ثمّ إنّ من جميع ما حرّرناه يظهر لك : أنّ الحجر الأساسي في دعوى صاحب الحاشية قدسسره في طريقته الأُولى إنّما هو دعوى الاحتياج إلى الحكم الشرعي بفراغ الذمّة ، وأنّ ملخّص الجواب عنه هو عدم الحاجة إلى ذلك ، بل إنّ هذا الحكم ليس براجع إلى الشارع وأنّه راجع إلى العقل ، وأنّ العقل حاكم بأنّ الاتيان بنفس الواقع والاتيان ببدله الذي قام عليه الطريق المعتبر مبرئ للذمّة ، هذا في حال الانفتاح. وبعد الانتقال في حال الانسداد إلى الظنّ يكون كلّ من الظنّ بالواقع والظنّ بمؤدّى الطريق المعتبر مبرئاً للذمّة.
كما أنّ الظاهر هو أنّ الحجر الأساسي في طريقته الثانية التي هي عين طريقة صاحب الفصول هو دعوى الصرف أو التقييد ، وأنّ الجواب عنه هو منع ذلك وأنّه راجع إلى التصويب ، وحينئذ نبقى نحن والعلم الاجمالي بنصب الطرق ، وذلك لا يقتضي إلاّ الاحتياط فيها ، فيكون ذلك راجعاً إلى الدليل الأوّل من الأدلّة العقلية التي أقاموها على حجّية خبر الواحد.
قوله : فإنّ باب الامتثال وفراغ الذمّة ليس ممّا يقبل الجعل الشرعي ... الخ (١).
استثنى قدسسره في الدورة الأخيرة موارد مثل قاعدة التجاوز والفراغ ، لأنّ ذلك من باب التصرّف الشرعي في الواجب الواقعي ، فراجع ما حرّرته عنه (٢) قدسسره وما حرّره السيّد سلّمه الله بقوله : نعم عند الشكّ في حصول امتثال التكليف من جهة الشكّ في انطباق المأمور به على المأتي به ، لا مانع من حكم الشارع بالانطباق تعبّداً ، كما في موارد قاعدة الفراغ أو التجاوز ، لكن ذلك أجنبي عمّا هو محلّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٨٩.
(٢) مخطوط ولم يطبع بعد.