لا ينبغي الريب في أنّ المنع من الخروج من الدين ليس من الأحكام الشرعية ، بل هو من الأحكام العقلية راجع إلى لزوم الطاعة والانقياد والخضوع للقوانين الشرعية ، والمنع من الاسترسال وإطلاق العنان وعدم التقيّد بالقوانين الشرعية. وعلى كلّ حال أنّه حكم عقلي واقع في مقام الاطاعة والالزام بالامتثال ، فلا يكون حاله إلاّكحال ما يقتضيه تنجيز العلم الاجمالي ، فلو قلنا إنّ هذا الحكم العقلي قاض بالاحتياط فلا يكون الاحتياط فيه إلاّحكماً عقلياً ، ولا يقف في قبال هذا الحكم العقلي إلاّ اختلال النظام أو العسر والحرج. أمّا الإجماع بالمعنى الأوّل أعني عدم لزوم الاحتياط التامّ ، فأين هذه الفتوى وأين إجماعهم عليها ، ولو سلّم فلا أخاله إلاّناشئاً عن اختلال النظام أو عن العسر والحرج. وكذلك الحال في الإجماع على أنّ الشارع لا يريد الامتثال الاحتمالي.
وإن كان المراد به هو أنّه لابدّ من إحراز للأمر ، فإن أخرجناه عن حيّز القول بنيّة الوجه أو القول بلزوم الاطاعة الجزمية ، لم يكن له معنى محصّل ، إلاّ أنّ الشارع يريد من عباده التعبّد بقوانين الشريعة ، وأنّ السعي وراء الاحتمال ليس بتعبّد بها ، وهذا أمر لعلّه يمكننا المساعدة عليه في الجملة ، لكنّه إنّما يكون غير مرضي إذا جرى عليه جميع أهل الشريعة ، دون ما لو جرى عليه بعض الآحاد منهم ، مع كون الشريعة قائمة بأهلها. على أنّه لو كان بالنسبة إلى الجميع لم يكن المنع عنه إلاّبحكم العقل ، لأنّ العقل لا يرى العامل بالاحتياط آخذاً بقوانين الشريعة. على أنّه لو كان شرعياً فأين هذا الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليهالسلام ، ومن حرّر هذه المسألة كي ندّعي أنّهم أخذوها من المعصوم عليهالسلام.
ولعمري إنّ هذه الإجماعات أردأ من دعوى إجماعهم على الحكم استناداً