الشارع بفراغ الذمّة ، ولا يحتاج معه إلى انضمام الظنّ بالواقع.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ أساس مطلب هذا المحقّق مقدّمتان :
الأُولى : أنّه يلزم علينا أوّلاً أن نحصّل العلم بحكم الشارع ببراءة ذمّتنا ، وذلك حاصل بالعلم بالواقع وبالعلم بحجّية الطريق المؤدّي إلى الواقع ، وإذا انسدّ علينا باب العلم بذلك وجب علينا تحصيل الظنّ بالحكم المذكور.
الثانية : أنّ العمل بالطريق المظنون الاعتبار مستلزم للظنّ بالحكم المذكور ، حيث إنّ جعل الطريق مستلزم للحكم المذكور ، فإذا كان الجعل مظنوناً كان الحكم المذكور مظنوناً ، وهذا بخلاف العمل على طبق الظنّ بالواقع ، فإنّه لا يستلزم الظّن بالحكم المذكور ، لعدم كون الظنّ بالواقع مظنون الاعتبار كي يكون الظنّ باعتباره مستلزماً للظنّ بحكم الشارع بإجزاء العمل على طبقه.
وإذا تمّت هاتان المقدّمتان كان الظنّ بالطريق هو الحجّة في حال الانسداد دون الظنّ بالواقع.
ولا يخفى أنّ الحجر الأساسي لمطلبه إنّما هو المقدّمة الأُولى ، وأمّا الثانية فهي متفرّعة على الأُولى ، كما أنّ ما أفاده شيخنا قدسسره من كون المقدّمات ثلاثاً أيضاً ليس إلاّمن قبيل ما يتفرّع على المقدّمة الأُولى.
وكيف كان ، فقد أورد في الكفاية (١) على هذا الاستدلال أوّلاً : بمنع كون فراغ الذمّة من الأُمور القابلة للحكم الشرعي ، كي يقال إنّه يجب علينا تحصيل العلم بحكم الشارع بفراغ ذمّتنا.
وثانياً : بالنقض بنفس الحكم الواقعي ، فكما أنّ جعل الطريق يستلزم الحكم بفراغ الذمّة بالعمل على طبقه ، فكذلك جعل الحكم الواقعي أيضاً ، فإنّه
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٢٠ ـ ٣٢١.