نعم على مسلكه قدسسره له أن يقول بالرجوع إلى الأصل النافي في مورده ولو لم يكن الأصل المثبت في الطرف الآخر موجباً للانحلال ، وكأنّه لأجل هذه الجهة علّل الرجوع إلى الأصل النافي في هذا التحرير بالوجهين : الانحلال وكون الأصل النافي جارياً في أحد الطرفين دون الآخر ، فلا يحصل التعارض.
ثمّ إنّه قال في المقالة : لا شبهة في أنّ تنجّز الأحكام إنّما هو من لوازم وجودها خارجاً ، لا من لوازم صورها الذهنية ولو بمراتبها ( بمرآتيتها ) للخارج ، كيف وبدون وجود الحكم خارجاً لا تنجّز في البين ، بل هو اعتقاد التنجّز بتبع اعتقاد نفس الحكم ، بحيث لو انكشف الغطاء لا يكون في البين حكم ولا تنجّز حكم ، وذلك شاهد عدم قيام التنجّز بصورتها المخزونة في الذهن وإن لم يلتفت إلى ذهنيته ، وإلاّ فيستحيل عدمه مع وجود موضوعه ، نعم غاية ما في الباب الخ (١) ، ثمّ أخذ في نظريته المتقدّمة (٢) وهي كون العلم علّة لتنجّز الكلّي في كلّ طرف وإن لم يسر العلم إلى ذلك الطرف.
قلت : لا يخفى أنّ ما هو من لوازم الوجود الخارجي إنّما هو فعلية الحكم ، أمّا تنجّزه فلا يكفي فيه الوجود الخارجي ، بل لابدّ في ذلك من اقترانه بالعلم. وأمّا قوله : لا من لوازم صورها الذهنية ، فإن أراد به الوجود العلمي ، بمعنى كون التكليف معلوماً للمكلّف ، فهذا هو العمدة في التنجّز ، لكن لا على نحو تمام الموضوع كي يتوجّه عليه ما فرضه من المثال ، بل على نحو جزء الموضوع ، بمعنى أنّ موضوع التنجّز إنّما هو التكليف الواقعي عند تعلّق العلم به ، وقد عرفت
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٣٦.
(٢) في الصفحة : ٤١١.