قال السائل فقوله : الرحمن على العرش استوى؟
قال أبو عبد الله عليهالسلام : بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ولا أن يكون العرش حاوياً له ، ولا أن العرش محتاز له ، ولكنا نقول : هو حامل العرش وممسك العرش ، ونقول من ذلك ما قال : وسع كرسيه السموات والاَرض ، فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاوياً له ، أو يكون عز وجل محتاجاً إلى مكان ، أو إلى شيء مما خلق ، بل خلقه محتاجون إليه.
قال السائل : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الاَرض؟
قال أبو عبد الله عليهالسلام : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لاَنه جعله معدن الرزق ، فثبتنا ما ثبته القرآن والاِخبار عن الرسول صلىاللهعليهوآله حين قال : إرفعوا أيديكم إلى الله عز وجل ، وهذا يجمع عليه فرق الاَمة كلها.
ـ التوحيد للصدوق ص ٣١٥
روى الحديثين المتقدمين في لكافي ثم قال :
استعمل الاِستواء في معان : استقرار شيء على شيء ، وهذا ممتنع عليه تعالى كما نفاه الاِمام عليهالسلامفي أخبار من هذا الباب ، لاَنه من خواص الجسم. والعناية إلى الشيء ليعمل فيه ، وعليه فسر في بعض الاَقوال قوله تعالى : ثم استوى إلى السماء. والاِستيلاء على الشيء ، كقول الشاعر :
فلما علونا واستوينا عليهم |
|
تركناههم صرعى لِنِسْرٍ وكاسرِ |
والآية التي نحن فيها فسرت به في بعض الاَقوال ، وفي الحديث الاَول من الباب الخمسين.
والاِستقامة ، وفسر بها قوله تعالى : فاستوى على سوقه ، وهذا قريب من المعنى