البواقي ، فإنّ العقل وإن عيّن الأُولى للزوم المراعاة والأخيرتين لعدم المراعاة ، إلاّ أنّ ذلك ليس من باب حكم العقل بتقدّم تحصيل إطاعة التكليف ظنّاً على إطاعته احتمالاً مساوياً أو موهوماً ، ليكون من باب الحكومة العقلية ، بل هو من باب أنّ التكاليف المظنون وجودها أولى بالمراعاة في مقام المزاحمة من التكاليف المشكوك أو الموهوم وجودها ، فيكون حكم العقل بلزوم الأخذ بالمظنونات من باب تبعيض الاحتياط أجنبياً عن حكمه بلزوم الأخذ بما يظنّ انطباق المعلوم بالاجمال عليه وإسقاط ما يحتمل انطباقه عليه.
وإن شئت فقل : إنّ هذا الباب الذي نحن فيه الذي هو باب تبعيض الاحتياط من قبيل التزاحم في مقام المراعاة بين التكاليف الواقعية المحتمل وجودها في المظنونات مع التكاليف الواقعية المحتمل وجودها في الطائفتين الباقيتين ، أمّا ذلك الباب الذي هو باب الحكومة العقلية من باب التزاحم بين الاحتمالات ، لأنّ المحتمل الواقعي فيه واحد لا تعدّد فيه ، فلا يكون من باب تبعيض الاحتياط ، بل يكون من باب التوسّط في التنجّز ، وأنّ حكم العقل [ قائم ] بلزوم الأخذ بالطرف المظنون انطباق ذلك التكليف الواحد عليه.
قلت : يمكن التأمّل في هذا الفرق ، بل الظاهر أنّ باب اشتباه القبلة أيضاً من باب تبعيض الاحتياط. مضافاً إلى إمكان القول بأنّ المقدّم فيما نحن فيه أوّلاً هو الجري على التبعيض بحسب المحتمل والترجيح بأقوائية التكليف المحتمل ، فإنّ بعض التكاليف معلوم الأهميّة على غيره ، فيكون الترجيح لما هو معلوم الأهميّة ، فإن وفى فهو وإلاّ ضمّ إليه ما يحتمل الأهمية ، فإن وفى وإلاّ رجّح بحسب قوّة الاحتمال وضعفه.
أمّا ما أُشير إليه في هذا التحرير من وجه التفرقة بقوله : فإنّه ـ مضافاً إلى أنّ