زبدة البيان في أحكام القرآن

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

زبدة البيان في أحكام القرآن

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠١

تحريم الخمر والمسكر وعدم معقوليّة المنّة على خلقه ولا يجمع بين المنّة والعتاب في مثل هذه الآية ، فلا بدّ من تأويل بحيث يخرج عن ذلك وهو يحصل بأحد الوجوه المذكورة وغيره فتأمّل.

وقيل «من» في «ممّا» للتبعيض لأنّ اللبن الّذي يسقى بعض ما في البطن ، وفي (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) ابتدائيّة لأنّ ما بين الفرث والدم مكان السقي فيبدأ منه وقد احتجّ بعض من رأى أنّ المنيّ طاهر على من جعله نجسا بجريه في مسلك البول بهذه الآية وأنّه ليس بمستنكر أن يسلك مسلك البول وهو طاهر كما خرج اللبن من بين فرث ودم طاهرا ، كأنّه يريد ببعض من احتجّ الشافعيّ والمحتجّ عليه الّذي جعله نجسا بجريه في مسلك البول أبا حنيفة والاحتجاج صحيح ، والسرّ في ذلك أنّ الجري في المسلك ليس بمنجّس من حيث إنّه من البواطن ، ولا حكم لها من حيث النجاسة ، وإلّا لم يصحّ صلاة أحد وهو ظاهر ، وصرّح به الأصحاب ويدلّ عليه العقل والنقل ، وليس نجاسة المنيّ عندهم لذلك ، بل بالإجماع والنصوص عن الأئمّة عليهم‌السلام.

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) ألهمها وقذف في قلوبها (أَنِ اتَّخِذِي) بأن اتّخذي لأنّ حذف حرف الجرّ قياس ، أو يكون مفسّرة لأنّ الإيحاء متضمّن لمعنى القول كأنّه : قائلا إن اتّخذي ، والتأنيث باعتبار المعنى أي الجماعة الكثيرة وإلّا فلفظة مذكّر (مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) من للتبعيض لأنّها لا تبنى في كلّ ما ذكر بل في بعض الجبال ، وبعض الأشجار ، وبعض ما سقّف به مثل الطين وقد يكتفى به من الكرم وسعف النخل ، وغير ذلك ، وفي ذلك البيوت إشارة إلى أنّ ما بنته مثل البيوت الّتي بناها الإنسان العاقل الكامل ، بل من تأمّل بيوتهم وما فيها يجد من حسن الصنعة وصحّة القسمة ما لا يقدر عليه حذّاق المهندسين إلّا بآلات وإنظار دقيقة ، ويحكم بأنّ فاعل هذا لا بدّ له من العلم ، وأنّه ليس الفاعل إلّا الله أو بإلهامه وهو ظاهر.

(ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الّتي تشتهيها مرّها وحلوها (فَاسْلُكِي) ما

٦٤١

أكلت (سُبُلَ رَبِّكِ) في مسالكه الّتي يحيل فيها بقدرته النّور المرّ عسلا من أجوافك أو فاسلكي الطرق الّتي ألهمك في عمل العسل ، أو فاسلكي راجعة إلى بيتك سبل ربّك لا يلتبس عليك (ذُلُلاً) جمع ذلول ، وهي حال من السبل أي مذلّلة ذلّلها الله وسهّل لك أو من الضمير في (فَاسْلُكِي) أي وأنت ذلل منقادة لما أمرت به غير ممتنعة (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها) عدل من خطاب النحل إلى خطاب الناس لأنّه محلّ الانعام والامتنان والمقصود من خلق النحل وإلهامه ، (شَرابٌ) يعني العسل لأنّه قد يشرب (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) بعضه أبيض وبعضه أحمر وبعضه أصفر ، وبعضه أسود (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) إمّا بنفسه كما في الأمراض البلغميّة أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلّ ما يكون معجونا والعسل لم يكن جزء منه مع أنّ التنوين فيه قد يكون مشعرا بالتبعيض ، ويحتمل التعظيم وقيل الضمير للقرآن وفيه بعد (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فانّ من تأمّل في فعله ووجود العسل ، وكيفيّة حصوله ، علم قطعا أنّ الله معلّم قادر حكيم عالم متّصف بجميع صفات الكمال ، فليس فيه نقص بوجه.

ففيها دلالة على حلّيّة العسل لكلّ من يجد وأخذ النحل لذلك ، ما لم يمنع مانع شرعيّ والاستشفاء بالأدوية وخصوص العسل وأنّ الله يشفي بالدواء وإن كان قادرا على ذلك بغيره لحكمة ، وطلب علم الطبّ بل علم الكلام والتفكّر في الأفعال والاستدلال بها على وجود الواجب وصفاته ، والحسن والقبح العقليّين فتأمّل.

(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) (١) أي جعلكم متفاوتين في الرزق بأن جعل للموالي رزقهم ورزق مماليكهم ، وأمرهم بإعطائهم لهم ، فرزقكم أفضل من رزق مماليككم وهم بشر مثلكم وإخوانكم (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) ليس الّذين فضّلوا بمعطي رزق المفضّل عليهم ، بحيث يتساوون فيه أي كان ينبغي أن يردّوا ممّا رزقوا على مماليكهم حتّى يتساووا في الملبس والمطعم

__________________

(١) النحل : ٧٤.

٦٤٢

كما يحكى عن أبي ذرّ أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول إنّما هم إخوانكم فاكسوهم ممّا تلبسون ، وأطعموهم ممّا تطعمون ، فمارئي بعد ذلك إلّا ورداؤه رداؤه وإزاره إزاره من غير تفاوت (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) فجعل عدم التسوية من جملة جحود النعمة على سبيل المبالغة ، ففيها دلالة على استحباب التسوية بين نفسه ومماليكه ، ويدلّ عليه أيضا الأخبار مثل ما تقدّم ، ويدلّ على أبلغ من ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه كان يشتري ثوبين يعطي أفضلهما القنبر ويأخذ الأردى لنفسه صلوات الله عليه.

