باد نواجذه مقع على الذنب

إن تبغضونا فإن الروم أصلكم

والروم لا تملك البغضاء للعرب

ونزل فيهم من القرآن (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(٧) [٢٥٥٤].

__________________

(١) في الديوان : للناس تتبع.

(٢) في ابن هشام : تقوى الإله وكل الخير يصطنع.

(٣) بالأصل : «وحاولوا» والمثبت عن الديوان وابن هشام.

(٤) الديوان : ولا يصيبهم في مطمع طبع.

(٥) بالأصل «عمر» والمثبت عن ابن هشام.

(٦) في ابن هشام ٤ / ٢١٣ ظللت مفترش الهلباء تشتمني.

(٧) سورة الحجرات ، الآية : ٤.

٢٧٤

قرأت على أبي منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري وأبي جعفر بن المسلمة قالا : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى. ـ إجازة ـ قال : الحتات الدّارمي اسمه بشر بن يزيد بن علقمة بن حويّ بن سفيان بن مجاشع بن دارم التّميمي ، وهو الذي مات عند معاوية وقد رثاه الفرزدق وهجا معاوية لأخذه ميراثه. ويجمعهما في النسب سفيان ، والحتات هو القائل للفرزدق وأراد الخروج إليه إلى عمان (١) :

كتبت إليّ تستهدي الجواري

لقد أنعظت من بلد بعيد

أقم لا تأتنا فعمان أرض

بها سمك وليس بها ثريد

[أخبرنا] أبو بكر اللّفتواني ، أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر بن زنجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري ، قال : فأما الحتات ـ بالحاء مضمومة غير معجمة وبعدها تاءان فوق كل واحدة نقطتان ـ فهو قليل منهم : الحتاب بن يزيد المجاشعي وكان له قدر وذكر في الجاهلية ، ثم أسلم ، ووفد إلى عمر بن الخطاب وهو الذي أجار الزبير بن العوام لما انصرف عن الجمل ، وقتل الزّبير في جواره فعيّره (٢) جرير بقين مجاشع بذلك فمما قال فيهم (٣) :

قال النوائح من قريش غدوة

غدر الحتات وليّن والأقرع

وقال أيضا (٤) :

لو كنت حرّا يا ابن قين مجاشع

شيّعت ضيفك فرسخين وميلا

وبنو مجاشع تنكر أن يكون الحتات أجاره ، ويقولون إنما كان الزبير قصد النغر (٥) بن الزّمام المجاشعي فلم يصادفه ثم قتل من ليلته.

قرأت على أبي غالب بن البنّا عن أبي الفتح بن المحاملي ، قال : أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، قال الحتات بن يزيد بن علقمة بن حوي بن سفيان بن مجاشع بن دارم كان

__________________

(١) البيتان في الوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٨.

(٢) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.

(٣) شرح ديوانه ط بيروت ص ٢٦٠ وفيه «إنما» بدل «غدوة».

(٤) شرح ديوانه ط بيروت ص ٣٤٢.

(٥) كذا بالأصل بالنون والغين المعجمة ، وفي الاشتقاق لابن دريد ص ٥٥٩ «النعر» بالعين المهملة.

٢٧٥

ممن هرب من عليّ عليه‌السلام وهو القائل (١) :

لعمرو أبيك فلا تجزعي (٢)

لقد ذهب الخير إلّا قليلا

وقد فتن الناس في دينهم

وخلا بين عفان سرا طويلا

وأول الأبيات (٣) :

نأتك أمامه نأيا حجيلا

واعتقل (٤) الشوق حزنا مغيلا

وحال أبو حسن دونها

فما تستطيع إليها سبيلا

لعمرو أبيك.

وهو الذي أجار الزبير بن العوام ، وقتل الزبير في جواره فعيّره جرير في شعره ، فزاد غير الدارقطني في الشعر :

أعاذ لكلّ امرئ هالك

فسيري إلى الله سيرا جميلا

قرأت على أبي محمد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٥) : وأما حتات ـ أوله حاء مضمومة وبعدها تاء معجمة باثنتين من فوقها وبعد الألف مثلها ـ الحتات بن يزيد بن علقمة بن حوي بن سفيان بن مجاشع بن دارم كان ممن هرب من علي وهو الذي أجار الزبير بن العوّام وقتل في جواره.

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع اللفتواني ، أخبرنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا الحسين بن محمد بن أحمد بن يوة ، حدّثنا أبو الحسن اللبناني (٦) ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أخبرني محمد بن أبي صالح القرشي ، عن علي بن محمد القرشي ، عن مسلمة ـ وهو ابن محارب ـ عن الفضل بن سويد قال وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة والحتاب بن يزيد المجاشعي على معاوية ، فذكر الحكاية.

__________________

(١) البيتان في الشعر والشعراء ص ٢٩١ والإصابة ١ / ٣١١ والاستيعاب ١ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ على هامش الإصابة والوافي بالوفيات ١٠ / ١٥٨.

(٢) الاستيعاب : فلا تكذبن.

