تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٠

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

هباء ، وكل ديانة أسست على غير ورع فهي هباء (١).

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ـ ببغداد ـ أنا إسماعيل بن محمد الصّفّار ، حدّثنا مشرف بن سعيد ، حدّثنا إسحاق بن محمد ، حدّثنا سفيان بن حسين ، قال (٢) : قلت لإياس بن معاوية : ما المروءة؟ قال : أما [في] بلدك وحيث تعرف فالتقوى ، وأما حيث لا تعرف فاللباس.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا هاشم بن الوليد ، حدّثنا عبد الله بن حشرج البصري ، حدّثني المستنير بن أخضر ، عن إياس بن معاوية بن قرّة قال (٣) : جاءه دهقان فسأله عن المسكر (٤) أحرام هو أم حلال؟ فقال : هو حرام. فقال : كيف يكون حرام؟ أخبرني عن التمر أحلال أم حرام؟ فقال : حلال. قال : فأخبرني عن الكشوث (٥) أحلال هو أم حرام؟ قال : حلال. قال : فأخبرني عن الماء؟ قال : حلال. قال : فما خالف ما بينها ، وإنما هو من التمر والكشوث والماء ، أن يكون هذا حلالا وهذا حراما؟ فقال إياس للدّهقان : لو أخذت كفّا من تراب فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : لا. قال : وأخذت كفّا من ماء فنضحته في وجهك أكان يوجعك؟ قال : لا. قال : وأخذت كفا من تبن فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : لا. قال : فإذا أخذت هذا التراب فعجنته بالتبن والماء ثم جعلته كتلا حتى يجف ، فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : نعم ، ويقتلني. قال : فكذا هو التمر والماء والكشوث إذا جمع ثم عتّق حرم كما يجفف هذا.

أخبرناها أبو بكر محمد بن شجاع ، أنا عبد الوهاب بن محمد بن عبيد ، حدّثنا هاشم بن الوليد ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق ، أنا الحسن بن محمد بن أحمد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمد بن عمر ، حدّثنا عبد الله بن حشرج البصري ، حدّثني المستنير بن أخضر ، عن إياس بن معاوية بن قرّة قال : جاءه دهقان فسأله عن السّكر أحرام

__________________

(١) أخبار القضاة باختلاف الرواية ١ / ٣٥٦.

(٢) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٥٣ والزيادة التالية عنه.

(٣) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٤٩.

(٤) كذا بالأصل والمختصر ، ووكيع وبهامشه : كذا بالأصل والظاهر السكر بفتح السين والكاف.

(٥) الكشوث نبات مجتث مقطوع الأصل ، أصفر ، يتعلق بأطراف الشوك وغيره ، ويجعل منذ النبيذ (اللسان) وفي وكيع : كشوت بالتاء ، وبهامشه : كذا بالأصل الظاهر : كتبت وهو النبيذ ، وصوت غليان القدر.

٢١

هو أم حلال؟ قال : هو حرام. قال : كيف يكون حراما ، أخبرني عن التمر أحلال هو أم حرام؟ قال : حلال ، قال : فأخبرني عن الكشوث أحلال هو أم حرام (١)؟ قال : فأخبرني عن الماء أحلال هو أم حرام؟ قال : حلال ، قال : فما خالف ما بينهما ، وإنما هو من التّمر والكشوث والماء ، أن يكون هذا حلالا وهذا حراما ، فقال إياس للدهقان : لو أخذت كفا من تراب فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : لا ، قال : لو أخذت كفا من ماء فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : لا ، قال : لو أخذت كفا من تبن فضربتك به أكان يوجعك؟ قال : لا ، قال : فإذا أخذت هذا الطين فعجنته بالتبن والماء والكشوث إذا جمع ثم عتّق حرم كما جفّف هذا ، فارجع وقيل كان لا يرجع إليّ.

أخبرنا أبو سعد البغدادي ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، ومحمد بن أحمد بن علي السّمسار ، قالا : أنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد ، حدّثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدّثنا إسحاق (٢) بن إسماعيل ، حدّثنا سلمة بن حيان (٣) ، حدّثني حشرج المزني من ولد عائذ بن عمرو ، حدّثنا المستنير بن أخضر ، عن عمه (٤) قال : شهدت دهقانا أتاه فقال : يا أبا واثلة ما تقول في السّكر؟ قال : حرام ، قال : وما حرمه وإنما هو تمر وماء والحشو؟ قال : فرغت يا دهقان؟ قال : نعم ، قال : أرأيت لو أخذت كفّ ماء فضربتك به كان يوجعك؟ قال : لا ، قال : فأخذت ترابا فطرحت عليه التبن ثم صببت عليه الماء ثم غمرته غمرا ثم جعلته في الشمس ، ثم ضربتك به كان يوجعك؟ قال : نعم. ويقتلني ، قال : فكذلك هذا ، حين جمعت أخلاطه وخمّرت حرم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسن بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا عمر بن علي بن مقدّم ، عن سفيان بن حسين ، قال : قيل لإياس بن معاوية : العالم أفضل أم العابد؟ قال : العالم [قيل له :] مثّل لنا حتى نعرفه قال : فقال : أما ترون كذا. قال : وذكر سليمان شيئا لم أفهمه : يجيء هذا ينقل الجص ، هذا ينقل الآجر ، وهذا يبني ، فإذا كان

__________________

(١) كذا ، وعلى هامش الأصل ؛ لعله قال حلال.

(٢) في أخبار القضاة وكيع ١ / ٣٤٩ إسماعيل بن إسحاق القاضي.

(٣) عن وكيع وم وبالأصل «حبان».

(٤) رسمها بالأصل غير واضح والصواب عن م «عمه» يعني إياس بن معاوية فالمستنير ابن أخ إياس. وانظر أخبار القضاة.

