المقصود هو التسوية بين التذكية وعدمها ، لا التسوية بين كون الذبح محصّلاً للتذكية أو كونه غير محصّل لها.
والحاصل : أنّه بعد الفراغ عن أنّ مثل الوبر والصوف ممّا لا يؤكل لحمه موجب لبطلان الصلاة ، وأنّ بطلانها به لا يتوقّف على التذكية ، بل تبطل به الصلاة وإن أُخذ من الحي منها ، وحينئذ يكون المراد هو التسوية في بطلان الصلاة بين وجود الذبح وعدمه ، سواء أُخذ من الحي أو أُخذ ممّا مات حتف أنفه ، وقد عبّر الإمام عليهالسلام عن الصورة الأُولى وهي وجود الذبح بقوله : « ذكّاه الذابح » وهو واضح ، وعلى نسخة « الذبح » يكون المتحصّل هو التسوية بين أن يكون قد ذبح فصار ذكياً وأن لا يكون قد ذبح أصلاً ، وهذا المعنى ـ أعني كون المدار على نفس الصوف وإن أُخذ من الحي ـ وإن كان موجوداً فيما يؤكل لحمه ، إلاّ أنّه إنّما اعتبر فيه التذكية بقوله (١) : « إذا علمت أنّه ذكّي قد ذكّاه الذابح » ، لأجل النظر في ذلك إلى ما يعتبر فيه التذكية كالجلود ، فلاحظ وتأمّل.
ولكنّه مع ذلك فللتوقّف في ذلك والتأمّل فيه مجال ، فإنّا لو أخذناها بالمعنى الثاني لأمكن القول بعدم دلالتها على مرامه قدسسره ، بأن يكون مفادها أنّه لا تجوز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، سواء تحقّق الذبح المحصّل للتذكية بأن كان ممّا يقبل التذكية ، أو لم يتحقّق ذلك الذبح المحصّل للتذكية بأن لم يذبح أصلاً ، أو ذبح ولكن كان غير قابل للتذكية ، فيكون قوله عليهالسلام : « أو لم يذكّه » شاملاً للأمرين ، أعني عدم الذبح أصلاً والذبح لكن مع عدم القابلية ، لأنّ المركّب الذي هو الذبح المحصّل للتذكية ينتفي بانتفاء محصّليته للتذكية مع تحقّق نفسه ، كما ينتفي بانتفاء نفسه ، لكن قد عرفت الاشارة إلى جوابه ، من أنّ هذه الجملة بعد فرض كونها
__________________
(١) في موثّقة ابن بكير ، وقد تقدّم استخراجها في صفحة : ١٨٥.