(٣) البيتان في الاستيعاب ١ / ٣٩٧ والوافي : البيت الثاني.

(٤) الاستيعاب : وأعقبك.

(٥) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ١٤٦.

(٦) بالأصل «البناني» والصواب عن الأنساب.

٢٧٦

قرأت على أبي محمد السّلمي عن أبي بكر الخطيب ، أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمد بن كيسان النحوي ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدّثنا نصر بن علي [نا] الأصمعي ، حدّثنا الحارث بن عمير ، عن أيوب ، قال (١) : غزا (٢) الحتات وجارية بن قدامة والأحنف : فرجع الحتات فقال لمعاوية : فضّلت عليّ محرّقا ومخذّلا ، يعني بالمحرّق جارية بن قدامة لأنه كان حرق دار الإمارة ، والأحنف خذّل عن عائشة والزبير. قال : إذا اشتريت منهما ذمتهما (٣) ، قال : وأنت فاشتر مني ديني.

نصر بن علي هو الّذي سمى المحرّق والمخذّل بيّن ذلك الدارقطني في رواية لهذه الحكاية عن ابن كيسان.

أخبرنا أبو بكر (٤) ، أنبأنا أبو أحمد الحسن بن عبيد الله العسكري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، أخبرني عمي الحسين بن دريد ، أنا حاتم بن قبيصة ، عن ابن الكلبي ، قال : كان الحتات عمّ الفرزدق. وفد على معاوية والأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة السّعدي ، ففضّلهما على الحتات في الجائزة ، ولم يعلم ذلك الحتات ، فلما خرجوا علم به فرجع إليه ، وقال : أفضّلت عليّ محرّقا ومخذّلا؟ فقال معاوية : إنما اشتريت منهما دينهما. قال : وديني أيضا فاشتره ، فألحقه بهما ، فخرج الحتات فمات في الطريق ، فبعث معاوية فأخذ المال ، فوفد الفرزدق على معاوية فقال (٥) :

أبوك وعمي يا معاوي أورثا

تراثا فأولى (٦) بالتراث أقاربه

فما بال ميراث الحتات أخذته (٧)

وميراث صخر جامد لك ذائبه

فلو كان هذا الأمر (٨) في جاهليّة

عرفت من المولى القليل حلائبه

__________________

(١) الخبر في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة والوافي بالوفيات.

(٢) كذا وفي الوافي «غدا» وفي أسد الغابة ١ / ٤٥٤ «قدم».

(٣) رسمها غير واضح وما أثبت عن الإصابة ، وفي المصادر الأخرى : دينهما.

(٤) بعدها في المطبوعة ١٠ / ١٣٩ «اللفتواني ، أنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر ، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر».

(٥) الأبيات في ديوانه ط بيروت ١١ / ٤٥ و ٥٢ ـ ٥٣ والخبر والأبيات في الطبري ٥ / ٢٤٣ والأول والثاني في ابن هشام ٤ / ٢٠٦ والإصابة ١ / ٣١١ والاستيعاب ١ / ٣٩٦.

(٦) الديوان : فيحتاز.

(٧) الديوان : أتأكل ميراث الحثاث ظلامة وميراث حرب.

(٨) الديوان : «الدين» وفي موضع آخر : الحكم.

٢٧٧

ولو كان هذا الأمر في غير ملككم

لأدّيته أو غصّ بالماء شاربه

وكم من أب لي يا معاوي ماجد

[أ] عزّ يباري الريح قد طرّ شاربه

نمته قرون المالكين ولم يكن

أبوك ابن عبد الشمس ممن تقاربه (١)

قال فردّ عليه معاوية ميراث الحتات قال ، فأنشد هذه الأبيات بعض خلفاء بني أمية فقال : ما فعل به معاوية؟ قالوا : ردّ عليه ماله ، فقال : لو كنت مكانه لقلت له : يا مصّان (٢) وضربت عنقه.

قال أبو أحمد هكذا يروى عن الكلبي هذا الخبر ويزعم أن الفرزدق وفد على معاوية وليس يصحح أكثر الرواة. ولم يحصل للفرزدق وفادة ولا دخولا إلى معاوية ، ولا إلى يزيد ، ولا إلى عبد الملك ، وإنما دخل إلى سليمان بن عبد الملك وقد دخل مع أمه وهو صغير إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، أنبأنا عبد الوهاب الميداني ، أنبأنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني ، أنبأنا محمد بن جرير الطبري (٣) ، حدّثني محمد بن سعدان (٤) ، عن أبي عبيدة ، [قال :] حدّثني أعين بن لبطة بن الفرزدق ، [قال :] حدّثني أبي عن أبيه فذكر حكاية فيها قال : ثم وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة ، من بني ربيعة بن كعب بن سعد والجون بن قتادة العبشميّ والحتات بن يزيد أبو منازل ، أحد بني حويّ بن سفيان بن مجاشع إلى معاوية بن أبي سفيان ، فأعطى كل رجل منهم مائة ألف ، وأعطى الحتات سبعين ألفا ، فلما كانوا (٥) في الطريق سأل بعضهم بعضا ، فأخبروا بجوائزهم ،

__________________

(١) جمع في الديوان البيتين في بيت واحد في ١ / ٤٥ :

وكم من أب لي يا معاوي لم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يقاربه

وفي الديوان ١ / ٥٣ :

وكم من أب لي يا معاوي لم يزل

أغر يباري الريح ما ازورّ جانبه

نمته فروع المالكين لم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يخاطبه

(٢) مصان كلمة شتم (اللسان : مصص).

