__________________
من الاحتياطين ، وأنّه ليس ملزماً شرعاً بكلّ منهما.
لا يقال : إنّه حينئذ يبقى على حاله من التخيير الطبعي.
قلنا : نعم ، لكن لابدّ من إجراء البراءة في كلّ من الاحتمالين ، كما أنّ الأمر كذلك في المثال المذكور ، فإنّه بعد إجراء البراءتين يكون الحاصل هو التخيير الطبعي لا الحكم بالاباحة ، فإنّ البراءة لا تثبت الاباحة.
وبالجملة : أنّ احتمال تنجّز التحريم باحتمال لزوم الاحتياط فيه شرعاً لابدّ من رفعه بالبراءة ، وكذلك احتمال تنجّز الوجوب باحتمال لزوم الاحتياط فيه شرعاً لابدّ من رفعه بالبراءة ، وليس احتمال تنجّز التحريم أو تنجّز الوجوب فيما نحن فيه بواسطة احتمال جعل الاحتياط فيه في الحاجة إلى نفيه بالبراءة ، إلاّكاحتمال تنجّز التحريم في الشبهة البدوية فيما لو احتملنا حرمة شرب التتن ، أو احتمال تنجّز الوجوب فيما لو احتملنا وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، غير أنّه في الشبهة البدوية يكون احتمال تنجّز التكليف في قبال عدمه الذي هو الاباحة ، وفيما نحن فيه يكون احتمال تنجّز التحريم مثلاً في قبال احتمال كون الحكم هو الوجوب ، واحتمال تنجّز الوجوب في قبال احتمال كون الحكم هو التحريم.
وبالجملة : أنّ ملاك جريان البراءة في التكليف المحتمل هو إمكان جعل الاحتياط في ذلك التكليف المحتمل ، وهذا الملاك موجود فيما نحن فيه بالنسبة إلى احتمال التحريم فقط دون الوجوب ، وبالنسبة إلى احتمال الوجوب فقط دون التحريم ، فتكون البراءة جارية في كلّ من الاحتمالين.
والخلاصة : أنّ هذا التخيير الذي سمّيناه طبعياً لا يتأتّى إلاّبعد نفي الاحتمال [ الأوّل ] ونفي الاحتمال الثاني بالبراءة ، وما لم تجر البراءة في نفي احتمال جعل الاحتياط في طرف التحريم يكون اللازم على المكلّف هو الالتزام بالترك ، وما لم تجر البراءة في نفي احتمال جعل الاحتياط في طرف الوجوب يكون اللازم على المكلّف هو الالتزام