٢٢

نصف النهار رأى شربة سويق فشرب ، فإذا كان الليل أعطي كلّ رجل منهم درهما ، وأعطي هذا أربعة دراهم [أو] خمسة درهم.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت : أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن هارون الرّوياني ، حدّثنا أبو كريب ، حدّثنا شاذان ، عن حمّاد بن سلمة ، عن حميد أن (١) أنسا شكّ في ولد له فدعا إياس بن معاوية فنظر له [فرجع إليه](٢).

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ـ ونقلته من خطه ـ أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن محمد بن سيبخت (٣) البغدادي ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، حدّثنا ثعلب ، حدّثنا أبو عمر الشيباني ، قال : قال أبو الحسن المدائني : كان إياس بن قرّة قاضيا قائفا مزكيا استقضاه عمر بن عبد العزيز.

أرسل [عمر بن عبد العزيز](٤) رجلا من (٥) أهل الشام ، وأمره أن يجمع بين إياس وبين القاسم بن ربيعة الجوشني من بني عبد الله بن غطفان ، ويولّي القضاء أنفذهما. فقدم يجمع بينهما. فقال إياس للشامي : سل عني وعن القاسم فقيهي المصر الحسن وابن سيرين ، ولم يكن إياس يأتيهما ، فعلم القاسم أنه إن سألهما أشارا به ، فقال الشامي : لا تسأل عنه ، فو الله الذي لا إله إلّا هو إنّ إياسا لأفضل مني وأفقه وأعلم بالقضاء ، فإن كنت ممن يصدق قولي (٦) ، وإن كنت كاذبا فما يحلّ أن توليني وأنا كذّاب. فقال إياس للشامي : إنك جئت برجل فأقمته على جهنم ، فافتدى نفسه من النار أن تقذفه فيها بيمين حلفها كذب فيها يستغفر الله عزوجل منها ، وينجو مما يخاف. فقال الشامي : أما إذا فطنت لهذا فإني أوليك ، فاستقضاه فلم يزل على القضاء سنة ثم هرب ، وكان يفصل بين الناس إذا تبيّن له الأمر حكم به.

__________________

(١) قوله : «أن أنسا» مكانها بالأصل : «ابن اسبا» والمثبت عن تهذيب التهذيب ١ / ٢٤٧.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن تهذيب التهذيب.

(٣) بالأصل : سيبخة والمثبت عن م ، والضبط عن التبصير.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة ضرورية عن أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٢.

(٥) بالأصل «إلى» خطأ ، والصواب ما أثبت ، وفي أخبار وكيع : وجه رجلا إلى البصرة.

(٦) زيد في وكيع : فما ينبغي أن تتركه وتوليني.

٢٣

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ، أنا محمد بن علي بن أحمد ، أنا أحمد بن إسحاق ، أنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى بن زكريا ، حدّثنا خليفة بن خيّاط ، حدّثنا عامر بن حفص ـ يعني أبا اليقظان ـ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عديّ بن أرطأة : اجمع ناسا من قبلك فشاورهم في إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الجوشني واستقض أحدهما. فجمع عديّ ناسا فحلف القاسم أن إياسا أعلم بالقضاء وأصلح له مني فولّاه عديّ.

قال : وحدّثنا خليفة ، حدّثني سهل بن يوسف ، حدّثنا خالد الحذّاء ، قال : قال لي إياس بن معاوية : إن هذا الرجل قد بعث إليّ فانطلقت معه ، فدخل على عديّ ثم خرج ومعه حرسي فقال : أبى أن يعفيني فأتى المسجد فصلّى ركعتين ثم قال للحرسي قدم ، فما قام حتى قضى سبعين قضية (١) ثم خرج إياس من البصرة في قصة (٢) كانت فولّى عدي الحسن بن أبي الحسن.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمرو بن السماك ، حدّثنا حنبل بن إسحاق ، حدّثنا هارون بن معروف ، حدّثنا جرير ، عن مغيرة قال : ولّى عديّ بن أرطأة إياس بن معاوية قضاء البصرة فأبى وقال : بكر بن عبد الله خير مني ، فقال له : إنّه قال : إنك خير منه. قال : لو لم تعتبر فضله إلّا من تفضيله إيّاي عليه كان ينبغي ، فلم يقعد بكر وقعد إياس (٣).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرّحمن ، حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري ، حدّثنا الأصمعي ، حدّثنا عبيد (٤) بن عمرو القيسي ، قال : قيل لإياس بن معاوية : يا أبا واثلة اختر لنا قاضيا نوليه القضاء فقال : ما أتقلد ذلك ، فقيل له : لو وجدت رجلا ترضاه أكنت تشير علينا به؟ فقال : نعم ، فقيل له : أترى له أن يلي القضاء؟ فقال : نعم ، فقيل له : إنك خيار رضا فولي القضاء وهو كاره.

__________________

(١) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨.

(٢) القصة أوردها وكيع في أخبار القضاة ١ / ٣١٣ ـ ٣١٥.

(٣) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣١٨ وفيه بكير المرّي بدل بكر بن عبد الله.

(٤) في أخبار القضاة ١ / ٣١٧ عبد الله بن عمر القيسي.

٢٤

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، حدّثنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، حدّثنا الزّيادي ، حدّثنا الأصمعي : أن عمر بن هبيرة قال لإياس بن معاوية لما أراده على القضاء قال : لأني لا أصلح ، قال له : وكيف ذلك لأني عييّ وأنا دميم وإني حديد. فقال ابن هبيرة : أما الحدّة فإن السوط يقوّمك ، وأما الدمامة فإني لا أريد أن أحاسن بك ، وأما العيّ فقد عثرت على ما أريد وإن كنت عند نفسك عييا فذاك أجدر.

قال الزّيادي : وقيل لإياس لما ولي القضاء : إنك تعجل بالقضاء. قال إياس : كم لكفك من إصبع؟ فقال : خمسة ، فقال له إياس : عجّلت بالجواب. قال : لم يعجّل من استيقن علما. فقال إياس : هذا جوابي.