قال في الكشاف : وقيل هو مثل ضربه الله للّذين جعلوا له شركاء فقال لهم أنتم لا تسؤون بينكم وبين عبيدكم ، فيما أنعمت به عليكم ، ولا تجعلونهم فيه شركاء ولا ترضون ذلك لأنفسكم ، فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيدي لي شركاء ، وقيل المعنى إنّ الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعا ، فهم في رزقي سواء فلا تحسبنّ الموالي أنّهم يردّون على مماليكهم من عندهم شيئا ، فإنّما ذلك رزقي إليهم على أيديهم ، ويمكن الاستدلال بها على تملّكهم فتأمّل.

٦٤٣

(كتاب)

(المواريث)

وفيه آيات :

الاولى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) الاية (١).

إشارة إلى توريث الورثة إجمالا فكأنّه يريد بالموالي الورثة ، وبالّذين : ضامن الجريرة على الاحتمال ، وقيل غير ذلك الله يعلم.

الثانية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) (٢).

يجوز أن يكون من المؤمنين والمهاجرين بيانا لأولي الأرحام ، أي الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضا من الأجانب بل من بعض الأقارب أيضا ويجوز أن يكون «من» لابتداء الغاية أي أولوا الأرحام بحقّ القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحقّ الولاية في الدّين ، ومن المهاجرين بحقّ الهجرة كذا قيل ، والظاهر أنّها صلة «أولى» ومعنى الاستثناء أنّ اولي الأرحام أولى إلّا أن يفعلوا وصيّة فالموصى له أولى.

ففيها دلالة على كون الوصيّة أولى من الإرث ، وتقديمها على الإرث ، وليس فيها دلالة على عدم الوصيّة للوارث وهو ظاهر ، ويحتمل أن يكون (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) يشمل المنجّزات أيضا ، فيدلّ على كونها مقدّمة على الإرث ، وكونها من الأصل

__________________

(١) النساء : ٣٣.

(٢) الأحزاب : ٦.

٦٤٤

وخرجت الوصيّة بالإجماع والخبر ، وصارت من الثلث ، وبقي المنجّزات فتأمّل.

الثالثة : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (١).

أي سهم ، ولعلّ «الوالدان» أعمّ من أن يكونا بواسطة أو بغيرها والمراد بالأقربون الأقارب الّذين يورثون (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ) أي قليلا كان المتروك أو كثيرا وهو بدل عن (مِمَّا تَرَكَ) بإعادة العامل ونصيبا يحتمل أن يكون مفعولا مطلقا للتأكيد مثل قوله (فَرِيضَةً) أو حال أي فرض للرجال نصيب حال كونه نصيبا ، أو منصوبا باعني ومفروضا صفة له أي مقطوعا.

والمعنى أنّ الإرث بالنسب ثابت من الله فرضا ولازما من غير اختيار أحد من الورّاث سواء كان ذكرا أو أنثى نزلت لنفي ما كان في الجاهليّة من عدم الإرث للنساء والأطفال ، فدلّت على ثبوت الإرث في الجملة ، وأنّه فرض يدخل في ملك الوارث بغير اختياره ، سواء أراد أو لم يرد ، فلا يخرج عن ملكه إلّا بدليل مخرج شرعا.

الرابعة (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) (٢) أي يأمركم ويفرض عليكم في شأن ميراث أولادكم [بما هو العدل والمصلحة] والخطاب للأحياء بأنّه إذا مات منهم أحد يعلم الباقون أنّ لولده وغيره الإرث كذا وكذا ، وهذا مجمل وتفصيله يعلم من قوله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) يعني إذا اجتمع الأولاد ذكورا وإناثا فللابن نصيبان ، وللبنت نصيب نصفه (فَإِنْ كُنَّ) الأولاد (نِساءً) ثنتين (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) خبر بعد خبر (فَلَهُنَّ) أي الأولاد الّتي هما ثنتان أو ما فوقهما (ثُلُثا ما تَرَكَ) الميّت من الأموال بالفرض وفي الباقي تفصيل يعلم من غير القرآن ، فقوله (نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ)

__________________

(١) النساء : ٧.

(٢) النساء : ٢.

٦٤٥

بمنزلة اثنتين فصاعدا ، وإطلاق ضمير كنّ والنساء على البنتين غير بعيد.

(وَإِنْ كانَتْ) المولودة بنتا (واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) مثل ما تقدّم ، ويؤيّد أنّ حكم البنتين حكم الثلاثة أنّه لا يمكن إدخالهما في حكم الواحدة بوجه في العبارة فإنّه لو كان حكمهما حكمها لما حسن القيد المخرج لهما بحيث لا يمكن إدخالهما في حكمها ، مع أنّه لا خلاف بين أهل العلم في أنّ حكمهما إمّا حكم الواحدة وهو مذهب ابن عبّاس فقط ، وإمّا حكم فوق اثنتين وهو مذهب غيره ، وأيضا لا خلاف في أنّ للأختين وحدهما هو الثلثان كما دلّ عليه القرآن العزيز صريحا ، فلا معنى لكون حصّة البنتين أقلّ من حصّتهما مع أنّهما أمسّ رحما فلا يكون نصفا ولا قائل بغير الثلثين والنصف ، فيكون الثلثين ، وأيضا إنّ للبنت مع أخيها الّذي نصيبه ضعف نصيبها الثلث فلا بدّ أن لا يكون مع أختها الّتي نصيبها مثل نصيبها أقلّ من تلك الحصّة ، فلا يكون لهما النصف فيكون الثلثين ، وأيضا يمكن أن يكون مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيّام إلّا ومعها زوجها أو ذو محرم لها ، فإنّ المراد ثلاثة وما فوقها على ما قيل ، كأنّه بالتأويل الّذي قلناه فتأمّل.