(٣) انظر الخبر في الطبري ٥ / ٢٤٢ في حوادث سنة ٥٠.

(٤) في الطبري : «سعد» وبهامشه عن نسخة «سعدان».

(٥) بالأصل «كان» والمثبت عن الطبري.

٢٧٨

وكان الحتات أخذ سبعين ألفا ، فرجع إلى معاوية ، فقال : ما ردّك (١) يا أبا منازل؟ قال : فضحتني في بني تميم ، أما حسبي صحيح! أولست ذا سنّ! [أولست] مطاعا في عشيرتي ، قال معاوية : بلى ، قال : فما بالك خسست بي دون القوم! فقال : إني اشتريت من القوم دينهم ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفّان ـ وكان عثمانيا ـ قال : وأنا فاشتر مني ديني ، فأمر له بتمام جائزة القوم. وطعن في جائزته. فحبسها معاوية ، فقال الفرزدق في ذلك :

أبوك وعمي يا معاوي أورثا

تراثا فيحتاز التراث أقاربه

فما بال ميراث الحتات أخذته

وميراث حرب جامد لك ذائبه

فلو كان هذا الأمر في جاهليّة

علمت من المرء القليل حلائبه

ولو كان في دين سوي ذا شنئتم

لنا حقّنا إذ غصّ بالماء شاربه

ولو كان إذ كنا وللكفّ بسطة

لصمّم عضب فيك ماض ضرائبه

وأنشده محمد بن علي : «في الكف مبسط»

وقد رمت شيئا يا معاوي دونه

خياطف علودّ صعاب مراتبه

وما كنت أعطي النّصف عن غير قدرة

سواك ، ولو مالت عليه (٢) كتائبه

ألست أعزّ الناس قوما وأسرة

وأمنعهم جارا إذا ضيم جانبه

وما ولدت بعد النبيّ وآله

كمثلي حصان في الرجال يقاربه

أبي غالب والمرء ناجية الذي

إلى صعصع ينمى فمن ذا يناسبه

وبيتي إلى جنب الثّريّا فناؤه

ومن دونه البدر المضيء كواكبه

أنا ابن الجبال (٣) الشمّ في عدد الحصى

وعرق الثّرى عرقي فمن ذا يحاسبه

أنا ابن الذي أحيا الوئيدة ضامن

على الدهر إذ عزّت لدهر مكاسبه

وكم من أب لي يا معاوي لم يزل

أغرّ يباري الريح [ما] ازورّ جانبه

نمته فروع المالكين ولم يكن

أبوك الذي من عبد شمس يقاربه

تراه كنصل السّيف يهتز للندى

كريما يلاقي المجد ما طرّ شاربه

__________________

(١) غير واضحة بالأصل والمثبت عن الطبري.

(٢) الديوان ١ / ٥٣ والطبري : عليّ.

(٣) الطبري : الجبال الصم.

٢٧٩

طويل نجاد السيف مذ كان لم يكن

قصيّ وعبد الشّمس ممّن يخاطبه

فرد ثلاثين ألفا على أهله.

أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد ، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين قالوا : حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله بن فطيس ، وأبو الميمون بن راشد ، قالا : حدّثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، حدّثنا ابن عائذ قال : وقال الحتات بن صعصعة المجاشعي في قتل كعب بن سور الأزدي :

يلوم عليّ القتال بنو تميم

وما أنا في الحوادث بالمليم

خضبت الرمح من قتلي عليّ

وزحزحت الفوارس عن تميم

مقيما في الحماجة (١) ليس حولي

سوى السمر السمرامجة الصميم

وأمّ المؤمنين لها عجيج

على جمل به عبق الصميم

تنادي بالحتات وبابن سور

كأنّا في الكتيبة من أديم

تجالد في الورى كعب بن سور

كليث الغاب ذي اللّبد النشيم

إلى أن حان مصرعه ودارت

رءوس القوم للكرب العظيم

وكان أخي إذا ما ناب أمر

وقد يبكي الكريم على الكريم

كذا قال : الحتات بن صعصعة ، وأظنه نسبه إلى صعصعة لأنه روي أن الحتات عمّ الفرزدق همّام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع يجتمعان في سفيان والله أعلم.

٩١١ ـ بشر مولى هشام بن عبد الملك

حكى عن هشام.

حكى عنه رجل من عنز.

٩١٢ ـ بشكست النحوي

اسمه عبد العزيز ويأتي ذكره في حرف العين إن شاء الله.

__________________

(١) في المطبوعة : العجاجة.

٢٨٠