قال : وحدّثنا أحمد بن مروان ، حدّثنا أحمد بن يوسف ، حدّثنا أبو عبيد ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، قال : لما ولي إياس بن معاوية القضاء دخل عليه الحسن وإياس يبكي فقال له : ما يبكيك؟ فذكر إياس الحديث : القضاة ثلاثة : اثنان في النار ، وواحد في الجنة. فقال الحسن : إن فيما قصّ الله عليك من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس ثم قرأ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) الآية ، إلى قوله (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)(١) فحمد سليمان ولم يذم داود.

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا ثابت بن بندار ، أنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى ، أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، أنا حميد ، قال (٢) : لما استقضي إياس أتاه الحسن فبكى إياس فقال : يا أبا سعيد إنه بلغني : أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد وأخطأ فهو في النار ، ورجل مال به الهوى فهو في النار ، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة ، قال الحسن : أخذ الله على الحكام ثلاثة : أن لا يشتروا به ثمنا ، ولا يخشوا فيه الناس ، وأن لا يتّبعوا الهوى قال : ثم قرأ هذه الآية : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ

__________________

(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٧٨ و ٧٩.

(٢) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٣ باختلاف واختصار.

٢٥

فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ)(١) وقال : (لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً*)(٢) وإن فيما قضى من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس الذين يقولون ، ثم قرأ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ، قال : فأثنى الله على سليمان خيرا ولم يذم داود.

أخبرنا أبو بكر اللّفتواني ، أنا أبو عمر بن مندة ، أنا أبو محمد بن يوة ، حدّثنا أبو الحسن اللّبناني ، حدّثنا أبو بكر القرشي ، حدّثنا بسام بن يزيد ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، حدّثنا حميد أنّ إياس بن معاوية لما استقضى أتاه الحسن فبكى إياس فقال له الحسن : ما يبكيك؟ قال : يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد وأخطأ فهو في النار ، ورجل مال به الهوى ، فهو في النار ، ورجل اجتهد وأصاب فهو في الجنة. فقال الحسن : إن فيما قضى الله من ـ يعني ـ نبأ داود وسليمان ما يردّ قول هؤلاء ، يقول الله جل وعز : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) إلى قوله : (وَعِلْماً) فأثنى الله على سليمان ولم يذم داود. ثم قال الحسن : إن الله أخذ على (٣) العلماء ثلاثة : لا يشترون به ثمنا ، [قليلا](٤) ولا يتّبعون فيه الهوى ، ولا يخشون فيه أحدا ، ثم قرأ هذه الآية : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) إلى قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب ، حدّثني سعيد بن أسد ، حدّثنا ضمرة ، عن رجاء بن أبي سلمة قال : قال إبراهيم لإياس بن معاوية : لو لا خصال فيك كنت أنت الرجل قال : وما هي؟ قال : تقتضي قبل أن تفهم ، ولا تبالي من جالست ، ولا تبالي ما لبست. قال : أما قولك : أقضي قبل أن أفهم فإنهم : أكثر ثلاثة أو اثنين؟ قال لا ، بل ثلاثة. قال : ما أسرع ما فهمت قال : ومن لا يفهم هذا؟ قال : كذلك أنا لا أقضي حتى أفهم. وأما قولك : إني لا أبالي مع من جلست فإني أجلس مع من يرى لي أحبّ إليّ من أن أجلس مع من أرى له ، وأما قولك : إني لا أبالي ما لبست ، فلأن ألبس ثوبا يقي نفسي ، أحبّ إليّ من أن ألبس ثوبا أقيه بنفسي (٥).

__________________

(١) سورة ص ، الآية : ٢٦.

(٢) سورة المائدة ، الآية : ٤٤.

(٣) بالأصل «عن» والمثبت عن أخبار القضاة ١ / ٣١٣.

(٤) سقطت من الأصل ، والزيادة عن أخبار القضاة.

(٥) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٦ ـ ٣١٧ عن ابن شوذب أو غيره باختلاف الرواية.

٢٦

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري ، أنا أبو أمية الأحوص بن المفضّل ، أنا أبي ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، قال : عزل عبد الله بن يزيد السّلمي أو مات عن القضاء ، فجعل أيوب يقول : لو رموها بحجرها ، لو رموها بحجرها يعني إياس بن معاوية.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور وأبو منصور عبد الباقي محمد بن غالب ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري ، حدّثنا الأصمعي ، حدّثنا حمّاد بن زيد قال : كان أيوب يقول : لقد رموها بحجرها ـ يعني إياس بن معاوية ـ حين ولي القضاء.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمد ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا محمد بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، حدّثنا أبي ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب قال : كنت أسمع عن إياس بقضاء يشبه قضاء شريح ، فأخبرني إياس بعد ذلك قال : كنت أبعث خالد الحذّاء إلى محمد ـ يعني ابن سيرين ـ نسأله.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا أبو بحر محمد بن الحسن ح.

وأنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدي ح.

وأخبرنا أبو القاسم الواسطي ، أنا أبو بكر الخطيب ، قالا : أنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين ، أنا أبو بحر محمد بن الحسن البربهاري ، حدّثنا محمد بن غالب بن حرب ، حدّثنا سليمان بن عبد الجبار بن زريق الخيّاط ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا أبو هلال ، حدّثنا داود بن أبي هند ، قال : قال لي إياس بن معاوية : أنا أكلم الناس بنصف عقلي ، وإذا اختصم إليّ الاثنان جمعت عقلي كله. وفي حديث أبي نعيم : اثنان ، ولم يقل الخطيب : بن حرب (١).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا أبو بكر الحميدي

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ / ١٤٢.

٢٧

ومحمد بن يحيى ، قالا : حدّثنا سفيان ، قال : سمعت ابن شبرمة ، قال : قالوا لإياس بن معاوية : إنّك معجب برأيك قال : لو لم أعجب به لم أقض (١) به.