وقيل إنّه لما قال الله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) علم حكم البنتين لأنّه قد علم أنّ للذكر مع الواحدة ثلثين اللّذين هما للبنتين فعلم أنّ لهما ثلثين وبقي ما فوقهما ، فكأنّه قيل فما لما فوقهما؟ قيل كذا ، ذكره في الكشّاف والقاضي وغيرهما ونقله في مجمع البيان عن أبي العبّاس المبرّد ، وفيه تأمّل لأنّ العلم بأنّ للواحد ثلثين مع اجتماعه مع الواحدة لا يستلزم كون الثلثين لهما إذا انفردتا ، لأنّ المعنى أنّ لكلّ ذكر ضعف الأنثى مطلقة ، ويؤيّده أيضا كثرة العلماء فإنّ القول بعدم الثلثين لهما بل النصف ما نقل إلّا عن ابن عبّاس بل نقل في مجمع البيان الإجماع على أنّ لهما الثلثين ، قال : ظاهر الكلام يقتضي أنّ البنتين لا يستحقان الثلثين لكنّ الأمّة أجمعت على أنّ حكم البنتين حكم من زاد عليهما من البنات.

وقال أيضا يدلّ عليه الإجماع إلّا ما روي عن ابن عبّاس أنّ للبنتين النصف فكأنّه أراد الإجماع بعده أو ما اعتبر خلافه أو ما ثبت عنده أنّ ذلك قول ابن عبّاس

٦٤٦

حيث قال إلّا ما روي أو أراد التأييد بالشهرة والكثرة كما قلناه ، وبالجملة وإن كان ظاهر الآية أن ليس حكمهما حكم ما فوقهما ، لا شكّ أنّ ظاهرها أن ليس حكمها حكم البنتين أيضا وهو ظاهر وقد اتّفق العلماء على أن لا حكم لهما إلّا حكم أحدهما فلا بدّ من ارتكاب خلاف ظاهر ، وإدخاله في أحدهما ، ولا شكّ أنّ إدخاله فيما فوقهما أرجح لما تقدّم.

(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) السدس مبتدأ وخبره (وَلِأَبَوَيْهِ) أي الميّت وهو مذكور معنى و (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) بدل بتكرير العامل ، وفائدته فائدة التأكيد ودفع وهم أن يكون المراد كون السدس للمجموع ، ولو اقتصر على البدل فات فائدة التأكيد المراد من الإجمال والتفصيل ولو قال ولأبويه السدسان يتوهّم كونهما مختلفين ، والمراد بالميّت الولد الأوّل ذكرا كان أو أنثى ، وبالسدس سدس جميع ما ترك ، وإن ترك و (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أي للميّت (وَلَدٌ) أصلا (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) ممّا ترك حذف بقرينة ما تقدّم فلها ثلث جميع ما ترك دائما لا ثلث ما بقي بعد حصّة الزوجة كما هو رأي الجمهور ، وكأنّ ما ذكرناه لا خلاف فيه عند أصحابنا.

وقال في مجمع البيان : هو مذهب ابن عبّاس وأئمّتنا عليهم‌السلام وهو الظاهر من الآية ، وقيد الجمهور وورثه أبواه بفحسب ، فقالوا حينئذ يكون لها الثلث من جميع ما ترك وأمّا إذا كان معهما وارث آخر مثل الزوج فحينئذ لها ثلث ما بقي بعد حصّته كما فعل في الكشّاف والقاضي ، وذلك بعيد أمّا أوّلا فلأنّ التقدير خلاف الظاهر وأمّا ثانيا فلأنّه ما كان يحتاج حينئذ إلى قوله (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ) وأمّا ثالثا فلأنّه لم يفهم حينئذ ثبوت فريضة للأمّ مع وجود وارث غير الولد فكيف يكون لها ثلث ما بقي ، مع كون سدس الأصل وثلثه لها ، بل لا يوجد مثل الثلث والنصف إلّا بالنسبة إلى الأصل كما هو المتبادر.

فالحقّ مذهب الأصحاب مع قطع النظر عن إجماعهم ونقلهم عن أئمّتهم عليهم‌السلام

٦٤٧

ولعلّ فائدة قوله (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) الإشارة إجمالا إلى أنّ مع عدم الأب الكل لها إن لم يكن غيرها ، وإلّا فالباقي بعد حصّة الغير مثل الزوج ، أو أنّ الحجب إنّما يكون معه أو إلى أنّهما وسائر الورثة قد لا يرثون مع ثبوت النسب ، بأن يكونوا أرقّاء أو قاتلين أو كفّارا أو غير ذلك ، مثل أن يكون هناك دين مستغرق على أنّه ما فهم صريحا وجود الأب من قبل حتّى يحتاج إلى النكتة لذكر (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) فتأمّل.

وقيل : إنّما ذكر (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) بعد أن علم لأنّ معناه وورثه أبواه فحسب وفيه ما مرّ على أنّه ينبغي حينئذ التصريح بنفي الغير إلّا ذكر ما هو المفروض ، وحذف ما لا بدّ منه مثل فحسب أو لا وارث غيرهما ونحو ذلك فتأمّل (١) وترك ذكر ما للأب لأنّه ليس بصاحب الفريضة حينئذ لا لأنّ الباقي له فتأمّل.

هذا إن لم يكن للامّ حاجب عن الثلث من الاخوة بقرينة قوله (فَإِنْ كانَ لَهُ) أي للميّت (إِخْوَةٌ) يحجبها عن الثلث إلى السدس (فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) فالإخوة تحجبها مع عدم كونهم ورثة بشروط الأوّل وجود الأب يدلّ عليه (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ) الآية إذ التقدير إن لم يكن له ولد وورثه الأب والامّ فللأمّ الثلث إن لم يكن له إخوة فان كان له إخوة فلأمّه السدس ، والثاني كون الإخوة متعدّدة ولو كانا اثنين خلافا لابن عباس ، فإنّه ذهب إلى اشتراط الثلاث للفظ الجمع ، وقال أيضا إنّهم يأخذون السدس المحجوب عن الامّ فيشترط عنده كونهم وارثين وهما غير شرط عند غيره والأخير ظاهر ، ودليل الأوّل كأنّه الرواية والإجماع.

