من وقوع النجاسة في الكبير ووقوعها في الصغير ، وهذا بخلاف ما لو كان الكبير ملتقى العلمين الاجماليين ، فإنّ العلم الاجمالي الثاني إنّما يؤثّر لو قلنا بأنّ المنشأ في تأثيره وعدم جريان الأُصول النافية في أطرافه هو نفس العلم ، أمّا لو قلنا بأنّ المنشأ في ذلك هو تعارض الأُصول ، فلا يكون العلم الثاني مؤثّراً لعدم تعارض الأُصول في أطرافه.
والخلاصة : هي أنّ المشكوك في حدّ نفسه مع قطع النظر عن العلم الاجمالي تارةً يكون مجرى للأُصول النافية ، وأُخرى يكون مجرى للأُصول المثبتة أعني الاحتياط كما في الفروج ، وهذا القسم الأخير إن كان مطروّاً للشكّ قبل العلم الاجمالي ، كما لو شكّ في حلّية هذه المرأة فلزمه الاجتناب عنها لأصالة الحرمة في الفروج ، ثمّ حصل له العلم الاجمالي بوقوع أحد هذين الأمرين أعني حصول الرضاع المحرّم ، بأن قد أرضعت زوجته الصغيرة أو أنّه قد فعل ما يوجب الكفّارة عليه ، فأصل العدم وإن كان جارياً في كلّ من السببين ، إلاّ أنّه ساقط فيهما بالتعارض لكونه من الأُصول الاحرازية ، أو لانتهائهما إلى المخالفة القطعية ، فتصل النوبة إلى أصالة الحرمة في المرأة ، وأصالة البراءة من وجوب الكفّارة.
وهكذا الحال في الاناء الكبير الذي هو طرف العلم الاجمالي بالنجاسة بينه وبين الصغير لو علم بوقوع نجاسة مردّدة بينه وبين المتوسط ، ففي ذلك وأمثاله نقول بناءً على أنّ تعارض الأُصول هو الموجب لتنجيز العلم الاجمالي ، نقول إنّه يجوز الرجوع في الطرف الآخر إلى الأصل النافي ، إذ لا يلزم من ذلك المخالفة القطعية ولا الاحرازية ، ولو قلنا إنّ نفس العلم هو المانع من إجراء الأُصول النافية ولو في طرف واحد ، امتنع إجراء الأصل النافي في الطرف الآخر.
والظاهر أنّ الحال كذلك فيما لم يكن مسبوقاً بالشكّ ، بل لم يكن له شكّ