قرأت على أبي محمد السّلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبي ، أنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن يوسف الجريري (٢) ، حدّثنا أحمد بن الحارث ، أنا أبو الحسن المدائني ، عن أبي محمد القرشي ، قال (٣) : استودع رجل رجلا ماله ، ثم طلبه فجحده ، فخاصمه إلى إياس ـ يعني ابن معاوية ـ فقال الطالب : إني دفعت المال قال : ومن حضرك؟ قال : دفعته إليه في مكان كذا وكذا ولم يحضرنا أحد ، قال : فأي شيء كان في ذلك الموضع؟ قال : شجرة ، قال : فانطلق إلى ذلك الموضع وانظر إلى الشجرة فلعل الله تعالى يوضح لك هناك ما يبيّن (٤) لك حقك ، لعلك دفنت مالك عند الشجرة ونسيت ، فتذكر إذا رأيت الشجرة ، فمضى الرجل ، وقال إياس للمطلوب : اجلس حتى يرجع خصمك ، فجلس وإياس يقضي وينظر إليه ساعة ، ثم قال له : يا هذا أترى صاحبك بلغ موضع الشجرة التي ذكر؟ قال : لا ، قال : يا عدو الله إنك لخائن (٥) ، قال : أقلني أقالك الله ، فأمر من يحتفظ به حتى جاء الرجل ، فقال له إياس : قد أقرّ لك بحقّك فخذه به.

قال الحسن وأنا أبي ، قال الخطيب : وأنا علي بن أبي علي المعدّل ، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنا أحمد (٦) بن محمد بن يوسف الجريري ، أنا أحمد بن الحارث ، أنا أبو الحسن المدائني ، عن روح أبي الحسن القيسي ، قال (٧) : استودع رجل رجلا من أفناء الناس مالا قال : وكان أمينا لا بأس به وخرج المستودع إلى مكة فلما رجع طلبه فجحده ، فأتى إياسا ـ يعني ابن معاوية ـ فأخبره ، فقال له إياس : أعلم أنك أتيتني؟ قال : لا ، قال فنازعته عند أحد؟ قالا : لم يعلم أحد بهذا ، قال : فانصرف واكتم أمرك ثم عد

__________________

(١) بالأصل : لم أقضى.

(٢) بالأصل وم «الحريري» والصواب ما أثبت انظر ترجمته في تاريخ بغداد ١ / ٣٧٦.

(٣) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٤٢.

(٤) بالأصل : بين.

(٥) رسمها غير واضح ، والمثبت عن م ، وانظر أخبار القضاة لوكيع.

(٦) كذا ، تقدم : محمد بن أحمد بن يوسف.

(٧) أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٧١.

٢٨

إليّ بعد يومين ، فمضى الرجل فدعا إياس أمينه ذلك قال : قد حضر (١) مال كثير (٢) أريد أن أصيّره إليك أفحصين منزلك؟ قال : نعم ، قال فأعدّ (٣) موضعا للمال وقوما يحملونه. وعاد الرجل إلى إياس فقال له انطلق إلى صاحبك فاطلب مالك ، فإن أعطاك فذاك ، وإن جحدك فقل له : إني أخبر القاضي ، فأتى الرجل صاحبه فقال : مالي وإلّا أتيت القاضي أشكوك إليه وأخبرته بأمري فدفع إليه ماله. فرجع الرجل إلى إياس فقال : قد أعطاني المال ، وجاء الأمين إلى إياس لموعده فزبره وانتهره وقال : لا تقربني يا خائن.

قال الحسن : وأنا أبي ، قال الخطيب : وأنا ابن أبي علي ، أنا أبو بكر بن شاذان ، نا محمد بن أحمد الجريري (٤) ، نا أحمد بن الحارث ، نا أبو الحسن ، عن عبد الله بن مصعب السّليقي قال (٥) : استودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير وغاب الرجل فطالت غيبته ، فلما طال الأمر فتق المستودع الكيس من أسفله وأخذ الدنانير وجعل في الكيس دراهم وخيطه والخاتم على حاله ؛ فقدم صاحب المال بعد خمس عشرة سنة فطلب ماله فدفع إليه الكيس بخاتمه فلم يقبله وقال : هذه دراهم ومالي دنانير. قال : هذا كيسك بخاتمك فرافعه إلى عمر بن هبيرة فقال لإياس بن معاوية : انظر في أمر هذين ، فقال إياس للطالب : ما تقول؟ قال : أعطيته كيسا فيه دنانير. قال : مذ كم قال : مذ خمس عشرة سنة ، قال للآخر : ما تقول؟ قال : كيسه بخاتمه قال : منذ كم؟ قال : منذ خمس عشرة سنة ، قال ففضوا الخاتم فنثروا الدراهم ، فوجدوا ضرب عشر سنين ، وخمس سنين وأقلّ وأكثر. قال : أقررت أنه عندك منذ خمس عشرة سنة ، وفي الكيس ضرب عشر سنين وخمس سنين ؛ فأقر بالدنانير فألزمه إياها.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، حدّثنا عبد الله بن مسلم ، عن قتيبة ، حدّثنا سهل بن محمد ، عن الأصمعي عن معتمر قال : ردّ رجل جارية استبرأها من رجل غلبه ، فخاصمه إلى إياس بن معاوية فقال له : لم تردها؟ قال : أردها بالحمق قال إياس لها : أي رجليك أطول؟ قالت :

__________________

(١) عند وكيع : اجتمع عندي.

(٢) بالأصل «كثيرا».

(٣) عن وكيع وبالأصل «فادع».

(٤) بالأصل «الحريري» والصواب ما أثبت بالجيم.

(٥) أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٤٢.

٢٩

هذه. قال : أتذكرين أي ليلة ولدت؟ قالت : نعم ، قال إياس : ردّ ردّ (١).

