ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ، فالكرسي محيط بالسماوات والاَرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وذلك قوله تعالى : وسع كرسيه السماوات والاَرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم.
فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه ، وليس يخرج عن هذه الاَربعة شيء خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله عليهالسلامفقال : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والاَرض وليكون من الموقنين ، وكيف يحمل حملة العرش الله ، وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته!
ـ التوحيد للصدوق ص ٢٤٧ من حديث عن الاِمام الصادق عليهالسلام :
قال السائل : فله كيفية؟
قال : لا ، لاَن الكيفية جهة الصفة والاِحاطة ، ولكن لابد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه ، لاَن من نفاه أنكره ورفع ربوبيته وأبطله ، ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ، ولكن لابد من إثبات ذات بلا كيفية لا يستحقها غيره ، ولا يشارك فيها ، ولا يحاط بها ، ولا يعلمها غيره.
قال السائل : فيعاني الاَشياء بنفسه؟
قال أبو عبد الله عليهالسلام : هو أجل من أن يعاني الاَشياء بمباشرة ومعالجة ، لاَن ذلك صفة المخلوق الذي لا تجيء الاَشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة ، وهو تعالى نافذ الاِرادة والمشية ، فعال لما يشاء.
قال السائل : فله رضى وسخط؟
قال أبو عبد الله عليهالسلام : نعم ، وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين ، وذلك أن الرضا والسخط دَخَالٌ يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به إلى شيء مما خلق ، وخلقه جميعاً محتاجون إليه ، وإنما خلق الاَشياء من غير حاجة ولا سبب ، اختراعاً وابتداعاً.