وقال في الكشّاف : الاخوة تفيد معنى الجمعيّة المطلقة بغير كميّة والتثنية

__________________

(١) فإن المضمون أن السدس لكل واحد واحد من أبوي الميت إن كان له ولد ، والثلث لامه إن لم يكن له ولد ، فذكر الأب لا بد منه ، فان كون الثلث لها مشروط بوجوده. وذكر الام بالتبع ، على أنه لا شك في ان المقصود من كل هذه العبارة وجود ذوي الفرض فلو ذكر وقيل لها الثلث مع وجودها مثلا فلا قصور نعم يمكن تركه لانه يفهم فذكره حسن كتركه فافهم منه رحمه‌الله.

٦٤٨

والجمع كالتثليث والتربيع ، في إفادة الجمعيّة ، وهذا موضع الدلالة على الجمع المطلق ، فدلّ بالإخوة عليه ، تأمّل في هذه الإفادة ، فإنّها غير واضحة فالظاهر أنّها أطلقت على ما فوق الواحد لقرينة ثبتت بالخبر والإجماع ، ثمّ إنّ ظاهرها أعمّ من كونها إخوة الأب أو الأمّ ، وقد خصّ الأصحاب بإخوة الأب وهو الشرط الثالث ولعلّ دليلهم الرواية والإجماع ، وأنّ النفع لأبيهم فكما أنّ الأب ينفع أولاده فهم أيضا ينفعونه بزيادة الإرث له ، وهذا المعنى غير موجود في الإخوة من الامّ وأيضا الظاهر منها الذكورة ، وقد عمّم ، وجعل أختين بمنزلة أخ واحد فهما مع أخ آخر يحجبان وكذا الأربع ، ولعلّ لهم دليلا غيرها.

والرابع كونهم وارثين في الجملة فلا يحجب القاتل والرقّ ونحوهما ، ولعلّ لهم دليلا عليه ، والخامس الفصل فلا يحجب الحمل ، وفهم ذلك غير بعيد وتفصيلها في الفروع ، وقوله (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) قالوا إنّه متعلّق بجميع ما تقدّم من أوّل قسمة الميراث أي ثبوت الحصّة للورثة إنّما هو بعد إخراج ما أوصى به الميّت وبعد الدين وقوله (يُوصِي بِها) بعد الوصيّة للتأكيد وظاهرها التساوي بين الدين والوصيّة في تقديمهما على الإرث ، وأنّ كلّ واحد مستقل في التقديم ، فإيراد «أو» لذلك لا لأنّ أحدهما مقدّم لا المجموع وهو ظاهر ، وتقديم الوصيّة مع كونها مؤخّرة عن الدين في حكم الشرع للاهتمام بشأنها لاحتياجها إلى التأكيد والمبالغة لأنّه محلّ أن لا يسمعها الوارث فسوّاها مع الدين في التقديم حتّى قدّمها ، لا ليفهم أنّ الاهتمام بها أكثر ، ولأنّها مشابهة بالإرث بحيث توقّف ثبوتهما على الموت فذكرت بعده.

فدلّت الآية على أنّ الوصيّة مطلقا والدين كذلك مقدّمان على الإرث فيخرج أوّلا مؤنة تجهيزه الواجبة. ثمّ الدين ثمّ الوصيّة ثمّ يقسم ما بقي بين الورثة على حكم الله ، والترتيب مفهوم من الإجماع والسنّة لا الكتاب وفي الآية دلالة مّا على عدم تملّك الوارث قبلهما الإرث ، بل عدم جواز تصرّفه إلّا بعد إخراجهما ، فالمال إمّا باق على حكم مال الميّت أو ينتقل إلى الدّيّان والموصى إليه بقدرهما ، فلا

٦٤٩

يجوز للورثة التصرّف فيه إلّا بعد إخراج الدين والوصيّة ، سواء كانا مستغرقين أم لا.

ويحتمل أن يكون معنى الثلث للامّ مثلا بعد الوصيّة والدين ، أنّه إنّما يصير ذلك بعد أن يكون في التركة ما يفضل عنهما وحينئذ لا يفهم ما قلناه ، فيمكن جواز التصرّف للوارث فيما يفضل عنهما قبل إخراجهما ولكن يجب عليه إخراج ذلك وعزله وإيصاله إلى صاحبه ، أو يجب على الوصيّ إن كان ، ويجب على الوارث التمكين.

ويحتمل جواز التصرّف في الكلّ أيضا ما لم يعيّن الدّين والموصى به بعد أن قرّر المتصرّف على نفسه ذلك فيثبت في ذمّته الدّين والوصيّة ويجب أداؤهما ويتصرّف في التركة مهما شاء ، فالاحتمالات ثلاثة ـ بعد وصولهما إلى أهلهما فلا يجوز التصرّف قبله بوجه وبعد العزل والتعيين ، فلا يجوز قبله وبعد سعة المال ووجودهما فيه ، فيجوز التصرّف فيما يفضل أو في الكلّ ، ويكون ضامنا والأوّل أحوط وأسلم.

ويدلّ عليه رواية عبّاد بن صهيب في باب قضاء الزكاة عن الميّت عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل فرّط في إخراج زكاته في حياته فلمّا حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرّط فيه ممّا لزمه من الزكاة ثمّ أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له. قال جائز يخرج ذلك من جميع المال ، إنّما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتّى يؤدّوا ما أوصى به من الزكاة (١) ودلالتها ظاهرة في الدين والوصيّة بالزكاة ، ويحتمل أن لا قائل بالفرق الله يعلم ، وسندها جيّد لا شيء في رجاله إلّا في عبّاد بن صهيب ، وقد يقال ظاهر الآية يقتضي الأخير إذ ثبت ملكيّة الثلث مثلا بقوله (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) فلها التصرّف به كيف شاءت ، وقوله بعد الوصيّة والدين ، يحتمل معنا لا ينافي ذلك ، وهو الأخير ، إذ ليس بظاهرة في غيره بحيث يكون حجّة ، فيجوز تصرّفها في الفاضل أو مطلقا إلّا أنّها تكون ضامنة بمعنى أنّه

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٥٤٧.