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو هاشم عبد الغافر بن سلامة بن زاهر الحضرمي ، أنا أبو سعيد الأشجّ ـ فيما كتب إلينا ـ حدّثنا إسحاق عن مالك ، عن الزهري قال : سمعت أبا بكر يقول : شهد رجل عند إياس بن معاوية فقال له : ما اسمك قال : أبو العنقر فلم يجز شهادته.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون وأبو المعالي ثابت بن بندار ، قالا : أنا محمد بن أحمد البابسيري ، حدّثنا الأحوص بن المفضّل ، أنا أبي ، حدّثنا محمد بن مسعر ، قال : قال رجل لإياس بن معاوية : علّمني القضاء فقال : إن القضاء ـ لا يتعلم ـ فهم ـ زاد ثابت : ان القضاء فهم ، وقالا : ولكن لو قلت علّمني من العلم ولم يسمّ ثابت : بن مسعر محمدا وانتهت رواية ثابت ـ وزاد ابن خيرون : بإسناده قال : وأنا أبي ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا عمر بن علي ، قال : كان إياس بن معاوية يجلس إلى رجل من الصيارفة في السوق يتحدث إليه فولي القضاء فما ترك ذلك المجلس.

قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ، عن أبي تمام الواسطي ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا أبو الطّيّب محمد بن القاسم ، حدّثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : قال سليمان بن أبي شيخ وقع بين إياس بن معاوية وبين عديّ بن أرطأة تباعد فخرج إياس إلى عمر بن عبد العزيز يشكو عديا فولّى عديّ الحسن البصري ، وكتب إلى عمر يقع في إياس ويمدح الحسن (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن أبي عثمان ، أنا الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر ، أنا الحسين بن صفوان ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا أبو محمد التميمي عن شيخ من قريش قال : قيل لإياس بن معاوية : إنّك تكثر الكلام ، قال : أفبصواب أتكلم أم بخطإ؟ قال : بصواب قال : فالإكثار من الصواب أفضل.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحنفي ، حدّثنا محمد بن الحارث ، عن

__________________

(١) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨.

(٢) أخبار القضاة ١ / ٣١٥.

٣٠

المدائني ، قال : قيل لإياس بن معاوية : ما فيك إلّا كثرة الكلام قال : أفتسمعون صوابا أو خطأ؟ قالوا : لا بل صوابا ، قال : فالزيادة في الخير خير. قال : وما رمي إياس بالعيّ قطّ ، وإنما عابوه بالإكثار. وكان يقال بالبصرة شيخها الحسن وفتاها إياس بن معاوية.

قال : وحدّثنا أحمد بن مروان ، حدّثنا إبراهيم بن علي ، حدّثنا محمد بن سلام ، قال : قيل لإياس : ما فيك عيب غير أنك معجب بقولك. فقال لهم : أفأعجبكم قولي؟ قالوا (١) : نعم. قال : فأنا أحق بأن أعجب بما أقول وما يكون مني. قال : وهذا مما استحسنه الناس من قوله.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب عن (٢) سليمان بن حرب ـ بالبصرة ـ حدّثنا حمّاد بن زيد ، قال : كنا في مكان أيوب ثم إياس بن معاوية والصلت بن دينار ، قال : فجعل إياس يتحدث وجعل الصلت يتقدر له إذا فرغ يحدث قال : فضرب إياس فخذه بيده وقال : اسكت ؛ قال : فقال له الصلت : أبلعني ريقي ، دعني أتنفس ، فقال إياس : أترون هذا. فإن امرأة هذا سيئة الخلق قال : فقال الصلت : صدقت والله ، إنها سيئة الخلق ، من أين علمت؟ [فقال] : من عندها وقد ساء خلقها عليك فهذا من ذاك.

أنبأنا أبو محمد الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني ، أخبرني أبو عبد الله بن أبي الخطاب ، حدّثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الرافقي ، حدّثنا الحنفي ، حدّثنا ابن أبي شيخ ، حدّثنا الحارث بن مرّة قال : نظر إياس بن معاوية إلى رجل فقال : هذا غريب وهو من أهل واسط وهو معلم وهو يطلب عبدا أبق (٣) له ، فوجدوا الأمر على ما قال. فقيل له : فقال : رأيته يمشي ويلتفت فعلمت أنه غريب ، ورأيته وعلى ثوبه حمرة تربة واسط فعلمت أنه من أهلها ، ورأيته يمرّ بالصبيان فيسلم عليهم ولا يسلم على الرجال فعلمت أنه معلّم ، ورأيته إذا مرّ بذي هيئة لم يلتفت إليه وإذا مر بذي أسمال تأمله ، فعلمت أنه يطلب آبقا.

قال : وحدّثنا محمود بن محمد : حدّثني هلال بن العلاء ، حدّثنا القاسم بن

__________________

(١) بالأصل : قال.

(٢) بالأصل «بن» خطأ والصواب عن م.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل وم والصواب ما أثبت.

٣١

منصور ، حدّثني عمر بن بكير ، قال : مرّ إياس بن معاوية فسمع قراءة من علية فقال : هذه امرأة حامل بغلام فقيل فقال : سمعت صوتها ونفسها يخالطه فعلمت أنها حامل ، وسمعت صوتا ضحلا فعلمت أنه غلام. ومرّ بعد حين بكتّاب فيه صبيان فنظر إلى صبيّ منهم فقال : هذا ابن تلك المرأة (١).

وكان يوما جالسا في المسجد فدخل من بابه ثلاث نسوة فقال : الأولى ثكلى والثانية حبلى والثالثة حائض ، فسأل عنهن فكنّ كما قال : فقال : رأيت الأولى تنظر إلى الأحداث وترد طرفا كليلا فعلمت أنها ثكلى (٢) ، ورأيت الثانية تمشي وتعتمد على وركها الأيسر فعلمت أنها حبلى ، ورأيت الثالثة تريد الدخول إلى البيت وتتهيب فعلمت أنها حائض.

