وشيخنا قدسسره جاء بهذا الترتيب في قبال من أسقط قاعدة الفراغ في السجدة من جهة الطولية ، ونحن قد تأمّلنا في ذلك من جهات حرّرناها فيما سيأتي إن شاء الله تعالى (١).
لكن نقول : كان على شيخنا الأُستاذ العراقي قدسسره بعد أن صار بصدد تصحيح توجيه الأمر بالسجدة المتوقّف على صحّة الصلاة ، أن يقول إنّ الصلاة صحيحة ببركة قاعدة الفراغ في الركوع ، فهي تنفي وجوب الاعادة وتثبت وجوب السجدة.
وعلى كلّ حال ، أنّ ما أفاده في إثبات كون قاعدة الفراغ في الركوع مثبتة لوجوب السجدة ، لا يدفع الإشكال أعني إشكال إجراء الأُصول النافية في بعض الأطراف وإن كان الطرف الآخر مجرى للأصل المثبت ، لأنّ ثبوت الاتيان بالركن استناداً إلى قاعدة الفراغ فيه لا يترتّب عليه ترك السجدة الموجب لقضائها إلاّ بالأصل المثبت ، وليس ذلك من قبيل البراءة عن الدين والاستطاعة ، فإنّ الأوّل هناك موضوع للثاني بخلافه هنا. ومع قطع النظر عن الاثبات نقول : إنّه غير دافع لإشكال إجراء الأصل النافي في أحد طرفي العلم الاجمالي ، لما قدّمنا من أنّ جريان الأصل المثبت في أحد الطرفين لا يوجب انحلال العلم ، كي يكون ذلك مجوّزاً لاجراء الأصل النافي في الطرف الآخر. بل وهكذا الحال فيما لو قلنا إنّه ليس لنا إلاّ أصل واحد يكون مثبتاً للتكليف في أحد الطرفين ونافياً له عن الآخر ، إلاّ أن يكون أصلاً إحرازياً ليكون حاله في حلّ العلم الاجمالي كحال الأمارة التي تعيّن أحد الطرفين وتنفي الآخر.
لا يقال : إنّ قاعدة الفراغ تجري مع العلم التفصيلي ، فكيف لا تجرونها مع
__________________
(١) في الصفحة : ٤٥٨ وما بعدها.