٦٥٠

لو لم يصل الدين والوصيّة إلى أهلهما يكون لهما الرجوع عليها ، وعلى سائر الورثة الّذين تصرّفوا في المال ، أو يبطل التصرّفات فتكون موقوفة ، وفيه تأمّل ، ويمكن دعوى ظهور إخراجهما مقدّمة [من الآية] ويؤيّده الرواية.

وبالجملة المسئلة مشكلة وقد فصّل الأصحاب القول واختلفوا فيها حتّى أنّه وقع الفتوى في القواعد في ثلاث مواضع كلّ واحد على خلاف الآخر ، ولكن ذكروها في الدين فقط ، وما توجّهوا إلى الوصيّة ، والظاهر أنّ الحكم واحد لظاهر الآية ، فينبغي الرجوع إلى كلامهم ، والبحث عنها هناك ، ثمّ كون الوصيّة والدين من الثلث أو من الأصل وباقي مسائلهما يعلم من محلّهما من كتب الأصحاب ورواياتهم ، وظاهر الآية كونهما من الأصل ، فتخصّص الوصيّة بالإجماع والسنّة فتأمّل.

واعلم أنّهم قد اختلفوا في معنى (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) وليس من مقصود هذا التعليق بيانه ، ويمكن أن يكون المعنى أنّ الّذي فعله تعالى في أمر الإرث هو مقتضى علمه وحكمته ، فقرّر للآباء كذا ، وللأبناء كذا ، وما فوّض الأمر إليكم وإلى علمكم ، بأنّ من كان أقرب نفعا يعطى أكثر والأقلّ أقلّ فإنّكم ما تعرفون أيّهما أقرب نفعا ، والله هو العالم بالأقرب نفعا أو أنّ مجرّد كونهم آباءكم وأبناءكم كاف للإرث ، وأمّا أنّ الأقرب نفعا يكون له أكثر فأنتم ما تعرفون ذلك ، أو أنتم ما تعرفون من هم؟ قال القاضي : لا تعلمون من أنفع لكم ممّن يرثكم من أصولكم وفروعكم ، وعاجلكم وآجلكم ، فتحرّوا فيهم ما وصّاكم الله فيه ولا تعمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض.

وقال في الكشاف : أي لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الّذين يموتون أمن أوصى منهم أم من لم يوص؟ يعنى أنّ من أوصى ببعض ماله فعرّضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيّته فهو أقرب لكم نفعا ممّن ترك الوصيّة ، فوفّر عليكم عرض الدنيا ، وجعل ثواب الآخرة أقرب وأحضر من عرض الدنيا ، ذهابا إلى حقيقة الأمر ، ثمّ نقل أقاويل اخرى وقال : وليس شيء من هذه الأقاويل بملائم

٦٥١

للمعنى ، لأنّ هذه الجملة اعتراضيّة ومن حقّ الاعتراض أن يؤكّد ما اعترض بينه وبين مناسبة ، والقول ما تقدّم فتأمّل.

و «فريضة» مصدر فعل محذوف للتأكيد ، أي يفرض الله عليكم ذلك المذكور فريضة من عند الله ، وقيل أو مصدر يوصيكم الله ، فإنّه بمعنى فرض الله عليكم ، فيه مسامحة فإنّه مفعول مطلق من غير لفظ فعله.

الخامسة والسادسة : (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (١).

الظاهر أنّه يريد بالزوجة المعقود عليها بالعقد الدائم كما هو مذهب أكثر الأصحاب وإن كان ظاهرها أعمّ للرّوايات وظاهرها ثبوت الربع والثمن للزوجة من كلّ شيء تركه زوجها كالنصف والربع له ممّا تركت زوجته ، لكن خصّصت ببعض ما ترك بإجماع الأصحاب ونصّهم إلّا أنّ لهم في تعيين ذلك خلافا لاختلاف رواياتهم وتحقيق المسئلة في الفروع تطلب هناك.

ومعلوم أنّ المراد أعمّ من كونها مدخولا بها أم لا ، ومن الصغيرة والكبيرة وكذا في جانب الزوج أيضا ، وأنّ المراد بالولد أيضا هو الأعمّ من أن يكون من

__________________

(١) النساء : ١٢.

٦٥٢

الزوج الوارث أم لا ، صغيرا كان أو كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى ، بواسطة من الابن أو الابنة ، أو بلا واسطة ، وأعمّ من الوارث وغيره أيضا ومعلوم أنّ المراد أيضا بالنصف ونحوه هو نصف جميع ما ترك الميّت فهو مؤيّد لكون المراد ذلك في ثلث الامّ كما تقدّم ، و «رجل» اسم «كان» وهو الميّت و «يورث» أي منه صفة رجل و «كلالة» خبرها أو يورث خبر ، أو كان تامّة ، وكلالة حال عن ضمير يورث وقيل ، يجوز أن يكون المراد بالرجل الوارث ويكون يورث من أورث وهو بعيد (١) والمراد بالكلالة من ليس بوالد ولا ولد ، وقيل أصلهما مصدر بمعنى الكلال فاستعيرت لقرابة ليست بعصبة لأنّها كلالة بالإضافة إليها ، ثمّ وصف الموروث أو الوارث بها بمعنى ذي كلالة كقولك فلان من قرابتي.

وقال في مجمع البيان : والمرويّ عن أئمّتنا عليهم‌السلام أنّ الكلالة الاخوة والأخوات ، والمذكورة في هذه الآية من قبل الامّ وفي آخر السورة من كان منهم من قبل الأب والامّ أو من قبل الأب.