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أحمد بن عبد الله المحاملي ، قال : وجدت في كتاب جدي القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل ـ بخط يده ـ حدّثنا أحمد بن منصور ، حدّثنا نعيم بن حمّاد ، أخبرني إبراهيم بن مرزوق البصري (٣) قال : كنا عند إياس بن معاوية قبل أن يستقضى ، قال : وكنا نكتب (٤) عنه الفراسة كما نكتب من صاحب الحديث الحديث قال : إذ جاء رجل فجلس على دكان (٥) مرتفع بالمربد فجعل يترصّد الطريق فبينما هو كذلك ، إذ (٦) نزل فاستقبل رجلا في وجهه (٧) ثم رجع إلى موضعه. قال : فقال إياس بن معاوية : قولوا في هذا الرجل قالوا : ما نقول؟ رجل طالب حاجة ، قال : فقال : معلّم صبيان قد أبق له غلام أعور ، فإن أردتم أن تستفهموه ذلك فقوموا إليه فاسألوه. قال : فقام إليه بعضنا فقال له : إنّا نراك منذ اليوم هاهنا ألك حاجة تستعين بنا على شيء؟ قال : فقال : لي غلام نساج كان يغل علينا ، وقد زاع منذ أيام ، قال : فقالوا : صف لنا غلامك وصف لنا موضعك ، قال : فقال أما أنا فأعلم الصبيان بالكلإ (٨) ، وأما غلامي فغلام من صفته كذا وكذا إحدى عينيه ذاهبة. قال : فرجعنا إليه فقلنا

__________________

(١) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٦٢ باختلاف الرواية.

(٢) بالأصل «بكر» وفي م : تكلى ولعل الصواب ما أثبت ، حسب مقتضى سياق الخبر.

(٣) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣٢٨.

(٤) بالأصل في الموضعين «يكتب» والمثبت عن م وانظر أخبار القضاة.

(٥) رسمها غير واضح بالأصل ، والمثبت عن م وانظر أخبار القضاة.

(٦) بالأصل «إذا».

(٧) يعني أنه نظر في وجهه.

(٨) في التهذيب : بالأجر.

٣٢

له : كما قلت ، ولكن كيف علمت أنه معلّم صبيان؟ قال : رأيته جاء فجعل يطلب موضعا يجلس فيه ، فعلمت أنه يطلب عادة في الجلوس ، فنظر إلى أرفع شيء يقدر عليه ، فجلس عليه فنظرت في قدره فإذا ليس قدره قدر الملوك ، [فنظرت](١) فيمن اعتاد في جلوسه جلوس الملوك فلم أجدهم إلّا المعلّمين ، فعلمت أنه معلم صبيان ، فقلنا له : كيف علمت أنه أبق (٢) له غلام أعور؟ قال : إني رأيته يترصّد الطريق فبينما هو كذلك إذ نزل فاستقبل رجلا [مقبلا](٣) فعلمت أنه شبهه بغلامه [فنظر في وجهه ، فلو كان غلامه أعمى لعرفه في ترجحه في مشيته ، فعلمت أنه نظر في وجهه إلى عينه ، فعلمت أن غلامه أعور قد](٤) ذهبت إحدى عينيه.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمد بن أحمد ، أنا أبو الحسن اللّبناني ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمد بن الحسين ، حدّثنا عبيد الله بن محمد ، حدّثني حمّاد بن سلمة ، عن حميد قال : لما ماتت أم أياس بن معاوية بكى فقيل : ما يبكيك يا أبا واثلة؟ قال : كان لي بابان مفتوحان من الجنة فأغلق أحدهما (٥).

قال : وحدّثني محمد ، حدّثنا داود بن محيريز ، حدّثنا أعين الخيّاط ، قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يعزّي إياسا على أمه فقال : يا أبا واثلة ، أمّا أحد بابيك فقد أغلق عنك ، فانظر كيف تكون في الباب المفتوح. قال : فبكى إياس.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا عبد الواحد بن محمد بن عثمان أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدّثنا إسماعيل ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا سفيان قال : قال الأعمش : دعوني إلى إياس بن معاوية فدعوني إلى رجل كلما فرغ من حديث ، أخذ بذنب آخر (٦).

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمد بن أبي

__________________

(١) الزيادة عن أخبار القضاة.

(٢) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن أخبار القضاة.

(٣) زيادة عن أخبار القضاة.

(٤) زيادة عن أخبار القضاة.

(٥) أخبار القضاة ١ / ٣٤٤.

(٦) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٤٦ باختلاف.

٣٣

نصر ، أنا أبو الميمون بن راشد ، حدّثنا أبو زرعة ، قال : قال ابن أبي عمر : أن سفيان حدّثهم عن الأعمش قال : دعوني إلى إياس فكان كلما حدّث بحديث وصله بآخر.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن ، أنا محمد بن علي بن يعقوب ، أنا محمد بن أحمد ، حدّثنا محمد ، أنا الأحوص بن المفضّل ، أنا أبي ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا أبو هلال ، حدّثنا داود بن أبي هند ، قال : قال إياس بن معاوية : كل من لا يعرف عيبه فهو أحمق ، قيل : يا أبا واثلة فما عيبك أنت؟ قال : كثرة الكلام (١).

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، قالا : أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، حدّثنا حنبل بن إسحاق ، حدّثنا سليمان بن حرب ح.

وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنا محمد بن علي بن محمد الخشّاب ، أنا أبو بكر الجوزقي ، أنا محمد بن عبد الرّحمن الدّغولي (٢) ، حدّثني محمد بن نصر بن الحجاج ، نا موسى بن إسماعيل ، قالا : حدّثنا أبو هلال ، عن داود بن أبي هند ، قال : قال إياس بن معاوية : ما من رجل لا يعرف عيب نفسه إلّا وهو أحمق ـ وفي حديث سليمان : كل من لا يعرف عيبه فهو أحمق ـ قيل : يا أبا واثلة فما عيبك؟ قال : كثرة الكلام (٣).

