أمّا القسم الأوّل وهو ما يكون حكم الشكّ فيه هو البراءة ونحوها من الأُصول النافية ، فلا إشكال في منجّزية العلم الاجمالي لو كان الشكّ متولّداً من العلم الاجمالي ، كما لو علم بوقوع النجاسة في أحد الإناءين الطاهرين ، وكذا لو كان الصغير منهما مشكوك الطهارة قبل العلم الاجمالي المذكور. وأمّا دعوى أنّه لا يشتمل على العلم بحدوث التكليف بالاجتناب على كلّ من التقديرين قد عرفت الجواب عنها.
لا يقال : إنّ مسألة فوت الركوع أو السجدة بعد تعارض قاعدة الفراغ فيهما ، وأصالة العدم في كلّ منهما ، وانتهاء الأمر في ناحية الركوع إلى أصالة الاشتغال وأصالة البراءة من ناحية السجدة ، تكون المسألة من قبيل الانحلال ، فلا مانع من إجراء البراءة في ناحية السجدة ، وذلك من جهة أنّ محصّل الشكّ في الركوع هو الشكّ في البطلان ، ومحصّل الشكّ في البطلان هو الشكّ في امتثال الأمر بالصلاة المفروض كونه ـ أعني الأمر بالصلاة ـ معلوماً بالتفصيل ، فيكون حاله حال ما لو كان أحد الطرفين معلوم النجاسة أو كان مورداً لاستصحاب النجاسة ثمّ حصل العلم بوقوع نجاسة فيه أو في الطرف الآخر ، فكما لا يكون هذا العلم الاجمالي مؤثّراً ، فكذلك العلم الاجمالي بفوات الركوع أو السجدة.
لأنّا نقول : فرق واضح بين ما نحن فيه وبين ما لو كان أحد الاناءين الذي هو الكبير معلوم النجاسة أو مستصحب النجاسة ثمّ حصل العلم الاجمالي بوقوع نجاسة فيه أو في الطرف الآخر الذي هو الصغير ، فإنّ العلم الاجمالي في المثالين يرجع إلى الأقل والأكثر ، حيث إنّ نجاسة الكبير معلومة بالوجدان أو بالاستصحاب ، ويكون الشكّ في الزائد الذي هو تنجّس الصغير ، وهذا بخلاف ما نحن فيه حيث إنّ العلم الاجمالي فيه يكون من قبيل المتباينين ، لأنّه وإن كان