«أو امرأة» عطف على رجل ، وله راجع إلى رجل ، وحذف حكم الامرأة لأنّه يعلم من الرجل ، ويحتمل إرجاعه إلى أحد المذكورين أو الكلالة باعتبار أنّه الميت أو المورّث وهو يدلّ على كون المراد بالرجل الميّت كمنهما فافهم.

فلكلّ واحد من الأخ والأخت سدس ما ترك ، فان كانوا أي من يرث بالأخوّة والكلالة أكثر من أخ واحد أو أخت واحدة بأن يكونوا اثنين فصاعدا فلهم ثلث ما ترك يتساوون فيه ، ولا فضل بين المذكّر والمؤنّث.

قال في مجمع البيان : ولا خلاف بين الأمّة أنّ الاخوة والأخوات من قبل

__________________

(١) لبعد إرجاع ضمير «له» إلى الرجل الوارث ، فان المتعارف أن يقال للميت كذا وكذا وأيضا ينبغي أن يقال بدل رجل وله أخ إلخ ، وإن كان أخوان أو أخ وأخت وللتكلف في إرجاع ضمير منهما إلى الرجل وأخيه وأخته ولأنه حينئذ يصير داخلا في حكم وان كانوا أكثر من ذلك ، ولانه لم يفهم حينئذ حكم الواحد ولم يفهم تساويهم بل يتبادر تساوى الأخ والأخت في نصف السدس واستقلال الرجل بنصفه تأمل ، منه طاب ثراه.

٦٥٣

الامّ يتساوون في الميراث وقد مرّ معنى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ) و (غَيْرَ مُضَارٍّ) كأنّه حال من فاعل يوصي أو الوصيّة لأنّه مصدر ويحتمل عن الوصيّة والدين أيضا يعني أنّ الوصيّة والدين اللّذين هما مقدّمان على الإرث هما اللّذان لا يكون فيهما ضرر على الورّاث مثل القصد بالوصيّة مجرّد حرمان الوارث ، فما قصد وصيّة حقيقة والدين كذلك بأن يستدين دينا غير محتاج إليه فيضيعه للإضرار ، أو يقرّ بدين مع عدمه للإضرار فكلّ ذلك ليس بمقدّم على الإرث إذا علم فيجوز عدم سماع مثل هذه الوصيّة والدين.

قال في مجمع البيان : جاء في الحديث أنّ الضرار في الوصيّة من الكبائر فلعلّ المراد الوصيّة بدين لا حقيقة له فيضيّع أمواله ، لئلّا يصل إلى الوارث شيء وكذا الوصيّة بما يضرّ وليس له حقيقة ، وكذا الإقرار بأنّ عليه كذا أو ليس له على أحد شيء مع وجوده إضرارا بالورثة ، فتأمّل ، ويحتمل أن يراد تغيير الوصيّة وعدم العمل بها «وصيّة» مصدر كفريضة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالح عباده ولا يفعل بهم إلّا ما هو خير لهم من قسمة الميراث وتقديم الدين والوصيّة عليه ، وعدم سماع الدين والوصيّة المضرّين (حَلِيمٌ) لا يعاجل العصاة بالعقوبة ، بل يمنّ عليهم بالإنظار والإمهال.

السابعة : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١).

لمّا بيّن في فاتحة السورة بعض السهام وبقي البعض أراد بيانه في خاتمتها فقال (يَسْتَفْتُونَكَ) يا محمّد أي يريدون منك بيان حكم الله في ميراث الكلالة وقد عرفت

__________________

(١) النساء : ١٧٦.

٦٥٤

معناها (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ) أي يبيّن لكم حكم ميراثها ، قال في مجمع البيان وهو اسم للإخوة والأخوات ، وهو المرويّ عن أئمّتنا عليهم‌السلام فان مات امرء أي رجل وليس له ولد مطلقا بواسطة أو بغيرها ذكرا كان أو أنثى كما هو الظاهر ، لأنّ الولد يطلق عليها لغة وعرفا كما مرّ في بيان السهام في أوائل السورة ، والظاهر أنّه مقيّد بعدم الوالد أيضا للإجماع ولأنّ الكلام في الكلالة وهي من لا يكون والدا ولا ولدا (وَلَهُ أُخْتٌ) أي الأخت من الأب والامّ أو للأب فقط لأنّ حكم الأخت من الامّ فقط قد مضى في أوّل السورة فللأخت الواحدة منهما أو من الأب نصف ما ترك كالبنت ، والأخ أيضا يرثها إن لم يكن لها ولد مطلقا وإن كانتا أختين فصاعدا كذلك فلهما الثلثان كالبنتين فصاعدا وإن كانت الورثة إخوة بعضها رجال وبعضها نساء منهما أو من الأب فالمال بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين وظاهر الآية أنّ إرث الإخوة مشروط بعدم الولد أصلا ويؤيّده ما تقدّم في أوّلها كما هو المقرّر عند الأصحاب وهو مذهب ابن عباس وأهل البيت عليهم‌السلام فلا ينظر إلى ما روي أنّ الاخوة مع البنات عصبة فلا يحجب البنت الأخ لأنّه خبر واحد مخالف لظاهر القرآن وإجماع علماء أهل البيت ورواياتهم صلوات الله عليهم ، فلا معنى للقول بالعصبة فيضعّف قول القاضي في تفسير (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) ذكرا كان أو أنثى إن أريد بيرثها جميع مالها ، وإلّا فالمراد به الذكر إذ البنت لا تحجب الأخ ، وقريب منه كلام الكشّاف فانّ ظاهر الآية عدم إرث الأخ مع البنت ، فإنّه شرط في الإرث مطلقا نفي الولد مطلقا ، وللزوم الإجمال وعدم فهم شيء وهو ظاهر ، ويؤيّده أنّ مفهوم الكلالة إن كان المراد بها الميّت كما هو الظاهر يدلّ على عدم إرث الإخوة مطلقا مع الولد والوالد ، وهو مقرّر عندهم أيضا في الوالد ، ويجب أن يخرج الأحكام من الآية لا أن يطابق الآية بالأحكام الّتي قرّروها بآرائهم فتأمّل.

(يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ) أحكام مواريثكم كراهة (أَنْ تَضِلُّوا) بأن تخطؤوا في الحكم وقيل يبين الله لكم ضلالكم الّذي من شأنكم إذا خلّيتم وطباعكم لتحترزوا عنه وتتحرّوا

٦٥٥

واعلم أنّه مع البيان ثمّ التأكيد بأنّه يبيّن لعدم الضلال قد وقع الضلال والله يهدي إلى الصواب.

و (امْرُؤٌ) مرفوع بفعل مقدّر يفسّره (هَلَكَ) لأنّ «أن» لا تدخل إلّا على الفعل ، وهلك امرؤ فعل شرط ، و (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) صفة لأمره ويحتمل الحال (وَلَهُ أُخْتٌ) حال ويحتمل العطف فيكون صفة أيضا أو حالا (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) جزاء (وَهُوَ) أي الامرئ (يَرِثُها) أي الأخت مبتدأ وخبر جزاء مقدّم ، إذ يفهم منه الجزاء لقوله (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) وهو اسم «لم يكن» وخبره «لها» ومرجع ضمير «كانوا» الظاهر أنّه الورثة و «رجالا» صفة أو حال وكذا «نساء» والجملة شرطيّة و «مثل» مبتدأ مضاف و «فللذكر» خبره ، والجملة جزاء (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهو عالم بمصالح العباد في الحياة والممات ، وتقسيم المواريث ، فلا يفعل إلّا ما هو أصلح بحالهم دينا ودنيا فتأمّل.

الثامنة (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) (١) أي خشيت عصبتي الّتي باقية بعدي بأخذ أرثي و «كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً» لم تلد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ) أي من عندك (وَلِيًّا) وارثا (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) أيضا (وَاجْعَلْهُ) أي ذلك الوارث «يا (رَبِّ رَضِيًّا)» راضيا مرضيّا ، ولم يكن مثل مواليّ الّذين خفت منهم فإنّهم كانوا شرار بني إسرائيل كذا في الكشاف وفيه دلالة على توريث الأموال كسائر الناس لأنّ المتبادر من الإرث هو ذلك فيكون حقيقة فيه فلا يصار إلى غيره إلّا مع الضرورة وليست ، ولأنّ الموالي الّتي يخاف منهم لذنوبهم ما كانوا يرثون النبوّة لعدم صلاحيتهم لها ، فإنّهم كانوا شرارا فلم يجعلهم أنبياء ولأنّهم لو كانوا قابلين لها لما كان معنى للخشية منهم وطلب غيرهم لأنّ نبيّ الله عالم بأنّ الله تعالى لم يعط النبوّة إلّا لمن يكون أهلا لهم ولأنّهم لم يكونوا رضيّا.

ويؤيّده آيات الإرث ، فلا يصار إلى غيره ولم يثبت «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث» فلا يمكن التخصيص به ، على أنّه لو سلّم صحّته ففي تخصيص القرآن المتواتر بخبر واحد سيّما إذا أنكره كثير ولم يرو إلّا عن واحد ، مع التهمة

__________________

(١) مريم : ٥.

٦٥٦

نظر واضح ، والمجوّزون للتخصيص إنّما يجوّزونه بالخبر الصحيح المخلص الناصّ لأنّهم قالوا القرآن متواتر متنا وظنّيّ دلالة ، والخبر ظنّيّ متنا يقينيّ دلالة وأنت تعلم انتفاء ذلك كلّه هنا فتأمّل فقول الكشّاف والقاضي : والمراد بالإرث إرث الشّرع والعلم لأنّ الأنبياء لا يورّثون المال باطل لما مرّ وهو ظاهر ، وكيف يتحقّق إرث العلم والشرع وهو الانتقال من محلّ إلى آخر.

تذنيب

(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (١).

ظاهرها أنّه خطاب للورثة الّتي قابلون له أي البلّغ الرّشّد حال قسمة الميراث وأمر لهم بإعطاء شيء من الإرث لأقاربهم الّتي لا إرث لهم إذا شهدوا وحضروا القسمة وكذا لمطلق اليتامى والمساكين المستحقّين للإعطاء فيعطيهم كلّ ذي قسمة شيئا من قسمه ، والظاهر نقص الجميع عن حصّته ليبقي له شيء ، وقد قيّد اليتامى والمساكين في مجمع البيان بالأقارب أيضا ووجهه غير ظاهر وظاهرها وجوب ذلك لكنّ الظاهر أنّه لا قائل الآن بوجوبه ، ولهذا قيل إنّها منسوخة بآيات قسمة الإرث ، ويحتمل كونه للندب ، فتكون غير منسوخة ويؤيّده قوله (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) بأن تدعوا لهم بالرزق من الله مثل «الله يرزقكم» فيخيّر بين الإعطاء والردّ ، والأوّل أولى.

ويحتمل أن يقال معناه يعطون ويدعون ولا يستقلّون ما يعطون ، وهو أظهر والحمل على الندب أولى من النسخ ، ويمكن حملها على استحباب الطعمة عند الأصحاب ، وهو مشهور ، ولكن قيّدوه بشرائط لم يفهم منها ، وقيل هذا الخطاب للمريض بالوصيّة لهؤلاء بشيء ، ولا يخفى بعده ، وبالجملة الفتوى بظاهرها مشكل لعدم القائل ، وكذا حذفها وحملها على الطعمة لا يخلو عن بعد ، والاحتياط يقتضي العمل بظاهرها فتأمّل.

__________________

(١) النساء : ١٠.