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا محمد بن أحمد بن علي الآبنوسي ح.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّرقندي ، وأنا أبو الحسين بن النّقّور وأبو محمد الصّريفيني ح.

وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو محمد الصّريفيني ، قالوا : أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن عبدان الصريفي.

حدّثنا أبو نصر محمد بن حمدوية بن سهل المروزي ، أنا أبو الموجّه محمد بن

__________________

(١) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦ باختلاف وحلية الأولياء ٣ / ١٢٤.

(٢) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن م والضبط عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى دغول اسم رجل.

(٣) أخبار القضاة ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.

٣٤

عمرو ، أنا ـ وقال ابن الآبنوسي : حدّثنا ـ محمد بن غالب ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا أبو هلال ، عن داود بن أبي هند ، قال : قال لي إياس بن معاوية بن قرّة : من لا يعرف عيبه فهو أحمق (١) قلت : يا أبا واثلة ما عيبك؟ قال : كثرة الكلام.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمد بن هبة الله ، أنا محمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا سعيد بن راشد ، حدّثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : سمعت إياس بن معاوية يقول : يقولون : الناس لا يعرفون عيوب أنفسهم وأنا أعرف عيب نفسي ، أنا رجل مكثار ، وكان كذلك لا يجلس مجلسا إلّا غلبه ، قال ضمرة : وسمعت من يقول : كان أبو إياس يقول : إن الناس ولدوا أبناء وولدت أبا.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني دعلج بن أحمد السّجزي (٢) ، حدّثنا أحمد بن علي الأبّار ، حدّثنا محمد بن سلّام الجمحي ، قال (٣) : زعم عبد القاهر بن السّري ، قال : قال إياس بن معاوية : ما من رجل عاقل إلّا وهو يعرف عيب نفسه ، قال : فقيل له : فما عيبك يا أبا واثلة؟ قال : الإكثار. قال : ثم؟ قال : أم والله مع ذلك وإن أكثرت ما تدبّر قول عاقل إلّا وجد فيه بعض ما ينتفع به.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام الواسطي ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا محمد بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أنا المدائني ، قال : إياس بن معاوية أدرك يوسف بن عمر ومات إياس بعبدسا وكانت له فيها ضيعة فخرج من البصرة لرؤيا رآها (٤).

قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا مكي بن محمد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : وقال الهيثم : وفي سنة اثنتين (٥) وعشرين مات إياس بن معاوية ، وذكر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن الهيثم بذلك.

__________________

(١) بالأصل : «أحمد» والمثبت مما سبق من رواية.

(٢) رسمها غير واضح بالأصل والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٣٠ (٢١).

(٣) الخبر في أخبار القضاة ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ باختلاف العبارة في آخره.

(٤) تهذيب التهذيب ١ / ٢٤٧.

(٥) بالأصل : اثنين.

٣٥

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ، أنا محمد بن علي بن أحمد ، أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى بن زكريا ، حدّثنا خليفة بن خياط ، قال : وفيها يعني سنة اثنتين وعشرين ومائة مات إياس بن معاوية بن قرّة المزني بواسط.

٨٤٤ ـ إياس بن الوليد الفزاري (١)

شاعر كان في صحابة الوليد بن يزيد فلما قتل رثاه.

أخبرنا أبو العز بن كادش ، أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدّل ، حدّثنا أبو علي الحسن بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، حدّثنا أبو العباس المديني ، حدّثني العقيلي ، قال : قال إياس بن الوليد الفزاري وكان مع الوليد بن يزيد فلما رآه رآه قتيلا قال :

تقلّب في أثوابه وكأنما

تقلّب منه في الدماء قضيب

__________________

(١) سقطت ترجمته من مختصر ابن منظور.

٣٦

ذكر من اسمه أيمن

٨٤٥ ـ أيمن بن خريم بن الأخرم

ابن شدّاد بن عمرو بن فاتك بن

القليب بن عمرو (١) بن أسد بن

خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار (٢)

أبو عطية الأسدي

له صحبة ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثين اختلف في أحدهما ، وروى عن أبيه وعمه سبرة بن فاتك وكانا صحابيين ، وكان شاعرا.

روى عنه : الشعبي ، وأبو إسحاق ، وفاتك بن فضالة ، وروى سفيان بن زياد عنه ولم يسمع.

وكان يسكن دمشق في محلة القصّاعين ثم تحوّل إلى الكوفة.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا عبد الله بن مندة ، أنا سهل بن السري البخاري ، حدّثنا صالح بن محمد البغدادي ، حدّثنا محمد بن هشام الكوفي ، حدّثنا أبو بكر بن عياش ، عن شيخ من بني أسد ـ وهو سفيان بن زياد ـ حدّثني أيمن بن خريم ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا أيمن ، قومك أسرع النّاس هلاكا» كذا في

__________________

(١) بالأصل : «عمر» والمثبت عن أسد الغابة ١ / ١٨٨ والإصابة ١ / ٩٢ وخريم بالتصغير ، ووردت في الاستيعاب ١ / ٨٩ بالدال المهملة وفي م : عمرو.

(٢) ترجمته في الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة ، والوافي بالوفيات ١٠ / ٣٠ وانظر بحاشيته ثبتا بأسماء مصادر أخرى ترجمت له.

٣٧

هذا الحديث. وإنما هو محمد بن يزيد أبو هشام ، ورواه غيره عن أبي هشام ورواه غيره عن أبي هشام فلم يسمّ سفيان بن زياد [٢٤٧٥].

أنبأه أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا محمد بن أحمد بن حمدان ، حدّثنا الحسن بن سفيان ، حدّثنا محمد بن يزيد الرفاعي ، حدّثنا أبو بكر بن عياش ، حدّثني شيخ من بني أسد ، حدّثني أيمن بن خريم الأسدي ، قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا أيمن إنّ قومك أسرع العرب هلاكا». وسفيان لم يسمع من أيمن ، وإنما يروي عن فاتك بن فضالة ، عن خريم ، وقيل بل حديثه عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان ، عن خريم بن فاتك [٢٤٧٦].

