الاستناد ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأنّها عبارة عن المسبّب ، وسيأتي (١) توضيح ذلك فيما لو علم الموت والذبح ولم يعلم السابق منهما.
وربما يتوجّه الإشكال على ما ذكرناه من كون التذكية بمعنى المسبّب وهو الطهارة والحلّية لتصحيح إجراء أصالة عدم التذكية عند الشكّ في القابلية بنحو الشبهة الحكمية أو بنحو الشبهة الموضوعية ، بأن يقال : إنّ هذا الأصل أعني أصالة عدم تذكية هذا الحيوان بالمعنى المذكور ـ أعني الحكم الشرعي بالطهارة والحلّية ـ لا أصل له ، لأنّ عدم طهارة هذا الحيوان لم يكن ثابتاً له في حال حياته ، فإنّ الثابت له في حال الحياة هو الطهارة لا عدمها. وإن كان المراد أنّه عند ذبحه أو عند زهوق روحه يشكّ في طروّ ذلك الحكم له والأصل عدم طروّه ، فهو معارض بأصالة عدم طروّ النجاسة عليه. والقول بأنّ النجاسة من أحكام الميتة ، وهذا الموضوع وهو الميتة عبارة عن زهوق روحه مع عدم الحكم بالطهارة عليه ، فبأصالة عدم طروّ الطهارة عليه عند زهوق روحه يتنقّح موضوع النجاسة الذي هو الميتة ، ومع تحقّق موضوع النجاسة الذي هو الميتة لا يبقى لنا شكّ في نجاسته ، كي يكون أصل العدم فيها معارضاً لأصالة عدم الطهارة ، لا يخفى ما فيه من أخذ عدم الطهارة في موضوع النجاسة الذي هو الميتة.
فالأولى أن يقال : إنّ المسبّب ليس هو نفس الطهارة ، بل إنّ المسبّب هو ذلك الأمر الواقعي الذي يحدث بالذبح عند اجتماع شرائطه ، ولا يتوقّف ذلك على دعوى كونه عبارة عن النقاء الحسّي ، بل يكفي فيه أن يقال إنّ الحكم على هذا الحيوان بالقابلية وأنّه عند الذبح يطهر ويحلّ أكله ، بخلاف الحيوان غير القابل لذلك ، ليس خالياً من جهة تقتضي ذلك ، وإلاّ لكان الحكم بالقابلية على هذا
__________________
(١) في الصفحة : ٢١٣.