٦٥٧

(كتاب الحدود)

وهو أقسام :

(الأول)

(حد الزنا)

وفيه آيات :

الاولى (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (١).

قيل : المراد بالفاحشة الزنا ، وبالنساء الثيّبات بقرينة إضافتهنّ إلى الرجال وبالإمساك منعهنّ عن الفاحشة ، وقيل كان الإمساك في البيوت حدّهن ونسخ بآية الجلد ويحتمل أن يكون المراد بها المساحقة والإمساك المنع ويؤيّده عدم ذكر الرجل وتخصيص الحكم بالنساء وعدم لزوم النسخ وأنّه سيذكر قولا في أنّ المراد بالآية الّتي بعدها اللواط وذكر حكم الزانية والزاني في الثالثة ، ليكون الأولى مخصوصة بالساحقات والثانية باللواط ، والثالثة تكون مشتركة كما قيل ، ولعلّ المضاف محذوف في قوله الموت أي ملك الموت ، والمراد بجعل الله لهنّ سبيلا بيان الحكم أو التوبة أو النكاح المغني عن السفاح ، ولعلّ في الآية إشارة إلى عدم الشهادة حتّى يستشهدوا فيمكن استنباط عدم القبول حينئذ ولهذا قال الفقهاء تردّ شهادة المتبرّع ، وإلى كون عدد الشاهد في الفاحشة أربعة رجال مسلمين ، وفهم العدالة من موضع آخر.

__________________

(١) النساء : ١٥.

٦٥٨

الثانية : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١).

قيل المراد بهما الزّانية والزاني ، فالكناية الفاحشة والمراد الزنا ، وبالأذى التوبيخ والاستخفاف ، ويمكن الأعمّ على الوجه المعتبر في باب النهي عن المنكر أو الحدّ المقرّر فلا يكون منسوخا ، وقيل المراد به القتل الّذي أقوى أفراده فحمل عليه بقرائن ، ويؤيّده تثنية المذكّر وما تقدّم وهي تدلّ على وجوب أذى فاعل الفاحشة ووجوب تركه بعد التوبة ، وقبولها على الناس بل وعلى الله ، وكأنّ المراد بإصلاح العمل الإصرار على التوبة ، بحيث يفهم أنّه صلح حاله ، وعلى أنّه ما لم يتب لم يسقط عنها الأذى والظاهر أنّه لا يحتاج إلى أكثر من التوبة الّتي يفهم استقرارها فإنّه لا يجب شيء آخر لإسقاط الأذى بالإجماع ، بل بالآيات والأخبار ، فهو مؤيّد لكون العمل الصالح في الآيات الأخر بعد التوبة بهذا المعنى فتأمّل.

الثالثة : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢).

تركيبها ظاهر ومشهور ، ومعناها وجوب الحدّ مائة جلدة على الحكّام الشرعيّ النبيّ والامام عليهم‌السلام ، وولاتهم بالإجماع المنقول ، كلّ امرأة زنت وكلّ رجل زنا والعموم مستفاد من الزاني والزانية ، ومن قوله «كلّ واحد» عرفا فافهم ، ولكن مخصوص بالإجماع والأخبار بالحرّ والحرّة غير المحصنين ، فانّ العبد والأمة عليهما نصف الحدّ والمحصن والمحصنة يرجمان لا غيرهما ، وفي الأمة آية أيضا ، وللإحصان شرائط مذكورة في الفروع.

__________________

(١) النساء : ١٦.

(٢) النور : ٢.

٦٥٩

فقول الكشّاف : هما يدلّان على الجنسين المتنافيين لجنسي العفيف والعفيفة دلالة مطلقة ، والجنسيّة قائمة في الكلّ والبعض جميعا ، فأيّهما قصد المتكلّم فلا عليه ، كما يفعل بالاسم المشترك ، غير جيّد ، وإن كان صحيحا في نفسه فتأمّل.

والزنا معلوم وهو وطي المرأة قبلا أو دبرا بغير عقد ولا شبهة بل عمدا عالما بالتحريم ، وهي تدلّ على تحريم ترك الحدّ أو البعض منه كمّا أو كيفا رحمة لهما بل مطلق الرحمة بأن يقال : مسكين عذّبوه ، وحصل له عذاب كثير ، ونحو ذلك ، وبالجملة الرحمة في دين الله أي طاعته وحكمه بخلاف مقتضاه حرام بل يفهم أنّها تسلب الايمان بالله واليوم الآخر ، يعني المؤمن بهما لا يفعل ذلك.

وتدلّ أيضا على وجوب إحضار طائفة ليشهد عذابهما ظاهره أنّها غير المجلّد بل غير الحاكم أيضا قيل أقلّ الطائفة ثلاثة ، وقيل اثنان ، وقيل أربعة ، وقيل واحد ، وهو منقول عن أبي جعفر عليه‌السلام وابن عباس ومجاهد وإبراهيم ، كذا في مجمع البيان وفي الكشّاف : وعن ابن عبّاس أربعة ، ثمّ قال : فضّل قول ابن عبّاس لأنّ الأربعة هي الجماعة الّتي بها ثبت هذا الحدّ وفي التفضيل تأمّل.

(الثاني)

(حد القذف)

وفيه آية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) (١) أي يقذفون العفيفات من الزنا غير مشهورات به ، وإن كان القذف هو السبّ مطلقا ، وذلك قد يكون بغيره مثل يا آكل الربا يا شارب الخمر ، والّذي يدلّ على ذلك لفظة المحصنات ، وكون الشهود أربعة وسوق الكلام ، والقذف بالزنا مثل أن يقال يا زانية وظاهر «الّذين» شامل للحرّ والعبد ، والعاقل والمجنون ، والبالغ والصبيّ ، والمسلم وغيره ، ولكن قيّد بالعقل والبلوغ كأنّه للإجماع ولعدم التكليف ، وبعضهم قيّد بالحرّ أيضا وليس بواضح

__________________

(١) النور : ٤.

٦٦٠