أخبرنا أبو الحسن البقشلان ، أنا أبو الحسن بن الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدّثنا جدي ، حدّثنا مروان بن معاوية ، عن سفيان بن زياد الأسدي ، عن فاتك بن فضالة ، عن أيمن بن خريم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام خطيبا فقال : «يا أيها الناس عدلت شهادة الزّور إشراكا بالله» ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)(١)(٢) [٢٤٧٧].

وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر بن مالك ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (٣) ، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري ، أنا سفيان بن زياد ، عن فائد بن فضالة ، عن أيمن بن خريم ، قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطيبا فقال : «يا أيها الناس عدلت شهادة الزّور إشراكا بالله» ثلاثا ثم قرأ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) كذا قال ، وصوابه فاتك (٤) [٢٤٧٨].

أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم ، أنا أبو عامر محمود بن القاسم وأبو نصر التّرياقي وأحمد بن عبد الصمد ، قالوا : أنا عبد الجبار بن محمود ، أنا أبو العباس المحبوبي ، أنا أبو عيسى التّرمذي ، قال : وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد ، ولا يعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) سورة الحج ، الآية : ٣٠.

(٢) الحديث في أسد الغابة وفيه : الإشراك بالله.

(٣) مسند الإمام أحمد ٤ / ٣٢٢.

(٤) في مسند أحمد «فاتك» أيضا ، وبالأصل : «واجتنبوا» والصواب «فاجتنبوا» كما أثبتنا.

٣٨

وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا أبو القاسم عمر بن الحسين بن إبراهيم [بن] محمد بن الخفّاف ـ قراءة عليه ، سنة سبع وأربعين وأربعمائة ـ أنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن الزيات ، حدّثنا أبو الفضل محمد بن علي بن حرب الرّقّي القاضي ، حدّثنا أيوب بن محمد الورّاق حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري ، حدّثنا سفيان بن زياد ، عن فاتك بن فضالة ، عن أيمن بن خريم الأسدي ، قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطيبا فقال : «يا أيها الناس عدلت شهادة الزّور إشراكا بالله عزوجل وعدلت شهادة الزّور إشراكا (١) بالله عزوجل وعدلت شهادة الزور إشراكا (٢) بالله عزوجل» [٢٤٧٩] حتى قالها ثلاثا ، ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) هكذا رواه مروان الفزاري وخالفه محمد ويعلى ، ابنا عبيد فروياه ، عن سفيان بن زياد ، عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان ، عن خريم بن فاتك.

فأما حديث محمد فأخبرناه أبو عبد الله الفراوي (٣) وأبو القاسم الشّحّامي ، قالا : أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة ، حدّثنا محمد ويعلى ، ابنا (٤) عبيد ، عن سفيان بن محمد العصفري ، عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان الأسدي ، عن خريم بن فاتك ـ زاد الشّحّامي : الأسدي ـ قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما فقال : «عدلت شهادة الزّور بالشرك (٥) بالله» ثلاث مرات ، ثم تلا هذه الآية (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) [٢٤٨٠].

أخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثني أبي (٦) ، قال محمد بن عبيد : حدّثنا سفيان العصفري ، عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان الأسدي ـ ثم أحد بني عمرو بن أسد ـ عن خريم بن فاتك

__________________

(١) بالأصل «إشراك» والصواب عن م.

(٢) بالأصل : إشراك والصواب عن م.

(٣) إعجامها غير واضح بالأصل ، والصواب ما أثبت ، انظر فهارس شيوخ ابن عساكر (المطبوعة المجلد السابع).

(٤) بالأصل «أنبأنا» خطأ ، والصواب ما أثبت وقد مرّت قريبا.

(٥) بالأصل : وبالشرك.

(٦) مسند الإمام أحمد ٤ / ٣٢١.

٣٩

الأسدي قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما فقال : «عدلت شهادة الزّور الإشراك بالله تبارك وتعالى» ثم تلا هذه الآية (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) [٢٤٨١].

وأما حديث يعلى : فأخبرناه أبو الحسن بن البقشلان ، أنا أبو الحسن بن الآبنوسي ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدّثني زهير بن محمد المروزي ، حدّثنا يعلى بن عبيد ، عن سفيان بن زياد ، عن أبيه ، عن حبيب بن النعمان ، عن خريم بن فاتك ، قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصبح ثم التفت إلينا فقال : «عدلت شهادة الزّور إشراكا بالله» ثم قرأ : (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)» إلى آخر الآية (١) [٢٤٨٢].

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السّقّا ، وأبو محمد بن بالوية ، قالا : حدّثنا أبو العباس الأصمّ ، حدّثنا عباس بن محمد ، قال : سمعنا يحيى بن معين يقول في حديث خريم بن فاتك : الحديث كما حدّث به محمد بن عبيد ومروان بن معاوية لم يقمه.

أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل محمد بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ومحمد بن علي ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد الغندجاني ـ زاد أحمد : وأبو الحسين الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمد بن سهل ، أنا محمد بن إسماعيل (٢) ، قال : أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي سمع أباه وعمه ، روى عنه الشعبي.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن خزفة الصّيدلاني ، أنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد الزّعفراني ، حدّثنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : أيمن بن خريم بن الأخرم بن شدّاد بن عمرو بن الفاتك بن القليب بن عمرو بن أسد ، وأم أيمن أم الظباء (٣) ابنة ثعلبة بن عمر بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان.

__________________

(١) سورة الحج ، الآية : ٣٠.

(٢) التاريخ الكبير ١ / قسم ٢ / ٢٥.

(٣) في أسد الغابة ١ / ١٨٨ الصماء.

٤٠